راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > التاريـــخ الأدبي
 
 

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-02-2008, 07:02 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي

بعد أن اوشكت على الانتهاء من النقول التي كتبت عن موضي العبيدي كنت في زيارة لمركز المخطوطات للاستاذ محمد ابراهيم الشيباني فوجدت عنده ـ من ضمن المراجع الموجودة في هذه المكتبة ـ وجدت قد كتب عنها في المملكة العربية السعودية وفي كتيب وهو جزء من سلسلة كتب عن مدن وقرى المملكة العربية السعودية ومن ضمنها عن الزلفي ومؤلف الكتاب هو عبد الرزاق بن احمد اليوسف المسعود المطبوع سنة 1408هـ و1988م ويذكر في صفحة 90 حتى 92 اسماء الشعراء الذين ينتمون الى مدينة الزلفي وذكر منهم المرحومة موضي العبيدي.
وعلى اساس ان منبت اهل هذه السيدة واصلها من الزلفي وفي مرجع آخر هو قاموس تراجم الشخصيات الكويتية في قرنين ونصف اعداد وتحرير د. احمد عبد الله العلي واحمد عيسوي ومحمد بدوي يقول في الصفحة .393
«موضي العبيدي»
موضي عبد العزيز البراك العبيدي
اول امرأة كويتية شاعرة
شاعرة كويتية اشتهرت بقصيدة رثائها بعد ان سمعت نبأ مقتل ابنها من قرينيس خادم الشيخ مبارك وجيش عبد العزيز الرشيد، فقدت ولديها عبد العزيز في الغوص عام 1895 والآخر محمد في حرب الصريف في مارس .1901
توفيت عام .1921
التعليق: اولاً: لا يوجد في اسم عائلتها البراك بل اسم احد ازواجها، ثانياً: الذين نجوا من المعركة لم يكن الشيخ مبارك وكرينيس وحدهم بل آخرون نجوا كذلك، ثالثاً: ولدها الذي قتل في الصريف اولاً ثم غرق ولدها الثاني فيما بعد.
بعد هذه الملاحظات كانت قد وردت لي رسالة كريمة من الاستاذ عبد العزيز العندليب يسجل فيها ملاحظات على الحلقة الخامسة التي وردت في الاسبوع الماضي وقد سجل حول بعض الاخطاء المطبعية والاخطاء التي وردت في بعض شعر هذه الشاعرة العتيدة ويسرني في هذا المقام ان اضع رسالة الاستاذ العندليب برمتها للفائدة وعلماً بأنه متابع ومدقق جيد وهذه نص االرسالة:
حول مقال الاستاذ الفرحان عن موضي العبيدي تعقيباً على ما كتبه الباحث الفاضل الاخ الاستاذ فرحان الفرحان في الحلقة الخامسة من بحثه عن الشاعرة الكويتية المرحومة موضي العبيدي اود ان اذكر ان ثمة اخطاء مطبعية عديدة في القصيدتين المنشورتين في المقال، اما السيد يوسف الوارد ذكره في القصيدة الثانية فهو النوخذة الذي ركب معه ولدها عبد العزيز الذي قيلت القصيدة في نعيه، اما ما ذكره الاستاذ الفرحان من ان مولد الشاعرة المرحومة كان في فريج الفرج فهو الصحيح وليس فريج العليوه في المرقاب.
وبالنسبة الى الاخطاء المطبعية فهي:
1ـ في البيت الاول وكذلك الثالث من القصيدة الاولى «البائية» فالاسم الصحيح هو قرينيس وليس قرنيس.
2ـ سقطت واو بعد كلمة الحبيب في شطر البيت الثالث (العجز) والصحيح وين الحبيب وقال ما علمنا به.
3ـ في البيت الخامس الصحيح ردّيت في كثر البكا والهواجيس وليس ردّت.
4ـ في البيت الثامن (الاخير) وردت كلمة هبّ والصحيح هبت هبوب النسانيس، اما على فقد اصبحت (علي) بنقطتين تحت الالف المقصورة.
5ـ في البيت الاول من القصيدة الثانية يا بو سعد وليس كما ورد يابو سعيد.
6ـ في البيت الخامس من القصيدة الثانية يوسف وجزوان وليس كما ورد يوسف وجزاوان والجزوة (اليزوة) الجماعة.
7ـ في البيت التاسع منها (ونصيفة) بنقطتين على الهاء لتصبح تاء وهي بكسرتين (منونة).
8ـ في البيت الثاني عشر من القصيدة، الصواب نقلها من عقب عينه بولي وقد سقطت (من) فاختل وزن البيت (العجز).
كما ان اسم المرحوم الاستاذ عبد الله الحاتم في اوائل المقالة اصبح عبيد الحاتم... الا ان هذه الاخطاء المطبعية كلها لا تخفى على القارىء اللبيب.
هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عبد العزيز العندليب

وبعد هذا أكون قد انتهيت من النقول التي ذكرت عن هذه الشاعرة في مراجعها اللهم ما غاب عن الذهن وبعدها سأبدأ بالحديث عن قصة حياة هذه المرأة العتيدة وحياتها من منتصف القرن التاسع عشر حتى الربع الاول من القرن العشرين والاجواء التي عاشت فيها والمنطقة التي تواجدت فيها والحي والبيت الذي تربت فيه وسأذكر بعض قصائدها ومناسباتها وصلة قرابتها مع بعض العائلات الكويتية ومنهم احفادها واقاربها.
هذه المرأة التي تركت بصمات لا تمحى في التاريخ ربما ظل شعرها غافلاً فترة من الزمن وذلك بسبب ما يرتبط بحياة المرأة في تلك الفترة وعدم رغبة بعض اقاربها في اشهار صورتها الشعرية التي عاشتها هذه الشاعرة الكبيرة.
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
  #2  
قديم 17-02-2008, 07:03 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي

بعد ان انهيت ما كتب عن هذه الشاعره «موضي العبيدي» في الحلقة السابقة، أجد لي متسعاً رحباً للحديث عن هذه السيدة التي برزت في القرن التاسع عشر واستطاعت ان تشق لها طريقاً في زحمة الاوضاع في تلك الحقبة من الزمن والتي لا تتيح للمرأة ان تعبر عما في مكنونها، لذا فنحن نعتبر «موضي العبيدي» حدثا فريداً بتلك الفترة من الزمن.
وحتى نستطيع ان نلم بجميع جوانب حياتها، علينا ان نتحدث عن اسرة هذه السيدة واهلها وذريتها، فنقول:
«موضي العبيدي» الاصل من «الزلفي» احدى قرى نجد القريبة من الكويت.
كانت اسرة موضي العبيدي تدعى في الزلفي اسرة العصيمي، وهم من قبيلة بني تميم، ثم (تعتبوا) نسبة الى قبيلة ـ اعتبه ـ، لأن غالبية سكان نجد من قبيلة بني تميم وتفرقوا في القرون المتأخرة الى القبائل المعروفة اليوم، فمثلاً القبلان اصبحت الجبلان الاصل من تميم وهم سكان الصمان حالياً من قبيلة امطير.
كان في الزلفي رجل بسيط هو عبد الرحمن العصيمي جد هذه الاسرة (العبيدي). ورزقه الله بـ (علي) الابن الذي اسس هذه الاسرة الشعرية، وعلى هذه هو من استطاع التحايل على ابراهيم باشا والتخلص من بطشه حينما حاول الاخير ان يسب الامام محمد بن عبد الوهاب، فاستطاع (علي) بلباقة تجنب سيف ذلك الباشا فلم يصبه ما اصاب اصحابه الذين لقوا حتفهم على يد ذلك الغاشم.
رزق علي بابن اسماه عبد الله، وكعادة اهل نجد والكويت حمل التصغير فبدلاً من ان ينادى بعبد الله، اخذوا ينادونه بـ «عبيد»، ثم اضيفت لها فيما بعد ياء النسب فاصبح (عبيد = عبيدي)، الذي اطلق على من ينتسب له (العبيدي).
وصل عبد الله الملقب بـ العبيدي الى الكويت في اول القرن التاسع عشر سنة 1800م.
ويجب ان نعلم ان الاتصال بين نجد والكويت ودول شرقي الجزيرة العربية كان مرتبطا منذ القدم، وقد كانت البعيدة تعتبر محطة من محطات الحج، فالذي يأتي من نجد لابد ان يمر بالقصيم ثم محطة الزلفي فمحطة الحفر ثم محطة الرقعي فمحطة الجهرة ثم مدينة الكويت هذا عن طريق الكويت.
ولما كانت الحياة في بعض السنين جدباء من قلة الامطار، يتجه ابناء نجد الى دول الخليج والشام وغيرها للعمل وطلب الرزق لاعالة عائلاتهم.
ومن ضمن هؤلاء عبد الله علي عبد الرحمن العصيمي المعروف بالعبيدي في الكويت واخذ مسكناً له في فريج الفرج قرب البحر والمناخ والفرضة.
رزق عبد الله بولدين هم عبد العزيز ومحمد، وتزوج عبد العزيز واصبح له مجموعة من الابناء بقي منهم محمد، عبد الله، منيره، موضي وهي الشاعرة موضوع الحديث.
أما محمد فتزوج وانجب سليمان الذي دعي للزواج من ابنة عمه الشاعرة موضي وانجبت له محمد وعبد العزيز.
ننتقل الى منيرة شقيقة الشاعرة موضي حيث تزوجت من ناصر بورسلي فانجبت راشد بورسلي والد الشاعر فهد بورسلي.
كما قلنا عبد العزيز كانت له ابنتان وولدان، وذرية الابناء هم، محمد رزق بن عبد العزيز وعبد المحسن والذي نسب له فريج العبيدي في اول المرقاب قرب المسيل، وكان عبد المحسن هذا له دكان، وورث الدكان من بعده ابنه محمد، واستمر دكانهم وميزان هذا الدكان قرابة خمسة وستين عاماً.
أما شقيق عبد المحسن المذكور وهو «عبد العزيز فكان شاعراً لا يقل عن عمته موضي.
رزق عبد العزيز بثلاثة ابناء هم عبد الله، صالح، محمد، ومحمد، هذا هو الذي حفظ شعر عائلته في الزلفي والكويت.
أنجب محمد ستة من الابناء هم عبد العزيز، عبد الرحمن، عبد الوهاب، عبد الله، احمد، بدر، وبدر هو من الناشطين من آل العبيدي، وقد تزوج من ابنة عمي وكان مصدراً لي للكثير من المعلومات عن اسرته «آل العبيدي».
صالح شقيق محمد أنجب أحمد، خالد، مبارك وعبد العزيز.
أما الأخ الثالث عبد الله فرزق ابنا اسماه على اسمه (عبد الله).
نعود الى عبد الله شقيق الشاعرة موضي فكان له من الابناء ناصر وعبد العزيز، وعبد العزيز هذا انجب عبد الله ومطلق وسعود،
وعبد الله بن عبد العزيز كان له سعود، حسين، ناصر، عبد العزيز، وفهد.
لكن عبد الله هذا غادر الكويت ليعيش في الزلفي ـ نجد ـ فتوفي هناك.
أما شقيق عبد الله «مطلق» فيعتبر من اكبر آل العبيدي سناً وله من الاولاد عبد العزيز وجمال.
هذا ملخص عن اسرة آل عبيدي هذه الاسرة التي انجبت خلاف موضي الشاعرة مجموعة من الشعراء اولهم علي جد والد موضي.
الثاني هو والدها عبد العزيز والثالث هو ابن اخيها محمد عبد العزيز بالاضافة الى ابنها محمد الذي كان شاعراً مجيداً، والخامس هو حفيد اختها «منيرة» زوجة ناصر بورسلي وهو الشاعر فهد راشد ناصر بورسلي.
السادس هي ابنة موضي العبيدي من زوجها الثالث «منيرة العويش» زوجة حسن الزنكي (ام دينار)، فقد كانت شاعرة جيدة، والسابع هو محمد حسن الزنكي وهو حفيد الشاعرة موضي العبيدي وهو شاعر جيد له قصائد مرموقة وهو يعتبر آخر احفاد هذه الشاعرة التعيسة الحزينة.
أمام هذا الاستطراد عن اقارب هذه الشاعرة من الذين نبغوا في الشعر سواء في الكويت او نجد منذ قرنين ونصف الى يومنا الحاضر ربما لا يضاهيهم من الذين برزوا في عالم الشعر في الجزيرة العربية من اسرة واحدة الا آل القاضي الذين ظهر منهم محمد العبد الله القاضي وعبد العزيز محمد القاضي وابراهيم القاضي ومحمد صالح القاضي.
ان الحظ لعب دوراً لبروز آل القاضي وعدم بروز آل العبيدي مع وجود هذه الشاعرة فيهم.
ويكفي من الشهرة القصيدة الغنائية التي ظلت ردحاً من الزمان يتغنى بها في السامري والتي اصبحت تردد في الاونة الاخيرة من الزمن والتي تقول فيها:
والعبيدي يقول يا ريم ويا ريم ويا ريم
والكساوي حرير والثوب الازرق سماوي
يا بنات الهنود يا لابسات العمايم
ارحموا ذا الغريب اللي على الدرب هايم
طحت في حبكم ردوا عليّ جوابي
الدوا عندكم لا تحرموني شبابي
افرشوا لي حرير بين القمر والثريا
وعطروني بالزباد وماي الورد رشوا عليّ
لقد زودني بهذه الابيات الشاعر الزهيري (نسبة الى قصيد الزهيري) الاخ عبد الله مبارك النوبي.
وقد اكمل السيد ابو عبد الله ـ عبد العزيز البصري ـ هذه القصيدة بأسلوب آخر فيقول:
العبيدي يقول يا ريم ويا ريم
والكساوي حرير والثوب الازرق سماوي
يا بنات الهنود يالاويات العمايم
ارحموا ذا الفقير اللي على الدرب هايم
طحت في بيروكم ردوا عليه جوابي
والدوا عندكم لا تحرموني شبابي
وافرشوا لي حصير بين القمر والثريا
بخروني وزياد ماي الورد رشوا عليه
يا زهر بالفصون علامك اليوم ذاري
لالفحك السموم ولاشرقني حرامي
هذه القصيدة التي اوردتها بروايتين هي التي تتردد على الاسماء ردحاً من الزمن وقلماً نجد عرسا في الكويت لا تغنى به هذه القصيدة المحببه لهم.
اذن، فإن العبيدي وآل العبيدي كان لهم بصمات في تاريخ هذه البلاد ويكفي ان احد ابنائهم استشهد بمعركة الصريف.
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
  #3  
قديم 17-02-2008, 07:05 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي

كنت قد تحدثت في الحديث السابق عن عائلة موضي العبيدي، وفي هذه المرة سأتطرق الى المنطقة التي عاشت بها هذه الشاعرة.
ربما يكون نصيب فريج الرزاقه والفرج الحظ الوافر في التلاقي والتعارف وتركز العائلات، فكان نصيب هذه الشاعرة ـ موضي العبيدي ـ ان تسكن عائلتها في فريج الفرج قرب المناخ سابقا والفرضه وقرب قصر السيف.
ودعني قارئي العزيز اصف لك هذا الحي حتى تستطيع ان تتماشى مع واقع الحال اليوم فإنك تقف في الشارع الموصل الى قصر السيف فيكون مسجد الرزاقة على يمينك وموقف السيارات على يسارك، هذا الشارع اليوم الذي به مسجد الدولة ومقابلة مسجد الحداد وفيه البورصة والبنك التجاري والمناخ على اسمه القديم وبنك الخليج.
فاذا وقفت وتركت مسجد الرزاقه على يمينك وكأنك تعيش في تاريخ الكويت قبل نصف قرن من الزمان وما سبقه سنة 1950م، فستجد قرب مسجد الرزاقه في طريق ـ شارع ـ دسمان ياخور او اسطبل لخيل الشيوخ وبعده يأتي مسجد الرزاقه ثم منزل احمد الماجد وحفرة ومنزل الشيخ موسى العبد الرزاق وبعده بيوت الرزاقه ثم بيت الحسن الذي منهم وزير المالية الحالي، وتنتسب له الشاعرة «مريم الحسن» ثم بيت محمد شاهين الغانم فبيت الحشاش ثم بعدها تأتي سكة فرعية، وان تواصل السير الى البحر يأتيك بعدها موضي العبيدي وخلفه بيت علي ابو يوسف الفرحان ثم بيت موسى السدرة ثم ديوان الشيوخ ثم بيت الشيخ يوسف بن عيسى.
واذا كنت واقفا قرب مسجد الرزاقه وعلى يسارك بيت الزواوي ثم ديوان الرزاقه فالمسقف لآل العبد الرزاق ثم بيوت الرزاقه ـ البيوت الكبيرة ـ ثم بيت الدويري ثم بيت الفرج، وحول بيت الفرج سكة تكون بها «الدخينه» ديوان عبد الله الفرج وعلى مقربة منهم بالسكه هذه بيت صالح محمد الفرحان «ابو سعد» ثم بيت الدريس وبعده سكة الفرحان والثنيان ثم بيت ام هاشم شقيقة الشيخ يوسف بن عيسى، وتواصل السير حتى تصل لمسقف الشيوخ ثم بيوت الشيوخ ثم البحر.
هذا تبسيط تقريبي للمنطقة التي كانت تسكن بها موضي العبيدية.
هذا المنزل الذي ورثته عن زوجها ابن براك اول ازواجها والذي انجبت به ابنتها نوره قبل ان يتوفى ابن براك ويؤول البيت اليها والى ابنتها نوره.
وقام صالح محمد الفرحان «ابو سعد» ورشح لها عبد الرحمن العويش الذي ينتمي الى نفس قبيلته، مع العلم بان زوجة صالح الفرحان «مريم العامر» صديقتها الحميمة، وكانوا يتدارسون القرآن ومعهم مريم الحسن بصورة مستمرة، فتقدم لها السيد عبد الرحمن العويش فأصبح الزوج الثاني لهذه السيدة وأنجب منها بنتاً اسماها منيرة على اسم خالتها زوجة ناصر بورسلي.
كان عبد الرحمن العويش من المقربين من لدن المسؤولين في الدولة وكان مكلفا بالاعلان عن تقديم الطعام وقت الغداء، فكان ينادي وقت الغداء بالعيش، ولهذا التصقت التسمية مصغرة كما التصقت بـ (جابر عيش) التسمية المشهورة.
كان عبد الرحمن العويش بعد سنوات طويلة وبعد انفصاله عن موضي العبيدي قد تزوج بزوجة اخرى تدعى صالحة، وأنجبت له ابناء وبنات منهم ذرية آل العويش المعروفين في الكويت اليوم، ومنهم السيدة شمة زوجة الحوطي.
وبهذا وبعد ان كبرت ابنة عبد الرحمن العويش «منيرة» تقدم لها السيد حسن الزنكي وتزوجها وأنجب منها اربعة ابناء وبنات وهم عزيزة ودينار ويوسف ويحيى ومريم.
ظلت موضي العبيدي تعيش في بيتها وبقربها بيت علي الفرحان وأمامها منزل صالح الفرحان الذين ذكرتهم في اكثر من قصيدة عندما تحولت بناتها الى ازواجهم (نورة ومريم) وفقدت ابنيها الاثنين اللذين كانت تعتز بهما، وكانت من قبل قد تزوجت بابن عمها «محمد سليمان العبيدي» وانجبت منه ابناء ذكورا كما ذكرنا آنفا، وبفقد زوجها الثالث آثرت الانطواء وانتقلت الى منزل ابنتها «عزيزة» بنت العويش وزوجة حسن الزنكي (ام دينار) وظل بيتها مغلقا فترة من الزمن وكانت تأتي الى البيت مرة في عمرها وهي ترثى البيت وساكنيه وهي تقول في قصيدة حزينة:
أمس الضحى جيت بيت مظلم خالي
وأمغبر عقب صبياني يزورنه
يصفق به الريح بجفاي واقبالي
جابلت بابه على راعيه محزونه
وبعدها غادرت البيت نهائياً الى منزل ابنتها عزيزة العويش زوجة حسن الزنكي مع احفادها دينار واخوانه واخواته.
وشاء القدر ان تتزوج حفيدتها عزيزة وان ترى في اواخر عمرها ابن حفيدتها عيسى احمد العوضي الذي كان له صولة وجولة في الرياضة وكرة القدم وخصوصا نادي العروبة الذي ورثه نادي العربي اليوم.
وهكذا تسجل هذه الراحلة جزءا من قصة حياتها شعرا.
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
  #4  
قديم 17-02-2008, 07:06 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي

كنت قد تحدثت في الحلقة الثامنة عن نسب موضي العبيدي والحلقة التاسعة عن مواقع سكنها والمنطقة التي عاشت فيها والفريج الذي تربت فيه هي واخواتها واخوالها منذ منتصف القرن التاسع عشر في هذه الحلقة العاشرة سأتحدث عن الاجواء التي عاشت فيها هذه الشاعرة موضي العبيدي.
ربما يعتبر الشارع الممتد من مسجد الرزاقة حتى قصر السيف كان في القديم هو منتدى اهل الكويت غير الرسمي فعندما تلقي نظرة على تاريخ هذا الشارع تجد في اوله ياخوراً ومربط الخيل واثناء ركوب الخيل وصهيلها والمرور في هذا الشارع متجهين الى قصر السيف من هذا المربط والخيال على فرسه او حصانه وهو يسير اماً مسرعاً او مخففاً السير فنجد التعليقات هنا وهناك عن هذا الفارس.
وبعدها نجد مسجد الرزاقة وصلاة الجمعة الذين يجتمع به الرجال والنساء في الاماكن الخلفية في مكان خاص وبعدها امامك ديوان الرزاقة وهو بحق كأنه ناد يلتقي به اهل الكويت ويتبادلون الاخبار وقد اشتهر هذا الديوان قرابة قرنين من الزمان وكان الشعراء والادباء ومن عنده اخبار جديدة لابد ان تسمع في هذا الديوان وكان يبرز في هذا الديوان الشاعر محمد عبد اللطيف العبد الرزاق وعندما تسير الى الامام تجد مقابل هذا الديوان بين ال الحسن الذي منهم وزير التربية الاسبق حسن الابراهيم الحسن ومنهم وزير المالية الحالي وقد برزت في هذا البيت شاعره مقلة هي مريم الحسن وآل الحسن كانوا متواجدين في هذا المنزل قبل ان يتحولوا الى منزلهم قرب مسجد الفهد وامسقف الفهد بعدها تأتيك قرب ديوان العبد الرزاق الدخينة مقر الشاعر عبد الله الفرج وعلى ذكر عبد الله الفرج فإنه يرتبط بصلة قرابة مع آل العبد الرزاق حيث تزوج فضل العبد الرزاق بنت الفرج بعدها يأتيك منزل صالح محمد الفرحان وزوجته مريم احمد العامر التي كانت تحفظ من القرآن الشيء الكثير وكانت طبيبة شعبية في تلك الحقبة من الزمن وبالمقابل كان هناك بيت الشاعر محمد الفوزان الذي كان يتبادل القصائد الشعرية مع الشاعر عبد الله الفرج ولما كانت في هذه الفترة متواجدة موضي العبيدي وكما قلنا في حلقة سابقة ان اباها شاعر واخاها شاعر وابن اخيها شاعر فلماذا وهي على هذه الحالة وهي تسمع الشعر هنا وهناك وعندما كانت الدخينة معقل عبد الله الفرج كانت سيدات الحي «الفريج» يجتمعن عند موضي العبيدي وهي تسمع احاديث السيدات وبعضهن وهن ذاهبات الى البحر لتنظيف وغسل الملابس ومن ثم يسمعن هناك اصوات موسيقى البحر فتجد في هذا الشارع مجموعة من الشعراء من مثل الفوزان والرزاقة والفرج ومثلهم النسوة اللاتي يقرضن الشعر، وبهذا يلهب الخيال والشاعرية في هذا الحي والشارع وهنا اضرب مثلا من جلسة هذه النسوة حينما كانت الجلسة غير مكتملة فإذا مريم الحسن وموضي العبيدي لم تجدا زميلتهما مريم العامر وعندها ذهبتا الى منزلها مقابل منزل العبيدي وعندما دخلتا بيتها لم تجداها بل وجدتا زوجها صالح الفرحان فبسرعة خرجت القريحة الشعرية من مريم الحسن وقالت:
دخلت بيت فرحان ولهان
ما شفت مريم العامرية
نشدت عنها قالوا زعلان
بيت ابوها راحت زرية
لا راعية خطا ولا شين
غض النهد لاوي الزرية
لا عنا لها العاني جوعان
تملا له المقرف من اخلاص الشدية
اتقند الفنيال بالهيل
والعنبر الزجي جفية
بعدها عندما سمع صالح الفرحان هذه الابيات ذهب مسرعاً وجاء بزوجته مريم العامر وقال لها انا متأسف وهكذا اعيدت المياه الى مجاريها بسبب هذه السيدة الفاضلة مريم الحسن.
وهنا تكون السيدة مريم العامر في احدى السنوات ويكون احد اقارب زوجها يحن على اهله يريد ان يذهب الى الغوص وهو طويل القامة لكنه صغير السن فرأساً وجهت له هذه الابيات تقول:
يا طويل الظهر وين انت رايح
تحسب الغوص لعبك بالبرايح
الغوص ما هو لك ولا بشروال
الغوص موتخويض انقع والقرايح
أما تبادل الشعراء مع بعضهم الشعر وهؤلاء النسوة يجلسن مع بعضهن ولا يوجد وسيلة للتسلية الا هذا الشعر ومن هنا تفتقت قريحة الشاعرة موضي العبيدي.
كانت في اثناء جلساتهن الضحوية التي تجتمع بها هذه النسوة وكان اللقاء عندما يذهب ازواجهن وابنائهن الى العمل ولقد كان في الحي رجل يسمى (داود) وكان يتعمد ان يتلصص على هؤلاء السيدات المحتشمات وابتدأوا يتناقلون بأن هذا الرجل يقف امام منزله في اللحظة التي تمر بها سيدة منهن او غيرهن لكي يلفت نظرها علها تلتفت اليه وعندما سمعت موضي العبيدي هذه القصة قالت لزميلاتها انا اعمله بيت من الشعر اخليه ينحاش من الفريج ولا يسكن عندنا ابداً وفعلاً عملت البيتين التاليين وهي توجه الكلام الى داود هذا:
داود يا ابو سنون الفارة
ذموه الحمارة
حيث... من جاه
خيس داره
ودوّه للمجصة
وان قام كسروا عصه
لما اتخيس ادباره
بعد ان سمع داود هذه الابيات هرب من الحي وذهب يبحث عن مسكن آخر حيث ان هذه الابيات اصبحت تلفت ومحط نكته لهذا الرجل الذي لا يعمل وقت العمل ويتلصص على النسوة.
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
  #5  
قديم 17-02-2008, 07:07 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي

كما قلنا في حديث سابق ان اسرة العبيدي التي انحدرت من نجد الى الكويت في اوائل القرن التاسع عشر وكانوا في نجد من قبيلة تميم ومع تطور الاحداث في القرون الاربعة الاخيرة وتحول كثير من سكان نجد من قبائلهم القديمة وانضمامهم الى القبائل الجديدة المستحدثة من شمر والدواسر وامطير والعجمان وغيرهم.. وعليه فقد انضمت اسرة العبيدي التي كانت تعرف في الماضي بالعصاما وهم من تميم الى اعتيبة المعروفة في الزلفي واصبحوا عتبان مع كثير من سكان الزلفي.
وبعد ان وصلت الكويت وتزوج السيد عبد العزيز عبد الله العلي العصيمي المعروف بالعبيدي ببنت محمد الرجيبة المسؤول الاول عن المرقب ومؤسس المرقاب وكان محمد الرجيبة عنده ابنتان واحدة وهي ميثة تزوجها دعيج بن سليمان وميثة هذه انجبت بنتاً هي سلمى وهي ام جد كاتب هذه السطور وابناً وهو خليفة وهو جد جاسم الصانع والد ناصر الصانع عضو مجلس الامة الحالي.
أما البنت الثانية لمحمد الرجيبة فهي نورة فقد تزوجت من عبد العزيز عبد الله العبيدي وذلك في منتصف القرن التاسع عشر انجبت نوره مجموعة من الابناء والبنات لم يبق منهم على قيد الحياة الا موضي الشاعرة ومنيرة زوجة ناصر البورسلي وعبد الله الذي جل ابنائه رحلوا الى نجد الزلفي وذرية محمد الابن الاخير المعروف اكثرهم في الكويت.
كان اكبر اولاد عبد العزيز والذي خرج لعالم الحياة هي موضي وهي تعتبر البكر بين اخوانها واختها وكبرت هذه البنت في حجر ابيها وعاشت في هذا الحي فريج الفرج وتفتحت عيناها على آل العمر المطاوعة وآل الصانع لقربهم في نفس المنطقة والرزاقة من هناك تعلمت مبادىء القراءة والكتابة وحفظت شطراً من القرآن الكريم وكتب الحظ لشاعرتنا ان يكون اول ازواجها ابن براك وتنجب ابناً هو عبد الله وبنتاً دعيت بنورة على اسم جدتها ويكتب الموت لابن براك وبعدها تتزوج ابن عمها سليمان محمد العبد الله وتنجب منه ولدين هما محمد وعبد العزيز وايضاً يموت زوجها الثاني ابن عمها سليمان ابو ابنائها.
كانت في هذه الحالة وهي جارة لبيت علي محمد الفرحان وملاصقة له وهناك مقابل لبيتها بيت شقيق صالح محمد الفرحان زوج صديقتها الثانية مريم العامر ويقوم صالح الفرحان وهم لا يريدون ان تترك موضي وحيدة مع ابنائها فقد رشح لها صالح زوجاً آخر وهو عبد الرحمن العويش وهو من قبيلة صالح الفرحان من الدواسر وعلى مقربة منهم تزوجت موضي العبيدي مرة ثالثة وانجبت منه بنتاً هي منيرة التي كبرت وتزوجها حسن الزنكي.
اما موضوع بنتها نورة الاولى فقد رشح لها صالح الفرحان الزواج من اخيه غير الشقيق فهد وكان خيالا ماهرا وقضى شطراً من عمره في مربط الخيل الخاص بالشيوخ في دروازة العبد الرزاق وفعلاً تمت الخطبة ثم الزواج وانتقلت نورة الى بيت الزوجية واخذ فهد يدلل زوجته وامام هذا الدلال ابتدأت البنت تذهب الى بيت امها وعندما تكون مع الام تقول لها ان زوجك رجل شجاع ومحارب ويجب عليك ان لا تخرجين عن طاعته وتحرنين وتذهبين الى بيت امك فإن بيتك هو بيت زوجك وانت بنت صغيرة لا تقدرين الامور.
والقصيدة تقول وهي اول انشاد لها من الشعر:
يا ونت ونت فهد بن فرحان
على غزال همله من تضابه
مدامعه تجري من فوق الوجان
وخطر عليه انه يشقق اثيابه
ابو خدود كأنها الرمان
وابو اردوف شايلات أتعابه
ليقام يمشي يشتكي تعبان
من زود ردفين يتلونه
عندما سمعت البنت نورة هذه الابيات من والدتها رجعت الى صوابها وعادت الى بيت الزوجية وهناك عاشت عيشة هنية انجبت على اثرها ابنا هو عبد الله الذي اصبح خيالا مثل والده وكتب له القدر والحظ ان يذهب الى البحرين للعمل مع آل خليفة حكام البحرين ويكون في اول امره ضيفاً عند عماته شقيقات والده فهد وهن منيرة التي تزوجت من آل العجاج ورفعة التي تزوجت من آل الخليفات ويكون قدره ان يتوفى هذا الشاب الطموح هناك. وتعيش موضي العبيدي على حفيدها الذي فقدته في البحرين وكان القدر يخبىء لها اشياء كثيرة عندما نودي للذهاب لحرب الصريف وتوجه ولدها محمد مع مجموعة من الشباب الكويتي وكان كذلك والد سليمان الموسى موس السيف الموسى وفهد الفرحان نسيبها وكان برفقته الشيخ خليفة العبد الله الصباح وكان ملازماً له لأن فهد هو احد المقربين للشيخ خليفة وقد استشهد هناك.
وكان من ضمن الذين حاربوا في الصريف جدي احمد الفرحان الذي كتب له الحظ بالحياة حيث ان عمه فهد قد قتل هناك ورجع جدي احمد الفرحان مع القلة الذي سلموا ورجعوا الى الكويت وكانت مأساة موضي العبيدي حيث رزقت اكثر من مرة بزواجها الاول من بن براك وزواجها الثاني من ابن عمها ثم بزوج ابنتها من فهد الفرحان فكانت الخلجات والزفرات تخرج من القلب وهذا ما سكبته شعراً في اكثر قصائدها التي يظهر عليها طابع الاسى والحزن والفراق على الاحبة من زوج ونسيب وابن وللحديث بقية.
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
  #6  
قديم 17-02-2008, 07:08 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي

في هذا البحث سأتحدث عن شخصية هذه المرأة العتيدة ووفائها لمن يقف الى جانبها وقت الشدة.
كانت موضي العبيدي ـ وذلك بعد وفاة زوجها الاول بن براك ـ مجاورة لعلي محمد راشد الفرحان ومصادقة لمريم احمد العامر جارتها المقابلة لبيتها في فريج الفرج، ومريم زوجة صالح محمد الفرحان، وعلى هذا كان هناك نوع من الالفة بين ال العبيدي ومريم وخصوصا صالح، وذلك بسبب مجاورتها لشقيقه علي الفرحان ومصادقتها لزوجته مريم العامر، لذا كان صالح الفرحان يعطف عليها وقت الشدة، ففي وقت فراغه كان يذهب الى صيد السمك فيأتي بـ «ايدام» لبيته ولبعض الاقارب ومنهم موضي العبيدي «الايدام، هو السمك واللحم عندما يطبخ مع الارز».
وفي ذات مرة كان صيده وفيرا من سمك «الشيم» فكان نصيب الشاعرة العبيدي وافرا انذاك من السمك.
وعلى هذا فقد ردت على هذا الاحسان بهذه القصيدة التي كنته بها باسم ابنه «سعد» فنادته (ابو سعد)، ودعت لجارها ابو يوسف «علي الفرحان» بالزواج بعدان توفيت زوجته ام يوسف «حصة»، فتقول:
بياض يلي وصلني بالغنيمة
ابو سعد يعله بالجود يلقاه
اللي عز حقي من الصيد شيمه
ويدري اني من الشين ملفاه
يا الله عسى الدهر ما يضميه
واخوه علي يعله بالجود يا فاه
ويرزقه الله بزوجه حليمه
بعد ام يوسف راحت بجافاه
تقول بيض الله وجهك يا ابو سعد على هذه الغنيمة من هذا الصيد الثمين ـ الشيم ـ وهو من احسن انواع السمك، وكما يقولون «الشيم ماكول الحشيم» وان أبا صالح يعرف باني لا اكل من السمك الا الجيد.
وتدعو عسى الدهر لا يجعله في ضيم وان يجعل الله بوجه اخيه «علي» الجود والكرم وان يهيىء له زوجة حليمة صالحة بعد فقده لزوجته ام يوسف.
انظر كم هي ذات شخصية كبيرة وفية، فمن قصائدها تستطيع فهم نفسيتها ونوعية معدنها وكيف انها من النوع الذي يفرض احترامها على الجميع.
في احد الايام كان ابنها محمد قد اختلف مع احد ابناء الحي فأخذ يتكلم على ابنها بكلام غير لائق، وحينما رجع الابن الى منزله غاضبا وروى لها ما حدث وما دار من كلام، نظمت الابيات التالية في ذلك الشاب الذي كان اسمه «زامل»:
زملان وش لك في صغير الركايب
وش انت شايف من الخلل برفاقتك
يا ابو ضروس كنهن الحنايا
مثل النصايا عثعثن واصلح يدك
حرم عليك مردوفات الشنايا
الا عجوز تجتلب وسط حلتك
تجورك منها..
والا يجتلب فوق لحيتك
عندما سمع والد زامل هذه القصيدة لم يطق المقام في هذا الحي امام هذا الهجوم الكاسح من موضي العبيدي عليهم وانتقل الى منطقة اخرى مبتعدا عن هذا الخلل الذي اصابهم.
كانت قصة زامل الذي اطلقت عليه الشاعرة «زملان» هي بالمعنى المعروف «المنهزم»، فكيف حرفت هذه المرأة هذه اللفظة وهي زامل الى زملان بتعديلات بسيطة وخرجت منها بأن هاجمته بنفس لفظته وبأسلوب مهذب جعله لا يعود مرة اخرى الى مهاجمة ابناء الناس بالكلام.
وكانت موضي العبيدي في احد الايام سارحة تعيش في عالم الاحلام بعد ان فقدت ولدها الثاني «عبدالعزيز» الذي غرق في البحر، وقد جاءت زوجة ابن رشود مع زوجها لعزائها بهذا المصاب الجلل الذي جعلها تزرأ في فقدان ولدها، واخذ ابن الرشود يسمعها كلمات التصبر والتضرع الى الله والدعاء على هذه المصيبة التي حلت بها، فما كان منها الا ان ردت عليه بنفس المقام بابيات تظهر بها حرقة قلبها فتقول:
يا رشود قوم دن القلم والدواتي
واكتب ابيات من ضميري امنيات
واعرف تراني عايفه من حياتي
من فرقته يا رشود جريت ونات
وجدي عليه من ظل غادي
..................................
او خلفتن تذكر مع ذود بادي
قامت تفشي البر واحوار هامات
يذكرني هذا البيت الاخير بالقصيدة المشهورة لمحمد العوني الخلوج، وهي التي قالها تحريضا لاهل نجد لاسترجاع وطنهم من حكم الرشيد، وقد استوحى العوني هذه القصيدة الطويلة من منظر شاهده في قصر الشيخ مبارك الصباح بالسرة اذ كان ضيفا عليه بتلك الفترة، فنذكر مطلع هذه القصيدة برواية خالد محمد الفرج الشاعر والاديب المعروف في تلك الفترة، ويجب ان تعلم ان الخلعة والخلوج هما اسمان للناقة:
خلوج تجز القلب بتلا عوالها
تكسر بعرات تحطمن سلالها
تهيض مفجوع الضمير يحسها
الى طوحت حسه تزايد هجالها
له انا يا ناق كفي عن البكا
لا تجثين النفس عما جرى لها
لا تفجعين البال بالله هودي
ولي خلوج خيث البين بالها
وفي رواية عبدالله الحاتم في كتابه «خيار ما يلتفظ من الشعر النبط» يقول:
خلوج تجر الصوت باتلي عوالها
وان طوحت صوت تزايد اهجالها
تهيض مفجوع الضمير بحسها
تكسر بعبرات يحطم اسلالها
كد قلت لك جوزي من البكا
ولي خلوج خبث البين قالها
ان الذي ينظر الى الروايتين لهذه الخلوج في شعر العوني ويرى الخلوج في شعر موضي العبيدي يجد السبك الموسيقي عند موضي اظهر وارق واخف على السمع.
بهذه المقارنة بين موضي العبيدي والعوني انهى هذا البحث، واقف في الحديث عن هذه الشاعرة العتيدة حتى نتحدث في حديث اخر وقصة اخرى في حياتها التاريخية العجيبة.
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
  #7  
قديم 17-02-2008, 07:09 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي

كنت قد تحدثت في حديث سابق عن الاجواء الاجتماعية في المنطقة التي عاشت فيها موضي العبيدي في منتصف القرن التاسع عشر حتى اوائل القرن العشرين، وكيف ان البيت الذي عاشت فيه في هذا الشارع الممتد من دروازة (بوابة) العبد الرزاق حتى السيف، وكان بيت موضي العبيدي بيتا عاديا مكونا من غرفتين وغرفة للضيوف وحمام ومطبخ في زاوية البيت وحوش يطل على الشارع العام وزاوية.
عاشت في هذا البيت مع زوجها الاول بن براك، ثم زوجها الثاني ابن عمها سليمان محمد عبد الله العبيدي وبعدهما زوجها عبد الرحمن العويش آخر الازواج، وقد انجبت موضي ثمانية عشر ولدا (بطنا او ضنى) لم يبق لها منهم الا ابنتها مريم من زوجها الاول بن براك وتزوجها فهد الفرحان وابنتها الثانية من عبد الرحمن العويش وتزوجها حسن الزنكي اما ابناها محمد وعبد العزيز فقد توفاهما الله حيث رثتهما بقصائدها.
وكان ولدها الكبير محمد هو يدها اليمنى، فكان يعمل ويكد ويجتهد، وكانت له مزرعة يقتات منها ويعيش عليها وتعتبر جزءا من الرزق المساعد.
كانت المنطقة القريبة من سوق الحمام الحالي قرب قيصرية الدويعية الحالية تسمى المسيل، وكان على الامتداد مزارع لابناء المنطقة لكي يحصلوا منها على الخضراوات لمنازلهم كالطماطم والخيار وغيرها.
في اواخر القرن التاسع عشر وتحديدا في شهر مايو من العام 1890م الموافق 1307 هـ غزا الكويت الجراد الصغير (الدبا)، وهي الحادثة التي ذكرها الشيخ المرحوم عبد العزيز الرشيد في كتابه في طبعته الثانية الصفحة 96، وقد ذكر قصيدة المرحوم الشيخ خالد العدساني في هذه المصيبة فقال:
الله اكبر كيف القمل الضعفا
آذى الأنام ومنه الزرع قد تلفا
وصيّر الارض لا نبات بها
كأنه لم يكن فيها وما عرفا
قد جاء كالسيل يعدو ليس يمنعه
شيء فما مل من شيء وما وقفا
حتى اتانا فعمتنا بليته
وقد كسا الارض توبا منه مختلفا
فلم نر طرقا الا وقد ملئت
ولا جدارا ولا سقفا ولا غرفا
واصبحت جملة الآبار منتنة
كأن في جوفها من ريحه جيفا
وكل طفل له من اهله حرس
يحمونه يقظة منه وحين غفا
واشتد امر الورى من عظم كثرته
ومن اذاه وما ظنوه منصرفا
فقال كل اما والله ذا سخط
قد اوجبته معاصينا فوا اسفا
أتى لعشر من الشهر الشريف خلت
مع ليلتين وبعد الضعف قد ضعفا
وكان في سنة السبع التي وقعت
بعد الثلاث قد جاوزت الفا
فالحمد لله والشكر الجميل له
في كل حال فمولانا بنا لطفا
في هذه السنة (1890) التي اصاب بها الدبا او الجراد الصغير البلد كما ذكرنا آنفا والتي تناولها المرحوم خالد العدساني الذي كان من ضمن من اصابهم هذا الدبا وأكل مزرعته وذكرتها بباب محمد سليمان العبيدي ابن موضي العبيدي. وقد سجل محمد العبيدي هذا الحدث بقصيدته التي لم تشتهر ولم تعرف مثل قصيدة الشيخ العدساني يقول محمد:
هني منهو في عداد البلابيل
ما يشغله بالدلال الحوامي
هذا افرقه وهذا تفضيل
واقلطها للرجال النشامي
زرعن قطعني من كثير المحاصيل
كَلْها الدبي وادْعى ورقها رامي
ماسرني اصياحي وكثر المخاييل
طول الليل واقف واحامي
ويقول في نفس المجال حول مزرعته:
واذا بقيت زرع ازرع بوسط الزواريع
ولبقيت تشتري اشتر خيل المطاليع
واذا بقيت تسكن اسكن وسط القبايل
واذا بقيت تناسب ناسب ابن الحمايل
كان محمد العبيدي في هذه الفترة لم يجاوز العشرين من عمره وكان شابا نشيطا، بعدها اتجه الى صيد السمك الى ان تنجلي هذه الغمة عن الكويت والتي اتلفت بها المحاصيل، ثم عمل بعد ذلك بالغوص سعيا وراء لقمة العيش.
بعدها بعشر سنوات دعي محمد للمشاركة في حرب الصريف، واثناء الرحيل للمعركة قال مقولته المشهورة وهي قصيدة لم يسبق ان نشرت وان كانت ابياتها غير مترابطة، يقول:
لا واحسافاه من نشاما المناعير
الا غدو بين الكرانش تاتي
ما هم مع البدوان يتلى المظاهير
منهم تعشم فالاشباع الذيابه
منهم يمشي على غير تدبير
يذكر هليج اشهب الدوغادي
ومنهم صحاح جزّرتها الجزازير
عند السرايا بالتفق والهنادي
نواخذه واهل الوجوه المسافير
واهل البتاتيل الرفاع الجدادي
اعتيبه جماعتنا حمالة المظاهير
يوم اللقه يجون كبد المعادي
تيجي عليهم صايدات القناديل
عافوا لذيذ الزاد والرقادي
واقول ذا وادموع عيني مهادير
على ثمر قليبي موده افوادي
من واحد كثر الخير والجيل
واللي بنى بيتي مبان اجدادي
مير اطلب اللي بالسما رازق الطير
ربي تجيبه سالم لبلادي
وصلاة ربي عد من سار الى سير
على بنين سعى للجهادي
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
  #8  
قديم 22-02-2008, 03:08 PM
الصورة الرمزية PAC3
PAC3 PAC3 غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت - القصور
المشاركات: 2,003
إرسال رسالة عبر AIM إلى PAC3
افتراضي

الله يعطيك العافية اخوي IE حبيت اوضح كيفت وفاة ابن المرحومة موضي العبيدي الاول حيث انة توفي في الغوص رحمه الله بما يعرف عند اهل الغوض قديما " بالسنى" واذا قيل فلان "سني" بالغوص بعني انه غاب عن وعية لعمق المياة التي يغوص فيها الغيص وقليل من ينجو من الغاصة قديما في هذه الحالة واكثر من يتعرض لحالة " السنى " يتوفي وماحصل لابنها رحمه الله هو انه " سني" ....تحياتي لك اخوك باك 3
__________________


وأن ماحمينا دارنا @ وشعاد نبغي بالحياه

ذيبٍ عــوا بـديـارنا @ وديـار حـيانـه وراه

موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجلاهمة - فرحان الفرحان IE التاريــخ الإجتماعي 19 06-09-2010 05:15 PM
آل المزيدي - فرحان الفرحان IE التاريــخ الإجتماعي 6 09-02-2010 02:24 AM
آل الأنصاري - فرحان الفرحان IE التاريــخ الإجتماعي 2 04-04-2009 02:30 PM
آل بن نخي - فرحان الفرحان 14/7/2003 IE التاريــخ الإجتماعي 0 23-03-2008 05:47 PM
آل النقي - فرحان الفرحان IE التاريــخ الإجتماعي 4 16-03-2008 05:54 PM


الساعة الآن 02:40 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3, Copyright ©2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت