رئيس رابطة «الاجتماعيين» دعا المجتمع
إلى محاولة جمع ما تبقى من المفردات الأصيلة حفاظاً على الهوية
عبدالرحمن التوحيد: «التواضع» الكويتي
«وترفع» الوافدين دفعنا لمحادثتهم بلهجتهم..
فضيعنا لهجتهنا
كتبت هبة سالم:
شدد رئيس مجلس ادارة رابطة الاجتماعيين عبدالرحمن صالح التوحيد على ضرورة المحافظة على الموروث اللغوي للهجة الكويتية باعتبارها هوية المواطن الكويتي، مبينا ان اللهجة الكويتية اليوم ما هي الا خليط من عدة ثقافات «مطعمة» بالمحلية، لافتا الى ان العرب كرماء بطبيعتهم وعندما يحاور احدهم الطرف الثاني فانه لا يترفع بلغته ولكنه يكرمه بالتحدث معه بنفس لهجته.
وفي تفاصيل حديثه لـ «ملف الاسبوع» كشف عبدالرحمن التوحيد عن سر تغير اللهجة الكويتية في السنوات الماضية، مؤكدا ان المدارس التي يتلقى فيها الابناء تعليمهم هي السبب، فالمدرسون يأتون من بيئات وثقافات مغايرة عن مجتمعنا ويبدأون «اوتوماتيكيا» في محاورة الطلاب ومناقشتهم ونقل المعلومات اليهم.
واذا عبروا او شرحوا فبالتأكيد سوف يشرحون بلهجتهم المحلية ومن هنا يتأثر الطالب بلهجة المدرس ويبدأ بالتعامل بها مع الآخرين، فتذوب بعض الكلمات الكويتية التي لا يفهمها المدرس من طلابه او لا يستطيع ان يفهم معناها بالعامية عندما ينقلها الطالب للمدرس،
ومن هنا تحصل الكثير من المشادات بين المدرس والطالب في بعض الكلمات التي تعني عند الطالب كلمات عادية وهي فعلا عادية ولكنها قد تعني عند المدرس معنى خاطئا او غير مؤدب ومن ثم يحدث الخلاف بين المدرس والطالب في تفسير الكلمات.
وهذه هي الاساس أي عندما كان المدرسون في الماضي كويتيين فكانوا يلقنون الطلاب نفس اللهجة خصوصا الطلاب الذين تعلموا في المدارس الاهلية او عند «المطاوعة»، نجد فيهم المتعمق بمفهومها وابعادها ومعناها بخلاف الطلبة الذين دخلوا المدارس النظامية.
فقد استوردت الكويت وفودا من بلدان اخرى عربية وحاولت تلك الوفود نقل بعض المفرادات مثل كلمة «أَرْبِعين» وهي ليست كويتية بل نقول «أرْبَعين» وهي الكلمة الكويتية وهي ما يتداولها أهل الشرق والجبلة والمرقاب وحتى البدوي، وهذه جاءت من تأثير المدرس الذي بدوره نقلها الى الطالب واخذت تتداول بشكل تسلسلي في المجتمع وهذا ما اعتبره من الاسباب الرئيسة لتغيير اللهجة الكويتية.
واشار التوحيد الى ان هذا التغيير غير صحيح لانه يكسر ثقافة المجتمع الكويتي، واللهجة الكويتية تعبير عن تاريخ عريق لشعب يملك كما كبيرا من الثقافة التجارية والادبية والسلوكية والمهنية والتعامل مع الاخر وكذلك العقائدية وادب الحوار.
فكل كلمة لها موضع معين وتعطي معنى معينا حتى في الثقافة العقائدية تعطيك تعبيرا معينا، وهذه التعابير تعطي مفاهيم الكلمة العامية واحيانا ترد في اكثر من موقع، فمثلا تجدينها في الادب والشعر خصوصا في «الزهيرية» فعند ملاحظة الكلمة الاخيرة في الزهيرية نجدها تعطي في كل موقع معنى مختلفا.
وأضاف رئيس رابطة الاجتماعين عبدالرحمن صالح التوحيد: بان اللهجة الكويتية الان جاءت بخليط من عدة ثقافات منذ سافر الكويتي الى الخارج والذي طعمه بالمحلية فقد دخل عامل الثقافة التجارية في اللهجة.
وقال التوحيد بان العرب في عمومهم «كرماء» وعندما يحاور الطرف الآخر بلغته فهو يكرمه ويرفع من مقامه وهذا من الادب عند العرب وخصوصا الكويتيين اذ يحاول ان يشعر الآخر بانه قريب له.
فنحن نحس بالتواضع وهذا التواضع يجعلنا نتواصل عن طريق مفردات الطرف الآخر وفي الوقت نفسه اوصل له ثقافتي وايضا سيكون هناك احترام من الطرف الثاني لانني تكلمت بلهجته.
واضاف التوحيد ان البيت الكويتي اليوم قد تغير ففي السابق كان الاب مع الام ومع عياله ومع حريم عياله وكانت العوائل كالاسرة الممتدة وكان الكل يتأثر بلغة الأب وعندما كان الابن يتحدث بلهجة غير مفهومة او فيها خطأ في اللفظ فإن الاب يغضب على ابنه ويصلح له ويعدل له ويحاول الابن ان يلفظ المفردة بنفس اللهجة.
اما اليوم عندما بدأت الاسرة تتفكك فأخذت تتأثر اللهجة التي يحملها الانسان في البيئة التي يعيشها، كما ان هناك فئات وطوائف دخلت الى المجتمع الكويتي فالمجتمع الذي كان محدودا في السياق في «اطار السور» فكان اي فرد يأتي على سبيل المثال من المرقاب وانا لا اعلم انه من المرقاب ولكن من لهجته اعرف من اي منطقة في الكويت جاء.
وللمحافظة على الموروثات اللغوية في اللهجة الكويتية قال التوحيد ان هناك مؤرخين وكتاب مثل حسين الايوب ويجب الاشارة ان هناك كلمات تختلف بحكم سن المدون، فمثلا نجد الكلمات والمفردات التي قالها عبدالله النوري في مراجعه وبعض المفردات الخاصة بالشيخ يوسف بن عيسى وعند الرجوع الى اساس الشعر النبطي للشاعر بورسلي والشاعر الدويش نجد فيها الكثير من الكمات نبحث عن احد يعرفنا ما هو معناها.
كما ان هناك كلمات اخرى من مفردات البحر قد ذهبت ويجب المحافظة عليها بتكليف باحثين من المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب وهذه احدى مهامه بان يجمع هذه المفردات كذلك نرجع الى المسرحيات الكويتية الشعبية التي فيها عبدالحسين عبدالرضا والنشمي نجد كثيراً من المفردات كانت موجودة وقد ذابت ويجب ان نجمعها «ونلحق» على ما تبقى منها من الاحياء لاعطائنا معناها.
وارجع التوحيد سبب اختلاف اللهجات في المحافظة الواحدة الى ان في التاريخ القديم هناك شعوباً نزحت من مناطق مجاورة ومتعددة فعلى سبيل المثال منطقة كاظمة وفيلكا حافظت على موروثها في المحادثة واخذت تمزج بين الكلمات الكويتية العامة وبين المفردات التي وجدت اساساً وبدأت تخلق كلمات اخرى.
ومن هنا يرجع التمييز بين اللهجة التي تختلف على حسب المناطق وتأثيرها التاريخي، فاهل الفنطاس نعرفهم من لغتهم واهل الجهراء كذلك نعرفهم من لغتهم، فاهل الكويت الذين كانوا يعيشون من 100 سنة لا يفهمون ماذا نقول نحن اليوم وكذلك بعد 20 سنة مقبلة لن نفهم عما يقولونه وذلك لان التطور اللفظي في المفردة المحلية سوف يتأثر ويتغير.
مشددا على اننا يجب المحافظة على اللهجة الكويتية لانها تعتبر هوية الشاب والشابة الكويتية.
تاريخ النشر 25/06/2009
يتبع
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ
|