راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > تاريــــــخ الكـويت
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-03-2009, 05:27 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي

وسائل جديدة

في مواجهة رفض السلطة الكامل للتعامل مع العرائض الشعبية، ومع توسع «الحركة الدستورية» لتشمل تكتل النواب ومجموعة الـ45، كان لابد من التفكير بتطوير أسلوب المطالبة والضغط، لأن الضغط على النواب بات كبيراً في مواجهة أسئلة مثل: «ماذا فعلتم خلال الفترة الماضية؟» أو «ماذا نستطيع كمواطنين أن نقدم؟» إذ إن لقاءات النواب وعرائضهم كانت تجري بمعزل عن الرأي العام. وفي مقابل تلك التساؤلات ازداد الضغط على النواب مع رفض السلطة لاستقبال العرائض والمذكرات على مدى ثلاث سنوات والتعتيم الإعلامي المفروض من خلال الرقابة المسبقة على الصحف، فجاءت كل هذه العوامل لتضغط على النواب لاستحداث وسائل جديدة لعملهم. فكان الموضوع محل بحث في اجتماعات النواب ظهيرة الثلاثاء، فاقترح بعضهم القيام بمسيرة حاشدة، في حين رأى آخرون أن في ذلك تصعيداً للموقف وقد يحمل استفزازاً للسلطة، بينما رأى فريق ثالث أن تُصاغ عريضة جديدة بأسلوب حاد توجه إلى السلطة، لكن هذه الفكرة لم تلقَ قبولاً ايضاً. وفي غمرة الأفكار، برزت فكرة عقد لقاءات عامة مع المواطنين في ديوانيات النواب مساء كل يوم اثنين، على أن تحدد ديوانية معينة لكل لقاء، وبذلك يستغل النواب عدم انطباق قانون التجمعات على ديوانياتهم في حشد التأييد والتواصل المباشر مع الجمهور. وانطلقت بهذه الفكرة شرارة ما عرف بعد ذلك بـ«ديوانيات الاثنين».
بدأ النواب بالتعاون مع مجموعة الـ45 بشحذ الهمم للدعوة إلى أول لقاءات الديوانيات، الذي تقرر أن يكون بعد صلاة العشاء بديوانية النائب جاسم القطامي بالشامية في يوم الاثنين الرابع من ديسمبر 1989. وفي وقت كانت وسائل الاتصال بدائية، مقارنة بما هي عليه الآن، بدأ مناصرو الحركة الدستورية اتصالاتهم بالدعوة إلى ديوانية القطامي.

اللقاء الأول

حل الظلام باكراً في تلك الليلة الشتوية، وكانت عقارب الساعة تشير إلى السادسة والنصف مساءً حين بدأ النواب يتوافدون إلى ديوانية القطامي واحداً تلو الآخر، وأخذ الناس يتوافدون معهم تباعاً حتى غصت قاعة الديوانية بالناس، فجلست البقية في ساحتها الخارجية بينما اختار البعض البقاء بسياراتهم تجنباً للبرد الخفيف في ذلك المساء، خصوصاً بعد أن علموا أن وقائع الندوة ستنقل على محطة الأف إم عبر جهاز يبث لمدى قصير على موجات الراديو للموجودين قرب الديوانية، ولم يكن هذا الأسلوب غريباً آنذاك، إذ سبق استخدامه أثناء الحملات الانتخابية لمجلس 1985.
قدر الحضور تلك الليلة بـ700 شخص، وهي بداية رآها النواب مشجعة لعملهم، فاستغلوا الفرصة ليعلنوا في بداية الجلسة أن اللقاء المقبل سيكون في ديوانية النائب مشاري العنجري بمنطقة النزهة مقابل جسر الروضة، كما لفت إلى ذلك جاسم القطامي في بداية حديثه الذي أعلن في بدايته أنه بداية من هذا الأسبوع سيبدأ النواب زيارات منتظمة كل أسبوع لديوان أحد النواب، مشيراً إلى ضرورة التزام الأسلوب العقلاني الهادئ وعدم اللجوء إلى العنف، قائلاً: «نحن مضطرون أن نسلك سلوكا دستوريا ترضى فيه كل تعليمات وزارة الداخلية، وحريصون أن تكون دواويننا كما هي».
وتحدث النائب أحمد السعدون الذي قوبل بتصفيق حاد عند تقديمه، فأكد أن هذا الحضور يدل على مدى تمسك الشعب الكويتي بنظامه الدستوري وعلى تمسكه ايضا بحقه في المشاركة الشعبية، مبيناً أن فكرة التواصل مع المواطنين عبر الدواوين كانت قد بدأت في بعض ديوانيات النواب منذ بداية العام ثم توقفت في فترة الصيف، مضيفاً أن النواب بدأوا الاتصال بجمعيات النفع العام، وقدم شرحاً وافياً لطبيعة التحركات التي يقوم بها النواب ومجموعة الـ45 منذ حل مجلس الأمة «واحتلال مبنى مجلس الأمة احتلالاً عسكرياً» وحتى اليوم. كاشفاً ان تجاوب المواطنين فاق توقعات النواب، فالعريضة الشعبية كانت فكرتها أن يأتي كل نائب بـ50 توقيعاً من كل دائرة إلا أن الإقبال كان كبيراً، وأضاف: «كان لبيان وزير الإعلام الشيخ جابر المبارك الذي حذر من خلاله، بشكل غير مباشر، المواطنين من التوقيع أثراً إيجابياً، إذ ساهم في نشر الخبر عن العريضة، وقد أفادنا وزير الإعلام في ذلك من حيث لا يعلم». مشدداً على مواصلة التحرك الشعبي عبر عقد اللقاءات بشكل أسبوعي في ديوانيات النواب.

الحاقدون

ثم فتح باب الحوار ووجه بعض الحضور أسئلة عن طبيعة التحرك القادم وما قام به النواب خلال الفترة الماضية، وتحدث الدكتور خالد الوسمي بصفته امين سر لجنة التنسيق لمجموعة الـ45، مؤكدا مطالبة الشعب بعودة الحياة الدستورية، وطرح اقتراحا بتشكيل لجنة للدفاع عن الدستور الكويتي، شارحاً ما قامت به اللجنة لإيصال العريضة وآلية عمل مجموعة الـ45.
وتحدث النائب محمد الرشيد متسائلاً عن الضرر من بقاء الديموقراطية والشفافية في العمل قائلاً إن «وجود الديموقراطية يعطي سمعة جيدة للدولة ما في بالمنطقة مثلها»، مشيراً إلى حديث ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد لدى لقائه مجالس المحافظات، وهي مجالس حاولت من خلالها السلطة توفير بديل عن مجلس الأمة، إذ قال الشيخ سعد للحضور «اتركوا الحاقدين»، وعلق الرشيد على ذلك في ديوانية القطامي قائلاً: «من هم الحاقدين؟ هل القصد اللي ما يقبلون التعيين؟ اللي ما يتعاونون معاك وما يتعاونون على الباطل؟ الناس تتعاون مع الحق ما يتعاونون مع الباطل فهل هؤلاء يستحقون كلمة حاقدين؟».
وقال أحد الحضور للنائب أحمد الربعي، إن الحكومة تطالب أن تُحل قضية لبنان على الطريقة الشرعية ومن خلال البرلمان والدستور اللبناني، سائلا: «ليش نصير مثل عين عذاري؟»، فرد الربعي: «هناك مشكلة لدينا كدولة، ولا يجب أن نغالط أنفسنا ونعتقد أننا دولة عظمى وباستطاعتنا حل مشكلات العالم بينما قضيتنا معلقة، وأعتقد أن علماء السياسة لو درسوا الوضع في الكويت سيستغربون من أن المعارضة مسؤولة والطرف الآخر غير مسؤول بينما العادة العكس، فعادة الناس اللي يعارضون هم اللي يتم اتهامهم بروح اللا مسؤولية وهم من يستخدمون عادة كلمات نابية ويكسرون القانون، بينما في الكويت انقلبت الموازنات، فالمعارضة في الشارع هي من يريد الدستور ويحترمه، وصاحب القرار والسلطة السياسية هي التي تكسر الدستور ويستخدم لغة أخرى، لغة الحاقدين، وهذه نترفع عنها».

اعتداء على الحقوق

وتحدث النائب حمد الجوعان رداً على سؤال لأحد الحاضرين عما إذا كان التجمع في الديوانية مخالفا للقانون أم لا، خصوصاً في ظل وجود قوانين مقيدة، وقال الجوعان: «أنا لا أريد أن أتطفل على الكثيرين من القانونيين اللي حاضرين اليوم، فحسب ما أشوف هناك جمهرة من المحامين وأنا آخرهم ولست بأولهم، ولا أعتقد أن هذه الجمهرة موجودة في هذا الاجتماع وهي تعلم أنها تخالف القانون... الأمر الآخر هو أن القانون مثل أي نص كل واحد يقرأه على كيفه، ضعاف النفوس تقرأ بعض النصوص وتنشر من خلال قراءته السوس، وقراءتنا لنصوص الدستور أقوى من قراءة أي نص قانوني، فالدستور أبو القوانين وهو لم يحظر هذه الاجتماعات»، وأضاف الجوعان: «لا أريد أن أتكلم كإنسان قانوني... أنت سلبتني من حقي الأساسي، أنا أتحدث كمواطن إنسان تعرضت للاعتداء ومن حقي أن ألتقي بإخواني المواطنين لندفع معاً هذا الاعتداء .. وكون هذا الاجتماع قانوني أم لا أنا أسألك سؤال أول، هل هناك اعتداء على حقوقي أم لا... إذا كانت الإجابة نعم فاجتماعنا قانوني». واختتم القطامي اللقاء «لأن الناس برة يقولون لي إنهم تعبانين وبردانين». ووسط التصفيق، أثناء خروج الجمهور، قام بعضهم بالسلام على أصدقاء قدامى لم يتوقعوا رؤيتهم، وتوجه آخرون إلى النواب للسلام عليهم والحديث معهم، في حين ازداد الشعور بينهم بصلة ما تجمع الموجودين الذين تواعدوا على اللقاء مجدداً في الأسبوع القادم بديوانية مشاري العنجري بالنزهة «مقابل جسر الروضة».

نواب الحركة الدستورية

1- أحمد عبدالعزيز السعدون
2- صالح يوسف الفضالة
3- حمد عبدالله الجوعان
4- مبارك فهد الدويلة
5- أحمد نصار الشريعان
6- راشد سيف راشد الحجيلان
7- سامي أحمد المنيس
8- مشاري جاسم العنجري
9- سعد فلاح طامي
10- دعيج خليفة الجري
11- ناصر فهد البناي
12- فيصل عبدالحميد الصانع
13- د. يعقوب محمد حياتي
14- هاضل سالم الجلاوي
15- حمود حمد الرومي
16- محمد سليمان المرشد
17- يوسف خالد المخلد
18- د. ناصر عبدالعزيز صرخوه
19- عبدالعزيز عبداللطيف المطوع
20- أحمد يعقوب باقر
21- د. أحمد محمد الخطيب
22- د. أحمد عبدالله الربعي
23- د. عبدالله فهد النفيسي
24- جاسم محمد القطامي
25- عبدالله يوسف الرومي
26- سالم عبدالله الحماد
27- عباس حبيب مناور
28- جاسم محمد العون
29- خالد عجران العجران
30- خميس طلق عقاب
31- مبارك حمد الزوير (انضم للحركة فترة بسيطة ثم انسحب)
32- جاسر خالد الجاسر (انضم للحركة فترة بسيطة ثم انسحب وخاض انتخابات المجلس الوطني)
33- علي عبدالله الخلف (انضم للحركة فترة بسيطة ثم انسحب وخاض انتخابات المجلس الوطني)

بين «غاندي» و «وضاح»

أيام ديوانيات الاثنين كتبت مجموعة من القصائد والزهيريات تحت الاسم المستعار «غاندي» الرامز إلى المعارضة السلمية ، ووُزعت أيامها في الديوانيات الاثنينية، ويحتفظ بعض الأصدقاء بنسخ منها، كالصديق حمد مانع العجمي الموثّق والناشط خلال أزمة الحل غير الدستوري، لكني بعد 20 عاما من تلك الأزمة لم أجد بين أوراقي الصفراء إلا زهيريتين، هذه إحداهما:

يا حيف حكّامنا يسِمعون راي اللاش
إللي يبيع الوطن واهل الوطن ببلاش
اليوم سوقه انتعش ياخذ أنواطه كاش
عن الشعب من فوّضك .. يـ المدعي بالعدل
الكلب ذيله أبد معلوم ما ينعدل
خسران يا بو الكلك إحسب حسابك عدل
للدار دمنا ثمن .. وانته تبيع ابلاش
غاندي
(وضّاح حالياً)

من أشعار ديوانيات الاثنين

نوابنا والنعم
نوابنا والنعم كلكم على راسي
وقت الشدايد ذخر حقي ومتراسي
مثل الصخر عزمكم مثل الجبل راسي
لان الحديد بلهب وانتوا فلا لنتوا
واللي سأل من بعث أمه نقول انتوا
وإن قلتو قال الشعب كلنا نقول منتوا
واللي سعى بحقنا عيني وعلى راسي
عاشق وطن

ديسمبر 1989



أحمد السعدون وجاسم القطامي وناصر البناي في الديوانية



الشهيد الأسير النائب فيصل الصانع في إحدى الديوانيات
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-03-2009, 02:58 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,658
افتراضي موقعة الجهراء : السلطة تعتدي على المواطنين

«منعت وزارة الداخلية كل المظاهرات السياسية في الكويت بعد أن فرقت الشرطة مساء يوم الاثنين في إحدى ضواحي الكويت اجتماعاً سياسياً حضره عدة آلاف من المواطنين الذين طالبوا بعودة الحياة البرلمانية في البلاد. وقد صرح مصدر مسؤول في وزارة الداخلية بأن الوزارة قد اتخذت إجراءات لفض الاجتماع الذي دعي إليه في إحدى الديوانيات، ونشر هذا التصريح في الصحافة الكويتية يوم الثلاثاء. ويلاحظ أن الصحافة الخليجية قد غطت حدث المظاهرات بصورة واضحة، وقد استخدمت قوات مكافحة الشغب فيها القنابل الصوتية والعصي لمنع الناس من التجمع حول مكان الاجتماع في منطقة الجهراء، التي تقع على بعد 30 كيلومترا من مدينة الكويت».

الكويت في 10 يناير 1990 – وكالة الصحافة الفرنسية


لم يكن لاحتفالات رأس السنة في ذلك العام (1990) شكلٌ مختلف عن الأعوام الثلاثة التي سبقته، فكان منظر البلاد باهتاً ومواطنوها يتوجسون ريبة من تصرفات السلطة، وبدا جلياً خلال الأسبوعين الماضيين أن الانقسام في الرأي داخل الحكم قد حسم لمصلحة الجناح الأكثر تشدداً، والذي كان يرى ضرورة وقف التحركات السلمية لديوانيات الاثنين، وأصبح ذلك واضحا قبل عطلة رأس السنة بيومين في القرار الذي أصدره مجلس الوزراء في 28 ديسمبر 1989 قبل الموعد المقرر للتجمع في ديوانية أحمد نصار الشريعان في الثامن من يناير 1990، فنص القرار على «منع الدعوات العامة التي توجه لمناقشة موضوعات محددة في الدواوين الخاصة لما يمثله ذلك من خروج عن المفهوم التقليدي الإيجابي للدواوين والمستقر عليه عرفاً وقانوناً» بحسب نص بيان وزارة الداخلية الذي أصدرته في ذلك اليوم. وبعد أن رأى القائمون على الحركة الدستورية تراجع المتشددين بعد إغلاق ديوانية العنجري في 11 ديسمبر 1989 وسماح السلطة بانعقاد تجمعي مسجد فاطمة وديوانية المرشد، ساد الظن في أن التحركات الشعبية ستتم من دون منغصات أو عراقيل، لكن أحداث الجهراء في 8 يناير 1990 أثبتت عكس ذلك.
التحضير


كان المدخل لكل قادم إلى ديوانية أحمد الشريعان يمر عبر دوار نادي الجهراء الذي تحول في ذلك اليوم إلى ثكنة عسكرية من الشرطة والقوات الخاصة والحرس الوطني بشكل لم يألفه أهالي الجهراء أو أهل الكويت. ففي صباح ذلك، فوجئ أهالي قطعة 4 (أ) في منطقة الجهراء الجديدة بوجود أمني كثيف في المنطقة، ومع حلول الظهيرة حضر المئات من أفراد القوات الخاصة بآلياتهم الكبيرة من ناقلات جنود وتناكر مياه وباصات، وتجمعت في مواقف السيارات التابعة لمدرسة أم ورقة الابتدائية للبنات القريبة من ديوانية أحمد الشريعان. أعقب ذلك انتشار لأفراد القوات الخاصة وآليات الحرس الوطني في جميع شوارع القطعة في ما بدا كتحرك لردع سكان المنطقة من المشاركة في تجمع السابعة مساءً. وطوّقت القوات القطعة كاملة، وأغلقت كل الطرق المؤدية إليها ومنها، ووضعت نقاط التفتيش على مداخل الجهراء كافة، ولم يسمح لأي سيارة بدخول المنطقة إلا بعد إثبات سكن سائقها فيها من خلال البطاقة المدنية. ومع حلول الظلام واقتراب الموعد المقرر للتجمع بعد صلاة العشاء في السابعة مساءً، طوّقت القوى الأمنية مبنى ديوانية الشريعان واحتجزته ومن معه في الديوانية ومنعتهم من الخروج.

الصدام

وقف حضور يقدر بسبعة آلاف مواطن في جو شديد البرودة ومعهم النواب على مقربة من الديوانية، بعد أن استطاعوا دخول المنطقة بمساعدة أهالي الجهراء من خلال بعض الطرق الداخلية وبين البيوت، في حين وضعت القوات الخاصة طوقاً أمنياً بشرياً على بعد 100 متر من الديوانية، وبقي بعض من حضر باكرا محتجزا داخل الديوانية. وبعد أذان العشاء صلى الموجودون صلاة الجماعة، وأمهم فيها النائب مبارك الدويلة. وبعد نهاية الصلاة، حاول الجمهور التوجه نحو الحاجز الأمني البشري بغية التحدث إلى الشرطة وطلب السماح للمواطنين بالمرور والتوجه إلى الديوانية. وهنا سُمح للنائب أحمد الشريعان بالخروج من الديوانية والتوجه إلى الحشد. تعالت صيحات الجمهور الكبير مطالباً بالدخول. وأخذ الحاجز الأمني يتراجع قليلاً وسط تقدم الجماهير، بينما كان واضحاً في إحدى زوايا الحشد محاولة النواب إقناع رجال الأمن بالسماح لهم بالمرور. وفجأة، ومن دون مقدمات أو تحذير، انهالت هراوات وعصي القوات على الحشد، فكانت تضرب كل من هو أمامها وتتقدم نحو المشاركين لتفريقهم ودفعهم بعيداً عن الديوانية. وسُمع صوت دوي عالٍ لما قد يكون قنابل صوتية. تفرق بعض المتظاهرين، فلجأ بعضهم إلى بعض المنازل المجاورة، بينما اختبأ البعض الآخر خلف الأشجار في الشارع المقابل، ولم يتبعهم رجال القوات الخاصة الذين عادوا إلى مواقعهم ليكونوا طوقاً أمنياً جديداً.
كان ممن تعرضوا للضرب في ذلك المساء أحد رموز الحركة الوطنية النائب السابق محمد الرشيد، وهو في السبعين من عمره آنذاك، إضافة إلى نائب مدير عام جامعة الكويت الدكتور أحمد بشارة، وعبدالمحسن الكليب وجمال النيباري وناصر الغانم ووائل عبدالله العمر ورباح الرباح وعبدالهادي العجمي ومحمد القديري والعديدين غيرهم.
كان البعض قد حاول في تلك الفترة وبعدها تحليل إقدام السلطة على الاعتداء على المواطنين في تجمع الجهراء السلمي في تصعيد مفاجئ وغير طبيعي شكل علامة فارقة في التحرك الشعبي، فرأى فريق أنه كان بسبب نجاح الطرف المتشدد في أسرة الحكم بتسويق أفكاره وانتصاره في صراع الأجنحة، في حين رأى فريق آخر، أنه بالإضافة إلى ما سبق، كان بسبب ما لمنطقة الجهراء تحديداً من أهمية للسلطة، إذ كانت تعتبر ما اصطلح على تسميته بالمناطق الخارجية مناطق موالية لها، ويأتي وصول تحركات المعارضة السياسية إلى هذه المناطق إثارة لجمهور هذه المناطق ضد السلطة، وهو أمر لم يكن مقبولاً لديها مما أدى إلى استخدامها العنف.

ميكروفون الشرطة

بعد كر وفر بين قوات الأمن والمواطنين، ومداولات واتصالات من قبل الشرطة، توجه رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون وعدد من النواب إلى العميد يوسف المشاري قائد القوات الموجودة، محاولاً حث الشرطة على التهدئة، ومحذراً من مغبة أن تتطور الأمور لتصل إلى ما لا تحمد عقباه، وتبين أن المشاري كان حريصاً على ألا تتأزم الأمور، فسمح للسعدون أن يتحدث إلى الجموع مستخدماً مكبر الصوت الخاص بدورية الشرطة قرب دوار نادي الجهراء على مقربة 500 متر من الديوانية، حيث بدأ المواطنون بالتجمع مجدداً. وفعلاً، توجه السعدون إلى الدورية وتناول المكبر محدثاً آلاف المواطنين المتجمهرين في الشارع، فشكرهم على تفاعلهم وحضورهم واستنكر، عبر مكبر الصوت الخاص بالشرطة، الاعتداءات التي بدرت من رجال الأمن على المواطنين المسالمين. وطلب من المشاركين الذين افترشوا الأرض مقابل نادي الجهراء الانصراف بهدوء لتفويت الفرصة على المندسين الذين ربما كانوا يريدون تحويل التحرك السلمي إلى شيء آخر، مع وعد باللقاء يوم الاثنين المقبل في ديوانية النائب فيصل الصانع في منطقة كيفان.

يوسف المشاري ينتصر لوطنه

لا يستطيع أحد من الذين حضروا أحداث الجهراء أن ينكر الدور الذي لعبه الأسير الشهيد العميد يوسف ثنيان المشاري في تخفيف حدة التوتر بين المواطنين ورجال الأمن في تلك الليلة، فتعرض في ذلك للوم من القيادة العليا في وزارة الداخلية، فهو من قرر إعطاء رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون الفرصةَ للتحدث من خلال مكبر الصوت الخاص بدورية الشرطة لتهدئة الجمهور ودعوته إلى الانصراف.
المشاري، الذي كان رئيساً لنادي القادسية عام 1985، كان أحد قادة المقاومة الكويتية أثناء الاحتلال. فدخل البلاد بعد وقوع الغزو العراقي آتياً من فرنسا حيث كان يقضي إجازته الصيفية، وشكل قيادة لمقاومة الاحتلال إلى أن أسر مع مجموعة من رفاقه بمنطقة النزهة في أكتوبر 1990، بعد عشرة أشهر من أحداث الجهراء.
واليوم إذ نتذكر دور المشاري في تلك الأحداث، ودوره البطولي إبان الغزو، نتذكر ذلك الرجل المبتسم كما في الصورة أعلاه، التي التقطت أثناء تجمع الجهراء، فهو بينما كان يمارس دوره كرجل أمن، سعى جاهدا -خلافاً للاتجاه العام للسلطة- إلى التخفيف من احتقان الأجواء في ذلك اليوم، الذي نعلم أنه لولا يوسف المشاري لربما كانت نهايته مختلفة عما آلت إليه.

الرشيد: تحدثت مع رجال الأمن فضربوني من الخلف

بعد أربعة أيام من اصطدام السلطات الأمنية مع المواطنين في ديوانية الاثنين الخامسة عند النائب أحمد نصار الشريعان في الجهراء، روى النائب السابق محمد الرشيد قصة الاعتداء عليه (وهو في السبعين من عمره آنذاك) لرواد ديوانيته، وقد صُوِّرت الرواية التي ننقلها بتصرف:
وصلنا ديوانية الشريعان وإذا بالقوات الخاصة موجودة هناك، فطلب منا أحد الضباط الانتظار على الرصيف، وأثناء انتظارنا صلينا جماعة في الساحة، وبعد انتهائنا من الصلاة رأينا أفراد القوات قد لبسوا الخوذ على رؤوسهم، فتوجهت إلى أحدهم وقلت له إن الضابط طلب منا الانتظار واعتقدنا أنه سيسمح لنا بالمرور، وأثناء حديثي فاجأتني ضربة هراوة أصابتني من الخلف، فالتفت فوراً فتلقيت ضربة أخرى على كتفي، ثم انقض أفراد القوات الخاصة على الناس وحصل اشتباك بينهم.
وبعد أن هدأت الأوضاع نصبت القوات سياجاً حديدياً حول المكان، فأتى العميد يوسف المشاري، وهو أحد قادة الأمن، وجزاه الله خيراً، وأمر بانصراف القوات، وطلب من رئيس المجلس أحمد السعدون تهدئة الجمهور، وأعطاه مكبر الصوت الخاص بدورية الشرطة لإيصال صوته عالياً، وبدأ الناس ينصرفون.
ثم قلت للعميد المشاري: أسلوب الشريعان سليم في التعامل مع الحدث، إذ توجه مسبقاً إلى المخفر طالباً منهم التوقيع على أمر رسمي بإغلاق ديوانيته من قبل وزارة الداخلية، لكنهم رفضوا، وذلك يعني أن الديوانية لم يصدر ما يغلقها رسمياً، لذلك فإن ما جاءنا من القوات هو بمنزلة غدر.
بعدئذ قررت أن أثبت حالة الاعتداء علي حتى أحفظ حقي تحسباً لأي إجراء قضائي يتعلق بالحادثة، فآثرت تخطي المخفر والتوجه مباشرة إلى النيابة العامة، إذ كنت متيقناً أنني إنْ ذهبت إلى المخفر فسيماطل في القضية. فأحالتني النيابة العامة إلى الطب الشرعي، وتم إجراء أشعة وكتابة تقرير طبي لإثبات الإصابات.

ضرب على الرأس... ونزف... واعتقال

من ضمن المواطنين الذين اعتدت عليهم القوات الخاصة في الديوانية الخامسة عند النائب أحمد الشريعان في الجهراء، النائب السابق محمد الرشيد، وكان حينئذ في السبعين من عمره، ونائب مدير جامعة الكويت السابق د. أحمد بشارة، ورباح الرباح وعبدالمحسن الكليب وناصر الغانم ووائل العمر وجمال النيباري وعبدالهادي العجمي ومحمد القديري، ولربما كان هناك غيرهم، ولكن هذه هي الأسماء التي وُثِّقت على الأقل. وقد وصف النائب أحمد باقر في إحدى الديوانيات الإصابات التي تعرض لها المواطن رباح الرباح، إذ ضرب بشدة على رأسه ووجهه، وكان فمه ينزف دما ويده مجروحة، وعولج في المستشفى، ثم اقتيد إلى المخفر، وأمضى الليلة هناك بجراحه إلى اليوم التالي، عندئذ توجه نواب منهم مبارك الدويلة وعباس مناور وأخرجوه.

من أشعار ديوانيات الاثنين

هموم الوطن
الكل لاجل الوطن يجري نهر ... دمه
والحر لو يركبه ضيم سفح ... دمه
يحيا شباب الوطن جهراوي في ... دمه
كيف يا صحيح البدن ترضى لأهلك ... ربو
احنا أهل والأهل هم عيب يتحا ... ربو
كلما خطف محملك اشراعنا سا ... ربو
للموج لو يعترض يركس ويرم ... دمه
«غير معروف»

(يتبع)



الأسير الشهيد العميد يوسف المشاري في لقطة نادرة من ذلك اليوم وعلى يمينه أحمد الربعي وحمد الجوعان وعباس مناور وبدا عبدالله الرومي جالساً



لقطة للجماهير المتجمعة قرب دوار نادي الجهراء يلوحون براية النصر وبدا مبارك الدويلة وأحمد باقر أسفل الصورة



لقطة للقوات الخاصة التي حضرت بكثافة منذ ظهيرة ذلك اليوم
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دواوين الكويت عادل الفريحان المعلومات العامة 3 27-01-2014 07:47 AM
متحف الطريجي في الكويت ، الجريدة جون الكويت المعلومات العامة 12 09-12-2012 12:09 AM
من دواوين الحي الجبلي العثمان جبلة 12 06-03-2010 11:30 AM
دعوة عامة لحضور منتدى الاثنين حامد حمود المقهوي القسم العام 15 08-12-2009 09:45 AM
من ساحل الوطية الى سيف دسمان ..هذي دواوين العز على السيف نيشان AHMAD التاريـــخ الأدبي 0 22-10-2008 10:01 AM


الساعة الآن 03:02 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3, Copyright ©2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت