راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > المعلومات العامة
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-05-2012, 11:07 AM
رود
زائر
 
المشاركات: n/a
Exclamation الحناء.. صبغة الطبيعة للمرأة - الازمنه والامكنه

الأزمنة والأمكنة


الحناء.. صبغة الطبيعة للمرأة


2012/05/01 05:46 م


الحناء نوع جيد من أشهر أنواع الأصباغ الطبيعية التجميلية التي

تستعملها المرأة عندنا وعند غيرنا، فهو صالح لصبغة الشعر حيث

يعطيه اللون الأحمر أو الأشقر بحسب مدة وضعه على الرأس

وبين الشعر بعد عجنه جيدا. وهو صالح لصباغ الأكُفّ والأرجل

وله في ذلك فوائد كثيرة. والحناء أصلا وَرَق شجرة تسمَّى بهذا

الاسم، يؤخذ هذا الورق فيجفف تجفيفا جيدا ثم يجرى طحنه حتى

يكون ناعما. وهو في هذا الوقت يطحن بالماكينات، ولكنه في

الزمن القديم هنا في الكويت كان يطحن يدويا بواسطة الرحا

الحجرية التي تقوم ربة البيت باستعمالها لهذا الغرض في وقت

الحاجة إلى الحناء، وبخاصة قبل مناسبات الأعياد المختلفة.

وكما هي عادتنا حين نتحدث عن بعض الأعشاب فإننا نلجأ إلى

البحث في الكتب التي تتناول الحديث عنها، وقد حدث لنا أكثر من

مرة أن رجعنا إلى كتاب داود بن عمر الانطاكي المسمى: «تذكرة

أولي الألباب، والجامع للعجب العجاب» وكان اخر ما رجعنا إليه

فيه موضوع السدرة وقد أفادنا – يومذاك – بمعلومات كثيرة عنها

قدمناها ضمن مقالنا عن هذه الشجرة الطيبة. وهنا ونحن نتحدث

عن شجرة «الحناء» فإننا نعود إليه مرة أخرى. فقد كتب عنها

بمزيد من التفصيل فقال إنها نبت يزرع، ولا يعظم إلا بالماء

الغزير، وهنا يرتفع حتى يحاذي الشجر العالي الكبير، وقال إن

ورقة الحناء كورق شجرة الزيتون لكنها أعرض قليلا، وله زهر

أبيض يُسمَّى الفاغية. تخضب به الأيدي وليس في الخضابات أكثر

سريانا منه، وله فوائد كثيرة لا يسهل علينا هنا ذكرها كلها ولكنها

واردة في الكتاب المذكور عند الصفحة 134 من الجزء الأول.

وللحناء ذكر قديم، فهو معروف على عهد رسول الله صلى الله

عليه وسلم. ووردت فيه أحاديث كثيرة تدل على ذلك. جاء ذكره في

كتاب: «المنهج السَّوي، والمنهل الروي، في الطب النبوي» وهو

من تأليف جلال الدين السيوطي، فقد تناول فيه ما ورد من

الأحاديث الشريفة المتعلقة بأساليب العلاج النافعة في أيام الرسول

الكريم، وكان أصحابه الكرام يتلقون منه هذه الأساليب ويَتَتَبَّعون

ما يقوله لهم في هذا الخصوص.

ومن الأمور التي نود الإشارة إليها هنا أن الأدوية النبوية

المذكورة في هذا الكتاب لا تخرج عن الأغذية والأعشاب وكان

للحناء نصيب كبير من تلك الوصفات التي وردت إلينا عن رسول

الله صلى الله عليه وسلم من ذلك:

1 - «اختضبوا بالحناء فإنه يزيد في شبابكم..».

2 - «اختضبوا بالحناء فإنه يُطيِّب الريح، ويُسكن الدوخة».

3 - «عليكم بسيِّد الخضاب؛ الحناء؛ يطيِّب البشرة».

ولقد انطلق السيوطي في كتابه المذكور، متحدثا عن الحنَّاء

وفوائده، وما ورد عنه من آثار، وكان من أهم ما ذكره تلك

البيانات الكثيرة المتشعبة التي نقلها عن كتاب ابن القيم: «الطب

النبوي» وقد جاءت في صفحة كاملة من الكتاب يستطيع القارئ

الرجوع إليها في صـ285.

٭٭٭

لا يزال الحديث مستمرا عن الحناء، ففي أيامنا هذه نجد الكثير مما

قيل عنه، وإذا تتبع القارئ ما كتبه المؤلفون المحدثون عن

الأعشاب الطبية، وعن الأعشاب بصفة عامة فسوف يجد الكثير

من ذلك.

وقد اهتم كثيرون من الكتاب الذين يزودون الانترنت بما يكتبونه

بتزويد المواقع التي خصصوها للحديث عن هذه الشجرة المنتجة

للحناء، ولهم كتابات كثيرة عنها في أكثر من موقع، ولم يكتفوا

ببيان حال الشجرة ومواضع استنباتها، فتحدثوا عن فوائد الحناء،

وطرق استعمالاته، ومن ذلك قولهم:

- أصل الحناء نبات يستخرج من ورق شجرة الحناء، إذ تجمع

الأوراق ثم تجفف، وتطحن جيدا بعد التجفيف وبعد أن يُعجن مقدار

من الورق المطحون يتكون الحناء الذي تستعمله أغلب النساء

الشرقيات (الدول العربية، والهند وباكستان وإيران وأفغانستان

على سبيل المثال)، والقصد من استعماله هو الحصول على صبغة

للشعر، واستحداث نقوش جميلة على أيدي النساء.

- نجد في بعض المجتمعات اهتماما بالحناء عند البدء بحفلات

الزفاف، وفي يوم سابق عليه (يسمى يوم الحناء) يتم وضع هذه

الصبغة على يدي العروس وصديقاتها، وذلك وفق نقوش جميلة.

- تدخل الحناء في صناعة بعض منظفات الشعر (الشامبوهات).

- وليس هذا – فحسب – بل إن الأمر كما بينا سابقا يتعدى

استخدامات التجميل إلى استخدامات العلاج، وقد ذكر في أحد

المواقع أنه مفيد لعلاج الأمراض الجلدية، ويعالج بعض الأمراض

الباطنية، وهو مفيد – أيضا – لعلاج إصابات الأقدام.

- يقول أحد المواقع: يستعمل الحناء لعلاج الحروق حيث يتم وضع

مسحوقه على الجزء المحروق، وهذا يقلل من الألم، ومن كمية

الماء المفقود من منطقة الحرق، وهذا عامل مهم في حالة الحروق

الكبيرة التي يكون فقدان الماء بسببها من العوامل التي تهدد حياة

المصاب. فيلتصق المسحوق بالجزء المحروق، ويُكوِّن طبقة لا

تنفصل حتى يلتئم الموضع المصاب، وفي الوقت نفسه فإن ذلك

يكون عاملا مهما من عوامل تقليل الالتهاب الذي يهدد حياة

المصاب إذا لم يتم علاجه.

- لحقت ذلك تنبيهات كثيرة تساعد على منع الضرر عن المرأة التي

تستعمل الحناء، ففيها تحذير عن خلطه مع الخل، وعن خلطه كذلك

مع المواد البترولية. يضاف إلى ذلك تحذير آخر يُنبِّهُ إلى أن

استعمال الأكياس البلاستيكية بوضعها في الأيدي بعد صبغهما

بالحناء من أجل الحفاظ عليه حتى لا يزول أثناء النوم أمر لا

ينبغي أن تقوم به المرأة لأن له مضار جانبية كثيرة، والأفضل من

ذلك استعمال القماش بدلا من الأكياس البلاستيكية.

- ثم تأتي بعد ذلك الوصفات اللازمة أو الملائمة لوضع الحناء

وخلطه. وهذا الأمر يحتاج إلى شرح طويل، وخبرة كافية، علما

بأن ما يستعمل في الكويت هو الحناء غير المخلوط وذلك بشكل

عام.

وللحصول على الحنَّاء الصافي من الشوائب، والكامل شكلا

وموضوعا، فإن ذلك يبدأ من التقاط الأوراق من شجرته أو مما

تساقط منها. ثم تجفيفها وطحنها وتنقيتها في هذه المرحلة النهائية

وتحضيرها للاستعمال، وهي في هذه الحالة خضراء اللون ذات

رائحة زكية، ولكنها تتحول إلى اللون الأحمر إذا عجنت بالماء

ووضعت في الشعر أو في اليدين أو القدمين.

وقد أشار بعض الكتاب، كما وجدنا من تجارب الناس أن إضافة

مادة (الوسمة) تجعل آثار الحناء في الشعر وغيره تميل إلى

السواد.

٭٭٭

والآن فإن من المهم أن نرجع – قليلا – إلى الماضي لكي نرى ما

كان للحناء من أهمية. والحق أن هذه الأهمية تعود إلى موسم مهم

في حياة المجتمع وهو موسم العيدين.

كان استعمال الحناء شائعا جدا في الوقت الذي نتحدث عنه، وكان

له سوق كبير يبدأ عمله قبل العيدين بأيام قليلة. يقع هذا السوق في

ما كان يسمى «براحة بن بحر» وهي ساحة كانت تباع فيها

الفواكه والخضار بالجملة ولكن القائمين على بيع هذه المواد

ينسحبون في الوقت المناسب لكي يخلو المكان لهؤلاء الذين

ينتظرون الموسم حتي يستطيعوا بيع بضاعتهم.

تقع البراحة غربي سوق الخضرة المعروف، يطل عليها من

شماليها مسجد بن بحر. وفي الأيام التي أشرنا إليها تمتلئ بأعداد

كبيرة من الباعة يضعون أمامهم بضاعتهم من الحناء والوسمة

التي تسمى (السومار) وتوضع في نقوش جميلة على أيدي النساء

أو تخلط مع الحناء لتسويد لونه. وقد ذكر لي الأخ أبو عبدالله

صاحب محل العطارة الكبير الواقع بقرب سوق بن دعيج أن

الوسمة هي التي تعرف اليوم باسم: الكتم. وهو نبات يطحن كما

يطحن الحناء، ولكنه يُعطي لونا يميل إلى السواد.

وفي وقت العصر - بصفة خاصة - نجد هؤلاء الباعة وهم ينادون

على بضاعتهم بأصوات عالية جدا، وباستمرارية لا يتوقفون

خلالها حتى لالتقاط الأنفاس.

هم ينادون على الحناء وعلى الوسمة، وعلى ما يخلط مع الوسمة

ليسهل عجنها وتثبيت أثرها، وهذا هو النورة والنشادر، وهم

يصرخون قائلين: نورة حارة واشناذر جديد، وهذا الأخير هو

النشادر المعروف بالأمونيا. وفي هذا الوقت نرى النسوة يتدافعن

لشراء حاجتهن من هذه الأشياء المعدة لزينة العيد. وقد تبين لي

أن الوسمة تخلط مع النشادر والنورة، ثم تعجن بالماء، وعندما

تنقش الأيدي بالحناء يتم وضع هذه المادة على النقش فيتم بذلك

تحويل لون الحناء المنقوش إلى لون أسود.

هذا وتلجأ بعض النسوة اللاتي يصعب عليهن الشراء الى استعمال

مادة منزلية لا تكلفهن شيئا، وذلك لأنهن يقمن بحك الدخان

المتكثف على جدران مطابخ بيوتهن ويضعنه في صحن، لكي

يستعملنه استعمال الوسمة وهذه المادة المتحصلة من الجدران

السوداء هي ما كان يُسمى (الغما). وقد قام بسد حاجة بعض

النساء وهن يُحضرن أنفسهن لاستقبال العيد.

ومن المعروف أن اهتمام الكويتيات قديما بالحناء والسومار يزيد

في فترة عيد الأضحى أكثر مما هو قائم في عيد الفطر، لأن فترة

الصيام السابقة على هذا العيد لا تتيح الفرصة لهن من أجل إعداد

أنفسهن لهذه المناسبة، ولكن الاحتفاء بعيد الأضحى كان مهما،

وكن يقضين وقتاً كبيراً في الاستعداد له، وشراء ما يلزم من أمور

(حنائية).

ذكر الشعراء العرب قدماؤهم ومحدثوهم الحناء، ومنهم الشاعر

الجاهلي الكبير النابغة الذبياني الذي ذكر هذا النبات في قصيدة له

مشهورة وهي التي يقول في مطلعها:

أمن آل مية رائحٌ أو مغتّدي عجلان ذا زاد وغيرَ مُزوَّدِ

أزِفَ الترحُّلُ غير أن ركابنا لما تزل برحالنا وكأن قدِ

ولقد جاء في ديوانه الذي وصل إلينا برواية الأصمعي أن الشاعر

قال هذه القصيدة في (المتجردة) وهي زوجة الملك النعمان ابن

المنذر. وكان النابغة دخل إلى مجلس الملك فوجد عنده زوجته

التي أخذتها المفاجأة فسقط غطاء وجهها عنها، ولم تجد من حيلة

لستر حالها إلا أن تغطي وجهها بمعصمها، وفي هذا يقول واصفا

لها، وذاكرا الحالة التي كانت عليها عند دخوله إلى المجلس:

قامت تراءى بين سجفي كلةٍ كالشمس يوم طلوعها بالأسعُدِ

أو دُرَّةِ صدفية غوَّاصُها بَهِجٌ متى يرها يهل وَيَسْجُدِ

أو دمية من مرمر مرفوعة بُنيَتْ بآجُرٍّ يشاد وِقرمِدِ

نظرت إليك بحاجة لم تَقْضِها نَظَرَ السقيم إلى وجوه الُعوَّدِ

سقط النَّصِيفُ ولم تُرِدْ إسّقاطه فتناولته واتقتنا باليدِ

بمخضب رخص كأن بنانه عَنَمٌ يكاد من اللطافة يعقدُ

(تراءى: تبدو من وراء السجف، وهو الستر المشقوق الوسط.

وقد شبهها بالشمس، والأسعد هو برج الحمل أحد بروج هذا

الكوكب).

والأبيات جميلة، وهي- أيضا- سهلة على الرغم من أنها لشاعر

جاهلي عودنا على الصعب من القول، لقد رأى المتجردة وهي

كالشمس البازغة من خلال ستار، أو هي كالدرة التي ابتهج بها

غواصها وهلل لعثوره عليها، أو هي دمية منحوتة من مرمر،

وبنيت لها قاعدة من الآجر والقرميد. ولقد كانت نظرتها غير

مباشرة إلى الشاعر فقد أخذتها المفاجأة فكانت ترنو إليه كما يرنو

العليل إلى وجوه عُوَّاده. وفي هذه اللحظة سقط نصيفها فعجَّلتْ

برفع معصمها لكي تغطي وجهها حتى لا يراها أحد وكان كفها

مخضبا بالحنَّاء، له بنان مخضوب بالأحمر كأنه ثمر نبات يُنتج

العنم والعنم أحمر اللون، تُشَّبهُ به الأصابع المخضوبة، وهو لين

حتى ليكاد يعقد.

ورد البيت الأخير بقافية مرفوعة، وكان ينبغي أن تكون كغيرها

من قوافي الأبيات السابقة مخفوضة، وهذا وارد كثيرا في الشعر،

وقد روي الشطر الثاني برواية تصحح ذلك، وهي:

«عَنَمٌ على أشجاره لم يُعْقَدِ»

هذا بعض ما ذكر فيه النابغة الخضاب.

وفي عصر متأخر عن صاحبنا هذا، جاء قيس بن ذريح المسمَّى:

قيس لبنى. فقال:

تمتع بها ما ساعفتك ولا تكن عليك شجا في الحلق حين تبينُ

وإن هي أعطتك الليان فإنها لآخر من خِلانها ستلينُ

وإن حلفت لا ينقضُ النأى عهدَها فليس لمخضوب البنان يمينُ

ولئن كنا لم نتحدث عن سيرة النابغة الذبياني فذلك لأنه من الشهرة

بمكان مما لا يدعو إلى ذكر سيرته الذاتية ولا الحديث عن شعره،

وبخاصة وأن ديوانه قد حظي بعناية كبار رواة الشعر، وعظم قدره

بما ذاع منه من قصائد. وبتحقيق أحد كبار المحققين وهو الأستاذ

محمد أبو الفضل إبراهيم الذي عني به عناية كبرى، ونشره عن

دار المعارف بمصر.

ولكننا ينبغي أن نتحدث عن الشاعر الآخر وهو قيس بن ذريح

الذي أوردنا له الأبيات الثلاثة التي مرت، وهي أبيات ذكر في

آخرها الخضاب في نوع من التعريف بشيء من طباع المرأة قائلا

إن النساء ليس لهن يمين يعتمد عليه أو يُعتدُّ به، لكثرة ما يحلفن،

ولم يذكر المرأة صراحة فقال: «مخضوب البنان» وهذا القول

كناية عن المرأة التي اعتادت وضع الحنَّاء (الخضاب) في يديها.

وقيس بن ذريح من الشعراء المحببين له شهرة واسعة جلبتها له

أشعاره في لبنى، وكانت زوجة له، ولكنه طلقها بإلحاح من

والدته، وبعد الطلاق تاقت نفسه إليها واشتعل قلبه حُبًّا لها، فقال

فيها الكثير من القصائد وحاول رؤيتها دون أن يتمكن من ذلك وقد

دفعت تصرفاته هذه والدها إلى أن يشتكي عند الخليفة معاوية بن

أبي سفيان رضي الله عنه. ولقد بقي ابن ذريح على حاله يسيل

العبرات وراء من يحب دون طائل.

وممن أومأ إلى الحناء الشاعر المعروف قيس بن الملوح (مجنون

ليلى) إذ قال يصف صاحبته وهي ترمي حصى الجمار في موسم

الحج فيظهر بنانها المخضب بالحناء من بين بردها: فيقول:

ولم أر ليلى غير موقف ساعة

ببطن منى ترمي جمار المحصَّب

ويبدي الحصى منها إذا قذفت به

من البُرد أطراف البنان المخضب

(والخضاب: هو تغيير لون الشعر أو النقش على اليد والرجل

بواسطة الحناء أو الوسمة «الكتم»).

أما أبو الطيب المتنبي الشاعر العربي ذائع الصيت فله أبيات في

غاية الروعة أشار فيها إلى الخضاب، كان في فترة الشباب

وفتوَّته، له نشاط وعلى رأسه لمة شعر سوداء. وكان جانبا راسه

(فوداه) بشعر أسود هو فتنه للاتي ينظرن إليه. وهو في حد ذاته

فخر لمن هو مثله ولكنه يراه أمرا معيبا لأنه في قرارة نفسه يتمنى

خضابا أبيض يغطى هذا اللون الأسود فيخفي شبابه عن الأعين،

وهو يقول بعد أن كبر وصار الشيب في رأسه وفي فوديه منتشرا

إنني الآن لم أذمُّ الشيب بعد أن انجلى عني ذلك اللون الأسود:

مُنى كنَّ لي أن البياض خضابُ فيخفى بتبييض القرون شبابُ

لياليَ عند البيض فوداي فتنة وفخر، وذاك الفخر عنديَ عابُ

فكيف أذمُّ اليوم ما كنت اشتهي وأدعو بما أشكوه حين أجابُ

والقصيدة – كاملة – في ديوانه، وهي جميلة خصبة المعاني رائعة

الألفاظ.

وممن ذكر نقش الحناء في أكف النساء الشاعر السيد مساعد ابن

السيد عبدالله، وكان من شعراء الكويت الأوائل، له شعر غزير

ومطارحات مع أصحابه من الشعراء الذين عاصروه، وشعره

متنوع الأغراض، ذكر الرشيد في كتابه «تاريخ الكويت» بعضا

من شعره، وقال عنه: «يمتاز هذا الشاعر الفاضل على كثير من

إخوانه شعراء الكويت بالإرتجال والبديهة، وإجادته في الهجاء،

وبرقته في الغزل».

له في الكتاب المذكور قصيدة عنوانها: «تعليم البنين والبنات»

وفيها يتخيل نفسه متحدثا مع امرأة، يوحي لها بضرورة أن يتعلم

الفتى وتتعلم الفتاة، وفي آخر القصيدة تسأله عن حياة جنسها

وأخلاق النساء في زمنهم ذاك، وهنا يرد عليها قائلا:

فقلت لها معار فهن أضحت بنقش الكفِّ من لبس السِّوار

وتزجيج الحواجب واكتحال وصف الشَّعر أو سحب الإزار

ولا يسطعن تدبيراً لبيت ولا يُحسِنَّ تربية الصِّغار

يرى الشاعر أن نساء ذلك الوقت كان كل همهن في زينتهن التي

ذكر منها نقش الكف، وهو يقصد بذلك أنهن ينقشن أكُفَّهنَّ

بالحناء، وغير الاهتمام بالزينة فإنهن لا يُجدن تدبير المنزل ولا

رعاية الاطفال وتربيتهم.

وله – أيضاً – قصيدة ثانية تحدث فيها إلى نسوة جالسات في

منطقة برية يتنزهن في وقت الربيع وقد جلسن حوله وتحدثن إليه

حديثاً طويلاً ومنه:

وقد طِفن من حولي وَهُنَّ ضواحك ويرمينني بالغمز واللمز

والرمش

ويظهرن لي حُمرَ الأكُفِّ تغنجا لانظر طرز الرقش منهن والنقش

ومن الجليّ أنه يقصد بما جاء في صدر البيت الثاني أنهن وضعن

.الحنَّاء على أكُفهنّ حتى صارت هذه الأكفِّ حمراء تلفت النظر،

وتدل على اهتمامهن بابراز زينتهن وحرصهن على أن يبدين

جمالَهنَّ له مما جعله يقول:

فأبصرتُ شيئاً خامر العقل والنُّهى به قد هوى قلبي إلى هوة

الدَّهش

وهكذا نرى شاعرنا وقد ألمح إلى (الحناء) في موضعين من

شعره، وكان الحناء في أيدي النساء منتشراً آنذاك.

وغنَّى الفنان محمود الكويتي لإذاعة دولة الكويت قبل خمس

وعشرين سنة أغنية جميلة على لحن (النّقّازي) وقد شاعت كثيرا

وغنتها الفرق الفنية الكويتية قبل أن يصدح بها هذا الفنان وبعد

ذلك.

الأغنية لمؤلف غير معروف، وملحن غير معروف كذلك، يتحدث

الشاعر عن نجم سهيل الذي يطلع من الجنوب، ويأتي ببرد خفيف

لا يضر، ثم يقول إنه يحب الطيِّب من الناس حتى لو كان بعيدا

منه. ويصف مشية الحبيب (خِلِّي) وهو يسير لابسا المداس، وقد

صبغ رجله بالحناء:

برده يجي نسناس يا سهيل يا الجنوبي برده يجي نسناس

لو من بعيد الناس قلبي يحب الطيِّب لو من بعيد الناس

بالحنا والمداس يا زين مشية خِلِّي بالحنَّه والمداس

(نسناس: يهب هبات خفيفة غير متسارعة، المداس: نعال تلبسها

المرأة قديما).

وانتشر ذكر الحناء في الثقافة الشعبية العربية فذكر في الكويت

وفي غيرها. جاء ذكره في الشعر الغنائي وفي الأمثال وفي ألعاب

الأطفال.

ففي الشعر الغنائي نجد هذه الأغنية المشهورة القديمة وقد رددها

المغنون على ألحان مختلفة ومطلعها:

يا بن سالم ترى قلبي عليكم هزيل

والسبب صاحبي زعْلٍ ولا ارضيت اناه

ومنا قول الشاعر:

صاحبي غصن موز والهوى به يميل

ليت من هُوْ لغصن الموز يقطف جناه

صاحبي ينقش الحنه بكفٍّ جميل

مثل نقش المطوِّع بالقلم والدواه

ثم هذه أغنية سامرية أخرى لحنها قديم والشعر الذي جرى غناؤه

فيها قديم، وهو الآخر مجهول الشاعر:

حمام يا اللي في البساتين يلعي بْطربْ والهم ما جاه

هُوْ مْوَلِّعِكْ تل الرمامين أو معجبك خضَّاب حِنَّاه
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-05-2012, 11:23 AM
رود
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

ومن ألعاب الأطفال لعبة كان الصغار يلعبونها وهي تؤدَّى حتى

اليوم في بعض الاحتفالات دون أن يُذكر اسمها. نجد شرح

طريقتها، وتصوير أدائها في كتابين تناول مؤلفاهما فيهما هذا

الموضوع وهما الكتابان هما اللذان أصدرهما كل من الأستاذ سيف

مرزوق الشملان، والأستاذ الفنان أيوب حسين تحت عنوان:

الألعاب الشعبية الكويتية. وهي لعبة طرباش لوماش التي كانت

تلعب في الماضي في «الفرجان» و«البرايح» ويقوم بها ولدان أو

بنتان وهي أقرب ما تكون إلى النشاط الرياضي في ذلك الوقت

الذي كانت هذه اللعبة تُؤدَّى به، أما الآن فتأتي ضمن المظاهر

الاحتفالية.

هذا في الكويت أما في خارجها من بلدان العرب، فقد وجدنا

الاهتمام بذكر« الحناء» كبيرا في مصر على سبيل المثال، وقد

وردت حوله أعداد كثيرة من الأغاني منها تلك الأغنية التي كنا

نستمع إليها قديما، وهي:

كفُّهْ مْحنَّى كفو مْحنَّى حتى شفايفه بْلون الحنه

وهذه الأغنية مما شدا به الفنان المصري كارم محمود.

٭٭٭

هذا حديث عن «الحناء» واستعمالاته في الكويت وفي خارجها.

وما ورد عنه في الماضي والحاضر أردت أن أُذَكِّر به كما جرت

العادة في مقالات «الأزمنة والأمكنة»، لأن كثيرا من الأمور تُنسى

مع مضي الزمن ولا تعود إلى الذاكرة إلا بإعادة القول عنها. ولذا

فإنني أرى موضوع «الحناء» على بساطته موضوعا جديرا

بالاهتمام ينبغي ان نذكره ونُذَكِّر أبناء وطننا به، فهو وإن كان من

الأصباغ المستعملة حاليا فهو من حيث قدمه ومروره على فترات

مهمة من فترات حياتنا لا يجب أن نغلق الباب دونه، بل يجب أن

يكون كغيره من مسائل التراث أمام أعيننا فالتراث جزء من

التاريخ كما يعلم الجميع.


============



ملحاق خير:

لما كان وضع الحناء على كف المرأة وبنانها من أمور الزينة التي

تحرص عليها النساء دائما، فإنَّ القدماء من العرب ما كانوا

يضعون الحناء في حالات منها كون الزوج مسافراً، إذ إنهم يرون

أن المرأة لا يجوز أن تتجمل في غياب زوجها لسببين أولهما حتى

لا يطمع بها طامع فيتعرض لها بسوء، يدفعه إلى القيام به مايراه

من تجملها في غياب زوجها. والسبب الثاني أن التجمل علامة من

علامات الفرح والسرور، ومادام الزوج مسافراً فإنها ينبغي أن

تبتعد عن كل مايجلب السرور أو ما يدل عليه حتى يعود الزوج من

سفره.

ولقد ورد في الشعر القديم ما يدل على ذلك فقد تألم أحد الشعراء

حين عاد من سفره فوجد بنان زوجته أحمر اللون بسبب الحناء.

فأنشد:

فقلت خضبت الكف بعد فراقنا فقالت معاذ الله ذلك ما جَرَى

ولكنني لما رأيتك راحلاً بكيت دماً حتى بللت به الثرى

مسحت بأطراف البنان مدامعي فصار خضابا بالأكفًّ كما ترى

وهكذا تخلصت هذه المرأة من عتاب زوجها بأسلوب جعله يتقبل ما

قامت به من استعمال الخضاب في غيابه.

ويقول شاعر آخر ذكروا أنه يزيد بن معاوية في موضوع مشابه،

وقد ضمَّن قوله هذا في قصيدة بلغت ستة عشر بيتا، وهذا هو ما

يخصنا من قوله:

ولما تلاقينا وجدت بنانها مُخضَّبة تحكي عصارة عَنْدَم

فقلت خضبت الكف بعدي أهكذا يكون جزاء المستهام المتَتَّيم

فقالت، وأبدتْ في الحشا حٌرَق الجوى مقالة من بالقول لم يتبرَّمَ

وعيشك ماهذا خضاباً عرفتُهُ فلا تلك بالبهتان والزور مُتْهمي

ثم راحت تتعلل بما تعللت به المرأة الأولى التي جاء حديثها في

البداية فقالت:

بكيتُ دماً يوم النوى فمسحتُهُ

بكفَْي، وهذا الأثْر من ذلك الدم

(الشعر في ديوانه ص 63، طبعة صادر، بيروت)

ومن أجمل ماقاله المتنبي في المقارنة بين الحسن الذي يراه في

الحواضر، والآخر الذي يراه في البادية، وهو يفضل الأخير على

الأول لأسباب ذكرها في أبياته التي سوف نوردها هنا، وسوف

نعجب لختامه الذي يقول فيه إنه لا يهوي إلا من كانت غير

مموهة، فهى على طبيعتها التي خلقها الله سبحانه عليها، ولأنه

كذلك فقد ترك شيبه ولم يقم بخضابه حتى لا يخالف الطبيعة:

حسن الخضارة مجلوب بتَطْرية وفي البداوة حسنٌ غير مَجْلُوب

أفدي ظباءَ فلاة ما عرفن بها مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب

ومن هوى كل من ليست مُمَوَّهةَ تركت لون مشيبي غير مَخْضُوب

وقال شاعر آخر بضعة أبيات عن الحنَّاء نذكر منها آخر بيت قاله

لنختم به هذا الملحاق، يقول:

يذوب القلب للحنَّا اشتياقا لغِيدِ صاغها الحِنَّا وَعَطَّرْ







المصدر جريدة الوطن



بقلم الدكتور :- يعقوب يوسف الغنيم
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-05-2012, 08:20 PM
عبدالله بن علي السعيد عبدالله بن علي السعيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
الدولة: السعودية
المشاركات: 12
إرسال رسالة عبر MSN إلى عبدالله بن علي السعيد
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

بوركت جهودك ووفقك الله
__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-05-2012, 06:09 AM
كويتي من نجد كويتي من نجد غير متواجد حالياً
موقوف نهائيا
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
المشاركات: 67
افتراضي


الحنا مفيد جدا للشعر

ويخفف الصداع ويريح الاعصاب

وينشر السعادة والبهجة وريحته حلوة

وممكن زراعته في الكويت بكل سهولة
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الحوال IE المرقاب 17 31-08-2015 03:37 AM
بيان الحكومة المؤقتة ببدء الدوام الرسمي 1990/8/7م bo3azeez الصور والأفلام الوثائقية التاريخية 0 17-03-2011 10:34 AM


الساعة الآن 07:22 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت