راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > المعلومات العامة
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-06-2009, 12:56 AM
الصورة الرمزية Sulaiman
Sulaiman Sulaiman غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 28
افتراضي قصة الحاج عبدالله وليمسون المسلماني



كان وليم وليمسون- الرجل البريطاني – والمعروف أيضا بالحاج عبد الله المسلماني ، ملاكما محترفا ومنقبا عن الذهب في البراري البدائية الأمريكية وتاجرا متنقلا في البحار الجنوبية ومعتنقا الدين الإسلامي ورائد في حقل صناعة النفط وخبيرا ولامعا في عادات قبائل البدو الرحل ، وكان أول أجنبي تطأ قدماه شبه الجزيرة العربية مستوطنا.

ولد من أبوين بريطانيين وتم تعميده باسم وليم ريتشارد وليمسون في مدينة بريستول، غرب بريطانيا عام 1872 وكان منذ طفولته ولد ثري أهم هواياته تسلق الأشجار وقراءة الكتب وهرب في مناسبتين قبل بلوغه سن الثانية عشر من بيت والديه . فقرر والده لدى بلوغه سن الثالثة عشر عملا بنصيحة أخيه لإرساله إلى الحياة البحرية ليختبر صعوبة الحياة ولو لمدة قصيرة ليعود ويستقر بعدها على اليابسة .

وعليه وجد وليم نفسه مقلعا من ميناء بريستول على ظهر المركب أفوندريا ذات الأربعة سواري عام 1885 وبينما كان يتأمل الأفق خلال ابتعاد المركب عن الشاطئ لم يخطر بباله انه لن يرى عائلته أبدا أو يعود إلى انجلترا أو يعيش ثلثي عمره بين العرب بل كل ما كان يفكر فيه هو الشعور المثير بأنه على ظهر مركب متجه إلى استراليا .

وجد نفسه اصغر أفراد الطاقم سنا وان رحلته ستكون محنة وتجربة صعبة جدا ليس بسبب الحياة البحرية التقليدية الصعبة ولكن بسبب تعليمات والده للنوخذة( ربان السفينة ) بأن يكون صارما في معاملته وعليه عندما تخاذل في العمل لأول مرة ربطه النوخذة على أعلى ساري خلا إعصار بحرية شديدة ومن خلال تلاحق العقوبات تركز تفكيره على نسج خطة للفرار. وهكذا سنحت له الفرصة عندما حط المركب في ميناء سان دياغو على ساحل كاليفورنيا للتزود بالمؤن وفر شاعرا" بلذة الحرية بالرغم من المستقبل المجهول في غرب أميركا حيث كانت لا تزال غير متطورة .

واتجه وليمسون مشيا على الأقدام نحو شمال سان دياغو مستعينا على مصاريفه من أجور عمله في تقليم خشب الأشجار ولدى وصوله سان فرانسيسكو التحق ببعض أقاربه في مزرعة كبيرة واستقر معهم وتدجين الخيول الشرسة . وكان ذلك في أواسط 1880 أي قبل 20عاما من أن تصبح كاليفورنيا مقر وليمسون هدف الألوف من الساعين وراء الأصفر الرنان . وأصبحت هذه الحملة المحمومة للتنقيب عن الذهب التي إنتشر سيطها في جميع أرجاء المعمورة من أساطير الأولين . أكتشف وليمسون أن العمل في هذا المجال يوفر له أمكانيات مثيرة أفضل من حياة راعي بقر ( كاوبوي ) وهكذا اتجه برفقة زميلين نحو العمل في التنقيب عن الذهب وبالرغم من أن فرص النجاح كانت عسيرة جدا إلا أنهم تمكنوا من الحصول على امتياز لمنجم ذهب باعوه أخيرا بربح لا بأس به . وهكذا غادر وليمسون وفي جيبه مائتي دولار وزميليه واتجهوا نحو اكتشاف براري غرب أمريكا متجولون لعدة شهور على صهوة جيادهم .




وأخبرا وصل وليمسون نيويورك حيث كان الحديث في أواسط جميع المجتمعات مركزا على مشروع فتح قناة بنما. وعلم بوفرة العمل في هذه المنطقة برواتب وأجور مغرية فاتجه إلى منطقة بنما وعمل مشرفا على العمال واستمر في العمل حتى تفشى مرض الملاريا مما اجبره وبعض أصدقائه على مغادرة المنطقة متجها إلى كاليفورنبا حيث عملوا في حقل جمع الفواكه . وقرروا لدى انتهاء الموسم تأليف فرقة مسرحية متنقلة بين المستعمرات لعرض ألعاب السحر والشجاعة وكان دور وليمسون الملاكمة ونجح نجاحا باهرا في هذه الرياضة حتى إن المشاهدين لقبوه " بقنبلة بريستول " .
كان عمر وليمسون حوالي 19 عاما عندما هوجم في حي شاينا تادن بسان فرانسيسكو ولدى استعادة وعيه وجد نفسه على ظهر مركب صيد الحيتان في أعالي البحار متجها نحو أوفيانوس القطب الشمالي وفي محاولة للتكيف مع الوضع الجديد أظهر تفانيا في العمل مما حدا بالربان أن يأمر بترقيته ولدى عودته الى سان فرانسيسكو أكتسب شهرة واسعة مما تهيا له الانتقال للعمل في جزر كارولينا حيث عين مسئولا عن محطة المبيعات وكان سكان جميع الجزر اسبان وعندما ثار الاسبانيون وأوقعوا اللوم على وليمسون فاعتقل ونقل الى السجن في مانيلا ولكن حسن الحظ وشجاعة القنصل الأمريكي أنقذاه من هذه الورطة علما بان القنصل البريطاني رفض التدخل وبعد هروبه بمساعدة القنصل الأمريكي الذي أسلم فيما بعد ، أبحر وليمسون الى هونغ كونغ ومنها الى بومباي ومن ثم الى جنوب الجزيرة العربية وهناك بواسطة مسعى والده عين شرطيا في عدن .

وجد نفسه بعد التجوال غير الهادف طيلة السنوات الماضية ولأول مرة أن بإمكانه أخيرا الاستقرار ومنذ ان وطأت قدميه اليابسة في عدن انتابه شعور الألفة والتقارب مع العرب وخاصة من ناحية الدين وكان وهو على ظهر المركب في طريقه من بومباي الى بلاد العرب قد قرأ صدفة ولعدة مرات كتابا عن الدين الإسلامي ألفه شخص يدعى كوبليم كان قد أعتنق الدين الإسلامي الحنيف فتمكن بعد ذلك رؤية الحياة اليومية في المجتمع الاسلامي بوضوح ويفهم ويسمع المؤذن ينادي المؤمنين الى الصلاة ويراقب ايداءها مما أعطته الرغبة الكبرى والأكيدة لاعتناق الدين الإسلامي .

وكان معلمه ومرشده الأول ومترجمه صديقه الصومالي " حسن علي " الذي أعد له مراسيم أعتناق الدين الإسلامي . ففي صباح احد الايام من عام 1892 امتطى الرجلان دوابهما واتجها نحو ولاية لحج القريبة من عدن وحلا ضيوفا على السلطان " الفضل بن علي " وفي اليوم التالي وبحضور أولاد السلطان والقاضي الشرعي أعتنق وليمسون الدين الإسلامي ناطقا الشهادتين وله من العمر 20 عاما". وأصبح معروفا بعبد الله فاضل وليمسون ولم يندم ابدا على فعله هذا واستمر طيلة حياته ممارسا الدين الإسلامي دون مغادرة الأراضي الإسلامية .أما الجالية البريطانية في عدن فقد أصابها الهلع من تصرفاته وتساءلوا عن خطوته التالية والمشاكل التي قد يثيرها ولذلك قرروا الا يترك الشرطة فحسب وعليه أن يترك عدن ايضا.وعليه عندما حاول وليمسون تقديم استقالته قيل له يجب ان تستوفي هذه الإجراءات في بومباي . أذعن للأمر الواقع وغادر الى بومباي حيث قدم استقالته وباشر في إعداد رحلة العودة ولكن تدخل البريطانيون مرة اخرى ضيقوا عليه الخناق واخفق في الحصول على مكان في المراكب المتجهة نحو بلاد العرب تحت شتى الأعذار فلم يجد بدا سوى السفر بصورة سرية وباسم مستعار .

وبحكم صداقته مع كثير من التجار العرب في بومباي أكثرهم تجار خيول من البصرة والكويت تعرف على الشيخ " يوسف الابراهيم " من اقرب أصدقاء أمير الكويت الشيخ " محمد الصباح " وخليفته الشيخ " مبارك الصباح " ، تمكن وليمسون الذي بدا عربيا بكل معنى الكلمة بلباسه العربي ولحيته السوداء وبشرته البرونزية وبمساعدة الشيخ " يوسف الإبراهيم " السفر على ظهر المركب التجاري بانكورة المتجهة الى البصرة مع انه كان من الصعب تفادي المراقبة البريطانية حتى أنه سرعان ما وصلت وشاية الى السلطات البريطانية تفيد بان العربي المسافر على ظهر مركب بانكورة ليس إلا وليمسون وفورا توجهت فرقة من الرسميين لكشف هويته واخبروه بأوامر رسمية مفادها عدم ترك المركب إلا لدى عودتها الى بومباي .

تذكر وليمسون في السنوات اللاحقة قول الشيخ " يوسف الابراهيم" : (( ياعبد الله إنك بين يدي الله القدير الرحيم ، فلماذا لا تذهب الى البصرة ؟ ولماذا لا تأتي معي الى الكويت ؟ إنك من ديننا ولن تخالف التقاليد خلال ضيافتي )) .

لبى وليمسون الدعوة ولدى وصول البانكورة في طريق عودتها الى بومباي بمحاذاة شاطئ الفنطاس فر وليمسون من المركب متخفيا بلباس سائس خيل وتمكن من اخذ خط راحة في الكويت إذ أصبح غير ملاحق لأن الاتفاق بين البريطانيين وإمارة الكويت لم يتم بعد ولذلك لن يستطيعوا طلب تسليم بريطاني خاصة وأنه ضيف الشيخ يوسف تحت حماية حاكم الكويت .

صحيح ان الكثيرين من البريطانيين مروا وتعرفوا على الكويت ولكن وليمسون استقر بصفة مواطن واعترافا بهذا الجميل أحب وليمسون هذا البلد حبا جما وكانت البهجة تغمره عندما يتجول مكتشفا أسواق الكويت مشاركا جلسات المقاهي وديوانيات تجار اللؤلؤ هذا بالإضافة الى مواظبته المستمرة على دراسة وقراءة اللغة العربية والقرآن الكريم يوميا كما اكتشف المدن المجاورة متنقلا شمالا الى الزبير مما ادى الى زيادة اهتمامه بالعرب والصحراء .

كما استمتع بالحرية والمغامرات والحياة الصارمة في غرب أمريكا استمتع بنفس التجارب في شبه الجزيرة العربية بالإضافة الى ميزة اكتساب الخبرة في أمور كانت غريبة عليه. ففي غرب امريكا وجد ان بعض المناطق المأهولة يعيش السكان في مجتمعات ليس لها تراث وتقاليد فازدادت أعمال قطع الطرق وتناول الكحول والمسكرات مما تعطي انطباعات فوضى واستهتار في أجهزة الحكم بينما وجد عكس الحال في بلاد العرب . صحيح أنه كانت تقع اعمال غزو بين القبائل لكن ذلك كان يخضع لقوانين وتقاليد وعرف بين القبائل التي تتركز على مفاهيم التوقيت و شهامة العروبة والشرق .
أصبح وليمسون بعد معاشرته لإتباع الشيخ يوسف الابراهيم ومشاركتهم في صعوبات الحياة اليومية اصبح من المعجبين في عادات وتقاليد قبائل البدو وعكف على دراسة هذه العادات والتقاليد ولهجاتهم .
كانت رغبة وليمسون الأكيدة منذ اعتناقه الدين الإسلامي ايداء فريضة الحج في مكة المكرمة ولدى بلوغه سن ال 24 من عمره اغتنم هذه الفرصة وتوجه بحماس إنسان معتنق الدين حديثا الى مكة وانضم الى حملة قوامها ثلاثة الاف حاج بلباس البدو ومزودا بالخيام اللازمة وسبعة جمال محملة بالاعتدة والمؤن الضرورية ومما هو جدير بالإشارة اليه كون هذه الحملة كانت آخر حملة تجمع مثل هذا العدد الهائل من الحجاج قبل استحداث مواصلات السكك الحديدية والسيارة . أعطت هذه الحملة وليمسون انطباع واقعي عن قوافل مشابهة قبل ألف سنة .

قاد الحملة عربيا ، ممتطيا جملا أبيض حاملا بيرق الإيمان مزخرفا باللون الأخضر وفي وسطه شعر مع نجمة وهلالين بيضاوين وقد طرز بشهادة (( لا إله إلا الله محمد رسول الله )) فوقه سارية طولها عشرة أقدام تنتهي بكرة فضية بحجم جوزة الهند ، أما في الليل فيطوى العلم ويعلق مكانه مصباح مضاء يتدلى منه خطاف متصل بالكرة الفضية ، وسار خلفه أمير الحج والشيوخ ورؤساء الحملات المشتركة وكبار القوم يتبعهم قافلة خيول وجمال الحجاج طولها حوالي ثلاثة أميال وقد قطع الحجاج مسافة 800 ميل سيرا على الأقدام ليحققوا أمنيتهم في أداء فريضة الحج في كعبة مكة المكرمة .
لم ينس وليمسون طيلة حياته هذه الرحلة الرائعة وخاصة كرم و حسن ضيافة " محمد عبد الله الرشيد " من جبل شمر ( بلدة حائل ) والذي كان في ذلك الوقت في ذروة حكمه للجزيرة العربية إذ أكرم قافلة الحجاج لدى وصولها بوليمة غداء تضم الثلاثة آلاف حاج .

اشترك وليمسون لدى وصول القافلة الى مكة في جميع مراسيم فريضة الحج من غسل الكعبة الشريفة الى الطواف والسعي والوقوف في جبل عرفات والأضحية .ومن الجدير ان وليمسون كان اول غربي يؤدي مراسيم فريضة الحج علنيا وجهارة وإخلاص وكانت بالنسبة له خبرة لا تضاهى مما جعلته يعيد الكرة عامي 1898 و 1936 ومنذ اداء فريضة الحج أكتسب لقب الحاج عبد الله .
استمر الحاج وليمسون العيش في الصحراء بين القبائل منذ مطلع القرن الحالي وكان ملم باللغة العربية بطلاقة ويملك جوادا عربيا أصيلا وجميلا وثلاثة جمال وصقرا وعبدا نوبيا ز كما انه اصبح خبيرا في الجياد العربية وعمل بالتجارة كمصدر رزق يشتري الجياد من سوريا والعراق وبلاد الفرس ويبيع معظمها للجيوش البريطانية في الهند . وصل في إحدى رحلاته الى بلوشستان عبر بلاد الفرس ومنها الى ممر خيبر ومن ثم الى افغانستان كما انتقل خلال رحلة اخرى الى عمان وضفار ثم حضرموت فصنعاء ونجران والحجاز الى ان استقر المكان به في القدس الشريف مما وضعه في أعلى لائحة المكتشفين للجزيرة العربية. ولاشك ان وليمسون واجه مغامرات صعبة وخطيرة خلال تجواله الذي امتد أقصى اراضي بلاد العرب ففي إحدى الرحلات التجارية وجدت القافلة نفسها وجها لوجه مع شرذمة من البدو الطريدة فقام بتنظيم جبهة دفاع ونجح في رد المعتدين على اعقابهم .
هذا وبعد مضي عدة سنوات عرض الشيخ المتفق في العراق على وليمسون السلطة الكاملة لمكافحة مرض الكوليرا الذي تفشى بين افراد قبيلته فعزم على مقاومة الرغبة لمغادرة القبيلة وقبول تحدي هذه المهمة .




وبالتالي شرع في ممارسة سلطته في مكافحة المرض وامر أفراد القبيلة بالمحافظة على حياة نظامية تختلف عن حياة البدو التقليدية وذلك لفرض حصر هذا الوباء وإزالته وبالرغم من نجاحه إلا ان الثمن كان بالتقاطه الوباء لكن سرعان ما شفي منه .

هذا وان مدى قبول العرب للحاج وليمسون كواحد منهم ظهر بوضوح من عرض الشيخ حسين شيخ قبيلة ظفير للزواج إحدى كريماته لإعجابه بشجاعة الحاج وليمسون وجرأته في القتال في صفوف رجاله خلال الغزوات واستيلائه على بعرين . اعتذر عن قبول العرض خلال جلسة عربية حول النار قائلا : (( يا شيخ العرب شكرا على هذه الثقة والمحبة ولكن ألا ترى أن رحلة صيد أفضل من جميع النساء )) . مع ان وليمسون تزوج فيما بعد عدة نساء عربيات آخرهن الثالثة وتدعى " سارة " من قبيلة السعدون وقد خلف منهن أحفادا من بينهم من هو لايزال حيا يرزق في العراق وواحدا في الكويت .

وقد تلاشت المعارضة ضد ولاية الشيخ مبارك الصباح على إمارة الكويت بعد وفاة صديق وليمسون الشيخ يوسف الابراهيم عام 1908 مما أفسح المجال أمامه للعودة الى الكويت واشترى قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى بيتا بالقرب من بوابة الجهراء وخلال هذا الاستقرار المؤقت عاوده حنين ايام الشباب ورغبة العودة الى البحار والعمل في الغوص على اللؤلؤ فقد باع قاربه ( البغلة) واستأجر ظوا" حمولته 30 طنا واسماه ((فتاح الخير )) يمخر به عباب الخليج العربي .وبتشجيع من قبل تاجر اللؤلؤ الشهير هلال المطيري تحول وليمسون ومساعده مصطفى الى صناعة صيد الؤلؤ وتتناقل الشائعات أنهما عملا على تهريب الأسلحة .

أجبرت اندلاع الحرب العالمية الاولى الحاج وليمسون على العودة الى العراق فبدلا أن تعتقله السلطات البريطانية رحبت به وأكرمته لاحتياجها الى معلوماته وخبراته الواسعة وعينته عميلا سريا" ضد الأتراك.

وكان وليمسون ملتزما الصمت حول أيام الحرب لكن السيدة فيوليت ديكسون صديقة العرب وزوجة المستعرب الكولونيل ديكسون أشارت الى حكاية نادرة عن مغامرات الحاج وليمسون خلال الحرب قائلة : ((أخبرني الحاج وليمسون أنه عاد الى بغداد خلال الحرب العالمية الأولى ليجد الكثير من المتسكعين على ضفتي أرصفة مركب نهر دجلة فشعرت أن دوري يقترب لأصبح مثلهم ففي إحدى الأمسيات تمكنت متنكرا بزي الخدم دخول حفلة القائد التركي واستطعت من خلال الحديث الذي دار في الحفلة من جمع معلومات مهمة والخروج دون أن ينتبه لي أحد )) .

عين بعد الحرب مفتشا وكالات الخليج لشركة النفط الايرانية البريطانية ومن خلال هذا المركز الجديد تمكن من الاشتراك في أول مرفق للنفط في الخليج وساعدته شهرته ومعرفته لحكام الجزيرة وشعوبها واتسع تجواله في المنطقة كدليل ومستشار للجيولوجيين العاملين في عمليات التنقيب عن النفط .
وكان عمل الحاج وليمسون خلال خدمته مع شركة الزيت الايرانية الانكليزية بين 1924 و 1937 لقيادة تلك البعثات وإنشاء الوكالات على جانبي الخليج العربي وتفقدها والاشراف على بناء مستودعات الزيت الصغيرة. وكانت درايته بالسواحل تساعده في انتخاب الأمكنة ومسحها وإعدادها لتصبح مهابط طائرات تستخدم في الأحوال الطارئة قبيل إنشاء الطريق الجوي المنتظم الى الهند . كما عمل دليلا ومترجما للقمندور ب.و.جالبن ، من شركة الخطوط الجوية الامبراطورية (من كبار موظفي شركة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار BOAC ) والذي كان يرغب في مسح خلجان صغيرة على ساحل عمان لتكون قواعد في الحالات الطارئة للطائرات المائية العاملة على طريق الهند .
وتحطم مركبه في أحدى جولاته على إحدى جزر الخليج غير المأهولة لكن بحنكته وحسن التدبير وخبرته في إيجاد الطعام عن طريق صيد السمك بصورة بدائية تمكن من البقاء على قيد الحياة .
هذا وعمل الحاج وليمسون بين عام 1922 – 1937 كمساعد ومترجم لأرشي تشسهولم في شركة النفط الإيرانية – الإنكليزية بالكويت خلال مرحلة المفاوضات للحصول على امتياز التنقيب عن النفط. ولنجاحه في مرحلة التفاوض هذه الصعبة اكتسب وليمسون شهرة عالمية وشخصية رئيسية لعبت دورا هاما في تطوير المنطقة ودخولها عصر الذهب الأسود .

تقاعد أخيرا واستقر به المطاف في بستانه الكبير الذي اشتراه في كوت الحجاج بالقرب من البصرة. وأصبحت هوايته في هذا السن المتقدم ولحيته البيضاء السير على الأقدام في أزقة القرية المغبرة لكنه كان وقورا يكن له الجميع كل احترام ومحبة لإنجازاته ومغامراته خاصة أنه مسلم تقي ومخلص وبالرغم من هذه الشهرة كان يفضل الحياة الهادئة مع أولاده وأحفاده وانحصر نشاطه في السنوات الأخيرة من عمره في الزراعة والعناية بشجيرات البرتقال والبلح واستقبال العديد من زواره العرب .

هذه لمحة عن حياة ذلك الولد الإنكليزي الذي تحدى السلطات على ظهر المركب البريستولي ذي الصواري الثلاث والذي رعى البقر صغيرا في مزارع كاليفورنيا ، المغامر الذي راح يبحث عن الذهب في أراضي نيفادا، المتجول في الأصقاع الأمريكية يغني ويمثل ، العامل في شق قناة بنما ، البحار الذي خدروه فخطفوه ليعمل قهرا في سفينة لصيد الحيتان في منطقة القطب الشمالي ، التاجر في البحار الجنوبية ، أسير الأسبان في مانيلا . الشرطي المتدين في سلك البوليس العدني ، المحارب البدوي ، وتاجر الجمال والخيول ، وربان الظو ، ومهرب الأسلحة ، وصياد اللؤلؤ ، والعامل في استخبارات الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى ، والوكيل المحلي ، والموظف لدى شركة زيت عالمية .
كثيرون من العرب الذين عرفوا الحاج المسن تمام المعرفة إبان تقاعده يجهلون الكثير من تألق أيام مغامراته الأولى وإشراقها. وفي الوقت الذي نرى فيه مآثر الحاج عبد الله فاضل الزبير يرددها أفراد القبائل في الصحراء حول نيران المواقد ، نجد ان ما يعرفه الحضر أو البدو عن ويليام رتشارد وليمسون قليل نسبيا ، هذا الرجل الذي أدار ظهره لما يدعوه الناس بالحضارة ليصبح حرا طليقا يجوب البحار ويسكن القفار .

أما نجاته من الأخطار التي لو توزعها مئة رجل لزادت عن قدرتهم ، فتبدو في نظر بعض الناس امرا تكتنفه الأسرار وتحيط به العجائب ، بينما الأمر بالنسبة للحاج وليمسون لا يتعدى كونه إرادة الله الذي لا راد لإرادته . ولكن مهما يكن من أمر فإن أحدا لا يستطيع أن ينكر الحاج وليمسون بسالته وأقدامه وشجاعته التي كانت ولا تزال مضرب الأمثال .

توفي الحاج عبد الله وليمسون ذو الشهرة في جميع أنحاء الجزيرة العربية عام 1958 وله ثلاثة أبناء عبد المطلب وأحمد ومحمد.



الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	1.JPG‏
المشاهدات:	15431
الحجـــم:	18.1 كيلوبايت
الرقم:	131   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	2.JPG‏
المشاهدات:	14465
الحجـــم:	17.1 كيلوبايت
الرقم:	132   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	3.JPG‏
المشاهدات:	17020
الحجـــم:	15.7 كيلوبايت
الرقم:	133  
__________________
"لا يمكن لــــــ الجُهَلاء تعليم العلماء . فـــــــ الأرض لا تُمطِرْ على السماء"

التعديل الأخير تم بواسطة Sulaiman ; 03-06-2009 الساعة 01:03 AM.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-06-2009, 12:31 PM
sekarbel sekarbel غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 64
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Sulaiman
  




كان وليم وليمسون- الرجل البريطاني – والمعروف أيضا بالحاج عبد الله المسلماني ، ملاكما محترفا ومنقبا عن الذهب في البراري البدائية الأمريكية وتاجرا متنقلا في البحار الجنوبية ومعتنقا الدين الإسلامي ورائد في حقل صناعة النفط وخبيرا ولامعا في عادات قبائل البدو الرحل ، وكان أول أجنبي تطأ قدماه شبه الجزيرة العربية مستوطنا.

ولد من أبوين بريطانيين وتم تعميده باسم وليم ريتشارد وليمسون في مدينة بريستول، غرب بريطانيا عام 1872 وكان منذ طفولته ولد ثري أهم هواياته تسلق الأشجار وقراءة الكتب وهرب في مناسبتين قبل بلوغه سن الثانية عشر من بيت والديه . فقرر والده لدى بلوغه سن الثالثة عشر عملا بنصيحة أخيه لإرساله إلى الحياة البحرية ليختبر صعوبة الحياة ولو لمدة قصيرة ليعود ويستقر بعدها على اليابسة .

وعليه وجد وليم نفسه مقلعا من ميناء بريستول على ظهر المركب أفوندريا ذات الأربعة سواري عام 1885 وبينما كان يتأمل الأفق خلال ابتعاد المركب عن الشاطئ لم يخطر بباله انه لن يرى عائلته أبدا أو يعود إلى انجلترا أو يعيش ثلثي عمره بين العرب بل كل ما كان يفكر فيه هو الشعور المثير بأنه على ظهر مركب متجه إلى استراليا .

وجد نفسه اصغر أفراد الطاقم سنا وان رحلته ستكون محنة وتجربة صعبة جدا ليس بسبب الحياة البحرية التقليدية الصعبة ولكن بسبب تعليمات والده للنوخذة( ربان السفينة ) بأن يكون صارما في معاملته وعليه عندما تخاذل في العمل لأول مرة ربطه النوخذة على أعلى ساري خلا إعصار بحرية شديدة ومن خلال تلاحق العقوبات تركز تفكيره على نسج خطة للفرار. وهكذا سنحت له الفرصة عندما حط المركب في ميناء سان دياغو على ساحل كاليفورنيا للتزود بالمؤن وفر شاعرا" بلذة الحرية بالرغم من المستقبل المجهول في غرب أميركا حيث كانت لا تزال غير متطورة .

واتجه وليمسون مشيا على الأقدام نحو شمال سان دياغو مستعينا على مصاريفه من أجور عمله في تقليم خشب الأشجار ولدى وصوله سان فرانسيسكو التحق ببعض أقاربه في مزرعة كبيرة واستقر معهم وتدجين الخيول الشرسة . وكان ذلك في أواسط 1880 أي قبل 20عاما من أن تصبح كاليفورنيا مقر وليمسون هدف الألوف من الساعين وراء الأصفر الرنان . وأصبحت هذه الحملة المحمومة للتنقيب عن الذهب التي إنتشر سيطها في جميع أرجاء المعمورة من أساطير الأولين . أكتشف وليمسون أن العمل في هذا المجال يوفر له أمكانيات مثيرة أفضل من حياة راعي بقر ( كاوبوي ) وهكذا اتجه برفقة زميلين نحو العمل في التنقيب عن الذهب وبالرغم من أن فرص النجاح كانت عسيرة جدا إلا أنهم تمكنوا من الحصول على امتياز لمنجم ذهب باعوه أخيرا بربح لا بأس به . وهكذا غادر وليمسون وفي جيبه مائتي دولار وزميليه واتجهوا نحو اكتشاف براري غرب أمريكا متجولون لعدة شهور على صهوة جيادهم .




وأخبرا وصل وليمسون نيويورك حيث كان الحديث في أواسط جميع المجتمعات مركزا على مشروع فتح قناة بنما. وعلم بوفرة العمل في هذه المنطقة برواتب وأجور مغرية فاتجه إلى منطقة بنما وعمل مشرفا على العمال واستمر في العمل حتى تفشى مرض الملاريا مما اجبره وبعض أصدقائه على مغادرة المنطقة متجها إلى كاليفورنبا حيث عملوا في حقل جمع الفواكه . وقرروا لدى انتهاء الموسم تأليف فرقة مسرحية متنقلة بين المستعمرات لعرض ألعاب السحر والشجاعة وكان دور وليمسون الملاكمة ونجح نجاحا باهرا في هذه الرياضة حتى إن المشاهدين لقبوه " بقنبلة بريستول " .
كان عمر وليمسون حوالي 19 عاما عندما هوجم في حي شاينا تادن بسان فرانسيسكو ولدى استعادة وعيه وجد نفسه على ظهر مركب صيد الحيتان في أعالي البحار متجها نحو أوفيانوس القطب الشمالي وفي محاولة للتكيف مع الوضع الجديد أظهر تفانيا في العمل مما حدا بالربان أن يأمر بترقيته ولدى عودته الى سان فرانسيسكو أكتسب شهرة واسعة مما تهيا له الانتقال للعمل في جزر كارولينا حيث عين مسئولا عن محطة المبيعات وكان سكان جميع الجزر اسبان وعندما ثار الاسبانيون وأوقعوا اللوم على وليمسون فاعتقل ونقل الى السجن في مانيلا ولكن حسن الحظ وشجاعة القنصل الأمريكي أنقذاه من هذه الورطة علما بان القنصل البريطاني رفض التدخل وبعد هروبه بمساعدة القنصل الأمريكي الذي أسلم فيما بعد ، أبحر وليمسون الى هونغ كونغ ومنها الى بومباي ومن ثم الى جنوب الجزيرة العربية وهناك بواسطة مسعى والده عين شرطيا في عدن .

وجد نفسه بعد التجوال غير الهادف طيلة السنوات الماضية ولأول مرة أن بإمكانه أخيرا الاستقرار ومنذ ان وطأت قدميه اليابسة في عدن انتابه شعور الألفة والتقارب مع العرب وخاصة من ناحية الدين وكان وهو على ظهر المركب في طريقه من بومباي الى بلاد العرب قد قرأ صدفة ولعدة مرات كتابا عن الدين الإسلامي ألفه شخص يدعى كوبليم كان قد أعتنق الدين الإسلامي الحنيف فتمكن بعد ذلك رؤية الحياة اليومية في المجتمع الاسلامي بوضوح ويفهم ويسمع المؤذن ينادي المؤمنين الى الصلاة ويراقب ايداءها مما أعطته الرغبة الكبرى والأكيدة لاعتناق الدين الإسلامي .

وكان معلمه ومرشده الأول ومترجمه صديقه الصومالي " حسن علي " الذي أعد له مراسيم أعتناق الدين الإسلامي . ففي صباح احد الايام من عام 1892 امتطى الرجلان دوابهما واتجها نحو ولاية لحج القريبة من عدن وحلا ضيوفا على السلطان " الفضل بن علي " وفي اليوم التالي وبحضور أولاد السلطان والقاضي الشرعي أعتنق وليمسون الدين الإسلامي ناطقا الشهادتين وله من العمر 20 عاما". وأصبح معروفا بعبد الله فاضل وليمسون ولم يندم ابدا على فعله هذا واستمر طيلة حياته ممارسا الدين الإسلامي دون مغادرة الأراضي الإسلامية .أما الجالية البريطانية في عدن فقد أصابها الهلع من تصرفاته وتساءلوا عن خطوته التالية والمشاكل التي قد يثيرها ولذلك قرروا الا يترك الشرطة فحسب وعليه أن يترك عدن ايضا.وعليه عندما حاول وليمسون تقديم استقالته قيل له يجب ان تستوفي هذه الإجراءات في بومباي . أذعن للأمر الواقع وغادر الى بومباي حيث قدم استقالته وباشر في إعداد رحلة العودة ولكن تدخل البريطانيون مرة اخرى ضيقوا عليه الخناق واخفق في الحصول على مكان في المراكب المتجهة نحو بلاد العرب تحت شتى الأعذار فلم يجد بدا سوى السفر بصورة سرية وباسم مستعار .

وبحكم صداقته مع كثير من التجار العرب في بومباي أكثرهم تجار خيول من البصرة والكويت تعرف على الشيخ " يوسف الابراهيم " من اقرب أصدقاء أمير الكويت الشيخ " محمد الصباح " وخليفته الشيخ " مبارك الصباح " ، تمكن وليمسون الذي بدا عربيا بكل معنى الكلمة بلباسه العربي ولحيته السوداء وبشرته البرونزية وبمساعدة الشيخ " يوسف الإبراهيم " السفر على ظهر المركب التجاري بانكورة المتجهة الى البصرة مع انه كان من الصعب تفادي المراقبة البريطانية حتى أنه سرعان ما وصلت وشاية الى السلطات البريطانية تفيد بان العربي المسافر على ظهر مركب بانكورة ليس إلا وليمسون وفورا توجهت فرقة من الرسميين لكشف هويته واخبروه بأوامر رسمية مفادها عدم ترك المركب إلا لدى عودتها الى بومباي .

تذكر وليمسون في السنوات اللاحقة قول الشيخ " يوسف الابراهيم" : (( ياعبد الله إنك بين يدي الله القدير الرحيم ، فلماذا لا تذهب الى البصرة ؟ ولماذا لا تأتي معي الى الكويت ؟ إنك من ديننا ولن تخالف التقاليد خلال ضيافتي )) .

لبى وليمسون الدعوة ولدى وصول البانكورة في طريق عودتها الى بومباي بمحاذاة شاطئ الفنطاس فر وليمسون من المركب متخفيا بلباس سائس خيل وتمكن من اخذ خط راحة في الكويت إذ أصبح غير ملاحق لأن الاتفاق بين البريطانيين وإمارة الكويت لم يتم بعد ولذلك لن يستطيعوا طلب تسليم بريطاني خاصة وأنه ضيف الشيخ يوسف تحت حماية حاكم الكويت .

صحيح ان الكثيرين من البريطانيين مروا وتعرفوا على الكويت ولكن وليمسون استقر بصفة مواطن واعترافا بهذا الجميل أحب وليمسون هذا البلد حبا جما وكانت البهجة تغمره عندما يتجول مكتشفا أسواق الكويت مشاركا جلسات المقاهي وديوانيات تجار اللؤلؤ هذا بالإضافة الى مواظبته المستمرة على دراسة وقراءة اللغة العربية والقرآن الكريم يوميا كما اكتشف المدن المجاورة متنقلا شمالا الى الزبير مما ادى الى زيادة اهتمامه بالعرب والصحراء .

كما استمتع بالحرية والمغامرات والحياة الصارمة في غرب أمريكا استمتع بنفس التجارب في شبه الجزيرة العربية بالإضافة الى ميزة اكتساب الخبرة في أمور كانت غريبة عليه. ففي غرب امريكا وجد ان بعض المناطق المأهولة يعيش السكان في مجتمعات ليس لها تراث وتقاليد فازدادت أعمال قطع الطرق وتناول الكحول والمسكرات مما تعطي انطباعات فوضى واستهتار في أجهزة الحكم بينما وجد عكس الحال في بلاد العرب . صحيح أنه كانت تقع اعمال غزو بين القبائل لكن ذلك كان يخضع لقوانين وتقاليد وعرف بين القبائل التي تتركز على مفاهيم التوقيت و شهامة العروبة والشرق .
أصبح وليمسون بعد معاشرته لإتباع الشيخ يوسف الابراهيم ومشاركتهم في صعوبات الحياة اليومية اصبح من المعجبين في عادات وتقاليد قبائل البدو وعكف على دراسة هذه العادات والتقاليد ولهجاتهم .
كانت رغبة وليمسون الأكيدة منذ اعتناقه الدين الإسلامي ايداء فريضة الحج في مكة المكرمة ولدى بلوغه سن ال 24 من عمره اغتنم هذه الفرصة وتوجه بحماس إنسان معتنق الدين حديثا الى مكة وانضم الى حملة قوامها ثلاثة الاف حاج بلباس البدو ومزودا بالخيام اللازمة وسبعة جمال محملة بالاعتدة والمؤن الضرورية ومما هو جدير بالإشارة اليه كون هذه الحملة كانت آخر حملة تجمع مثل هذا العدد الهائل من الحجاج قبل استحداث مواصلات السكك الحديدية والسيارة . أعطت هذه الحملة وليمسون انطباع واقعي عن قوافل مشابهة قبل ألف سنة .

قاد الحملة عربيا ، ممتطيا جملا أبيض حاملا بيرق الإيمان مزخرفا باللون الأخضر وفي وسطه شعر مع نجمة وهلالين بيضاوين وقد طرز بشهادة (( لا إله إلا الله محمد رسول الله )) فوقه سارية طولها عشرة أقدام تنتهي بكرة فضية بحجم جوزة الهند ، أما في الليل فيطوى العلم ويعلق مكانه مصباح مضاء يتدلى منه خطاف متصل بالكرة الفضية ، وسار خلفه أمير الحج والشيوخ ورؤساء الحملات المشتركة وكبار القوم يتبعهم قافلة خيول وجمال الحجاج طولها حوالي ثلاثة أميال وقد قطع الحجاج مسافة 800 ميل سيرا على الأقدام ليحققوا أمنيتهم في أداء فريضة الحج في كعبة مكة المكرمة .
لم ينس وليمسون طيلة حياته هذه الرحلة الرائعة وخاصة كرم و حسن ضيافة " محمد عبد الله الرشيد " من جبل شمر ( بلدة حائل ) والذي كان في ذلك الوقت في ذروة حكمه للجزيرة العربية إذ أكرم قافلة الحجاج لدى وصولها بوليمة غداء تضم الثلاثة آلاف حاج .

اشترك وليمسون لدى وصول القافلة الى مكة في جميع مراسيم فريضة الحج من غسل الكعبة الشريفة الى الطواف والسعي والوقوف في جبل عرفات والأضحية .ومن الجدير ان وليمسون كان اول غربي يؤدي مراسيم فريضة الحج علنيا وجهارة وإخلاص وكانت بالنسبة له خبرة لا تضاهى مما جعلته يعيد الكرة عامي 1898 و 1936 ومنذ اداء فريضة الحج أكتسب لقب الحاج عبد الله .
استمر الحاج وليمسون العيش في الصحراء بين القبائل منذ مطلع القرن الحالي وكان ملم باللغة العربية بطلاقة ويملك جوادا عربيا أصيلا وجميلا وثلاثة جمال وصقرا وعبدا نوبيا ز كما انه اصبح خبيرا في الجياد العربية وعمل بالتجارة كمصدر رزق يشتري الجياد من سوريا والعراق وبلاد الفرس ويبيع معظمها للجيوش البريطانية في الهند . وصل في إحدى رحلاته الى بلوشستان عبر بلاد الفرس ومنها الى ممر خيبر ومن ثم الى افغانستان كما انتقل خلال رحلة اخرى الى عمان وضفار ثم حضرموت فصنعاء ونجران والحجاز الى ان استقر المكان به في القدس الشريف مما وضعه في أعلى لائحة المكتشفين للجزيرة العربية. ولاشك ان وليمسون واجه مغامرات صعبة وخطيرة خلال تجواله الذي امتد أقصى اراضي بلاد العرب ففي إحدى الرحلات التجارية وجدت القافلة نفسها وجها لوجه مع شرذمة من البدو الطريدة فقام بتنظيم جبهة دفاع ونجح في رد المعتدين على اعقابهم .
هذا وبعد مضي عدة سنوات عرض الشيخ المتفق في العراق على وليمسون السلطة الكاملة لمكافحة مرض الكوليرا الذي تفشى بين افراد قبيلته فعزم على مقاومة الرغبة لمغادرة القبيلة وقبول تحدي هذه المهمة .



وبالتالي شرع في ممارسة سلطته في مكافحة المرض وامر أفراد القبيلة بالمحافظة على حياة نظامية تختلف عن حياة البدو التقليدية وذلك لفرض حصر هذا الوباء وإزالته وبالرغم من نجاحه إلا ان الثمن كان بالتقاطه الوباء لكن سرعان ما شفي منه .

هذا وان مدى قبول العرب للحاج وليمسون كواحد منهم ظهر بوضوح من عرض الشيخ حسين شيخ قبيلة ظفير للزواج إحدى كريماته لإعجابه بشجاعة الحاج وليمسون وجرأته في القتال في صفوف رجاله خلال الغزوات واستيلائه على بعرين . اعتذر عن قبول العرض خلال جلسة عربية حول النار قائلا : (( يا شيخ العرب شكرا على هذه الثقة والمحبة ولكن ألا ترى أن رحلة صيد أفضل من جميع النساء )) . مع ان وليمسون تزوج فيما بعد عدة نساء عربيات آخرهن الثالثة وتدعى " سارة " من قبيلة السعدون وقد خلف منهن أحفادا من بينهم من هو لايزال حيا يرزق في العراق وواحدا في الكويت .

وقد تلاشت المعارضة ضد ولاية الشيخ مبارك الصباح على إمارة الكويت بعد وفاة صديق وليمسون الشيخ يوسف الابراهيم عام 1908 مما أفسح المجال أمامه للعودة الى الكويت واشترى قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى بيتا بالقرب من بوابة الجهراء وخلال هذا الاستقرار المؤقت عاوده حنين ايام الشباب ورغبة العودة الى البحار والعمل في الغوص على اللؤلؤ فقد باع قاربه ( البغلة) واستأجر ظوا" حمولته 30 طنا واسماه ((فتاح الخير )) يمخر به عباب الخليج العربي .وبتشجيع من قبل تاجر اللؤلؤ الشهير هلال المطيري تحول وليمسون ومساعده مصطفى الى صناعة صيد الؤلؤ وتتناقل الشائعات أنهما عملا على تهريب الأسلحة .

أجبرت اندلاع الحرب العالمية الاولى الحاج وليمسون على العودة الى العراق فبدلا أن تعتقله السلطات البريطانية رحبت به وأكرمته لاحتياجها الى معلوماته وخبراته الواسعة وعينته عميلا سريا" ضد الأتراك.

وكان وليمسون ملتزما الصمت حول أيام الحرب لكن السيدة فيوليت ديكسون صديقة العرب وزوجة المستعرب الكولونيل ديكسون أشارت الى حكاية نادرة عن مغامرات الحاج وليمسون خلال الحرب قائلة : ((أخبرني الحاج وليمسون أنه عاد الى بغداد خلال الحرب العالمية الأولى ليجد الكثير من المتسكعين على ضفتي أرصفة مركب نهر دجلة فشعرت أن دوري يقترب لأصبح مثلهم ففي إحدى الأمسيات تمكنت متنكرا بزي الخدم دخول حفلة القائد التركي واستطعت من خلال الحديث الذي دار في الحفلة من جمع معلومات مهمة والخروج دون أن ينتبه لي أحد )) .

عين بعد الحرب مفتشا وكالات الخليج لشركة النفط الايرانية البريطانية ومن خلال هذا المركز الجديد تمكن من الاشتراك في أول مرفق للنفط في الخليج وساعدته شهرته ومعرفته لحكام الجزيرة وشعوبها واتسع تجواله في المنطقة كدليل ومستشار للجيولوجيين العاملين في عمليات التنقيب عن النفط .
وكان عمل الحاج وليمسون خلال خدمته مع شركة الزيت الايرانية الانكليزية بين 1924 و 1937 لقيادة تلك البعثات وإنشاء الوكالات على جانبي الخليج العربي وتفقدها والاشراف على بناء مستودعات الزيت الصغيرة. وكانت درايته بالسواحل تساعده في انتخاب الأمكنة ومسحها وإعدادها لتصبح مهابط طائرات تستخدم في الأحوال الطارئة قبيل إنشاء الطريق الجوي المنتظم الى الهند . كما عمل دليلا ومترجما للقمندور ب.و.جالبن ، من شركة الخطوط الجوية الامبراطورية (من كبار موظفي شركة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار BOAC ) والذي كان يرغب في مسح خلجان صغيرة على ساحل عمان لتكون قواعد في الحالات الطارئة للطائرات المائية العاملة على طريق الهند .
وتحطم مركبه في أحدى جولاته على إحدى جزر الخليج غير المأهولة لكن بحنكته وحسن التدبير وخبرته في إيجاد الطعام عن طريق صيد السمك بصورة بدائية تمكن من البقاء على قيد الحياة .
هذا وعمل الحاج وليمسون بين عام 1922 – 1937 كمساعد ومترجم لأرشي تشسهولم في شركة النفط الإيرانية – الإنكليزية بالكويت خلال مرحلة المفاوضات للحصول على امتياز التنقيب عن النفط. ولنجاحه في مرحلة التفاوض هذه الصعبة اكتسب وليمسون شهرة عالمية وشخصية رئيسية لعبت دورا هاما في تطوير المنطقة ودخولها عصر الذهب الأسود .

تقاعد أخيرا واستقر به المطاف في بستانه الكبير الذي اشتراه في كوت الحجاج بالقرب من البصرة. وأصبحت هوايته في هذا السن المتقدم ولحيته البيضاء السير على الأقدام في أزقة القرية المغبرة لكنه كان وقورا يكن له الجميع كل احترام ومحبة لإنجازاته ومغامراته خاصة أنه مسلم تقي ومخلص وبالرغم من هذه الشهرة كان يفضل الحياة الهادئة مع أولاده وأحفاده وانحصر نشاطه في السنوات الأخيرة من عمره في الزراعة والعناية بشجيرات البرتقال والبلح واستقبال العديد من زواره العرب .

هذه لمحة عن حياة ذلك الولد الإنكليزي الذي تحدى السلطات على ظهر المركب البريستولي ذي الصواري الثلاث والذي رعى البقر صغيرا في مزارع كاليفورنيا ، المغامر الذي راح يبحث عن الذهب في أراضي نيفادا، المتجول في الأصقاع الأمريكية يغني ويمثل ، العامل في شق قناة بنما ، البحار الذي خدروه فخطفوه ليعمل قهرا في سفينة لصيد الحيتان في منطقة القطب الشمالي ، التاجر في البحار الجنوبية ، أسير الأسبان في مانيلا . الشرطي المتدين في سلك البوليس العدني ، المحارب البدوي ، وتاجر الجمال والخيول ، وربان الظو ، ومهرب الأسلحة ، وصياد اللؤلؤ ، والعامل في استخبارات الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى ، والوكيل المحلي ، والموظف لدى شركة زيت عالمية .
كثيرون من العرب الذين عرفوا الحاج المسن تمام المعرفة إبان تقاعده يجهلون الكثير من تألق أيام مغامراته الأولى وإشراقها. وفي الوقت الذي نرى فيه مآثر الحاج عبد الله فاضل الزبير يرددها أفراد القبائل في الصحراء حول نيران المواقد ، نجد ان ما يعرفه الحضر أو البدو عن ويليام رتشارد وليمسون قليل نسبيا ، هذا الرجل الذي أدار ظهره لما يدعوه الناس بالحضارة ليصبح حرا طليقا يجوب البحار ويسكن القفار .

أما نجاته من الأخطار التي لو توزعها مئة رجل لزادت عن قدرتهم ، فتبدو في نظر بعض الناس امرا تكتنفه الأسرار وتحيط به العجائب ، بينما الأمر بالنسبة للحاج وليمسون لا يتعدى كونه إرادة الله الذي لا راد لإرادته . ولكن مهما يكن من أمر فإن أحدا لا يستطيع أن ينكر الحاج وليمسون بسالته وأقدامه وشجاعته التي كانت ولا تزال مضرب الأمثال .

توفي الحاج عبد الله وليمسون ذو الشهرة في جميع أنحاء الجزيرة العربية عام 1958 وله ثلاثة أبناء عبد المطلب وأحمد ومحمد.



من موقع


جزاك الله خير على هذا الاسهاب القصصى الجميل لعلم من أعلام أمتنا الأسلاميه لنتخذه مثلا يحتذا به فى الكفاح ومجاهدة النفس والمحافظه على دينه القويم حقا انه رجل يزن بآلاف الرجال رحم الله الحاج عبدالله المسلمانى وادخله فسيح جناته آمين .
__________________
لايصلح الناس فوضى لاسراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا تهدى الامور بأهل الرأى ماصلحت فإن تولت فبالاشرار تنقاد
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-06-2009, 02:32 PM
الصورة الرمزية بنت النوخذه8
بنت النوخذه8 بنت النوخذه8 غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: kuwait
المشاركات: 316
افتراضي

وأغلب الظـــن

انه لـــه من أبنائه مصاهرات مع عوائل كويتيه

منها ... الجعفر او الايـــوب

والله اعلم سبحانه
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-06-2009, 04:32 PM
الصورة الرمزية رشدان الرومي
رشدان الرومي رشدان الرومي غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 137
افتراضي

Published on جريدة الرؤية (http://www.arrouiah.com)
أول كويتي تكوت وأهدي الكحيلة إلي الملك عبد العزيز أل صسعود.

الاثنين, 10 مارس 2008


أحمد بن محارب الظفيري 




يتجلى في هذه القصة عمق ايمان واصالة وكرم الشعب الكويتي والتي كانت دافعا ومحفزا لهذا الشاب البريطاني لان يترك وطنه انجلترا ليعيش في الكويت كويت الايمان والاصالة والبساطة ويختار ان يتجنس بجنسيتها فمن هو هذا الشاب؟
هو وليم ريتشارد ويليامسون تسمى فيما بعد باسم عبدالله بن فاضل المسلماني، ولد في مدينة بريستول غرب انجلترا سنة 1872م، حياته عجيبة وغريبة فيها الشقاء والمغامرة والنكد، كان في صباه متمرداً نزقاً لم يكمل دراسته، اشتغل مع البحارة في ميناء بريستول، وسافر في سنة 1885م كمساعد بحار إلى استراليا، ولكنه نزل من السفينة على ساحل كاليفورنيا في أميركا، واشتغل بقطع الأخشاب وفي تربية الخيول وتروجيها ثم اشتغل بالبحث عن الذهب حول مجاري الأنهار، ولكنه لم يستفد شيئاً. توجه إلى بنما حيث تحفر قناة بنما واشتغل مشرفاً على العمال، ثم اشتغل ملاكماً في فرقة استعراضية تعمل في كاليفورنيا، وكان ملاكماً قوياً اطلق عليه رفاقه لقب «قنبلة بريستول» ثم اشتغل مع فرقة تصيد الحيتان على سفينة تعمل في المنطقة القضبية والبحار الجنوبية، ثم عمل مسؤولا عند احدى المحطات التجارية في جزر كارولينا في البحار الجنوبية، ولكن الاسبان الذين يحكمون تلك الجزر اعتقلوه، ولما اطلق سراحه توجه إلى الهند الواقعة تحت الحكم البريطاني وفي ميناء بومباي الهندي عين ضابطاً في الشرطة البريطانية سنة 1891م ونجح في اختبارات وتدريبات مدرسة الشرطة بتقدي ر عام امتياز.
الهند وعدن
ومن الهند نقل إلى عدن وفي عدن اختلط بالعرب المسلمين وكون معهم صداقات فتأثر بدينهم وعلاقاتهم الانسانية الطيبة فأحب الاسلام وعادات العرب، وفي أحد أيام عام 1893م وبمساعدة صديقه العربي المسلم حسن بن علي اعتنق الاسلام علناً أمام سلطان لحج «فاضل بن علي» وبحضور ابناء السلطان ووثق اسلامه رسمياً بواسطة فاضل لحج، وكان عمره آنذاك واحداً وعشرين عاماً، والغى اسمه القديم «وليم ريتشارد ويليامسون» وتسمى باسمه الاسلامي الجديد عبدالله بن فاضل ويليامسون فاستقرت جوارحه وانشرح قلبه للدين الجديد الذي أحبه واحب معتنقيه واخلاقهم الراقية ولما عرفت السلطات البريطانية باسلامه أخذت بمضايقته فسافر إلى بومباي الهند وقدم استقالته من الشرطة فقبلت الاستقالة ومنع من دخول جزيرة العرب، وفي مدينة بومباي اختلط وتعرف إلى الكثير من التجار العرب، وكان كثير التردد على دواوين عرب الجزيرة من أهل نجد الموجودين في مدينة بومباي وشاءت ارادة الله ان يتعرف على التاجر الكبير والشيخ الجليل يوسف بن عبدالله آل ابراهيم «ت 1224هـ /1907م» أحب الشيخ يوسف الإبراهيم هذا الشاب البريطاني المسلم، ودون علم السلطات البريطانية ألبسه ملابس سايس خيل ودسه بين ساسة خيله الموجودين على ظهر السفينة «بانكورا» وتوجه به إلى الكويت، وصل الشاب البريطاني المسلم إلى الكويت مهاجراً بدينه سنة 1893م وهيأ الله له هذا الرجل الكريم يوسف بن عبدالله الابراهيم، خال الصباح حكام الكويت، فضمه إلى اسرته واعتبره كأحد ابنائه، وفي الكويت أصبح اسمه عبدالله بن فاضل المسلماني فكان اول أوروبي يتكوت يصبح كويتياً ويتخذ من الكويت وطناً كريماً له ولاولاده ولاحفاده من بعده، وكان حاكم الكويت آنذاك هو الحاكم السادس محمد بن صباح بن جابر الصباح ت1896م، وفي الكويت.. كويت أيام زمان الطيبة والبساطة اطمأن قلب عبدالله بن فاضل المسلماني «1872م- 1958م» واحس بحلاوة الاسلام وسمو اخلاق عرب الجزيرة، تعود عبدالله الخروج إلى البادية مع عمه ومعزبه يوسف الابراهيم لذا نجده يعيش في البادية مع عرب الظفير يسكن بيتاً من الشعر ويملك فرساً اصيلة وصقراً قرناساً وامة و عبداً، وفي سنة 1895 تزوج من هذه القبيلة فتاة ظفيرية اسمها نوره ويذكر ديكسون «ت1959م في كتابه عرب الصحراء» ان هذه الفتاة انجبت له عدة اولاد، وبمرور الوقت اصبح لسانه طلقاً في اللغة العربية، يتكلمها كأحد بدو الصحراء العرب، وبواسطة الشيخ يوسف الإبراهيم تعرف عبدالله المسلماني على شيوخ البادية، واشتغل في تجارة الابل والخيل وربحت تجارته، وعرف عنه انه خبير متميز في اختيار كرائم الهجن واصائل الخيل العربية، وفي أواخر سنة 1895م وكان في الرابعة والعشرين من عمره حقق رغبته العارمة في تأدية فريضة الحج، فأداها بكل شوق ولهفة على ظهور الإبل كمسلم مخلص لدينه غاية الاخلاص فاصبح اسمه هو الحاج عبدالله بن فاضل المسلماني ولم يكتف بهذه الحجة الواحدة، فقد كررها في عامي 1989م و1936م، وفي سنة 1909م استقر في مدينة الكويت متحضراً كصاحب سفن وتاجر لؤلؤ وسكن في بيته الذي اشتراه في وسط مدينة الكويت قبيل الحرب العالمية الأولى وكان يشجعه ويشد من أزره تاجر اللؤلؤ الكبير والشهير هلال بن فجحان الديحاني المطيري ت1938م، تزوج الحاج عبدالله بن فاضل المسلماني ثلاث فتيات عربيات، الأولى من عرب الظفير اسمها نوره والثانية من عرب المنتفق اسمها سارة والثالثة اسمها زهرة لا نعرف قبيلتها. والآن لنعود إلى موضوع الفرس «الكحيلة» التي أهداها الحاج عبدالله بن فاضل المسلماني إلى الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود - رحمة الله عليه.
الكحيلة هدية للملك عبدالعزيز
الخيل الأصيلة عند العرب كنز لا يقدر بثمن، فلها القدح المعلي في كل مناحي الحياة، لقد ألف علماء العرب الكتب الكثيرة عن أنسابها وسلالاتها والوانها ومشيها وأجزاء جسمها وكل ما له علاقة بها، وأحاديث بدو اليوم عنها لا تنقطع فبذكرها تتعطر السنتهم وتنتعش قلوبهم، تبخل العرب بحليب الإبل عن أولادها وتسقيه لخيولها، وإذا وردت الفرس لتشرب الماء من حوض أحدهم فإنه لا يطردها عن حوضه، فالذي يطردها عن الشرب رديء الأصل. وجاء في الحديث الشريف: (الخيل مبداة يوم الورد) أي يبدأ بها في الورد قبل الإبل والغنم، والفرس الأصيلة المعربة لا توسم بالنار مثل بقية الحيوانات، اكراما لها وتعلية لقدرها فهي عملة نادرة سعيد الحظ من يمتلكها، ومازلنا نذكر ونحن فتيان، رجال البادية يريدون في دواوينهم هذه الكلمة المأثورة والمتوارثة وهي قولهم: (الخيل ظهورها عز وبطونها كنز)، والخيول العربية الأصيلة مدللة ومعززة، نهى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عن إهانتها والتعسف في معاملتها حيث قال: «لا تجروا الخيل من نواصيها فتذلوها»، ويؤكد بدوي اليوم في جزيرة العرب في ترديده لموروثه الشعبي ان أجداده العرب الأقدمين كانوا مهتمين بالخيل، فهي مركوب العرب منذ سالف العصر والأوان.. من دور (شداد بن عاد) ومن دور (ثمدا ثمود وبنية العمود) ويقصد بـ (ثمدا ثمود) قوم ثمود العرب العاربة، ويقصد بـ(بنية العمود) الأعراب بناة بيوت الشعر.
وهذا عاصم بن عمرو التميمي أحد فرسان القادسية يرتجز قائلا:
صبحنا بالكتائب رهط كسرى
صبوحا ليس من خمر السواد
صبحناهم بكل فتى كمي
وأجرو سابح من خيل عاد
آل سعود يقبل هدية
يقول الحاج عبدالمطلب بن عبد الله بن فاضل المسلماني: في مقابلة مع الكاتب: عاش والدي مع العرب وخصوصا بدو الصحراء وتأثر بهم غاية التأثر وتشبه بهم في كل شيء واقتبس عاداتهم وتقاليدهم الحميدة الفاضلة ونسي أصله البريطاني، فمشاعره وأحاسيسه مشاعر وأحاسيس العربي المسلم، وكان من المغرمين والمولعين بحب الخيول العربية الأصيلة، فهو يمتلك مربطا لهذه الخيول العربية ويصرف على تربية وسياسة خيل هذا المربط الشيء الكثير من المال والجهد، ولقد درجت (انتقلت) أمهات هذه الخيول الاصائل الموجودة في مربط خيل والدي شراء واهداء من خيول آل سعدون شيوخ عربان المنتفق ومن خيول بعض قبائل العربان.
ومازلت أذكر من بين تلك الخيول، الفرس الجميلة من فصيلة (حمدانية شمري) ومن نوع (الكحيلات) التي هام والدي بحبها واعتز بها غاية الاعتزاز، وكان كثير السؤال عنها، ودائما يوصي سائس خيله بأن يبرها بأطيب الطعام، وأن يدفئها عن البرد، وينظف مكانها، وان يواصل عسفها (تدريبها) بكل هدوء وصبر وكان يخاطب السايس قائلا له:
عفية ولدي بر الفرس ربيع قلبي زولها
ماني مثل خطو الولد اللي يروز عدولها
وأحيانا كان يردد هذا الحداء:
يا يمه بري مهرتي واكبر وانا خيالها
واشري لها جلال حمر ومشنشل يبري لها
وجاء للوالد الكثير من التجار وشيوخ القبائل يخطبون (يبغون) شراء هذه الكحيلة بمبالغ طائلة، ولكن الوالد كان يردهم رافضا البيع، وأذكر ان الكولونيل ديكسون Dickson (ت 1959م) جاء للوالد يريد شراء الكحيلة، وكذلك جاء الضابط البريطاني أبو حنيك تحلوب باشا John Bagot Glubb قائد الهجانة العراقية يريد شراءها، ولكن الوالد كان دائما يرفض البيع ولسان حاله يردد:
البيع والله ما نبيع الكحيلة
ألا ولا نصخي بها ربع ليلة
وفي آواخر شتاء سنة 1938م ناداني الوالد وقال لي: حضر نفسك يا عبدالمطلب فسوف ترافقني بسفري الى الرياض لزيارة الملك عبدالعزيز ابن سعود، وسنأخذ الفرس (الكحيلة) معنا ونقدمها هدية لـ (أخو نوره) فهو الذي يستحقها ويستأهلها و(آل سعود يا ولدي هم أهل الخيل وفرسانها). وعلى طول الطريق ونحن متجهين الى الرياض كان الوالد يتفقد الكحيلة ويعلق برأسها العقيلة (كيس وسيع الفوهة يعلق برأس الفرس) بعد ان يملأها بأجود القمح وأحسنه، وكان الوالد يرتجز هذا الحداء:
لو عادلوها بالذهب القول والله ما نبيع
يستاهلك ملك العرب اللي على الشمية منيع
زيارة اخو نوره طرب قمرا ولياليها ربيع
وقبل الملك عبدالعزيز هدية الوالد (الفرس الكحيلة) وعمل لها قرعة بين أولاده الأمراء، فكانت من نصيب الأمير فهد (خادم الحرمين الملك فهد - رحمه الله) وأكرمنا الملك عبدالعزيز - رحمة الله عليه - بمبلغ من المال جزيل، وأهدانا بدلات عربية جميلة .
وكاتب هذه السطور سبق له ان رأى الحاج عبدالله المسلماني وهو مسن في أواخر حياته ومازالت صورته عالقة في ذهنه وكان آنذاك فتى يافعا. ولعبدالله المسلماني - رحمة الله عليه - ذرية مسلمة صالحة يخدمون بلدهم الكويت بكل حب وإخلاص وتفان.

2008-2009 جميع الحقوق محفوظة لشركة الرؤيه للخدمات الإعلامية ©

المصدر



http://www.arrouiah.com/node/4459


رحمة الله على الحاج عبد الله المسلماني

كان يلقب بقنبلة بريستول و ذلك لأنه كان ملاكما يقل نظيره
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-06-2009, 10:14 PM
الصورة الرمزية Sulaiman
Sulaiman Sulaiman غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 28
افتراضي

Sekarbel : وجزاك الله ...... امين يارب العالمين

بنت النوخذه : لهم مصاهره مع عائلة الخلفان و السعدون أيضا

راشدان الرومي : أشكرك على هذه المقاله
__________________
"لا يمكن لــــــ الجُهَلاء تعليم العلماء . فـــــــ الأرض لا تُمطِرْ على السماء"

التعديل الأخير تم بواسطة Sulaiman ; 04-06-2009 الساعة 10:33 PM.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 06-06-2009, 12:11 PM
الصورة الرمزية بنت النوخذه8
بنت النوخذه8 بنت النوخذه8 غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: kuwait
المشاركات: 316
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Sulaiman
   Sekarbel : وجزاك الله ...... امين يارب العالمين

بنت النوخذه : لهم مصاهره مع عائلة الخلفان و السعدون أيضا

راشدان الرومي : أشكرك على هذه المقاله


شكرا اخي الكريم

وانا اللي فهمته انه لهم مصاهرة مع عائلة المنتفج

وعلي ما اظن المنتفج من كبار عوائل منطقة الزبير

شاكرة لك اخي الكريم
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22-06-2009, 02:28 PM
زياد المسلماني زياد المسلماني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 1
افتراضي

السلام عليكم جميعا انا زياد المسلماني وعبدالله المسلماني هو جدي انا ساكن في العراق في البصرة وهو جد والدتي وانا من نسله اشكر اهتمامكم وارجو المراسلة اذا اردتم المزيد من التفاصيل عن شجرة العائلة او ما شابة مع التقدير
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 04-07-2009, 11:41 PM
Ahmed AlMasalmani Ahmed AlMasalmani غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
المشاركات: 1
افتراضي اضافه

اشكر جميع الاخوه والاخوات الاعضاء على اهتمامهم بقصة جدي الحاج عبدالله المسلماني رحمه الله وللتوضيح عن المصاهره من احفاده مع الاسر الكويتيه هما القصار والكهيم والخلفان والمهنا والمطوع والصيقل .

عن / احمد عبدالرؤوف عبدالمطلب الحاج عبدالله المسلماني


www.haji-williamson.com
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 27-10-2009, 11:47 PM
الصورة الرمزية بو عبد المحسن الصايغ
بو عبد المحسن الصايغ بو عبد المحسن الصايغ غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
الدولة: kowait
المشاركات: 331
إرسال رسالة عبر MSN إلى بو عبد المحسن الصايغ
افتراضي العرب الانجليز

من أجمل القصص التي قرأتها عن رجل عاصر مختلف الامم وقد أختار جزيرة العرب ليستقر بها ينطق الشهادتين ويبني أجيالا تحمل اسمه .
جميل جميل جدا.
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 28-10-2009, 12:18 AM
الصورة الرمزية قدساويه
قدساويه قدساويه غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 418
افتراضي

السلام عليكم

الله يبارك لكاتب الموضوع عرفنى على هذه الشخصيه

والله يبارك بنسله
__________________
الكويت لمن احبّها
وأخّلَصَ العَملَ لأجلِها.....
وأوفى بالانتماء والولاء لها.....
صباح الأحمد
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الحاي أبوفارس111 شرق 4 03-09-2010 05:42 AM
الحاج فلاح بن سعيّد الجويسري ولد البدع الشخصيات الكويتية 4 18-07-2009 06:23 AM
«شيك» الحاج المتروك للحاج علي بوخمسين Jassim Bin الوثائق والبروات والعدسانيات 1 20-06-2009 08:06 AM


الساعة الآن 04:11 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت