النواخذه , رجال البحر ذوي السواعد السمر ، الذين قهروا البحر بأمواجه ، رجال عبروا البحار والمحيطات بسفنهم الخشبية الشراعية ، قدموا الكثير لمواطنيهم ، سافروا بسفنهم الى الهند وشرق أفريقيا و عدن ودول الخليج العربي متنقلين من ميناء لآخر حاملين البضاعه من تلك الدول ، عائدين الى وطنهم ويصادفون من الأهوال والأعاصير والرياح ، رجال فقدوا حياتهم وسفن غرقت بالمحيط وانكسرت على شواطئ تلك الدول البعيده ، رحم الله الذين ماتوا غرقا أو ماتوا في وطنهم من أبناء الكويت الشجعان .
حادثه يرويها النوخذه : علي الفرج
يقول النوخذه علي محمد الفرج عندما كان سكونيا : ( كنا في احدى الرحلات محملين الخزانات الخشبيه و البضائع في البوم ( مسليني ) و كان النوخذه فيه هو أحمد الطاهر فأصابنا هواء ( الأحيمر ) و نحن ( معللين ) من بومباي ، امطار وهواء شديد وانكسرت عندنا ( الكانه ) التي تستخدم للسكان ، و أصيب أحد البحاره لعدم درايته لتلك الظروف البحريه وكان معنا عده أبوام الا اننا لم نستطيع ان نرى أحد منهم ولم نعلم عن مصيرهم شئ بسبب انعدام الرؤيه ، الا ان توفيق الله لنا و من ثم خبره النوخذه أحمد الطاهر تم وصولنا الى الكويت بسلام ، وبعد مرور سنوات قابلني الوالد وقد كنت في بيت خالي يعقوب الحاتم في القادسيه وأخبرني ان النوخذه أحمد الطاهر عينني نوخذه في بوم اسمه ( منصور ) و الذي تعود ملكيته لعائله الطاهر وعين النوخذه محمد الصالح مساعدا لي فتوجهنا الى البصره وحملنا التمر ومن ثم توجهنا الى بومباي و كانت تلك السفره أول سفره أكون فيها نوخذه ) .
حادثه يرويها البحار : جاسم الفيلكاوي
في سنه 1948م قمت بالسفر الى الهند طلبا للرزق ، كان هذه الرحله هي الأولى لي ، و قد قمت بها مع النوخذه أحمد محمد الطاهر ، ووقتها كان اسم السفينه ( بوم امسليني ) ، فلما اكتمل تجهيز السفينه من جميع اجراءات السفر أمر النوخذه بالبدء بالرحله فقمنا بخطف الشراع ووقتها كان بعد صلاه العصر و كان الهواء كوس ، بعدها بيومين وصلنا الى شط العرب ورمينا الباوره لننتظر الحموله من التاجر والذي كان عم النوخذه ( يعقوب الطاهر ) وبعد ثلاث أيام وصلت الأوامر من السيد يعقوب الطاهر لتحميل التمر على السفينه والتي استغرقت مده ثمانيه أيام ، وبعد القيام باجراءات الجمارك بثلاثه أيام خطفنا الشراع باتجاه كراتشي ، قريه خوربيان ، بعد خمسة أيام وصلنا الى مضيق هرمز وكان الهواء وقتها خواهر ، وقبل الغروب بنصف ساعه حدث معنا شئ غريب ، حيث استيقظ أحد البحاره وكان مريضا وصرخ بفزع ورمى نفسه بالبحر ، وظل يسبح ويغوص ، وكان اسمه سعيد ، فلما رأى النوخذه أحمد الطاهر هذا المنظر الغريب أمر بنزول القارب الصغير ( الهوري ) في البحر لانقاذه من الغرق ومن سمك القرش وبعد ان أنزلنا القارب أمر اثنين من البحاره وهما عبدالحميد ادريس و فرج جمعه للاسراع اليه بالقارب ، وعندما حاولوا ذلك جاهدين فانه كان يبتعد عنهم ويهرب منهم وظلوا يطاردونه الى بعد غروب الشمس حتى تحقق لهم النجاح و أمسكوه وحملوه الى القارب ثم أخذوه الى السفينه .
استمر النوخذه أحمد الطاهر في قياده سفن عائلته حتى نهايه السفر الشراعي الكويتي وذلك في حدود منتصف الخمسينيات .
خوضه لأول انتخابات في الكويت
في يوم 23 يناير 1963 كان يوم الاربعاء حين توجه المواطنون الى صناديق الاقتراع لانتخاب اول مجلس نيابي يتمثل فيه رأي الشعب.
وفي ذاك اليوم كان الجميع ينتظر ان يقول الشعب الكويتي كلمته في مجلس يكون كل اعضائه منتخبين ، و مما يجب ان يتمتع به المرشح من اخلاص ووفاء وان يكون عنوانا للانتاج والبناء وان يكون على درجة من الوعي الثقافي والادراك العميق لمختلف الشؤون السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، فقد قام المرحوم أحمد الطاهر بالترشح لهذه الانتخابات المهمه في تاريخ الكويت ليساهم بالنهوض في مستوى بلده في شتى المجالات و الأصعده مما يعود بالنفع للكويت و مواطنيها ، و قام بخوض الانتخابات و قد نال على ثقه الكثير من الناس حيث حصل على المركز السابع من بين ثلاث و عشرون مرشح في الدائره ( 7 ) ، ولكن لم يكتب الله له مع قربه الشديد من النجاح ، و هم على النحو التالي :
سعود عبدالعزيز العبدالرزاق
عبدالله مشاري الروضان
خالد أحمد المضف
زيد عبدالحسين الكاظمي
حمود يوسف النصف
عبدالصمد عبدالله معرفي
أحمد محمد الطاهر
عبدالمحسن مسلم الزامل
جاسم أحمد الاستاذ
حسين مكي جمعه
محمود علي التيفوني
عبدالله علي دشتي
سالم سعود العبدالرزاق
حمزه عباس مقامس
صالح عبدالوهاب الرومي
محمد صالح شمس الدين
يوسف العبداللطيف العبدالرزاق
أحمد صالح الصالح
علي الداود الحمود
صالح محمد المبارك
محمد أمين عبدال
ابراهيم اسماعيل الصالح
يعقوب جاسم الغانم
أعماله الخيريه و التجاريه
بعدما ترك النوخذه أحمد الطاهر حياه البحر أصبح يمارس التجاره على اليابسه ، بعد سنوات أنشأ المرحوم أحمد الطاهر مع أخيه محمود شركه عرفت ب ( شركه أحمد و محمود الطاهر ) ، حيث عمل المرحوم أحمد بمقاولات البناء ، كان جانب المقاولات الذي يشرف عليه المرحوم أحمد الطاهر يلاقي نجاحا باهرا ، واكتسب سمعه طيبه بين أهالي الكويت ، نمت تجارته وازدهرت ولكنه لم ينسى أمه الأسلام وكعادتهم أهالي الكويت ، فقد كان مهتما كل الاهتمام بأعانه الفقراء و المساكين في داخل الكويت وخارجها ، حيث كان المرحوم يساعد المحتاجين في بناء منازلهم ويتم السداد حسب الامكانيه .
( احدى أعماله الخيريه في جمهوريه اندونيسيا )
حمله الطاهر
لم تكن فريضه الحج في الماضي أمرا سهلا ، ولم تكن سبل الراحه ووسائل النقل متوفره كما هو الحال الآن ، ولم يكن لصاحب الحمله يد تعينه وتساعده على اداره شؤون الحمله مثل الاداريين والمتطوعين ، بل كان كل شئ يقع على عاتق صاحب الحمله ، وهو المسؤول الأول والمباشر عن سلامه و صحه الحجاج ، فلا يأكل حتى يأكلون ولا يشرب حتى يشربون ولا ينام قبل أن يطمئن عن احوالهم ، فقد استمر المرحوم أحمد الطاهر في حمله ( الطاهر ) مع أخيه محمود بعد وفاه مؤسسها المرحوم محمد الطاهر والد أحمد ، فكان كل اهتمامه هو ابتغاء مرضاه الله وخدمه ضيوف الرحمظ°ن بتسهيل هذا الفرض عليهم ، فقد كان مهتم كل الاهتمام بالحجاج و مساعدتهم ومن لم يتوفر لديه المال الكافي فقد كان يتكفل به لأداء فريضه الحج على حسابه الخاص ، وكان رحمه الله من شده كرمه حتى الفقراء بالحج والذين لم يأتوا بحملته كان يقدم لهم الطعام والشراب ولا يبخل عليهم بشئ كحال من ذهب بحملته ، حيث في عام 1980 كانت حملة الطاهر من أوائل الحملات التي وفرت لحجاجها عمارات في العزيزية – في مكة – شارع صدقي - واحدة للرجال وأخرى للنساء وكانت العزيزية في ذلك الوقت بر فيها عمارات قليلة ومجموعة من الدكاكين ، وبعد ذلك بسنة أي عام 1981 ألزمت وزارة الأوقاف الكويتية جميع الحملات باستئجار عمارات في العزيزية لإقامة الحجاج بها ، وقد كانت من أكبر وأشهر الحملات الكويتيه التي لاقت استحسان وثقه كل من سافر معها ، توقفت الحمله بعد وفاته رحمه الله بسنه اي عام 1982م
وفاته
توفي المرحوم أحمد الطاهر في عام 1982م في جمهوريه مصر العربيه وقد كان في رحله سياحيه مع عائلته ، حزن عليه الكثير من الناس في مصر وخصوصا المحتاجين و الفقراء والذين تعاملوا معه وانبهروا من التعامل الزكي الذين كانوا يرونه من هذا الرجل المتواضع والشهم ، وبعد وصول جثمانه الى الكويت دفن في مقبره الصليبيخات وسط حضور كثير من المصلين عليه والمعزيين بوفاته ، كان العزاء في منزل أخيه محمود وقد حضر عدد كبير من رجالات الكويت وكان من بينهم أمير دولة الكويت آنذاك الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح رحمه الله تعالى .
الخاتمه
رحل المرحوم أحمد الطاهر وقد كتب اسمه بماء من الذهب في تاريخ الكويت الحبيبه ، وهاهم ابناء الكويت الى يومنا هذا يغمرهم الكرم و الصفات الحميده و ترى اعمالهم الخيره تجوب العالم بأكمله ، وسيستمرون الأبناء في تضحيه الآباء و كرم الأجداد جيل بعد جيلا ، رحم الله من توفي من ابناء هذا الوطن و أمد الله في عمر من بقي وأعانه على الخير والصلاح لوطنه ولشعبه العزيز .
المراجع :
كتاب ( قبيلة بني خالد في التاريخ ) للباحث الشيخ - أحمد العامري الناصري .
كتاب ( تاريخ الغوص على اللؤلؤ ) للباحث - سيف مرزوق الشملان .
كتاب ( أعلام في الجزيره العربيه والخليج العربي ) للمؤلف - أحمد بن برجس .
كتاب ( مربون من بلدي ) تأليف الدكتور - عبدالمحسن عبدالله الخرافي .
كتاب ( ربابنه السفن الشراعيه ) تأليف - منصور خلف الهاجري .
كتاب ( نواخذه السفر الشراعي في الكويت ) تأليف الدكتور - يعقوب يوسف الحجي .
كتاب ( جزيره فيلكا أشهر الجزر الكويتيه ) للباحث - خالد سالم الأنصاري .
كتاب ( جزيره فيلكا و حياه أهلها في نصف قرن ) للباحث - علي عبدالرحيم الابراهيم .
كتاب ( حملات الحج الكويتيه عبر التاريخ ) للباحث - عدنان سالم الرومي .