
02-12-2009, 01:39 PM
|
 |
مشرف
|
|
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
|
|
كتاب الكويت وجراد بغداد
يوميات صحافي كويتي
الكويت وجراد بغداد
24/02/2009 إعداد: نواف العازمي:

المقبور صدام حسين حكم بالقوة والسلاح ويعشق رؤية الدماء والدمار
أصدر المعد وصحافي الكويتي خضير عبد الله كتاب « الكويت وجراد بغداد » بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي عام 1991، فكتب الصحافي خضير عبد الله واصفاً الغزو العراقي للكويت في 2/8/1990 بـ جريمة القرن العشرين .. لم تكن حدثاً أو قصة .. أو حتى رواية تجسّدها شاشات السينما .. أو تؤرخها الكتب .. أو تشرحها المقالات في صدر صفحات الصحف والمجلات ..!!
جريمة القرن العشرين ليست مادة مرجع .. ولا هي بمواقف تسجل في مصدر ...!! جريمة القرن العشرين هي سيف الغدر ..ورمح الخيانة ... وسهم نكران الإسلام ونكران العروبة ... وقبر الإنسانية المعذبة في عهد أسود ... وتابوت مقفل يفوح منه رائحة اللؤم والدناءة ونكران الجميل ..!
جريمة القرن العشرين .. هي وعاء مختزن فيه حقد السنين ... وإناء مملوء بحسد عشرات هذه السنين ..!!
جريمة القرن العشرين هذه نوايا شريرة وعداء سافر مغطى بابتسامه صفراء ولسان بنفسجي المظهر ..!
تدمير الآليات العسكرية العراقية بعد انسحابها شمال الكويت جريمة القرن العشرين هذه خطة مرسومة بأنامل الغدر ... ومكتوبة على أوراق « الطعن من الخلف » ...!
جريمة القرن العشرين هذه ألفّها « منبوذ بغداد » ... وكتبها « أوغاد بغداد » ..! وترجمها زبانية الحرب الشيطاني الممقوت ... أما من نفّذها فهم الذين قويت ظهورهم وكبرت صدورهم ... وتعضلت زنود جنود جاحد النعمة « أشاوس ونشامى العراق » الذين كانت لهم أرض الكويت الطاهرة حُلم القدر .. وفردوس الدنيا..!
منها كانوا يقتاتون لمدة عشر سنوات أو تزيد ... ومنها كانوا يقفون على أرضية صلبة وأساس قوي متين يرتكز على « الدينار الكويتي »..!
من هذا الدينار ومن نفوسنا الطيبة وضمائرنا الحية ... من طيبة قلوبنا وطهار أفئدتنا ومن ثقتنا بحماة « البوابة الشرقية » ..! جاء أبناء العشيرة والدم والتاريخ كي يدنسوا الأرض ويمرغوا التاريخ بأقدام نتنة ونفوس مريضة في ليل أغسطس المشؤوم..!!
دخلت أسراب الجراد أرض الرجال في ليل حالك أسود مرير..!
دمروا الأرض .. سرقوا الخير .. نهبوا الحب .. شردوا الأهل قتلوا أبناء الديرة .. عذبوا الشباب اليافع .. هتكوا أعراض العذارى وأخيراً حرقوا خيرات الله على أرض كويت العطاء..!
حاربوا الضمير الإنساني .. وزرعوا بذرة الجاهلية الأولى من جديد على رقاع الظلم والاستبداد …!
حاربوا شرع الله ودنّسوا بيوت الله وحرقوا كتاب الله ..!!عاندوا وماطلوا وشرعوا يحرقون الأخضر واليابس .. فماذا بقى لهم أن يفعلوا من جرائم التاريخ وأغفلوها ..؟!
لكن الله يمهل ولا يهمل .. لقد أمطرت السماء بوابل النيران على جند الطاغية المهزوم كما فعل طير الابابيل عندما رمت جند أبرهة بحجارة من سجيل ..! وأبقت جثثهم المتفحمة .. وأشلاء أجسادهم العفنة .. وبقايا عظامهم النخرة .. تملأ صحراء الكويت الشمالية .. وبقيت مسروقاتهم كخرق بالية سوداء تغطى وجوههم القبيحة .. وخير شاهد وأقوى دليل .. « طريق الجهراء والمطلاع» ..!
تدمير الآليات العسكرية العراقية بعد انسحابها شمال الكويت وتولى أيام الأشهر السبعة الحزينة لتبزغ شمس فبراير مشرقة تنير أرض الكويت من جديد تبزغ شمس الحرية والكرامة فوق أرض الجب والوفاء .. لتفجر هذه الشمس بأشعتها الذهبية عنفوان العزة والسؤدد ..!!
من هنا وخلال هذه الأيام المجيدة من تاريخ الكويت الحديث والتي أنارت درب الحرية من جديد وبعد أن عاد « القلم » ملهوفاً رحت أجمع بقايا أوراق متناثرة هنا وهناك .. وبدأت ألملم قصاصات الورق « الرديئة » والتي لم يوجد غيرها في ذلك الوقت .. والتي دونت عليها مواقف وملاحظات وأفعال وتصرفات « جند قادسية صدام» أيام الظلام والقلق والإرهاب .. عليها تكون مادة متواضعة وشاهداً حياً ودليلاً صادقاً على ما كانت تقوم به « أسراب جراد بغداد » من أعمال الجُبن وعلم النذالة والمتطورة المروية من وحل بغداد ..!
هذه المادة أو هذه المواقف بين صفحات هذا الكتاب هي « غيض من فيض ».. وهي نقطة ماء عذبة في بحر مالح ..، ليس فيها أي تكلف أو اصطناع موقف أو خطأ في التقدير هي مواقف من آلاف المواقف .. لكنه رأي واحد قرأته في عيون أبناء بلدي أيام المحنة ومنظور واحد سمعته من ألسن أبناء بلدي .. هو « الغدر ونكران الجميل » تمثل ونبع وتغلغل في نفوس هذا الكم من « الجراد الجائع» الذي غزا الكويت بعد أن اشتاق إلى الوجبات الكاملة المغلفة بورق « السلوفان » ووجبات « الهمبورجر الساخنة » التي كان يتناولها من زاد وخير الكويت العزيزة أيام الحرب العراقية الإيرانية ..!!
هذه المواقف كتبتها كما حدثت لي وأمام ناظري ومن تجارب الآخرين بكل أمانة وصدق لتكون مرآة صادقة لنا وصفحة سوداء للطاغية وأركانه وأعمدته الخارجية ..! وجنده الدمى ..!! وشعب « الهوسات » المأجور والحاقد!!
إلى أبناء الديرة الذين قالوا لي سجل واكتب للتاريخ ما تراه وتسمعه .. أقول : ها أنفذ ما رغبتم به.. وأطرح بين أياديكم حصيلة سبعة أشهر من الجلد والتأقلم ومسايرة الحدث .
ساعات الغزو
ليلة كئيبة ليست كمثيلاتها السابقة .. أقوم من فراشي وأنا أئن أنين المتعب المنهك .. أجلس على فراشي متخذاً وضع القرفصاء، أنظر إلى ساعة غرفة النوم وهي تكاد تلتصق بجدارها فأجدها قد ابتعدت عقاربها عن منتصف الليل .. وأسترق السمع جيداً وإذا بأصوات غريبة تخترق جدائل الليل الهادئ وتنتابني قشعريرة تدب في أوصال جسدي ..!!
أقوم ثانية وبعنف أمسك بستارة النافذة وأنظر خارجها ... لا شيء ..!
أكذّب أذنيَّ .. أغمض عينيَّ وأفركهما لعلي أرى ومضة الواقع لكن دون جدوى ..!
يتعاظم الصوت ويقوى ويشتد بل إنه يقترب ... وأقف مشدوها وجلاً .. فعلاً إنها أصوات غريبة .. أزيز طائرات عن يُعد .. أصوات طلقات مدفع لكنها بعيدة نوعاً ما .. أخرج من غرفة النوم قاصداً أي مكان أستطيع أن أستطلع فيه الخبر أو أجد منه الرد الشافي لما أنا فيه من الهلع ... ويصدق الخبر .. دوي متقطع في الخارج .. وألم دفين في داخل نفسي .. هناك أمر ما لا أعلمه يهز كياني .. فالموقف أكبر مما أشعر به ..!!
القوات العراقية فجرت أكثر من 700 بير نفط كويتي
أجري نحو سماعة الهاتف أتلقفها بشغف وخوف .. أدير القرص على رقم أعرف صاحبه .. لا مجيب .. أختار آخر ولكن دون فائدة ترجى .. ! اُكمل الليل وساعاته المروعة التي لا تريد أن تدرك الفجر .. أسهر على هذه الأصوات المجهولة وأنا يقظ ولكنني منهوك القوى ومزعزع الفكر والوجدان .. ينبلج الصباح بعد أن أكون قد أديت صلاة الفجر ..!
أفتح المذياع بعد ساعة ودقائق غفوتها قليلاً وإذا بأغان وطنية أسترق السمع جيداً .. وإذا بالخبر اليقين قد بات حقيقة لا مناص منها ..!!
هذا ما قاله زميل لي .. في صباح الخميس المشؤوم .. أما أنا فقمت من النوم فجأة على صوت جرس منزلي .. وأمسكت بسماعة الانتركم حتى أعرف المتكلم وإذا بصوت هادئ حزين يقول والحشرجة تملأ حنجرته .. افتح الباب بسرعة ..!!
وجريت أنزل درجات السلم كالملهوف .. وفتحت باب المنزل الخارجي وإذا بي وجهاً لوجه أمام شقيق زوجتي .. قلت ما الخبر وماذا بك وما الذي حصل ؟
قالها بتوجع : العراق دخل الكويت … لم أسمع جيداً من هول الصدمة فقلت ماذا تقول قال جيش العراق دخل الديرة .!!!! قلت صحيح .!! قال نعم .. وعدت أدراجي لأفتح المذياع وإذا بأغاني وطنية تصدح .. أمسكت بالتلفون واتصلت بجريدتنا « الأنباء » كي أعرف الخبر عن كثب فقال لي عامل البدالة : نعم الخبر صحيح .
ارتديت ملابسي بسرعة واتجهت صوب الجريدة .. أول ما صادفني اثنان من الشباب يقفلان الشارع المؤدي إلى قصر بيان ..!!
نكمل السير فإذا بالشوارع خالية .. نصل الجريدة فإذا بالزملاء يفتحون المذياع والمذيع يصيح بأعلى صوته « يا عرب .. الكويت تتعرض لغزو بربري ..الخ »..!!
جريت إلى غرفة الوكالات العالمية .. وأسحب ورقة من إحداها وإذا بها تقول « إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى » .. صدق الله العظيم . ويقول ناطق عراقي « إن هناك ثورة داخلية في الكويت .. وقد طلبوا العون والمساعدة من العراق ... ولذلك بدأت طلائع القوات العراقية بالوصول إلى الكويت لمساعدة هؤلاء الثوار »... !!!
أرجع إلى مدير التحرير أستطلع الخبر .. فإذا بالجميع وقد صعقه الخبر المؤلم !! لقد بدأ الزحف البربري نحو أراضي الكويت الحبيبة ..!!
الاتصالات تتكرر .. وأسأل مدير التحرير .. عما في نفسي ونفس كل كويتي في هذه اللحظات الأليمة فيقول أطمئن (الأمير وولي العهد » بخير وهما في مكان آمن .. المجلس الوطني منعقد .. وبعد قليل يقول « الأمير وولي العهد خارج الكويت وهما بخير ..»!!
القوات الكويتية والاماراتية في أول يوم للتحرير 26 فبراير 1991
الزملاء كخلية نحلٍ أفزعها الخبر .. كل لا يعلم ماذا يفعل .. خرجت أنا وزميل لي وصعدنا سطح مبنى الجريدة وإذا بمنظر الأدخنة تملأ سماء الكويت وفي أماكن متفرقة وحيوية ومستهدفة .. وزارة الدفاع ، الحرس الوطني ، رئاسة الأركان العامة والتفت شمالاً نحو البحر ومن بعيد أرى طائرات « الهليوكبتر » تأخذ مساراً نحو شاطئ السالمية شمالاً ..!!
وأنزل بسرعة وإذا بأحد المصورين قد وصل إلى أماكن حيوية والنقط صوراً .. وآخر يصوب فوهة كاميرته إلى الخارج عبر إحدى نوافذ الجريدة .. لكن المفاجأة أكبر من أن يكون هناك سبق صحفي ينفرد به أحدنا .. فلا وقت لذلك ولا مجال ..!!
ثم أخرج لعلي أصل إلى شيء أهتدى به فيكون بلسماً شافياً لسقم تغلغل في الفؤاد؟؟! ولكن الوضع يتدهور ..
أركب السيارة ... وأصل إلى جمعية العديلية أو الروضة .. لا أتذكر جيداً وإذا بجنود أشكالهم غريبة يخرجون في أيديهم أكياس .. ويحملون الأسلحة أتأملهم جيداً فيهزني شقيق زوجتي ويقول :
إنهم عراقيون .وأقول لا .. ونمر بجانب أحدهم وقد اتخذ من جدار مدرسة مكاناً .. يستظل به وبيده بندقية واحدّق به جيداً .. وينهرني ثانية شقيق زوجتي .. نكمل السير وإذا بطائرة « هليوكبتر » قد تهشمت فوق جدار من الأسمنت قرب جسر في منطقة حولي وقد التفّ حولها الشباب وقالوا أنهم أسروا من فيها وذهبوا بالباقي إلى المستشفى ..
ونكمل السير أيضاً وأطلب من شقيق زوجتي وهو يقود السيارة بأن نذهب إلى قصر « دسمان » وهناك لم نجد شيئاً .. سوى دبابة تابعة للحرس الوطني .. وأخرى عراقية تحترق .. وقرب بوابة سيارة « سوبربان » مصطدمة بأخرى وسيارة أخرى لم أتأملها جيداً وقد اصطدمت بمثيلتها .. هنا تقفز الدمعة من عيني جلية وساخنة .. إنه منظر يصعب على أي كويتي أن يصدقه ..!!
قصر أميره .. ووالده بهذه الصورة .. إنها مؤلمة حقاً ومحزنة وبكيت بكل ألم ومرارة .. وأنا أرفع رأسي فإذا بسيارة جيب غريبة الشكل يقف بداخلها أربعة جنود ويتجهون صوب القصر ...!
ونغير الاتجاه طالباً من رفيقي أن يتجه صوب قصر السيف وقبل وصولنا إليه وعند الاشارة الضوئية قرب البنك التجاري وإذا بجنديين يطلبان منا الوقوف ويطل أحدهم برأسه من نافذة السيارة ويقول إلى أين ..؟ قلنا إلى صوب قصر السيف .. قال ، الطريق مقفلة ..! وقال : أنتم من الحرس . قلنا : لا قال ماذا تعملان قلنا: موظفون ..! وقال بلهجة عراقية: « لوف منا وكمل » .. وقبل أن يسير أشار إلى فمه قائلاً: « ما بي أكل » قلنا لا . وفي طريقنا ونحن صوب إدارة شؤون القصر في منطقة الشرق وإذا بجنود يجلسون .. وكانت هذه أول مرة أصادف بها جنود هدام العرب لأول وهلة ..!!
هذا ما اخترنا لكم من الكتاب للمعد والصحافي خضير عبد الله
جريدة حدث الالكترونية
|