
12-10-2009, 03:22 AM
|
 |
مشرف
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,663
|
|
(موطأ مالك) أول كتاب كتب في الكويت قبل 4 قرون وربع القرن
إعداد: فرحان عبدالله الفرحان
القبس - 02/10/2009
كان المتفق عليه ان غالبية كتب الشيخ عثمان بن سند الفيلكاوي هي الكتب التي كتبت في الكويت وفيلكا بالذات قبل ثلاثة قرون، لكن عندما يظهر «الموطأ» ( «الموطأ» للامام مالك ابن انس، من اكابر المحدثين وامام مذهب المالكية) وقد كتب في جزيرة فيلكا قبل كتب ابن سند بقرن من الزمان، فهذا شيء يلفت النظر.
كان ان قدم لي الاستاذ صالح العثمان، وكيل وزارة التربية المساعد السابق، نسخة من «موطأ» الامام مالك، كانت طبعته ادارة مركز البحوث والدراسات الكويتية.
واصل هذه المخطوطة كان لدى الاستاذ عبدالعزيز حسين وزير الدولة السابق، وقد ورث هذه المخطوطة عن والده الذي كان يملكها وكتب عليها «في ملك حسين بن عبدالله بن حسين في ربيع الثاني 1345).
لقد كانت في حوزة حسين بن عبدالله المعروف بـ«ملا حسين» او «حسين التركيت» قبل خمس وثمانين سنة. ومعنى هذا انه كان منذ صدور او كتابة «الموطأ» حتى استلمه ملا حسين ثلاثمائة وسبع وخمسون سنة فاين كان هذا المخطوط؟
كان الفاضل الاستاذ محمد ناصر العجمي العالم المتابع والذي اخرج لنا قبل مدة كتابا قيما عن الشيخ عبدالله الخلف، كان المفروض بهذا العالم الجليل ان ينقل لنا الاجواء التي عاشت فيها فيلكا، الجزيرة الحالمة التي كانت تنبض بالحياة من الزراعة الى صيد السمك الى السفر حتى العلم، بينما كانت الكويت المدينة لا توجد عندها معلومات، اللهم الا ما ذكره المرحوم عبدالله الحاتم حول اول مسجد في الكويت في كتابه الاوائل الى ان مسجد بن بحر الذي بني بمحاذاة قصر السيف قد اسس في القرن السادس او في اواخره، وعلى هذا يكون متلازما مع ظهور هذا الكتاب الموطأ، وحيث يقول الحاتم ان هناك حجة شرعية تقول ان هذا المسجد جدد سنة 1745، والذي جدده هو عبدالله بن علي بن سعيد بن بحر بن خميس بن ثاني بن خميس بن وسيط بن معن.
وعليه اذا كان التجديد في سنة 1745، فالبناء والاساس من المؤكد انهما كانا قبل قرن من الزمان، يعني هذا انه تزامن مع ظهور الموطأ للامام مالك.
وهنا نسأل هل جزيرة فيلكا اقدم حضارة وتواجد سكان فيها من مدينة الكويت اذا استثنينا مسجد البحر آنف الذكر؟
وهل كانت جزيرة فيلكا اقدم حضارة وثقافة من مدينة الكويت؟
ان الملاحظات الاولية على ظهور كتاب الموطأ في جزيرة فيلكا وظهور الشيخ عثمان بن سند عالم فيلكا بعد قرن من ظهور «موطأ مالك» العالم المؤلف المذكور بعد قرن من الزمن اضف الى ذلك ان «موطأ مالك» لا يكتب في مكان الا اذا كان الناس والسكان لهم رغبة في قراءته وتفضيله على كتاب اخر بالاضافة الى ان عثمان بن سند الذي خرج بعد قرن من ظهور هذا الموطأ مالكي المذهب.
ويعطينا انطباعا ما كتبه الشيخ عثمان بن سند في كتبه ومنها «الدرة الثمينة في مذهب عالم المدينة» وهو نظم لكتاب العشماوية في فقه المالكية علماً بان ابن سند قد نظم هذه الدرة الثمينة لابنه عبدالله الذي عاش في جزيرة فيلكا اسوة بوالده، الا ان ابن سند ذهب الى بغداد ليلتقي بالعلماء والكبار وتوفاه الله هناك.
اذن نقول ان الاجواء في جزيرة فيلكا كانت على المذهب المالكي ولم تتأثر بالمذهبين الشافعي او الحنفي وايران والعراق في تلك الحقبة من الزمن، وكذلك لم تتأثر بالمذهب الشيعي على اساس ان في تلك الحقبة كان المذهب الشيعي في ايران في بداية تكوينه على ايدي الصفويين.
عندما نلقي نظرة على مؤلفات ابن سند السبعة (المرحوم مسيعيد بن احمد بن مساعد بن عبدالله بن سالم، كاتب وخاط الموطأ) نستدل على انه كان في هذه الجزيرة علماء. ولا يعقل ان يكون السيد مسيعيد خطاطا وكاتباً وحيداً في هذه الجزيرة، بل يعطي انطباعا ان فيها ثقافة وحضارة، وكذلك القبور هنا وهناك لبعض الصالحين وهم العلماء السابقون امثال ابن سند مسيعيد آنف الذكر، وهذا يدل على ان هناك حضارة وثقافة والا كيف يكون هذا الخطاط المتمكن الذي كتب الموطأ بهذا الخط الجيد والحروف الواضحة وبها رموز لاسم مالك باللون الاحمر وان السيد مسيعيد رجل متمكن ومطلع ولابد ان يكون قد كتب وخط كتبا كثيرة لكنها لم تصل الينا.
هذا المخطوط الموطأ الذي انتقلت ملكيته من عبد العزيز حسين والوزير السابق من والده الى مركز البحوث والدراسات الكويتية، وتولى الفاضل محمد ناصر العجمي اعداده حيث ظهر في ثلاث طبعات، الأولى 1997 والثانية سنة 2000 والثالثة التي في أيدينا سنة 2005.
كان بودي أن يعطينا الفاضل محمد ناصر العجمي عن فيلكا والأجواء التي مرت بها، ومر بها هذا المخطوط، حيث إنه العالم المتمكن الدؤوب.
المعروف ان اسرة آل التركيت التي آل إليها الكتاب، حيث ما هو منصوص (في ملك حسين بن عبدالله بن حسين في ربيع 2 - 1345 كانت تعيش في الكويت، وكان حسين هذا إماما للمسجد وقارئا للقرآن والموالد، وكان ينافس ملا محمد بن اسنان على أي منهما يصمد إماما مدة أطول من الزمن، والاثنان قد عمرا ردحا من الزمن، واستطاع ابن اسنان ان يصمد إمام مسجد اثنتين وسبعين سنة، وملا حسين بن عبدالله ظل إماما قرابة سبعين سنة.
والمعروف ان اسرة آل حسين التركيت كانت تسكن في مدينة الكويت، وكانت لها مصاهرة مع آل الشعيب الاسرة الفيلكاوية العريقة.
كانت اسرة آل الشعيب تملك بيتا في مدينة الكويت، وبيتا رئيسيا في فيلكا، وكانوا من كبار الاسر القديمة في هذه الجزيرة.
كان بيتهم الذي يقع في مدينة الكويت قد اشتراه والد جد كاتب هذه السطور. وهو عبدالله محمد راشد الفرحان في منتصف القرن التاسع عشر.
هذه الاسرة آل الشعيب التي كانت متواجدة في جزيرة فيلكا منذ أمد بعيد يظن أنها هي التي كانت تملك هذا المخطوط، وغيره من الكتب، حيث كانت تتعاطى بالتجارة مع العراق والهند وايران والخليج، وكانت علاقاتها العلمية معروفة منذ ذلك الحين ولصلة القرابة بين آل التركيت، وبما أن ملا عبدالله حسين عالم متأدب، فمن باب أولى أن يكون هذا المخطوط قد انتقل إليه بحكم العلم والدين والقرابة العائلية، ويجب أن نعلم أن المخطوط في تلك الحقبة لا يبخل به صاحبه لإطلاع غيره عليه، والدراسة والتعلم بعكس هذه الايام والسنين، حيث الكتب انتشرت والمخطوط يعتبر تحفة أثرية يجب الاحتفاظ به، ولهذا عملية تنقله وانتقاله من يد إلى أخرى أمر هين، ولهذا أقول ان عائلة الشعيب العائلة القديمة في جزيرة فيلكا منذ قرون وصلة النسب والقرابة مع عائلة آل ملا حسين سهل انتقال هذا المخطوط لملا حسين عبدالله والذي يعتبر اليوم في أيدي الناس يقرأونه مخطوطا باعداد الشيخ محمد ناصر العجمي حفظه الله.
نعود الى هذا الموطأ المعروف في العالم الاسلامي أن هناك روايتين لهذا الموطأ: الأولى والمشهورة وهي التي بين أيدينا ونحن بصدد الكتابة عن هذا المخطوط الذي رسمت به هذه الرواية وهي رواية (يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس بن منقابا الليثي المعمودي الأندلسي الذي تعلم مذهب الامام مالك في المدينة المنورة وقام بنشر الموطأ والمذهب في الأندلس).
والرواية الثانية: هي رواية محمد بن الحسن الشيباني. والموطأ ليس من كتب الحديث الرئيسية بل من كتب الفقه، يبين أحكام العبادات والمعاملات في ضوء اجماع أهل المدينة وما انتشر بينهم من الحديث والسنة، كما يتعرض للخلافات الخارجة عن ذلك، وفي بعض الفروع لا يسوق الامام مالك حديثاً واحداً يعتمد عليه فحسب بل يذكر فتاوى المجتهدين ثم يقرر حكمه ويخبر عن اجماع أهل المدينة.
عند انتقال كتاب الموطأ الى الأندلس وانتقال بعض سلطان الأندلس الى الشمالي الافريقي لذا نرى أن هذا الشمال حتى موريتانيا ونيجيريا ومالي والمغرب والكاميرون والجزائر وتونس وليبيا كلها تتبع مذهب الامام مالك كما أنها في قراءة القرآن تتبع ورش وقالون، وظلت هذه الروايات والمذهب متبعة في هذه البلاد حتى خرج من هذه البلاد فحول في الفقه والحديث واللغة.
علماء أجلاء
ولنا أن نسأل اخيراً كيف أن جزيرة فيلكا تتبع المذهب المالكي في تلك الحقبة من الزمن، بينما نرى أن غالبية الجزيرة العربية من حائل حتى حدود اليمن فحدود عمان كلها تتبع مذهب الامام احمد بن حنبل.
المعروف أن مذهب الامام أحمد كان سائداً في الموصل من العراق وباديتها وبلاد الشام ودمشق ودوما والصالحية، ومن هذه الاصقاع مع التجارة الى أواسط الجزيرة العربية، أخذ مذهب الامام أحمد يأخذ مكانه واصبح المذهب السائد في هذه البلاد، وهنا نكون قد كونا خريطة لتوجهات في المنطقة، حيث كان الاحساء وامتدادا الى حدود الكويت وجزيرة فيلكا كان قبل خمسة قرون على مذهب الامام مالك، وكانت عمان على المذهب الظاهري، وفي اليمن على مذهب الامام زيد، أما الحجاز فكان السائد فيها المذهب الحنفي بحكم سيطرة الأتراك وتوجهاتهم، ونلاحظ كذلك انتشار رواية حفص عن عاصم هذه القراءة التي انتشرت مع الدولة العثمانية.
• نموذج من خط السيد المسيعيد في هذا الكتاب الكبير {موطأ مالك} ابن أنس رضي الله عنه
-
|