مقابلة مركز المخطوطات والوثائق محمد ابراهيم الشيباني
محمد الشيباني:
أبواب مركز المخطوطات مشرّعة للباحثين
تقرير/ آدم يوسف
بعد مرور أكثر من عشرين عاماً على إنشائه، بات مركز المخطوطات والوثائق في حي الجابرية في الكويت علامة فارقة وقبلة يقصدها الباحثون وطلبة الجامعات من المعنيين بشؤون التراث وتحقيق النصوص. ربما لا يعلم كثر أن المركز ليس مؤسسة حكومية ولا جمعية نفع عام، إنما هو ملك خاص أنشئ بنفقة مالكه الباحث والكاتب الصحافي محمد إبراهيم الشيباني الذي حدثنا عن أهداف إنشاء المركز والرسالة التي يؤديها، إلى الصعوبات والعوائق التي يمر فيها.
منذ متى بدأ عمل المركز ؟
تأسس المركز فعلياً عام 1987 وكان قبل ذلك مجرد لجنة صغيرة في جمعية إحياء التراث. لكن بالنسبة إلي وعلى الصعيد الشخصي كنت هاوياً للتراث والرحلات وجمع الآثار منذ 1964 وكنت أحمل حقيبتي وأجوب بها دول حوض البحر الأبيض المتوسط، ثم أهبط إلى دول المغرب العربي. هكذا استمررت في الرحلة باحثاً عن التراث حتى يومنا هذا.
هل المركز جمعية نفع عام ومن أين تحصلون على الدعم المادي؟
المركز ليس جمعية نفع عام إنما هو ملك خاص وهو الآن وقف للعلم وأهله من الباحثين والمتخصصين في التراث والوثائق والآثار. أما في ما يتعلق بالدعم المادي فهو من نفقات مالكه محمد الشيباني ولا نحصل على أي دعم آخر لا من جمعيات نفع عام ولا دينية أو خيرية، ولا حتى من الحكومة، رغم أن خيرات هذا المركز تعود على الكويت وهو دعاية للوطن في المحافل والمناسبات الدولية المتخصصة. كثر يقولون لي: «لمَ لا تذهب إلى فلان من الناس وتعرّفه بنشاطك» فأجيب «أن العارف لا يعرّف والناس جميعاً يعلمون عن المركز ونشاطاته»، لذا كان ينبغي أن يبادروا الى المساعدة، خاصة بعد إعلاننا أن المركز لا يستطيع مواصلة نشاطه وهو مهدد بالإغلاق. خفضنا الإنفاق وعدد الموظفين بسبب شح الموارد المادية.
ما أبرز المخطوطات التراثية التي يحويها المركز ؟
المخطوطات الأصلية في المركز أكثر من 1400 مخطوط ولدينا مخطوطات نادرة. أود أن أوضح هنا أننا نعني بكلمة مخطوط ما خط باليد من قبل علماء العرب والمسلمين في الأزمنة الماضية منذ بداية عصر التدوين في القرن الثالث الهجري. يتكوّن المخطوط من عناصر ثلاثة هي الخط والورق والأحبار ولدينا أنواع أخرى من المخطوطات المصورة على الورق والمايكرو فيلم وبعض الأدوات الحديثة الأخرى. أقدم مخطوط أصلي لدينا هو للفقيه السخاوي في الفقه ويعود إلى عام 887 هجرية وأقدم مخطوط مصور لدينا يرجع إلى القرن الثالث الهجري.
ثمة دول في أوروبا وآسيا تحوي خزائنها مخطوطات مهمة كيف يتم التنسيق معها؟
بدأنا رحلة التواصل مع أوروبا منذ عام 1987 حين زرنا دولاً كثيرة مثل هولندا وتركيا والمانيا وفرنسا وأمضينا هناك أوقاتاً طويلة باحثين في الفهارس المتوافرة لاختيار مجموعات كثيرة وتصويرها. استطعنا الحصول على مخطوطات مهمة وثمينة. لا مشكلة في أوروبا أن تعاد المخطوطات التراثية مصورة إلى أصحابها طالما أن المستفيدين من تلك المخطوطات يدفعون الرسوم المحددة للتصوير، لكن المشكلة في الدول العربية التي ندفع لها بسخاء ونحاول جاهدين الحصول على بعض النسخ المصورة من المخطوطات التي نرى أنها مهمة، بيد أنهم يحرموننا حتى من التصوير والمشكلة أن أرباب المكتبات في الدول العربية ذوو صدور ضيقة ويحسدون العلماء والباحثين ويحرمونهم من ورقة واحدة أو صفحة من مخطوط ويضعون شروطاً وضوابط تعجيزية كأن يطلبوا من الباحث أن يأتي بإثباتات وشهادات لمن يهمه الأمر وغير ذلك كي يعطوه ورقة واحدة. إنه أحد الأسباب التي دفعتني إلى إنشاء هذا المركز وأبذل التراث لسائر طالبيه دون قيد أو شرط واستفاد من المركز منذ عام 1987 إلى يومنا هذا أكثر من ألفي باحث.
ثمة عزوف من طلبة الجامعات عن الدراسة في مجال تحقيق النصوص، ألا يوثر ذلك سلباً على هذا التخصص العلمي المهم؟
لا أرى أنه يؤثر كثيراً، خاصة أن هناك الكثير من الجامعات الغربية والعربية ما زالت تطلب تحقيقاً في بعض المخطوطات. معلوم ان لعلم تحقيق النصوص أسساً علمية وقواعد صارمة ولا يسمح للإنسان بالحصول على درجة علمية في مجال تحقيق النصوص إلا بعد استيفاء الشروط العلمية المتفق عليها، كأن يتحدث المحقق في مخطوط ما عن حياة المؤلف، ثم يأتي بعد ذلك إلى الأحوال الاجتماعية والسياسية التي رافقت عصرالمؤلف ويتحدث بعد ذلك عن مضمون المخطوط وتاريخه الزمني. إذاً، تحقيق النصوص ليس علماً واحداً بل علوم كثيرة في باب واحد. في الحقيقة لم يتوقف البحث في هذا المجال وما زال الناس يبحثون في المخطوطات وما برحت الجامعات توافق على الرسائل العلمية المنضوية تحت هذا الباب.
يقتني بعض الناس مخطوطات علمية مهمة، ليس من أجل الفائدة العلمية إنما للزينة والتفاخر، ما رأيكم؟
جميل أن يقتني الإنسان مخطوطاً علمياً ويحافظ عليه أياً يكن السبب لأن أحفاده وأبناءه سيحتفظون بهذا المخطوط ويتوارثونه من بعده، لكن المشكلة مع الناس الذين يمتلكون وثائق أو مخطوطات مهمة ولا يدركون قيمتها العلمية وإذا مات الأب أو الجد يرمون تلك الكنوز العلمية في الحاويات وصناديق المهملات، أو يمنحونها لأناس لا يعرفون قيمتها ولا يقدرونها حق قدرها. لكننا نذكر من باب الأمانة أن هناك أناساً من أهل الخير يمنحون هذه المخطوطات للمراكز المتخصصة ويتبرعون بها للجامعات والمكتبات الكبرى. لدينا في المركز تسع مكتبات آلت ملكيتها إلينا بعد وفاة أصحابها وتبرع بها الورثة.
هل يتوقف عمل المركز على المخطوطات الورقية فحسب أم يمتد إلى سائر التحف والمقتنيات الأخرى؟
يضم المركز بعض المقتنيات الأخرى مثل التحف. لدينا مثلاً مئة قطعة لطبيب جرّاح من العصر الملوكي (القرن السابع الهجري) وطوابع مر عليها الآن أكثر من مئة سنة ورسائل قديمة سواء عربية وغير عربية وسجاد قديم وأدوات أثرية أخرى من الأواني والفخاريات وبعض العقود القديمة والأختام وغير ذلك يصعب حصره.
هل لديكم وثائق مهمة متصلة بشؤون الخليج والجزيرة العربية؟
لدينا في هذا الجانب وثائق ثمينة للغاية ولا تتوافر لأحد، منها مثلاً رسائل متبادلة ما بين الشيخ مبارك ووالي البصرة آنذاك زمن الدولة العثمانية. وهناك رسائل قديمة جداً تعود إلى أيام حكم الشيوخ: مبارك الصباح وجابر المبارك وسالم المبارك وأحمد الجابر وعبدالله السالم. وثمة صور قديمة للحياة في الجزيرة العربية التقطها المصورون الإنكليز يعود بعضها إلى مئة سنة خلت. الى الوثائق «العدسانية» القديمة المهمة وتتعلق بتاريخ القضاء في الكويت وتدل على صحة ملكية الأرض في حال حصول تنازع عليها.
هل هناك مراكز مشابهة في دول الخليج العربية تتعاونون معها؟
بالطبع، هناك مراكز مشابهة كثيرة نتعاون معها فداخل الكويت مثلاً هناك جامعة الكويت ومركز المخطوطات في وزارة الأوقاف. أما في دول الخليج العربية فثمة مكتبات كثيرة مثل مكتبة الملك فهد ومركز الملك فيصل في المملكة العربية السعودية ومركز جمعة الماجد في دبي ودار الوثائق في قطر.
هل لديكم أنشطة ثقافية أخرى عدا جمع المخطوطات والاعتناء بها؟
اني منهمك شخصياً بالتأليف في تاريخ الكويت والبحث في السياسة والاقتصاد. أمارس الكتابة الصحافية في جريدة «القبس» منذ اكثر من أربعة عشرعاماً، فضلاً عن المحاضرات والدورات التدريبية وسواها.
كيف يمكن للباحثين وأساتذة الجامعة الإفادة من هذا المركز؟
أحمد الله على أن مركز المخطوطات بات معروفاً ليس في الكويت فحسب إنما في الولايات المتحدة وبقية دول العالم أيضاً. فقد وضعنا خطة منذ إنشاء المركز عام 87 تضمن انتشار المركز وذيوع صيته، لذا يأتينا الآن باحثون من أنحاء العالم كافة، وبعض الباحثين لا يسأل عن المخطوطات فحسب، بل يبحث عن معلومات تتعلق بالتاريخ والأنساب وتراجم الرجال. وعلى الصعيد المحلي نلاحظ أن بعض أساتذة الجامعة يأتون بطلبتهم للاطّلاع وإلقاء الدروس والمحاضرات. يأتينا ايضاً بعض طلبة الدراسات العليا في الشريعة والآداب للبحث عن مخطوط ما فنرشدهم إليه مع بعض النصائح المتعلقة بطريقة تحقيق النصوص واستخلاص المعلومات منها.
(جريدة الجريدة)
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ
لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ
الله يعطيك العافية على مجهودك الرائع بالنقل ،،ومركز المخطوطات يستحق العناية والدعم الكامل له من الدولة ،،
حياك الله وبياك في هذه الإطلالة يا أبا عبد اللطيف
وبالنسبة لمركز الوثايق والمخطوطات .. رأيت الخاصة من الناس منه على طرفي نقيض؛ فمنهم من يتعاطف معه كمركز أهلي حاوٍ لوثايق الكويتيين بالإضافة لغيرها وله إنتاج طباعي لا يخلو في مجمله عن فائدة.
ومنهم من يسلقه بلسان الانتقاد.. ذاكراً عنه صنوفاً من المثالب والعجائب ..منها اختلال مصداقية المركز العلمية، والتطفل على اختصاصات الكبار، والتحيل على أخذ وثائق الناس..الخ العبارات التي تحتاج في الحقيقة لتثبُّت وإثبات!
وعلى رأس كل من الرأيين ثلة من ذوي الأسماء الرنانة المشاهير من الباحثين والمثقفين والمتخصصين في التراث الكويتي، فاحترنا من نصدق منهم وإلى أي المذهبين نجنح!!
إذ يندر في الواقع أن يثير مركزعلمي من المراكزالأهلية هذا اللغط والجدل الواسعين في طبقة النخبة المثقفة.. على نحو هذا الشكل المبالغ فيه بصراحة.
بالنسبة لي شخصياً .. فأنا لست معتنياً بالتاريخ أو التراث، والحكمة ضالتي أينما وجدتها، وقد استفدت كثيراً من بعض المنشورات المهمة لذلكم المركز؛ ككتاب القضاء والقضاة في الكويت مثلاً.
ولكوني منكباً على دراساتي الأدبية واللغوية في المقام الأول .. فلاشك أن اضطراب الآراء حول هذا المركز ستصيب مثلي بشيء من الحيرة .. ولابد.
فما رأيك يا أبا عبد اللطيف في هذه المفارقة؟!
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ
لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ
لما ظهر نعي المرحوم ماهر؛ قرأت في محل لست أذكره: أن عقار المركز من تبرع ابنة التاجر عبدالله بن ساير الشحنان.
وهي والدة ماهر.
والمعلومة تحتاج إلى توثيق واستيثاق.
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ
لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ
السلام على الجميع .. عذراً على التأخير أخوي الأديب ..
أخي الكريم الأديب .. بخصوص المركز وكمثل ما سمعت أنت وسمعنا أيضاً من بعض الأخوة .... فقد ترك بعض الأخوان الأمر كله وأتجهوا إلى محاولة النيل من شخوص الأخوان المسؤولين بالمركز .. قد سمعت أحاديثًا كثيرة .. ولكنني أنا لا أهتم بطبعي بالبشر وما يكنون في قلوبهم من أمور غيبية .. كثر ما أهتم بإنتاجيتهم للمجتمع وبتقديم كل ما هو إيجابي للناس .. فالمركز بنهاية الأمر مركز أهلي مفتوح للجميع .. وقد ذكر الأخ محمد الشيباني بأن هنالك نية لإغلاق المركز بالمستقبل القريب .. ذلك نظراً لتزايد الكلفة المالية وغياب الدعم الحكومي للمراكز الثقافية الكويتية ..
ومثال ومقياس على الوضع المستقبلي للمركز في حالة غياب الدعم الحكومي .. أرى أمثلة قد تحصل لهذا المركز إن بقي على وضعه الحالي ..
فالأخ صالح المسباح باع مكتبتة التراثية قبل كم سنة .. وأيضاً الأخ يحيي الربيعان عمل تصفية على جميع الكتب القديمة النادرة في مكتبتة .. ولذلك لنا نظرة شخصية بأن عصر المراكز والمكتبات التراثية والثقافية والأهلية سوف ينتهي قريباً .. في غياب الدعم الحكومي ..
ولا أعتقد بأن هذا المركز سوف يصمد لفترة طويلة وفقاً لما ذكرت .. بل أيضاً بوفاة الباحث ماهر الساير .. أحد المهتمين والمختصين في جمع المخطوطات العربية والداعم الرئيسي لهذا المركز.. سوف يسرع في تلك الخطوة والله العالم ... مع إننا لا نتمناها أبداً ...
مقابلة مركز المخطوطات والوثائق محمد ابراهيم الشيباني
العرض العادي
