شريفة السيد إبراهيم الرفاعي:
نموذج إضافي للعمل التطوعي الخيري
بعد السلام
في البدء أستأذن روح المرحومة، لأن أتوجه لأهل الكويت الكرام: تقبل الله طاعتكم في هذه الأيام المباركة والليالي العاطرة، وأعترف أني لا ألاحق إبداعاتكم وإحسانكم، ولا أفتأ أذكركم بالذكر الحسن حتى آخر أيام حياتي، ولن أنتظر الدعوة لغيري من أصحاب الأقلام الشريفة ليكملوا مسيرة التوثيق من بعدي، ولكن منذ الآن الساحة الكويتية ممتلئة بالنماذج التي تستحق التكريم من الأحياء والأموات على السواء، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
اضافتنا الى العمل التطوعي الخيري هي شخصية كويتية عادية، مثل سائر ربات البيوت الكويتيات خريجات الكتاتيب القديمة لدى المطوعة، فلم يكن بروزها بالمفهوم المتعارف عليه من حضور علمي أو تعليمي أو اقتصادي أو سياسي، بل في الانطلاق من المقومات الشخصية البسيطة إلى الدور الفاعل الكبير في مجال العمل الخيري الفردي العفوي، حيث كانت بمفردها تقوم بدور لجنة زكاة، او لجنة خيرية متكاملة حتى استحقت لقب «أم الفقراء والأيتام»، حيث جمعت عناصر العمل الخيري المؤسسي التالية بمفردها رحمها الله:
أولاً: التمويل، وثقت بها المحسنات من عائلتها وعائلات كويتية كريمة أخرى، فانصبت بين يديها الكريمتين المظاريف الإجمالية والمفصلة بالاسم من قبل تلك المحسنات الكريمات.
ثانياً: أسلوب التوزيع، البحث الميداني والتوزيع المباشر باليد، بالاستعانة بسائقها الخاص.
ثالثاً: المستهدفون، الأسر الكويتية وغير الكويتية المتعففة، والأفراد داخل الكويت وخارجها، مثل البحرين ولبنان، ويقارب عددهم ثلاثمائة فرد.
رابعاً: منطلق الإحسان: بيتها العامر بالخير والمفتوح طوال العام لبعض الاسر البحرينية التي تستضيفها، بل وتأخذها بسيارتها الخاصة وترافقها لقضاء حوائجها من أسواق الكويت.
خامساً: أسلوب التوزيع الخيري: الكتمان والبعد عن الضوضاء، بعيدا عن إحراج المحتاجين المتسلمين للمساعدات من خلالها حتى انهالت على ابنتها نورية رشود ابراهيم الرشود (ام احمد الفضل) الاتصالات من الكويت والبحرين ولبنان للتعزية اولاً، وإبداء القلق من انقطاع المساعدات عنهم من بعدها، فلم تعلم ابنتها وهي أقرب الناس إليها عن هذه المساعدات، بل انهالت عليها المظاريف نفسها التي كانت المحسنات الكويتيات يعطينها لوالدتها، الأمر الذي أنشأ لدى هذه الابنة البارة (نورية) الالتزام الأدبي لأن تكمل المسيرة الخيرية بإذن الله تعالى من بعدها، بحيث لا ينقطع الخير عن المحتاجين ولا الأجر عنها في قبرها - إن شاء الله - باعتبارها سُنّة حسنة قد سنّتها في حياتها وبشكل طوعي اختياري دؤوب.
سادسا: المساعدات النوعية: كانت - رحمها الله - إلى جانب دعم الأسر المتعففة، تستهدف الأيتام في الكويت والسودان وغيرهما.
كما كانت - رحمها الله - تستهدف سد النقص الذي تلمسه لدى الأسر الفقيرة مثل المكيف والثلاجة ولوازم المنزل والمواد التموينية للكويتيين وغيرهم.
سابعا: التسامح المذهبي: مثل ما كانت متسامحة على مستوى الجنسية، فقد كان ديدنها التسامح في المذهب الديني، حيث لم تكن تفرق بين سُنّي وشيعي في مساعداتها، فكم ساعدت من أسر ممن نسميهم «عيم الكويت» أي من الإيرانيين المستقرين في الكويت.
وبعد... هل يلومني أحد في أهل الكويت؟ الله يحفظكم ويديم عليكم نعمه.
وسأضيف إليكم في مقالتي المقبلة - إن شاء الله - رمزاً اجتماعياً أضيف به نموذجا جديدا منكم، وهو عائشة محمد الموسى أرملة الملا مرشد محمد السليمان رحمهما الله.
د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي