عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 04-10-2021, 05:05 PM
الصورة الرمزية classic
classic classic غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 234
افتراضي



كتاب " مُقدمة بن خلدون " من مكتبتي - صَفَحات تُراثية من طباعة قَديمة جداً - المطبعة البهية المصرية بميدان الأزهر

كتاب عجيب بديع وهو من علماء الأندلس عاش في القرن السابع الهجري

وبرغم مرور على مايربو سبع مئة سنة على كتاباته إلا أنها ذات عمق وبعد نظر بلغت وربما تجاورت زماننا هذا

( نظرة تاريخية من المؤرخ عَبد الرَّحمن بن مُحَمَّد ابن خَلْدُون أبو زَيْد وَلْي الدِّين الْحَضْرَمِيّ الإَشبيلي المعروف بإبن خَلْدُون عن تاريخ العقار )

( اعلم ) أن التاريخ فن عزيز المذاهب جم الفوائد شريف الغاية إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين في الأمم من أخلاقهم والأنبياء في سيرهم

والملوك في دولهم وسياستهم حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه أحوال الدين والدنيا فهو محتاج إلى مآخذ متعددة

ومعارف متنوعة وحسن نظر وتثبت يفيضان بصاحبهما إلى ( الحق )


" فصل في تأثل العقار والضياع في الأمصار وحال فوائدها ومستغلاتها "


اعلم أن تأثل العقار والضياع الكثيرة لأهل الأمصار والمدن لا يكون دفعة واحدة ولا في عصر واحد

وأما فوائد العقار فهي غير كافيه لمالكها في حاجات معيشته إذ هي لاتفي بفوائد الترف وأسبابه وانما هي في الغالب لضرورة المعاش

والذي سمعناه من مشيخة البلدان أن القصد بإقتناء الملك من العقار والضياع إنما هو لخشية من يترك من الذرية الضعفاء

ليكون مرباهم ورزقهم فيه ونشؤهم مادامو عاجزين عن الإكتساب فإذا اقتدروا في السعي على تحصيل المكاسب سعوا بأنفسهم

وربما يكون من الولد من يعجز عن التكسب لضعف بدنه أو آفه في عقله المعاشي فيكون ذلك العقار قواماً لحاله

إلا أن ذلك إذا حصل ربما امتدت اليه أعين الأمراء والولاة وسرقوه في الغالب أو أرادوه على بيعه ونالت أصحابه مضار ومعاطب

والله غالب على أمره وهو رب العرش العظيم


( فصل في حاجات المتمولين من أهل الأمصار إلى الجاه والمدافعة )

وذلك أن الحضري اذا عظم تموله وكثر للعقار والضياع تأثله وأصبح أغنى أهل المصر ورمقته العيون بذلك وانفسحت أحواله في الترف والعوائد

زاحم عليها الأمراء والملوك وغضو به ولما في طباع بعض البشر من العدوان أن تمد أعينهم إلى تملك مابيده وينافسونه فيه ويتحيلون على ذلك

بكل ممكن حتى يحصلونه في ربقة حكم سلطاني وسبب المؤاخذة ظاهر ينزع به ماله وأكثر الأحكام السلطانية جائرة وظالمة في الغالب

إذ العدل المحض في الخلافة الشرعية وهي قليلة اللبث قال صلى الله عليه وسلم : الخلافة بعد ثلاثون سنة ثم تعود ملكاً عضوضاً

فلابد حينئذ لصاحب المال والثروة الشهيرة في العمران من حامية تذود عنه وجاه يحميه من ذي قرابة للملك أو خالصة له أو عصبية يتحامها

السلطان فيستظل بظلها ويرتع في أمنها من طوارق التعدي والطغيان وإن لم يكن ذلك أصبح نهباً بوجوه التحيلات وأسباب الحكام ( والله يحكمُ ولا مُعقب لحكمه )


فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ


وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ 48 قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ 49 وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ 50 فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ " سورة النمل "

51 فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ 52



ويستطرد " عبدالرحمن ابن خلدون " في وصف أسباب هلاك القرى و الدول وهدم البيوت الخاوية

أن ( الظلم مؤذن الخراب ) المفضي للفساد وغير ذلك من سائر المقاصد الشرعية في الأحكام فانها كلها مبنية على المحافظة على العمران

فمن كلام بهرام بن بهرام في حكاية البوم التي نقلها المسعودي : أيها الملك أن الملك لايتم عزه إلا بالشريعة والرجال ولاقوام للرجال إلا بالمال

ولا سبيل إلى المال إلا بالعمارة ولا سبيل للعمارة إلا ( بالعدل والعدل الميزان المنصوب ) بين الخليقة نصبه الرب وجعل له قيماً وهو الملك

أثبت علم التاريخ أن البشر لايستفيدون من مواعظ التاريخ

التاريخ لم يكن يوماً علم الحوادث الميتة التي كفت عن التفاعل على العكس تماماً إذا أردت أن تفهم الحاضر نقب في التاريخ .



https://youtu.be/zqdTa3JHXRM


إذا لم تتمكن من قراءة كتاب " مقدمة ابن خلدون " المهم جداً الذي يوضح لك سلوك المجتمع و سلوك الحكام وبناء الدول والانسان وأسباب انهيارها

بعلم الماضي والحاضر والمستقبل فعليك على الأقل سماع هذا الفيديو