عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 17-11-2013, 03:01 AM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي

(جريدة الراي)

رثاء فنان تشكيلي وتربوي وشاعر... وثّق البيئة الكويتية القديمة باللوحة والكلمة

رحل أيوب حسين... تاركاً أعماله تطوف في مدارات الجمال

فجع الوسط الثقافي والتشكيلي برحيل رائد الحركة التشكيلية الكويتية الفنان أيوب حسين، الذي وافته المنية فجر أمس... بعد معاناة مع المرض، ولقد وقع خبر وفاته على محبيه ومتابعي أعماله الفنية كالصاعقة، لما يتميز به الراحل من خلق عال وطيب إلى جانب موهبته التي استغلها في توثيق البيئة القديمة في الكويت.
وكل من كان يلتقي بأيوب حسين- رحمه الله- يشهد له بشفافيته وقدرته على النفاذ إلى القلب بسهولة ويسر، وذلك بفضل ما يتمتع به من فطرة على حب الناس والتواصل الجميل معهم.
وتميزت أعمال الراحل بالتصوير الواقعي للأعمال التي نقلتها ذاكرته من الماضي، إلى جانب موهبته الشعرية، تلك التي كانت تظهر من خلال كلماته الشعرية وكذلك ألوانه التي كان يضعها على أسطح اللوحات بحساسية مفرطة.
وولد الفنان ايوب حسين القناعي في حي القناعات الواقع بمنطقة الشرق في مدينة الكويت القديمة عام 1930، تلقى تعليمه كاملا في المدرسة المباركية ومنها تأهل للتخرج في صف المعلمين عام 1949، التحق مباشرة بعد تخرجه في سلك التعليم وكانت الكويت بحاجة ماسة الى ابنائها المتعلمين لتوليهم ادارة دفة المدارس العديدة التي تم افتتاحها بعدما منّ الله على الكويت بتدفق النفط بأرضها لينعم ابناء البلد من خيرها، التحق بعد تخرجه في مدرسة الصباح، وكانت المدرسة قد تم افتتاحها في العام نفسه، وتواصل مشواره مع التعليم سنين طويلة وصلت مدتها الى ثلاثين عاما، فاذا اردنا التفصيل فهي كما يلي: امضى 11 عاما منها مدرسا ما بين مدارس الصباح والصديق وابن زيدون، ثم عامين آخرين وكيلا لمدرسة عبدالعزيز الرشيد في منطقة حولي، ثم 17 عاما ناظرا لمدرستي الصباح الابتدائية وابن زيدون، فيكون المجموع كما ذكرنا ثلاثين سنة كاملة تقاعد بعدها عن سلك التعليم في العام 1979.
وهناك نشاط آخر جدير بالاهتمام للفنان الراحل وهو مؤلفاته القيمة التي تتحدث عن تراث الكويت وماضيه الجميل، وتأتي قيمة هذه المؤلفات معاصرة للحياة الكويتية القديمة فسطرها بأسلوب رائع يثير الحنين والشوق والتلهف الى سبر اغوار ماضي الكويت للتعرف إلى طريقة الحياة والأساليب التي عاشها الآباء والاجداد، كما سلط الضوء على كل ما هو متعلق بالماضي من مهن وحرف وعادات ومناسبات، وكذلك عن اللهجة الكويتية وتفسير معانيها ومفرادتها. كما لم ينس استاذنا التعليم في الماضي فتحدث عن منهجيته واسلوبه وطرقه وادواته وكل ما هو مرتبط ومتصل به في النواحي كافة. وقد يطول الحديث عن تلك المؤلفات القيمة، ولكن لابد من الاشارة بانها قد حفظت جزءا من تراثنا الكويتي العريق ومن مؤلفاته مع الاطفال في الماضي، مع ذكرياتنا الكويتية، مختارات شعبية باللهجة الكويتية، حولي قرية الانس والتسلي، من كلمات أهل الديرة ورسم الراحل ما يزيد على 600 لوحة زيتية باحجام مختلفة، جميعها جاء من واقع التراث الكويتي بكافة صوره واشكاله، واعتبر في هذا المجال من الرعيل الاول والاساتذة الكبار بالفن التشكيلي، وشارك في العديد من المعارض داخل الكويت وخارجها ابتداء من (معارض الربيع) التي كانت تقام في مهرجانات الربيع بمدارس الكويت خلال فترة الخمسينات، وغيرها العديد كما ذكرنا بداخل الكويت وخارجها التي لاقت الاستحسان وتقدير الجميع.
كما أنه خدم التعليم في الكويت بجد واخلاص منقطع النظير لمدة استمرت ثلاثين عاما.
يقول الفنان التشكيلي عادل المشعل، في إحدى مقالاته: «إن لوحات الفنان أيوب حسين من أعظم الأعمال التي تتعلمها الأجيال المقبلة والحاضرة خصوصا البيئة التي قدمها هذا الفنان في أجمل الصور. لقد تبنت مجموعة 50-20 التي تشرف عليها الصديقة العزيزة نورية السداني المبادرة بشأن الدعوة لإنشاء متحف أيوب حسين للبيئة الكويتية، ليضم اللوحات الفنية التي رسمتها ريشة هذا الفنان الرائع بكل مقياس من الروعة والتواضع... ليكون مزارا لأهل الكويت... من طلاب وباحثين والدارسين في التراث، وهو خير من أنجز لوحات التراث.
ان أيوب حسين من رواد الحركة التشكيلية الذين حافظوا على تاريخ الكويت، فقد استطاع بلوحاته الفنية أن يجعل جيلنا والأجيال التالية يعيشون عن قرب من حضارة الكويت الإنسانية والتاريخية.
ومن الأشياء التي اهتم بها أيوب حسين الملابس وطريقة الألعاب- والأحياء الشعبية والفرجان وتجسيد تاريخ الرحلات والصحراء وبر الكويت المزدهر والذي كان موقعه في حولي والنزهة في الستينات.
انه جامعة في وصف هذه المدن والأحياء، انه ليس فقط مجرد موسوعة تاريخية، فقد استطاع أن يرسم ويجسد بفرشاته وقلمه حياة الإنسان العادي، كذلك رسم المرأة بأزيائها، وجسد رجال الغوص والرقصات الشعبية وبيوت أهل الكويت بأسماء أهلها ورسم الطعام والرحلات. وقالت السداني ان هذا الرجل يستحق الكتابة عنه، بل يستحق أكثر من ذلك بإطلاق اسمه على شارع أو مدرسة، وهذه الأماكن تكون في الشارع أو المدرسة نفسها القريبة من بيئته.
انه أيوب حسين... الفنان التشكيلي الرائع، الذي علمنا كيف يكون التواضع.
وأتمنى ألا يخيب ظن هذه المجموعة بعمل متحف يطلق عليه اسمه، وهذه ليست معجزة».
وطرح مشعل وقتها سؤاله: «لماذا لم يفكر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في هذه الفكرة وهي عمل الموسوعات للفنانين الذين رحلوا وتركوا وراءهم الكم الكبير من اللوحات والشهادات، وأن يكون لهم متحف خاص».
وتحدث الكاتب حسن علي كرم في مقالة صحافية له عن أيوب حسين فقال: «كان شغوفاً بالبيئة المحلية لكنه لم يتوغل في البحر ابعد من اليال (الجال) والنفقعة والفرضة فلم يركب البحر لا بحاراً ولا غواصاً تباباً، لم يتوغل في الصحراء وحياة البداوة فلم يسكن الصحراء الا في مواسم الربيع وطلعات البر فهو ابن المدينة وابن الفريج».
وأشار كرم إلى ديوانه الشعري الذي كتب مقدمته الاستاذ الدكتور عبدالله يوسف الغنيم قائلاً «الاستاذ ايوب حسين الايوب فنان بكل ما تعنيه الكلمة من معنى اهدى الكويت مجموعة قيمة من الاعمال الفنية التي وثقت صورة الحياة القديمة في وطننا العزيز، واصبحت مصدراً لا غنى عنه للباحثين في مجالات التراث الشعبي ومأثوراته المختلفة المرتبطة بالمهن والألعاب الشعبية والمعالم العمرانية وغير ذلك».
وقال كرم: «لقد تعددت مواهب وفنون ايوب حسين وتعددت افكاره ومجال اعماله وانتاجه فهو جملة فنانين في فنان واحد، وان كان هو فنان فلقب فنان يعود لطبعه المتواضع والبساطة والثقة، وما ذلك من اطباع الفنان الاصيل الذي لا يدعي التصنع والاتكاء على الآخرين وما اكثر هؤلاء المدعين والمتصنعين».
ان ديوان (خواطر شعرية بين الفصحى والعامية) ثمرة من ثمار هذا الفنان الاديب والكاتب والمسرحي والتراثي ثمرة من ثمار جهد مواطن كويتي بسيط يرى في نفسه انه قادر على العطاء حتى وهو على فراش المرض ومشاكل الشيخوخة، فدامت صحتك يا بوحسين ودام عطاؤك».
ويعد الفنان أيوب حسين من أفضل المؤرخين بالريشة والقلم للواقع التراثي والشعبي على مدى أكثر من أربعين سنة مضت، فمن حيث الريشة استطاع الفنان أيوب حسين أن يرصد الحياة التراثية القديمة بكافة أشكالها وتفاصيلها الدقيقة من خلال لوحاته التي سجلت لنا مجريات الطقوس القديمة والأحياء الأولى وما يدور فيها من مظاهر الحياة والألعاب التي كانت تمارس في القديم قبل ابتكار الألعاب الحديثة.
كما سجلت لنا ريشته معظم الأشياء التي كانت تستخدم سابقا سواء من قبل الرجال أو النساء وفد اختفى الآن أكثرها.
كما أن الفنان نقل لنا الكثير من الأسواق والأماكن التي لم يعد لها أي وجود اليوم، فمن يتذكر الآن باب السور الذي كان يقفل ليلاً ومن يتذكر مكتبة المعارف وأدوات الإضاءة القديمة وعملية بيع الماء وعامل «البوستة» والنوم في الحوش صيفاً... وأشياء وأماكن أخرى لا يمكن حصرها في هذه السطور.
كما تخصص في موضوع البيئة والتراث، حتى أن ذاكرته قدمت خدمة كبيرة للأجيال اللاحقة، لذلك فهو يهتم كثيرا بالموضوع، ما الشكل عنده إلا حالة وصفية تفصيلية للمفردات التي أمامه.
وتحدث الراحل عن مسيرته مع البيئة والتراث قائلا: «بعد رحلة طويلة مع الفن التشكيلي دامت مايزيد على الأربعين عاماً، انطلقت منها باستعمال القلم الرصاص، مارا بالأقلام الملونة والألوان المائية والأقلام الشمعية، منتهياً باستخدام الألوان الزيتية، تخللت هذه الرحلة بعض التوقفات في محطة الأعمال اليدوية وعمل المجسمات، غير متقاعس عن روح المشاركة مع زملائي الفنانين في معارض متعددة داخل البلاد وخارجها ثنائية أو ثلاثية أو جماعية.
وبعد مصارعة مع النفس ومع السهر والصمود حتى الفجر، وبعد مضي أربعة وستين عاماً من العمر فإنني أتقدم بهذه الحصيلة من الأعمال. وكان لي الشرف في إبراز معالم بيئتنا القديمة وما احتوت عليه من حياة هادئة أمينة وروابط ألفة ومحبة.
إنها الهواية التي وجدت مستقرها في نفسي منذ عهد الشباب، ولم تتخل عني حتى في هذه السن المتقدمة من العمر. ومازلت أمارسها وألجأ إليها ولو على حساب إرهاق عافيتي وإضعاف بصري».


وزير الإعلام: أرّخ بالريشة والقلم لواقع الكويت
وبيئتها وتراثها على مدى أكثر من ستين عاماً

نعى الشيخ سلمان الصباح السالم الحمود الصباح وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب ورئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المربي الفاضل الفنان التشكيلي أيوب حسين الأيوب القناعي وقال: «ترجل بالأمس فارس من فرسان الريشة واللون ومرب فاضل ونجم ساطع من نجوم الكويت إنه المغفور له الفنان: أيوب حسين ايوب الذي يعتبر أفضل من أرخ بالريشة والقلم لواقع الكويت وبيئتها وتراثها على مدى أكثر من ستين عاما، حيث استطاع أن يسجل بريشته الحياة التراثية القديمة بكافة أشكالها وتفاصيلها».
لقد قدم المغفور له خدمة كبيرة لأجيالنا القادمة بتأريخه للبيئة الكويتية، وعزاؤنا أنه ترك إرثا غزيرا من مئات الأعمال الفنية التي ستبقى شاهدا على تفرده وإبداعه في هذا المضمار.
إننا نعزي أنفسنا أولا بفقدان هذه القامة الفنية كما نعزي أهله وذويه ونأمل لهم الصبر والسلوان كما نعزي أقرانه وتلامذته من الفنانين الذين تتلمذوا على يديه ونهلوا من نبعه الصافي.
تغمد الله أيوب حسين ايوب بواسع رحمته وإنا لله وإنا إليه راجعون.
__________________
للمراسلة البريدية: kuwait@kuwait-history.net
رد مع اقتباس