أهلاً بالأخ الزميل ..
ان الكلام عن تجاوزات الأقلام المعاصرة أثناء التوثيق إلى المبالغات (وهو مرفوض بالاتفاق) ثم التمثيل لذلك بالراوية المذكورة ... فليس البحث عن مفهوم الرواية الشفهية، ولا عن عموم النقولات والروايات وأثرها في كل الكتب؛ وإنما في مثال محدد .
بحثنا: هو رواية الراوي في حالة ( الشذوذ ، والإغراب ، والانفراد ) عن غيره .. ما حالها ؟ مع توفر دواعي النقل عند غيره من الشهود، بل واحتفال كثير من المصادر المحلية والأجنبية بنقل هذا الحدث وتداعياته.
أفضل أحوالها هو التوقف .. وعدم الاعتداد بهذه الرواية إلا بوجود ما يعضدها من القرائن التاريخية، والأمانة العلمية تفرض على المؤرخ الفحص والتمحيص وانتخاب الأصح، فكيف إذا كانت الرواية الشاذة تحتمل الشك أو السهو أو النسيان أوالزيادة أو النقص أو حتى الكذب .. كلها احتمالات يبيحها العقل من غير جزم.
وكيف إذا كانت الاحتمالات تتوارد على ثلاثة أشخص: الأستاذ جمال عن = الراوي الحاج جمال (ابن 10 سنين يومها) = عن شخص مجهول هو أصل الرواية، وكل واحد من الثلاثة يرد عليه احتمالين أيضاً في حالين: التلقي والأداء! يعني سمعها صح ونقلها غلط أو العكس .. وهكذا فالاحتمالات كثيرة.
سوغنا إثارة غبارها هنا تحديداً لاعتبارين:
الأول/ ذكرته سابقاً وهو أن الراوي نقل التبرع بعد الحرب .. وهو -على افتراض صدقه- الحدث الأقل أهمية!
لأنه يمتنع عقلاً أن يسخو هؤلاء الكويتييون بعد الحرب ويشحوا قبل الحرب عن وطنهم بخلاً ! هذا بعيد جدا جدا .. إذن فلنقل يحتمل أنهم تبرعوا قبلها أيضاً (افتراض جدلي خارج الرواية) .. لكن الراوي نسي ذلك !!! وهذا هو مطلوبنا في رد روايته .. أنه لم يحفظ فلا يمكننا قبول خبره ، فقد يكون واهماً .
أما فكرة التبرع لجبر الأضرار .. فلم تكن غائبة ، لكنها بلا معنى ! أشبه بمحاولة إنعاش الميت بعد دفنه، كما يقول الشاعر: إن الزجاجة كسرُها لا يـُشعبُ.
فأين هذا الجبر والدعم عندما كان يرسل مبارك بعض جنوده للسفر خلال نجد (بلا زهاب)؟؟ وأين هذه البطولة يوم أعلنت الكويت النفير العام بين رجالاتها؟؟
هل أصاب هؤلاء يومها .. الصمم ؟؟
ألا ترى قول الرواي ملخصا حالة الامتنان الشديد عن مبارك مجازفاً:
 |
اقتباس: |
 |
|
|
|
|
|
|
|
لابناء الحاج غالب موقفا وطنيا بارزا بعد معركة الصريف بقى في ذاكرة الشيخ مبارك الصباح إلى اواخر ايام حياته
|
|
 |
|
 |
|
ما هذا الكلام ... يا رجل ؟؟ إلى آخر أيام حياته .. مرة واحدة؟ هلا كانت البطولة في وقتها ؟ (ونضرب حين تختلط الدماءُ ؟) أم القصد تسجيل بطولات وهمية على حساب الأمانة والمصداقية.
بعد هذه الجولة في فحص الرواية .. تظهر لنا نكارتها واضطرابها، ومع تشبع القراء المطلعين بجو أحداث (كون الصريف) ووقائعها وتفاصيل أخبارها القبلية والبعدية .. لا يمكن أن تمر مثل هذه الرواية الهزيلة جداً .. مرور الكرام، دون مساءلة!
الاعتبار الثاني/ أن معاصرة الوقائع هي الدليل الأوضح .. على بطلان هذه الأحبوكة القصصية ، فعندنا من المعاصرين للحرب رجالاً كثيرين سجلوا الأحداث .. ولم يسجلوا هذه المنقبة لجدكم الكريم.
ولن أتتبعهم بالسرد .. بل سأكتفي منهم برجل مقرب من مبارك، و ضمن جهازه الإداري وكان حريصاً على نقل الشاردة والواردة ، بتفاصيلها .
وهو : علي غلوم رضا (رضاياتي) جاسوس البريطانيين في الكويت .. ولا أظن بشخصية (شيعي من العجم) مثله أن تتجاهل حدثاً مثل التبرع السخي من هؤلاء .. لمبارك الكبير الذي لم ينس جميلهم عليه لآخر يوم بقي في حياته.
وغلوم مجرد مثال واحد فقط.
خصوصاً أنه من العيب موازاة درايته وعلمه .. بطفل عمره عشر سنين !
تحياتي لك
__________________
للمراسلة البريدية: kuwait@kuwait-history.net
|