الروبية الهنديه
يبدو أن استخدام الروبية الهندية في الكويت قد بدأ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر . ويعود ذلك إلى استقرار نفوذ شركة الهند الشرقية واستيلاءها على مقاليد الأمور في الهند - سياسياً واقتصادياً - مما جعلها تصدر عملة واحدة باسمها للاستخدام في عموم الهند. ونظراً للنمو المضطرد للتجارة بين الكويت والهند عبر الزمن بدأت هذه العملة تأخذ مكانها جنباً إلى جنب مع بقية العملات الرائجة في الكويت آنذاك نظراً لعدم وجود عملة محلية رسمية للتداول.
ونظراً لأهمية تلك العملة في تاريخ الكويت على مدى أكثر من مائة عام فإننا سنتحدث في الفصل القادم بإسهاب عن هذه العملة وفئاتها المختلفة والإصدارات المختلفة التي تم تداولها في الكويت على مدى قرن وربع من الزمان تقريباً.
تقسيمات العملات المتداولة وقيمة كل منها مقارنة بالأخرى
يبدو أن استخدام العملات المختلفة في الكويت قبل استقرار التعامل بالروبية الهندية لم ينتج عنه أي إرباك أو مشاكل في التعامل بين الناس. فلكل عملة رئيسية قيمتها المعروفة والتي تعتمد أساساً على وزنها من الذهب أو الفضة مما يجعل من السهل مقارنتها مع بقية العملات وتبادل البيع والشراء فيها بالرغم من تعدد وتنوع تلك العملات. ونظراً لغياب العملات الورقية - إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى - فان العملات الذهبية - والتي يطلق عليها الليرات - كانت هي الأعلى في القيمة بين بقية الفئات الأخرى التي تتكون من الفضة والمعادن الرخيصة الأخرى. وكان من بين العملات الذهبية التي استخدمت الليرات العثمانية ، وكذلك الجنيهات الذهبية الانجليزية وتلك التابعة لشركة الهند الشرقية وفيما بعد اصدارات حكومة الهند الانجليزية .
الفئات الذهبية وقِيَمتها
كانت هناك ثلاث فئات من الليرات العثمانية هي فئة الليرة الواحدة ونصف الليرة وربع الليرة. كما كانت هناك فئات أكبر لكنها نادرة الاستعمال ومنها فئة الخمس ليرات. وتساوي الليرة الذهبية العثمانية 12 روبيه هندية إلى ما قبل نهاية الحرب العالمية الأولى وكانت تجلب من البصرة للتداول بها في الكويت أو لتذويبها من قبل صياغ الذهب لاستخدامها في صناعة المجوهرات. ويذكر أن سعر الليرة العثمانية قد انخفض في الكويت بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى إلى حوالي 7 روبيات قبل أن يتوقف التداول بها نهائياً. وكانت الليرات العثمانية التي استخدمت في الكويت هي الليرة العزيزية والليرة الحميديه والليرة المجيدية والليرة الرشادية التي اقترنت اسماءها بأسماء حكام الدولة العثمانية. وتحمل كل ليرة اسم «وطغرة» السلطان العثماني .
أما الجنيهات الذهبية الانجليزية والمهر الهندي فكانت اسعارها تعادل 15 روبيه. وتعتبر هذه الليرات من العملات القوية والمقبولة تحت جميع الظروف. ويحمل الجنيه الانجليزي - كما هو شأن المهر الهندي - صور ملوك بريطانيا المتعاقبين ابتداء من الملك جورج الثالث ووليام الرابع إلى الملك جورج السادس.
الفئات الفضية وقِيَمِها
كانت أنواع العملات الفضية المستخدمة في الكويت في الماضي أكثر تنوعاً من العملات الذهبية نظراً لشيوع استخدام هذه الفئات في التعاملات اليومية التي كان يعيشها الكويتيون بكل فئاتهم - ابتداءً من البحار والعامل إلى النوخذه والتاجر - أثناء أسفارهم للدول التي كانوا يترددون عليها باستمرار ومعرفتهم لقيمة هذه العملات ، بالاضافة إلى انخفاض قيمتها نسبياً مقارنة بالعملات الذهبية وسهولة التخلص منها وقت الضرورة. لذلك شاع استخدام عدد كبير من العملات الفضية التابعة للعديد من البلدان التي كانوا يتوجهون إليها للتجارة ، حيث اطلقوا على الحجم الأكبر لكل منها «ريال». وكان في مقدمة هذه الفئات الفضية الكبيرة «ريال» ماريا تيريزا والريال العثماني (المجيدي وتوابعه) والريال الزنجباري والغران الإيراني. وكان لمعظم هذه الفئات تقسيماتها الفضية كفئة نصف الريال وربع الريال ونصف الغران فيما عدا ريال ماريا تيريزا الذي كان يستخدم بمفرده. وكان الريال النمساوي يعادل الريال البرغشي ، ويساوي الواحد منهما روبيتين هنديتين أو خمس غوارين إيرانية ، أي أن الروبيه الهندية تعادل 2 غران ايراني .
الفئات الأخرى
أما الفئات الصغيرة من النحاس والنيكل والبرونز فكانت متعددة وتنتمي لجميع تلك البلدان ابتداء من البيزة الهندية إلى «البيسه» العمانيه والزنجبارية إلى البارة العثمانية والشاهيه الايرانية. وكانت قيمة كل من تلك الفئات معروفه مقارنة بالفئات الأخرى بالإضافة إلى قيمتها الشرائية.
وبهذا كانت الكويت - المركز التجاري المزدهر وقبلة التجار من الدول المجاورة الذين كانوا يأمّونها للحصول على كل ما يبتغونه من بضائع - تزخر بتلك العملات التي لا يكاد أحد من السكان يمتنع عن قبول أي منها مقابل بيعه لبضاعته سواء أكان تاجراً أم صاحب متجرٍ صغيرٍ أم حرفي.
|