عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 25-02-2012, 12:12 PM
ahmedcoins ahmedcoins غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2012
المشاركات: 32
افتراضي

التطورات التاريخية التي أدت إلى استقرار التعامل بالعملة الهندية في الكويت
من المعروف أن السفن الكويتية المتجهة إلى الهند كانت تحمل معها اللؤلؤ الذي كان يصطاده البحاره الكويتيون في الخليج ، والتمور التي كانت تنقلها السفن الكويتية من العراق. وكانت هذه السفن تعود وهي محملة بالأخشاب والتوابل والسكر والشاي والأرز والأقمشة وبضائع أخرى لا حصر لها وذلك لإعادة تصدير جزء كبير منها إلى الدول المجاورة. وقد أدى ذلك إلى توسع الحركة التجارية في الكويت تدريجياً وزيادة أعداد السفن المتجهة إلى الهند وشرق افريقيا. وبمرور الزمن وزيادة النشاط التجاري واستقرار الوضع السياسي أصبحت الكويت محطة مهمة يتم فيها تنزيل البضائع القادمة من الهند والمتجهة لبلدان الشرق الأوسط واوروبا ، لإعادة شحنها إلى بغداد أو حلب بواسطة قوافل الجمال ، لتأخذ طريقها من هناك إلى اوروبا. وقد ازدادت أهمية الكويت كمركز تجاري ، يصل الهند بالشرق الأوسط وأوروبا ، في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ، وتحديداً عام 1776م كنتيجة مباشرة لتأزم العلاقة بين فارس والدولة العثمانية ونشوب الحرب بينهما وقيام الأولى بحصار البصرة لمدة ثلاثة عشر شهراً ثم احتلالها في أبريل من عام 1776م مما أدى إلى قيام شركة الهند الشرقية الإنجليزية - التي كانت تعتبر كبرى القوى التجارية الأوروبية في الخليج آنذاك - بتفريغ بضائعها في الكويت بدلاً من البصرة. وبذلك أصبحت الكويت محطة رئيسية لقوافل الجمال التي كانت تنقل البضائع من البصرة إلى حلب طوال فترة الحصار والإحتلال الذي استمر إلى عام 1779م. وقد استمرت القوافل أثناء تلك الفترة بشحن البضائع من الكويت إلى حلب متجنبة المرور بالبصرة ، وبهذا حُلّت مشكلة تصريف بضائع الهند في بلدان الشرق الأوسط واوروبا خلال فترة احتلال البصرة. ويذكر أن شركة الهند الشرقية الانجليزية أعادت فتح مكتبها في البصرة بعد انسحاب القوات الفارسية من هناك عام 1779، لكنها عادت لتنقله إلى الكويت مرة أخرى عام 1793 عندما نشبت بعض المشاكل بين ممثلي الحكومة البريطانية في البصرة والسلطات العثمانية ، حيث استمر ذلك لمدة سنتين . وقد أدى ذلك إلى توسع النشاط التجاري في الكويت مرة أخرى بعد أن دعى المقيم البريطاني في بوشهر ربابنة السفن الانجليزية بتفريغ بضائعهم في الكويت بدلاً من البصرة كلما كان ذلك ممكناً .
وفي عام 1821م - وللمرة الثالثة - انتقلت وكالة شركة الهند الشرقية الانجليزية بكاملها من البصرة إلى الكويت نتيجة للخلاف الذي نشب بين باشا بغداد والممثل السياسي الانجليزي فيها ، حيث استقرت لمدة أربعة أشهر عادت بعدها الوكالة إلى البصرة بعد حل الأزمة . ومن البديهي أن اتخاذ الكويت مقراً بديلاً لأنشطة شركة الهند الشرقية أثناء الأزمات زاد من أهميتها كمركز تجاري يعتمد عليه وأدى إلى تثبيت كيانها السياسي والاقتصادي كبلد مستقل عن الدولة العثمانية وبعيداً عن تأثيراتها السياسية. كما عزز ذلك علاقة أمير الكويت آنذاك - الشيخ عبدالله بن صباح ، الحاكم الثاني للكويت (من 1762م إلى 1815م) ومن بعده ابنه الشيخ جابر(من 1815م إلى 1859م) - مع شركة الهند الشرقية . ومع توسع التبادل التجاري بين الكويت والهند بدأت الروبية الهندية تأخذ مكانها شيئاً فشيئاً كعملة مقبولة محلياً مع بقية العملات التي كانت متداوله.
ومع نهاية القرن التاسع عشر ، وبعد استلام الشيخ مبارك الصباح لمقاليد الحكم، ومواجهته لكثير من المشاكل والأطماع الخارجية التي ازدادت تجاه الكويت كنتيجة حتمية لازدهارها الاقتصادي ، ودورها الريادي بين كيانات المنطقة في عهده ، اضطر إلى عقد اتفاقية الحماية مع بريطانيا عام 1899م لكبح جماح تلك الأطماع. وقد أدت تلك الاتفاقية إلى توطيد العلاقة مع الحكومة البريطانية وحكومة الهند الإنجليزية واستقرار الوضع السياسي في الكويت وتأكيد استقلاليتها وزيادة الثقة في التعامل التجاري معها مما جعلها تتبوأ تلك المكانة بجدارة. وقد نتج عن تلك التطورات دخول العملة الهندية إلى الكويت بقوة ، خاصة مع ارتباط الهند بالتاج البريطاني واعتماد الكويت بصورة أكبر على التجارة مع الهند التي شكلت العصب الرئيسي للحركة التجارية في الكويت. وفي ظل تلك التطورات شقت العملة الهندية طريقها كأهم عملة يفضلها التجار والمواطنون في تعاملاتهم اليومية ، خاصة مع زيادة ارتباط الكويت التجاري مع شركة الهند الشرقية التي كانت تمثل الذراع الاقتصادي لحكومة الهند الإنجليزية. ومن الأحداث التي تروى ، والتي ساهمت أيضاً في تبوؤ الروبية الهندية للمكانة التي احتلتها كعملة مفضلة بين الكويتيين في تلك الفترة ، أن أحد التجار الكويتيين باع كمية كبيرة من اللؤلؤ في الهند وجلب معه إلى الكويت مبالغ كبيرة جداً من الروبيات (الفضية) مما أدى إلى انتشارها في الأسواق المحلية وتقلص التعامل بالعملات الأخرى بل واختفاؤها نهائياً مع الوقت .
وقد تكرس التعامل بتلك العملة نهائياً وأصبحت هي العملة الوحيدة الرائجة في الكويت مع نهاية الحرب العالمية الأولى وتقلص نفوذ الدولة العثمانية.
رد مع اقتباس