عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 22-09-2011, 11:06 AM
الصورة الرمزية bo3azeez
bo3azeez bo3azeez غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: ديرة بو سالم
المشاركات: 461
افتراضي

السدرة(18)
18 شخصية من أهل الخير أسست الهلال الأحمر
مع خروجي من وكالة الأنباء الكويتية، وبعد أن بنيتها ثلاث مرات، هل وصلت إلى نهاية الطريق إذن؟ بالتأكيد لا.. ليس لأنني لم أكن أبداً مستعداً للراحة والتقاعد فقط، بل لسبب جوهري مختلف قد يبدو غريباً عن عالم الوظائف والمناصب، عالم ينتهي فيه دور الإنسان حين يتخلى عن الوظيفة أو تتخلى عنه. السبب هو أن الوظيفة لم تكن بالنسبة الي مهمة أقوم بها مصادفة أو اتفاقاً، وأغادرها بالطريقة نفسها، بل كانت أسلوب حياة.

في الوظيفة، سواء كانت في وزارة الصحة أو في عالم الإعلام، تكامل جانبان؛ الجانب الشخصي وجانب طبيعة العمل، وشكّلا وسيلة وهدف حياتي ذاتها. في ضوء هذا أعتبر أن راحة الإنسان نهائيا من عمله تعني أنه أصبح عاطلا بلا مستقبل له، أو أنه أعطي شهادة وفاة. لم أكن بحاجة للتقاعد، لأنني بكلمة مختصرة رجل أحب العمل والتفاعل اليومي مع الناس. ولأن لي قضية؛ هذا هو الجوهر.
الحياة بين الأسرة البيضاء وبين آلات استقبال الأخبار وبثها، ومراقبة ما يحدث حولنا في هذا العالم، لم تكن حياة وظيفية، بل كانت قضية، وانشغالا لا يغادرني، سواء كنت في الوظيفة أو خارجها. الانشغال بما هو إنساني وحضاري، وبما يخدم بلدي أولا. هذا هو معنى أن أنتقل من مكان إلى مكان ويظل لي أسلوب الحياة هذا نفسه.

في الهلال الأحمر

كنت مفعماً بهذه الأفكار، بل وتعمقت في نفسي، وأنا أعود إلى الكويت بعد تحريرها من الغزو، وأنا أكتب بمناسبة أول عيد وطني نستقبله بعد التحرير والسحب السوداء تغطي السماء، وآثار الخراب لا تزال ماثلة:
«.. هذا هو الاستقلال نفسه الذي حاول المحتلون مصادرته من قلوب شعبنا، وهو ذلك الاستقلال الذي مكن الكويت وشعبها من المكانة التي وصلتها، والتي دفعت العالم بأسره ليهب لنجدتها.. الاستقلال الذي حاول المحتلون مصادرته هو الحرية التي عشناها.. وهو دولة الأمن والأمان والاستقرار لا المطاردة والقمع والبوليس.. وهو حرية الكلمة التي نمت وترعرعت في الحضن الكويتي لتغني العالم العربي بأسره، وهو واحة الديموقراطية والحوار التي مكنت سواعد أبناء الوطن من التلاقي والتعاضد في وضع أسس متينة لبناء حضاري وإنساني شامخ..»
هي قضية وجودنا في وطن إذن وليس وجودنا في وظيفة تنتهي علاقتنا بها حين نغادر مكاتبنا. وسيظل لهذا الوجود معنى، وسنظل نجد فيه المعنى، أينما ذهبنا والتفتنا.
هنا يكمن المعنى الحقيقي لوجودي في جمعية الهلال الأحمر الكويتي منذ تأسيسها، أي خلال وجودي في وزارة الصحة، ثم خلال وجودي في كونا، وأخيراً مع انتخابي لرئاسة الجمعية في عام 1992. لقد تخلل هذا العمل التطوعي في الجمعية مسار حياتي، ولذا لم يكن تفرغي له أخيراً، بعد أن قيل لي ببساطة «ما قصرت في كونا.. الله معك» هبوطا عليه من الخارج، بل إنضاجاً لتجربة عشتها بكل ما أملك من حماس ورغبة منذ البداية، ربما منذ بداية تثقيفي صغيراً على قيم العمل الإنساني في بيت العائلة.

الاجتماع التأسيسي

منذ العام 1965 كانت فكرة تأسيس جمعية هلال أحمر كويتي موجودة في ذهني، وفي ذهن عبد العزيز الصقر والملا يوسف الحجي وسعد الناهض. وفي ديسمبر من العام ذاته، عقدت ثماني عشرة شخصية من أهل الخير أول اجتماع تأسيسي لهذه الغاية، ووضعت النظام الأساس. والشخصيات هي:
د. ابراهيم المهلهل، برجس حمود البرجس، خالد يوسف المطوع، سعد الناهض، سليمان خالد المطوع، د. عبد الرحمن العوضي، عبد الرحمن سالم العتيقي، عبد الرزاق العدواني، عبد العزيز حمد الصقر، عبد العزيز محمد الشايع، عبد الله سلطان الكليب، عبد الله علي المطوع، عبد المحسن سعود الزبن، علي محمد الروضان، محمد يوسف النصف، يوسف ابراهيم الغانم، يوسف جاسم الحجي، يوسف عبد العزيز الفليج.
وتقدمت هذه الشخصيات بطلب إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، فوافقت على إنشاء الجمعيــــة، بعــــد وقت لم يدم طويــــلا، وتم إشهارهـــا في ينــــاير 1966. وتم انتخـــــاب مجلس الإدارة وتشكل مــن:

مجلس الإدارة

عبد العزيز الصقر، محمد النصف عبد المحسن الزبن، الملا يوسف الحجي، يوسف الفليج، سعد الناهض، برجس حمود البرجس.
وأذكر أنني حصلت وسعد الناهض في الانتخابات على أصوات متساوية، وبإجراء القرعة فاز سعد الناهض بعضوية مجلس الإدارة.
إثر ذلك، بدأنا البحث عن مقر، فاستقر الرأي على ديوانية الجسار في «جبلة» مؤقتا لمدة سنتين. بعد ذلك انتقلنا إلى المقر الثاني في منطقة «الشويخ» مقابل قصر الشيخ ناصر المحمد. وخلال هذه الفترة تم انتخابي عضوا في مجلس الادارة مرتين، وفي عام 1970 ترشحت لمنصب نائب الرئيس حتى عام 1975، وهو العام الذي أصبح فيه د. العوضي أمين عام الجمعية وزيراً للصحة، فتنازلت له عن منصبي كنائب للرئيس.

أرض المقر

حين بدأنا بالبحث عن أرض تصلح لتكون مقراً دائما للجمعية، وجدنا أرضاً مناسبة في «الوطية». ولكن عبد العزيز الصقر رئيس الجمعية ومحمد النصف قالا إنهما تحدثا إلى الشيخ جابر الأحمد الصباح رئيس الوزراء بخصوص أرض للجمعية فلم يجدا منه قبولا، واقترح عليّ رئيس الجمعية الذهاب إلى الشيخ جابر بنفسي وطرح الموضوع مجدداً:
«من الأفضل أن تذهب اليه».
وذهبت بالفعل، وطرحت عليه الموضوع بهذه الصيغة:
«أطال الله عمرك.. جئتك بالنيابة عن مجلس إدارة الهلال الأحمر الكويتي، وأنت تعلم أهمية هذه الجمعية بالنسبة للكويت حضاريا وإنسانياً. نحن بحاجة إلى مقر لها».
فقال:
«خذوا الأرض بجانب عقاب الخطيب في شرق».
قلت:
«ياطويل العمر، ما يصير.. نريد مكانا غير هذا.. بعد أمرك».
«لماذا ؟ شرق زين.. وموقع زين!».
«أريد الإنصاف من سموكم.. قصر السيف في شرق.. ودسمان في شرق، والمستشفى الأميري في شرق.. كله في شرق.. نريد شيئاً من أجل جبلة».
ضحك الأمير الراحل، وقال:
«اختاروا لكم أرضاً».
وقد قام الأخ يوسف عبدالله الشاهين بالبحث مع البلدية حتى اخترنا الأرض التي عليها الجمعية. وبدأنا بوضع التصاميم والمواصفات، وقام المهندسون بالتنفيذ؛ وتم البناء على حساب الجمعية، وعلى أرض ممنوحة من الحكومة.

عضوية الاتحاد الدولي

وبدأت الجمعية اتصالاتها للانتماء إلى عضوية الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر، وسهل توقيع الحكومة الكويتية على اتفاقيات جنيف لعام 1949 قبول عضويتنا في هذا الاتحاد الدولي في عام 1968. صحيح أن حماسنا للرد على المذكرات التي كانت تردنا من الاتحاد الدولي لم يكن كبيرا في البداية، بسبب تعدد الانشغالات وقلة الإمكانات، إلا أننا ثابرنا على الحضور في المؤتمرات الدولية، ونشطنا في التحرك من أجل تأسيس الأمانة العامة لمنظمة جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر العربية خلال حضورنا مؤتمرا في فيينا، ولم تتم ولادة هذا المشروع إلا في عام 1975 مع عقد الاجتماع السابع في الرياض في المملكة العربية السعودية. واختيرت جدة لتكون مقرا دائما لهذه الأمانة العامة الجامعة، وتم انتخاب الشيخ عبد الغني محمود آشتي أمينا عاما لها. ومع ذلك لم يكن لدينا متحدث دولي باسمنا في المحافل الدولية، فقدمت اقتراحاً؛ أن يصار إلى تولي الدولة الرئيسية التي تستضيف دوراتنا مهمة تمثيلنا في المحافل الدولية، وتكون هي من يقدم الاقتراحات ويتولى النقاش ونحن نتبع لها، ولكن اقتراحي لم يجد قبولا لدى بعض الدول العربية. كانت المشكلة أن جمعيتنا هي الوحيدة التي ينتخب مجلس ادارتها، أما بقية الجمعيات العربية فيتم تعيينه.

استقطاب المتطوعين

تزايد نشاطنا تدريجيا، وبذلنا جهودا لاستقطاب المتطوعين. في البداية عمل معنا ما يقارب 24 متطوعا ومتطوعة مقارنة بالعدد الذي يبلغ الآن 1800 متطوع ومتطوعة. وحين أقمنا غرف عمليات اغاثة خلال حرب 1967 وحرب 1973 استعنا بأطباء ومدرسين وهيئة تمريضية من وزارة الصحة مع منحهم مكافآت بسيطة.
المؤسف أن العمل التطوعي كمبادرة انسانية وحضارية غير منظم في البلاد العربية بشكل عام. هناك مشاعر طيبة وأحاسيس تعاطف انساني، الا أن الوعي والثقافة بطبيعة هذا العمل ينقصان الفرد العربي، ولا يزال الخلط بين العمل التطوعي ( الانساني) والعمل الوظيفي (المعيشي) قائما.

صعوبات مع الصحة

أضف الى ذلك ما واجهناه طيلة عملنا في العقود الماضية من غياب اعلامي يكاد يكون تاما عن تغطية أنشطتنا سواء المحلية أو العربية والدولية، وما واجهناه من ابتعاد لوزارة الصحة عن التعاون معنا أوتجاهلنا أحيانا رغم الحاحنا ربما بسبب اعتبارنا جهة منافسة. وتحضرني حكايات تستحق الذكر حول ما واجهناه من صعوبات وعراقــيل مع هذين المجالين.
للهلال الأحمر الكويتي دور فاعل، ليس على صعيد الكويت فقط، بل وعلى صعيد دولي، وتجاربنا في الأوقات الحرجة، مثل أيام العدوان على الكويت في عام 1990 دليل على الجهود التي بذلها الشبان والشابات تحت مظلة الهلال الأحمر، ويحق لنا أن نعتز ونفتخر بها. ففي تلك الأيام دخل عدد من المقاومين الكويتيين تحت مظلة الهلال الأحمر، وبدأوا بمساعدة العائلات، ومنهم من عمل في المخابز لاعداد الخبز، ومنهم من ذهب الى المستشفيات لنقل المرضى. ولنا تجاربنا ومبادراتنا الانسانية في المنطقة العربية والعالم وهي حقائق تستحق أن يلتفت اليها اعلامنا الداخلي والخارجي على حد سواء. فما الذي نجده؟

مكتب في السجن

في مناسبة لا تنسى، اتفقت جمعيتنا مع وزارة الداخلية وادارة السجون على افتتاح مكتب لنا داخل السجن المركزي، وهو حدث مهم اعلاميا يبرز دور الكويت الحضاري أمام بقية دول العالم المتقدم. واستدعينا كونا، فحضرت وقامت بتغطية اعلامية جيدة تناولتها الصحف المحلية بالتفصيل تقديرا منها لأهميتها، وقبل ذلك كنا قد اتصلنا بتلفزيون الكويت، فأرسل لنا امكانات تغطية محدودة جداً. ولدى رجوعي من افتتاح هذا المكتب الصغير حجما والكبير أهمية، ظل يشغلني سر هذه اللامبالاة من قبل جهاز التلفزيون الرسمي، فاتصلت شخصيا بوزارة الاعلام على أمل أن أجد تعاونا من أجل ابراز هذا الحدث الذي كنا سعداء به جداً. كان الاتصال الأول مع الوكيل المساعد لشؤون التلفزيون، فجاء الجواب أنه مشغول، واتصلت بالرجل الثاني، وجاء الجواب أن ليس لديه وقت للرد على الهاتف. عندها اتصلت بالوكيل، فاذا به غير موجود في الكويت، فطلبت الرجل الثاني، واذا بهاتفه لايجيب. وهنا لم أجد بدا من الاتصال بالوزير، ولم يأت الاتصال بنتيجة أفضل، اذ لم يكن الوزير موجوداً!
طلبت المسؤول عن مكتب الوزير، فرد شخص لطيف ومتعاون، وسألني:
«ماذا تريد؟»
شرحـــت لــــه ما نريـــــده للكويــــت، ومـــــا نريــــــده من التعـــــامل مــــع الخبـــر نظــــراً لأهميتــــه الاعــــلاميــــة، وقلـــت:
«أرجو أن تتكرم بابلاغ الوزير»
ووعد بايصال الرسالة.
لا أعرف ان كانت الرسالة وصلت أم لا، ولكن الخبر ضاع كما ضاعت أخبار كثيرة كان يمكن الاستفادة منها في الرد على الألسنة والأبواق المسلطة والمكرسة للهجوم على الكويت. لم نكن في أي يوم من الأيام من أصحاب الحملات الدعائية والصراخ، بل كنا نريد من أعمالنا الانسانية أن تتحدث عنا. أردنا من التلفزيون والاذاعة أن يوليا الأخبار التي تهم الوطن اهتماماً، الأخبار التي نود أن يسمعها العالم عنا. وأن تتعاون هذه الأجهزة مع الجمعيات الانسانية، وألا يكون دورها تلميع صور بعض الأشخاص على حساب المصلحة الوطنية.

حادثة اخرى

ســــأروي حادثــــــة أخرى، وتتعلق هـــــذه المـــــرة بـــوزارة الصحـــــة. كنا دائمـــــا نؤكــــد أن دور الجمعيــــة مكمل لــــدور الوزارة، ويجب أن تكون العلاقـــــة بينهما علاقـــــة تعــــاون وتكامل كمـــا هــــو الأمــــر المعـــــروف عالميــــاً، ولا يتعلق هـــــذا الأمـــر فقــــط بفتــــح المجـــال أمــــام المتطوعـــــين لدينــــا لتقــــديم خدمــــاتهم للمرضى في المستشفيات حتى لو كانت بسيطة، بل بأمــــور أخـــــرى أيضاً مثل المشاركــــة في حملات التوعيــــة، وعمليات تقـــــديم الخدمات الانسانيــــة في حالات الكوارث أو تنظيم تبادل الخبرات والمساعـــدات.
وقد لمسنا مثلا الحاجة الى حملات توعية مكثفة من أجل التبرع بالدم، وطالبنا بانشاء فرع لبنك الدم في الجمعية، يجمع فيه الدم ويرسل الى البنك المركزي للتغلب على الكثير من المعوقات. وبعد أخذ ورد لم نتوصل الا الى حل وسط يقوم على أن تسجل الجمعية أسماء المتبرعين وفصائل دمهم، ثم ترسل أرقام هواتفهم الى البنك المركزي. مثل هذا الجهد هو أحد واجبات الوزارة، ومع ذلك لم نجدها تولي الأمر اهتماما كافياً. وقد حاولت التحدث شخصيا مع عدد من وكلاء الوزارة لكنني لم أنجح في تحقيق شيء من هذا، لم أنجح حتى في الاتصال بواحد منهم يكون مستعدا للرد على الهاتف!
هذه العلاقة الملتبسة بالوزارة جعلت جمعيتنا الساعية إلى تقديم خدماتها التطوعية تشعر بأن الوزارة ترفض أي مساعدة منا من حيث المبدأ، وكأنها تعيش في كوكب آخر، شأنها في ذلك شأن التلفزيون والإذاعة، وكذلك شأن مؤسسات رسمية أخرى تحاول جهدها إبعادنا عن أي مبادرة تعود للكويت.
حدث هذا حين تقرر في اجتماع مع النائب الأول لرئيس مجلس الورزاء ووزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد الصباح في ابريل من عام 1995.
ولاحظت أن تعليماته كانت في الخط السليم لخدمة سمعة الكويت إنسانيا وحضارياً. كانت هذه التعليمات تقضي بتعاوننا مع مكتب ولي العهد ورئيس جمعية الإصلاح من أجل تحقيق هذه المبادرة وتجسيدها. وبالفعل بادرت واتصلت بمكتب ولي العهد وشرحت الموضوع لمدير المكتب مبارك الفيصل الصباح، إلا أنني فهمت من كلامه أن المطلوب من الجمعية هو إرسال متطوعين مع بعض الملصقات التي تحمل شعار جمعية الهلال الأحمر فقط. وهنا فصلت له ما دار في الإجتماع، وطلبت منه الاتصال بوزير الدولة ليتأكد أن لنا دورا أكبر من ذلك، فقال عليّ أنا الاتصال به وهذا رقم هاتفه! واتصلت بوزير الدولة وأعلمته بما دار من حديث، فوعد بتوضيح الأمور للإخوة في مكتب ولي العهد على أن يتصلوا بنا. ولم يصلنا شيء من مبارك فيصل سعود الصباح، وبدا لي أنه اتخذ قراراً بابعاد الجمعية عن هذه المبادرة ومن اتصل بنا كان إبراهيم الفودري، وأفهمته بما تم الإتفاق عليه، وكان رده أنه لايملك أي صلاحية بهذا الخصوص. وكل مالديه من تعليمات أن على الهلال الأحمر تقديم متطوعين فقط، فأبلغته أننا على أتم استعداد لتقديم أي خدمة يطلبونها لأننا في خدمة مصلحة الكويت.
ومر يوم كامل من دون رد، فقررت الاتصال بالفودري لمعرفة ماذا تم، وجاء الجواب:
«كل شيء انتهى.. وليس هناك وقت»!
قلت:
«لعله خير.. نحن موجودون لأي خدمة تطلبونها».
من المؤكد أن ترك الخدمة في موقع ذي صلة بطبيعتك الإنسانية والعاطفية، سواء كان وزارة الصحة أو مجال العمل الإعلامي، سيترك فراغاً في حياتك، وسيجعلك تتساءل عن جدوى العيش عاطلا عن العمل وبلا مستقبل. ولهذا سينصب تفكيرك منذ اللحظة الأولى على إيجاد وسيلة للبقاء على قيد الحياة. أعني البقاء على صلة بطبيعتك وجهد حياتك الذي لايغادرك لهذا السبب أوذاك. فما بالك إذا جاء كل هذا بعد تجربة إحتلال الوطن العاصفة، وبعد أن بدا أن مهمة جديدة أصبحت مطلوبة منك، مهمة المشاركة في البناء؟
حين تتطلع حولك ستجد هناك أكثر من مكان في الكويت يستدعيك ويطالبك بأن لاتغيب. ويزداد هذا الشعور الحاحاً مع تراكم ونضج خبرتك في مجال العمل العام، واكتشافك وسط الاشتباك مع المعوقات والصعوبات أنك مازلت قادرا على العمل، ولو بالكلمة والرأي والنصيحة والاقتراح.
قلت منذ البداية اننا من جيل البحر والسفر، أي من جيل لايتوقف في ميناء إلا ليرحل إلى سواه، ولا يبتعد إلا ليعود. جيل أطل على مشهد الكويت بقضاياها السياسية والإجتماعية والإقتصادية، وشمل بنظرته جوانب الحياة، فلم يترك لهذه الزاوية فرصة أن تحتجزه، أو لهذا المنصب فرصة أن يختصره.
تنويه
وقع خطأ مطبعي في الكتاب، سبب خطأ في الحلقة 18 المنشورة في «القبس» يوم الثلاثاء، حيث ورد من ضمن الشخصيات الــ18 المؤسسة للهلال الأحمر علي محمد الروضان، والصحيح انه علي محمد الرضوان، لذا اقتضى التنويه، وكذلك الشكر لخالد علي محمد الرضوان الذي لفت نظرنا إلى الخطأ المطبعي.
__________________
تهدى الامور بأهل الرأي ماصلحت
*****************
فان تولوا فبالاشرار تنقاد
رد مع اقتباس