إعلاميات من ذهب أمينة الشراح.. نجمة بلا منازع
إعداد: عبدالمحسن الشمري
شهدت فترة الستينيات من القرن الماضي نهضة كويتية شاملة في شتى مجالات الحياة، وكان للمرأة دور بارز في هذه النهضة إذ انخرطت في مختلف مناحي العمل، وكسرت القيود التي كانت تكبلها باسم التقاليد والعادات، ولم يكن مجال الإعلام مثل التلفزيون والإذاعة والفنون كالتمثيل بعيدا عن طموح الفتاة الكويتية، فقد اقتحمت تلك المجالات بقوة وشاركت جنبا إلى جنب مع شقيقها الرجل في العمل، لم يكن ذلك وحسب، بل إن الكثيرات تميزن وأبدعن وتفوقن على الرجل، وفي هذه الزاوية اليومية ومن باب الوفاء لنساء الكويت الرائدات في الإعلام نتوقف يوميا لتسليط الضوء على إحدى المبدعات الاتي تحملن وزر المبادرة الأولى في العمل الإعلامي لاسيما التلفزيون أو الإذاعة.
**
لم يكن قرار التقدم إلى التلفزيون أمرا يسيرا على تلك الفتاة ذات الملامح الكويتية الأصيلة، كانت تعيش حلما ورديا تتمنى أن يتحقق ذات يوم، كانت تتابع برامج التلفزيون في المساء وتسأل نفسها: هل سيأتي اليوم الذي أطل فيه من هذا الجهاز؟ وكيف ؟هل سأنجح؟ وأسئلة أخرى تشغل بالها، عندما قررت مع زميلتها حياة الفهد التقدم إلى مبنى الإعلام في موقعه القديم بالقرب من قصر دسمان كانت أمينة الشراح تتوق الى العمل الإعلامي، وتتراقص أمام ناظريها أحلام وردية، هي فتاة حالمة، وتتذكر أنها قضت عامين في وزارة الصحة مع زميلتها حياة الفهد، وفي ذلك أمان لها واطمئنان ودافع قوي لخوض تجربة جديدة تعشقها، كانت واثقة بنفسها وبقدراتها، تعشق العمل الإعلامي وراودتها أحلام كبيرة.
كان ذلك في عام 1964، لم يكن عمرها في ذلك الوقت يتجاوز 18ربيعا لكن أحلامها كانت كبيرة، وطموحاتها واسعة، دخلت مبنى التلفزيون وأخذت تحدق بالوجوه، التقت فنانا تبدو على وجهه البشاشة والطيبة فزاد ذلك في ثقتها بنفسها، وشعرت بنوع من الارتياح، وعندما انتهى من اختبارها زاد ارتياحها وكادت تطير من الفرح عندما قال لها: ستكونين مذيعة في التلفزيون.
لم تصدق الأمر في البداية لكن سرعان ما دب الأمل والفرح في وجدانها، وهكذا بدأت أمينة الشراح رحلتها مع الإعلام.
نموذج للطموح
كنت يومها أدرس في المرحلة المتوسطة في الأحمدي، كان أحد الطلبة يعشق صوت أمينة وصورتها، وكان يرسل إليها رسائل معطرة مبديا إعجابه الشديد بها، كان يفتخر أمامنا بذلك، وحدثني صديق أن أحد زملائه في العمل كان يبوس الشاشة عندما كانت تطل أمينة الشراح، وكنا نتسمر أمام الشاشة أيام الأبيض والأسود لنشاهد هذه الفتاة ونطير مع أحلامنا، حكايات كثيرة عن حالة العشق التي كان يعيشها الكثيرون لهذه الفتاة، الكثيرون أطلقوا اسم «أمينة» على مواليدهم من الإناث، ولا أدري هل للأغنية الشهيرة «صوبت قلبي أمينة» علاقة بالمذيعة أمينة الشراح أم لا؟
لقد احدثت أمينة الشراح انقلابا في العمل الإعلامي واستطاعت أن تتبوأ مكانة مرموقة وذلك بفضل حضورها اللافت، وشخصيتها الجذابة، وحسن تعاملها مع الكاميرا، إذ استطاعت أن تخلق حالة انسجام كبيرة مع الكاميرا منذ خطواتها الأولى، وعلى رغم أنها لم تكن أول فتاة كويتية تعمل في التلفزيون فإنها تفوقت بشكل واضح على الأخريات، وارتبط اسمها بالتلفزيون وحققت ما لم يحققه إعلامي آخر، كانت أمينة الشراح نموذجا للفتاة الكويتية الطموحة الحالمة.
برامج ناجحة
كانت بداية اطلالة أمينة الشراح في التواصل مع المشاهدين عبر برنامج «ما يطلبه المشاهدون» ومن خلال هذا البرنامج وطدت الشراح علاقتها مع الجمهور، وأصبح ينتظرها كل خميس ليتابع معها رحلة الأحلام، وقد استفادت من تقديم البرنامج أيما فائدة، فبالإضافة إلى توطيد علاقتها المباشرة مع الجمهور الذي أحبها، كان البرنامج بمنزلة المدرسة الذي تعلمت منه الكثير، وصقل موهبتها، وزاد ثقتها بنفسها، وحقق لها نجومية كبيرة، وكان هذا البرنامج شهادة ميلاد نجمة منحها المسؤولون الثقة التامة لتنطلق إلى آفاق جديدة، فقدمت بعد ذلك عشرات السهرات الفنية والمنوعة، وتعاونت مع العديد من المخرجين والمعدين، ومن أبرزهم الزميل صالح الغريب وقدمت سهرة فنية ولقاء مهما مع المطرب الراحل محمود الكويتي يعد مرجعا للباحثين، وقد تفوقت في حوارها معه، كما أجرت حوارات ولقاءات مع معظم نجوم الغناء والتمثيل في الكويت.
لقاء الخميس
إذا كان برنامج «ما يطلبه المشاهدون» هو البداية الناجحة للشراح فإن برنامج «لقاء الخميس» كان نقطة تحول لها في البرامج المنوعة، قدمت قبله عشرات البرامج والسهرات الناجحة، لكن برنامج «لقاء الخميس» أحدث نقلة في مشوارها الفني نتيجة عملها مع أكثر من اسم على صعيد المعدين والمخرجين والطاقم الفني والضيوف، إلى جانب الفترة الزمنية الطويلة للبرنامج، وقد شكل لها حضورا دائما أمام جمهورها العريض، وفي فترة ما كان للبرنامج دور في زيادة جمهورها خاصة الخليجي الذي كان يتابع البرنامج، وأثناء تقديمها للبرنامج قدمت أيضا العديد من السهرات والبرامج الخاصة، وعاشت الشراح أجمل سنواتها في التلفزيون وكانت النجمة بلا منازع.
لا للعودة
هل يمكن لفتاة حققت مثل هذا النجاح والتميز أن تتنازل عن عرش النجومية بمحض إرادتها؟ سؤال شغل الكثيرين، فبعد تحرير الكويت من الغزو الصدامي الغادر، وعودة الحق كان الجميع يتوق الى ممارسة البناء من جديد، وهكذا عاد الكويتيون لبناء ما هدمه جنود الباطل، وعادت طيور الإعلام إلى العمل من جديد، وكان الكل ينتظر نجمة التلفزيون أمينة الشراح لتمارس دورها، لكن المفاجأة المذهلة كانت في قرار الشراح عدم العودة لظروف خاصة احترمها الجميع رغم أنهم خسروا مذيعة رائعة.
أكثر من عشرين عاما وهي بعيدة عن الإعلام لكنها حاضرة في قلوب محبيها وعشاقها، ما إن تظهر مذيعة جديدة الا وحلمها أن تكون كالمذيعة المتألقة أمينة الشراح. ولكن الأحلام لا تتحقق بسهولة.
أمينة الشراح مع دولت شوقي وحصة الملا ونيرفانا إدريس أثناء تكريمها
__________________
تهدى الامور بأهل الرأي ماصلحت ***************** فان تولوا فبالاشرار تنقاد
|