
بما يعتبر الشاعر المرحوم منصور الخرقاوي آخر شعراء الكويت التقليديين مثل عبدالله الفرج، محمد الفوزان، حمود الناصر البدر، فهد بورسلي، زيد الحرب، صقر الشبيب وغيرهم، لكن منصور الخرقاوي استطاع ان يتناول اول القرن العشرين ويختطف سنتين من القرن الواحد والعشرين، وبهذا ترك بصمات لا تمحى.
كانت اول طبعة لديوانه الذي حفظ لنا في مطبعة حكومة الكويت عام 1984، بعدها جاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بشخص أمينه العام احمد العدواني آنذاك واصدر الطبعة الثانية.
وقد كانت هذه الطبعة قد اضفت نبذة تاريخية عن هذا الشاعر الذي ولد سنة 1925 من اسرة انحدرت من مدينة حائل في منتصف القرن التاسع عشر، واستقرت قرب مسجد السوق، على مقربة من سوق المناخ، وكان الخرقاوي الأول والد يوسف جد شاعرنا هو المبلغ عن وصول القوافل لسوق المناخ في تلك الحقبة من الزمن، وكانت كلمته مسموعة لدى المسؤولين.
في المنزل الذي توارثه الخلف عن السلف ولد يوسف جد الشاعر، ثم والده، ثم منصور الشاعر الذي انتقل الى منطقة حولي مع تطور الاحداث والتثمينات في الكويت، ونظرا لان مكتبة الربيعان قد نشرت تعريفا مختصرا عن هذا الشاعر، فإنني أنقله كما ورد من كتابهم آنف الذكر.
في الشهور التي سبقت مغادرته قام الشاعر بزيارتنا في ديواننا في الفيحاء بعد ان علم بوفاة الوالدة شريفة سعد الصالح الفرحان، من آل الرباح اخواله، وجاءني متندراً ومعزياً ومواسيا، قائلا لي: ليس عندي شيء اقدمه لك الا هذه الرسالة، وكانت قصيدة مؤثرة، ولقد احتفظت بها الى هذا اليوم لأنشرها للقراء الكرام، وكذلك أضمن معها خط المرحوم الشاعر منصور الخرقاوي للتاريخ.
غروب كوكب ودمعة على فقيد
أحرّ العزاء وأبرّ الدعاء للسيد الفاضل الاخ الكريم راشد عبدالله الفرحان واخيه الكريم فرحان والعائلة الكريمة بموت ساكنة الجنان الوالدة ام الجميع (اقول):
سلام يا من للملمات صبار
عساك من جور المقادير مأجور
يا بورياض ان هزتك شمعة الدار
معلوم يا راشد الى تحت مقدور
بنت الكريم اللي يحامي على الجار
الجوهرة واسراج انشقت النور
يا جعلها في حق علام الاسرار
لو جسمها من بين الاحداث مقبور
ويا ابن المكارم ليت من راد يختار
تجرى المنايا او ما تقع دفعها زور
غدت وانت بحجرها غافل غار
تسمى عليك وقلبها منك مسرور
انت ومن جابت من العوين الابرار
من صالح الى صالح مخيور
يا من حمد الله في سر واجهار
(راشد) من طرفته عن الجار منصور
(راشد) لمن يشتكي من الوقت محتار
فقير بقلوب غريبة ومقهور
(راشد) ثقيل الروز راي وتدبار
حاشاه تشكى خاطرك فيه مكسور
(راشد) الى سطت عن البعض الاشوار
ذيب الجراب يرقب الهرج مسطور
الى نطق من صافى القول يختار
جنه يصوغ اعقود ربات الخدور
ريف العديم اللي شكا واهج النار
تلعب به الفكرة مثل ريش عصفور
يجود لك طوالينا طيب الاضرار
من حبه المولى على النفس منصور
يا بو رياض الصبر من طبع الاخيار
لو محجر اعيونك من دموعك يسور
تغرب شموس الدار وتهل في دار
هذا مصير الكون لي قمة السور
تعريف بالشاعر
ولد الشاعر منصور منصور يوسف المبلغ الخرقاوي في مدينة الكويت سنة 1925.
توفي والده وهو جنين في بطن أمه فتعهده جده لأمه عبدالرحمن سليمان الرباح حتى غدا له والداً. تعلم في المدرسة المباركية ومدرسة الملا مرشد والمدرسة الأحمدية، وترك المدرسة وهو في السادسة عشرة من عمره.
عمل في البناء مدة طويلة ثم في دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل منذ عام 1958 (في مركز الفنون الشعبية) وقد أصبح المركز تابعاً لوزارة الاعلام في الوقت الحاضر.
تأثر الشاعر بجدته لوالدته، حيث كانت تطلب منه أن يقرأ لها كتب التراث وغيرها، وبعد أن اعتاد القراءة على يد جدته أصبح يتردد على المكتبة العامة، وفيها كان يلتقي بالأدباء والقراء والأساتذة الكويتيين وغيرهم، وكان يستمع ويستمتع بالأحاديث وما يدور من المناقشات الأدبية التي تطرح في المنتديات الثقافية، وقد قرأ الشاعر الكثير من كتب الشعر والأدب وكان من عادته أن يسجل ملاحظات حول ما يقرأ.
كان والده شاعراً وكان مشهوراً في عزف الربابة، وكانت لخاله اهتمامات في الشعر العربي، وكان الشاعر يتلقى التشجيع منه. وللشاعر قراءات وصداقات ومساجلات كثيرة مع العديد من شعراء الكويت الشعبيين القدامى.
سافر الى العديد من الدول العربية وفي سنة 1964 زارمصر ومن هناك تزوج وعاد بزوجته الى الكويت ولكن حياتهما الزوجية لم تدم طويلاً حيث توفيت زوجته في 1976/10/14 وعمرها آنذاك 28 سنة أي بعد زواجها منه بثلاثة عشر عاماً وقد أنجب منها: بدر، منى، وهناء. وقد حزن لوفاة زوجته كثيراً وظل وفياً لها ولم يتزوج بعدها وقد نظم الكثير من القصيد في رثائها.
فرحان الفرحان - جريدة القبس - 12/9/2010
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
|