عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 16-06-2010, 12:38 PM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي

عادل القصار.. فهل من مدكر؟!
كتب د.خالد القحص
2010/06/15
هذه الدنيا ليست وطننا وليست مستقرنا ولن نمكث بها طويلاً. نحن ضيوف هنا وعابرو سبيل، ولكن بعضنا يظن أنه جاء الى الأرض ليخلد ووجد عليها ليعمر، لذا تراه يضحك ملء شدقيه ويأكل ملء مضغيه ويظلم ويعصي ويبطش، لكنه لا شك صائر الى ما صار اليه الأوائل.
جاءني خبر وفاة أستاذنا وأخينا الحبيب عادل القصار بعد صراعه مع المرض، سكن خلالها المستشفيات، وصادق فيها الأطباء، وتعرف على الأدوية، وقاوم الآلام، حتى ذوى جسده، وضعفت مقاومته، لكنه وقف بشجاعة، وكله ثقة بالله سبحانه، وتفاؤل ورضاً بقضاء الله، لم يشتك يوماً، ولم يظهر الجزع، ولم تفقده البلوى سمته وصمته، فعاش قانعاً ومات راضياً، فرحمه الله رحمة واسعة.
ورسولنا الكريم علمنا ان المرض للمؤمن نعمة لأنه من أبواب تكفير الذنوب، فكما جاء في صحيح مسلم «ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه الا كفر الله به من سيئاته»، وأنت أخي عادل رأيت ما هو أشد من النصب وأقسى من الوصب، وأفظع من السقم وأحزن من الحزن، ونحن نظن بالله سبحانه خيراً لكي يطهرك – بسبب مرضك- من الذنوب، ويتجاوز عن سيئاتك ويعفو عن تقصيرك، ويدخلك الجنة بغير حساب.
عادل القصار لم يكن مجرد كاتب صحافي، هكذا يمر عليك بين ثنايا الصحف، لا لم يكن كذلك، بل كان عادل من طراز خاص، من تلك النوعية من الكتاب التي تجعلك تقف كثيراً أمام كلماته وأمام عباراته. كان يحمل هم الأمة في قلبه، لم ينس قضية فلسطين أو مسلمي أوروبا أو حتى القضايا الاسلامية الكبرى التي تبتعد عن المحلية ليأخذنا الى شمولية الاسلام ويذكرنا بعالمية هذا الدين، حتى ان آخر مقال كتبه وهو يعاني من الألم حين تحدث عن تهويد القدس. لقد أتعبت من بعدك يا أبا فيصل، كنا نمشي الهوينى وأنت تسابق الريح، وكنا نكتب مقالاً واحداً على استحياء ندافع به عن الدين ومقوماته، وأنت تخوض المعارك الفكرية والصحافية دفاعاً عن الدين، وتنسق بين الكتاب المحافظين وتتصل بالجاليات الاسلامية لكي تشرف على مؤتمرات توحد ولا تفرق وتجمع ولا تشتت.
كنت تجمعنا وتخبرنا وتحثنا في جلساتنا في خيمتك الصغيرة في منزلك العامر، ونحن نأكل من أطايب ما تصنع أختنا الفاضلة وزوجتك أم فيصل، وخاصة قرص عقيلي الذي كنت تقربه لي لعلمك أني أحبه. كنت ترى ان الفساد منظم، ولابد للاصلاح ان يكون كذلك لكي يقاومه، وان الباطل يأتي على شكل مجموعة، فعلى الحق اذن ان يحشد أجناده. لا يا سادة، فعادل القصار لم يقصر بل نحن من قصر، وعادل القصار لم يتهاون بما يؤمن، بل نحن من فعل ذلك، وعادل القصار لم يتخل عن مبادئه، بل نحن تخلينا، نحن اثاقلنا الى الأرض، ورضينا بالحياة الدنيا.
وهذه فرصة أدعو فيها محبيه واخوانه في جمعية الاصلاح وبالتعاون مع جريدة القبس (حيث كان يكتب)، بأن يشرعوا بجمع أفضل ما كتب، وان يتم تبويب هذا الكتاب وتقسيمه ما بين مقالات فكرية واجتماعية وادارية، ومقالات محلية وأخرى اسلامية، وهكذا، ويتم التبرع بريع الكتاب الى احدى اللجان الخيرية، وأنا مستعد للمشاركة بهذا الجهد البسيط كنوع من التقدير لأخينا عادل رحمه الله سبحانه.
بقي ان نقول ان عائلة القصار الكريمة لم تتخل يوماً عن الدعوة الى الله وعن فعل الخير وهي قد خرجت الدعاة والأئمة وحفاظ القرآن، ونحن نرى ان أبناء هذه العائلة الكريمة يسيرون على نفس الخط، فبورك لأبناء عائلة القصار وأبناء أبنائها، وختاماً عندما ترى الموت يتخطف الدعاة والصالحين (ولا نزكي على الله أحداً) فإن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول الا ما يرضي الرب، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

د.خالد القحص
جريدة الوطن
رد مع اقتباس