[كويتى مخضرم]

العوازم بايعوا آل صباح على الولاء منذ قرون طويلة:



بقلم طلال سعد الرميضي:
عضو مجلس ادارة رابطة الادباء ورئيس اللجنة الثقافية

اثار اهتمامي وشجوني ما كتبته الاستاذة الفاضلة الدكتورة ميمونة خليفة العذبي الصباح رئيسة الجمعية التاريخية في دراستها التاريخية القيمة والمنشورة في صفحات جريدة «الوطن» الغراء وذلك في عدد يوم الاحد الموافق 2010/3/7م تحت عنوان «العوازم استقروا في الكويت قبل تأسيس الكيان السياسي» وقد كانت الدكتورة واضحة في طرحها للحقآئق التاريخية، ولا غرابة عليها حيث عودتنا على صراحتها وشفافيتها التاريخية عبر دراساتها التاريخية المهمة التي اصدرتها وابرزها كتابها المشهور «الكويت حضارة وتاريخ».
وقد تناولت في دراستها جوانب مضيئة من تاريخ نشأة الكويت ككيان سياسي تحت امارة حكامها الكرام من اسرة آل صباح الذين بايعهم الاجداد الاوائل على السمع والطاعة وهم عاهدوهم على العدل والاخاء والمحبة والشورى، وتعاونوا على بناء اللبنات الاولى من هذا الكيان الفريد في المنطقة.
كما تطرقت الاستاذة الفاضلة الى وثائق ارشيف الممثلية السياسية البريطانية المتعلقة بترسيم الحدود الشمالية ودور ابناء قبيلة العوازم في المساهمة على تثبيت الرقعة الجغرافية للكويت ونقص المزاعم التي كانت الدولة العثمانية تدعيها في هذا الشأن.
وحيث انني اعكف منذ سنوات على تأليف دراسة تاريخية تحمل عنوان «تاريخ الحظور في الكويت» ايمانا مني بأهمية هذه المهنة العريقة التي عمل بها الاجداد في الموروث الكويتي ودورها المميز في تزويد الكويتيين الاوائل بحاجتهم الغذائية من الاسماك التي كانت مصدر رزق للكثير من الاسر الكويتية في الماضي وهذه المهنة لها اخبارها القديمة لارتباطها بتاريخ سكان المنطقة وقد واجه اصحاب الحظور مشاق كثيرة في سبيل توفير لقمة عيش كريمة ويستفاد من قول احد الشعراء العوازم القدامى الذي يذكر في قصيدته:
لا ربح من قال لي في البحر مال وحلال
والحلال قلامتن ركزت بوسط طين
كل ما عدلت في جال طاح جال
مثل ما وصفة شغل الطحين من العجين
الخسارة عرضتني وجتني باحتمال
ونطحتني ما تجنب يسار ولا يمين

وحيث لابد ان تخضع كل وثيقة تاريخية للدراسة والتحقيق والتدقيق والتمعن لتصويب ما قد يقع بها من اخطاء بأسماء المذكورين في متنها، وقد ورد في الكشف الذي نشر في الدراسة المشار اليها اعلاه اسماء بعض ملاك الحظور وحيث ان كاتب الوثيقة قد اصابه بعض القصور في كتابتها لذا سنعمل على دراستها ومحاولة تصويبها وشرح بعض الجوانب الغامضة في هذا الصدد، وان نوضح بعض النقاط التاريخية الواردة بهذه الوثائق التي تكرمت الدكتورة ميمونة بنشر بعضها عبر دراستها القيمة وذلك احقاقا لدور هؤلاء الاوائل.
حيث اثير موضوع الحدود الكويتية الشمالية في مطلع القرن العشرين وقامت بعثة بريطانية برئاسة الكولونيل نوكس المعتمد السياسي بالكويت بإجراء بحث هذا الموضوع والالتقاء ببعض كبار السن من قبيلة العوازم لتسجيل شهادتهم ونلتمس من اسلوب الرد منهم الشفافية والوضوح في اجاباتهم التي اقل ما نصفها بالثراء والاهمية القصوى.
وممن قابلوا المرحوم رشيد بن سلمان الرشدان من الاسر الكويتية العريقة وبرز منها شخصيات بارزة كالتاجر المشهور سلمان بن رشدان صاحب اكبر سفينة من نوع بوم في عهده والمعروف باسم سمحان ومالك قيصرية بن رشدان، وقد بدأ حديثه الهام بانه شاهد الشيخ عبدالله الصباح المتوفى عام 1813م وكان الراوي رشيد واضحا وواثقا في حديثه ونكتشف ذلك من مواضع عديدة منها قوله بان الشيوخ خصصوا حظور جزيرة بوبيان للعوازم منذ زمن الشيخ عبدالله الصباح ولم يعترض عليه احد من الحكام حتى تولوا الحكم من بعده.
كما التقت البعثة الانجليزية ايضا بالمرحومين بإذن الله رجا بن مبارك وعبيد الغربة، اما التصويبات المراد ذكرها في اسماء ملاك الحظور في جزيرة بوبيان والذين ذكرهم الرواة فهي وفقا لمايلي:
-1 مثيب بن خليف ومنصور الأذينة من عشيرة القعاعيب من فخذ الملاعبة من بطن غياض بقبيلة العوازم ويمتلكان ستة مناصب (المنصب يضم احيانا اكثر حظره فيه وقد تصل الى اكثر من ثمانية حظور) وقد ورد ذكر مثيب بالخطأ في المقالة باسم محمد والصواب ما اثبتناه وهو من رجال الخير وقد اوقف احد بيوته تقربا لله عز وجل واسرته من مؤسسي قرية الدمنة (السالمية) قبل نحو قرنين من الزمان.
-2 سالم وناصر ومطلق الفنيني من فخذ الذيبيات من بطن غياض من قبيلة العوازم وهي من الاسر الكويتية القديمة ولهم منصبان.
-3 خضير بن حقاق وابنه مبارك من عشيرة ذوي خماس من فخذ الهدالين من فخذ القوعة بقبيلة العوازم (ورد ذكرهم في المقالة كثير الخجاج والصواب ما اثبتناه) والجدير بالذكر ان هذه الاسرة العريقة قد انقطع نسلها ولم يبق لها سوى ذكرها العطر ودورها الرائد في الحفاظ على الهوية الكويتية، ولهم في الجزيرة منصب واحد.
-4 سالم بن راشد بن زيد التويمي من فخذ التومة من بطن غياض بقبيلة العوازم (ورد ذكره في المقالة باسم اللويني) وله منصب واحد.
-5 عبدالله بن راشد بن سعد العبيدان من فخذ الجواريه وله منصب واحد والجدير بالذكر انه كان من نواخذة الغوص القدامى في اواخر القرن التاسع عشر وقد افردت له ترجمة وافية في كتابي (اعلام الغوص عند العوازم خلال قرن).
-6 بجران بن مثيب بن صعيبة وابنه عواد وهما من فخذ الملاعبة من بطن غياض بقبيلة العوازم (ورد ذكرهما بأنهما من قبيلة الرشايدة الكريمة والصواب ما اثبتناه) ولهم منصبان.
-7 عقيل بن شريدة من عشيرة ذوي خماس من فخذ الهدالين وكان من نواخذة الغوص العاملين في القرن الماضي توفي حوالي 1925م وله ترجمة في كتابي اعلام الغوص عند العوازم.
-8 مرزوق بن غريب من عشيرة القعامرة من فخذ الملاعبة من غياض (ورد ذكر عشيرته باسم الجعيرة) وله منصب واحد.
-9 عبيد بن حمود الغربة ومهنا بن سليمان بن نايف الغربة من فخذ المساعدة من غياض (ورد ذكر اسرته بالخطأ باسم الاغروبا كما ذكر مهنا باسم محمد والصواب ما اثبتناه) ويعتبر عبيد شيخ جماعته، بينما عمل مهنا نوخذة غوص قديم، ولهم منصبان ببوبيان.
-10 مسعد العقيقي وتكتب احيانا العكيفي من عشيرة القعاعيب من فخذ الملاعبة من غياض (كتبت اسرته بالخطأ باسم العجيضي) وهي من الاسر الكويتية التي انقرضت، وله منصب واحد.
-11 سعد بن بطي التويمي من فخذ التومة من غياض (ورد اسمه بالخطأ بأسم سعد البوط من سويني) وله منصب واحد.
-12 عويد الجمية من البريكات من القوعة وتلفظ الكمية (ذكر اسمه بالخطأ باسم اواجيد المحمد من البريشان) وهي ايضا من الاسر التي انقرضت في زمننا الحاضر، وكان لها منصب واحد.
-13 ناصر وعمر الفرثي من القراشه من غياض «ورد ذكره باسم ناصر الفارسي من الجريشه» وهذه الاسرة العريقة تغير اسمها الى اسم ابولبقة وبرز منها نواخذة مميزون واخبارهم في كتاب اعلام الغوص عند العوازم وله منصب واحد.
-14 حمود الرشيد من فخذ الجواريه من غياض ولهم ثلاثة مناصب في هذه الجزيرة.
-15 عليان بن جريس بن غريب من فخذ البريكات وله منصبان في الجزيرة.
-16 حمود الجويسري من فخذ الجواسره من غياض وله منصبان، ولم يعقب من الذكور احد.
والجدير بالذكر ان الحظور تباع وتورث لذا فان ملكيتها تتغير من حين لآخر فعلى سبيل المثال نجد ان حظور آل خقاق آلت الى ورثته من اسباطه من اسر الشالح والختلان وحظور الجويسري آلت ايضا الى ورثته من الرقبة ومنهم الدكتور حمود الرقبة رحمه الله كما تملك المرحوم رشود سالم الرشود مناصب في بوبيان عن طريق الشراء وهذا ما يدفعنا الى تأييد رأي الدكتورة الفاضلة بضرورة توثيق تراث الاجداد والعناية به.
ولنا في هذا المقام ان نشير اشارة اخيرة وهي ان ابناء الشعب الكويتي من قبيلة العوازم الكريمة لم يقتصر نصبهم للحظور على سواحل الكويت فقط في الماضي، بل امتد الى سواحل البر الفارسي في ابوسيف حيث عرفت مواقع باسمائهم في تلك الاماكن واشار اليها في الدراسات التاريخية ويروي بانه توجد صكوك عدسانية بتملكهم لهذه الحظور وقيلت ايضا بها قصائد قديمة تمثل المعاناة والتعب اللذان واجه الاجداد اثناء رحلاتهم الى تلك السواحل لتكشف المعدن الاصيل والكفاح الكبير الذي خاضه الكويتيين الاوائل في توفير لقمة العيش الكريمة ونختم بهذه الابيات الشعرية التي قالها احد العوازم قبل اكثر من قرن من الزمان عن ساحل ابوسيف الايراني.
احذر الصبيان عن بر ابوسيف
ارضن صباغ والعرب ما يجونه
ما دوجوه راكبين المواجيف
ولا جاه الغر داعج عيونه
ارجي من الموله مهب وعواصيف
والا التوبيع حيثهن يدفنونه
عسى حظورن ينصبن في ابوسيف
يطلع خشبهن لايث يلقطونه


جريدة الوطن
تاريخ النشر: 17/03/2010
بقلم: طلال سعد الرميضي