عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 09-02-2008, 03:04 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 290
افتراضي

في ذروة تدهور العلاقات الإنكليزية الروسية حصل تقارب بين الحليفتين روسيا وفرنسا، وفي استعراض واضح ومحاولة لكسر احتكار بريطانيا لمياه الخليج العربي قام الطرادان الروسي بويارين والفرنسي انفيرني Infernet بجولة مشتركة في موانئ مسقط والخليج العربي. وكان الهدف الذي كتبه قائد الطراد الروسي بويارين في يوميات سفينته هو: أن نبين في الخليج الاتجاه المنسجم والودي لسياستنا والسياسة الفرنسية، خلافا لذلك الرأي الذي تروج له الحكومة البريطانية وعملاؤها وممثلوها في موانئ الخليج وفي أوساط المشايخ والقبائل العربية وفي ساحل الخليج، والقائل ان الخليج بحر مغلق، فوق أنه يوجد فقط تحت نفوذ بريطانيا.
سفينتان روسيتان في الكويت
ويسجل القبطان الروسي يوم وصوله مع الطراد الفرنسي 20 فبراير 1903 في الساعة الحادية عشرة وخمس وخمسين دقيقة. في حين أن التقرير الذي كتبه علي بن غلوم يذكر أن تاريخ وصول السفينة كان في 5 من ذي الحجة عام 1320ه الذي يوافق 5 مارس ،1903 يقول الوكيل الإخباري علي بن غلوم: 'وصلت إلى الكويت سفينتان حربيتان إحداهما روسية وأخرى فرنسية، وصلتا بعد 5 ساعات من شروق الشمس في 5 من شهر ذي الحجة، وبعد وصولهما بساعة نزل رجلان من السفينة الحربية الروسية ليزورا الشيخ مبارك، وكان الرجلان من الجنسية الفارسية وهما حاجي عبدالرضا وحاجي أحمد، وقد أبلغا الشيخ مبارك أن القنصل الروسي سوف ينزل من السفينة اليوم التالي، وسيتناول الغذاء معه (مع مبارك)، كما أخبرا الشيخ مبارك كذلك أن القنصل رغب في أن يقوم الشيخ صباح بزيارة السفينة ومشاهدتها وبناء على ذلك فإن الشيخ مبارك والشيخ صباح اصطحبا 10 رجال في هذه الزيارة، وفي يوم 6 من شهر ذي الحجة، نزل القنصل الروسي وفي معيته قائد السفينة، بالإضافة إلى قائد السفينة الفرنسية واثنين من ضباطها نزلوا إلى الشاطئ وزاروا الشيخ مبارك الذي استقبلهم بحفاوة وأدب، وبعد تناول الإفطار ذهبوا لرؤية عبدالعزيز بن فيصل آل سعود ومكثوا معه لمدة ساعتين، وبعد ذلك عادوا جميعا إلى سفينتيهما، وفي يوم 7 من شهر ذي الحجة نزل إلى الشاطئ القنصل الروسي وعشرة من رجال السفينة الروسية، وكذلك قائد السفينة الفرنسية وعشرة من رجالها لزيارة الشيخ مبارك وقدم القنصل إلى الشيخ مبارك ثلاث بنادق ذات ماسورة مزدوجة ومسدسا ذا خمس طلقات، وكذلك بندقية ماركة موزر، وبعد ذلك زاروا عبدالعزيز وأعطاه القنصل بندقية ماركة موزر Mauser، وظلوا هناك مع عبدالعزيز لمدة ساعتين، وعند رحيلهم طلب القنصل إلى عبدالعزيز مرافقتهم إلى السفينة حتى يطلعوه عليها، ولكن عبدالعزيز اعتذر لتعبه، وقد قبل القنصل الاعتذار وطلب من عبدالعزيز أن يرسل شقيقه، ومن ثم وافق عبدالعزيز وأرسل شقيقه وبصحبته عشرة رجال، وقد اتفق على أن تغادر السفن الحربية في 8 من ذي الحجة'.
الطراد بويارين
وفي الوقت الذي جاء فيه تقرير علي بن غلوم مختصرا، نجد أن سجل الطراد بويارين حافل بالمعلومات عن تلك الزيارة سواء في ما يتعلق بحفاوة الاستقبال أو في وصف المدينة وأحوالها، وفي ما يلي نبذ من ذلك التقرير لأهميتها:
'مساء 19 فبراير وصل إلى الطراد عميد القنصلية الروسية العامة في بوشهر أوفسيينكو للقيام بجولة على متن الطراد في موانئ الخليج. وفي الساعة 8 و 20 دقيقة رفع الطراد المرساة، في أعقاب الطراد infernet ، وسار خلفه باتجاه الكويت'.
'في 20 شباط، الساعة 11 و 55 دقيقة صباحا، رسوت في مرفأ الكويت، بعد infernet ، على عمق 6 ساجنات (قامات) وفي الساعة الواحدة بعد الظهر وصل من الشاطئ قارب من لدن الشيخ مبارك للتهنئة بالوصول ولدى عودته إلى الشاطئ، وبناء على نصيحة القنصل أوفسيينكو، جاء إلى الطراد في الحال صباح بن مبارك، النجل الثاني للشيخ مبارك، بصحبة حفيد الشيخ، ابن نجله الأكبر الشيخ جابر بن مبارك، أحمد بن جابر، لأجل تهنئتنا بالوصول باسم مبارك، والاتفاق على موعد زيارتي للشيخ مع القنصل والضباط ولدى مغادرته أديت له تحية متفق عليها من 5 طلقات، وبعد ذلك قام هؤلاء الأشخاص بزيارة انفيرني وقد اتفقت مع قائد انفيرني على أن نقوم في 21 فبراير صباحا عند الساعة التاسعة، بزيارة جوابية، واتجهنا إلى الشاطئ في الموعد المقرر. كانت المياه ضحلة، فأرسلوا لملاقاة القاربين جيادا أوصلتنا إلى الشاطئ.
استقبلنا الشيخ مرتديا أغلى الألبسة تكريما لنا، ورحب بنا أجمل الترحيب وأعلن حسب العادة العربية أن داره دارنا. لقد استقبلنا هذه المرة في دار أخرى، وليس في تلك التي استقبلني فيها أثناء مجيء السفينة 'غيلياك'. فغرفة الاستقبال مؤثثة بشيء من الترف والجدران مزينة بزخارف من الرسم الهندي، وربما المحلي أيضا. وفي هذه الغرفة سجادة اشتراها بنفسه، وأثاث أهداه إياه الإنكليز، وعلى الجدران علقت صور كبيرة زيتية للملكة فيكتوريا والملك إدوارد والملكة الكسندرا. وقدمت لنا حسب العادة القهوة ومن ثم الشاي. وكان طقم الشاي من الفضة الجديدة - من صنع وارسو، وقد علمنا فيما بعد أنه هدية من تاجرين روسيين يتاجران بفراء الحملان ويتمتعان منذ بضع سنوات بحظوة لدى الشيخ، أي بالحق في تصدير الفراء من دون رسوم، وبالحماية. وفي أثناء مجيء 'غيلياك' كان شخص أرمني روسي التبعية يتعاطى هذا العمل المربح جدا لأن ثمن الجلد غير المسلوخ روبلان و 50 كوبيكا في الكويت، وهذا ثمن جيد، ولكن الجلد يباع في روسيا بأغلى من ذلك بكثير.
ولكن لم تكن لدى هذا الشخص المبالغ الكافية للصمود في وجه منافسة هذين التاجرين فأصبحا الآن يحتكران هذه التجارة. ومعطف الفرو، الذي ارتداه الشيخ، كان أيضا هدية من التاجرين المذكورين. وتطرق الحديث، طبعا، بصورة عفوية إلى مسألة خط سكة حديد بغداد. إن الشيخ يعارض، بلاشك، السماح بوصول الخط إلى الكويت، ويدرك أن ذلك يشكل نهاية لقوته وسلطته. ولكن عندما طرح عليه سؤال عما سيكون موقفه إذا تم تنفيذ الخطة البريطانية التي تهدف إلى شق طريق من بورسعيد إلى الكويت، أجاب بطريقة دبلوماسية إنه لو جرى بناء هذا الطريق من جانب بريطانيا وروسيا وفرنسا لما كان على الأرجح يعارض ذلك.
لم يتغير الشيخ كثيرا خلال السنوات الثلاث المنقضية. فهو يثير في النفوس الانطباع عن شخص يعرف قيمة نفسه ومكانته معرفة جيدة. وأعربت له عن رغبتي في مشاهدة السوق والمدينة بمساعدة السيد أوفسيينكو، وردا على ذلك كرر أن كل ما يملكه موضوع تحت تصرفنا، ثم طلب منا أن نشرفه بتناول طعام الفطور عنده بعد مشاهدة السوق والمدينة. هذه المشاهدة لم تعطنا شيئا جديدا. وسبق للجميع أن وصفوا السوق والمدينة في التقارير السابقة. في السوق الجديد يوجد الكثير من الزجاج النمساوي المنشأ، ولم أشاهد بضائع روسية. وتصدير فراء الحملان يجري بكميات كبيرة، وأعلن التاجران بكل صراحة أن ذلك أمر مربح جدا لهما. وفي أثناء التنزه ذهبنا جميعا، أي قائد انفيرني مع ضباطه وأنا مع ضباطي والقنصل، للقيام بزيارة لعبدالعزيز بن سعود نجل المنتصر على ابن الرشيد، والذي عاد اخيرا من الرياض.
رد مع اقتباس