عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-02-2008, 02:39 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 283
افتراضي رسائل علي بن غلوم رضا

رسائل علي بن غلوم رضا: الوكيل الإخباري لبريطانيا في الكويت (1899 - 1904)

القبس 29/05/2007
تحرير وتقديم: أ. د. عبدالله يوسف الغنيم
رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية
بعد توقيع اتفاقية الحماية بين بريطانيا والكويت في يناير عام 1899 لم يكن بالإمكان آنذاك تعيين ممثل بريطاني رسمي في الكويت، وذلك رغبة من الحكومة البريطانية في أن يظل هذا الاتفاق سريا بين الطرفين، خشية إثارة الدولة العثمانية التي كانت لها أطماعها في الكويت.
ومن ثم كان تعيين مندوب موثوق به في الكويت من قبل السلطات البريطانية من جنسية أخرى وبشكل سري أمرا مطلوبا لتزويد المقيم السياسي البريطاني في بوشهر بأخبار الكويت، بالإضافة إلى متابعة نشاطات الشيخ مبارك الصباح والاطلاع على خططه وصلاته بالآخرين.
وفي يونيو عام 1899 تم تعيين السيد علي بن غلوم رضا مندوبا إخباريا في الكويت، وقد قام بعمله هذا تحت ستار النشاط التجاري، وكانت أول رسالة بعثها هذا المندوب الإخباري في 4 من شهر سبتمبر 1899 واستمر في إرسال رسائله وتقاريره حتى 4 من مايو ،1904 وقد أرسل خلال هذه الفترة ما يقرب من تسعين رسالة تضمنت الكثير من الأحداث والأخبار والمعلومات عن الكويت في تلك الحقبة.
معلومات جديدة
وهذا الكتاب يقدم من خلال هذه الرسائل مادة وثائقية أولية للباحثين في تاريخ الكويت. وقد حرصنا على أن تعرض على نحو يعين على البحث والاطلاع، وقد تم تصديرها بدراسة موضوعية تلقي الأضواء على التفصيلات الدقيقة التي تناولتها الوثائق حتى يمكن من خلالها الإلمام بالأحداث التي مرت بها الكويت ومنطقة الجزيرة العربية خلال الفترة المذكورة، وهي معلومات لم تطلها أو تصل إليها جهود المؤلفين المعاصرين، فضلا عن أنها تعتمد على النقل المباشر عن أصحاب الشأن والقرار دون تحريف أو تحوير.
صلات مبارك
وتغطي الرسائل والوثائق المذكورة للمندوب الإخباري علي بن غلوم موضوعات عدة حول علاقة الشيخ مبارك الصباح بكل من بريطانيا والدولة العثمانية، وكذلك أمراء شبه الجزيرة العربية، وبخاصة الأمير عبدالعزيز آل رشيد حاكم حائل، إضافة إلى صلة الشيخ مبارك الصباح بروسيا، حيث تحدثت الوثائق عن زيارات قام بها عدد من القناصل والمبعوثين الروس إلى الكويت إبان هذه الفترة.
كما تضمنت الرسائل كذلك مجموعة من الأحداث المحلية والقضايا العامة لتكون التغطية شاملة لكل ما يحدث في الكويت ومحيطها الإقليمي سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
وقد حاولنا في الدراسة التي وضعناها بين يدي هذه الوثائق والرسائل أن نصنف الوقائع وفقا لموضوعاتها التي تعددت في أكثر من وثيقة، وذلك وفقا لمنهج رأيناه مناسبا للدارسين والباحثين، ثم أوردنا صورا للوثائق نفسها مرتبة ترتيبا تاريخيا لتسهل متابعتها، وفي مقابل كل وثيقة وضعنا ملخصا لأهم ما ورد فيها، مع بيان التاريخ الميلادي المقابل للتاريخ الهجري الذي سارت عليه الوثائق المذكورة .
أما مصدر هذه الوثائق والرسائل فهو مكتب الهند Indian Office الذي ضمت مقتنياته في الوقت الحاضر إلى المكتبة البريطانية في لندن، وتوجد الرسائل المذكورة في الملفات التالية:
I0R R/15/1/471- I0R R/15/1/472- I0R R/15/1/474 - I0R R/15/1/475 - I0R R/15/1/476
رسائل مفقودة
ولابد من الإشارة هنا إلى أننا حاولنا بقدر الإمكان أن نجمع رسائل علي بن غلوم رضا من الوثائق البريطانية، إلا أننا نعتقد أن هناك رسائل قد فقدت أو لم تتضمنها الملفات التي اطلعنا عليها. فليس من المنطقي أن يكتب الوكيل الإخباري في بعض الأحيان ثلاث رسائل مؤرخة بتاريخ واحد ثم ينقطع نحو شهر أو أكثر، ومن أمثلة انقطاعه عن الكتابة شهر ديسمبر 1900 ويناير 1901 ويناير ومارس 1902 والفترة من مايو إلى أكتوبر 1902 والفترة من أبريل 1903 إلى أبريل 1904. والأمل كبير في العثور على رسائل تلك الفترات، وعندها ستعاد طباعة هذا الكتاب، وستكتمل حلقات أخبار الكويت والأحداث التي مرت بها.
وتحتاج هذه الرسائل من الباحثين المعنيين إلى مزيد من الاستقراء والتدقيق، فنحن نقدم كل تلك الرسائل كوثائق تحتمل النقد والتحليل، وقد أشرنا إلى جانب من ذلك في موقعه من التمهيد، ومن ذلك أن الوكيل الإخباري قد سجل تاريخ وصول السفينتين 'بويارين' الروسية و'انفيرني' الفرنسية في 5 من مارس ،1903 بينما سجلات السفينة الروسية قد حددت يوم 20 من فبراير 1903 تاريخا لوصولهما. وتختلف بعض الوقائع الأخرى الواردة في رسائله عما جاء في المصادر المكتوبة وهذا كله يحتاج إلى بحث متتبع يربط بين ما جاء في الرسائل من أخبار وما جاء في الوثائق البريطانية ورسائل الشيخ مبارك في تلك الفترة من أمور ذات صلة بالموضوع. وقد حاولنا في التمهيد أن نقدم أنموذجا مختصرا لما ينبغي أن يتم في هذا الشأن، راجين أن تتاح الفرصة لمزيد من البحث والمعرفة في هذا الجانب من تاريخ الحياة السياسية والاجتماعية في الكويت، وأن تثري التفصيلات التي اشتملت عليها هذه الرسائل موضوعات وقضايا مختلفة في تاريخ الكويت إذا اجتمعت إلى جانبها أو ضمت إليها، فالكلمة إلى الكلمة، والمعلومة إلى المعلومة يؤكدان الحقيقة، ويصلان بها إلى قيمة عالية ومهمة في مجال البحث والدراسة بالنسبة للأجيال المعاصرة واللاحقة من أبناء وطننا الكويت ومنطقة الخليج العربي بأسرها.
والله يهدي من يشاء إلى ما ينتفع به من علم نافع وقول سديد.

كانت الظروف السياسية المحيطة بالكويت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حافلة بالصراعات على المستويين الدولي والإقليمي، فقد كانت الدولة العثمانية تحاول المرة تلو الأخرى السيطرة على الكويت، غير أن تنبه حكامها وحرصهم وحكمتهم في التصدي لتلك المحاولات كانت تحول دون ذلك. وكانت الدول الكبرى الأخرى مثل بريطانيا وروسيا وألمانيا وفرنسا تحاول أيضا أن يكون لها موقع قدم في هذا المكان الاستراتيجي. أما على المستوى الإقليمي فقد كان آل رشيد حكام حائل قد استولوا على نجد، وأدركوا قيمة موقع الكويت التي يصلهم عن طريقها مختلف أنواع مواد التجارة والبضائع، ومن الطبيعي أن يثير آل رشيد على الكويت لجوء عبدالرحمن بن فيصل آل سعود، وحماية الشيخ مبارك له ولأبنائه ومعاونتهم في استعادة ملكهم في نجد، فتواترت غارات أمراء حائل على أراضي الكويت وأحداث نهبهم للعشائر التابعة لها. يضاف إلى ذلك الشيخ سعدون أمير المنتفك الذي كان يريد أن يكون له مكان على خارطة العراق السياسية، كان يرى من أجل ذلك أهمية الدخول في إطار هذه الصراعات الإقليمية.
التحالف مع أقوى الأطراف
في ظل هذه الظروف السياسية الصعبة والمتشابكة وجدت الكويت أن التحالف مع أقوى الأطراف هو السبيل الأمثل لحماية استقلالها وصيانة كيانها السياسي، ففي يناير من عام 1899 وقعت الكويت ممثلة في أميرها الشيخ مبارك الصباح اتفاقية مع الحكومة البريطانية، تضمن الأخيرة بموجبها حماية الكويت من التعديات الأجنبية كما تضمن استقلالها واستقرار النظام السياسي بها. وكان من ضمن الاتفاق بين الطرفين أن تظل تلك الاتفاقية سرية إلى أن تسنح الظروف السياسية المناسبة لإعلانها.
المندوب الإخباري
وبناء على هذه الاتفاقية كان من المفترض أن يتم تعيين ممثل بريطاني في الكويت، لكن حكومة الهند البريطانية خشيت أن يوفر ذلك الذريعة للدول الأخرى لتعيين وكلاء أو ممثلين لها في الكويت، كما أن ذلك قد يؤدي إلى إثارة شكوك العثمانيين أو النيل من العلاقات الودية معهم، خاصة أن الدولة العثمانية ليس لها ممثل في الكويت ولم يسمح لها بذلك من قبل. وبعد مشاورات طويلة تم الاتفاق على أن تكون شؤون الكويت من مسؤولية المقيم السياسي البريطاني في بوشهر. وأن يتم تعيين مندوب موثوق به من قبل السلطات البريطانية من جنسية أخرى وبشكل سري في الكويت لتزويد المقيم السياسي البريطاني في بوشهر بأخبار الكويت، ومتابعة نشاطات الشيخ مبارك الصباح السياسية والتعرف على خططه وتزويده بالنصائح التي من شأنها الحد من توريط السلطات البريطانية في إشكالات مع الدولة العثمانية على وجه الخصوص، أو في صراعات الشيخ مبارك مع ابن رشيد أمير حائل، لاسيما أن الشيخ مبارك قد وجد في اتفاقية الحماية سندا قويا له في مواجهة الأطماع المحيطة به.
وبناء على ما تقدم تم تعيين السيد علي بن غلوم رضا مندوبا إخباريا في الكويت للمقيمية السياسية البريطانية في بوشهر، ويبدو أن لعائلة هذا الشخص سابق خدمة للحكومة البريطانية، فهو يذكر في رسالته المؤرخة في 2 من شهر إبريل 1900 أنه: 'لن يخالف وصية الآباء في حق دولة باليوز(1) (بريطانيا) وكذلك وصية المرحوم أغا'. وكان أسلوب بريطانيا في اختيار ممثليهم أن يكونوا من عائلة معروفة بخدمتها للحكومة البريطانية(2). ومن المؤكد أن ذلك التعيين كان بتوصية من محمد رحيم بن عبدالنبي صفر المندوب البريطاني في البحرين (انظر الوثيقة رقم 1)(3) وبمباركة من الشيخ مبارك الصباح، بدليل تعاونه معه ودعوته إليه لينقل المعلومات التي يريدها إلى المقيم السياسي، وإبلاغه بالأخبار التي تصل إلى الكويت سواء ما يتعلق منها بالدولة العثمانية أو بأخبار ابن رشيد والسعدون وابن سعود. ويبلغه أيضا بأخبار لقاءاته الخاصة مع مختلف الزوار الذين يزورون الكويت مثل لقاءاته بقناصل روسيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من ممثلي الدول، وكان الشيخ مبارك يقدر أهمية المعلومة التي يريد إيصالها إلى السلطات البريطانية وبالطريقة التي تتفق مع مصالح بلاده. وكانت الرسائل التي يبعث بها علي غلوم تكشف عن ذلك، وقد تكرر فيها ولدرجة المبالغة مدح الشيخ مبارك لبريطانيا وانحيازه إليها، ونبذه للدولة العثمانية. ويكشف أسلوب تلك الرسائل أيضا عن أن الشيخ مبارك الصباح قد احتوى الحاج علي بن غلوم وحوله إلى مجرد كاتب عنده.
رد مع اقتباس