هَذَا أَبِي
أَكْتُبُهَا لِرُوحِ وَالِدِي الأَدِيِبُ الرَّاحِلُ
الشّاعِرْ مَحْمُودْ شَوْقِي الأَيُّوبِي
بَعْدَ قِرَاءَتِي لِلْقَصِيِدَتَيْن ( الْبَدَوِي ) وَ ( أَنَّاتُ الذِّكْرَيَات )
هَذَا أَبِي..يَعْلُو سَنَامـاً كَالْمَـدَى
لا يَرْتَخِي حَتَّى بِقَـوْلٍ أَوْ صَـدَى
جَالَ الصَّحَارَى لَمْ يَهَبْ مِنْ دَحْمَسٍ
صَبْرٌ وَإِيِمَانٌ لِيَنْجُـو مِـنْ عِـدَا
فَاءَ الْبَوَادِي كَالْمُنَـادِي صَادِحـاً
غَنَّى بِرَمْـلٍ زَاهِـرٍ كَـيْ يَسْعَـدَا
لا حِيِلَةً يَقْـوَى بِهَـا أَوْ يَهْتَـدِي
غَيْرَ الرَّحِيِقِ الْمُنْتَدِي كَيْ يَصْمِـدَا
شَدَّ الرَّحِيِلَ الصَّعْبَ فِي لَيْلِ الدُّجَى
فَاخْتَالَ شِعْـراً إِذْ تَغَنَّـي مَرْقَـدَا
فَاحَتْ عُطُورٌ مِنْ شُعُـورٍ نَابِـضٍ
كَالْمِسْكِ فِي رُوحٍ تُحَيِّي الأَمْجَدَا
مِنْ سِحْرِهَا نَادَيْتُ طَيْفـاً رَاحِـلاً
يَشْدُو بِصَحْرَاءٍ فَيَسْمُـو أَوْحَـدَا
طَابَتْ مَسَاعِي طَاهِـرٌ مُسْتَبْسِـلٌ
رَاضٍ بِمَكْتوبٍ وَيَحْـدُو مُجْهَـدَا
مَاضٍ بِوَثْبٍ فِـي شُمُـوخٍ لِلْعُـلا
مِنْ وَهْدِ بَيْـدَاءٍ بَـدَا مُسْتَوْحِـدَا
لَكِنَّ فِـي تَغْرِيِـدِهِ الْرَّامِـي غَـدَا
يَحْدُو بِأَسْيَـافٍ كَفُرْسَـانٍ عَـدَا
إِنْ كَانَ فَوْقَ الْجِيِمِ يَشْدُو صَافِيـاً
طُوبَى لأَبْيَاتٍ تَصَافَـتْ بِالْهُـدَى
فِي دَوْحَةٍ يَسْمُو صَفَـاءً كَالْمَـدَى
يِسْتَذْكِرُ الأَيَّـامَ حُلْمـاً مُنْجِـدَا
إِنْ كَانَ فِي غَلْسِ اللَّيَالِـي حَائِـراً
رُوحُ الْهَوَى يَسْقِيِهِ شَوْقـاً مُنْهَـدَا
حَتَّى يَفِيء الْخَيْـرُ فِـي وِجْدَانِـهِ
مَثْوَاهُ خُلْدٌ مُـذْ تَنَـاءَى مُفْتَـدى
يَسْتَبْشِرُ الأَلْحَـانَ نُـورًا سَاطِعـاً
يَأْتِيِهِ فِي هَمْسِ الْجَـوَى مُسْتَرْقِـدَا
يَنْهَـلُّ بِالأَشْجَـانِ عَبْـداً قَانِعـاً
لا يَرْتَضِـي لِلْحُـبِّ أَنْ يُسْتَبْعَـدَا
غَنَّـى وَرُوحٌ فِيِـهِ تَبْكِـي غُرْبَـةً
حُسْنُ النَّوَايَا قُبْلَـة ٌلَـنْ تَجْمُـدَا
كَالْعَاشِقِ الْوَلْهَانِ يَصْفُـو مُشْرِقـاً
إِنْ زَارَهُ الإِلْهَـامُ يَشْـدُو مُفْـرَدَا
هَذِي عُرُوقٌ تَحْتَمِي فِـي أَصْلِنَـا
لَنْ نَهْتَدِي مِنْ غَيْرِهَـا أَوْ نَرْصُـدَا
سِحْرُ الْبَوَادِي فِي دَمِي رَوْضُ الْهَنَا
مِنْهَا اسْتَقَيْنَا زَمْزَمـاً لَـنْ يَنْفُـدَا
إِنْ أَفْغَمَ النَّـوْرُ الْمُنَـدَّى دَوْحَـةً
هَلَّتْ تَبَاشِيِـرُ الأَمَانِـي مَوْعِـدَا
لَنْ نَسْتَبِيِـحَ الإِنْفِصَـامَ الْمُفْتَـرِي
كَيْ نَسْتَرِيِحَ النَّهْجَ عِلْمـاً سُـؤْدُدَا
يَا لَيْتَنِي أَغْـدُو بِأَحْضَـانِ الْمُنَـى
إِنِي وَرَثْتُ الْمَجْدَ أَصْـلا ً رُفَّـدَا
مِنْ طَيْفِ رُوحٍ فَارَقَتْ مُسْتَوْطَنِـي
مَجَّدْتُ فِي إِسْمِي شِعَـاراً خُلِّـدَا
غيداء الأيوبي
تحية مباركة للرائع
سعدون الباشا على هذا الموضوع القدير