
17-06-2009, 12:50 PM
|
عضو شرف
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 541
|
|
مقال للشيخ / علي الجابر العلي الصباح...
بدأت الحكومة مؤخرا بمنح رخص صحف يومية لمن يستوفي الشروط. أخذ الكويتيين يتسابقون بطلب هذه التراخيص. كالمثل القائل “كل من طق طبله قال أنا قبله”. مساكين ذاكرتهم ﻻ تذكر إلا القليل من سنوات ماضية. ناسيين تاريخ الصحافة الكويتية و المراحل التي مرت بها. و ﻻ يعون التحديات التي تواجه الصحافة المطبوعة في المستقبل. جهل سيؤدي إلى الخسارة المالية لمن دفع المال لهذه التراخيص.
لكل مجتمع هناك قدرة على إستيعاب عدد محدد من الجرائد اليومية. إذا زاد عدد الجرائد عن القدرة الاستيعابية ، يخسر أصحاب الجرائد. و إذا قل العدد، يكسب أصحابها المال الوفير. إذ يكون الوضع شبه احتكاري. و لهذا كان أصحاب الجرائد يحققون الكثير من اﻻرباح في الفترة الماضية. اما في الماضي البعيد فكان الوضع مخالف. و لذلك لنرجع إلى الماضي لنستقي الدروس.
كم منكم يتذكر صحيفة أسمها دنيا العروبة؟ كان المرحوم عبدالعزيز المساعيد يملك الكثير من التراخيص. باع ترخيص دنيا العروبة إلى السيد هاشم الرفاعي، سياسي تألق في الستينيات. و عندما وجد المنافسة الحادة في هذا السوق باعها إلى السيد أحمد الجارالله، صحفيا بارزا في ذلك الوقت. و من ثم حول احمد اسمها إلى السياسة و أخذ يصدرها حتى وقتنا هذا.
كانت هناك جريدة أسمها أخبار الكويت، يملكها المرحوم عبدالعزيز فهد الفليج. مع اشتداد المنافسة في سوق الصحافة أخذ المرحوم عبدالعزيز يقلص الصرف على الجريدة حتى كاد أن يقتلها. و في السبعينات كان السيد خالد يوسف المرزوق تاجر طموح يتوسع بإمبراطوريته العقارية بشكل مطرد. سقطت أحدى العمارات التي كان يبنيها فأخذت صحيفة الطليعة تعايره و تسمي شركته عقاروت. فقرر أن يشتري جريدة أخبار الكويت لتدافع عن مصالحة التجارية. و بعد الشراء أسماها اﻻنباء.
أعطى وزير الإرشاد و اﻻنباء في الستينات الشيخ صباح اﻻحمد ترخيصا للسيد أحمد محبوب العامر لجريدة يومية أسمها الوطن. السيد أحمد لم يملك القدرات المالية ﻷصدار الجريدة بشكل منتظم. و كانت شركة مساعد الصالح و أوﻻده في الستينيات هي الشركة الكبرى للمقاوﻻت بالكويت. و بسبب الغيرة و حجمها الكاسح كانت توجه لها الكثير من الانتقادات بالصحافة. وشعر المرحوم مساعد الصالح بالحاجة لجريدة يومية تدافع عنه، فكلف إبنه السيد داود مساعد الصالح بشراء جريدة الوطن من أحمد العامر. و كلف إبنه الكاتب محمد مساعد الصالح بإدارة الجريدة. نجح محمد بإدارة الجريدة فنيا و لم يوفق بإدارتها ماليا. و بعد وفاة المرحوم مساعد الصالح قرر الورثة بيعها. فشتراها الشيخ علي الخليفة الصباح بعد التحرير.
كان المرحوم عبدالعزيز المساعيد صحفيا ناجحا بالفطرة. ﻻ يهاب الرأي اﻻخر. وﻻ يكل من مواجهة الحقيقة. و كانت جريدة الرأي العام من أنجح الجرائد الكويتية. و عندما بدء المرحوم عبدالعزيز بالكهل و فقد قدرته على أدارة الجريدة، قل التوزيع. و بعد التحرير باعها أو باع مطبعتها إلى مجموعة بودي. و نشأت بعض اﻻشكالات. حلت اﻻن بأن غير أسمها إلى الراي.
بعد هذه القراءة التاريخية للصحف الكويتية. نجد بأن نجاح الصحف اليومية يحتاج إلى إدارة متخصصة مثل إدارة المرحوم عبدالعزيز المساعيد أو السيد أحمد الجارالله. كما تحتاج اﻻدارة أن تكون مسنودة بالمال. فالمرحوم المساعيد كان لديه المال. و السيد أحمد كان يدعمه بالمال المرحوم الشيخ جابر العلي. أو تنجح الصحف إذا كانت صوتا لمصالح تجارية كجريدتي اﻻنباء و الوطن. و الربح الفاحش أو الربح المعقول يحدده حجم المجتمع و عدد الصحف التي تصدر في السوق. و هذا يقودنا إلى التساؤل عن مستقبل الصحف الحالية و الصحف التي صدرت تراخيصها مؤخرا.
هناك تراخيص صدرت ﻷسماء ما هي إﻻ واجهة ﻷصحابها الحقيقيين. هذه الصحف مصيرها الفشل. فعدو اﻻعلام هو اﻻخفاء. و إذا بدأت الجريدة بنهج الخفية سيمتد هذا السلوك إلى باقي أنشطتها و من ثم الفشل. و المالك المتخفي مالك ﻻ يريد أن يدير الجريدة. يعني شخص غير متخصص. و هذا أيضا سيسبب فشلها.
هناك تراخيص صدرت لسياسيين لديهم القدرات المالية. ولكن ماذا سيحدث لهذه الصحف عندما ينتهي عملهم السياسي؟
و يبدو بأن جريدة السياسة ستواجه نفس ما واجهته جريدة الرأي العام. المرحوم المساعيد لم يهيأ شخصا ﻷدارتها بعد تقاعده. و نفس السؤال تواجهه السياسة.
و اﻻهم من هذا كله مع انتشار اﻻنترنت أخذ توزيع الصحف المطبوعة يقل. و بالمقابل هناك نمو في الصحف اﻻلكترونية. فهذه الصحف قليلة التكلفة و سريعة النشر و اﻻنتشار كما انها ﻻ تكون مكبلة بالقيود التاريخية التي تكبل الصحف المطبوعة. و هناك وسائل أخرى للنشر على الإنترنت مثل وسيلة المدونات، الأخذة بالنمو بالكويت.
شخصيا أرى بأن طريقة نشر الأخبار ستتغير جذريا بالمستقبل. بعض من الصحف اليومية سيغلق. و المستقبل سيكون للنشر الإلكتروني. و معظم من دفع اﻻموال لشراء التراخيص مؤخرا ، سيخسر.
منقول
http://raihur.com/?m=200705
|