[الأديب]

في رثاء النوخذة يعقوب اليتامى
( جريدة الوسط )
الإثنين, 15 - ديسمبر - 2008

جدي العزيز.. يا من واراه التراب.. إن العين لتدمع وإن القلب لينفطر وإنا على فراقك يا بابا يعقوب لمحزونون، ولكنني متفائلة بأنك إلى جوار رب كريم، رحلت في أيام فضيلة، أيام ذي الحجة تتنزل فيها رحمة ومغفرة من رب رحيم، رحلت في يوم الجمعة وما أفضله من يوم يقال إن من مات فيه لا يعذب عذاب قبر قط.

يا أغلى من فقدت.. أشعر أنك تنعم في روضة من رياض الجنة مع أمك وأبيك وزوجتك وكل محبيك، فهنيئا هنيئا لك فوالله ما كنا لنبكيك لولا ألمنا الشديد لفراقك.
لقد كنت الأب الحنون لأبنائك وبناتك، والجد الرحيم بأحفادك، والجار الكريم لجيرانك والرجل العظيم بنظر كل من حولك.

أيها الراحل إلى دار الخلود (إن شاء الله)... تبكيك عيون أبنائك من البنين والبنات، تبكيك عيون أحفادك الكبار والصغار، تبكيك عيون محبيك من الأهل والأقرباء، تبكيك عيون أصحابك جميعا.

أبي الغالي.. موتك المفاجئ لم يترك لنا فرصة لتحسس قلبك الكبير وحنيتك، حتى أنه لم يترك لنا فرصة لرؤية ابتسامتك الأخيرة ولكن كن على يقين بأننا لم ولن ننسى صدرك الكبير الذي احتضن كل من حوله. واسمح لنا واغفر لنا تقصيرنا فوالله مهما فعلنا فلن نرد لك ربع الجميل، فلولاك من بعد الله سبحانه لما كان لنا آباء وأمهات أحسنوا تربيتنا، لولاك لما كان لنا بيت يجمعنا في أفراحنا وأحزاننا، لولاك لما كان أزواج يفتخرون بنا لكونك جدنا، لولاك لما كان لنا تراث تفتخر به أجيالنا، لولاك ولولاك لما كنت أنا الآن أكتب لك وأنا كلي فخر بأني حفيدة يعقوب اليتامى. فرحمة الله عليك يا جدي العزيز.

أبي العزيز.. لم نتحمل فكرة فراقك ولم نصدق كونك رحلت عن الدنيا بهذه السهولة فذهبنا لتوديعك الوداع الأخير ورأينا جثمانك وخيل لنا أنك فرح لرؤيتنا جميعا فلم أتمالك نفسي ولم تستطع قدماي الوقوف على الأرض فرميت بها في أحضانك وطبعت قبلة أخيرة على جبينك وأنت ممد ومتطيب بأطيب المسك والعود فوالله لقد زدت إحساسا بحبك وأنا أرى هذه الجموع تتألم على فراقك، فراقك المفاجئ الذي لم يتوقعه أحد أبدا رغم كبر سنك.

رحلت ولم يتبق على العيد إلا أيام معدودة، وكيف لنا أن نعيّد وأنت لست معنا؟ ذهبنا إلى منزلك إلى المكان الذي تعودنا رؤيتك فيه ولكننا للأسف لم نرى إلا أشياء تنطق باسمك وتفتقدك منذ اليوم الأول لفراقك، لم نر سوى كرسي مهجور تعودنا رؤيتك جالسا عليه وطاولة إلى جانبه فوقها الراديو الذي تعودت السماع اليه، لم نر سوى غرفة مقفلة لم نتحمل فتحها دون رؤيتك نائما في سريرها، لم نر سوى أظرف كتب عليها أسماء أحفادك وأبناء أحفادك تنطق «عيدكم مبارك» وفيها عيدية العيد.

فشكرا لك يا أبي العزيز لم تنسنا حتى آخر لحظة في عمرك وقررت أن تعيّد علينا بالعيد حتى وأنت في قبرك.
لن أطيل كلامي.. جدي الحبيب أبدا لن ننساك وسنصبّر قلوبنا بذكراك فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون».

حفيدتك المحامية/ بشاير عارف الياسين
وعن أحفادك جميعا