عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-06-2009, 03:22 PM
الصورة الرمزية الأديب
الأديب الأديب غير متواجد حالياً
عضـو متميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 448
افتراضي

(جريدة النهار)
ذكرياتي مع بدر القطامي
د. هيلة حمد المكيمي

على مقاعد ثانوية اليرموك.. عرفت بدر القطامي.. اتانا زائرا الى المدرسة بدعوة من صديقات المكتبة التي كنت احداهن ليلقي محاضرة عن الفن والتراث.. كان بدر اولى الشخصيات التي من خلالها تلمسنا نبضات قلب الفن والتراث الكويتي..
واطلالنا بفضول على مكونات هذا المجتمع الثقافي.. فكان احد تلك الشرايين التي تمكنت من ربط ذلك المجتمع الصغير من التلميذات بقلب الثقافة الكبير الذي كان يزخر بالشعراء والأدباء والكتاب والفنانين..

فتعلمنا من بدر ان الرسومات.. ليست هذيان اقلام وانما هي احاسيس ووجدانيات تتكلم بصمت.. تبكي دون دموع.... تضحك دون قهقهة.. وترقص دون ان تتحرك.. .لم استطع ان اعبر بالكلمة او بالريشة حينما تحسست عالم بدر ما بين دروب وطرقات الفرجان والازقة التي تعرفها لوحاته.... ولكنني ارى نفسي اكتب عنها بعد ان ضاقت بنا تلك الفرجان لفقدنا بوصلة التراث الكويتي.. بدر القطامي..

لا اتذكر بالضبط متى أمسكت يدي القلم لتخط اولى محاولاتي في الكتابة.. ولكنني اجزم انها كانت في تلك المرحلة المبكرة في الثانوية..
حيث حفلنا بمجتمعنا الصغير باستضافة نخبة من الشخصيات والتي كان بدر من بينها لتكون دافعا لنا لنشق طريقنا في العلم والمعرفة..

استغرب كيف كانت شخصياتنا في تلك الفترة تتميز بعمق ورؤية ونظرة ثاقبة للامور حتى في قائمة الشخصيات التي قررنا استضافتها في الثانوية والتي اتذكر منها خليفة الوقيان والفلكي العجيري وصاحب ملحمة البحار.. الشاعر الكبير محمد الفايز وغيرهم.. باقلامنا الصغيرة وضعنا تلك الاسماء الكبيرة وقررنا استضافتها بعد موافقة الادارة المدرسية التي رحبت وشجعت تلك المبادرة،

لم يقف الدافع فقط عند الاستضافة.. بل الاجمل هو النقاش مع تلك الشخصيات التي كانت تتعامل معنا بكل جدية مع جمهورها الناقد الصغير.. الذي ايقن بأن فيها اعمق الاثر والذكريات..

اقول استغرب وانا استحضر تلك الذكريات.. في الوقت الذي التقي فيه بعضا من طلبة ثانوية هذه الأيام.. من أشباه الأميين الذين لا يستطيعون ان يفكوا رموز الكتابة والقراءة فكيف هو الحال بعالم النظريات والتفكيرالنقدي؟!

اقتربت من بدر.. وسألته ماهو سر تعلقك بالتراث؟!
فقال: امرأة عجوز!!.. في احد معارضي الفنية والتي كانت تزخر بالعديد من المواضيع والأفكار.. وجمهور تتنوع فيه النساء من مرتديات احدث الأزياء والماركات العالمية..

رأيت امرأة بالبوشية والعباية الكويتية تقترب من احدى لوحاتي التي كانت عبارة عن رسم لاحد الفرجان الكويتية القديمة يتوسطها باب بوخوخة.. وضعت ام البوشية رأسها على الباب.. تتنشق هواء الزمن.. فرحب بها الباب منفتحا.. للتوسط في احد ممرات البيت.. وتنفجر في بكاء.. لم يوقفها الا ابنها الواقف خلفها مخاطبا: «يماه يالله امشي ترى مع بقى احد.. الكل طلع!

بدر حفظت «كويتاً» لم يكتب لنا ان نراها الا من خلال ريشتك.. فلك البقاء
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ
لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ

رد مع اقتباس