
22-04-2009, 09:40 AM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 40
|
|
مقابلة مع سيد محمد نصير
مقابلة مع سيد محمد نصير
إعداد : سعود الديحاني
جريدة الرأي العدد 10560 - 30/05/2008
الحرف والمهن اليدوية تكسب صاحبها مزايا وخصالا لا يعرف كنها وحقيقتها إلا من مارست يده وصافحت تلك الحرف التي قيل عنها خير كسب المرء ما عملت يداه، سيد محمد نصير سار في ركب مهنته وهو صبيا يافع لا يعرف من مجريات الحياة إلا تلك المهنة التي عمل بها وأحبها واخلص فيها فتمكن من اساسياتها واحاط بأصولها فبرز فيها وشاع ذكره وعرف الناس من خلالها
يحدثنا كيف كانت بداياته مع كهرباء السيارات وعند من تعلم هذه الحرفة وما المحطات التي كانت في حياته عندما سار في ركب الحياة العملية والمهنية كل ذلك يسهب لنا فيه فلنترك له ذلك:
نحن من منطقة الشرقية احدى مناطق مصر وبالتحديد من مدينة الزقازيق وبها كانت ولادتي فوالدي كان يعمل سائقا في شركة مقرها الزقازيق وهو رحمه الله كان يقرأ ويكتب وتعلم قيادة السيارات منذ ايام الانكليز وانا حين توجهت للدراسة بدأت عند الشيخ حسين في مدينتنا وهو احد الشيوخ الذين يعلمون الابناء القرآن الكريم ويقومون بتحفيظفهم كتاب الله عز وجل وانا لما كنت عنده حفظت جزء عمّ ثم التحقت في مدرسة الحريري وهي مدرسة نظامية وبها اتممت الصف الرابع بعد ذلك كنت اهرب من المدرسة لكي اعمل ميكانيكي للسيارات رغبة مني ووالدي كان يود ان اكمل دراستي لكن رغبتي الجامحة جعلته يذهب بي لمن يجيد مهنة الميكانيكا لكن ونحن في الطريق التقينا بأحد اصحاب الوالد وسألنا عن وجهتنا فقال له الوالد ان ابني يريد ان يعمل ميكانيكي فرد عليه بقوله اجعله يتعلم كهرباء السيارات فقلت بكل عفوية اريد ان انور السيارات رد على كلام صاحب والدي وفعلا تم ذلك وذهبنا لصاحب كراج يعرفه الوالد اسمه «احمد عبدالله» ومكانه ليس بعيدا من بيتنا ولا ايضا قريب متوسط المسافة وكان ذلك سنة 1956 ولم اواجه صعوبة في تعلمي هذه المهنة واتقانها حيث ان السيارات في ذلك الوقت لا تحمل بين جنباتها إلا تمديدات اليسرة «وايرين» اثنان فقط وهي سيارات ذات طراز ستة وثلاثين وستة واربعين فوردات وشفرات وكان معي زملاء مثل عمري يتعلمون هذه المهنة كما كنت اتعلمها ويقيم في نفس الكراج ولا نخرج منه إلا في آخر الاسبوع وكانت والدتي هي اكثر زعلا على غيابي كل ايام الاسبوع وهي تود ان اخرج يوميا لكي تراني اما والدي فكان خلاف ذلك يريدني ان اتعلم هذه المهنة واصبح رجلا اعتمد على نفسي، وتعلمي هذه المهنة من صاحبها لم يكن بالسهل فقد كان قاسيا معنا حتى يصل الامر إلى الضرب بنا يكون بمتناول يده من شاكوش او مطرقة او اي اداة من الادوات ومرات تكون الضربة على ظهري ووالدي كان يقول لصاحب الكراج لك اللحم ولنا العظام، والاجر الذي كنا نأخذه مقداره «عشرة قروش» كل جمعة.
التعلم
خلال عملي في الكراج الذي علمني مهنة كهرباء السيارات زاد راتبي خصوصا بعد أن مضى وصار لي معاش شهري وصرت اخرج يوميا لأهلي ومضت الايام من سنة 1956 إلى 1962 وانا في ذلك الكراج بعد ذلك حصلت لي نقلة نوعية في حياتي العملية والمهنية وهي عملي في شركة مواصلات اهلية ولم تكن حكومية وهي التي كان يعمل بها والدي وهذه الشركة كانت سياراتها تعمل على ديزل سيارات نقل كبار «باصات»، ولم اواجه صعوبة في عملي لأنني متمكن منه وعندي القدرة ان اصلح اي عطل في كهرباء السيارات سواء كان السلف، دونمات حتى الظفيرة التي هي مجمع التمديدات كلها للسيارة وهي التي تخرج منها دائرة الشحن للنيرات والانوار وموصلة لكل قطعة كهربائية في السيارة كنت متمكنا منها لدرجة انني بروفيسور فيها فرئيس العمال كان يقول «انت مكانك ليس هنا في هذه الشركة مستواك اكبر منها» كنت اعمل ظفيرة السيارة كأنها من مصنع الام في المانيا خصوصا باص النقل المرسيدس.
الدورات
عملي في شركة المواصلات كان يبدأ من الساعة الثامنة صباحا حتى الخامسة مساء وهناك استراحة غداء ساعة واحدة ثم نعود للعمل وقد اجرى لي اختبار حين تقديمي لطلب العمل حيث اعطوني سلف سيارة ودينامو وقمت بتصليحهما وانا خلال عملي في هذه الشركة التي عرفت بها اشياء كثيرة فسياراتها تعمل على ديزل كانت كذلك ترسلنا لنأخذ دورات بالقاهرة في مراكز تدريبية ولم اكن متحمسا لهذه الدورات ولا مهتما بها لكن حصل موقف مع المهندس الذي كان يلقي علينا المحاضرة في دورة ونبهني انني اعرف تصليح القطع الكهربائية المتعلقة بالسيارة لكن لا اعرف كيف تتولد الكهرباء وما هو مصدرها فتعلمت أصولا وقواعد الكهرباء وأن هناك قطبين جنوبي وشمالي وقوة جاذبة وقوة متنافرة وان هناك مجالا مغناطيسيا، وإذا قطع الملف او اختلف تولد تيار الكهربائي حصل العطل كل الامور العلمية تعلمناها من هذه الدورات، وراتبي في هذه الشركة كان شهريا مقداره ثمانية جنيهات.
السفر
كانت عندي رغبة للعمل خارج مصر لاجل تحسين وضعي وأشوف الدنيا ماتفقت مع اثنين من اصدقائي في البلد كانا يعملان في نفس مجالي هو تصليح السيارات واحد منهما خراط مكائن والأخر ميكانيكي... كان ذلك سنة 1967 انطلقت رحلتنا من الاسكندرية بحرا وصلنا إلى ميناء اللاذقية في سورية ومكثنا فيها شهرا كنا نعمل في البيع والشراء خلال هذا الشهر ثم انطلقنا للعراق ومكثنا في البصرة كذلك شهرا عملنا في احد المطاعم في البصرة بعد ذلك علمنا ان الناس تذهب للكويت تهريبا فعلا ركبنا مع صاحب وانيت فورد طرازه «66» وقيمة التوصيل للكويت ثمانية دنانير ولم تكن الفلوس متوافرة فحجز جوازاتنا وقال اذا وفرتم المبلغ انا في قهوة عباس في سوق الجهراء ولقد اوصلنا إلى المطلاع وقال انظروا إلى انوار الكويت اذهبوا وقال هذه هي الجهراء فانطلقنا نمشي نحوها.
الجهراء
عندما أنزلنا في المطلاع انطلقنا نحو الجهراء ووجدنا عمالا من الصعايدة المصريين يعملون في البلدية ويقيمون في احدى العشيش فسكنا عندهم وبعد فترة ليست بالطويلة عملنا ووفرنا مبلغ صاحب الوانيت وذهبنا له واسترجعنا جوازاتنا منه واول عمل لي في الكويت كان في القصير وهي الشركة التي كانت تعمل طريق الاطراف حيث عملت دكاكين متنوعة الانشطة وكان من ضمنها محل كهرباء وبنشر اخذه واحد سوري وانا عملت عنده وعملي من الصبح إلى الليل براتب شهري 45 دينارا واسكن بالقرب من المحل في عشه وهذا المحل اسمه كهرباء الاطراف واستمررت به حتى تنظيم العشيش سنة 1974، في اثناء تلك الفترة سافرت إلى البصرة وبعث لي ذلك السوري صاحب المحل بكرت زيارة ودخلت باقامة رسمية وزاد راتبي إلى 70 دينارا وعندما فتحت محلات سوق العشيش الذي في الجهراء اخذت محلا خاصا بي اجاره 40 دينارا وكنت اعمل به 24 ساعة واسكن فيه ومعي عمال مصريون احدهم صاحبي الميكانيكي الذي اتى معي... لقد كنت اعمل في هذا المحل بكل جد ونشاط وطموح كنت اصلح مجمع تمديدات كهرباء السيارة «الظفيرة» من الدعامة إلى الدعامة والمبلغ عشرة دنانير اليوم تعمل بـ 250 دينارا.
الإزالة
بعد ازالة العشيش وقد ازيل معها السوق الخاص بها اخذت محلا في شارع عبدالله جدعان وكانت قيمة اجاره 100 دينار ومكثت به ستة عشر عاما من سنة 1980 - 2006 ولم تقتصر مسيرتي العملية على نفسي بل كان هناك اباء من جنسيات عربية يأتون بابنائهم ويتعلمون عندي هذه الصنعة والحرفة والمهنة كثير لا اقدر ان احصيهم او عدهم وانا من طبيعتي اكره البنشر انا كهربائي فقط ومن خلال نظري لاي قطعة من السيارة اعرفها هل هي اصلية ام لا، وكل تطور واختلاف وقع على هذه القطع او اجزاء السيارات نطبق القديم على الجديد ونعرف الخلل وتصليح كل ما جرى بها هو يعود على القديم والاصل فبلاتين وطرمبة البنزين والبطارية والسلف وبلاكات كل ذلك هو اصول في كل السيارات.
الاستيعاب
كنت بالاول اعمل من الصباح الباكر الساعة الخامسة حتى الساعة الثانية عشرة ليلا بمعدل خمس عشرة سيارة إلى عشرين سيارة باليوم، وكل الجهراء زبائني ومحبوب عندهم سواء كبار السن ام الشباب لانني صادق معهم ولا اقول لاي قطعة بدل بل اصلح الخلل لان مهنتي التصليح وتعلمت التصليح.
شايع
الله يرحم شايع ابو شيبة كانت اقامتي عليه شخصيا وهو رجل كريم ديوانه مفتوح يعاملني معاملة الاب للابن كانت اقامتي عليه بلا مقابل بل احسان ومساعدة لي وقد وفر لي عملا في مركز الشقايا حيث كنت اصلح جميع سيارات المركز.
الشهرة
شهرتي بين اهالي الجهراء «اسعيد» فانا اسمي سيد لكن جدي لامي كان اسمه اسعيد فكانوا ينادونني باسعيد وقد تزوجت سنة 1965 وعندما جاءت زوجتي للكويت سكنت بملحق بالقرب من النادي اجره الشهري اثن عشر دينارا اما مهر زواجي فكان 30 جنيها من جمعية اشتركت بها وابنائي الحمد لله متعلمون فعندي بلال يعمل معي اليوم وعادل في السويد وهو جامعي وسامية متزوجة من مصري ومقيمه معه في الدمام ومصطفى يعمل هنا في الكويت، وساره في كلية الطب في مصر، ومحمد يعمل هنا في الاذاعة والتلفزيون.
الأماكن
بيوت الجهراء القديمة اذكرها وبنك الخليج مقابل المستوصف القديم ومنطقة الكوريات كانت عشيش، وصيهد ابن رشيد هو مكان بيت التمويل اليوم.
الشخص
جاء أحد الاشخاص منذ زمن بعيد وكان عنده تنكر وبه عطل في منطقة القشعانية فذهبت معه ومكثنا ما يقرب يوما ثم اصلحت ما به من عطل ولي عليه حساب اربعون دينارا ولم يدفع لي ذلك المبلغ حيث ذهب وانقطعت اخباره وبعد مضي زمن طويل فاذا برجل يدخل علي في محلي ويقول سيارتي بجانب الشارع معطلة ذهبت واصلحت سيارته وانا عرفته من صوته فقلت له الا تذكر اليوم الفلاني عندما ذهبت معك إلى القشعانية فقال نعم اذكره جيدا اين انت كم فلوسك خذها ومعها حبة خشم.
الأعمى
في يوم من الايام بينما انا في المحل أمارس عملي المعتاد فاذا برجل ضرير يساعده رجل اخر ويقول السلام عليكم ابن اسعيد فقلت له لقد وصل على خير تفضل ماذا تريد من اسعيد قال هل هو انت قلت نعم قال خذ عشرة دنانير لقد اصلحت سيارتي التنكر قبل الغزو فخذ فلوسك وبرئ ذمتي لقد كنت اسأل عنك كل هذه المدة.
الذبيحة
يوم كنت اعمل في محل سوق العشيش جاءني احد زبائني وقال يا اسعيد اريد خمسة دنانير فاعطيته الخمسة وكان يعمل عسكريا وبعد مضي وقت ارجع الخمسة وقال انت راعي الاولة لقد جاءني خطار «ضيوف» وذهب رجال اعرفه لم يعط ما اريد فجئتك لقد اشتريت ذبيحة بـ 2.5 والباقي مكملات العشاء... كان الرخص موجودا، ذبيحة واغراضها بخمسة دنانير.
الهدايا
كان زبائني من البدو يأتون لي بالفقع ولبن والسمن والزبد حتى البيت كان يضيق به من كثرته وكنا نوزع على الجيران وانا كنت اذهب إلى البر وابات عندهم وكانوا يدعونني لاحضر افراحهم والابل والاغنام كانت تشاهد بحدود الجهراء وكان هناك قلبان مياه ادكتها ورأيتها ولم يكن احد يسأل عن الاقامة، هل عندك اقامة صالحة الاهم ان الانسان لايعمل مشاكل.
الذهب
قبل الغزو واثناء الاجازة الصيفية للمدارس اغلقت المحل وقررت ان اسافر شهرا إلى مصر وجعلت ذهب زوجتي وبناتي واوراق خاصة فيني في المحل وسافرت اسرتي بالطائرة اما انا فلحقتهم عبر البر مع ابن اختي وقد جعلت الاشياء الغالية والمهمة في محلي وكان عندي مبلغ ومقداره ثلاثون الفا في البنك فحولت منه تسعة وعشرين الفا لمصر وتركت الفا لتكون مصاريف لمحلي عندما اعود ولما حدث الغزو وقفت جميع التحويلات المصرفية والشيكات وذهبت للبنك وقال لي الموظف لقد وصل فاكس تحويل فلوسك بالامس واليوم توقفت جميع تحويلات ان فلوسك حلال حلال فقلت له والله لقد صدقت لم يدخل في ذمتي فلس واحد حرام... لقد دخل ابني مصطفى الكلية الحربية بعدما انتهى من الثانوية العامة ولم يرغب بدخول الجامعة وكان له نصيب ان يذهب مع قوات التحالف وقد خافت عليه والدته فقلت لها الكويت اغلى من الجميع... وحياة الانسان وموته من رب العالمين من كتبت له حياة فسوف يحيا ومن كتب له ممات فسوف يموت لو كان في بيته... اعطيت ولدي مصطفى مفاتيح البيت في الكويت ودخل الكويت عند التحرير وجاء إلى المحل فلم يجد اثر قدم به كل شيء به سليم لم يأخذ منه شيئا ولايوجد اثر لقدم به الاتربة على جدرانه وعلى ارضيته ولم يصب بأي أذى، كان العراقيون يجلسون عند عتبة بابه ولم يدخل فيه احد ويسألون محل من هذا فيقولون محل رجل مصري وبقي على ماتركه عليه لم يأخذ منه شيئا ولم يفتح بابه انا عندما سافرت خاطبت المحل وقلت «اودعتك الله اودعتك يالله هذا المحل».
http://www.alraimedia.com/Alrai/ArticlePrint.aspx?id=48098
يوجد صور شخصية للضيف
|