راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > القسم العام
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-03-2010, 09:41 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي أبناء السندباد - د. أحمد يوسف الدعيج

....وقول من الله
يوم الأربعاء 10/3/2010 وبينما كنت في زيارة أحد الأخوة الأعزاء يعمل مديرا لفرع أحد أشهر البنوك الكويتية، دخل علينا رجل كويتي كبير في السن أنيق الملبس يسير معتمدا على عصاه، يبدو إنه يعرف مدير الفرع تمام المعرفة، وكان الرجل متذمرا من اضطراب الأمور في كويت هذه الأيام حسب قوله وكيف ان الأمور ليست كما كان الحال في السابق، وكان سبب تذمره هو انه للتو قد عاد خائبا من قصر العدل بسبب الاضراب الذي قام به الخبراء، كما يقول، ما تسبب بإلغاء الجلسات وتعطل مصالح الناس، سوف أشير للرجل الكويتي بالعم بو جاسم، ولقد استفدت كثيرا مما جاء في هذا اللقاء الذي قارب الساعتين، وسوف ألخص بعضا مما جاء فيه، بو جاسم من مواليد 1928، أسأل الله ان يبارك فيه ويرزقه الصحة والعافية. من خلال حديث بو جاسم معنا استطعت ان أحصي الكثير من الأمثال والأقوال الكويتية القديمة، منها ما هو صالح للنشر ومنها ما يندرج تحت مظلة الثقافة الشعبية الكويتية، ومن هذه الأمثلة:
سال فيهم المسيل وحسبالهم ديمة.
من تغدا بخوك تعشا بك.
السنة أحسن من داير.
لا عندي نعجة ولا خاف من الذيب.
المال اللي تودعه بعه.
من قلة تدابيري حنطتي أكلها شعيري.
من هان مدخاله هان مطلاعه.
شهوته تغلب نخوته.
.... وقول من الله( كل نقطة تمثل حرف) وهذا المثل المعبّر يصلح لوصف حكومتنا الرشيدة.
شلت الحمل والا اللي يمر عليك مشيول.
تقبل وتشيِّع والديوانية ما تضيِّع.

نصيحة والدة العم بو جاسم
تكلم العم بو جاسم عن بساطة الحياة في الكويت القديمة وكيف كانوا يعيشون في غرفة مساحتها 5.5X3 متر تقريبا، كانت بالاضافة الى والدتهم تضمه وثلاثة من إخوته، الثلاثة يفترشون الأرض ولأنه أصغرهم فإنه ينام بالقرب من والدته على السرير البسيط، ثم ذكر لنا العم بو جاسم نصيحة والدته التي يعيها منذ كان في السادسة من عمره وكانت تكررها عليه واخوته، إذ كانت تقول لأولادها ناصحة: إذا شفت شي لا تقول شي، ولى انشدوك قول مادري، واذا وافجك الخير وافجه، ثم تكلم عن بر الأبناء بوالديهم وإنهم ليسوا مثل الكثير من شباب هذه الأيام الذين يولون اهتماما كبيرا بزوجاتهم على حساب والديهم، فبعد أن كان الشاب بارا بهما قبل زواجه شغلته الزوجة عنهما، فأصبح بذلك ينطبق عليه المثل الشعبي الذي يقول: من تعطيه المرا(عندما يتزوج المرأة) صار...
وذكر لنا العم بو جاسم قصة طريفة من الثقافة الشعبية الكويتية الليبرالية عن الجارة التي سألت جارتها كيف يقضي رجلي ورجلك ورفاقهما وقتهم في الغوص طيلة أربعة أشهر على ظهر السفينة في عرض البحر؟ فردت عليها جارتها قائلة: يقضون وقتهم في السوالف عن ق... وق...، ثم أراد العم بو جاسم ان يلطف الجو خشية من أن يكون قد أغضبنا وأراد ان يظهر لنا شيئا من ثقافته الاسلامية فقال: كل شيء عند الله سبحانه وتعالى يهون إلا الشرك به، وكذلك قتل النفس التي حرم الله الا بالحق وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين، ثم ثم ذكر لنا العم بو جاسم بعض القصائد بالشعر العربي الفصيح والنبطي والزهيريات.

البحر وأهواله وتكسير الصخور
عن الغوص ومشقته تحدث العم بو جاسم وقال بإن الغوص يقسم الى أربع مراحل، أو هكذا فهمت منه، خانجية مدتها من 28 يوما الى شهر، وغوص مدته 120 يوما وليلة، ثم ردّة مدتها من 15 الى 20 يوما، ثم رديدة من 10 الى 12 يوما، وقال كان البدوي من شدة الحاجة يأتي لكي يشارك في موسم الغوص فيسأل أيهما يأخذ أكثر الغيص أم السيب؟ فيقولون له الغيص لأن عمله أكثر مشقة وخطورة، فيصر على الدخول غيصا، وربما يؤدي ذلك الى موته غريقا.
ثم تكلم العم بو جاسم عن العمل في تكسير صخور البحر التي تستخدم في البنيان، ويقول كنا نذهب بالماشوّة (نوع من السفن الشراعية) الى عشيرج وقد تستغرق عملية تكسير الصخر التي تتم في الشتاء القارص من يومين الى ثلاثة أيام، يوم نكسّر فيه الصخر ويوم نحمّل فيه الماشوّة ما كسرنا من صخر، والثالث للردّة، وكنا نكسر الصخر بواسطة الهيب (والهيب عمود حديدي ثقيل برأس شبه مدبب) ولأن العمل كان في البرد الشديد فإننا نضع على ظهورنا الخياش حتى تقينا من برودة الشتاء والجو الرطب البارد، وكانوا يكسرون الصخور بالقراح (وقت الجزر) ويحمّـلون الصخر في الماشوّة بالطفوح (وقت المد)، وكانت أجرة عملية تكسير صخور البحر تتراوح من روبية ونصف الى روبيتين ونصف وربما ثلاث روبيات للعامل، أما الأكل والشرب فهو على صاحب الماشوّة.

أبناء السندباد في أسواق القرين
بعد مقالة يوم الثلاثاء 9/3/2010 والتي كانت بعنوان «أبناء السندباد تنابلة السلطان» والتي ذكرت فيها عدم استغلال الكثير من الكويتيين لأوقاتهم بطريقة مفيدة وإضاعتها في الديوانيات، اتصل علي أحد الأخوة الأعزاء جدا محتجا معاتبا، أو هكذا يبدو، وقال حضرتك وين تبينا نروح؟ فقلت له لا اعتراض على قضاء بعض الوقت في الديوانية، ولكن ليس معظم الوقت، فقال لي: الليلة راح أمر عليك وأوديك لإحدى الديوانيات، فقلت له: لا أحب الديوانيات بصفة عامة وذلك بسبب ضوضاء التلفزيون أو انهماك الرواد في الكوت بو ستة والهاند وكذلك المبالغة في الإضاءة التي تسبب لي إزعاجا شديدا، فرد علي قائلا: إنها ديوانية أو ديوانيات من نوع آخر ولن يتطلب ذهابنا اليها النزول من السيارة، فقلت له: لا أعلم ماذا تقصد ولكن اذا كان الأمر كذلك فلا بأس.
ثم اتجه بنا الى منطقة اسمها منطقة «أسواق القرين» وكان الوقت ليلا ومعظم المحلات التجارية مغلقة، ولكنه قال لي: إذا لاحظت تجمعا كبيرا للسيارات فاعلم أنها لرواد مقاهي الانترنت والشيشة، وبالقرب من مقر الادارة العامة لمكافحة المخدرات التي لا أدري كيف سمحوا ببنائها في منطقة حرفية خدمية تجارية مثل منطقة أسواق القرين؟ تفاجأت من العدد الكبير جدا لهذه المقاهي ذات الواجهات الزجاجية الكبيرة ومن الذي صرح لهم بذلك؟ قال أخونا العزيز انظر الى انشغال الشباب بأجهزة الكمبيوتر وانهماك معظمهم بتدخين «الشيشة» ثم قال إن مكاسب أصحاب مقاهي الانترنت تأتي في المقام الأول من تدخين الشيشة، فقلت له أرجو ان يقتصر الأمر على التبغ فقط رغم مضاره الخطيرة على الصحة؟ فرد على بحزم لا، أفا عليك عيل ليش حاطين إدارتنا بينهم؟ علشان نراقبهم ونمنعهم من تعاطي اللي خبرك وعلمك فقلت له: أشوه يا معود، الله يبشرك بالخير.
كان أطرف ما في الأمر الاعلان الذي كتب على واجهة أحد المقاهي بخط عريض «إدفع أول ثلاث ساعات والرابعة علينا».
من أسواق القرين اتجه بنا صاحبنا «اللي يحب الدوجة» الى المنطقة الحرة في الشويخ، ومنذ ان دخلنا اليها اتضح انها لم تستغل بالشكل الذي تم انشاؤها من أجله، فما علاقة وجود وزارة التعليم العالي في المنطقة الحرة؟ وبالاضافة الى الكثير من الأمور الغريبة في المنطقة الحرة التي نأمل ان تسلط عليها الصحافة الضوء في تحقيق صحفي شامل، كان هناك أيضا الكثير من مقاهي الانترنت والشيشة، وهي بالمناسبة قريبة جدا من الجامعة وبذلك تساعد الشباب المجتهد على «التزريق» من المحاضرات.

النعمة تبي حمد وشكر
مرت على الجزيرة العربية قبل اكتشاف النفط أوقات عصيبة جدا تمثلت في قلة الأقوات بسبب القحط الذي يؤدي الى مجاعات مريعة، يقول ابن عيسى في كتابه «عقد الدرر» متحدثا عن أحداث سنة 1289هـ التي توافق سنة 1872م أي قبل مائة واثنتين وثلاثين سنة «وفي سنة 1289هـ اشتد الغلاء والقحط في نجد، وأكل الناس الميتة وجيف الحمير، وعظم الأمر، ومات خلائق كثيرة جوعا، وصار كثير من الناس يأكلون الجلود البالية بعد حرقها بالنار، ويدقون العظام ويأكلونها، ويأكلون الرطبة وهو القت(الجت أو البرسيم)، ويأكلون ورق الزرع، فأثر ذلك في وجوه الناس وأرجلهم نفخا وأوراما، ثم يموتون بعد ذلك، واستمر الغلاء والقحط الى آخر السنة التي بعدها».
وفي تاريخه المعروف «تاريخ بن عيسى» يتحدث بن عيسى عن أحداث سنة 1327هـ التي توافق سنة 1909م قائلا: واشتد الغلاء لقلة الأطعمة، ونفدت الأقوات وأكل أكثر الناس من الميتة، وشرب الناس الدم المسفوح وبعضهم يطبخه ويأكله، وأكل آخرون الجلود البالية بعد حرقها بالنار، ومات كثير من الناس جوعا خصوصا من الذين طاحوا في البلدان في بادية عتيبة، وصار غالب قوت الناس من أعشاب الأرض.
عزيزي القارئ اذا دخلت الى اليو تيوب وكتبت هذا العنوان (وما أدراك ما المنسف) فسوف يظهر لك طبق معدني مثل حوض سباحة صغير يماثل في مساحته الغرفة التي كان يعيش فيها بو جاسم مع أمه وأشقائه الثلاثة، وربما أكبر، يمتلئ بكميات هائلة من الأرز الذي تعلوه اللحوم يحيط به جماعة من المدعوين لا أعتقد بان في استطاعتهم تناول عشر ما يحتويه من طعام، واذا كتبت هذا العنوان(شوف الطغيان) فسوف تعرف ما تعنيه كلمة سفه وفسق وكفر بأنعم الله، وسوف ينفطر قلبك إذا كتبت في Google هذا العنوان (المناسبات الاجتماعية تكشف مخزون التبذير والاسراف) ستظهر لك صورة حافلة قمامة، أجلكم الله، وهي ترمي في مكب النفايات كميات هائلة من أرز الولائم ولحومها. يا جماعة الخير قديما قالوا: النعمة تبي حمد وشكر، وفي قول مأثور قال الأولون: إن النعم لا تدوم.

رفرف يا علم بلادي
رفرف يا علم بلادي فوق السهل والوادي، أغنية وطنية للمطرب سعود الراشد كان يتغنى بها عندما كنا أطفالا في الستينيات، في السابق كان الاحتفال بالعيد الوطني له طابع مميز يتمثل بالاستعراضات العسكرية وبالألعاب النارية التي يشرف الجيش على اطلاقها عند شاطئ الكويت، وكانت فرق العرضة التي يتحلق حولها جمهور كبير من المواطنين والمقيمين تلعب رقصة الحرب الجميلة، كل ذلك يتم من دون أذية لأحد ولا مضايقة للأسر ولا شلل يحدث في حركة المرور بسبب طيش الشباب والمراهقين، ولكن في السنين الأخيرة اختلفت الأمور كثيرا فلا السندباد يحضر الاحتفال بالعيد الوطني وانما اقتصر الأمر على الشباب اللي ما يحشمون احد، في الاسبوع الماضي وبعد ستة عشر يوما من انتهاء يوم العيد الوطني رفعت البالونات علم الكويت الكبير عند شاطئ البحر بعد محاولات فاشلة بسبب سوء الأحوال الجوية، ولكن اللافت في الأمر هو جهل شركة البترول الوطنية الكويتية KNPC بقانون العلم الكويتي عندما وضعت علم الكويت المشوه على الكثير من أعمدة الإنارة الممتدة على طريق خادم الحرمين الشريفين، لقد قاموا بوضع نجوم كثيرة على كل علم تم رفعه حتى غدا علما مشوها، بينما وزارة الداخلية وبلدية الكويت في سبات عميق.

تجار الكويت
تجار الكويت موجودون منذ نشأة الكويت الأولى، دماؤهم حمراء مثل كل الناس وليست زرقاء أو تركواز، في سنين ما قبل النفط كان بعضهم، وهم قلة قليلة، ظلمة مرابين خاصة مع أهل الغوص، أما معظمهم فرجال بكل ما في هذه الكلمة من معنى، شهامة ورجولة وعطف ورحمة وعشق للكويت وأهلها ما بعده عشق، ثرواتهم التي أنعم الله بها عليهم كونوها بمثابرتهم وجدهم واجتهادهم، أليسوا هم أبناء السندباد؟. قال محمد بن عمر الفاخري الوهبي التميمي المؤرخ النجدي المتوفى في سنة 1277هـ (ديسمبر 1860) في كتابه «تاريخ الفاخري» متكلما عن أحداث سنة 1241هـ التي توافق 1825م «و مات أيضا تاجر الكويت عبدالرحمن بن زبن، المشهور» وفي كتابه تاريخ الكويت ذكر مؤرخ الكويت الأول الشيخ عبدالعزيز الرشيد بأن عبدالرحمن بن زبن كان له نخل بالقطيف، فاذا كان عبدالرحمن بن زبن وهو نموذج من تجار الكويت ووجهائها وأعيانها في تلك الأيام المتوفى قبل قرنين من الزمان تقريبا يصفه المؤرخ الفاخري بالتاجر المشهور، فلا شك أنه ورث ثروته كابرا عن كابر وليس عن طريق المناقصات ولا الهبات والعطايا، ففي تلك الأيام لا يوجد من يهب ويعطي، هؤلاء هم تجار الكويت، ولكن هذا لا يمنع أن يكون لغرفة التجارة قانون ينظم أنشطتها.

دروس وعبر
لقاؤنا مع العم بو جاسم لم يكن معدا له وانما تم بتقدير من الله سبحانه، استفدت من هذا اللقاء كثيرا وكأنني للمرة الاولى أسمع عن كفاح الكويتيين القدماء، آباؤنا وأجدادنا، وشدة بأسهم وجلدهم التي أذهلت الرحالة الاسترالي ألان فيلييرز عندما رافقهم في رحلتهم البحرية بقيادة نوخذهم علي بن ناصر النجدي، ما جعله يسطر كتابه الرائع « أبناء السندباد» الذي طبعته وزارة الاعلام في عصرها الذهبي، في هذا اللقاء استخدمت طريقة الاختزال في تسجيل المعلومات وكتبتها على ظهر كشف الشركة الكويتية للمقاصة اللي كنت «امصفطه» في جيب الدشداشة، ولذلك ذكرت لكم معاناتهم في الغوص وتكسير صخر البحر فقط، وفاتني أن أذكر لكم ما قاله العم بو جاسم عن معاناة أبناء السندباد في السفر، وهو أشد هولا وغربة من الغوص، ربما في مناسبة أخرى أذكر لكم ما قاله هذا الكويتي العريق، كم أتمنى لو يبادر «تلفزيون الوطن» بإجراء لقاء مع العم بو جاسم ويترك له المجال بالكلام على سجيته المطعمة بثقافة واسعة.


....وقول من الله

يوم الأربعاء 10/3/2010 وبينما كنت في زيارة أحد الأخوة الأعزاء يعمل مديرا لفرع أحد أشهر البنوك الكويتية، دخل علينا رجل كويتي كبير في السن أنيق الملبس يسير معتمدا على عصاه، يبدو إنه يعرف مدير الفرع تمام المعرفة، وكان الرجل متذمرا من اضطراب الأمور في كويت هذه الأيام حسب قوله وكيف ان الأمور ليست كما كان الحال في السابق، وكان سبب تذمره هو انه للتو قد عاد خائبا من قصر العدل بسبب الاضراب الذي قام به الخبراء، كما يقول، ما تسبب بإلغاء الجلسات وتعطل مصالح الناس، سوف أشير للرجل الكويتي بالعم بو جاسم، ولقد استفدت كثيرا مما جاء في هذا اللقاء الذي قارب الساعتين، وسوف ألخص بعضا مما جاء فيه، بو جاسم من مواليد 1928، أسأل الله ان يبارك فيه ويرزقه الصحة والعافية. من خلال حديث بو جاسم معنا استطعت ان أحصي الكثير من الأمثال والأقوال الكويتية القديمة، منها ما هو صالح للنشر ومنها ما يندرج تحت مظلة الثقافة الشعبية الكويتية، ومن هذه الأمثلة:
سال فيهم المسيل وحسبالهم ديمة.
من تغدا بخوك تعشا بك
.
السنة أحسن من داير
.
لا عندي نعجة ولا خاف من الذيب
.
المال اللي تودعه بعه
.
من قلة تدابيري حنطتي أكلها شعيري
.
من هان مدخاله هان مطلاعه
.
شهوته تغلب نخوته
.

.... وقول من الله( كل نقطة تمثل حرف) وهذا المثل المعبّر يصلح لوصف حكومتنا الرشيدة.
شلت الحمل والا اللي يمر عليك مشيول.
تقبل وتشيِّع والديوانية ما تضيِّع
.

نصيحة والدة العم بو جاسم
تكلم العم بو جاسم عن بساطة الحياة في الكويت القديمة وكيف كانوا يعيشون في غرفة مساحتها 5.5X3 متر تقريبا، كانت بالاضافة الى والدتهم تضمه وثلاثة من إخوته، الثلاثة يفترشون الأرض ولأنه أصغرهم فإنه ينام بالقرب من والدته على السرير البسيط، ثم ذكر لنا العم بو جاسم نصيحة والدته التي يعيها منذ كان في السادسة من عمره وكانت تكررها عليه واخوته، إذ كانت تقول لأولادها ناصحة: إذا شفت شي لا تقول شي، ولى انشدوك قول مادري، واذا وافجك الخير وافجه، ثم تكلم عن بر الأبناء بوالديهم وإنهم ليسوا مثل الكثير من شباب هذه الأيام الذين يولون اهتماما كبيرا بزوجاتهم على حساب والديهم، فبعد أن كان الشاب بارا بهما قبل زواجه شغلته الزوجة عنهما، فأصبح بذلك ينطبق عليه المثل الشعبي الذي يقول: من تعطيه المرا(عندما يتزوج المرأة) صار...
وذكر لنا العم بو جاسم قصة طريفة من الثقافة الشعبية الكويتية الليبرالية عن الجارة التي سألت جارتها كيف يقضي رجلي ورجلك ورفاقهما وقتهم في الغوص طيلة أربعة أشهر على ظهر السفينة في عرض البحر؟ فردت عليها جارتها قائلة: يقضون وقتهم في السوالف عن ق... وق...، ثم أراد العم بو جاسم ان يلطف الجو خشية من أن يكون قد أغضبنا وأراد ان يظهر لنا شيئا من ثقافته الاسلامية فقال: كل شيء عند الله سبحانه وتعالى يهون إلا الشرك به، وكذلك قتل النفس التي حرم الله الا بالحق وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين، ثم ثم ذكر لنا العم بو جاسم بعض القصائد بالشعر العربي الفصيح والنبطي والزهيريات.

البحر وأهواله وتكسير الصخور
عن الغوص ومشقته تحدث العم بو جاسم وقال بإن الغوص يقسم الى أربع مراحل، أو هكذا فهمت منه، خانجية مدتها من 28 يوما الى شهر، وغوص مدته 120 يوما وليلة، ثم ردّة مدتها من 15 الى 20 يوما، ثم رديدة من 10 الى 12 يوما، وقال كان البدوي من شدة الحاجة يأتي لكي يشارك في موسم الغوص فيسأل أيهما يأخذ أكثر الغيص أم السيب؟ فيقولون له الغيص لأن عمله أكثر مشقة وخطورة، فيصر على الدخول غيصا، وربما يؤدي ذلك الى موته غريقا.

ثم تكلم العم بو جاسم عن العمل في تكسير صخور البحر التي تستخدم في البنيان، ويقول كنا نذهب بالماشوّة (نوع من السفن الشراعية) الى عشيرج وقد تستغرق عملية تكسير الصخر التي تتم في الشتاء القارص من يومين الى ثلاثة أيام، يوم نكسّر فيه الصخر ويوم نحمّل فيه الماشوّة ما كسرنا من صخر، والثالث للردّة، وكنا نكسر الصخر بواسطة الهيب (والهيب عمود حديدي ثقيل برأس شبه مدبب) ولأن العمل كان في البرد الشديد فإننا نضع على ظهورنا الخياش حتى تقينا من برودة الشتاء والجو الرطب البارد، وكانوا يكسرون الصخور بالقراح (وقت الجزر) ويحمّـلون الصخر في الماشوّة بالطفوح (وقت المد)، وكانت أجرة عملية تكسير صخور البحر تتراوح من روبية ونصف الى روبيتين ونصف وربما ثلاث روبيات للعامل، أما الأكل والشرب فهو على صاحب الماشوّة.

أبناء السندباد في أسواق القرين
بعد مقالة يوم الثلاثاء 9/3/2010 والتي كانت بعنوان «أبناء السندباد تنابلة السلطان» والتي ذكرت فيها عدم استغلال الكثير من الكويتيين لأوقاتهم بطريقة مفيدة وإضاعتها في الديوانيات، اتصل علي أحد الأخوة الأعزاء جدا محتجا معاتبا، أو هكذا يبدو، وقال حضرتك وين تبينا نروح؟ فقلت له لا اعتراض على قضاء بعض الوقت في الديوانية، ولكن ليس معظم الوقت، فقال لي: الليلة راح أمر عليك وأوديك لإحدى الديوانيات، فقلت له: لا أحب الديوانيات بصفة عامة وذلك بسبب ضوضاء التلفزيون أو انهماك الرواد في الكوت بو ستة والهاند وكذلك المبالغة في الإضاءة التي تسبب لي إزعاجا شديدا، فرد علي قائلا: إنها ديوانية أو ديوانيات من نوع آخر ولن يتطلب ذهابنا اليها النزول من السيارة، فقلت له: لا أعلم ماذا تقصد ولكن اذا كان الأمر كذلك فلا بأس.
ثم اتجه بنا الى منطقة اسمها منطقة «أسواق القرين» وكان الوقت ليلا ومعظم المحلات التجارية مغلقة، ولكنه قال لي: إذا لاحظت تجمعا كبيرا للسيارات فاعلم أنها لرواد مقاهي الانترنت والشيشة، وبالقرب من مقر الادارة العامة لمكافحة المخدرات التي لا أدري كيف سمحوا ببنائها في منطقة حرفية خدمية تجارية مثل منطقة أسواق القرين؟ تفاجأت من العدد الكبير جدا لهذه المقاهي ذات الواجهات الزجاجية الكبيرة ومن الذي صرح لهم بذلك؟ قال أخونا العزيز انظر الى انشغال الشباب بأجهزة الكمبيوتر وانهماك معظمهم بتدخين «الشيشة» ثم قال إن مكاسب أصحاب مقاهي الانترنت تأتي في المقام الأول من تدخين الشيشة، فقلت له أرجو ان يقتصر الأمر على التبغ فقط رغم مضاره الخطيرة على الصحة؟ فرد على بحزم لا، أفا عليك عيل ليش حاطين إدارتنا بينهم؟ علشان نراقبهم ونمنعهم من تعاطي اللي خبرك وعلمك فقلت له: أشوه يا معود، الله يبشرك بالخير.
كان أطرف ما في الأمر الاعلان الذي كتب على واجهة أحد المقاهي بخط عريض «إدفع أول ثلاث ساعات والرابعة علينا». من أسواق القرين اتجه بنا صاحبنا «اللي يحب الدوجة» الى المنطقة الحرة في الشويخ، ومنذ ان دخلنا اليها اتضح انها لم تستغل بالشكل الذي تم انشاؤها من أجله، فما علاقة وجود وزارة التعليم العالي في المنطقة الحرة؟ وبالاضافة الى الكثير من الأمور الغريبة في المنطقة الحرة التي نأمل ان تسلط عليها الصحافة الضوء في تحقيق صحفي شامل، كان هناك أيضا الكثير من مقاهي الانترنت والشيشة، وهي بالمناسبة قريبة جدا من الجامعة وبذلك تساعد الشباب المجتهد على «التزريق» من المحاضرات.

النعمة تبي حمد وشكر
مرت على الجزيرة العربية قبل اكتشاف النفط أوقات عصيبة جدا تمثلت في قلة الأقوات بسبب القحط الذي يؤدي الى مجاعات مريعة، يقول ابن عيسى في كتابه «عقد الدرر» متحدثا عن أحداث سنة 1289هـ التي توافق سنة 1872م أي قبل مائة واثنتين وثلاثين سنة «وفي سنة 1289هـ اشتد الغلاء والقحط في نجد، وأكل الناس الميتة وجيف الحمير، وعظم الأمر، ومات خلائق كثيرة جوعا، وصار كثير من الناس يأكلون الجلود البالية بعد حرقها بالنار، ويدقون العظام ويأكلونها، ويأكلون الرطبة وهو القت(الجت أو البرسيم)، ويأكلون ورق الزرع، فأثر ذلك في وجوه الناس وأرجلهم نفخا وأوراما، ثم يموتون بعد ذلك، واستمر الغلاء والقحط الى آخر السنة التي بعدها». وفي تاريخه المعروف «تاريخ بن عيسى» يتحدث بن عيسى عن أحداث سنة 1327هـ التي توافق سنة 1909م قائلا: واشتد الغلاء لقلة الأطعمة، ونفدت الأقوات وأكل أكثر الناس من الميتة، وشرب الناس الدم المسفوح وبعضهم يطبخه ويأكله، وأكل آخرون الجلود البالية بعد حرقها بالنار، ومات كثير من الناس جوعا خصوصا من الذين طاحوا في البلدان في بادية عتيبة، وصار غالب قوت الناس من أعشاب الأرض.

عزيزي القارئ اذا دخلت الى اليو تيوب وكتبت هذا العنوان (وما أدراك ما المنسف) فسوف يظهر لك طبق معدني مثل حوض سباحة صغير يماثل في مساحته الغرفة التي كان يعيش فيها بو جاسم مع أمه وأشقائه الثلاثة، وربما أكبر، يمتلئ بكميات هائلة من الأرز الذي تعلوه اللحوم يحيط به جماعة من المدعوين لا أعتقد بان في استطاعتهم تناول عشر ما يحتويه من طعام، واذا كتبت هذا العنوان(شوف الطغيان) فسوف تعرف ما تعنيه كلمة سفه وفسق وكفر بأنعم الله، وسوف ينفطر قلبك إذا كتبت في Google هذا العنوان (المناسبات الاجتماعية تكشف مخزون التبذير والاسراف) ستظهر لك صورة حافلة قمامة، أجلكم الله، وهي ترمي في مكب النفايات كميات هائلة من أرز الولائم ولحومها. يا جماعة الخير قديما قالوا: النعمة تبي حمد وشكر، وفي قول مأثور قال الأولون: إن النعم لا تدوم.

رفرف يا علم بلادي
رفرف يا علم بلادي فوق السهل والوادي، أغنية وطنية للمطرب سعود الراشد كان يتغنى بها عندما كنا أطفالا في الستينيات، في السابق كان الاحتفال بالعيد الوطني له طابع مميز يتمثل بالاستعراضات العسكرية وبالألعاب النارية التي يشرف الجيش على اطلاقها عند شاطئ الكويت، وكانت فرق العرضة التي يتحلق حولها جمهور كبير من المواطنين والمقيمين تلعب رقصة الحرب الجميلة، كل ذلك يتم من دون أذية لأحد ولا مضايقة للأسر ولا شلل يحدث في حركة المرور بسبب طيش الشباب والمراهقين، ولكن في السنين الأخيرة اختلفت الأمور كثيرا فلا السندباد يحضر الاحتفال بالعيد الوطني وانما اقتصر الأمر على الشباب اللي ما يحشمون احد، في الاسبوع الماضي وبعد ستة عشر يوما من انتهاء يوم العيد الوطني رفعت البالونات علم الكويت الكبير عند شاطئ البحر بعد محاولات فاشلة بسبب سوء الأحوال الجوية، ولكن اللافت في الأمر هو جهل شركة البترول الوطنية الكويتية KNPC بقانون العلم الكويتي عندما وضعت علم الكويت المشوه على الكثير من أعمدة الإنارة الممتدة على طريق خادم الحرمين الشريفين، لقد قاموا بوضع نجوم كثيرة على كل علم تم رفعه حتى غدا علما مشوها، بينما وزارة الداخلية وبلدية الكويت في سبات عميق.

تجار الكويت
تجار الكويت موجودون منذ نشأة الكويت الأولى، دماؤهم حمراء مثل كل الناس وليست زرقاء أو تركواز، في سنين ما قبل النفط كان بعضهم، وهم قلة قليلة، ظلمة مرابين خاصة مع أهل الغوص، أما معظمهم فرجال بكل ما في هذه الكلمة من معنى، شهامة ورجولة وعطف ورحمة وعشق للكويت وأهلها ما بعده عشق، ثرواتهم التي أنعم الله بها عليهم كونوها بمثابرتهم وجدهم واجتهادهم، أليسوا هم أبناء السندباد؟.

قال محمد بن عمر الفاخري الوهبي التميمي المؤرخ النجدي المتوفى في سنة 1277هـ (ديسمبر 1860) في كتابه «تاريخ الفاخري» متكلما عن أحداث سنة 1241هـ التي توافق 1825م «و مات أيضا تاجر الكويت عبدالرحمن بن زبن، المشهور» وفي كتابه تاريخ الكويت ذكر مؤرخ الكويت الأول الشيخ عبدالعزيز الرشيد بأن عبدالرحمن بن زبن كان له نخل بالقطيف، فاذا كان عبدالرحمن بن زبن وهو نموذج من تجار الكويت ووجهائها وأعيانها في تلك الأيام المتوفى قبل قرنين من الزمان تقريبا يصفه المؤرخ الفاخري بالتاجر المشهور، فلا شك أنه ورث ثروته كابرا عن كابر وليس عن طريق المناقصات ولا الهبات والعطايا، ففي تلك الأيام لا يوجد من يهب ويعطي، هؤلاء هم تجار الكويت، ولكن هذا لا يمنع أن يكون لغرفة التجارة قانون ينظم أنشطتها.

دروس وعبر
لقاؤنا مع العم بو جاسم لم يكن معدا له وانما تم بتقدير من الله سبحانه، استفدت من هذا اللقاء كثيرا وكأنني للمرة الاولى أسمع عن كفاح الكويتيين القدماء، آباؤنا وأجدادنا، وشدة بأسهم وجلدهم التي أذهلت الرحالة الاسترالي ألان فيلييرز عندما رافقهم في رحلتهم البحرية بقيادة نوخذهم علي بن ناصر النجدي، ما جعله يسطر كتابه الرائع « أبناء السندباد» الذي طبعته وزارة الاعلام في عصرها الذهبي، في هذا اللقاء استخدمت طريقة الاختزال في تسجيل المعلومات وكتبتها على ظهر كشف الشركة الكويتية للمقاصة اللي كنت «امصفطه» في جيب الدشداشة، ولذلك ذكرت لكم معاناتهم في الغوص وتكسير صخر البحر فقط، وفاتني أن أذكر لكم ما قاله العم بو جاسم عن معاناة أبناء السندباد في السفر، وهو أشد هولا وغربة من الغوص، ربما في مناسبة أخرى أذكر لكم ما قاله هذا الكويتي العريق، كم أتمنى لو يبادر «تلفزيون الوطن» بإجراء لقاء مع العم بو جاسم ويترك له المجال بالكلام على سجيته المطعمة بثقافة واسعة.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19-03-2010, 09:43 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

مقالة جميلة فيها دروس وعبر من التاريخ و بمجملها مقالة تستحق القراءة ..
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19-03-2010, 03:47 PM
الصورة الرمزية بوخالد..
بوخالد.. بوخالد.. غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: الكويت
المشاركات: 76
افتراضي

الاخ احمد
موضوع متميز وفيه عبر (ياحلو اهل الكويت) النية الطيبة والبساطة والتدين شعب اصيل علشان جذي الله حافظ هالديرة والله النعمه يبيلها حمد وشكر
لك جزيل الشكر والامتنان اخوي احمد
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
يوسف أحمد الغانم IE الشخصيات الكويتية 6 02-02-2013 04:48 AM
فيلم أبناء السندباد والنوخذه المرحوم علي بن ناصر النجدي علي ناصر النجدي التاريـــخ البحـــري 11 29-12-2010 01:43 AM
أبناء السندباد يجددون بناء سفنهم – العربي – العدد/السادس/1959 درويش المقدادي سمو حوران التاريـــخ البحـــري 2 21-12-2010 10:32 AM
عبدالعزيز محمد الدعيج (1256-1355هـ/1840-1936م) AHMAD الشخصيات الكويتية 2 10-07-2008 04:33 AM


الساعة الآن 05:45 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت