راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > تاريــــــخ الكـويت
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 05-03-2009, 05:27 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

وسائل جديدة

في مواجهة رفض السلطة الكامل للتعامل مع العرائض الشعبية، ومع توسع «الحركة الدستورية» لتشمل تكتل النواب ومجموعة الـ45، كان لابد من التفكير بتطوير أسلوب المطالبة والضغط، لأن الضغط على النواب بات كبيراً في مواجهة أسئلة مثل: «ماذا فعلتم خلال الفترة الماضية؟» أو «ماذا نستطيع كمواطنين أن نقدم؟» إذ إن لقاءات النواب وعرائضهم كانت تجري بمعزل عن الرأي العام. وفي مقابل تلك التساؤلات ازداد الضغط على النواب مع رفض السلطة لاستقبال العرائض والمذكرات على مدى ثلاث سنوات والتعتيم الإعلامي المفروض من خلال الرقابة المسبقة على الصحف، فجاءت كل هذه العوامل لتضغط على النواب لاستحداث وسائل جديدة لعملهم. فكان الموضوع محل بحث في اجتماعات النواب ظهيرة الثلاثاء، فاقترح بعضهم القيام بمسيرة حاشدة، في حين رأى آخرون أن في ذلك تصعيداً للموقف وقد يحمل استفزازاً للسلطة، بينما رأى فريق ثالث أن تُصاغ عريضة جديدة بأسلوب حاد توجه إلى السلطة، لكن هذه الفكرة لم تلقَ قبولاً ايضاً. وفي غمرة الأفكار، برزت فكرة عقد لقاءات عامة مع المواطنين في ديوانيات النواب مساء كل يوم اثنين، على أن تحدد ديوانية معينة لكل لقاء، وبذلك يستغل النواب عدم انطباق قانون التجمعات على ديوانياتهم في حشد التأييد والتواصل المباشر مع الجمهور. وانطلقت بهذه الفكرة شرارة ما عرف بعد ذلك بـ«ديوانيات الاثنين».
بدأ النواب بالتعاون مع مجموعة الـ45 بشحذ الهمم للدعوة إلى أول لقاءات الديوانيات، الذي تقرر أن يكون بعد صلاة العشاء بديوانية النائب جاسم القطامي بالشامية في يوم الاثنين الرابع من ديسمبر 1989. وفي وقت كانت وسائل الاتصال بدائية، مقارنة بما هي عليه الآن، بدأ مناصرو الحركة الدستورية اتصالاتهم بالدعوة إلى ديوانية القطامي.

اللقاء الأول

حل الظلام باكراً في تلك الليلة الشتوية، وكانت عقارب الساعة تشير إلى السادسة والنصف مساءً حين بدأ النواب يتوافدون إلى ديوانية القطامي واحداً تلو الآخر، وأخذ الناس يتوافدون معهم تباعاً حتى غصت قاعة الديوانية بالناس، فجلست البقية في ساحتها الخارجية بينما اختار البعض البقاء بسياراتهم تجنباً للبرد الخفيف في ذلك المساء، خصوصاً بعد أن علموا أن وقائع الندوة ستنقل على محطة الأف إم عبر جهاز يبث لمدى قصير على موجات الراديو للموجودين قرب الديوانية، ولم يكن هذا الأسلوب غريباً آنذاك، إذ سبق استخدامه أثناء الحملات الانتخابية لمجلس 1985.
قدر الحضور تلك الليلة بـ700 شخص، وهي بداية رآها النواب مشجعة لعملهم، فاستغلوا الفرصة ليعلنوا في بداية الجلسة أن اللقاء المقبل سيكون في ديوانية النائب مشاري العنجري بمنطقة النزهة مقابل جسر الروضة، كما لفت إلى ذلك جاسم القطامي في بداية حديثه الذي أعلن في بدايته أنه بداية من هذا الأسبوع سيبدأ النواب زيارات منتظمة كل أسبوع لديوان أحد النواب، مشيراً إلى ضرورة التزام الأسلوب العقلاني الهادئ وعدم اللجوء إلى العنف، قائلاً: «نحن مضطرون أن نسلك سلوكا دستوريا ترضى فيه كل تعليمات وزارة الداخلية، وحريصون أن تكون دواويننا كما هي».
وتحدث النائب أحمد السعدون الذي قوبل بتصفيق حاد عند تقديمه، فأكد أن هذا الحضور يدل على مدى تمسك الشعب الكويتي بنظامه الدستوري وعلى تمسكه ايضا بحقه في المشاركة الشعبية، مبيناً أن فكرة التواصل مع المواطنين عبر الدواوين كانت قد بدأت في بعض ديوانيات النواب منذ بداية العام ثم توقفت في فترة الصيف، مضيفاً أن النواب بدأوا الاتصال بجمعيات النفع العام، وقدم شرحاً وافياً لطبيعة التحركات التي يقوم بها النواب ومجموعة الـ45 منذ حل مجلس الأمة «واحتلال مبنى مجلس الأمة احتلالاً عسكرياً» وحتى اليوم. كاشفاً ان تجاوب المواطنين فاق توقعات النواب، فالعريضة الشعبية كانت فكرتها أن يأتي كل نائب بـ50 توقيعاً من كل دائرة إلا أن الإقبال كان كبيراً، وأضاف: «كان لبيان وزير الإعلام الشيخ جابر المبارك الذي حذر من خلاله، بشكل غير مباشر، المواطنين من التوقيع أثراً إيجابياً، إذ ساهم في نشر الخبر عن العريضة، وقد أفادنا وزير الإعلام في ذلك من حيث لا يعلم». مشدداً على مواصلة التحرك الشعبي عبر عقد اللقاءات بشكل أسبوعي في ديوانيات النواب.

الحاقدون

ثم فتح باب الحوار ووجه بعض الحضور أسئلة عن طبيعة التحرك القادم وما قام به النواب خلال الفترة الماضية، وتحدث الدكتور خالد الوسمي بصفته امين سر لجنة التنسيق لمجموعة الـ45، مؤكدا مطالبة الشعب بعودة الحياة الدستورية، وطرح اقتراحا بتشكيل لجنة للدفاع عن الدستور الكويتي، شارحاً ما قامت به اللجنة لإيصال العريضة وآلية عمل مجموعة الـ45.
وتحدث النائب محمد الرشيد متسائلاً عن الضرر من بقاء الديموقراطية والشفافية في العمل قائلاً إن «وجود الديموقراطية يعطي سمعة جيدة للدولة ما في بالمنطقة مثلها»، مشيراً إلى حديث ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد لدى لقائه مجالس المحافظات، وهي مجالس حاولت من خلالها السلطة توفير بديل عن مجلس الأمة، إذ قال الشيخ سعد للحضور «اتركوا الحاقدين»، وعلق الرشيد على ذلك في ديوانية القطامي قائلاً: «من هم الحاقدين؟ هل القصد اللي ما يقبلون التعيين؟ اللي ما يتعاونون معاك وما يتعاونون على الباطل؟ الناس تتعاون مع الحق ما يتعاونون مع الباطل فهل هؤلاء يستحقون كلمة حاقدين؟».
وقال أحد الحضور للنائب أحمد الربعي، إن الحكومة تطالب أن تُحل قضية لبنان على الطريقة الشرعية ومن خلال البرلمان والدستور اللبناني، سائلا: «ليش نصير مثل عين عذاري؟»، فرد الربعي: «هناك مشكلة لدينا كدولة، ولا يجب أن نغالط أنفسنا ونعتقد أننا دولة عظمى وباستطاعتنا حل مشكلات العالم بينما قضيتنا معلقة، وأعتقد أن علماء السياسة لو درسوا الوضع في الكويت سيستغربون من أن المعارضة مسؤولة والطرف الآخر غير مسؤول بينما العادة العكس، فعادة الناس اللي يعارضون هم اللي يتم اتهامهم بروح اللا مسؤولية وهم من يستخدمون عادة كلمات نابية ويكسرون القانون، بينما في الكويت انقلبت الموازنات، فالمعارضة في الشارع هي من يريد الدستور ويحترمه، وصاحب القرار والسلطة السياسية هي التي تكسر الدستور ويستخدم لغة أخرى، لغة الحاقدين، وهذه نترفع عنها».

اعتداء على الحقوق

وتحدث النائب حمد الجوعان رداً على سؤال لأحد الحاضرين عما إذا كان التجمع في الديوانية مخالفا للقانون أم لا، خصوصاً في ظل وجود قوانين مقيدة، وقال الجوعان: «أنا لا أريد أن أتطفل على الكثيرين من القانونيين اللي حاضرين اليوم، فحسب ما أشوف هناك جمهرة من المحامين وأنا آخرهم ولست بأولهم، ولا أعتقد أن هذه الجمهرة موجودة في هذا الاجتماع وهي تعلم أنها تخالف القانون... الأمر الآخر هو أن القانون مثل أي نص كل واحد يقرأه على كيفه، ضعاف النفوس تقرأ بعض النصوص وتنشر من خلال قراءته السوس، وقراءتنا لنصوص الدستور أقوى من قراءة أي نص قانوني، فالدستور أبو القوانين وهو لم يحظر هذه الاجتماعات»، وأضاف الجوعان: «لا أريد أن أتكلم كإنسان قانوني... أنت سلبتني من حقي الأساسي، أنا أتحدث كمواطن إنسان تعرضت للاعتداء ومن حقي أن ألتقي بإخواني المواطنين لندفع معاً هذا الاعتداء .. وكون هذا الاجتماع قانوني أم لا أنا أسألك سؤال أول، هل هناك اعتداء على حقوقي أم لا... إذا كانت الإجابة نعم فاجتماعنا قانوني». واختتم القطامي اللقاء «لأن الناس برة يقولون لي إنهم تعبانين وبردانين». ووسط التصفيق، أثناء خروج الجمهور، قام بعضهم بالسلام على أصدقاء قدامى لم يتوقعوا رؤيتهم، وتوجه آخرون إلى النواب للسلام عليهم والحديث معهم، في حين ازداد الشعور بينهم بصلة ما تجمع الموجودين الذين تواعدوا على اللقاء مجدداً في الأسبوع القادم بديوانية مشاري العنجري بالنزهة «مقابل جسر الروضة».

نواب الحركة الدستورية

1- أحمد عبدالعزيز السعدون
2- صالح يوسف الفضالة
3- حمد عبدالله الجوعان
4- مبارك فهد الدويلة
5- أحمد نصار الشريعان
6- راشد سيف راشد الحجيلان
7- سامي أحمد المنيس
8- مشاري جاسم العنجري
9- سعد فلاح طامي
10- دعيج خليفة الجري
11- ناصر فهد البناي
12- فيصل عبدالحميد الصانع
13- د. يعقوب محمد حياتي
14- هاضل سالم الجلاوي
15- حمود حمد الرومي
16- محمد سليمان المرشد
17- يوسف خالد المخلد
18- د. ناصر عبدالعزيز صرخوه
19- عبدالعزيز عبداللطيف المطوع
20- أحمد يعقوب باقر
21- د. أحمد محمد الخطيب
22- د. أحمد عبدالله الربعي
23- د. عبدالله فهد النفيسي
24- جاسم محمد القطامي
25- عبدالله يوسف الرومي
26- سالم عبدالله الحماد
27- عباس حبيب مناور
28- جاسم محمد العون
29- خالد عجران العجران
30- خميس طلق عقاب
31- مبارك حمد الزوير (انضم للحركة فترة بسيطة ثم انسحب)
32- جاسر خالد الجاسر (انضم للحركة فترة بسيطة ثم انسحب وخاض انتخابات المجلس الوطني)
33- علي عبدالله الخلف (انضم للحركة فترة بسيطة ثم انسحب وخاض انتخابات المجلس الوطني)

بين «غاندي» و «وضاح»

أيام ديوانيات الاثنين كتبت مجموعة من القصائد والزهيريات تحت الاسم المستعار «غاندي» الرامز إلى المعارضة السلمية ، ووُزعت أيامها في الديوانيات الاثنينية، ويحتفظ بعض الأصدقاء بنسخ منها، كالصديق حمد مانع العجمي الموثّق والناشط خلال أزمة الحل غير الدستوري، لكني بعد 20 عاما من تلك الأزمة لم أجد بين أوراقي الصفراء إلا زهيريتين، هذه إحداهما:

يا حيف حكّامنا يسِمعون راي اللاش
إللي يبيع الوطن واهل الوطن ببلاش
اليوم سوقه انتعش ياخذ أنواطه كاش
عن الشعب من فوّضك .. يـ المدعي بالعدل
الكلب ذيله أبد معلوم ما ينعدل
خسران يا بو الكلك إحسب حسابك عدل
للدار دمنا ثمن .. وانته تبيع ابلاش
غاندي
(وضّاح حالياً)

من أشعار ديوانيات الاثنين

نوابنا والنعم
نوابنا والنعم كلكم على راسي
وقت الشدايد ذخر حقي ومتراسي
مثل الصخر عزمكم مثل الجبل راسي
لان الحديد بلهب وانتوا فلا لنتوا
واللي سأل من بعث أمه نقول انتوا
وإن قلتو قال الشعب كلنا نقول منتوا
واللي سعى بحقنا عيني وعلى راسي
عاشق وطن

ديسمبر 1989



أحمد السعدون وجاسم القطامي وناصر البناي في الديوانية



الشهيد الأسير النائب فيصل الصانع في إحدى الديوانيات
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 06-03-2009, 02:25 PM
عندي سؤال عندي سؤال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 2
افتراضي

السلام عليكم
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 06-03-2009, 04:47 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي ديوانية العنجري تشهد أول اعتراض من السلطة على التحرك الشعبي

خلال الأسبوع الماضي كانت أحاديث الدواوين تتمحور حول لقاء ديوانية القطامي والحضور الكبير والكلام الذي قيل، فكان من لم يحضر الشامية عازماً هذه المرة لحضور ديوانية العنجري في النزهة حيث اللقاء الثاني يوم الأثنين 11 ديسمبر 1989.
في غضون ذلك، بدا في اجتماعات النواب بعد لقاء القطامي الحديث عن الحاجة إلى ضرورة تشكيل جسم آخر ضمن الحركة الدستورية يتولى مهمة نقل الخطاب الإعلامي بصورة أكثر كفاءة وأكثر فاعلية لتصل رسالة النواب لأكبر عدد ممكن من المواطنين في ظل التعتيم الإعلامي الذي فرضته السلطة برقابتها المسبقة على الصحف. ووسط هذه الأحاديث، استقر النواب على تشكيل اللجنة الإعلامية للحركة الدستورية والتي ترأسها الدكتور غانم النجار وضمت في عضويتها الشهيد الأسير النائب فيصل الصانع والمرحوم النائب سامي المنيس وجاسم السعدون ومحمد القديري ونصار الخالدي. وقد استطاعت اللجنة الإعلامية التي كانت تعقد اجتماعاتها بمنزل النائب فيصل الصانع بمنطقة كيفان أن تسهم في كسر الحصار الإعلامي الذي فرضته السلطة بطريقة محكمة، وذلك على الرغم من محاولات التضييق والملاحقة التي كان عانى منها أعضاء اللجنة فيما بعد، إلا أن اللجنة تمكنت من خلال عملها من التواصل مع مراسلي وسائل الإعلام العاملية واللجان الدولية كما تمكنت من إنتاج شريطين فيديو حول الحركة الدستورية سميا بـ «حد 1» و «حد 2» تم من خلالهما شرح أهداف ومنطلقات الحركة الدستورية. وقد كانت فكرة أشرطة الفيديو بالإضافة إلى الكاسيت أسلوباً فعالاً في كسر الحصار الإعلامي المفروض من قبل السلطة، إذ تم تداول هذه الأشرطة على نطاق واسع بين المواطنين.

ليلة النزهة

في النزهة كان موعد لقاء الليلة بديوانية مشاري العنجري، فوجيء العنجري في صباح ذلك اليوم باتصال من مختار منطقة النزهة ابراهيم القطان طالباً مقابلته في ديوانه. فأتى القطان لديوان العنجري الذي علم من خلال ذلك اللقاء بأن الحكومة قد ضاقت بتجمع الأسبوع الماضي، إذ طلب منه المختار إلغاء تجمع الليلة بناء على أوامر وزارة الداخلية و ما أسماه بـ «تعليمات عليا»، وقال له «أوامري هي بمنع اللقاء واذا لم يتم منعه فسيتحمل والدك المريض كامل المسؤولية لان التجمع سيكون في بيته». وتلقى العنجري رسالة المختار ونقلها للنواب في لقاء جمعهم ذلك المساء بديوانية حمود الرومي بالفيحاء بعد صلاة المغرب. فقدر النواب المسؤولية الملقاة على عاتقهم وقرروا تقدير الموقف مع حلول الموعد، وتوجهوا جميعاً ليقفوا في الساحة المقابلة لديوانية العنجري.
فوجئ النواب لحظة وصولهم بحضور كثيف لدوريات الشرطة التي لم تكن متواجدة في لقاء القطامي الأسبوع الماضي. ومع ترجل النواب من سياراتهم اكتشفوا أن الأمر قد تعدى الدوريات فكان هناك تواجد كثيف لرجال الأمن في أماكن ظاهرة وبعيدة عن الأنظار بالإضافة إلى تواجد للقوات الخاصة مع كلاب بوليسية، كما لوحظ تطويق الديوانية والساحة المقابلة لها والمنطقة المحيطة. إلا أن أكثر ما أثار دهشة الجموع كان اللافتة التي وضعت على باب الديوانية، وكتب عليها بخط اليد «الديوانية مغلقة بناء على أمر وزارة الداخلية هذا اليوم».
بدا في تلك الليلة أن النواب لم يكونوا الوحيدين الذين أتوا باكراً، بل أن بعض من المواطنين قد حضر مع أذان العشاء ليفاجؤوا بالمنظر ذاته من منع للجمهور من دخول الديوانية، وهو أمر غير مسبوق أن تمنع السلطات الأمنية مواطنين من دخول ديوانية.

ومع نهاية الأذان، اصطف بعض النواب والحضور أمام باب الديوانية المغلقة لأداء صلاة العشاء وسط هدوء عم المتواجدين، فيما لوحظت أعداد غفيرة من المواطنين تنزح نحو الديوانية بعد أن أوقفوا سياراتهم في أماكن بعيدة. وبعد نهاية الصلاة، اعتلى رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون سلم الديوانية محاطاً ببعض النواب، وتحدث للحضور بواسطة مكبر يدوي للصوت، فشكر للمواطنين تلبيتهم للدعوة واستنكر إغلاق السلطة للديوانية رغم أن التجمع سلمي. وتقدم بعض رجال الأمن ناحية السعدون محاولين إيقاف حديثه وأمر المتجمهرين بالتفرق خلال دقائق، إلا أن السعدون واصل كلمته حتى نهايتها، معلناً أن تجمع الأسبوع القادم سيكون لأداء صلاة العشاء بمسجد فاطمة في ضاحية عبدالله السالم. وبعد إنهاء السعدون لكلمته، انفض الجمع الذي قدر بنحو 2000 شخص بهدوء.
استنكار واعتذار

قوبل تعامل السلطة مع تجمع العنجري باستنكار واضح، خصوصاً بعد تناقل أخبار ما جرى بين المواطنين في أحاديثهم اليومية، فأرسل النواب ومجموعة الـ 45 وبعض جمعيات النفع العام برقيات استنكار إلى ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله. الأمر الذي أشعر السلطة بأنها أخطأت بفعلتها تلك.


وفي صباح يوم السبت التالي، 18 ديسمبر 1989، استدعى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد كل من النواب مشاري العنجري وصالح الفضالة وحمود الرومي وأحمد باقر ومبارك الدويلة إلى مكتبه في وزارة الخارجية قبالة الخليج العربي، وكان ذلك أول لقاء بين ممثل للحكومة ونواب مجلس 1985. وفي اللقاء أعرب وزير الخارجية عن أسفه لما جرى و مقدماً الاعتذار باسم الحكومة للنائب مشاري العنجري قائلاً أن ما تم من منع قد جرى بشكل خاطيء فالديوانية في الكويت لها قدسيتها، وأبلغهم أن الحكومة على علم بتجمع الأثنين القادم في ضاحية عبدالله السالم ولن تمنع هذا التجمع.
الاحتجاج الصامت

وبعد يومين من لقاء الشيخ صباح بالنواب، جاء يوم الاثنين 18 ديسمبر الموعود للقاء مسجد فاطمة بضاحية عبدالله السالم. فاكتظت مداخل الضاحية بالسيارات الآتية من جميع مناطق الكويت لأداء صلاة العشاء في ذلك اليوم، الذي تقرر أن يكون لقاءً شعبياً من دون إلقاء خطب، يهدف إلى الاحتجاج صمتاً على أحداث الاثنين الماضي بديوانية العنجري، ليستمر بذلك أسلوب المعارضة العاقلة والهادئة التي تحدث عنها جاسم القطامي في ديوانية الاثنين الأولى.

توافد إلى المسجد قرابة 3500 شخص، وسط حضور نسائي ملحوظ عند مصلى النساء، فأدى الجميع الصلاة، وساد الهدوء المنطقة المحيطة بالمسجد، التي اكتظت بالناس الذين لم يسعهم مسجد فاطمة ذو البناء الدائري. وبعد الصلاة، خرجت الجموع من المسجد، والتف الناس في حلقات حول بعض النواب مدة قاربت الساعة، سرت خلالها أنباء بأن لقاء الأسبوع القادم سيكون في ديوانية النائب محمد المرشد بالخالدية بعد صلاة العشاء. ثم تفرق الحضور بهدوء، وعادت ضاحية عبدالله السالم إلى طبيعتها.

النواب في رسالة استنكار لولي العهد: كدتم تفجرون الموقف لولا عناية الله وحكمة المواطنين

سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الموقر حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
انطلاقاً من إيماننا بضرورة وحدة الجبهة الداخلية في مجتمعنا وخاصة في الظروف الراهنة، ومن رغبتنا نحن الموقعين أدناه في تطوير مجتمعنا الكويتي بشكل ديموقراطي، وانطلاقاً من إيماننا بروح الأسرة الواحدة ومن التقاليد الكويتية الراسخة التي تعتمد على الحوار، فإننا نأسف للقرار الصادر من الحكومة بإغلاق إحدى الديوانيات الكويتية اعتادت اللقاء بزوارها، وذلك في إجراء لم يسبق له مثيل يتنافى مع ما للديوانية من معنى في قلوب الكويتيين وعاداتهم، ومما يؤسف له أكثر أن وزارة الداخلية حشدت قواتها في مواجهة المواطنين واستعدت عليهم القوات الخاصة، جلبت الكلاب المدربة وغيرها، وكادت مثل هذه التصرفات أن تفجر الموقف لولا عناية الله ثم حكمة المواطنين، ومن الغريب أن تتخذ مثل هذه الإجراءات في مواجهة مواطنين مسالمين لا هدف لهم إلا إعلاء شأن البلاد ووحدة مجتمعها والحفاظ على دستورها.
وحفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه في ظل حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى.
أحمد عبدالعزيز السعدون - صالح يوسف الفضالة - سعد فلاح طامي - مشاري جاسم العنجري - فيصل عبدالحميد الصانع - عبدالله يوسف الرومي - خميس طلق عقاب - د. يعقوب محمد حياتي - سامي أحمد المنيس - د. عبدالله فهد النفيسي - دعيج خليفة الجري - د. أحمد عبدالله الربعي - خالد العجران - جاسم عبدالعزيز القطامي - حمود حمد الرومي - د. ناصر عبدالعزيز صرخوه - ناصر فهد البناي - مبارك فهد الدويلة - محمد سليمان المرشد - أحمد يعقوب باقر - عباس مناور - حمد الجوعان - راشد سيف الحجيلان - أحمد نصار الشريعان - د. أحمد الخطيب - هاضل سالم الجلاوي - عبدالعزيز عبداللطيف المطوع.

ضوء

النائب الموثق

من حضر ديوانية النائب محمد المرشد، التجمع الشعبي الرابع في ديوانيات الاثنين، لا يمكنه أن ينسى النائب السابق العم محمد الرشيد الذي يعد أحد رموز الحركة الوطنية وأحد رواد «الحركة الدستورية». ففي تلك الديوانية، وبينما توقف رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون عن حديثه ليراجع أفكاره من كتيب صغير وضعه أمامه، وقف العم محمد الرشيد من مكانه ممسكاً بكاميرته الفوتوغرافية ليلتقط صوراً للجمهور الجالس أمامه، ثم التفت إلى السعدون الجالس بجانبه ليلتقط صورة له وسط ابتسام السعدون، ليلتفت بعد ذلك إلى يساره حيث يجلس النواب مبارك الدويلة وجاسم القطامي والدكتور عبدالله النفيسي والأسير الشهيد فيصل الصانع ليلتقط لهم صورة أخرى وهم مبتسمون فيرد عليهم بالابتسام كعادته.
العم محمد الرشيد الذي تعرض للمضايقات والاعتداء من قبل السلطة في ديوانيات الاثنين، وخصوصاً في أحداث الجهراء التي سنأتي إليها لاحقاً، له أرشيف هائل من الصور والوثائق من تلك الحقبة، ونشكر نجله الدكتور أنس الرشيد على تزويده «الجريدة» ببعض المواد القيمة من أرشيف والده الغني.

من أشعار ديوانيات الاثنين
كأس الألم نشربه لاجل الوطن حالي
واللي عشق ديرته حاله مثل حالي
موبس فخرنا مضى، لا فخرنا حالي
خاب الذي ظننا من قوم مكاري
نفدي الأمل بالعمر دوم الفدى كاري
أرضى يضيع العمر بس تبقى أفكاري
دين الوطن مو أجل انسدده حالي



اللافتة التي وضعت على مدخل ديوانية العنجري



النائب مشاري العنجري في أحد تجمعات ديوانيات الاثنين



محمد الرشيد يلتقط الصور في ديوانية المرشد



مسجد فاطمة ضاق بآلاف المصلين فصلى الكثيرون منهم في الساحة الخارجية
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 06-03-2009, 04:48 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

الاعتصام الصامت والصلاة بمسجد فاطمة

[ame]http://www.youtube.com/watch?v=uNXP08QabP8&feature=channel_page[/ame]

[ame]http://www.youtube.com/watch?v=IE3XBaXQK-A&feature=channel[/ame]
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 07-03-2009, 06:43 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي تجمع ديوانية المرشد: تزايد الحديث عن بدائل لمجلس الأمة ولا بديل عن دستور 1962

بعد تجمع العنجري ومسجد فاطمة وتلقي النواب تطمينات من قبل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية آنذاك الشيخ صباح الأحمد بأن السلطة لن تمنع التجمعات، كان التوجس يخيم على الآتين يوم الاثنين 25 ديسمبر 1989 للتجمع الرابع في ديوانية النائب محمد المرشد في الخالدية، إلا أن «الحركة الدستورية» التي ضمت تكتل النواب ومجموعة الـ45 واللجنة الإعلامية، قد عقدت العزم على مواصلة عملها، فتحسبت لحضور جموع غفيرة لتجمع «الاثنين الرابع» بعد أن لمست تزايداً ملحوظاً في عدد الحضور من تجمع إلى آخر، فوُضعت سماعات خارج الديوانية تحسباً لحشود كبيرة. ولم يخب ذلك الظن، فحضر التجمع حشد تجاوز 5000 شخص، فكان بذلك أكبر تجمع حتى الآن وسط غياب رجال الأمن، وهو ما رآه البعض تغييراً في سياسة السلطة.

في الساحة الترابية المقابلة للديوانية جلس أغلب الحضور في جو شديد البرودة، بينما تواصل بث اللقاءات على موجات الـ«إف. إم» لمن يفضل البقاء في سيارته، في حين غصت قاعة الديوانية التي ملأها دخان السجائر بالموجودين الذين جلسوا على الأرض، في وقت جلس المتحدثون على كراسيّ عند مدخل الديوانية. وقبل إلقاء النائب محمد المرشد كلمته، بان أن البعض قد تضايق من دخان السجائر الكثيف فطلب من المدخنين الكف عن التدخين، وعلق أحد الحضور «زين يسوون».
موفدو السلطة


وجلس المرشد وعلى يمينه رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون وعلى يساره النائب صالح الفضالة، فقرأ كلمة معدة سلفاً رحب فيها بالحضور مضيفاً: «كما أرحب باسمكم وباسمي بالإخوة موفدي السلطة الذين حضروا بيننا وحوالينا للقيام بما كلفوا به»، فقاطعه تصفيق حاد من الجمهور وسط ضحكات هنا وهناك، فأكمل المرشد «فإنهم واجدون صدراً رحباً وملقىً عذباً، ولا يظن أحد منهم أننا نضيق بهم أو نتخوف منهم، لأننا أولاً نشعر بأنهم إخوة لنا ومواطنون مثلنا وثانياً ليس لدينا شيء نخاف منه، فكل ما لدينا حديث وحوار حول موضوع يتعلق بالمصلحة العامة للكويت وأهلها (...) فنحن ضد التهور والتجاوز والغضب». واعتذر المرشد عن مواصلة حديثه نظراً إلى أنه صاحب الديوانية، تاركاً المجال للنائب صالح الفضالة لإدارة الجلسة ليلتفت هو إلى ضيوفه.
كان واضحاً أن حديث الليلة سيكون عوداً إلى الأساسيات التي قامت عليها الحركة الدستورية في زيادة وعي المواطنين حول أهمية الدستور، إضافة إلى مواصلة شرح تحركاتها التي قامت وتقوم بها بهدف تزويد المواطنين بجميع المعلومات وسط التعتيم الإعلامي الحكومي. كما كان واضحاً أن النواب المتحدثين قد وزعوا الأدوار بينهم، فتقرر أن يتحدث النائب أحمد السعدون ليشرح التحركات التي تمت خلال الفترة الماضية منذ حل المجلس وتعليق الدستور، في حين يتحدث النائب أحمد باقر عما خسرته الكويت بفقدان مجلس الأمة، ويتحدث النائب الدكتور أحمد الخطيب عن الفرق بين التعيين والانتخاب، بينما طُلب من النائب مبارك الدويلة أن يدلي بحديث حماسي للجمهور والإجابة عن بعض الأسئلة المتداولة.

الأسباب الحقيقية للحل

وبعد ترحيب النائب صالح الفضالة بالحضور شارحاً بعض التحركات التي قام بها النواب منذ حل المجلس، تحدث رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون معلقاً على أحداث الأسبوعين الماضيين، مبيناً أن السلطة تبرأت من منعها للتجمع بعد أن تم الاعتذار من العنجري بشكل رسمي. وحاول السعدون في بداية حديثه مقارنة الأمر الأميري بحل مجلس الأمة عام 1986 بحل مجلس الأمة عام 1976 والأسباب التي ساقتها السلطة في الحالتين، رابطاً ذلك بتزوير انتخابات 1967، متسائلاً عن مدى إيمان السلطة في الكويت بدستور 1962.
واستعرض السعدون بداية الحياة النيابية وتطورها في البلاد وولادة الدستور، مشيراً إلى أن هناك العديد من النصوص الواردة في الدستور لم تكن محل وفاق، لكنها جاءت كحلول وسط، وهناك فقرة وردت في المذكرة التفسيرية تتحدث عن أن الدستور يفترض إعادة النظر فيه بعد خمس سنوات من إصداره من أجل المزيد من الحريات، لذلك أتى بعض المرشحين في انتخابات عام 1967 ممن كانوا في المجلس التأسيسي ومجلس الأمة الأول ببرامج لإعادة النظر في بعض النصوص، وذلك في محاولة منهم لتحقيق الأهداف التي كانت مطروحة في المجلس التأسيسي، مضيفاً: «وأنا أعتقد أن هذا واحد من الأسباب الرئيسية التي جعلت الحكومة تقوم بتزويرها لأنها كانت تخشى الحقيقة».
وبيّن السعدون أن أحد الأسباب الرئيسية لتعطيل الحياة النيابية في عام 1986 هو فقدان السلطة للتأثير داخل المجلس، وليس كما قيل إن الاستجوابات الأربعة التي قُدمت إلى الوزراء هي سبب الحل، فهي لم تكن قضية أساسية، فقد افتقدت الحكومة الأغلبية التي كانت تتمتع بها في معظم المجالس، وخصوصا في مجلس عام 1981، وفقدت الحكومة الأغلبية من أول يوم فلأول مرة تعجز الحكومة عن أن تنافس في أن يكون لها مرشح في الرئاسة، وجميعنا نعلم أن السلطة تحتاج إلى أن يكون لها مرشح لكنها اضطرت إلى سحبه. لذلك فإن مجيء مجلس 1985 بتشكيلة حملت تمثيلا من كل التيارات السياسية في البلاد مكنته من ممارست سلطاته الدستورية لأول مرة في ما يتعلق بالرقابة التي افتقدتها المجالس السابقة، وحاول أن يذهب أبعد من ذلك عندما كلف حمد الجوعان القيامَ بالتحقيق في محافظ البنك المركزي وهو ما رأته الحكومة تجاوزا.
وأضاف: «السبب الرئيسي للحل ليس الاستجوابات، بل هو ما يطرح حالياً من قبل السلطة وبشكل واضح عن محاولة تنقيح الدستور ومحاولة المجيء إلى بدائل صارت مطروحة، فجاءوا بمجالس المحافظات والآن بدأوا باتصالات لإيجاد مجلس استتشاري، والسؤال المطروح الآن: هل ترغب السلطة بأن تعود الحياة النيابية بالشكل الذي كانت عليه أم الرغبة في أن تكون هناك حياة نيابية مختلفة؟». مشيراً إلى أن الأمر بات واضحا في ذهن السلطة «بأنه ما عاد في قبول بأن تستمر التجربة الديموقراطية والحياة النيابية.

مجلس بديل

وكشف السعدون عن اتصالات تمت هذه الأيام من رئيس السلطة التنفيذية وبعض أعضائها حول إمكان إيجاد البديل لمجلس الأمة، مضيفاً: «لقد قيل في هذه الأيام بشكل واضح وصريح من قبل المسؤولين أن لا عودة إلى التجربة النيابية بالشكل الذي كانت عليه».
ثم قدم النائب أحمد باقر استعراضاً قانونياً لحل مجلس الأمة، في محاولة لتثقيف المواطنين بمدى خطأ الإجراءات التي أقدمت عليها السلطة، فبين أن حل المجلس وتعليق مواد الدستور وإصدار قوانين بأمر أميري لم يرد بالدستور الذي حدد الأوامر الأميرية في حالتين، هما: تعيين نائب الأمير أو تكليف رئيس الوزراء فقط.
وضجت القاعة بالتصفيق عند تقديم النائب د. أحمد الخطيب، فبدأ قائلاً: «مساكم الله بالخير يا جماعة... الظاهر سهرتنا الليلة بتكون طويلة». ثم تحدث عن أيام عضويته في المجلس التأسيسي «أنا كنت في المجلس التأسيسي ومن واضعين دستور 1962 فلا ننفخه وايد»، مبيناً أن الدستور وضع في وقت معين أمام وعي شعبي معين، وكان العمل السياسي غائبا منذ عام 1959 فلم يكن هناك أندية رياضية أو صحف أو جمعيات، مشدداً على أن الديموقراطية السياسية بحاجة إلى جو من الحريات العامة، فهي القاعدة الأساسية لقيام مجلس ديموقراطي، «وقد راعينا هذا الأمر في ذلك الوقت، فالبلد لم كن يعيش النضج السياسي بعد»، موضحا «ما كنا راضين إطلاقاً على الدستور، قلنا في ذلك الوقت أنه دستور مؤقت ما يطوّل أكثر من خمس سنين، وسيكون هناك دستور ثاني يعطي الشعب حقوقه ليكون فعلاً مصدر السلطات ولا سلطة أخرى فوقه، فديموقراطية وسط أو زينة هذي خرابيط ما نبيها، نريد ديموقراطية حقيقية تعطي للشعب كرامته».

«يبونا ديكور»

وأشار الخطيب إلى محاولات بعض الشيوخ للوقوف في وجه الدستور، مبيناً أن العقلية السائدة لدى بعضهم هي عقلية «من هو السيد ومن هو صاحب البلد ومن هو الضيف الثقيل اللي ماله شيء، لأن حتى دستور 1962 مو عاجبهم». لافتاً إلى حوار تم بين عبدالله السالم وبعض الشيوخ الذين ذهبوا إليه مطالبين بإلغاء الدستور بعد دخول الكويت للأمم المتحدة، فرد عليهم عبدالله السالم بالقول «إذا مجلس الأمة يتكلمون فإنتوا عندكم لسان، ردوا عليهم واللي ما يقدر، هذا الباب».
وبين الخطيب أن نظرية حكم الفرد أو الحزب الواحد أثبتت فشلها، لأن هذا الحكم يعتمد على أجهزة القمع الأمنية بدلاً من الحماية الشعبية، مشدداً أن على النظام أن يحتمي بقلوب شعبه فلمصلحة من نقدم على مخاطر من هذا النوع؟ مبيناً أن ما هو مطروح حالياً لا يخرج عن العقلية ذاتها سواء في قضية مجلس شورى يعين أو ما يطرح من تعديل للدستور، وموضحا «هذه الصلاحيات البسيطة يريدون يشيلونها، حق الرقابة المالية يريدون يشيلونه، حق المجلس بالتشريع يبون يشيلونه... يعني يبونا ديكور»، مشدداً أن هذا الموضوع لم يعد مجالاً للنقاش بعد هذه الحشود التي تتزايد أسبوعاً بعد أسبوع.
قاربت عقارب الساعة التاسعة والربع مساءً في ما بدا أنه أطول لقاءات دواوين الاثنين حتى الآن، وكان النائب مبارك الدويلة آخر المتحدثين، وبدا أنه يسعى إلى الاختصار قدر الإمكان، فحاول من خلال حديثه الإجابة عن بعض الأسئلة التي تدور حول النواب، كأسباب التأخر في التحرك الشعبي بعد ثلاث سنوات من الحل، فقال إن النواب رأوا بعد حل المجلس وجود قطاع كبير من الناس يعتقدون أن الحكومة لديها مفاتيح سليمان لحل مشاكل الناس، وعلى الرغم من علمنا بأن مفاتيحهم «مْصَينَة لا تفتح حتى الأبواب، إلا أننا قلنا نعطيهم فرصة لنؤكد ما كنا نقوله بعد حل المجلس»، مبيناً أن ثلاث سنوات ونصف كانت كافية لتغيير قناعات الناس، وتؤكد لهم أن الوضع أصبح أسوأ، ووجدناها فرصة أن نحول أسلوبنا من أسلوب معني بمجموعة النواب إلى أسلوب جماهيري.
وتطرق الدويلة إلى سؤال وجه إليه من أحد المواطنين عن رأيه في تكوين مجلس للشورى فقال إنه يعارض ذلك، ورد عليه المواطن «بس تعالوا انتم متدينين ومجلس الشورى لازم تأيدونه لأن هذا مفهوم إسلامي»، فرد عليه الدويلة «مجلس الشورى بالمفهوم الإسلامي نقره، فالشورى بالإسلام ملزمة، لكن هل هذه هي الشورى هي المقصودة في مفهوم اليوم؟»، مبيناً أن المقصود في ما يطرح هو مجلس استشاري يمكن تعيينه بقرار وإزالته بقرار، وهذه استشارات مرفوضة، فقضية دستور 1962 أمر لا مساومة فيه.
واختتم النائب صالح الفضالة اللقاء، معلناً للحضور «إخواني، الأسبوع القادم عطلة (رأس السنة) وبعد الأسبوع القادم سيكون لقاؤنا عند أحمد الشريعان في الجهراء، قرب نادي الجهراء الرياضي في 8/1/1990 الساعة 7 مساءً»، فهمّ الحضور بالخروج في انتظار لقاء مشابه في الجهراء بعد أسبوعين، لكن ما يخبئه القدر كان أكثر من ذلك.

الخطيب: في المجلس التأسيسي ذهب بعض النواب لتقبيل خشوم الشيوخ فنبههم على ذلك عبداللطيف الغانم

أشار النائب الدكتور أحمد الخطيب إلى حادثة جرت في المجلس التأسيسي تصف الوعي السياسي في ذلك الوقت، قائلاً: «أنا أذكر في أول جلسة من المجلس التأسيسي كنا قاعدين، وكان طبعاً مجلس الوزراء الأول فيه 11 شيخ، وما وعينا إلا ربعنا وزملائنا من النواب يصفون طابور عليهم يحبون خشومهم. وأنا ما ألومهم لأن هذا الوضع اللي كانوا عايشين فيه قبل الانتخابات وبالتالي بالنسبة لهم نقلة مو واعينها، فما يعون شنو مجلس الأمة وشنو هم وشنو قيمتهم وشنو يمثلون لذلك ما ألومهم. بس قضبناهم وقلنا على الأقل هذا مظهر ما يصير يكون موجود في الجلسة الأولى، في صحافة وفي أجانب. وذهبنا إلى رئيس المجلس الله يرحمه عبداللطيف ثنيان الغانم وقلنا له يا عم بو بدر ترى هذه الأشياء فشيلة جدام الله وخلقه، واحنا عارفين بالموضوع، قلنا هذا مظهر لا يتكرر. وفعلاً قضبهم جزاه الله ألف خير وقال لهم يا جماعة تعالوا ترى أنتم ممثلي الشعب الكويتي تحملون شرف الشعب الكويتي فلا تذلون أهل الكويت».

سجال بين السعدون وعبدالرحمن العوضي في ديوانية باقر بشأن وثيقة مجموعة عبدالعزيز الصقر

كشف رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون أثناء حديثه عن حوار دار بينه وبين وزير التخطيط عبدالرحمن العوضي في ديوانية النائب أحمد باقر قبل أسبوعين من لقاء المرشد، وكان الحوار عن وثيقة مجموعة عبدالعزيز الصقر للأمير. وفي ما يلي نص حديث السعدون:
«قلنا للعم عبدالعزيز الصقر أنه لا يجوز أن تبقى هذه الرسالة، مع كل تقديرنا لأسبابكم، حبيسة الأدراج بل يجب أن تنشر لسبب واحد على الأقل، وقد ذكرت له حادثة صارت معي في الأسبوع قبل الماضي، وكنت في ديوانية أحد الزملاء الأخ أحمد باقر وكنا نتحدث عن جهد الإخوان الـ45، وكان موجود وزير التخطيط وكان ينتقد موقف الإخوان الـ45 وعدم مقابلتهم سمو الأمير لما طلب منهم أنه يمكن أن يأتي منكم ثلاثة أو أربعة بدون رسالة، وكنت أقول له أنه مع كل تقديري لرأيك نحن حقيقة نؤيد أي موقف يتخذونه الأخوة الـ45 لأن إذا ما كانوا مثل حرصنا فهم بدون شك كانوا أحرص منا على عودة الحياة النيابية، لكن موقفهم كان واضح وهو أنه لا صفة لهم أن يذهبوا بدون العريضة، وإذا كانت الحياة النيابية متوقفة على أن يذهب ثلاثة أو أربعة من الإخوان الـ45 أو غيرهم فأنا أعتقد -وهذا الكلام اللي قلته له- أنا أعتقد بأن مع كل تقديري للإخوان لكن المجموعة اللي راحت وهم: العم عبدالعزيز الصقر والعم عبدالرحمن البدر والعم حمود النصف، فهم من حيث السن أكبر من الإخوان ومن حيث المكانة أيضاً أبلغ -مع كل تقديري للإخوان-، ومع ذلك ذهبوا بتاريخ 4/7/1989 وقدموا الرسالة وتحدثوا عن عودة الحياة النيابية ولم يستجب لهم. كنت أقول للعم عبدالعزيز الصقر تعال اشهد على كلام وزير التخطيط، فقد رد علي الأخ الدكتور عبدالرحمن العوضي «صحيح راحوا لكنهم أشاروا إلى الحياة النيابية على الشلّاعي (وتعني بدون إعارة أي اهتمام)» وأمانة أنا أسكتني لسبب واحد وهو قدرة وزير التخطيط كعضو في الحكومة على الاطلاع على وثيقة من هالنوع أكبر مني أنا. وقلت للعم عبدالعزيز الصقر: لو كان مضمون الرسالة معلوم للجميع هل ممكن أن يسكت الواحد على الكلام الذي قاله عبدالرحمن العوضي أمام هذا الجمع؟، وقد كانت ديوانية الأخ أحمد باقر مليانة. قلت للعم عبدالعزيز: إذا المواقف قاعد تشوه وهذا موقفك الآن ليس فقط موقف سيحفظه التاريخ بل هو حتى حماية لموقفكم، وهو أيضاً موقف مهم جداً لسبب آخر، وهو أن هناك قطاعات كبيرة في الساحة الشعبية تعمل وبشكل جاد وقوي لعودة الحياة النيابية وسترى من أي موقف تراه من قبل أي مجموعة، وبالذات منكم، سيشد من عضدها وأيضاً سيرفع من معنوياتها. وأعتقد أن مجرد إطلاعنا على الرسالة كان نوع من الإظهار لما تضمنته لكن هذا غير كافي في هذه الرسالة التاريخية المتضمنة أربع صفحات ونصف ما فيها شيء غير عودة الحياة النيابية وبشكل واضح وصريح، هذه الرسالة اللي أشار إليها وزير التخطيط وقال: والله لما تحدثوا الجماعة تحدثوا على الشلاعي!».

من أشعار ديوانيات الاثنين
أحلى شعب
شعبي يا أحلى شعب عزمك مهو عادي
حلمك على من جهل وعدلك مع العادي
صدقك مع من تحب وويل الذي تعادي
طبعك سخي من أبد وما تعرف المنة
غير الذي في السما ما ينطلب منه
وان قاموا كل الشعب محدٍ قعد منا
واللي وعدني لزم يوفي بميعادي

يناير 1990



النواب صالح الفضالة ومحمد المرشد وأحمد السعدون



الشهيد الأسير النائب فيصل الصانع والنواب عبدالله النفيسي وجاسم القطامي ومبارك الدويلة
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 09-03-2009, 02:58 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي موقعة الجهراء : السلطة تعتدي على المواطنين

«منعت وزارة الداخلية كل المظاهرات السياسية في الكويت بعد أن فرقت الشرطة مساء يوم الاثنين في إحدى ضواحي الكويت اجتماعاً سياسياً حضره عدة آلاف من المواطنين الذين طالبوا بعودة الحياة البرلمانية في البلاد. وقد صرح مصدر مسؤول في وزارة الداخلية بأن الوزارة قد اتخذت إجراءات لفض الاجتماع الذي دعي إليه في إحدى الديوانيات، ونشر هذا التصريح في الصحافة الكويتية يوم الثلاثاء. ويلاحظ أن الصحافة الخليجية قد غطت حدث المظاهرات بصورة واضحة، وقد استخدمت قوات مكافحة الشغب فيها القنابل الصوتية والعصي لمنع الناس من التجمع حول مكان الاجتماع في منطقة الجهراء، التي تقع على بعد 30 كيلومترا من مدينة الكويت».

الكويت في 10 يناير 1990 – وكالة الصحافة الفرنسية


لم يكن لاحتفالات رأس السنة في ذلك العام (1990) شكلٌ مختلف عن الأعوام الثلاثة التي سبقته، فكان منظر البلاد باهتاً ومواطنوها يتوجسون ريبة من تصرفات السلطة، وبدا جلياً خلال الأسبوعين الماضيين أن الانقسام في الرأي داخل الحكم قد حسم لمصلحة الجناح الأكثر تشدداً، والذي كان يرى ضرورة وقف التحركات السلمية لديوانيات الاثنين، وأصبح ذلك واضحا قبل عطلة رأس السنة بيومين في القرار الذي أصدره مجلس الوزراء في 28 ديسمبر 1989 قبل الموعد المقرر للتجمع في ديوانية أحمد نصار الشريعان في الثامن من يناير 1990، فنص القرار على «منع الدعوات العامة التي توجه لمناقشة موضوعات محددة في الدواوين الخاصة لما يمثله ذلك من خروج عن المفهوم التقليدي الإيجابي للدواوين والمستقر عليه عرفاً وقانوناً» بحسب نص بيان وزارة الداخلية الذي أصدرته في ذلك اليوم. وبعد أن رأى القائمون على الحركة الدستورية تراجع المتشددين بعد إغلاق ديوانية العنجري في 11 ديسمبر 1989 وسماح السلطة بانعقاد تجمعي مسجد فاطمة وديوانية المرشد، ساد الظن في أن التحركات الشعبية ستتم من دون منغصات أو عراقيل، لكن أحداث الجهراء في 8 يناير 1990 أثبتت عكس ذلك.
التحضير


كان المدخل لكل قادم إلى ديوانية أحمد الشريعان يمر عبر دوار نادي الجهراء الذي تحول في ذلك اليوم إلى ثكنة عسكرية من الشرطة والقوات الخاصة والحرس الوطني بشكل لم يألفه أهالي الجهراء أو أهل الكويت. ففي صباح ذلك، فوجئ أهالي قطعة 4 (أ) في منطقة الجهراء الجديدة بوجود أمني كثيف في المنطقة، ومع حلول الظهيرة حضر المئات من أفراد القوات الخاصة بآلياتهم الكبيرة من ناقلات جنود وتناكر مياه وباصات، وتجمعت في مواقف السيارات التابعة لمدرسة أم ورقة الابتدائية للبنات القريبة من ديوانية أحمد الشريعان. أعقب ذلك انتشار لأفراد القوات الخاصة وآليات الحرس الوطني في جميع شوارع القطعة في ما بدا كتحرك لردع سكان المنطقة من المشاركة في تجمع السابعة مساءً. وطوّقت القوات القطعة كاملة، وأغلقت كل الطرق المؤدية إليها ومنها، ووضعت نقاط التفتيش على مداخل الجهراء كافة، ولم يسمح لأي سيارة بدخول المنطقة إلا بعد إثبات سكن سائقها فيها من خلال البطاقة المدنية. ومع حلول الظلام واقتراب الموعد المقرر للتجمع بعد صلاة العشاء في السابعة مساءً، طوّقت القوى الأمنية مبنى ديوانية الشريعان واحتجزته ومن معه في الديوانية ومنعتهم من الخروج.

الصدام

وقف حضور يقدر بسبعة آلاف مواطن في جو شديد البرودة ومعهم النواب على مقربة من الديوانية، بعد أن استطاعوا دخول المنطقة بمساعدة أهالي الجهراء من خلال بعض الطرق الداخلية وبين البيوت، في حين وضعت القوات الخاصة طوقاً أمنياً بشرياً على بعد 100 متر من الديوانية، وبقي بعض من حضر باكرا محتجزا داخل الديوانية. وبعد أذان العشاء صلى الموجودون صلاة الجماعة، وأمهم فيها النائب مبارك الدويلة. وبعد نهاية الصلاة، حاول الجمهور التوجه نحو الحاجز الأمني البشري بغية التحدث إلى الشرطة وطلب السماح للمواطنين بالمرور والتوجه إلى الديوانية. وهنا سُمح للنائب أحمد الشريعان بالخروج من الديوانية والتوجه إلى الحشد. تعالت صيحات الجمهور الكبير مطالباً بالدخول. وأخذ الحاجز الأمني يتراجع قليلاً وسط تقدم الجماهير، بينما كان واضحاً في إحدى زوايا الحشد محاولة النواب إقناع رجال الأمن بالسماح لهم بالمرور. وفجأة، ومن دون مقدمات أو تحذير، انهالت هراوات وعصي القوات على الحشد، فكانت تضرب كل من هو أمامها وتتقدم نحو المشاركين لتفريقهم ودفعهم بعيداً عن الديوانية. وسُمع صوت دوي عالٍ لما قد يكون قنابل صوتية. تفرق بعض المتظاهرين، فلجأ بعضهم إلى بعض المنازل المجاورة، بينما اختبأ البعض الآخر خلف الأشجار في الشارع المقابل، ولم يتبعهم رجال القوات الخاصة الذين عادوا إلى مواقعهم ليكونوا طوقاً أمنياً جديداً.
كان ممن تعرضوا للضرب في ذلك المساء أحد رموز الحركة الوطنية النائب السابق محمد الرشيد، وهو في السبعين من عمره آنذاك، إضافة إلى نائب مدير عام جامعة الكويت الدكتور أحمد بشارة، وعبدالمحسن الكليب وجمال النيباري وناصر الغانم ووائل عبدالله العمر ورباح الرباح وعبدالهادي العجمي ومحمد القديري والعديدين غيرهم.
كان البعض قد حاول في تلك الفترة وبعدها تحليل إقدام السلطة على الاعتداء على المواطنين في تجمع الجهراء السلمي في تصعيد مفاجئ وغير طبيعي شكل علامة فارقة في التحرك الشعبي، فرأى فريق أنه كان بسبب نجاح الطرف المتشدد في أسرة الحكم بتسويق أفكاره وانتصاره في صراع الأجنحة، في حين رأى فريق آخر، أنه بالإضافة إلى ما سبق، كان بسبب ما لمنطقة الجهراء تحديداً من أهمية للسلطة، إذ كانت تعتبر ما اصطلح على تسميته بالمناطق الخارجية مناطق موالية لها، ويأتي وصول تحركات المعارضة السياسية إلى هذه المناطق إثارة لجمهور هذه المناطق ضد السلطة، وهو أمر لم يكن مقبولاً لديها مما أدى إلى استخدامها العنف.

ميكروفون الشرطة

بعد كر وفر بين قوات الأمن والمواطنين، ومداولات واتصالات من قبل الشرطة، توجه رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون وعدد من النواب إلى العميد يوسف المشاري قائد القوات الموجودة، محاولاً حث الشرطة على التهدئة، ومحذراً من مغبة أن تتطور الأمور لتصل إلى ما لا تحمد عقباه، وتبين أن المشاري كان حريصاً على ألا تتأزم الأمور، فسمح للسعدون أن يتحدث إلى الجموع مستخدماً مكبر الصوت الخاص بدورية الشرطة قرب دوار نادي الجهراء على مقربة 500 متر من الديوانية، حيث بدأ المواطنون بالتجمع مجدداً. وفعلاً، توجه السعدون إلى الدورية وتناول المكبر محدثاً آلاف المواطنين المتجمهرين في الشارع، فشكرهم على تفاعلهم وحضورهم واستنكر، عبر مكبر الصوت الخاص بالشرطة، الاعتداءات التي بدرت من رجال الأمن على المواطنين المسالمين. وطلب من المشاركين الذين افترشوا الأرض مقابل نادي الجهراء الانصراف بهدوء لتفويت الفرصة على المندسين الذين ربما كانوا يريدون تحويل التحرك السلمي إلى شيء آخر، مع وعد باللقاء يوم الاثنين المقبل في ديوانية النائب فيصل الصانع في منطقة كيفان.

يوسف المشاري ينتصر لوطنه

لا يستطيع أحد من الذين حضروا أحداث الجهراء أن ينكر الدور الذي لعبه الأسير الشهيد العميد يوسف ثنيان المشاري في تخفيف حدة التوتر بين المواطنين ورجال الأمن في تلك الليلة، فتعرض في ذلك للوم من القيادة العليا في وزارة الداخلية، فهو من قرر إعطاء رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون الفرصةَ للتحدث من خلال مكبر الصوت الخاص بدورية الشرطة لتهدئة الجمهور ودعوته إلى الانصراف.
المشاري، الذي كان رئيساً لنادي القادسية عام 1985، كان أحد قادة المقاومة الكويتية أثناء الاحتلال. فدخل البلاد بعد وقوع الغزو العراقي آتياً من فرنسا حيث كان يقضي إجازته الصيفية، وشكل قيادة لمقاومة الاحتلال إلى أن أسر مع مجموعة من رفاقه بمنطقة النزهة في أكتوبر 1990، بعد عشرة أشهر من أحداث الجهراء.
واليوم إذ نتذكر دور المشاري في تلك الأحداث، ودوره البطولي إبان الغزو، نتذكر ذلك الرجل المبتسم كما في الصورة أعلاه، التي التقطت أثناء تجمع الجهراء، فهو بينما كان يمارس دوره كرجل أمن، سعى جاهدا -خلافاً للاتجاه العام للسلطة- إلى التخفيف من احتقان الأجواء في ذلك اليوم، الذي نعلم أنه لولا يوسف المشاري لربما كانت نهايته مختلفة عما آلت إليه.

الرشيد: تحدثت مع رجال الأمن فضربوني من الخلف

بعد أربعة أيام من اصطدام السلطات الأمنية مع المواطنين في ديوانية الاثنين الخامسة عند النائب أحمد نصار الشريعان في الجهراء، روى النائب السابق محمد الرشيد قصة الاعتداء عليه (وهو في السبعين من عمره آنذاك) لرواد ديوانيته، وقد صُوِّرت الرواية التي ننقلها بتصرف:
وصلنا ديوانية الشريعان وإذا بالقوات الخاصة موجودة هناك، فطلب منا أحد الضباط الانتظار على الرصيف، وأثناء انتظارنا صلينا جماعة في الساحة، وبعد انتهائنا من الصلاة رأينا أفراد القوات قد لبسوا الخوذ على رؤوسهم، فتوجهت إلى أحدهم وقلت له إن الضابط طلب منا الانتظار واعتقدنا أنه سيسمح لنا بالمرور، وأثناء حديثي فاجأتني ضربة هراوة أصابتني من الخلف، فالتفت فوراً فتلقيت ضربة أخرى على كتفي، ثم انقض أفراد القوات الخاصة على الناس وحصل اشتباك بينهم.
وبعد أن هدأت الأوضاع نصبت القوات سياجاً حديدياً حول المكان، فأتى العميد يوسف المشاري، وهو أحد قادة الأمن، وجزاه الله خيراً، وأمر بانصراف القوات، وطلب من رئيس المجلس أحمد السعدون تهدئة الجمهور، وأعطاه مكبر الصوت الخاص بدورية الشرطة لإيصال صوته عالياً، وبدأ الناس ينصرفون.
ثم قلت للعميد المشاري: أسلوب الشريعان سليم في التعامل مع الحدث، إذ توجه مسبقاً إلى المخفر طالباً منهم التوقيع على أمر رسمي بإغلاق ديوانيته من قبل وزارة الداخلية، لكنهم رفضوا، وذلك يعني أن الديوانية لم يصدر ما يغلقها رسمياً، لذلك فإن ما جاءنا من القوات هو بمنزلة غدر.
بعدئذ قررت أن أثبت حالة الاعتداء علي حتى أحفظ حقي تحسباً لأي إجراء قضائي يتعلق بالحادثة، فآثرت تخطي المخفر والتوجه مباشرة إلى النيابة العامة، إذ كنت متيقناً أنني إنْ ذهبت إلى المخفر فسيماطل في القضية. فأحالتني النيابة العامة إلى الطب الشرعي، وتم إجراء أشعة وكتابة تقرير طبي لإثبات الإصابات.

ضرب على الرأس... ونزف... واعتقال

من ضمن المواطنين الذين اعتدت عليهم القوات الخاصة في الديوانية الخامسة عند النائب أحمد الشريعان في الجهراء، النائب السابق محمد الرشيد، وكان حينئذ في السبعين من عمره، ونائب مدير جامعة الكويت السابق د. أحمد بشارة، ورباح الرباح وعبدالمحسن الكليب وناصر الغانم ووائل العمر وجمال النيباري وعبدالهادي العجمي ومحمد القديري، ولربما كان هناك غيرهم، ولكن هذه هي الأسماء التي وُثِّقت على الأقل. وقد وصف النائب أحمد باقر في إحدى الديوانيات الإصابات التي تعرض لها المواطن رباح الرباح، إذ ضرب بشدة على رأسه ووجهه، وكان فمه ينزف دما ويده مجروحة، وعولج في المستشفى، ثم اقتيد إلى المخفر، وأمضى الليلة هناك بجراحه إلى اليوم التالي، عندئذ توجه نواب منهم مبارك الدويلة وعباس مناور وأخرجوه.

من أشعار ديوانيات الاثنين

هموم الوطن
الكل لاجل الوطن يجري نهر ... دمه
والحر لو يركبه ضيم سفح ... دمه
يحيا شباب الوطن جهراوي في ... دمه
كيف يا صحيح البدن ترضى لأهلك ... ربو
احنا أهل والأهل هم عيب يتحا ... ربو
كلما خطف محملك اشراعنا سا ... ربو
للموج لو يعترض يركس ويرم ... دمه
«غير معروف»

(يتبع)



الأسير الشهيد العميد يوسف المشاري في لقطة نادرة من ذلك اليوم وعلى يمينه أحمد الربعي وحمد الجوعان وعباس مناور وبدا عبدالله الرومي جالساً



لقطة للجماهير المتجمعة قرب دوار نادي الجهراء يلوحون براية النصر وبدا مبارك الدويلة وأحمد باقر أسفل الصورة



لقطة للقوات الخاصة التي حضرت بكثافة منذ ظهيرة ذلك اليوم
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 10-03-2009, 03:55 AM
كويتي_اصلي كويتي_اصلي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 22
افتراضي

يعطيك العافية على الموضوع الحلوو
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 10-03-2009, 04:17 AM
الصورة الرمزية سعدون باشا
سعدون باشا سعدون باشا غير متواجد حالياً
عضـو متميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
الدولة: دولة الكويت
المشاركات: 788
افتراضي

الأخ كويتي _اصلي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لمرورك للموضوع

وتقبل مني أعذب وأرق التحيات
__________________
<img src=http://www.kuwait-history.net/vb/up/uploads/127526942620100531.jpg border=0 alt= />
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 11-03-2009, 04:07 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي ضرب المواطنين في الجهراء يشعل ردود أفعال غاضبة

كانت «موقعة الجهراء»، إن جاز التعبير، مؤشراً واضحاً على أن التصعيد أصبح هو النهج الذي قررت السلطة انتهاجه فتوارى صوت العقل والتهدئة والحوار، فكانت تلك الأحداث بمنزلة الصدمة للمواطنين فشكلت حدثاً لم يكن مألوفاً للكويتيين وتحولاً واضحاً في تعاطي السلطة مع الحركة الشعبية المطالبة بعودة العمل بالدستور، وقد كانت عملية الضرب التي تعرض لها المواطنون في ذلك اليوم رسالة واضحة من السلطة بعدم سماحها لاستمرار هذه التحركات، إلا ما كان واضحاً في الجانب الآخر من الصراع لعودة الدستور هو إصرار «الحركة الدستورية» على مواصلة عملها السلمي، فأرسل تكتل النواب برقية إلى ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله مستنكرين فيها الاعتداء على المواطنين ومؤكدين مواصلتهم عقد لقاءات الدواوين، في ما بدا تحدياً للسلطة وإصرارا على المطالبة بعودة العمل بالدستور.

برقيات

كما نتج عن أحداث الجهراء سيل كبير من برقيات الاستنكار والاحتجاج الموجهة إلى سمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد وإلى ولي العهد، فبالإضافة إلى برقية النواب التي أشرنا إليها، أرسلت مجموعة الـ 45 والعديد من جمعيات النفع العام برقيات مماثلة، إلا أن البارز من بين هذه البرقيات هي برقية استنكارية أرسلها المواطن محمد المرزوق إلى وزير الداخلية آنذاك الشيخ سالم الصباح إذ اختلفت عن غيرها من البرقيات فذيلها المرزوق بتوقيعه واسمه وعنوانه وقد انتشرت البرقية في دواوين الكويت وتم ترديدها وقراءتها في العديد من اللقاءات الشعبية اللاحقة إذ شكلت نموذجاً لتفاعل المواطنين مع الحركة الشعبية. وبالإضافة إلى برقية المرزوق فقد تم تداول برقية أرسلتها ابنة النائب السابق محمد الرشيد الذي تعرض للضرب في ذلك اليوم، وقد أرسلتها ابنته لولوة إلى أمير البلاد تطلب منه العودة للعمل بالدستور. وإضافة لما سبق فقد كان لأحداث الجهراء أصداء واسعة في الإعلام العربي والأجنبي، فقامت الحركة الدستورية بجمع ما تيسر لها عما نشر في الإعلام الخارجي وتوزيعه على المواطنين.

لاعودة

وعلى الجانب الحكومي، أصدرت وزارة الداخلية بياناً بعد الأحداث، نشرته الصحف المحلية، أكدت فيه أن تجمع الجهراء جاء مخالفاً للقانون، في حين أدلى وزير الإعلام آنذاك الشيخ جابر المبارك بتصريح صحافي لوكالة أنباء رويترز منعت الصحافة المحلية من نشره أكد فيه «ان المجلس القديم لن يعود، فلا يمكننا العودة إلى شيء فشل»، مبيناً أن مجلس الأمة المعطل خلق توترات بين الجماعات العرقية في الكويت، وعزز المشاعر القبلية، وأثار مشاكل مع الدول المجاورة، وكان يجري استغلاله لخدمة أغراض شخصية.

وأشار المبارك في التصريح ذاته «ربما يكون بوسعنا التوصل إلى شيء أكثر ملاءمة لطبيعة بلادنا، وإذا كان هناك مفهوم جديد فليس لدينا مانع»، مؤكداً في الوقت ذاته إطلاق قوات الأمن قنبلتين صوتيتين في تجمع الجهراء، مبيناً أن الشرطة لم تلجأ إلى ذلك إلا بعد أن حاولت الحشود اقتحام نطاق أمني فرضته الشرطة حول الديوانية، نافياً وجود أي معلومات لديه بضرب أي من المتظاهرين، مبيناً أنهم لا يمثلون سوى أقلية ضئيلة من الرأي العام الكويتي، قائلاً إنه لم يكن هناك أكثر من 1000 شخص وأن نصفهم كانوا من المارة الذين وقفوا لمشاهدة ما يجري.
اعتقال


في غضون ذلك، وفي تمام الساعة الثالثة والربع من يوم الأربعاء 10 يناير، أي بعد تجمع الجهراء بيومين، رن هاتف سيارة رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون وكان الاتصال من النائب أحمد الشريعان يقول فيه: «جوني اثنين من الشرطة إلى البيت وطلبوا مني الحضور لمخفر الفيحاء وقالوا لي ان الموضوع بسيط، وأنا الآن مع السائق في سيارتي الآن متوجه للمخفر بس قلت أبلغكم حتى يكون عندكم علم». فرد عليه السعدون «تأكد لما تروح أنك ما تتحدث حتى يجيك أحد الأخوة المحامين، وأنا راح أقوم ببعض الاتصالات». وبعد انتهاء المكالمة، اتصل السعدون بالنائب حمد الجوعان، وهو محام، وأبلغه القصة وتوجه الجوعان إلى مخفر الفيحاء، كما اتصل السعدون برئيس جمعية المحامين وعضو مجموعة الـ45 مشاري العصيمي يفيده بالواقعة، فاتضح أن مجموعة الـ45 كانت تعقد اجتماعاً في تلك الأثناء للتنسيق حول تجمع يوم الاثنين المقبل في كيفان، فتوجه العصيمي ومعه المجتمعون إلى مخفر الفيحاء، وتم إبلاغ بقية النواب الذين توجهوا جميعاً إلى المخفر.

النواب لولي العهد: نعلن لكم استمرارنا في لقاءاتنا مع المواطنين ولن نسعى إلى الصدام

أرسل نواب «الحركة الدستورية» البرقية التالية مباشرة بعد أحداث الجهراء:
إلى سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر
قصر بيان- محافظة حولي
بعد التحية،
نستنكر نحن الموقعين أدناه وبشدة ما اتخذته السلطات المسؤولة من اجراءات غير مسؤولة ليلة الثامن من يناير 1990 في منطقة الجهراء ضد المواطنين العزل الا من إيمانهم بالله واخلاصهم لوطنهم وتمسكهم بدستورهم من إغلاق لديوانية الأخ الكريم احمد نصار الشريعان، وإغلاق جميع المنافذ المؤدية إليها وإلى المناطق المجاورة واستخدام القوة ضد بعض المواطنين، ومن بينهم رمز من رموز العمل الوطني وهو العم الفاضل محمد أحمد الرشيد. اننا اذ نشجب استخدام القوة ضد المواطنين فإننا نود أن نؤكد لسموكم أنه لولا عناية الله ومن ثم حكمة المواطنين وسعة صدورهم وحرصهم الشديد في المحافظة على أمن البلاد واستقرارها لحدث ما لا يحمد عقباه.
لذلك فإننا نعلن لكم استمرارنا بالالتقاء بالمواطنين في مختلف دواوين الكويت وفي مختلف مناطقها، مؤكدين على أننا لن نكون الساعين الى الصدام مع أجهزة الأمن ونحمل الحكومة مسؤولية ما ينتج عن استخدام القوة في المستقبل بعد أن نسفت اجراءاتكم في الجهراء كل ما أكدته الحكومة على حرمة الديوانية الكويتية ورغبتها في استخدام الحوار اسلوباً لمعالجة أوضاع البلاد.
حفظ الله شعب الكويت أميناً على دستوره وحرياته.
8-1-1990
تواقيع النواب: أحمد السعدون- صالح الفضالة- خالد العجران- د. أحمد الربعي- د. ناصر صرخوه- سامي المنيس- حمود الرومي- مشاري العنجري- خميس عقاب- عبدالله الرومي- سالم الحماد- عبدالعزيز المطوع- راشد الحجيلان- فيصل الصانع- جاسر الجاسر- ناصر البناي- مبارك الدويلة- حمد الجوعان- احمد باقر- عباس مناور- د. يعقوب حياتي- جاسم القطامي- محمد المرشد- سعد طامي- أحمد الشريعان- د. أحمد الخطيب- د. عبدالله النفيسي- جاسم العون.

لولوة الرشيد في برقية للأمير: بيدك تستطيع إعادة البسمة وحقن الدماء

بعثت ابنة النائب محمد الرشيد ببرقية إلى سمو أمير البلاد بعنوان «من ابنة الديرة إلى أبيها» بعد أحداث الجهراء هذا نصها:
سمو الشيخ جابر الأحمد أمير دولة الكويت
قصر بيان
الكويت
أنا إحدى بنات الديرة الذي انتخيت بهم يوم الاعتداء الغاشم عليك فهبوا لنجدتك واستنكروا ذلك الاعتداء وأحاطوك بحبهم ورعايتهم وتأييدهم الصادق ومشاعرهم الصادقة النابعة من القلب التي لا تعرف الزيف ولا النفاق. ومثلما اعتدي عليك من أيد حاقدة غريبة اعتدي على أبي وغيره من الشرفاء اليوم، ولكن للأسف على يد أحد أبناء الديرة الذي نفذ الأوامر التي صدرت له. أستمد كلمتي هذه من خطابك يوم افتتاح مؤتمر المحامين العرب الذي عقد على أرض الكويت العربية، وهو أن على المحامي أن يقول كلمة الحق وأن يدافع عن حقه، ومن لم يستطع الدفاع عن حقه فإنه عاجز عن الدفاع عن حق الآخرين. كلمتي هذه نابعة من القلب راجية أن تصل إلى القلب. إنها صادرة من ابنة الديرة المخلصة التي لا تخشى في الحق لومة لائم همها الأول والأخير سلامة هذا البلد الطيب الآمن بأرضه وحكامه وشعبه، ومثلما اجتمع أبناء الديرة في السابق وبنوا السور الذي أحاط بالديرة ليحميها، وكان أهل الديرة وحكامها قبل السور وبعده يداً واحدة مجتمعين على الخير والشر، الصراحة طبعهم والشهامة والنخوة والتآزر والمساعدة لا نجد فرقاً بين حاكم ومحكوم. الحاكم ينتخي بأبناء شعبه عند أي خطر يهدد البلاد وأبناء الشعب يلجأون إلى الحاكم ينشدون نصرته عند تعرضهم للظلم، فمن لابن الشعب من بعد الله سبحانه وتعالى غير حاكمه ليرفع عنه الظلم إذا ظلم؟ وبعد هدم السور، ويا ليته لم يهدم، رفع مكانه سور آخر عال، هذا السور لم يبن لحماية الكويت كما السابق، ولكن بني للفت في عضد الكويت وتخريبها وإشاعة الفرقة بين أبنائها حكاماً ومحكومين. هذا السور وضع للحيلولة بين الحاكم وأبناء شعبه المخلصين. وابتدأت اليد الآثمة التي يحركها الحقد والكراهية تحرض الحاكم على شعبه وتحرض الشعب على حكامه. وابتدأت الفجوة تكبر والسور يعلى والبلد الآمنة آخذة بالتقهقر إلى الخلف في جميع المجالات. فلنمسك المعاول ونبدأ في هدم هذا السور لنرتاح جميعاً.
واليوم الابنة تنتخي بأبيها ليرفع الظلم عن إخوانها وأهل ديرتها الحبيبة.
بيدك وحدك وبكلمة منك تستطيع إعادة البسمة إلى الشفاه وحقن الدماء وعدم إشاعة الفرقة بين أبناء الديرة مدنيين وعسكريين، فالكويت هي الوحيدة التي لم تلطخ يد حكامها بدماء أبنائه الزكية فلا نريد لها في هذا الزمن أن تلطخ. والكويت عرفت بدبلوماسيتها العريقة والتي أخذت لها مكانة عالية في العالم أجمع. أين هذه الدبلوماسية داخل الديرة؟ أم أن دبلوماسية الكويت تقتصر على الخارج؟ إن مطلب الشعب بسيط وواضح وصريح وحق من حقوقه كفله الدستور، فبالديمقراطية ينعم الجميع ويرتاح فالحرية مطلوبة في كل أوان ومكان وخير مثل على ذلك ما يجري مؤخراً في أوروبا الشرقية. لقد وفرت لهم الدولة جميع سبل الراحة ولكنها سلبتهم الحرية، فهبوا مطالبين بالحرية.
أما بالنسبة للاعتداء على أبي يوم الاثنين الأسود 8/1/90، أسود لأنه أول يوم يصطدم به أبناء الديرة ببعضهم مدنيين وعسكريين، وحكمة المدنيين جنبت الديرة ويلات كثيرة. فالضرب الذي تعرض له والدي وغيره يعتبر وساماً شريفاً من أعلى المستويات، فالوسام طبع على ظهره ويده. اعتدي عليه لأنه ابن مخلص لهذا الوطن ورمز من رموز العمل الوطني.
بيدك وحدك يا أبي يا ابن الديرة البار حقن الدماء وإعادة الديمقراطية إلى البلاد من خلال العمل بالدستور وسيادة القانون وكفالة حرية المواطن وحقوق الإنسان. مطلبنا عادل وبسيط وهو سيادة القانون.
ابنتك
بنت الديرة البارة
لولوة محمد الرشيد

محمد المرزوق لوزير الداخلية: لن نقبل تكميم الأفواه وإغلاق الديوانيات

بعث الأسير الشهيد محمد المرزوق بالبرقية التالية عقب احداث الجهراء:
السيد/ وزير الداخلية،
إنه من المؤسف حقاً أن يحدث ما تم مساء الأمس الاثنين 8/1/1990م في منطقة الجهراء، من تجاوز وتطاول من قبل أفراد القوات الخاصة المدججة بالسلاح من رشاشات وهراوات وعصي كهربائية على أفراد عزل من المواطنين لا يحملون أي سلاح سوى سلاح الإيمان بقضيتهم، علماً بأن من بين الذين تم الاعتداء عليهم بالضرب النائب الفاضل/ محمد الرشيد، حيث لم يستحِ أفراد القوات الخاصة من الاعتداء ضرباً على رجل في مثل سن ومكانة هذا الرجل القدير، بالإضافة إلى الأستاذ أحمد بشارة نائب مدير الجامعة الذي لم يقدروا مكانته العلمية أيضاً دون خجل أو وجل، علاوة على ما تم من إهانة للنائب الشريعان برد ضيوفه بالقوة وضربهم وتطويق ديوانيته والطرق المؤدية اليها وإحراجه وهو الرجل القبلي المتمسك بعاداته وتقاليده، والذي لم يقم سوى بدعوة بعض زملائه النواب، ومن حرص من المواطنين بالالتقاء بهم لتدارس الآراء والخطوات اللازمة للمطالبة، وبالطرق السلمية باستعادة الشعب حقه بعودة الحياة النيابية في البلاد (والذي هو حق متفق عليه مسبقاً بين الحاكم والمحكوم، وليس لأحد نقضه حيث نقض جزئية منع يعتبر نقضاً وخرقاً للاتفاق بأكمله). لذا فإنني وبصفتي مواطناً من أبناء هذا البلد حريصاً على المصلحة العامة، وحقوق مواطنيه كوني فرداً منهم، فإني أستنكر وبشدة ما تم من تصرفات استفزازية وتصعيد للمواقف ومحاولة للصدام من أفراد مسلحين بأفراد عزل وضربهم دون وجه حق، كما يجب ألا يمر هذا الموقف دون تحديد للمسؤوليات ومحاسبة للمتجاوزين لحدودهم والمتحدين لإرادة الشعب المطالب بأبسط حقوقه وهو حق التعبير عن الرأي، لذا يجب اتخاذ اللازم بحق هؤلاء وإعلانه رسمياً على الجميع رداً لكرامة واعتبار من تم الاعتداء عليهم، علماً بأنه من غير المعتقد أن يتنازل الشعب عن حقه في ما وقع من تعد على أفراده من إهانة وضرب، كما لن يقبل بسياسة تكميم الأفواه وإغلاقها كإغلاق الديوانيات، كما أنه من الصعب تحدي إرادة الشعوب، والأمثلة كثيرة سواء من الماضي البعيد أو القريب والقريب جداً، ومن لم يتأكد من صدق ذلك فليراجع نفسه مراراً، فنزع الفتيل يكمن في أول اعتقال أو إسالة أول قطرة دم في سبيل الحق، وعلى الله نتوكل وحسبنا الله ونعم الوكيل.
محمد مرزوق محمد المرزوق
9/1/1990م
اليرموك - قطعة 3 - منزل 17

من أشعار ديوانيات الاثنين

قال منهو يبدع القاف الطريفة
من هزيع القلب لجّن القوافي
إرفع الفنجال لليمنى الشريفة
لأحمد النصار درعنا وضافي
عند حقه بايع نفسٍ عفيفة
ودون ربعه ما تذرّا باللحافي
وإثنها للي حضر يوم الوقيفة
ربعنا اللي لا تخاف ولا تهابي
وخبّر اللي صابته رجفة خفيفة
من حضر مشكور والغايب عوافي
وجماعة المضاحكة* عقب الوظيفة
قام ينبح صايبه مثل الخفافي
وكل كلب لازمن يتبع وليفه
مثل عبد في مقام البيت طافي
وارتعى يا دهيم اديارك مريفة
ما دريتي بالعواقب والقوافي
ويقطعك يا داعي النفس الضعيفة
عقب منته عالي عودت هافي
والبحر لا جاك ما تقوى صريفه
والخبل من ينطحه والموج زافي
وحقنا ناخذه ما نقبل نصيفه
وعقّب اللي يقبل حلول انصافي
نبغي الدستور والمجلس رديفه
يصلّح اللي مايل فيه انحرافي
ما حلا مرباعنا لاذان كيفه
وأخضرت ريضانا عقب الجفافي

جهراوي

* يقصد عبدالرحمن عبدالعزيز المضاحكة رئيس مجلس محافظة العاصمة، أحد مجالس المحافظات التي أنشأت في 1989 كإحدى البدائل عن مجلس الأمة. وكان المضاحكة قد قال للشيخ سعد العبدالله في أحد اللقاءات التي بثت في التلفزيون واصفاً التحركات الشعبية للعمل بالدستور قائلاً «القافلة تسير...» مما أثار سخطاً شعبياً.

(يتبع)



صورة لمنشور الدعوة الذي وزع على المواطنين لتجمع كيفان





صورة لتفرق الجمع بعد أحداث الجهراء



الأسير الشهيد محمد المرزوق في صورة مع المرحوم سامي المنيس
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 12-03-2009, 11:25 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي الشعب يحرر أحمد الشريعان في مسيرة شعبية انطلقت من الفيحاء إلى الجهراء

في الساعة الثالثة والنصف من عصر الأربعاء 10 يناير 1990 وصل عضو مجموعة الـ45 المحامي مشاري العصيمي إلى مخفر الفيحاء قبل قدوم أحمد نصار الشريعان، الذي كان في طريقه إليه من الجهراء بعد استدعائه «لأمور إجرائية وتقارير بسيطة» كما قيل له. فوصل الشريعان في الساعة الرابعة قادماً من منزله في الجهراء. ودخل الاثنان إلى غرفة محقق المخفر.
وفي الخارج وصل النواب حمد الجوعان وأحمد الربعي ومبارك الدويلة الذين كانوا مجتمعين كلجنة ثلاثية ظُهر ذلك اليوم للتجهيز لتجمع الاثنين القادم عند فيصل الصانع بكيفان، ووصل بعدهم بقليل أحمد السعدون الذي أجرى العديد من الاتصالات التي أدت إلى حضور بقية النواب وأعضاء مجموعة الـ45 التي كانت تعقد اجتماعاً هي الأخرى في ذلك الوقت.
في غرفة التحقيق، بدأ المحقق بأسئلة روتينية للشريعان. فطلب اسمه وسنه وعنوان سكنه، ثم سأله عن مهنته، فتدخل مشاري العصيمي بصفته محامي الشريعان، قائلاً: «عضو مجلس أمة»، وهو ما كرره الشريعان بعده.

طرد المحامين

بدا أن المحقق لم تعجبه إجابة الشريعان، فنظر إلى العصيمي نظرة كشفت عن ضيق نفسه بوجود المحامي في غرفة التحقيق، فقال له: «لو سمحت، تفضل برة». فاستغرب العصيمي وامتثل لطلب المحقق على مضض، طالباً إثبات طرده من غرفة التحقيق في المحضر، وهو ما تم، ليبدأ بعد ذلك مسلسل طرد المحامين من غرفة التحقيق، إذ دخل بعد العصيمي النائب والمحامي عبدالله الرومي، الذي طلب إليه الخروج بعد 5 دقائق من دخوله، ليتوالى بعد ذلك دخول 14 محامياً هبوا للدفاع عن الشريعان الذي بدا هادئاً أثناء التحقيق، ورافضاً الإجابة عن أسئلة المحقق بحكم أنه نائب في مجلس الأمة، ولا يجوز استجوابه والتحقيق معه إلا بعد رفع الحصانة التي تتطلب انعقاد مجلس الأمة.
خارج المخفر، بدأ العديد من المواطنين في التوافد، بينما بدأ الظلام يخيم في ذلك الأربعاء البارد، ثم حضرت سيارة عُرف أن من بداخلها هو مدير إدارة التحقيقات يعقوب يوسف المهيني، الذي حضر لتولي التحقيق بنفسه. توقف التحقيق فترةً أتاحت لبعض النواب الدخول للحديث مع الشريعان، فعلموا أنه رفض الإجابة عن أي سؤال، وظل متمسكاً بذلك، إلا أن المحقق هدده بالقول إن عدم إجابته عن الأسئلة سيؤدي إلى احتجازه 21 يوماً على ذمة التحقيق، فرد الشريعان: «فدوة للي ساندوني».

كفالة

كان التحقيق يتركز على الدعوة إلى «تجمع الجهراء» قبل يومين، والذي كان مقرراً أن يقام في ديوانية الشريعان، فكان رد المحامين أن الشريعان ليس صاحب الدعوة، بل كانت الدعوة موجهة من قبل الجميع، سواء مجموعة النواب أو مجموعة الـ45، مبينين أنه إذا تم احتجاز الشريعان فسيبقى الجميع في المخفر معه.
جرت بعض المشاورات بين المحامين ومدير الإدارة العامة للتحقيقات، دعت إلى إخلاء سبيل الشريعان، واستقر رأي المدير على إخلاء سبيله بكفالة قدرها 500 دينار. فرفض الشريعان دفع الكفالة مُصراً على خروجه دون كفالة ودون شروط، كونه نائباً في مجلس الأمة، وأمام هذا الإصرار تواردت أنباء لدى الموجودين خارج المخفر بحضور شقيق الشريعان مطلق عارضاً دفع كفالة أخيه، إلا أن أحمد الشريعان اعتذر عن ذلك، طالباً إما إخلاء سبيله دون كفالة أو احتجازه على ذمة التحقيق، الأمر الذي قوبل بإصرار الجماهير التي بدأت تتزايد خارج المخفر من مواطنين ونواب وأعضاء لجنة الـ45 على أن يبقوا جميعاً خارج المخفر إلى حين إخراج الشريعان، حتى لو عنى ذلك بقاءهم طوال مدة احتجازه. ثم عرض على الشريعان الخروج بكفالة 200 دينار، إلا أنه أصر على موقفه السابق، مبيناً هو ومحاموه أن المسألة ليست مسألة أموال بل مسألة مبدأ.

وفي التاسعة والنصف من مساء تلك الليلة، أُقفل محضر التحقيق مع النائب أحمد نصار الشريعان، وتم الإفراج عنه دون كفالة بعد أن اتضح أن لا طائل من وراء التحقيق وسط تمسكه بحصانته البرلمانية، فكان الإفراج عنه بمنزلة اعتراف ضمني من جانب السلطة بشرعية امتناعه عن الإدلاء بأية أقوال استناداً إلى حصانته البرلمانية كعضو في مجلس الأمة.
الزفة

خرج الشريعان من المخفر ليواجه المئات من المواطنين الذين حضروا منتظرين لحظة الإفراج عنه، فرفعوه على الأكتاف في أجواء احتفالية بددت أي شعور آخر موجود عند أي من الحضور بعد أحداث الجهراء قبل يومين. حمله الجمع من باب المخفر إلى سيارة مرسيدس كانت تنتظر، في حين تعالت الصيحات من كل جانب «هذا انتصار ما صار... تسلم يا أحمد نصار»، وركب معه رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون ونائبه صالح الفضالة وخرجوا جميعاً من فتحة السيارة العلوية يلوحون للجماهير الذين حاصروا السيارة مشياً على الأقدام وهي تخرج من الفيحاء في اتجاه الجهراء.
وفي الطريق إلى الجهراء، أحاط بسيارة الشريعان العديد من سيارات المواطنين في مسيرة احتفالية أخذت تتباطأ عند دوار نادي الجهراء القريب من ديوانية الشريعان، وهو الموقع نفسه الذي تجمع فيه المواطنون يوم الاثنين الماضي، فأوقف الناس سياراتهم في ذلك المكان وترجلوا ليحيطوا بسيارة الشريعان من كل جهة لدرجة لم تتح لها التحرك. وبينما كان الشريعان يرد على تحيات المواطنين واقفاً من فتحة السيارة، حاول بقية النواب إفساح المجال للسيارة كي تتحرك. ولم تتوقف الصيحات من كل جانب، وضحكات ابتهاج من الجميع تفصح عن الشعور بانتصار كبير، وإنْ كان رمزياً، في التاريخ القصير للحركة الدستورية.

فلاشات بعض الكاميرات تضيء الليل، بينما يواصل المتجمعون هتافاتهم الموجهة إلى الشريعان، ويضيفون عليها «نواب المجلس يحكون... تسلم يا أحمد سعدون» فيرد السعدون من على سقف السيارة التحية مبتسماً. وفي خلفية كل هذه الضجة الاحتفالية، برزت زغاريد النساء وتصفيقهن من منزل الشريعان، فكان العشرات منهن واقفات عند الباب ليشهدن هذه اللحظة التاريخية، فتوجه إليهن الشريعان رافعاً عقاله لتتعالى الزغاريد والصفقات وضحكات الابتهاج.
الديوانية رجعت

كان الآتون مبكراً إلى ديوانية الشريعان يراقبون من نوافذها ما يجري في الخارج من تظاهرة احتفالية، إلى أن بدأ الحدث يقترب. فدخل مجموعة من النواب، فذاك أحمد الربعي مبتسماً وعلى رأسه «التشريمبة»، وهذا حمد الجوعان يدخل الديوانية وقد وقع عقاله فهو يعدل الغترة في حين تعلو وجهه ابتسامة كبيرة، ويدخل أحمد السعدون مبتسماً فيقبل الربعي ويحتضن الجوعان ويبارك ليعقوب حياتي وناصر صرخوه وبقية النواب فرداً فرداً، فيسأل الربعي منبهاً «بو شريعان وينه؟»، ويأتيه الجواب من بوابة الديوانية التي دخلها الشريعان مصحوباً بصيحات الجماهير. ويجلس بجانب الربعي وعباس مناور، فينهض الربعي من مكانه مرة أخرى ليقول للموجودين: «الديوانية رجعت يا شباب! الديوانية ردّت!» فيضج المكان بالتصفيق بعد أن لاحظ الجميع أنهم في نفس المكان الذي منعوا من دخوله قبل يومين.



واستمع النواب إلى فاصل من الجمهور يطلق صيحاته باسم كل واحد منهم، فيشير السعدون إلى الجمهور مبتسماً «لا تنسون عباس مناور»، فيرتجل أحد الحاضرين صيحة ويردد الجمهور وراءه «شعبنا ثابت ما يناور... تسلم يا عباس مناور»، وينهض مناور من مكانه المجاور للشريعان ويلوح للجماهير ببشته ابتهاجاً. ويسود الهدوء في الديوانية التي غصت بالحضور، بينما تسلق العشرات نوافذ الديوانية من الخارج محاولين الاستماع ومشاهدة ما يدور داخلها، ويقف الشريعان مخاطباً الجمهور شاكراً «كل خطوة خطيتوها هذا اليوم»، شاكراً زملاءه النواب والمحامين والمواطنين الذين ساندوه، وذكر أنه قال للمحققين: «أمتنع عن الإدلاء بأي أقوال في التحقيق حتى ينعقد مجلس الأمة وترفع عني الحصانة البرلمانية بحكم أني عضو في المجلس، لذلك أبشركم بأنني خرجت من دون شروط أو كفالة، ما يؤكد صفتي الدستورية كنائب.» فتعالى التصفيق والهتافات.

كلام خطير

ثم خاطب رئيس المجلس أحمد السعدون الجمهور قائلاً: «قبل 48 ساعة فقط منعنا وبقوة السلاح من دخول هذه الديوانية، وقد ووجهنا بآلاف من قوات الأمن على الرغم من أننا لم نتجاوز الألف شخص نصفهم من المارة حسب تصريح وزير الاعلام، ولكن تشاء إرادة الله وإرادة الناس أن يلتقي هذا الجمع الآن ويتحدث عن عودة الديمقراطية والدستور والمجلس في نفس المكان الذي منعنا منه». وأشار السعدون إلى لقاء وزير الاعلام الشيخ جابر المبارك مع وكالة رويترز الاخبارية، الذي لم تنقله الصحف المحلية، بينما نقلته جميع وسائل الإعلام العالمية والخليجية، فقال: «لقد ورد في حديثه كلام خطير ولم تسمح الحكومة بنشره في الصحف المحلية، فقد ألغى الدستور عندما قال لا عودة لمجلس الأمة بتلك الصيغة، وهو يعلم أن لا عودة للمجلس إلا بصيغته الدستورية، الدستور باق»، لافتاً إلى أن الوزراء كافة قد باشروا أعمالهم في هذه الحكومة بعد أن أقسموا على احترام الدستور، مضيفاً «نقول للأخ الفاضل وزير الاعلام لقد تلفظت بما لا تملك، وأعلنت إلغاء الدستور وأنت لا تملك ذلك.» مشيداً في الوقت ذاته بما قام به الشريعان في التحقيق، مبيناً أن الشريعان حاولت السلطة اعتقاله «وحرره الشعب»، فضجت القاعة بالتصفيق.
ورد الديموقراطية


وفي غمرة الهتافات نهض النائب حمد الجوعان من مكانه والتقط باقة ورود وجدها أمامه وأخذ يلقي الورود على المتجمعين قائلاً: «هذا ورد الديموقراطية»، ليطلق بعدها صيحة حماسية ويردد الجمهور من ورائه «وحدة وحدة وطنية... مجلس أمة وحرية». ثم شكر السعدون جمعيات النفع العام التي وجهت برقيات إلى رئيس الوزراء تستنكر أحداث الجهراء قبل يومين، لافتاً إلى برقية محمد المرزوق إلى وزير الداخلية، قائلاً: «نحن كنواب أو جمعيات نفع عام دورنا أن نرسل برقيات ونستنكر، لكن أن يقوم مواطن بذلك فهذا الغير متوقع». وتلا حمد الجوعان برقية المرزوق على الحضور، فغصت القاعة بالتصفيق ووصفه البعض بالبطل، فنهض المرزوق من مكانه وطلب منه النواب أن يأتي ناحيتهم ليراه الجمهور ويحييه. ثم شكر السعدون الموجودين، مذكراً بلقاء الاثنين المقبل في ديوانية فيصل الصانع بكيفان، فانصرف الجمهور في الحادية عشرة مساءً بعد ليلة احتفالية لم يعش مثلها منذ سنوات.

صيحات ديوانية الشريعان

بعد التجمع في ديوانية الشريعان عقب الإفراج عنه، سادت أجواء احتفالية شهدت صيحات متواصلة من قبل جموع المواطنين الموجودين، فراحوا يهتفون بأسماء النواب بصيحات ارتجلوها في تلك اللحظات:
هذا انتصار ما صار ... تسلم يا أحمد نصار
وحدة وحدة وطنية ... مجلس أمة وحرية
لا شرطة ولا حراس ... يطقون عيال الناس
أعضاء المجلس يحكون ... تسلم يا أحمد سعدون
هذا الكويتي يدافع ... مجلس الأمة راجع
لا ظلم لا جور ... عاش عاش الدستور
عدو المجلس يا ويله ... تسلم يا مبارك الدويلة
الكل للمجلس ولهان ... تسلم يا حمد جوعان
المجلس ياي يا ربعي ... تسلم يا أحمد الربعي
المجلس خير من يشهد ... تسلم يا محمد المرشد
مطلبنا مطلب سامي ... تسلم يا بن قطامي
أحمد أحمد يا خطيب ... مجلسنا هو الطبيب
مجلسنا راجع باكر ... تسلم يا أحمد باقر
المجلس راجع يا قومي ... عاشوا عيال الرومي
مجلس رابح مو خسران ... يسلم خالد العجران
مجلس رابح مو خسران ... تسلم يا ابن حجيلان
شعبنا ثابت ما يناور ... تسلم يا عباس مناور
ناصر ناصر يا صرخوه ... مجلسنا وين ودوه
البرقية تأتي تأتي ... عاش دكتور حياتي
مطلبنا نافع نافع ... تسلم يا فيصل صانع
لجنتنا ما ننساها ... وكل الشعب وراها
بوشريعان يا بوشريعان ... انت عزيز لا ما تنهان

من أشعار ديوانيات الاثنين

تقول الشعب عزويتي وهمي من .... همه
وصديت عن مطلبه ما بديت لك ..... همه
كل شي وضح واتضح ما همكم ... همه
دستوره لما انكتب محد رفض أو .... ثار
صدر الشعب يحضنه ويصير حقه اد ... ثار
احذر شباب الوطن لمعزته لو ... ثار
حتى الرضيع بالوطن يرضع لبن ... همه
«غير معروف»



أحمد الشريعان في سيارته تحيط به الجماهير



النواب خالد العجران ومبارك الدويلة ويعقوب حياتي وناصر صرخوه



الجوعان ينثر «ورود الديمقراطية» على الجماهير
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دواوين الكويت عادل الفريحان المعلومات العامة 3 27-01-2014 07:47 AM
متحف الطريجي في الكويت ، الجريدة جون الكويت المعلومات العامة 12 09-12-2012 12:09 AM
من دواوين الحي الجبلي العثمان جبلة 12 06-03-2010 11:30 AM
دعوة عامة لحضور منتدى الاثنين حامد حمود المقهوي القسم العام 15 08-12-2009 09:45 AM
من ساحل الوطية الى سيف دسمان ..هذي دواوين العز على السيف نيشان AHMAD التاريـــخ الأدبي 0 22-10-2008 10:01 AM


الساعة الآن 01:19 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت