راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > المعلومات العامة
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-07-2010, 03:01 PM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي في أسماء الأماكن الكويتية - يعقوب الغنيم

في أسماء الأماكن الكويتية

هذا حديث مر عليه زمن، تحدثت به في سنة 1998م، ومر كغيره من الأحاديث التي يسعى المرء من خلالها إلى تقديم النصح فلا يجد إلا الآذان الصماء التي لا يستحسن أصحابها سماع شيء مفيد، وبعد مضي هذه المدة من الزمن، ومع التجاهل الشديد لما سبق لي ان تحدثت به في تلك السنة، وجدت نفسي أعيد قراءة تلك الأوراق التي اجتهدت في كتابتها غاية الاجتهاد، وعلى الرغم من التجاهل الذي لقيته ممن يعنيهم الأمر، فإنني محصت ما كتبته مرة أخرى، وأزلت شيئا منه، وأضفت شيئا آخر لعل أن تكون في الإعادة إفادة كما كان علماؤنا يعلموننا فيما مضى من الزمان.
***
بدأ الاهتمام بأسماء الأماكن وتحديد مواقعها في جزيرة العرب منذ أصدر الشيخ حمد الجاسر كتابه عن عكاظ في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي الذي تمت طبعته الأولى سنة 1951م، وقدم قبله مقالاته التي نشرها في مجلة الفتح في منتصف الأربعينيات، ومثله محمد بن عبدالله بليهد الذي أصدر كتابه صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار.
وكانت قد صدرت في الفترة نفسها بعض الكتب القديمة المحققة التي كانت تشير إلى تلك الأماكن وتبين إلى حد ما صفتها وموقعها وما يكون قد مر عليها من أحداث. ثم تنامى هذا الجهد المهم فظهرت كتب لعدد من العلماء في الموضوع نفسه، منهم الشيخ عبدالله بن خميس، وغيره. أما في الكويت فكان الاهتمام بهذا الأمر من الجهود التي تذكر للمرحوم الأستاذ أحمد البشر الذي بدأ - في الخمسينيات أيضا- الكتابة عن عدد من الأماكن الكويتية مثل كاظمة والمقر والرحية وغيرها. وكان اهتمامه بذلك كبيرا، فجمع له مكتبة فاخرة ضمت الكثير من الكتب التي تفيد في هذا الموضوع، وله تعليقات عليها مفيدة جدا، ولكن أغلبها- للأسف- قد ضاع بسبب أحداث الغزو العراقي الغاشم، وتعرض كتبه للنهب والإتلاف، وهي التي تمثل ذخيرة علمية نافعة أوصى أن تكون بعد مماته تحت رعاية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت.
ولا شك في أن هذا الأمر - وهو الحديث عن الأماكن العربية - مهم جداً ومفيد من عدة نواح، منها الحفاظ على تاريخ الموقع وتاريخ سكانه، وتأصيل كل البقاع العربية التي عاش عليها الآباء والأجداد وتركوا آثارهم بها، وقد تحدثت هنا عن جزيرة العرب التي نحن جزء منها، ولكن باقي المواطن العربية تحتاج إلى مثل هذا الجهد، ففيها أماكن مذكورة في معاجم البلدان ولها أثر في التاريخ العربي الإسلامي، وذكر في الشعر العربي، ويدل تاريخها على حركة الانتقال العربية التي قامت بها تلك الموجات البشرية المنتقلة من جزيرة العرب إلى بقاع الأرض التي عمتها فتوح الإسلام، فهذه الأماكن تحتاج إلى تحقيق وعناية، وينبغي لسكانها الحاليين من أهلنا أن يقوموا بما ينبغي عليهم تجاهها مثل الذي تم من عمل، وبذل من جهد في تحقيق وتأريخ المواقع الكائنة في جزيرة العرب.
ولعل الأمر يدفعني الآن إلى أن أتقدم باقتراح قد يكون له أثره في نماء هذا النوع من البحث وتطوره بحيث يكفل له مرجعاً يسنده، يضمن به تقدم العمل في هذا المجال، وتأهيل العدد المناسب من الباحثين في هذا الحقل بحيث يتبنون خدمته عن حب فيه ورغبة نابعة من حبهم لأوطانهم التي تتطلب منهم العمل من أجلها.
واقتراحي هذا يتضمن: إنشاء علم مستقل يسمى علم الأماكن ينهض بالدراسات المتعلقة بهذا الموضوع، ويهيئ الباحثين ويؤهلهم للقيام بأبحاثهم، ويتيح لهم المصادر التي يستقون منها معلومات على اختلاف أنواعها.
وأرى أن الخطوة الأولى إلى قيام هذا التخصص العلمي المأمول تتمثل في عقد ندوة علمية تضم كافة المهتمين بهذه الأبحاث، وتضع الأسس العلمية والفنية التي يقوم عليها هذا التخصص الجديد، وتشرك الجامعات في عملها هذا حتى نجد فيها موضعا له فهو جدير بكل اهتمام وعناية.
ولا يفوتني أن أذكر أن هذا العلم المقترح لابد أن يتهيأ له مايلي:
-1 رغبة قوية عند الدارسين، وحب جارف للعمل العلمي في مجال الأماكن.
-2 مكتبات شاملة تحتوي على الكتب وعلى التسجيلات الصوتية والمرئية في هذا المجال.
-3 الاستفادة من الجهود التي بذلها السابقون من أمثال من ذكرتهم سالفاً لفتح الآفاق أمام الباحثين.
وأستبق البحث في موضوع هذا العلم، فأقول: إن الطالب في هذا التخصص لابد وأن يحصل على ثقافة موسوعية تفتح له الآفاق عند قيامه بالعمل المطلوب، فلابد لهذا الطالب من أن يدرس اللغة والأدب والجغرافيا والتاريخ والفلك، فضلاً عن النبات الذي له دلالاته على الأماكن ومعرفته مفيدة للباحث في هذا المجال.
وقد يقول البعض إن هذا العلم غير جديد، فهو علم الجغرافيا، وأرد أن هذا العلم قد تدخل فيه الجغرافيا كما ذكرت سالفاً ولكنه أعم منها فيما يتعلق بدراسة الأمكنة، ففي دراسة المكان حديث عن صفاته، وتحديد موقعه وذكر سكانه على مر العصور، وذكر للحياة الاجتماعية والثقافية التي كانت سائدة بين أولئك السكان، وكل ما يتعلق بالمكان تحديداً باعتباره وحدة متكاملة، وهو عملية إحياء لذكر أماكن بعضها دارس، وبعضها موجود، ولكن التغيير نقله عن أصله إلى طور آخر مختلف.
وأنا بعد ذلك آمل أن يأخذ هذا الاقتراح طريقه إلى النفوس أولاً ثم إلى التنفيذ ثانيا، لما أعلق عليه من أهمية في معرفة الكثير عن الأماكن وربط الحديث منها بالقديم اسماً وتاريخا، مع الوصف والتحديد، والدراسة الاجتماعية المستفادة من ذكر الناس الذين مروا عليها، والأدبية المستفادة من ذكر عدد من الأدباء والشعراء الذين تحدثوا عنها في إنتاجهم، إلى غير ذلك من مجالات الانتفاع بهذا العلم المقترح.
هذه مقدمة، أما الموضوع الذي أقدمه هنا فهو قريب الصلة بما تقدم، ومن المستحسن أن يكون له عنوان هو «أسماء الأماكن الكويتية ومحاولات مسخها».
وهو اسم يدل على مدى تأثري بما أشاهده من تضارب ومن تغيير مستمر لأسماء المواضع في الكويت مما يمحو أصالة الموقع التاريخية ويزيل أثر ارتباط اسمه به على مر الزمان.
ولا شك عندي في أن اسم المكان لابد وأن يعتبر جزءاً منه وأثرا من آثاره، فكما تعنى الدول بالحفاظ على آثارها فهي تعنى بأسماء مواقعها وتحافظ عليها، وأول ما سعى إليه الغازي العراقي البغيض لديارنا هو محاولته إزالة بعض الأسماء وإطلاقه أسماء أخرى بديلة حتى يطمس الأثر التاريخي المعنوي لمناطقنا التي وقعت تحت احتلاله. أما في خارج الكويت فنجد ذلك واضحاً عند العدو الصهيوني الذي قام بتغيير الكثير من الأسماء العربية الصميمة لكثير من المواقع الفلسطينية ووضع بدلاً منها أسماء استمدها من تاريخه رغبة منه في محو الهوية العربية لهذه البلاد، وإشعاراً للعالم بالحق المزعوم له في أرض فلسطين.
ومن هذا المنطلق فإن حديثنا عن أسماء المواقع له ما يبرره، وله كذلك أهميته وارتباطه القوي بتاريخنا ووطننا- وسوف أقسم حديثي إلى قسمين: أولهما عن أسماء المواقع الكويتية المختلفة، والثاني عن أسماء الشوارع الكويتية التي لأسمائها من الأهمية ما لأسماء المواقع السكنية وغير السكنية.
فأما القسم الأول: وهو الخاص بأسماء المواقع في الكويت، فلدينا عدد منها لا يزال يحتفظ باسمه القديم وإن شاب بعضها تحريف بسيط، عندنا كاظمة وأوارة والرحا والسيدان والطويل والضباعية وأم قصبه والعدان والوفرة وتياس وحومان، وغيرها من الأماكن التي تم الاستدلال على مواقعها نتيجة للدراسة المتأنية لكل موضع على حدة، وكذلك بالاهتداء إليه عن طريق ما ذكر من أماكن مقاربة له، أو ما شهد به الشعر العربي المحفوظ أو الأقوال الأدبية التي حفظها أصحاب كتب معالجم البلدان.
ومن هنا نجد أن أسماء هذه الأماكن وغيرها مما لم نذكر أصبحت أثراً من الآثار، ودلالة على ارتباط هذا الموقع بعدد من السمات التاريخية والأدبية القديمة، لذا فإن الاحتفاظ بها والحرص على عدم إضاعتها له ما يبرره بل ما يوجبه.
ولكننا إذا عدنا اليوم إلى واقع هذه الأماكن، فإننا - للأسف الشديد- سوف نجد إهمالاً قد يكون متعمداً لهذا الأمر، إن لم نقل إنه نتيجة لعدم إدراك ما لهذه الأسماء من أهمية في تاريخنا، وصحب ذلك عدد من الأمور التي شابت تسمية بعض الأماكن المستجدة، فألصقت بها أسماء لنا عليها كثير من الملاحظات، وسوف نجمل ذلك فيما يلي:
أولا: - إهمال الأسماء القديمة واستبدال أسماء أخرى بها مثل منطقة شامان التي أطلق عليها اسم غرناطة، وشامان اسم قديم يعرفه الكويتيون منذ زمن بعيد، وكان متنزهاً لهم يأتون إليه في أيام الربيع لقضاء بياض يومهم بين ربوعه حين كان مليئاً بالأعشاب والأزهار البرية حتى إننا لنظن أن اسمه إنما جاء على سبيل التشبيه ببلاد الشام، التي يعلم أهلنا السابقون ما فيها من جنات الدنيا آنذاك، وقد عرفوا ذلك منذ القدم بسبب الاتصال الدائم مع دمشق وحلب وغيرهما من بلاد الشام للتجارة وتبادل السلع وبخاصة تجارة الجمال التي اجتازوا بها بلاد الشام إلى مصر، كما هو معروف في تاريخ الكويت، ومن الأمكنة التي تخلت البلاد عن اسمها التاريخي «العدان»، والعدان له ذكر في كتب التاريخ والأدب وله صدى في الشعر العربي، ويبين كتابي: «العدان بين شاطئ الكويت وصحرائها»، الكثير عن تاريخ هذه المنطقة ووصفها بل وتحديدها، ونلاحظ أن غياب الحس التاريخي لدى بعض المسؤولين دفعهم إلى إطلاق اسم العدان على إحدى مناطق محافظة مبارك الكبير فقط، كما أننا إذا نظرنا إلي خارطة الكويت وجدنا فيها عدداً من الأماكن المذكورة فيها وهي قديمة الاسم ولكن الاتجاه العام لطمس تاريخ البلاد ألغاها مثل «عين بغزي» وغيرها.
ثانيا: تسمية أماكن عن طريق نقل أسماء من مناطق أخرى إليها مثل تسمية القرين التي يعرف الجميع أن اسمها منقول من إحدى منطقتين أولاهما على ساحل جون الكويت والأخرى بالقرب من الوفرة.
ثالثا: التسمية بأماكن تتعلق بحروب لم ننتصر فيها، وكأننا نحتفل بذلك مثل الرقعي وهدية، ومعروف أن معركة هدية حصلت سنة 1910 ولم نعد فيها منتصرين، أما الرقعي التي حدثت سنة 1929 فقد كانت بدايتها نصراً ولكن نهايتها خاسرة.
علماً بأن هناك أماكن كثيرة كان فيها النصر حليف الكويت، ولكنها لم تذكر لأسباب لا نعلمها.
رابعا: المقترحات المتتالية حول تغيير الاسماء القائمة مثل ما سمعنا أخيراً من طلب أحد الأشخاص تغيير اسم «العقيلة» وهو اسم قديم لابد من المحافظة عليه. ومع تقديري للشخص المقترح إطلاق اسمه على هذا الموقع، فإننا بالإمكان أن نجد موقعاً آخر لا يضر تاريخنا إلغاء اسمه مثل بعض الأسماء المستحدثة الكثيرة التي أُطلقت على بعض الأماكن، حتى لا يكون المقصود من ذلك التغيير هو إيجاد اسم فحسب دون النظر إلى ما وراء الأمر.
خامسا: إطلاق تسميات خاطئة على بعض الأماكن، كما أُطلق اسم «تيماء» على جزء من الجهراء ظناً منهم أن «تيماء» هي الجهراء، وهذا خطأ يقع فيه الكثيرون، والواقع أن «تيماء» كما ذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان: «بليد في أطراف الشام بين الشام ووادي القرى على طريق حاج الشام ودمشق»، وقد سبق لي أن أوردت تحقيقاً لهذا الأمر لا أريد العودة إليه.
هذا عن القسم الأول، أما القسم الثاني فهو ما يتعلق بالمواقع الرئيسية في البلاد، وإذا جئنا ننظر إلى المواقع الداخلية كالشوارع والساحات والفرجان فإننا سوف نجد تضييعاً للمعالم القديمة للعاصمة بدأ من هدم السور، وإزالة بعض المساجد القديمة تحت حجة استبدالها بمساجد في مناطق أخرى، وخلط الفرجان بعضها ببعض بحيث لم يعد أحد يستطيع الاهتداء إلى موضع بيته القديم بسبب ضياع المعالم، مع عدم وجود إشارات تدل على المواقع الرئيسية في العاصمة، نعم إن التغيير كان جارفاً والبعض يرى أنه كان لابد منه، ولكن في مقابل ذلك كان لابد من الاحتفاظ الرمزي بتلك المعالم عن طريق الإشارات وإبقاء المسميات، وهذه بعض الملاحظات حول هذا الموضوع.
أولا: لقد أهملوا أسماء الفرجان القديمة، وكان الأجدر بهم أن يضعوا لها أعلاماً تدل عليها أو أن يسموا بأسمائها الساحات الواقعة في تلك الفرجان بعد إزالتها، وذلك كما فعلوا مع عدد قليل منها، وكانت خطوة سرعان ما تراجعوا عنها فأهملوا تلك الأسماء التي لها علاقة شديدة بأصول المنطقة، بحيث نجد اليوم في تاريخ الكويت عدداً من التفصيلات عن تحركات بعض المسؤولين ولقاءاتهم في عدد من الأماكن، ولكننا لا نستطيع تحديد هذه الأماكن لأننا لم نقم بتثبيت الأسماء القديمة، وما الذي كان يضر الجهة المسؤولة لو وضعت لافتة يكتب عليها عبارة: هذا هو موقع الفريج الفلاني، كما يحدث في الدول المتقدمة التي يشيرون فيها إلى مواقع سكنى علمائهم وفنانيهم وأدبائهم وإن كانوا قد ماتوا منذ زمن بعيد.
ثانيا: تكرار أسماء بعض الشوارع دون داع لذلك، فالمتنبي مثلا له شارعان أحدهما في العاصمة والآخر في خارجها، وعكا في منطقة النزهة وفي منطقة الصليبيخات، وعمرو بن العاص في السالمية وفي الجهراء، وهذا يدل على عدم استقصاء للأسماء عند تسمية الشوارع الجديدة.
ثالثا: تسمية الشوارع بأسماء غير مناسبة، بل وربما معارضة لمصلحة الكويت، مثل إطلاق اسم «ساطع الحصري» على أحد الشوارع في حين أنه كان من أوائل العراقيين المحرضين على الكويت كما ورد في إحدى الوثائق، وكذلك تسمية شارع باسم «نافع بن الأزرق» وهو أحد رؤساء الخوارج الذين لا ينبغي أن نحفل بذكرهم.
رابعا: تسمية الشوارع بأسماء قبائل بعيدة عن سكنى الكويت قديما مثل الأزد وثقيف، وإهمال ذكر قبيلة مثل «بني تميم» التي عاشت على هذه الأرض وتاريخها هنا واضح ومعروف.
خامسا: الخطأ في إطلاق التسمية كما هو حاصل في شارع (أبو اعصيه) الذي سموه أبو العصية، والصليبيخات الذي سموه «الصليبخات»، والمنقف الذي يكتبونه المنجف، وإبراهيم بن الأغلب الذي كتبوه: إبراهيم الأغلب، وكانت أقل مراجعة للأسماء يمكن أن تنقذهم من هذا الخطأ.
سادسا: تسمية أكثر من شارع بأسماء قرى ومدن لبلدان مختلفة، فلم تبق قرية من قرى الوطن العربي، إلا وسمينا بها شارعاً من شوارعنا، على حين لم نعامل بالمثل، ولم تطلق أسماء مدننا على شوارع أي بلد من هذه البلدان، وحتى اسم الدولة يندر ذكره عندهم، ولا أقصد بهذا الكلام الغض من مكانة تلك الدول ولكن مبدأ المعاملة بالمثل، مبدأ معروف به وسائد بين البلدان.
سابعاً: عدم إكمال الأسماء التي تطلق على الشوارع مثل شرحبيل والطائي وأبو عبيدة والمازني، وهذا الأمر لا يحقق الفائدة المقصودة من إطلاق هذ الأسماء، إذ سوف يظل النشء جاهلاً بهؤلاء ما لم تذكر أسماؤهم الكاملة، كما أن الالتباس يحصل فيما إذا كان هناك اشتراك في اللقب بين أكثر من شخص مثل (شارع الثعالبي) في منطقة النزهة، هل هو (عبدالله بن محمد بن إسماعيل صاحب المؤلفات العديدة التي منها كتابه المشهور «يتيمة الدهر» أو هو عبدالعزيز بن إبراهيم، الزعيم التونسي المشهور، الذي زار الكويت قديماً وألقى عدداً من المحاضرات؟) و(شارع الشيباني) في منطقة كيفان، (هل هو المهلب بن أبي صفرة الشيباني أو النابغة الشيباني، أو غيرهما من بني شيبان؟). وقس على ذلك شوارع (غسان) في الدوحة و(لؤي) في الصليبية، و(البكري) في الجهراء، وسواها كثير.
ثامنا: التسمية بأشخاص يعتبرون رموزاً بدولهم وليس لنا، كالشابي وعبدالقادر الحسيني وعبدالكريم الخطابي وعبدالمنعم رياض ومحمد إقبال ولطفي السيد، وغير ذلك مما يقع عليه مبدأ المعاملة بالمثل الذي ذكرنا.
تاسعاً: هناك أسماء ليس من المحبب إطلاقها على شوارعنا لما لها من اتصال غير ملائم ببعض موروثنا الإسلامي الكريم مثل سبأ، وبابل، ومثل خلف الأحمر، ولا يخفى على القارئ أو السامع مدى الارتباط بين هذه الأسماء وبعض المآخذ الدينية عليها.
عاشرا: مع التكرار نجد الخطأ في بعض الأحيان، ففي حولي شارع ربيعة، وفي الفحيحيل شارع بني ربيعة، وكنا نتمنى الكشف عن هذا الأمر الملبس.
هذا، ولن أتحدث عن تسميات الشوارع التي شملت بعض أبناء البلاد وإن كان الأفضل الدقة في الاختيار وعدم الاعتماد على الحاح بعض الأبناء في إطلاق أسماء آبائهم على بعض الشوارع فإن الخضوع إلى مثل هذه الضغوط أدى إلى تسمية بعض شوارعنا بأسماء أناس لم يقدموا لوطنهم خدمة تذكر.
وفي الختام فإنني أدعو إلى تأكيد ضرورة الاهتمام بدراسة الأماكن بأسمائها القديمة وتاريخها والحرص على إقامة هيئة تعليمية تتولى تحضير المؤهلين للقيام بهذا الدور، مع القيام بتنمية الدراسات المتعلقة بكل ما يدور في هذا المجال، وكذلك أرجو أن ينال الحرص على مسمياتنا طريقه إلى المسؤولين بحيث نضمن الحفاظ على تلك المسميات وعدم التفريط بها.
أما أسماء الشوارع فإننا إذا كنا نرى أن اسم الموقع أو الشارع سوف يكون جزءاً من تاريخه فإنه يجب علينا التدقيق في تلك المسميات فهي عنوان البلاد وفيها إشارة إلى بعض تاريخها الذي يجب تأصيله وتوثيقه، وتنمية الوعي لدى الأجيال الناشئة به.


ملاحظة

سوف يكون لنا في العدد القادم من «الوطن» حديث خاص حول الجهود المبذولة في الخارج وبرعاية الأمم المتحدة على الأخص فيما يتعلق بالتسميات، نورده بسبب أهمية الموضوع وبسبب تجاهل الجهات المختصة عندنا له.
جريدة الوطن - 2010/04/13
يعقوب الغنيم

في أسماء الأماكن الكويتية

هذا حديث مر عليه زمن، تحدثت به في سنة 1998م، ومر كغيره من الأحاديث التي يسعى المرء من خلالها إلى تقديم النصح فلا يجد إلا الآذان الصماء التي لا يستحسن أصحابها سماع شيء مفيد، وبعد مضي هذه المدة من الزمن، ومع التجاهل الشديد لما سبق لي ان تحدثت به في تلك السنة، وجدت نفسي أعيد قراءة تلك الأوراق التي اجتهدت في كتابتها غاية الاجتهاد، وعلى الرغم من التجاهل الذي لقيته ممن يعنيهم الأمر، فإنني محصت ما كتبته مرة أخرى، وأزلت شيئا منه، وأضفت شيئا آخر لعل أن تكون في الإعادة إفادة كما كان علماؤنا يعلموننا فيما مضى من الزمان.

***

بدأ الاهتمام بأسماء الأماكن وتحديد مواقعها في جزيرة العرب منذ أصدر الشيخ حمد الجاسر كتابه عن عكاظ في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي الذي تمت طبعته الأولى سنة 1951م، وقدم قبله مقالاته التي نشرها في مجلة الفتح في منتصف الأربعينيات، ومثله محمد بن عبدالله بليهد الذي أصدر كتابه صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار.
وكانت قد صدرت في الفترة نفسها بعض الكتب القديمة المحققة التي كانت تشير إلى تلك الأماكن وتبين إلى حد ما صفتها وموقعها وما يكون قد مر عليها من أحداث. ثم تنامى هذا الجهد المهم فظهرت كتب لعدد من العلماء في الموضوع نفسه، منهم الشيخ عبدالله بن خميس، وغيره. أما في الكويت فكان الاهتمام بهذا الأمر من الجهود التي تذكر للمرحوم الأستاذ أحمد البشر الذي بدأ - في الخمسينيات أيضا- الكتابة عن عدد من الأماكن الكويتية مثل كاظمة والمقر والرحية وغيرها. وكان اهتمامه بذلك كبيرا، فجمع له مكتبة فاخرة ضمت الكثير من الكتب التي تفيد في هذا الموضوع، وله تعليقات عليها مفيدة جدا، ولكن أغلبها- للأسف- قد ضاع بسبب أحداث الغزو العراقي الغاشم، وتعرض كتبه للنهب والإتلاف، وهي التي تمثل ذخيرة علمية نافعة أوصى أن تكون بعد مماته تحت رعاية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت.

ولا شك في أن هذا الأمر - وهو الحديث عن الأماكن العربية - مهم جداً ومفيد من عدة نواح، منها الحفاظ على تاريخ الموقع وتاريخ سكانه، وتأصيل كل البقاع العربية التي عاش عليها الآباء والأجداد وتركوا آثارهم بها، وقد تحدثت هنا عن جزيرة العرب التي نحن جزء منها، ولكن باقي المواطن العربية تحتاج إلى مثل هذا الجهد، ففيها أماكن مذكورة في معاجم البلدان ولها أثر في التاريخ العربي الإسلامي، وذكر في الشعر العربي، ويدل تاريخها على حركة الانتقال العربية التي قامت بها تلك الموجات البشرية المنتقلة من جزيرة العرب إلى بقاع الأرض التي عمتها فتوح الإسلام، فهذه الأماكن تحتاج إلى تحقيق وعناية، وينبغي لسكانها الحاليين من أهلنا أن يقوموا بما ينبغي عليهم تجاهها مثل الذي تم من عمل، وبذل من جهد في تحقيق وتأريخ المواقع الكائنة في جزيرة العرب.

ولعل الأمر يدفعني الآن إلى أن أتقدم باقتراح قد يكون له أثره في نماء هذا النوع من البحث وتطوره بحيث يكفل له مرجعاً يسنده، يضمن به تقدم العمل في هذا المجال، وتأهيل العدد المناسب من الباحثين في هذا الحقل بحيث يتبنون خدمته عن حب فيه ورغبة نابعة من حبهم لأوطانهم التي تتطلب منهم العمل من أجلها.

واقتراحي هذا يتضمن: إنشاء علم مستقل يسمى علم الأماكن ينهض بالدراسات المتعلقة بهذا الموضوع، ويهيئ الباحثين ويؤهلهم للقيام بأبحاثهم، ويتيح لهم المصادر التي يستقون منها معلومات على اختلاف أنواعها.
وأرى أن الخطوة الأولى إلى قيام هذا التخصص العلمي المأمول تتمثل في عقد ندوة علمية تضم كافة المهتمين بهذه الأبحاث، وتضع الأسس العلمية والفنية التي يقوم عليها هذا التخصص الجديد، وتشرك الجامعات في عملها هذا حتى نجد فيها موضعا له فهو جدير بكل اهتمام وعناية.
ولا يفوتني أن أذكر أن هذا العلم المقترح لابد أن يتهيأ له مايلي:

-1 رغبة قوية عند الدارسين، وحب جارف للعمل العلمي في مجال الأماكن.

-2 مكتبات شاملة تحتوي على الكتب وعلى التسجيلات الصوتية والمرئية في هذا المجال.

-3 الاستفادة من الجهود التي بذلها السابقون من أمثال من ذكرتهم سالفاً لفتح الآفاق أمام الباحثين.

وأستبق البحث في موضوع هذا العلم، فأقول: إن الطالب في هذا التخصص لابد وأن يحصل على ثقافة موسوعية تفتح له الآفاق عند قيامه بالعمل المطلوب، فلابد لهذا الطالب من أن يدرس اللغة والأدب والجغرافيا والتاريخ والفلك، فضلاً عن النبات الذي له دلالاته على الأماكن ومعرفته مفيدة للباحث في هذا المجال.
وقد يقول البعض إن هذا العلم غير جديد، فهو علم الجغرافيا، وأرد أن هذا العلم قد تدخل فيه الجغرافيا كما ذكرت سالفاً ولكنه أعم منها فيما يتعلق بدراسة الأمكنة، ففي دراسة المكان حديث عن صفاته، وتحديد موقعه وذكر سكانه على مر العصور، وذكر للحياة الاجتماعية والثقافية التي كانت سائدة بين أولئك السكان، وكل ما يتعلق بالمكان تحديداً باعتباره وحدة متكاملة، وهو عملية إحياء لذكر أماكن بعضها دارس، وبعضها موجود، ولكن التغيير نقله عن أصله إلى طور آخر مختلف.

وأنا بعد ذلك آمل أن يأخذ هذا الاقتراح طريقه إلى النفوس أولاً ثم إلى التنفيذ ثانيا، لما أعلق عليه من أهمية في معرفة الكثير عن الأماكن وربط الحديث منها بالقديم اسماً وتاريخا، مع الوصف والتحديد، والدراسة الاجتماعية المستفادة من ذكر الناس الذين مروا عليها، والأدبية المستفادة من ذكر عدد من الأدباء والشعراء الذين تحدثوا عنها في إنتاجهم، إلى غير ذلك من مجالات الانتفاع بهذا العلم المقترح.
هذه مقدمة، أما الموضوع الذي أقدمه هنا فهو قريب الصلة بما تقدم، ومن المستحسن أن يكون له عنوان هو «أسماء الأماكن الكويتية ومحاولات مسخها». وهو اسم يدل على مدى تأثري بما أشاهده من تضارب ومن تغيير مستمر لأسماء المواضع في الكويت مما يمحو أصالة الموقع التاريخية ويزيل أثر ارتباط اسمه به على مر الزمان.

ولا شك عندي في أن اسم المكان لابد وأن يعتبر جزءاً منه وأثرا من آثاره، فكما تعنى الدول بالحفاظ على آثارها فهي تعنى بأسماء مواقعها وتحافظ عليها، وأول ما سعى إليه الغازي العراقي البغيض لديارنا هو محاولته إزالة بعض الأسماء وإطلاقه أسماء أخرى بديلة حتى يطمس الأثر التاريخي المعنوي لمناطقنا التي وقعت تحت احتلاله. أما في خارج الكويت فنجد ذلك واضحاً عند العدو الصهيوني الذي قام بتغيير الكثير من الأسماء العربية الصميمة لكثير من المواقع الفلسطينية ووضع بدلاً منها أسماء استمدها من تاريخه رغبة منه في محو الهوية العربية لهذه البلاد، وإشعاراً للعالم بالحق المزعوم له في أرض فلسطين.
ومن هذا المنطلق فإن حديثنا عن أسماء المواقع له ما يبرره، وله كذلك أهميته وارتباطه القوي بتاريخنا ووطننا- وسوف أقسم حديثي إلى قسمين: أولهما عن أسماء المواقع الكويتية المختلفة، والثاني عن أسماء الشوارع الكويتية التي لأسمائها من الأهمية ما لأسماء المواقع السكنية وغير السكنية.

فأما القسم الأول: وهو الخاص بأسماء المواقع في الكويت، فلدينا عدد منها لا يزال يحتفظ باسمه القديم وإن شاب بعضها تحريف بسيط، عندنا كاظمة وأوارة والرحا والسيدان والطويل والضباعية وأم قصبه والعدان والوفرة وتياس وحومان، وغيرها من الأماكن التي تم الاستدلال على مواقعها نتيجة للدراسة المتأنية لكل موضع على حدة، وكذلك بالاهتداء إليه عن طريق ما ذكر من أماكن مقاربة له، أو ما شهد به الشعر العربي المحفوظ أو الأقوال الأدبية التي حفظها أصحاب كتب معالجم البلدان.

ومن هنا نجد أن أسماء هذه الأماكن وغيرها مما لم نذكر أصبحت أثراً من الآثار، ودلالة على ارتباط هذا الموقع بعدد من السمات التاريخية والأدبية القديمة، لذا فإن الاحتفاظ بها والحرص على عدم إضاعتها له ما يبرره بل ما يوجبه.
ولكننا إذا عدنا اليوم إلى واقع هذه الأماكن، فإننا - للأسف الشديد- سوف نجد إهمالاً قد يكون متعمداً لهذا الأمر، إن لم نقل إنه نتيجة لعدم إدراك ما لهذه الأسماء من أهمية في تاريخنا، وصحب ذلك عدد من الأمور التي شابت تسمية بعض الأماكن المستجدة، فألصقت بها أسماء لنا عليها كثير من الملاحظات، وسوف نجمل ذلك فيما يلي:

أولا: - إهمال الأسماء القديمة واستبدال أسماء أخرى بها مثل منطقة شامان التي أطلق عليها اسم غرناطة، وشامان اسم قديم يعرفه الكويتيون منذ زمن بعيد، وكان متنزهاً لهم يأتون إليه في أيام الربيع لقضاء بياض يومهم بين ربوعه حين كان مليئاً بالأعشاب والأزهار البرية حتى إننا لنظن أن اسمه إنما جاء على سبيل التشبيه ببلاد الشام، التي يعلم أهلنا السابقون ما فيها من جنات الدنيا آنذاك، وقد عرفوا ذلك منذ القدم بسبب الاتصال الدائم مع دمشق وحلب وغيرهما من بلاد الشام للتجارة وتبادل السلع وبخاصة تجارة الجمال التي اجتازوا بها بلاد الشام إلى مصر، كما هو معروف في تاريخ الكويت، ومن الأمكنة التي تخلت البلاد عن اسمها التاريخي «العدان»، والعدان له ذكر في كتب التاريخ والأدب وله صدى في الشعر العربي، ويبين كتابي: «العدان بين شاطئ الكويت وصحرائها»، الكثير عن تاريخ هذه المنطقة ووصفها بل وتحديدها، ونلاحظ أن غياب الحس التاريخي لدى بعض المسؤولين دفعهم إلى إطلاق اسم العدان على إحدى مناطق محافظة مبارك الكبير فقط، كما أننا إذا نظرنا إلي خارطة الكويت وجدنا فيها عدداً من الأماكن المذكورة فيها وهي قديمة الاسم ولكن الاتجاه العام لطمس تاريخ البلاد ألغاها مثل «عين بغزي» وغيرها.

ثانيا: تسمية أماكن عن طريق نقل أسماء من مناطق أخرى إليها مثل تسمية القرين التي يعرف الجميع أن اسمها منقول من إحدى منطقتين أولاهما على ساحل جون الكويت والأخرى بالقرب من الوفرة.

ثالثا: التسمية بأماكن تتعلق بحروب لم ننتصر فيها، وكأننا نحتفل بذلك مثل الرقعي وهدية، ومعروف أن معركة هدية حصلت سنة 1910 ولم نعد فيها منتصرين، أما الرقعي التي حدثت سنة 1929 فقد كانت بدايتها نصراً ولكن نهايتها خاسرة.
علماً بأن هناك أماكن كثيرة كان فيها النصر حليف الكويت، ولكنها لم تذكر لأسباب لا نعلمها.

رابعا: المقترحات المتتالية حول تغيير الاسماء القائمة مثل ما سمعنا أخيراً من طلب أحد الأشخاص تغيير اسم «العقيلة» وهو اسم قديم لابد من المحافظة عليه. ومع تقديري للشخص المقترح إطلاق اسمه على هذا الموقع، فإننا بالإمكان أن نجد موقعاً آخر لا يضر تاريخنا إلغاء اسمه مثل بعض الأسماء المستحدثة الكثيرة التي أُطلقت على بعض الأماكن، حتى لا يكون المقصود من ذلك التغيير هو إيجاد اسم فحسب دون النظر إلى ما وراء الأمر.

خامسا: إطلاق تسميات خاطئة على بعض الأماكن، كما أُطلق اسم «تيماء» على جزء من الجهراء ظناً منهم أن «تيماء» هي الجهراء، وهذا خطأ يقع فيه الكثيرون، والواقع أن «تيماء» كما ذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان: «بليد في أطراف الشام بين الشام ووادي القرى على طريق حاج الشام ودمشق»، وقد سبق لي أن أوردت تحقيقاً لهذا الأمر لا أريد العودة إليه.
هذا عن القسم الأول، أما القسم الثاني فهو ما يتعلق بالمواقع الرئيسية في البلاد، وإذا جئنا ننظر إلى المواقع الداخلية كالشوارع والساحات والفرجان فإننا سوف نجد تضييعاً للمعالم القديمة للعاصمة بدأ من هدم السور، وإزالة بعض المساجد القديمة تحت حجة استبدالها بمساجد في مناطق أخرى، وخلط الفرجان بعضها ببعض بحيث لم يعد أحد يستطيع الاهتداء إلى موضع بيته القديم بسبب ضياع المعالم، مع عدم وجود إشارات تدل على المواقع الرئيسية في العاصمة، نعم إن التغيير كان جارفاً والبعض يرى أنه كان لابد منه، ولكن في مقابل ذلك كان لابد من الاحتفاظ الرمزي بتلك المعالم عن طريق الإشارات وإبقاء المسميات، وهذه بعض الملاحظات حول هذا الموضوع.

أولا: لقد أهملوا أسماء الفرجان القديمة، وكان الأجدر بهم أن يضعوا لها أعلاماً تدل عليها أو أن يسموا بأسمائها الساحات الواقعة في تلك الفرجان بعد إزالتها، وذلك كما فعلوا مع عدد قليل منها، وكانت خطوة سرعان ما تراجعوا عنها فأهملوا تلك الأسماء التي لها علاقة شديدة بأصول المنطقة، بحيث نجد اليوم في تاريخ الكويت عدداً من التفصيلات عن تحركات بعض المسؤولين ولقاءاتهم في عدد من الأماكن، ولكننا لا نستطيع تحديد هذه الأماكن لأننا لم نقم بتثبيت الأسماء القديمة، وما الذي كان يضر الجهة المسؤولة لو وضعت لافتة يكتب عليها عبارة: هذا هو موقع الفريج الفلاني، كما يحدث في الدول المتقدمة التي يشيرون فيها إلى مواقع سكنى علمائهم وفنانيهم وأدبائهم وإن كانوا قد ماتوا منذ زمن بعيد.

ثانيا: تكرار أسماء بعض الشوارع دون داع لذلك، فالمتنبي مثلا له شارعان أحدهما في العاصمة والآخر في خارجها، وعكا في منطقة النزهة وفي منطقة الصليبيخات، وعمرو بن العاص في السالمية وفي الجهراء، وهذا يدل على عدم استقصاء للأسماء عند تسمية الشوارع الجديدة.

ثالثا: تسمية الشوارع بأسماء غير مناسبة، بل وربما معارضة لمصلحة الكويت، مثل إطلاق اسم «ساطع الحصري» على أحد الشوارع في حين أنه كان من أوائل العراقيين المحرضين على الكويت كما ورد في إحدى الوثائق، وكذلك تسمية شارع باسم «نافع بن الأزرق» وهو أحد رؤساء الخوارج الذين لا ينبغي أن نحفل بذكرهم.

رابعا: تسمية الشوارع بأسماء قبائل بعيدة عن سكنى الكويت قديما مثل الأزد وثقيف، وإهمال ذكر قبيلة مثل «بني تميم» التي عاشت على هذه الأرض وتاريخها هنا واضح ومعروف.

خامسا: الخطأ في إطلاق التسمية كما هو حاصل في شارع (أبو اعصيه) الذي سموه أبو العصية، والصليبيخات الذي سموه «الصليبخات»، والمنقف الذي يكتبونه المنجف، وإبراهيم بن الأغلب الذي كتبوه: إبراهيم الأغلب، وكانت أقل مراجعة للأسماء يمكن أن تنقذهم من هذا الخطأ.

سادسا: تسمية أكثر من شارع بأسماء قرى ومدن لبلدان مختلفة، فلم تبق قرية من قرى الوطن العربي، إلا وسمينا بها شارعاً من شوارعنا، على حين لم نعامل بالمثل، ولم تطلق أسماء مدننا على شوارع أي بلد من هذه البلدان، وحتى اسم الدولة يندر ذكره عندهم، ولا أقصد بهذا الكلام الغض من مكانة تلك الدول ولكن مبدأ المعاملة بالمثل، مبدأ معروف به وسائد بين البلدان.

سابعاً: عدم إكمال الأسماء التي تطلق على الشوارع مثل شرحبيل والطائي وأبو عبيدة والمازني، وهذا الأمر لا يحقق الفائدة المقصودة من إطلاق هذ الأسماء، إذ سوف يظل النشء جاهلاً بهؤلاء ما لم تذكر أسماؤهم الكاملة، كما أن الالتباس يحصل فيما إذا كان هناك اشتراك في اللقب بين أكثر من شخص مثل (شارع الثعالبي) في منطقة النزهة، هل هو (عبدالله بن محمد بن إسماعيل صاحب المؤلفات العديدة التي منها كتابه المشهور «يتيمة الدهر» أو هو عبدالعزيز بن إبراهيم، الزعيم التونسي المشهور، الذي زار الكويت قديماً وألقى عدداً من المحاضرات؟) و(شارع الشيباني) في منطقة كيفان، (هل هو المهلب بن أبي صفرة الشيباني أو النابغة الشيباني، أو غيرهما من بني شيبان؟). وقس على ذلك شوارع (غسان) في الدوحة و(لؤي) في الصليبية، و(البكري) في الجهراء، وسواها كثير.

ثامنا: التسمية بأشخاص يعتبرون رموزاً بدولهم وليس لنا، كالشابي وعبدالقادر الحسيني وعبدالكريم الخطابي وعبدالمنعم رياض ومحمد إقبال ولطفي السيد، وغير ذلك مما يقع عليه مبدأ المعاملة بالمثل الذي ذكرنا.

تاسعاً: هناك أسماء ليس من المحبب إطلاقها على شوارعنا لما لها من اتصال غير ملائم ببعض موروثنا الإسلامي الكريم مثل سبأ، وبابل، ومثل خلف الأحمر، ولا يخفى على القارئ أو السامع مدى الارتباط بين هذه الأسماء وبعض المآخذ الدينية عليها.

عاشرا: مع التكرار نجد الخطأ في بعض الأحيان، ففي حولي شارع ربيعة، وفي الفحيحيل شارع بني ربيعة، وكنا نتمنى الكشف عن هذا الأمر الملبس.

هذا، ولن أتحدث عن تسميات الشوارع التي شملت بعض أبناء البلاد وإن كان الأفضل الدقة في الاختيار وعدم الاعتماد على الحاح بعض الأبناء في إطلاق أسماء آبائهم على بعض الشوارع فإن الخضوع إلى مثل هذه الضغوط أدى إلى تسمية بعض شوارعنا بأسماء أناس لم يقدموا لوطنهم خدمة تذكر.
وفي الختام فإنني أدعو إلى تأكيد ضرورة الاهتمام بدراسة الأماكن بأسمائها القديمة وتاريخها والحرص على إقامة هيئة تعليمية تتولى تحضير المؤهلين للقيام بهذا الدور، مع القيام بتنمية الدراسات المتعلقة بكل ما يدور في هذا المجال، وكذلك أرجو أن ينال الحرص على مسمياتنا طريقه إلى المسؤولين بحيث نضمن الحفاظ على تلك المسميات وعدم التفريط بها.

أما أسماء الشوارع فإننا إذا كنا نرى أن اسم الموقع أو الشارع سوف يكون جزءاً من تاريخه فإنه يجب علينا التدقيق في تلك المسميات فهي عنوان البلاد وفيها إشارة إلى بعض تاريخها الذي يجب تأصيله وتوثيقه، وتنمية الوعي لدى الأجيال الناشئة به.


ملاحظة

سوف يكون لنا في العدد القادم من «الوطن» حديث خاص حول الجهود المبذولة في الخارج وبرعاية الأمم المتحدة على الأخص فيما يتعلق بالتسميات، نورده بسبب أهمية الموضوع وبسبب تجاهل الجهات المختصة عندنا له.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من أحاديث اللهجة الكويتية - يعقوب الغنيم AHMAD التاريـــخ الأدبي 1 03-06-2010 09:49 AM
أسماء الأمكنة - يعقوب الغنيم AHMAD جغرافية الكويت 0 21-04-2010 01:30 AM
التشابه في أسماء الأماكن بين الكويت وباقي أطراف الجزيرة العربية -عبدالله الغنيم AHMAD جغرافية الكويت 9 13-01-2010 09:55 PM
العلاقات الكويتية العمانية القديمة - يعقوب الغنيم AHMAD المعلومات العامة 18 26-11-2009 02:07 AM
الأماكن الكويتية في كتاب »معجم البلدان« لياقوت الحموي (يعقوب الغنيم ) AHMAD جغرافية الكويت 0 26-11-2008 12:46 AM


الساعة الآن 12:43 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت