راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > المعلومات العامة
 
 

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-02-2012, 02:02 PM
مؤرخ كويتي مؤرخ كويتي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2012
المشاركات: 27
افتراضي النسخة كاملة لمقال زعماء تجارة السلاح في الكويت (معرفي وماتقي)

في البداية اشكر جريدة القبس والأخ حمزة عليان على اتاحة الفرصة لي ولغيري من المؤرخين لتسليط الضوء على مالم يتم تسجيله في تاريخ بلدنا الحبيب. ولكن يبدو ان ضيق المساحة لجريدة القبس لم تستطع الاخيرة نشر المقال لزعماء تجارة السلاح في الكويت بالكامل. وانني هنا لا أعتب عليهم ولكن اهمية توضيح السرد التاريخي لكيفية وصول السلاح للمنطقة امرا مهما. لذا
اعتقد انه من المهم وضع المقال بالكامل ليتسنى للمهتمين بالتاريخ ان يقرأوها بشكل كامل وأدق.



زعماء تجارة السلاح في الكويت: معرفي وماتقي




يعلم الكثير من أهل الكويت - وفقا للروايات الشفهية - عن شهرة كل من عائلة معرفي (محمد رفيع) وعائلة ماتقي (محمد تقي) الكرام في تجارة السلاح في الكويت ودورهم في تأمينها للشيخ مبارك الصباح أثناء عهده. بل ان عائلة ماتقي مازالوا يحتفظون بالكثيرمن الوثائق للمرحوم نجف بن غالب وأخيه المرحوم محمد تقي نشرت بعضا منها عن طريق الأخ الفاضل والصديق نجف عبدالرحيم بن غالب في جريدتي الوطن والقبس من قبل. (انظرالقبس عدد 13125 والوطن عدد 4269/9823) كذلك بالنسبة لعائلة معرفي فهي مازالت تحتفظ بعينات من بعض البنادق (التفق) للمرحومان محمد علي معرفي وابنه اسماعيل بن محمد على معرفي - التي كانوا يتجارون بها - معلقة داخل ديوان معرفي الواقع في منطقة الدسمة. ولكن ما لايعرفه أهل الكويت والعائلتين أن الوثائق البريطانية سجلت - حروفا من ذهب - في مايقارب 13 وثيقة لبيت معرفي و137 وثيقة لبيت ماتقي توضح دورهم في تهريب والاتجار بالسلاح في الكويت منذ أكثر من مئة عام. وان هذه الوثائق في مجملها تسلط الضوء على دور بعض الرجال من هذه العوائل ليس فقط في تأمين السلاح للشيخ مبارك وعلاقتهم الوطيدة معه انذاك, بل أيضا على احتكارهم لتجارة السلاح في الكويت بشكل خاص ومنطقة شمال الخليج بشكل عام. فكانت تهرب أسلحتهم لمناطق شبه الجزيرة العربية وقطر ودبي ومناطق الساحل الشرقي للخليج المتمثلة في دشتستان وتنقستان وبوشهر وبندر ديلم وبندر معشور وهنديان والمحمرة وغيرها. وان أغلب هذه الوثائق المتوفرة في ملفات مختلفة في المكتبة البريطانية قسم (Asian and African Studies) والتي هي باللغة الانجليزية وقليلا منها بالعربية لم تنشر من قبل. علما بأن عددا قليلا نشر منها باللغة العربية فقط في سلسلة مجلدات "الممثلية السياسية في الكويت: الوثائق العربية 1899-1949" المحررة من قبل دكتورM Asser المتوفرة في مكتبتي الديوان الأميري ومركز البحوث والدراسات الكويتية. وبما أن عدد الوثائق البريطانية - التي لم تنشر- والتي تخص كلا العائلتين كبير وتحتوي على وقائع وقصص كثيرة و مثيرة فانني لا أستطيع تغطيتها جميعا في هذا المقال الموجز بل أحاول قدر المستطاع أن أسلط الضوء على بعضا منها والتي لم تذكر في تاريخ الكويت من قبل ليستفيد منها القراء الكرام.
السلاح والمشروع الامبريالي في الخليج
بدأت عملية الاتجار في السلاح تشد انتباه البريطانين منذ عام 1879-80 لوقوع الحرب الأفغانية والذي أدت الى زيادة الطلب على السلاح في منطقة الخليج بشكل عام فيما بعد. وقد تفاقمت تلك الظاهرة في الكويت بشكل خاص مع بدايات القرن العشرين, أي في عهد الشيخ مبارك الكبير. ففي عام 1881منعت بريطانيا استيراد اواعادة تصديرالسلاح لبلاد فارس ومنطقة الخليج دون موافقتها لأن مثل تلك الأعمال أزعجت حكومة الهند البريطانية وأدت فقدانها على ادارة عملية الاتجار بالسلاح والتحكم فيه بشكل يخدم مصالحها السياسية والاقتصادية. (انظر (Iran in the Persian Gulf vol 2
لذلك زعمت بريطاينا أن عملية تهريب السلاح قد تؤدي الى زعزة أمن منطقة الخليج وبالتالي التأثيرعلى طرق التجارة مابين الهند وبريطانيا الذي بدوره قد يساهم في عدم استقرار أمن المركز الامبريالي الاستعماري لبريطانيا في الهند. ومما زاد خشية بريطانيا من تلك التجارة هي الفترة السياسية الحرجة التي كانت تمر بها المشيخات العربية على الساحل الغربي من الخليج ما بين الربع الأخير من القرن التاسع عشرحتى العقد الثالث من القرن العشرين. اذ صاحبت تلك الفترة مراحل تشكيل المشيخات العربية ومحاولة تثبيت حكام الخليج سيادتهم على الامارات التي يحكمونها والتحول الى دول مدنية حديثة. فخشية بريطانيا وصول السلاح لبعض القوى التي لاتدعمها في المنطقة وخاصة مع وجود الخلافات الحدودية بين تلك الامارات وموقفها من قضايا ترسيم الحدود - المحكمة من قبل بريطانيا - من جهة, وحروب محلية عدائية بين قوى اقليمية في امارات الخليج ومناطق شبه الجزيرة من جهة أخرى, والتي تمثلت في قوة العثمانيين في الاحساء والبصرة وقوة ابن سعود في نجد وخصميه أميرجبل شمر محمد ابن رشيد في حائل والشريف حسين في الحجاز وقوة مبارك الصباح في الكويت ومناوئيه يوسف الابراهيم في الدورق وجاسم بن ثاني في قطر. ناهيك عن الحروب الداخلية بين القبائل العربية من ناحية والصراعات لبعض الأسر الحاكمة في الخليج التي تكرست في البحرين ومناطق شبه الجزيرة والساحل المتصالح (الامارات العربية المتحدة) للوصول الى سدة الحكم. ومما أشعل حدة الصراعات السياسية في المنطقة هو التنافس الدولي البريطاني والروسي- و بشكل أقل- الألماني والفرنسي على الهمينة على منطقة الخليج تجاريا وسياسيا, والذي اعتبر أحد العوامل التي أشعلت فتيل الحرب العالمية الأولى (1914-1918) فأصبحت بعض مناطق الخليج مسرحا للحروب بين القوى المتصارعة. لذلك فان تأمين عملية السلاح - مهما كانت الوسيلة للحصول عليه - أصبحت من الضروريات لحكام المشيخات العربية لتثبيت حكمهم السياسي ولتأمين اماراتهم من الأعداء الداخليين أوالخارجيين المتربصين للاطاحة بهم. كما أن عملية الحصول على السلاح تحظى بنفس الأهمية للقبائل العربية للاستعداد لأي مواجهة عسكرية او ثأرية انتقامية او حتى للغزوات. وقبل الخوض في تفاصيل الدورالذي لعبه رجال عائلتي معرفي و ماتقي في تأمين السلاح لحاكم الكويت يجب التطرق بشكل موجز وسريع عن كيفية وصول السلاح الى منطقة الخليج والهدف منه.
كانت الثورة الصناعية التي بدأت في بريطانيا تحديدا في القرن الثامن عشر من أهم الأحداث الاقتصادية في تاريخ العالم بشكل عام وأوربا بشكل خاص. اذ صاحبت هذه الثورة تغيرات في جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية للمجتمعات الأوربية والتي بدورها لاقت نفس التأثيرعلى باقي أقطار العالم في مرحلة لاحقة. فظهرت مصانع مختلفة تنتج بضائع ومعدات متنوعة من ضمنها السلاح والذخائرلبيعها للسوق الأوربي المحلي والسوق العالمي. وعالرغم من ان القوى العالمية المتمثلة في القوى البرتغالية والهولندية والبريطانية والفرنسية قد سبقت هذا الحدث قرابة القرنين من الزمن في تدشين مشروعها الامبريالي الاستعماري في مناطق جنوب غرب اسيا وافريقيا ومنطقة الخليج, الا أن هذه الثورة بأدواتها ومعداتها الثقيلة ساهمت بدفع قوي وفعال لمشروع التوسع الامبريالي والرأسمالي للامبراطوريات الغربية في العالم أجمع. فقد كانت المناطق التي تتسم بطابع حركة تجارية نشطة ومستمرة ولديها موارد طبيعية وموقع جغرافي استراتيجي كمنطقة الخليج وضواحيها مثل الدول المعروفة حاليا (ايران والعراق وعمان واليمن) أحد وجهات تلك القوى التوسعية. اذ جاءت الامبراطورية البريطانية المتمثلة في شركة الهند الشرقية الانجليزية في بدايات القرن السابع عشر بعد القوى البرتغالية والهولندية للسيطرة على طرق التجارة فيما بين المحيط الهندي مرورا بالخليج وقناة السويس فالبحر المتوسط لتوسع تجارتها في الخليج والذي يعتبرهمزة الوصل بين قارتي الشرق والغرب وسوق لتصريف البضائع الأوربية الجديدة. حيث استطاعت بريطانيا أن تسيطرعلى منطقة الخليج وتبعد منافسيها لتنفرد بالمشروع الامبريالي الرأسمالي في المنطقة. وبعد تحول الهدف الاقتصادي للقوى البريطانية الى مشروع امبريالي سياسي, صاحب معه تحول شركة الهند الشرقية الانجليزية الى حكومة سياسية بريطانية رسمية في عام 1858م تمكنت بريطانيا من وضع مقيمها الدائم في بوشهر ووكلائه المنتشرين في أغلب امارات ومناطق ساحلي الخليج الشرقي والغربي منه. حيث استطاعت حكومة الهند الاستعمارية أن تنفرد بالصدارة والسطيرة الكاملة على منطقة الخليج منذ عام 1880 لتصبح كالرجل البوليسي في المنطقة. جاء ذلك بعد ربط شيوخ الخليج مثل حكام الساحل المتصالح (أو المهادن) والبحرين وعمان بسلسلة من المعاهدات تحت ذريعة أنها متعلقة بالشؤون "الأمنية" و"الحقوقية الانسانية" للمنطقة كمعاهدات تحريم القرصنة البحرية في عام 1820 والتي تم تجديدها في 1853 واتفاقيات تجريم وتحريم الاتجار بالرقيق في الأعوام 1822 و1839 و1845 مع عمان و1820 و1839 و 1847 و1856 مع شيوخ الساحل المتصالح و في 1820 و1847 و1856 مع البحرين. (انظر Aitchison في A Collecting of Treaties) ومع تفشي تجارة تهريب السلاح في الخليج انذاك وبالتحديد بين مسقط والكويت والأخيرة ومناطق أخرى مثل نجد والبصرة وقطر ودبي وموانئ جنوب غرب بلاد فارس أبرمت بريطانيا معاهدات تجريم تهريب السلاح والاتجار فيه مع حكام المشيخات العربية. حيث كانت مثل تلك المعاهدات المصنفة تحت اطار "أمني و حقوقي انساني" ماهي الا مقدمة لعقد معاهدات سياسية مع أغلب المشيخات العربية الذي تمت مع البحرين في عامي 1880 و1892م والساحل المتصالح في عام 1888م والكويت في عام 1899م ونجد والاحساء في عام 1915م وقطرفي عام 1916م. (انظر James Onley فيThe Arabian Frontier ) وبتلك المعاهدات وضعت المناطق المذكورة تحت الحماية البريطانية لحمايتها من الأخطار الخارجية من جهة كما "شرعنت" الأخيرة وجودها في المنطقة كجزء من المخطط السياسي للسيطرة على الخليج ومقدراته من جهة أخرى. وعالرغم من أن بريطانيا استطاعت اضفاء الصبغة الشرعية وتبرير وجودها في المنطقة ضد أي قوى اقليمية وعالمية منذ بدايات القرن العشرين حتى الانسحاب الكلي عام 1871م الا أن دورها في تشكيل المشيخات العربية وتحويلها من امارات الى دول مدنية حديثة مستقلة لا يمكن انكاره.
مسقط وتهريب السلاح
اعتبرت مسقط مع ظهور تجارة السلاح في الخليج المقرالرئيسي والسوق الأول لتصديرالسلاح الغربي من موانئ بريطانية مثل كاردف ومانشستر ولندن ونيوبورت ودوفر وفولكيستون في بريطانيا ومدن مثل مرسيليا في فرنسا ودول مثل المانيا وبلجيكا ورومانيا. (انظر L/PS/7/198 وIran in the Persian Gulf vol 2) فقد كانت هناك العديد من العوامل التي جعلت مسقط بؤرة للسوق الأوربي أهمها موقعها الجغرافي المتميز وقربها من مناطق توجد فيها اضطرابات وصراعات قبلية وقلاقل سياسية مثل بلوشستان وافغانستان وساحلي بلاد فارس والمتصالح. كما أن وجود قوى مناوئه لبريطانيا كالفرنسية وغيرها لتوسع التجارة بجميع أنواعها بحكم المعاهدات التجارية بين حاكم مسقط والقوى الأوربية أعطت بدورها حرية لدخول وخروج بضائع مختلفة. (انظر فاطمة الفريحي , تجارة السلاح). فعلى سبيل المثال في عام 1902-03 صدرت أسلحة وذخائر فرنسية وبريطانية الى مسقط بقيمة 433,990 دولار وزادت في العام الذي يليه 1903-04 الى 861,890 دولار واستمرت مسقط تستورد ذخائر وأسلحة بشكل متفاوت حتى عام 1906 ولكنها لم تتوقف بعد ذلك التاريخ. (انظر L/PS/7/198) ولمحاولة تقييد مثل تلك "الحرية التجارية" والحد من انتشار تهريب السلاح عقدت بريطانيا سلسلة من الاجراءات والمعاهدات مع المشيخات العربية بما فيها الكويت لمنع الاتجار بالسلاح. فألزمت بريطانيا بالتعاون مع حكومة بلاد فارس أغلب المشيخات العربية بالموافقة لها على تفتيش السفن المشكوك فيها الداخلة والخارجة في بنادر مختلفة في منطقة الخليج. فتعهد مبارك الصباح بمنع دخول السلاح الى الكويت وخروجه في 24 مايو عام 1900. كما أعطى في نفس التاريخ الحق للحكومة البريطانية بتفتيش السفن الكويتية أيا كانت موقعها ما بين الخليج والهند ومصادرة السلاح من قبل بيت المال او الحكومة البريطانية والقبض على المسؤولين عن هذه العمليات. (انظر R/15/5/45 ( ورغم أن مبارك الصباح ناور البريطانيين سياسيا - كما فعل قبل عقد معاهدة 1899- وتعهد ظاهريا بمساعدة البريطانيين في منع تجارة السلاح بتوقيعه تلك الاتفاقيات الا أنه استمرفي البداية في تهريب الأسلحة وطلبها من نجف بن غالب بشكل كبير واسماعيل بن محمد معرفي بشكل أقل في بداية القرن العشرين كما توضح الوثائق البريطانية ودفتر حسابات بن غالب ومراسلات مبارك الصباح مع بن غالب المتوفرة في الأرشيف الشخصي لابن غالب. والجدير بالذكر أن دخول السلاح الى الكويت كان يعتبرأحد مصادر الدخل للشيخ وبذلك فان منع مثل هذه التجارة تفقده أحد أهم موارده المالية الرئيسية الى جانب ايرادات النخيل التي يملكها في الفاو والفداغية والراتب الذي يتقاضاه من الحكومة البريطانية, وغيرها من ضرائب بسيطة على الدكاكين وسفن الصيد والغوص. فكانت تهرب الأسلحة في سفن نقل الماء وسفن صيد الأسماك والغوص على اللؤلؤ وكانت أغلب السفن تحمل العلم الفرنسي لتفادي تفتيشها. فقد كان بوم بيت ماتقي الذي قبض عليه من قبل السلطات البريطانية لأنه كان يحمل أسلحة ورافعا العلم الفرنسي في عام 1910 أحد الأمثلة التي توضح استمرار تجار الكويت في تهريب السلاح. (انظر R/15/5/45)
وللحد من تلك التجارة أقامت بريطانيا أيضا مؤتمرا في بروكسل 1908-09 لمحاولة التقريب في الاراء مابين القوى الغربية مثل ايطاليا وهولندا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والتعاون لمنع تجارة السلاح الا أن هذا الاجتماع لم يحظ بالنتيجة المرجوة لمعارضة فرنسا وسوء ظنها في حكومة الهند البريطانية. أما اخر اجراء قامت به بريطانيا لمحاولة وقف تجارة تهريب السلاح هو الحصار البحري الذي تم عام 1910 حول ساحل مكران ولمدة عام لمراقبة حركة سير السفن المحملة بالسلاح, غير أن مثل تلك العملية كانت مكلفة ماليا ففك الحصار وفشلت جميع مساعي بريطانيا لوقف عملية الاتجار بالسلاح. (انظر Iran in the Persian Gulf vol 2)
ومع هذا الضغط البريطاني على الشيخ مبارك بدأ الأخير يلتزم نوعا ما "بالقوانين البريطانية" لمحاولة كسب رضا وود البريطانيين ويطلب السلاح عن طريق بن غالب ومحمد اسماعيل بعد موافقة المقيم البريطاني في بوشهر. وكان المقيم لايرخص لمبارك في كل مرة يطلب فيها سلاح وخاصة أن الأخير كان دائما يبرر طلبه للسلاح على أنها أساسية "للاحتياج المحلي" والتسليح الداخلي وتزويد القوات العسكرية لحماية الكويت من اي خطر من الجهات البرية. كما كان مبا رك يبرر بأنه يمد القوافل البرية الكويتية بالسلاح الخارجة الى نجد للتجارة تحسبا لأي هجوم قبلي عليها. وكان الأمر كذلك بالنسبة للسفن الكويتية فكان التجار دائما يحملون معهم في سفنهم أعدادا من (التفق) لحماية أنفسهم من أي اعتداء او قرصنة بحرية فتعطى لهم ورقة الاجازة للأخشاب (أي السفن) في حمل السلاح لأجل محافظة على النفوس (أي الأرواح) وتسمى في بعض الأحيان (ورقة pass). وهذا ماحدث لابن غالب واسماعيل معرفي فكان يعطى لهم نفس التصريح لاستيراد أسلحة للشيخ مبارك في السنوات الأخيرة من عهده. فعلى سبيل المثال أعطي نوخدة عباس علي ورقة تصريح لحمل السلاح لمركب فتح الخير المملوك لابن غالب في عام 1913, وأعطيت نفس الاجازة لنوخدة صادق ابراهيم بنفس المركب ولنفس الغرض في عام 1910. (انظرR/15/5/49 و R/15/5/46)
الكويت مركز لتجارة السلاح في شمال الخليج
عالرغم من عدم وجود مركز رئيسي وعلني مماثل لمسقط في الجهة العلوية الشمالية من الخليج لتجارة السلاح, استطاع تجار أسلحة الكويت أمثال نجف بن غالب وأخيه محمد تقي (ماتقي), وابنه الأول عبدالحسين تقي, وابنه الثاني محمد حسن محمد تقي, وزوج شقيقة محمد تقي المعروف بعوض بن محمد, وأحد أقرباء محمد تقي الملقب بملاعبود, ومحمد علي معرفي وابنه اسماعيل بن محمد على معرفي, ومحمد حسين بهبهاني, واخرون مثل يوسف كازروني ومحمد علي الملقب ب (مدو), وحجي ميرزا حسين نجفي أصفهاني أن يجعلوا من الكويت "مسقط" ثانية في شمال الخليج في نهاية العقد الأول من القرن العشرين. وللتدليل على ذلك يشيرأحد تقاريرالوكيل البريطاني في الكويت عام 1910 على أن "السلاح في الوقت الحالي يباع في الكويت بشكل علني ولم يعد بالخفاء. وأن هناك الكثير من المحلات الجديدة فتحت لبيع السلاح" (انظر R/15/5/45). كما يؤكد تقريراخر في نفس العام المكتوب من الوكيل البريطاني شكسبير أن أكبر ثلاث شركات استيراد للأسلحة يملكها "العجم" المستقرين في الكويت (أي الكويتيون من أصول فارسية) ولديهم ما يقارب9.600 بندقية (تفق) و2.300 حقيبة من الذخائر(فشق), وان الشركات الخمس الباقية هي لأشخاص عرب - لم يعلن أسمائهم - ولديهم مايقارب 3.400 بندقية و6.850 حقيبة من الذخائر, وان "العجم" يمدون الأسلحة لبعض العرب او أصحاب الشركات الأخيرة. وان أغلبيت "العجم" يعتبرون وكلاء يتعاملون مع تجار في مسقط مثل الفرنسي المعروف M Goguyer وميزا حسين وعلي خان و دامودار.(انظر R/15/5/45). وتشير الجداول المسجلة لحركة استيراد وتصدير السلاح في ميناء مسقط من تاريخ 1-4-1905 الى 31-10-1906 والتي تم اعادة تصديرها للكويت على أن هناك 25 عملية استيراد أسلحة نقلت أكثرها للكويت عن طريق سفن بخارية أجنبية في حين حضي كل من عائلتي معرفي وماتقي بعضا من عمليات نقل السلاح. حيث نقل محمد تقي من مسقط الى الكويت 2000 بندقية و200.0000 طلقات نارية في بوم لم يذكر اسمه مابين 23 الى 29 من أغسطس عام 1906. كما قام كل من محمد ماتقي و محمد علي معرفي متعاونين في نقل 4.500 بندقية و 1500حقيبة من الذخائر الى الكويت في بوم أيضا لم يذكر اسمه مابين 15 الى 28 فبراير 1906. (انظر L/PS/7/198) وبما أن هناك وثائق أخرى توضح أن كل من العائلتين يملكون أبواما بأسماء مختلفة مثل فتح الخير والهاشمي وغيرها فاننا نستنج أنهما نقلا تلك البضائع عن طريق أبواما يملكونها.
وتوضح وثيقة أخرى المؤرخة عام 1909عدد الأسلحة والذخائر التي يمتلكها عائلتي معرفي وماتقي في مخازنهم في الكويت. فتشيرالوثيقة أن محمد تقي يملك في مستودع العائلة 3000 بندقية و300 حقيبة من الذخائر, وأن عوض ابن محمد زوج شقيقة محمد تقي يملك 800 بندقية و 60 حقيبة من الطلقات النارية. كما أن ملا عبود أحد وكلاء ميرزا خان و Goguyer في مسقط بحوزته كمية أقل من قريبه محمد تقي. أما بيت معرفي فقد كانوا يملكون نصيب الأسد في عدد السلاح والذخائر المحتفظة في مستودعهم وعددها 5000 بندقية و1000 حقيبة طلقات نارية. كما كان اسماعيل معرفي بحوزته 600 بندقية و400 حقيبة طلقات نارية استوردها من ميرزا حسين وعلي خان في مسقط على اعتبار أنه وكيلا لهم. ومما يجب الاشارة اليه هو أن هناك القليل من تجار الأسلحة العرب النجديين الذين أيضا كانوا يشترون الأسلحة من تجار بيتي معرفي وماتقي ويتاجرون بالسلاح أيضا أمثال التاجر يوسف الشرجي وصالح الشرجي وناصر بن سويلم و ملاعبالله أتجي وهو أحد وكلاء شركة فرنسية تتاجر بالسلاح, والذي كان أيضا سكرتيرمبارك الصباح قبل خان بهادرملا صالح. (انظرR/15/5/45). لذلك باتت الكويت سوقا رئيسيا - بعد مسقط - تمد جيرانها في مناطق شبه الحزيرة عن طريق القوافل عبر طرق التجارة البرية من جهة الجنوب والجنوب والغربي, ومنطقتي البصرة والزبير والخميسية من جهة الشمال, وعن طريق الأبوام عبر طرق التجارة البحرية لموانئ ساحل بلاد فارس مرورا بمياه الخليج من جهة الشرق او عبر شط العرب من جهة الشمال الشرقي. ويؤكد الكابتن R.T. Watts أحد الموظفين البريطانيين في تقريره بأن السلاح يصدر من الكويت ويهرب عن طريق (الدهو) أي السفينة باتجاهين, الأول وبشكل كبير لموانئ الساحل الفارسي مابين مينائي بندر ديلم ولنجه, والثاني وبشكل أقل الى قطر ودبي. (انظر R/15/5/47)
لهذا بدأ تجار السلاح في سواحل بلاد فارس والنجديين في شبه الجزيرة يقدمون للكويت منذ بدايات القرن العشرين حتى نهاية العقد الثاني من نفس القرن لشراء السلاح خاصة التفق من الأنواع المرغوبة مثل الموزر والمارتيني والبراوننق. فتشير احدى الوثائق البريطانية أن الكثير من الناس والتجار أمثال حسين التنقستاني وعلي التنقستاني وغيرهم يترددون على الكويت قادمين من دشتستان وتنقستان بشكل مستمر في عام 1922 لشراء الأسلحة وتصديرها لتلك المناطق. (انظر R/15/5/47) كما كان النجدييون وبعض القبائل مثل الظفير والعجمان لهم دوركبيرلايمكن اغفاله في نقل الأسلحة من الكويت الى مناطق شبه الجزيرة و الزبيروالبصرة وسوق الخميسية في جنوب العراق. فكانت القبائل عن طريق قوافلها البرية تنقل مابين 400 الى 500 بندقية من الكويت الى العراق شهريا وفقا لأحدى الوثائق. (انظرR/15/5/47 وR/15/5/46) لذلك فان مثل هذه التنقلات البرية والبحرية لتصدير واستيراد الأسلحة في الكويت اعتبرت أمرا مزعجا للبريطانيين الأمر الذي جعل بريطانيا تحذر شيوخ الكويت من الزيارات المستمرة لهؤلاء التجار للكويت والضغط عليهم للتحري عن المشكوك فيهم والقبض عليهم اذا ما ثبت عليهم المشاركة في الاتجار بتهريب السلاح. (انظر السجل العام للديوان الاميري ملف 1, ص21, 30, 37, 76, 83, 93).

العلاقة مع أسرة الصباح
كان كل من اسماعيل معرفي وبن غالب الوكيلين الوحيدين والحصريين للشيخ مبارك الصباح في تهريب وشراء السلاح له من مسقط, خاصة وان بعض الوثائق توضح أنهم تشاركوا في فترات معينة بتهريب السلاح لمبارك الصباح. حيث توضح الوثائق البريطانية أن الشيخ مبارك تعامل مع العائلتين عالرغم من أنه كان يتعامل مع بن غالب بشكل أكثر خاصة اذا قمنا بمقارنة عدد الوثائق البريطانية المسجلة للعائلتين. الأهم من ذلك أنه لولا الثقة المتبادلة بين الشيخ مبارك الصباح وأبناء عائلتي معرفي وماتقي, ولولا العلاقة القوية الممتدة بين أسرة الصباح الكرام وهاتين العائلتين الذي يمتد تاريخ وجودها في الكويت - وفقا للروايات الشفهية - منذ الربع الأخير من القرن الثامن عشرلما تعامل الشيخ مبارك مع هؤلاء التجار.(مقابلة مع موسى معرفي وأخرى مع محمود ماتقي في عام 2011) وقد دللت وأكدت الوثائق البريطانية على تلك العلاقة الوطيدة بين حاكم الكويت والأسرتين. فيقول بيرسي كوكس المقيم البريطاني في الخليج في تقريرعام 1911 ان: "علاقة عائلة معرفي مع الشيخ في تصوري علاقة ودية دائمة, وقد اختيراسماعيل معرفي لشراء السلاح للشيخ من مسقط ليس فقط لمعرفته بالسلاح ولكن وبدون شك لأن الشيخ يضع ثقة كبيرة في هذه العائلة" (انظر R/15/5/45) كذلك الأمر بالنسبة لعائلة ماتقي عندما وصف الشيخ مبارك الصباح وكيله بن غالب في عام 1910 أنه "راعي صنف" في رسالته الموجه الى الوكيل البريطاني في الكويت شكسبير. (انظر R/15/5/49)
ولذلك نستنتج وفقا للوثائق البريطانية والأرشيف المحلي لابن غالب أن الشيخ مبارك كان لايتردد في طلب شراء او تهريب السلاح من كلا العائلتين. فقد اعتمد اعتمادا كليا على تلك العوائل اما أمام البريطانيين او من خلفهم للحصول على السلاح, الأمرالذي ساعد على استتاب الأمن في الكويت وتزويد مبارك بالأسلحة وقت الحروب والظروف الصعبة. وبما أن مثل تلك الحوادث والشواهد كثيرة لايسعني التطرق اليها هنا, نستطيع القول أن الدور الذي لعبه رجال من تلك العائلتين والمخاطرالتي تعرضوا لها كان نابعا من حبهم لأرضهم الكويت ومحاولة الدفاع عنها مهما كلفهم الثمن, لذلك فهم يستحقون على أقل تقدير أن يلقبوا ب "زعماء تجارة السلاح في الكويت".



محمد الحبيب ,طالب دكتوراه , قسم التاريخ ,جامعة رويال هولووي, لندن
m_e_alhabib@yahoo.com
  #2  
قديم 04-03-2012, 12:30 AM
مؤرخ كويتي مؤرخ كويتي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2012
المشاركات: 27
افتراضي تصحيح

تنويه للخطأ الذي وقعت فيه في المقال

فقد تلقيت رسالة عبر بريدي الالكتروني من قبل الدكتور عماد العتيقي

يوضح ان ماذكرته عن عائلة "اتجي" هي في الاساس العتيقي وفعلا

اعترف بالخطأ عندما رجعت لاعادة قرائتها وخاصة انني توقعت انها اتجي

وهي عائلة تحمل نفس الاسم لانها كتبت بالاسبيلنق Atiji وهذا ماجعلني بين انجي والعتيجي

شكرا للاخ عماد ولزم علينا التنويه للامانة التاريخية



تحياتي
محمد الحبيب
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تجارة السلاح في الكويت ( معرفي وماتقي ) AHMAD المعلومات العامة 5 31-05-2012 04:55 PM
غرفة تجارة و صناعة الكويت bo3azeez المعلومات العامة 1 02-11-2010 11:40 AM
غرفه تجارة وصناعة الكويت احمد العمر القسم العام 2 22-10-2010 10:44 PM
تجارة الكويت القديمة - يعقوب الغنيم AHMAD تاريــــــخ الكـويت 1 21-07-2010 05:27 PM
نقعة معرفي وأسماء سفن «الداو» وتاريخها - عبدالاله معرفي AHMAD التاريـــخ البحـــري 2 28-02-2010 04:17 AM


الساعة الآن 11:05 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت