مرزوق الطمار: نحن العوازم زرعنا الكويت من الدسمة إلى الصبيحية
24/10/2009 ولدت في الحصحص واستقررت في الدمنة مرورا بالشامية
مرزوق الطمار: نحن العوازم زرعنا الكويت من الدسمة إلى الصبيحية
مرزوق الطمار
أجرى الحوار: جاسم عباس
الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا من الاثنتين وذاقوا حلاوتيهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح أو بعضا منه. ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم فان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي. «القبس» شاركت عددا من هؤلاء الافاضل والفاضلات في هذه الاستكانة الرمضانية..
في سلسلة «من قديم الكويت» نقلب صفحات الذكريات مع الرعيل الأول من رجالات الكويت الذين تخضرموا في مرحلتي ما قبل النفط وما بعده، وطالما أن الحنين للأيام الخوالي إلى الكويت القديمة، كويت الخير والبركة والحياة الاجتماعية المتألقة هو القاسم المشترك يجمعهم، فمن الانصاف أن نشمل معهم عددا من الوافدين من مختلف الجنسيات التي قدمت إلى الكويت قبل 40 أو 50 سنة فجاهدوا وعملوا، كل في مجالهم، ومازالوا مساهمين في ورشة البناء والتنمية، وما كان ليستمر هذا التواصل والعطاء، لولا محبتهم لهذا البلد الخير ومحبة الكويت وأهلها لهم.
في مستهل لقائنا اليوم مع مرزوق مفرح الطمار العمير قال: أنا من مواليد 1928 ولدت في الحصحص (بنيد القار) حاليا، جاء الاسم لكثرة الحصم الذي يسمى «صلبوخ» كانت غنية بهذه المادة، وكان الحصم يباع بالقدم، حيث يوضع حوض من الخشب ثم يقاس عند البيع، وأراضينا غنية بالحصم، ولدت في عشة تلك الغرفة المغطاة بالبواري والباسجيل، والجنادل، والحصران مثل غيري الذين ولدوا في تلك الفترة، ومنا من ولد في «الكبر» وهو عشة ولكن جوانبها مبنية، كبرت وترعرعت في الدسمة في مزرعة جدي ووالدي، وسميت بهذا الاسم لخصوبة أرضها، سميت قديما منطقة (و) نسبة إلى رمزها التنظيمي على الخريطة، ولكن سكانها عادوا إلى اسمها الأصلي، الدسمة.
بني فيها أول مطار، وهبطت في عام 1932 طائرة تابعة للخطوط البريطانية خلف بوابة البريعصي (الشعب) وهناك من يقول أو ما سمي بمطار بنيد القار، وأتذكر خيمة للموظفين، ولا برج، ولا أضواء، ولا أرضية مبلطة (مدرج)، أنا ابن الفلاليح والحصحص والدسمة.
وفي عام 1950 عندما بلغت من العمر 22 سنة انتقلنا الى منطقة الشامية التي كانت قرية صغيرة تُجلب منها مياه الشرب على الحمير والجمال، فنقلت الماء عبر بوابة الشامية على حمار المشهور بنقله 3 قرب ماء، وكان التقاء القوافل التجارية والحجاج من الكويت الى الشام، ومن ثم انتقلنا الى السالمية وكانت تدعى قديما (الدمنة) القرية الساحلية التي اسسها العوازم «صيادو الأسماك» ارض غنية من دمن الاغنام، كلما صفرنا ارضها فرجت منها الدمنان.
مناطق غنية بالخيرات، ولكن دفنت، وضاعت تحت المشاريع الحضارية.
الغوص
وقال الطمار: والدي -رحمه الله- عمل بالغوص كما غاص العرب من قبل على اللؤلؤ، قال لنا: غصنا لاستخراج الخير من البحر، وضعت «الفطام» على انفي، ومكثت تحت الماء دقائق، وحصلنا على انواع من المحار منها: فصمه، مصفوفه، عيسرين، اصديفي، زنبة، خالوف الخرط..
واضاف: كان والدي يعرف قاع البحر، منه: الرملي، الطيني، او القوع اليابس، وكان يتقن القوقع والحجارة، والدي ركب البقارة والبتيل، والبوم، والجالبوت، والسنبوك، والشوعي، ووالدي هو الغيض الذي جمع المحار واخذ ثلاثة اسهم.
الدانات الفريدة
وقال الطمار: هناك دانات مشهورة حصل عليها الكويتيون، فهذه دانة عمر بن الياقوت، ودانة كبيرة حصل عليها محمد بن مدعج العازمي وباعها وحصل والدي -رحمه الله- على 700 روبية من هذه الدانة المعروفة في تاريخ الكويت بدانة المدعج، ودانة الرفاعي، ودانة الدوب، ووالدي -رحمه الله- ذهب عدة مرات مع الخريش، وكان ينصحنا بالذهاب معه الى المزارع في غير اوقات الغوص فترة الصيف.
صبيحية
واحة في الجنوب بالقرب من برقان تبعد عن الديرة حوالي 32 ميلا وعن الساحل 20 ميلا، ارض سهلة، وهي محطة القوافل المارة من الجنوب الى الشمال، لوالدي في هذه المنطقة ارض زرعناها، وانتجنا فيها البطيخ والرقي والخيار وكثيرا من الورقيات، كانت منطقة يسكنها الكثير من اهل البادية، واخيرا تركنا الصبيحية وعملنا في البناء مع الوسمي والبحوه وعبدالسلام.
الدوبة
وقال: الدوبة من سفن التفريغ مصنوعة من الحديد تنقل البضائع من السفن في عرض البحر الى الميناء والعكس، وانا كنت انقل الرمل من الشويخ في الزبلان (جمع الزبيل) الى الدوبة التي كانت بعيدة عن الساحل بمسافة 50 مترا ويفرغ الرمل في البصرة وعبدان، وكنت امشي على الدوسة، وهي عبارة عن لوح من الخشب يتخذ جسرا متنقلا، وسميت «دوسة» لان العمال يدوسون عليها.
وقال الطمار: كان عمري 15 سنة والمسؤول عنا ابن فرح لمدة سنتين ويوميتنا 16 نات، وعملت ايضا بنقل البضائع لشركة نفط الكويت بواسطة الدوبة، كان معي ابن فلاح، والياقوت، وجاسم بورحمة، والحقيقة جاءنا وقت تعب وكد ومد، واخيرا جاء اناس لا نعرفهم واعتبرهم «لفو»، اي رجال غرباء عن اهلنا وبلدنا لا نعرفهم.
قيادة السيارة
وقال: تعلمت قيادة المركبة عن طريق علي الدوب المدرب المشهور الذي تدرب على يديه كثير من المواطنين، كان بحارا، وصاحب اللؤلؤ الكبير حصل على هذه الدانة عام 1935، وباعها وانتعشت حالته المادية فاشترى سيارة واخذ يدرب عليها، وانا كنت منهم، والذي اخذ عليها «تراي»، اي الاختبار لمدى قدرتي على القيادة -المغفور له- الشيخ سعد العبدالله الصباح في حي القبلي بين السكيك الضيقة، واصطدمت بالعاير (زاوية المنزل من الخارج)، طلب مني ان ارجعه الى الامن العام، ونجحت في المرة الثانية، فاشتريت شاحنة صغيرة عملت عليها في شركة K.O.C عام 1946، ومن ثم عملت بنقل الركاب من الديرة الى صيهد العوازم والدمنة والشامية.
وأضاف: وفي عام 1955 عملت مراقبا في البلدية حتى 1973، وتقاعدت ورشحت للمجلس البلدي عام 1976 عن الدائرة التاسعة السالمية ونجحت، وفي عام 1980 ايضا رشحت -والله سبحانه وفقني- وحتى عام 1984 ايضا عضوا في المجلس البلدي لثلاث دورات متتالية.
الوفرة الغنية
وتحدث عن مزرعته واهتمامه بالزراعة، واعتبرها مهنة الآباء والأجداد، قائلا:
اشتريت ارضا في منطقة الوفرة الزراعية في جنوب الكويت ب 28 الف دينار، بدأت ازرع فيها. انها منطقة غنية بآبار كثيرة، وسميت الوفرة لوفرة مائها ومراعيها، منطقة كانت ولا تزال تجلب منها الخضراوات والبطيخ والفراولة، وأنا كنت أتوسط لبعض الناس بصفتي عضوا في المجلس البلدي لحصولهم على اراض زراعية، وانا لم احصل عليها، ولكني اشتريت بمبالغ كبيرة من 28000 الى 61000 دينار، أثمرت هذه الاراضي خاصة اراضينا، وشاء القدر ان يدمر كل المحصولات والمباني فيها فاضت، حيث فاضت المياه عليها، ولم استلم اي تعويض، علما بأن غيري اخذ، نحن 4 مزارعين المتضررون، اثنان اخذا، اما انا (مرزوق الطمار)، وجاسم الحويتان فلم نأخذ، فأين العدالة؟ ولماذا هذا الظلم؟ قدمت شكاوى، واللجنة وافقت، وللأسف الى الآن (يماطلوننا).
وقال: نحن مثل شرابة «تتن» يشربه ويسبه هذا انتاجنا يقولون لنا قسم التسويق بيعوا الطماطم الكرتون الواحد بـ 40 فلساً، والخيار بـ 80 فلساً و... الخ أين المنفعة؟ أين الفائدة؟ أين الإنتاج الكويتي؟
العلاج الشعبي
وتحدث أبومفرح عن طرق العلاج الشعبي قديماً وقبل أن يدخل الطب المتطور إلى بلادنا، فكان التركيز على الأعشاب قبل ظهور النفط، وكان الكي في الجسم، والناس يلجأون إليه عندما تنعدم السبل، والمثل يقول: «آخر الطب الكي» أو آخر الدواء الكي، وأكثر مرض كان يكوى بسببه «عرق النسا».
قال الطمار: الختان الذي كان يسمى «التطهير»، الذي يقصد به قطع الجلدة التي تسمى «قلفة» وكان يقوم بهذه العملية في الغالب المرحوم أحمد الهندي، أو الحلاق. وأتذكر «الضميد» كان في الصحراء ويعتبر من أفضل المطهرين، ولا أعرف لماذا لم يذكر اسمه؟ وكذلك «أبوصفر» الحلاق المشهور في سوق الجت، وكانوا يختنون الأولاد من سن السادسة فما فوق، ومن الأمراض التي تعالج بالأعشاب الحصبة - الجدري - الإسهال - «شطفه» اسم بدوي - سابع أي بوصفار، وأكثر العلاجات بالحلول والخروع.
وتذكر أبومفرح الحجامة التي كانت تساعد على تخفيف الألم بعد استخراج قليل من الدم عن طريق كاسات زجاجية تسمى «كاسات الهوى»، ومن العلاجات «التجبير» أي وضع العيدان على العظم المكسور لتجبره، عملية تعتبر من أمهر الأعمال الطبية، والجروح لها علاج، وأتذكر «الصدو» مركب من: دهن الطيب - المر - الثوم - الملح - ... الخ وأحياناً بالرماد، والآيدين.
يضيف الطمار: لا بد أن أذكر الشيخ مساعد العازمي الذي اشتهر بالتلقيح ضد الجدري، وأحمد الغانم وعلي بن فضالة، وحمود الصانع، وإبراهيم غريب، والمنيفي وحجي رمضان بوشعبون، وأمراضنا كثيرة منها: أمراض العيون - السل - الصداع - اللوزتين - لدغة الحيات - الكسور... وقال مرزوق الطمار: الحظور جمع خطرة وهي عبارة عن مصيدة ثابتة في البحر تسمع بدخول الأسماك، ويمنع خروجها، مصنوعة من الخيزران، ومعظم هذه الحظور يعود إلى العوازم، كان الساحل الكويتي من الشمال إلى الجنوب مليئا بالحظور، ويزداد الصيد في فترة الشتاء، والأسماك التي في المناطق الطينية مثل: الزبيدي ــ شماهي ــ النويبي ــ ايجم، وأسماك القوع أي القاعية ضمنها الشعم ــ المزيزي ــ الطلاح ــ الشيم ــ السبيطي ــ الهامور، بينما يزداد صيد الزبيدي في فصل الربيع والصيف، وكانت الأسماك تحمل على ظهور «الكديش» هو الحصان غير الاصيل، وهناك مثل كويتي: «فلان كديش» بمعنى كلف بعمل صعب، أي فوق طاقته، أو تحمل الأسماك على ظهور الحمير لإيصالها إلى السوق، وإذا كانت الكميات كبيرة تملح وتصدر إلى إيران والعراق في أكياس من الخياش، والساحل الغني بالصبور كان مقابل الدعية وبنيد القار، وجزيرة بوبيان.
يضيف: توضع الحظرة في الأعماق المناسبة لها حيث ينحسر عنها الماء أثناء الجزر، وأحيانا توضع الحظور على خط واحد يصل عددها إلى 8 حظور، ويبلغ إنتاج الحظرة الواحدة من 300 ــ 400 كلغ، خصوصا في الصيف والربيع، وأما في الشتاء فينخفض الصيد ما بين 5 ــ 15 كلغ. وقال: أصحاب الحظور هم: بن شرار ــ اللذينات ــ الختلان ــ الغربة.. الخ، وعندما كنت عضوا في المجلس البلدي طالبت بتثمين الحظرة الواحدة التي تزال بسبب الإنشاءات البحرية الى 15 الف دينار بعد أن كا نت 3 آلاف دينار، وتزال لمن لا رخصة فيها، وكان أهالينا العوازم أصحاب الحظور يمشون بعد منتصف الليل، ويصلون الحراج في السوق مع الفجر وبعضهم يقطعون المسافات الساحلية سيرا على الاقدام، ووالدي كان يقول: «نذهب رجليه، ونرجع برجليه» وحتى الى البصرة كان يذهب ماشيا للعمل في المزارع.
نقل المياه من الآبار الواقعة خلف السور
وتذكر الطمار في الختام الاكوات التي كانت محاطة بسور وخندق، فقال: انها عبارة عن مجموعة آبار يملكها أناس جزاهم الله خيرا، تمتلئ بمياه الامطار، والسقاؤون وأنا منهم، كنا ننقل الماء الى الديرة عبر بوابة الشامية على الحمير، حافي القدمين وبيدي عصا طويلة، وحماري يحمل 3 قرب ماء، سعر الجربة الواحدة 2 آنة والكبيرة 3 آنات، وأكلي كان «طرك التمر»، ومن الاكوات المشهورة: كوت الهويدي ــ ابن حماد ــ السهول ــ كوت المزيد ــ كوت الجناعات ــ كوت الدخيل ــ كوت ابن طلب، واخيرا قال:
أين اصحاب القلوب والنوايا النظيفة؟ وأين بوس الخشوم بعد الخصام؟
ولدت في عشة تلك الغرفة المغطاة بالبواري والباسجيل، والجنادل، والحصران مثل غيري الذين ولدوا في تلك الفترة، ومنا من ولد في «الكبر» وهو عشة ولكن جوانبها مبنية،
يلاحظ من تلك المقابله صراحة العم مرزوق الطمار وعدم المبالغة في ذكرالاحداث القديمة وخاصة عندما
" قال ولدت في عشة "
وهذا ما نفتقدة في البعض حين يتطرقون عن الماضي
تحياتي للاخ جون الكويت على النقل
مافي شك العوازم كان لهم دور كبير في تاريخ الكويت سواء من ابناء الباديه او ابناء الحاضره
وتحياتي للعم مرزوق الطمار بو مفرح والله يطول بعمره تسلم اناملك جون على نقل
نشكر الأخ على وضع هذه المقابلة الجميلة للعم مرزوق الطمار ، و بالنسبه للعشيش أتذكر أني شاهدت فيلم و ثائقي يتكلم عن البدو في الكويت قديماً و كان هذا الفيلم أكثر تصويره في الجهراء و كان الكثير منهم من كافة القبائل ظفير و عجمان و مطران و شمر و العوازم يسكنون في هذه العشيش ، و كانت مألوفة في ذلك الوقت وليست غريبه لأبناء الباديه عموماً.
__________________
أنا وشعبي كلبونا جماعة
الدين واحد والهدف أخدم الشعب
لو ضاق صدر الشعب ما استر ساعة
اضيق من ضيقه واستر لاحب
نشكر الأخ على وضع هذه المقابلة الجميلة للعم مرزوق الطمار ، و بالنسبه للعشيش أتذكر أني شاهدت فيلم و ثائقي يتكلم عن البدو في الكويت قديماً و كان هذا الفيلم أكثر تصويره في الجهراء و كان الكثير منهم من كافة القبائل ظفير و عجمان و مطران و شمر و العوازم يسكنون في هذه العشيش ، و كانت مألوفة في ذلك الوقت وليست غريبه لأبناء الباديه عموماً.