راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية
  #1  
قديم 09-02-2008, 02:39 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي رسائل علي بن غلوم رضا

رسائل علي بن غلوم رضا: الوكيل الإخباري لبريطانيا في الكويت (1899 - 1904)

القبس 29/05/2007
تحرير وتقديم: أ. د. عبدالله يوسف الغنيم
رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية
بعد توقيع اتفاقية الحماية بين بريطانيا والكويت في يناير عام 1899 لم يكن بالإمكان آنذاك تعيين ممثل بريطاني رسمي في الكويت، وذلك رغبة من الحكومة البريطانية في أن يظل هذا الاتفاق سريا بين الطرفين، خشية إثارة الدولة العثمانية التي كانت لها أطماعها في الكويت.
ومن ثم كان تعيين مندوب موثوق به في الكويت من قبل السلطات البريطانية من جنسية أخرى وبشكل سري أمرا مطلوبا لتزويد المقيم السياسي البريطاني في بوشهر بأخبار الكويت، بالإضافة إلى متابعة نشاطات الشيخ مبارك الصباح والاطلاع على خططه وصلاته بالآخرين.
وفي يونيو عام 1899 تم تعيين السيد علي بن غلوم رضا مندوبا إخباريا في الكويت، وقد قام بعمله هذا تحت ستار النشاط التجاري، وكانت أول رسالة بعثها هذا المندوب الإخباري في 4 من شهر سبتمبر 1899 واستمر في إرسال رسائله وتقاريره حتى 4 من مايو ،1904 وقد أرسل خلال هذه الفترة ما يقرب من تسعين رسالة تضمنت الكثير من الأحداث والأخبار والمعلومات عن الكويت في تلك الحقبة.
معلومات جديدة
وهذا الكتاب يقدم من خلال هذه الرسائل مادة وثائقية أولية للباحثين في تاريخ الكويت. وقد حرصنا على أن تعرض على نحو يعين على البحث والاطلاع، وقد تم تصديرها بدراسة موضوعية تلقي الأضواء على التفصيلات الدقيقة التي تناولتها الوثائق حتى يمكن من خلالها الإلمام بالأحداث التي مرت بها الكويت ومنطقة الجزيرة العربية خلال الفترة المذكورة، وهي معلومات لم تطلها أو تصل إليها جهود المؤلفين المعاصرين، فضلا عن أنها تعتمد على النقل المباشر عن أصحاب الشأن والقرار دون تحريف أو تحوير.
صلات مبارك
وتغطي الرسائل والوثائق المذكورة للمندوب الإخباري علي بن غلوم موضوعات عدة حول علاقة الشيخ مبارك الصباح بكل من بريطانيا والدولة العثمانية، وكذلك أمراء شبه الجزيرة العربية، وبخاصة الأمير عبدالعزيز آل رشيد حاكم حائل، إضافة إلى صلة الشيخ مبارك الصباح بروسيا، حيث تحدثت الوثائق عن زيارات قام بها عدد من القناصل والمبعوثين الروس إلى الكويت إبان هذه الفترة.
كما تضمنت الرسائل كذلك مجموعة من الأحداث المحلية والقضايا العامة لتكون التغطية شاملة لكل ما يحدث في الكويت ومحيطها الإقليمي سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
وقد حاولنا في الدراسة التي وضعناها بين يدي هذه الوثائق والرسائل أن نصنف الوقائع وفقا لموضوعاتها التي تعددت في أكثر من وثيقة، وذلك وفقا لمنهج رأيناه مناسبا للدارسين والباحثين، ثم أوردنا صورا للوثائق نفسها مرتبة ترتيبا تاريخيا لتسهل متابعتها، وفي مقابل كل وثيقة وضعنا ملخصا لأهم ما ورد فيها، مع بيان التاريخ الميلادي المقابل للتاريخ الهجري الذي سارت عليه الوثائق المذكورة .
أما مصدر هذه الوثائق والرسائل فهو مكتب الهند Indian Office الذي ضمت مقتنياته في الوقت الحاضر إلى المكتبة البريطانية في لندن، وتوجد الرسائل المذكورة في الملفات التالية:
I0R R/15/1/471- I0R R/15/1/472- I0R R/15/1/474 - I0R R/15/1/475 - I0R R/15/1/476
رسائل مفقودة
ولابد من الإشارة هنا إلى أننا حاولنا بقدر الإمكان أن نجمع رسائل علي بن غلوم رضا من الوثائق البريطانية، إلا أننا نعتقد أن هناك رسائل قد فقدت أو لم تتضمنها الملفات التي اطلعنا عليها. فليس من المنطقي أن يكتب الوكيل الإخباري في بعض الأحيان ثلاث رسائل مؤرخة بتاريخ واحد ثم ينقطع نحو شهر أو أكثر، ومن أمثلة انقطاعه عن الكتابة شهر ديسمبر 1900 ويناير 1901 ويناير ومارس 1902 والفترة من مايو إلى أكتوبر 1902 والفترة من أبريل 1903 إلى أبريل 1904. والأمل كبير في العثور على رسائل تلك الفترات، وعندها ستعاد طباعة هذا الكتاب، وستكتمل حلقات أخبار الكويت والأحداث التي مرت بها.
وتحتاج هذه الرسائل من الباحثين المعنيين إلى مزيد من الاستقراء والتدقيق، فنحن نقدم كل تلك الرسائل كوثائق تحتمل النقد والتحليل، وقد أشرنا إلى جانب من ذلك في موقعه من التمهيد، ومن ذلك أن الوكيل الإخباري قد سجل تاريخ وصول السفينتين 'بويارين' الروسية و'انفيرني' الفرنسية في 5 من مارس ،1903 بينما سجلات السفينة الروسية قد حددت يوم 20 من فبراير 1903 تاريخا لوصولهما. وتختلف بعض الوقائع الأخرى الواردة في رسائله عما جاء في المصادر المكتوبة وهذا كله يحتاج إلى بحث متتبع يربط بين ما جاء في الرسائل من أخبار وما جاء في الوثائق البريطانية ورسائل الشيخ مبارك في تلك الفترة من أمور ذات صلة بالموضوع. وقد حاولنا في التمهيد أن نقدم أنموذجا مختصرا لما ينبغي أن يتم في هذا الشأن، راجين أن تتاح الفرصة لمزيد من البحث والمعرفة في هذا الجانب من تاريخ الحياة السياسية والاجتماعية في الكويت، وأن تثري التفصيلات التي اشتملت عليها هذه الرسائل موضوعات وقضايا مختلفة في تاريخ الكويت إذا اجتمعت إلى جانبها أو ضمت إليها، فالكلمة إلى الكلمة، والمعلومة إلى المعلومة يؤكدان الحقيقة، ويصلان بها إلى قيمة عالية ومهمة في مجال البحث والدراسة بالنسبة للأجيال المعاصرة واللاحقة من أبناء وطننا الكويت ومنطقة الخليج العربي بأسرها.
والله يهدي من يشاء إلى ما ينتفع به من علم نافع وقول سديد.

كانت الظروف السياسية المحيطة بالكويت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حافلة بالصراعات على المستويين الدولي والإقليمي، فقد كانت الدولة العثمانية تحاول المرة تلو الأخرى السيطرة على الكويت، غير أن تنبه حكامها وحرصهم وحكمتهم في التصدي لتلك المحاولات كانت تحول دون ذلك. وكانت الدول الكبرى الأخرى مثل بريطانيا وروسيا وألمانيا وفرنسا تحاول أيضا أن يكون لها موقع قدم في هذا المكان الاستراتيجي. أما على المستوى الإقليمي فقد كان آل رشيد حكام حائل قد استولوا على نجد، وأدركوا قيمة موقع الكويت التي يصلهم عن طريقها مختلف أنواع مواد التجارة والبضائع، ومن الطبيعي أن يثير آل رشيد على الكويت لجوء عبدالرحمن بن فيصل آل سعود، وحماية الشيخ مبارك له ولأبنائه ومعاونتهم في استعادة ملكهم في نجد، فتواترت غارات أمراء حائل على أراضي الكويت وأحداث نهبهم للعشائر التابعة لها. يضاف إلى ذلك الشيخ سعدون أمير المنتفك الذي كان يريد أن يكون له مكان على خارطة العراق السياسية، كان يرى من أجل ذلك أهمية الدخول في إطار هذه الصراعات الإقليمية.
التحالف مع أقوى الأطراف
في ظل هذه الظروف السياسية الصعبة والمتشابكة وجدت الكويت أن التحالف مع أقوى الأطراف هو السبيل الأمثل لحماية استقلالها وصيانة كيانها السياسي، ففي يناير من عام 1899 وقعت الكويت ممثلة في أميرها الشيخ مبارك الصباح اتفاقية مع الحكومة البريطانية، تضمن الأخيرة بموجبها حماية الكويت من التعديات الأجنبية كما تضمن استقلالها واستقرار النظام السياسي بها. وكان من ضمن الاتفاق بين الطرفين أن تظل تلك الاتفاقية سرية إلى أن تسنح الظروف السياسية المناسبة لإعلانها.
المندوب الإخباري
وبناء على هذه الاتفاقية كان من المفترض أن يتم تعيين ممثل بريطاني في الكويت، لكن حكومة الهند البريطانية خشيت أن يوفر ذلك الذريعة للدول الأخرى لتعيين وكلاء أو ممثلين لها في الكويت، كما أن ذلك قد يؤدي إلى إثارة شكوك العثمانيين أو النيل من العلاقات الودية معهم، خاصة أن الدولة العثمانية ليس لها ممثل في الكويت ولم يسمح لها بذلك من قبل. وبعد مشاورات طويلة تم الاتفاق على أن تكون شؤون الكويت من مسؤولية المقيم السياسي البريطاني في بوشهر. وأن يتم تعيين مندوب موثوق به من قبل السلطات البريطانية من جنسية أخرى وبشكل سري في الكويت لتزويد المقيم السياسي البريطاني في بوشهر بأخبار الكويت، ومتابعة نشاطات الشيخ مبارك الصباح السياسية والتعرف على خططه وتزويده بالنصائح التي من شأنها الحد من توريط السلطات البريطانية في إشكالات مع الدولة العثمانية على وجه الخصوص، أو في صراعات الشيخ مبارك مع ابن رشيد أمير حائل، لاسيما أن الشيخ مبارك قد وجد في اتفاقية الحماية سندا قويا له في مواجهة الأطماع المحيطة به.
وبناء على ما تقدم تم تعيين السيد علي بن غلوم رضا مندوبا إخباريا في الكويت للمقيمية السياسية البريطانية في بوشهر، ويبدو أن لعائلة هذا الشخص سابق خدمة للحكومة البريطانية، فهو يذكر في رسالته المؤرخة في 2 من شهر إبريل 1900 أنه: 'لن يخالف وصية الآباء في حق دولة باليوز(1) (بريطانيا) وكذلك وصية المرحوم أغا'. وكان أسلوب بريطانيا في اختيار ممثليهم أن يكونوا من عائلة معروفة بخدمتها للحكومة البريطانية(2). ومن المؤكد أن ذلك التعيين كان بتوصية من محمد رحيم بن عبدالنبي صفر المندوب البريطاني في البحرين (انظر الوثيقة رقم 1)(3) وبمباركة من الشيخ مبارك الصباح، بدليل تعاونه معه ودعوته إليه لينقل المعلومات التي يريدها إلى المقيم السياسي، وإبلاغه بالأخبار التي تصل إلى الكويت سواء ما يتعلق منها بالدولة العثمانية أو بأخبار ابن رشيد والسعدون وابن سعود. ويبلغه أيضا بأخبار لقاءاته الخاصة مع مختلف الزوار الذين يزورون الكويت مثل لقاءاته بقناصل روسيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من ممثلي الدول، وكان الشيخ مبارك يقدر أهمية المعلومة التي يريد إيصالها إلى السلطات البريطانية وبالطريقة التي تتفق مع مصالح بلاده. وكانت الرسائل التي يبعث بها علي غلوم تكشف عن ذلك، وقد تكرر فيها ولدرجة المبالغة مدح الشيخ مبارك لبريطانيا وانحيازه إليها، ونبذه للدولة العثمانية. ويكشف أسلوب تلك الرسائل أيضا عن أن الشيخ مبارك الصباح قد احتوى الحاج علي بن غلوم وحوله إلى مجرد كاتب عنده.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-02-2008, 02:41 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

وتشير الوثائق البريطانية إلى أن الشيخ مبارك الصباح كان يرسل علي بن غلوم إلى المقيم السياسي البريطاني في بوشهر في بعض الأمور التي لا تحتمل التأخير أو لضمان السرية المطلوبة، إذ تشير الرسالة المؤرخة في 2 من شعبان 1318ه (25 نوفمبر 1900) المرسلة من الشيخ مبارك الصباح إلى المقيم السياسي إلى أنه قد أرسل 'بهذه الدفعة (أي هذه المرة) حجي علي بن غلوم مخصوصا لصوبكم العالي كما هو لازم علينا العرض لحضرتكم بما يقتضي ويحدث'. وفي رسالة أخرى مؤرخة في 1 من جمادى الثانية 1320ه (5 سبتمبر 1902) يذكر الشيخ مبارك '.. والمكتوب المذكور سيرناه بيد حجي علي بن غلوم أيضا يفصل ما جرى من حركات ودسائس الترك تعلمونها من رأس حجي علي..' (الوثيقتان ،2 3).
والجدير بالذكر أن الشيخ مبارك الصباح كان لديه أيضا عدد من المعتمدين الثقات من أبناء الكويت الذين يبعث بهم أىضا في بعض المهام السياسية ولديه وسائله المختلفة للوصول إلى المعلومات من خصومه أو من حلفائه على حد سواء. ومن بين أولئك الأمناء المعتمدين الذين أشارت إليهم الوثائق المرتبطة بالفترة التي نتكلم عنها كل من عبداللطيف الهارون وعبدالله بن إبراهيم السمكة (انظر الوثيقتين ،4 5 بتاريخ 29 مارس 1899 و9 أبريل 1899). ولما كانت مهمة كل منهما سرية، لم يذكر المندوب البريطاني في البحرين محمد رحيم بن عبدالنبي صفر في رسالته للمقيم السياسي البريطاني في بوشهر اسم الشيخ مبارك الصباح بل عبر عنه باسم 'الصديق' أو 'الصديق المعهود' (الوثيقتان 4 أ، 4 ب).
وقد عمل الحاج علي بن غلوم رضا في الكويت تحت ستار النشاط التجاري، وكان يمارس هذا العمل بالفعل ولم يكن له مكتب رسمي، بل كان عمله الحقيقي لا يعرفه سوى الشيخ مبارك وأبناؤه. وقد كانت بداية تعيينه (تحت التجربة) في شهر يونيو من عام 1899 بمرتب شهري لايزيد على خمسين روبية. ثم صدر قرار من المقيم السياسي في الخليج بتاريخ 26 من نوفمبر 1900 بأن يستمر هذا الوكيل في عمله في الوقت الراهن(4). وكانت أول رسالة كتبها الحاج علي بن غلوم بتاريخ 4 من سبتمبر 1899، وباللغة الفارسية التي كتب بها مجموعة من الرسائل في بداية عمله وفي نهايته، وكان أحيانا يكتب الرسالة الواحدة باللغتين العربية والفارسية، لكن بوجه عام كانت كتابته باللغة العربية هي الأغلب، وآخر رسالة كتبها علي بن غلوم كانت مؤرخة في 10 مايو ،1904 أي قبل وصول الوكيل السياسي البريطاني الرسمي بأقل من شهر، ويبلغ مجموع الرسائل نحو تسعين رسالة، بعضها موجه إلى الممثل البريطاني في البحرين، ومنها تنقل إلى بوشهر، والبعض الآخر وبخاصة الرسائل الأخيرة كانت توجه مباشرة إلى المقيم السياسي البريطاني في بوشهر.
وقد ظل عمل الحاج علي بن غلوم سريا إلى منتصف عام 1901، إذ يذكر في رسالته المؤرخة في 29 يونيو من ذلك العام: 'أن خدمتنا للدولة (البريطانية) كانت في البداية سرية، أما الآن، وبعد ذهابنا إلى الفاو والإبراق لكم بشأن ورود المراكب البريطانية إلى الكويت بناء على أمر الشيخ مبارك الصباح، وما تلا ذلك من مباشرته لتلك المراكب عند وصولها للكويت، وقضاء ما تحتاج إليه من لوازم وحاجات، فقد صار مشهورا لدى أهل الكويت أنني (الحاج علي) وكيل المقيم السياسي لخدمة المراكب'.
وهنا لابد من تسجيل ملاحظة ذكرها قائد الطراد الروسي 'فارياغ' الذي زار الكويت في 21 ديسمبر 1901، فقد أشار إلى وجود عميل تجاري لشركة الملاحة البريطانية الهندية التي تقوم برحلات منتظمة كل أسبوعين، وبحسب المعلومات التي جمعها القنصل الروسي أوسنيكو نصب عميل الشركة المذكورة 'سارية' في فناء الوكالة لإجراء الاتصالات مع السفن القادمة التابعة لهذه الشركة، ولكن السارية قطعت - كما لو كان ذلك بأمر الشيخ مبارك، رغم أنه لم يعترف بذلك فيما بعد للإنكليز، وألقى الذنب على البدو الرحل، ومع ذلك فقد أعيد نصب السارية، ولكن في فناء دار الشيخ هذه المرة لكي تجري المباحثات تحت إشرافه(5).
وظل هذا الوكيل الإخباري أو العميل السري مستمرا في عمله إلى أن تم تعيين الكابتن نوكس في أغسطس من عام ،1904 وقد تضمنت برقية وزارة الخارجية البريطانية رقم 2457 المؤرخة في 3 من أغسطس من ذلك العام مجموعة من الإرشادات للوكيل السياسي (البريطاني) الجديد، فعليه أن يتصرف على نحو لا يلفت إليه الأنظار، وأن يقيم علاقات ودية مع الشيخ مبارك الصباح والبارزين من الشخصيات الكويتية، والعمل على حماية المصالح التجارية البريطانية. واليقظة التامة لتحركات الأتراك على حدود الكويت، أو تدخل أي جهة في الوضع القائم في الكويت، وإرسال معلومات دقيقة عن كل ما يجري في نجد بين أسرتي آل سعود وآل رشيد، وغير ذلك من المعلومات التي كانت في واقع الأمر من الموضوعات التي كان الكثير منها يتابعها الحاج علي بن غلوم ويبعث بها إلى المقيم السياسي. وقد استقبل الشيخ مبارك تعيين الوكيل السياسي الجديد بسرور بالغ، لأنه اعتبر هذا التعيين ضمانا للحماية البريطانية للكويت(1).
وبتعيين الكابتن نوكس بدأت مرحلة جديدة في العلاقات الكويتية البريطانية، فقد كانت الفترة السابقة التي سجل أحداثها علي بن غلوم فترة مليئة بالأحداث واشتملت على تفصيلات أغفلتها كتب التاريخ المتعلقة بهذه المنطقة.لكن الفترة الجديدة تميزت بأسلوب جديد في رصد الأحداث يعتمد على المعرفة والتحليل السياسي، فلم تكن مجرد معلومات (خام) تفتقر في بعض الأحيان إلى الدقة، وتتلون في كثير من الأحيان بآراء الحاكم الخاصة.
ولا نعرف على وجه التحديد متى ترك علي بن غلوم عمله مع الوكيل السياسي الجديد، مع أن أول رسالة اشتملت عليها تقارير الممثلية السياسية البريطانية في الكويت كانت بتاريخ 5 من يناير 1905، كانت تشتمل على طلب من علي بن غلوم لزيادة مرتبه، ذكر فيها أنه يتقاضى خمسة وثلاثين روبية، وأن هذا المبلغ هو مصرف القند (السكر) والشاي في كل شهر، وأنه صاحب عيال عددهم عشرون شخصا نفقتهم في ذمته. ويشير فيها أيضا إلى أنه قد ترك معاملاته التجارية في سبيل خدمة الدولة(6).
ولا يوجد بعد هذه الرسالة أية إشارة إلى هذا الشخص، وربما لم يرق له العمل بعد ذلك مع نوكس وانصرف إلى أعماله الحرة.
هوامش
(1) كان يطلق لقب (باليوز) على قناصل الدول الاجنبية، وهو يقابل اللفظ الاجنبي (بايلوز) وهو لفظ إيطالي شاع بين اهالي البصرة حتى باتوا يطلقونه على جميع القناصل. ونجد في جميع مراسلات الشيخ مبارك او شيوخ وامراء الخليج ان هذا هو اللفظ الذي يخاطب به المقيم السياسي البريطاني في الخليج.
انظر: حامد البازي: البصرة في الفترة المظلمة، دار منشورات البصري، بغداد 1969.
(2) مثال ذلك ان محمد رحيم بن عبدالنبي بن محمد علي بن صفر المندوب البريطاني في البحرين ينحدر من اسرة عربية كانت تسكن في الحلة بالعراق، وقد وفد جده حاجي صفر الى بوشهر في اواخر حياته، وأنجب حاجي محمد علي الذي ولد وتزوج في بوشهر. وقد عمل محمد علي هذا عميلا للحكومة البريطانية نحو عشرين سنة في ميناء المخا باليمن، وأنجب أربعة من الأبناء، تابع اثنان منهم عمل أبيهما: أولهما حاجي عبدالرسول الذي خدم الحكومة البريطانية في المخا وعدن، والثاني حاجي عبدالنبي الذي ولد في بوشهر وعمل مندوبا إخباريا سريا في البحرين، وخلف عبدالنبي في البحرين احمد ابن اخيه عبدالرسول، ثم خلف أحمد في هذا العمل في البحرين أغا محمد رحيم، وهو الذي كان أحد الشهود على اتفاقية الحماية البريطانية الكويتية التي تمت في يناير ،1899 ولا يستبعد أن يكون علي بن غلوم رضا يرتبط بصلة قرابة بالعائلة المذكورة.
- Record of Bahrain, Primary Documents 1820 - 1960 vol.3 (1892 - 1923). Archive Editions, london 1993, p.87.
(3) تنص الوثيقة المرسلة من محمد رحيم إلى المقيم السياسي على ما يلي: 'واصلا لسعادتكم لفا الكتاب الواصل إلينا من الكويت من الحاج علي بن غلوم الشخص الذي عيناه لرفع الحوادث الصادرة والاخبار في الكويت' وهو دليل على دور محمد رحيم في تعيينه.
(4) Saldanda,J.A (1986): The Persian Gulf (PR CIS) Volume 5, p82, Archive Edituons, london.
وبحسب الوثيقة رقم 6 كان مرتب علي بن غلوم خمسة وثلاثين روبية.
(5)يزفان. ي: سفن روسية في الخليج العربي (1899 - 1903) ترجمة سليم توما. دار التقدم، موسكو 1990م، ص92 - 93.
(6) saldanha,J.A:The Persian Gulf, P.85- 86.
(1) Kuwait Political Agency, Arabic Documents (1899 - 1949), Arcive Editions, London, p3.
الدولة العثمانية حاولت عدة مرات السيطرة على الكويت
علي بن غلوم رضا 'مندوب إخباري' لبريطانيا في الكويت
90 رسالة من بن غلوم إلى المقيم البريطاني في بوشهر

وثيقة (2)
مبارك حول بن غلوم إلى كاتب عنده
وهو اختار ما يرسله إلى البريطانيين

وثيقة (3)
بريطانيا لم تعين ممثلا رسميا لها في الكويت حتى لا تثير الدولة العثمانية

وثيقة (4 أ)
وثيقة (4 ب)
الرسائل تغطي علاقات مبارك الكبير
مع بريطانيا والدولة العثمانية

وثيقة (1) وهي من المندوب البريطاني في البحرين محمد رحيم توصي بتعيين علي غلوم في الكويت
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-02-2008, 02:42 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09-02-2008, 02:43 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

أولا العلاقات الكويتية البريطانية:
كانت العلاقات بين بريطانيا والكويت تمر بفترة حرجة خلال الفترة التي تلت عقد اتفاقية الحماية في يناير ،1899 فبريطانيا لا تريد أن تعلن للعالم ما توصلت إليه من اتفاق، خوفا من حدوث مواجهة قد لا تحمد مع الدولة العثمانية. وفي الوقت نفسه فإن إبقاء الاتفاقية سرية سوف يشجع الدول الكبرى الأخرى مثل روسيا وألمانيا وفرنسا على محاولة التفاهم مع الشيخ مبارك وتقديم عروض أفضل، وكانت هذه الشكوك في محلها فقد أصبحت للشيخ مبارك صداقة متينة مع الروس الذين تكررت زيارات قناصلهم إليه، كما كانت له قنوات مفتوحة مع فرنسا من خلال المستشرق وتاجر السلاح الفرنسي 'كوكي'(1) وتدلنا المراسلات، التي بين الشيخ مبارك وهذين الطرفين، على نوعية الحوارات التي كانت تدور بينه وبين زواره من الأجانب. بل إن الشيخ مبارك صرح للكولونيل جاسكين نائب المقيم السياسي البريطاني في الخليج في أثناء زيارته لتوقيع الاتفاقية بأنه قد تلقى عروضا فرنسية(2). وأن هذا جعله يضيف نصا إلى الاتفاقية لم يرد في تعليمات الحكومة البريطانية وهو عدم استقبال الشيخ لممثلين من دول أخرى.

ضغوط عثمانية
في الوقت نفسه، الذي كانت فيه بريطانيا تبذل جهدها في إبقاء اتفاقيتها مع الكويت سرية، كان الشيخ مبارك يريد أن يتم الإعلان عن الاتفاقية وتفعيلها وذلك بسبب الضغوط التركية المتزايدة والأخطار التي تتعرض لها قبائله من آن لآخر من قبل ابن رشيد، كما كان الشيخ مبارك يريد التأكد من صدق نوايا الحكومة البريطانية. ولم تكن محاولة إبقاء تلك الاتفاقية سرية تحول دون شعور الأتراك بأن هناك شيئا ما بين الكويت وبريطانيا، ومن هنا بدأت تركيا في محاولات لممارسة حقوق السيادة على الكويت، فبعد أن أنشأ الشيخ مبارك في مايو 1899 إدارة للجمارك في الكويت وفرض رسما قدره 5% على البضائع الواردة للميناء، قام حمدي باشا والي البصرة وبتعليمات من الباب العالي بتعيين مدير ميناء البصرة مديرا لميناء الكويت ومشرفا على الجمارك، وهو الأمر الذي رفضه الشيخ مبارك حيث أعاد ذلك المبعوث فورا ورفض الحديث معه (الرسالة المؤرخة في 5 سبتمبر 1899).
وقد فعل الشيخ مبارك ذلك لأمرين أولهما أنه لم يسبق أن تدخلت الدولة العثمانية بهذه الصورة السافرة في شؤون الكويت، والأمر الثاني هو رغبة الشيخ مبارك أن يؤدي ذلك بالإنكليز إلى الإعلان عن الحماية من أجل أن يقطع دابر الأطماع التي تدور حول بلده(1).

سر تداوله الكويتيون
ويشير المندوب الإخباري علي بن غلوم في رسالته المؤرخة في 18 ديسمبر 1899 إلى أنه منذ وصول سفينة المقيم السياسي البريطاني إلى الكويت فإن أهالي الكويت يتداولون بينهم سر نبأ اتفاق تم بين الشيخ مبارك والمقيم السياسي، يكون فيه الشيخ مبارك مع بريطانيا متى ما حدث خلاف بينها وبين الدولة العثمانية بل إن بعضهم كان يذكر أن علي بن غلوم سوف يقوم بمراسلة المقيم السياسي من طرف الشيخ.

الرسالة الأولى
لقد كانت التعليمات التي يعمل بموجبها المندوب الإخباري علي بن غلوم واضحة ومحددة، حيث تلقى تلك التعليمات في البحرين، وقد أشار إلى ذلك في أول رسالة له إلى المقيم السياسي البريطاني بقوله 'إن ما تفضلتم به لي في البحرين عرضته على جناب الشيخ مبارك الصباح فأمر بكتابته على الورق بكامله. وسوف أطيع وأنفذ أوامره، ونعمل بما ترونه وتريدونه، وقد أكدت للشيخ مبارك أن الإجراءات التي تقومون بها هي لمصلحته وسوف يرى ثمارها. وطلبت منه إخباري عن تاريخ نشأة الكويت - كما أمرتم - ووعد بأنه سوف يبين لكم هذا الأمر بالتفصيل'.
وقد سجل الوكيل الإخباري بنشاط واضح تفصيلات مهمة ومتنوعة عن أخبار الكويت منذ أن بدأ عمله في سبتمبر 1899 إلى أن تم تعيين الكابتن نوكس معتمدا بريطانيا رسميا لدى الكويت في عام 1904. وتقدم البنود التالية، المتضمنة علاقات الكويت والشيخ مبارك الصباح بكل من الدولة العثمانية وإمارة آل رشيد في حائل والحكومة الروسية، سجلا واضحا وموثقا عن تلك الفترة التي خدم فيها علي بن غلوم. وقد استعرضنا من خلال الرسائل التي بعث بها الوكيل الإخباري ردود الفعل البريطانية، والحضور المتواصل المتمثل بتردد السفن الحربية البريطانية على ميناء الكويت مثل السفينة لورنس وسفنكس وبيرسي وردبرست وغيرها.

من يدخل ويخرج
كان يهم البريطانيين معرفة المتغيرات السياسية المختلفة في هذه المنطقة الاستراتيجية من الخليج. كما يهمهم معرفة من يدخل الكويت ومن يخرج منها، وبخاصة من مواطني الدول الكبرى، بالإضافة إلى موضوع تجارة السلاح باعتباره أحد العناصر المهمة التي تتحكم في توازن القوى المتصارعة في هذه المنطقة.
ويتجلى اهتمام علي بن غلوم بتسجيل الداخلين للكويت في عدد من الحالات، وينص في كل حالة منها بأنه سيتابع هذا الأمر ولن يغفل عنه. ومن أمثلة ذلك قوله عن الحاج حسن الحكيم (الطبيب) الذي وصل إلى الكويت في 25 من ذي القعدة 1317ه (27 مارس 1900) ومعه ابنه ميرزا علي وزوجة ابنه وخادمهم كريم، وأنهم حين وصلوا إلى الكويت استأجروا لهم بيتا ليعالج فيه الناس.
ويقول علي بن غلوم: 'وإن شاء الله لن أغفل عن أفعاله، وسأعرفكم بما يستجد عنه وعن غيره من المعلومات والأخبار بناء على وصيتكم، وسأهتم في حال خروجه من الكويت إلى أي بلد يذهب ولن أغفل عن ذلك أبدا'. وفي رسالة تالية مؤرخة في 20 من أبريل 1900 يذكر أن الحاج حسن الحكيم منذ أن جاء إلى الكويت لم يتشاف على يده أحد من المرضى، والمترددون عليه قليلون، ويقول إنه ينوي الذهاب إلى البصرة وأن أهل البصرة قد أرسلوا إليه بضرورة القدوم اليهم. وتضيف الرسالة أن الحاج حسن يثرثر ويتكلم مع بعض العوام بأن دولة المسقوف (روسيا) طلبت من بريطانيا أن ترفع في (أبوشهر) علما واحدا بدلا من اثنين، وهذا من ثرثرته'.
والمتابع لرسائل الوكيل الإخباري يجد الكثير من الأمثلة عن أولئك الذين دخلوا الكويت في تلك الفترة من التجار ورؤساء القبائل والأطباء وغيرهم.
ولما كانت جوانب عديدة خاصة بعلاقات بريطانيا بالكويت قد نوقشت ضمن حديثنا عن علاقة الكويت ممثلة بالشيخ مبارك مع العثمانيين وآل رشيد والروس كما أشرنا قبل قليل، فإننا سنقف وقفة قصيرة عند موضوع من أهم الموضوعات التي كانت تقلق بريطانيا وهو موضوع تجارة السلاح وتهريبه إلى الكويت.
تجارة الأسلحة وتهريبها
ففي 24 من شهر مايو سنة 1900 تعهد الشيخ مبارك الصباح لبريطانيا بمنع دخول الأسلحة إلى الكويت والخروج منها، وأصدر إعلانا بهذا إلى المباشرين لهذا الأمر كافة ينص على 'أن مناور الدولة البهية القيصرية الإنكليس ومناور الدولة العلية الإيرانية لهم إجازة أن يفتشوا السفن التي عليها بيرق الدولتين الفخيمتين المذكورتين وبيرقنا في البحر (المتعنق) على الكويت وأن يقبضوا بطريق بيت المال جميع التفقان (البنادق) وسائر الأسلحة الحربية الموجودة فيها..' ونص إعلان آخر في التاريخ نفسه على أن 'دخول التفق (البنادق) والفشق (الطلقات) وسائر الأسلحة وخروجها مطلقا ممنوع في الكويت وتوابعه وجميع التفقان (البنادق) وسائر الأسلحة التي تجلب في المستقبل إلى الكويت أو تخرج منه ستقبض بطريق بيت المال' (الوثيقة رقم 7).
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-02-2008, 02:44 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

وقد بعث الشيخ مبارك الصباح برسالة مؤرخة في 29 يونيو 1900 إلى المقيم السياسي البريطاني في بوشهر يبلغه فيها 'أنه بناء على رغبتكم فقد منعنا الأسلحة وزيادة على ذلك فقد عينا محسوبكم حجي علي بن غلوم رضا ومعه أربعة أشخاص للكشف على كل سفينة ترد إلى الكويت من مسقط أو البحرين أو غيرهما من البلدان والقصد من ذلك هو التقيد بهذا الأمر، علما بأن رعيتنا ممتثلين له ولا يقدمون على فعل يخالف ما اتفقنا عليه' (الوثيقة رقم 8).
وقد أكد الوكيل الإخباري علي بن غلوم تنفيذ الشيخ مبارك لهذا القرار فذكر في رسالته المؤرخة في 14 يوليو 1900 أن جميع السفن الكويتية القادمة من مسقط يتم تفتيشها بمعرفة أربعة من رجال الشيخ مبارك بالإضافة إلى علي بن غلوم، وذكر الأخير أنهم 'يذهبون إلى السفينة القادمة إلى الكويت سواء كان الوقت ليلا أو نهارا ويفحصون حمولتها فإذا وجدوا شيئا من الأسلحة يأخذونها إلى بيت المال، حيث إن المقيم السياسي صرح للشيخ مبارك بذلك، والشيخ مجتهد في تفتيش السفن وأنا أساعده في ذلك'.
وذكر أيضا أن بعض ربابنة السفن من أهل الكويت جاؤوا إلى الشيخ مبارك يلتمسون منه أن يسمح لهم إذا حصلوا على حمولة من مسقط إلى الباطنة أو صحار. فقال لهم 'إنه لا مانع بشرط أن يكتب لكم السيد برغش 'سلطان عمان' ورقة يرخص لكم فيها بذلك، وأن تقوموا بذلك علانية لا سرا، وبغير هذا الشرط سوف تتعرضون للعقاب إذا ما خالفتم أمري'. والجدير بالذكر أن مسقط كانت أحد مراكز تسويق الأسلحة المهمة في المنطقة.
وقد تبدو الإجراءات التي اتخذها الشيخ مبارك الصباح نحو وقف تجارة السلاح مخيبة لآمال تجار الكويت لما تدره هذه التجارة من أرباح كبيرة، لكن الواقع يخالف ذلك، فقد استمرت تلك التجارة، وبمعرفة الشيخ مبارك نفسه الذي استغل هذا الاتفاق، فأصبح يتحكم في كمية السلاح التي تصل إلى داخل الجزيرة العربية، وكذلك في منع السلاح من الوصول إلى أعدائه. ومثال ذلك ما جاء في الرسالة التي بعث بها الشيخ مبارك إلى المقيم السياسي البريطاني في الخليج في 9 من جمادى الأولى 1321ه (3 من أغسطس 1903) يذكر فيها أنه تم القبض على أحد السعاة المغادرين لمدينة البصرة إلى حائل، وقد وجد بحوزته مجموعة رسائل إلى عبدالعزيز آل رشيد تفيد أنه قد طلب من عبدالله المحمد البسام شراء أسلحة له من مسقط، حيث طلب منه شراء ثمانمائة بندقية ماركة مارتين، وأنهم الآن يفكرون في طريقة إخراج الأسلحة المذكورة من مسقط (وثيقة رقم 9).
وفيما عدا الخبر الذي أشرنا إليه قبل قليل عن دور علي بن غلوم في تفتيش السفن، لا نجد خبرا آخر له عن موضوع الأسلحة إلا في عام 1904 أي بعد نحو أربعة أعوام. فقد ذكر الوكيل الإخباري في رسالته المؤرخة في 6 من شهر مايو 1904 أنه في 13أبريل 1904 وصل إلى الكويت الحاج علي ذهبة ومعه شخص فرنسي يدعى 'كوكي' الذي أهدى الشيخ مبارك بندقية من نوع الشوزن، وقد عين لهما الأخير بيتا خاصا ليسكنا فيه. بينما توجه 'كوكي' إلى مسقط بعد أن عقد مع الشيخ صفقة أسلحة، بقي الحاج علي ذهبة في الكويت.
وفي 13 من شهر صفر 1322ه (29 أبريل 1904) وصلت الأسلحة بكاملها وهي 2000 بندقية محمولة في ثلاث سفن كل سفينة كانت تحمل 750 بندقية وبقية البنادق تم توزيعها في سفن أخرى تم تفريغها في الكويت.
ويقول الوكيل الإخباري إنه قد سأل أحد البحارة سرا عن كيفية شحن كل هذه الكمية من الأسلحة من مسقط وعدم خشيتهم من عواقب ذلك، فأجاب النوخذة أن 'كوكي' استدعانا إلى بيته وسألنا لماذا لا توافقون على شحن أسلحتي إلى الكويت قلنا نخاف من المندوب البريطاني والمندوب البلجيكي، ومن الممكن أن يعترضا طريقنا وتكون أرواحنا وأموالنا في خطر.
فأجابهم 'كوكي' بأنه لا خوف عليكم مطلقا، فسوف أعطي النوخذة ورقة يحملها معه، ومتى ما واجه المندوب البريطاني أو البلجيكي في الطريق يمكن إبراز الورقة وسوف يمتنع عن تفتيشكم تماما، وإذا اعترض وحصل لكم ما تكرهونه فإنني أتعهد وألتزم بتعويضكم وإطلاق سراحكم وأدفع لكم ثمن السفن نقدا في مسقط، وإن جميع سفنكم في ذمتي وبعهدتي، فهل من شيء تخافون منه بعد ذلك؟
وهكذا أزال الخوف من نفوسنا وقمنا بشحن الأسلحة وحملنا الأوراق التي زودنا بها 'كوكي'، وحينما علم نواخذة بقية سفن الكويت بذلك والضمان الذي قدمه 'كوكي' اشتروا الأسلحة وشحنوها إلى الكويت.
ويضيف الوكيل الإخباري أن الحاج علي ذهبة أقام في المنزل الذي خصصه الشيخ مبارك في 17 صفر (3 مايو 1904) وبدأ بالتعامل بصفقات الأسلحة، وكان قد جلب ثلاثة أنواع من الأسلحة للبيع (200 مسدس و200 بندقية شوزن بأنبوبتين و350 بندقية مارتين والمجموع 750).
و'كوكي' المذكور في هذه الرسالة هو مستشرق وتاجر سلاح فرنسي مشهور (Antonin Goguyer) تعلم العربية في وقت كان الاستشراق الفرنسي في ذروة نشاطه، ثم بدأ حياته العملية مترجما في المحاكم التونسية، وكان يكتب في الصحف العربية التي تصدر في تونس، التي كانت تتعارض مع السياسة الفرنسية الاستعمارية هناك، فاضطرت السلطات الفرنسية إلى إبعاده، ونشط بعد ذلك في الصومال وإثيوبيا، وكان يمد المواطنين بالسلاح ضد البريطانيين مما أدى إلى إلقاء القبض عليه وسجنه ثم إبعاده عن البلاد. وقد انتقل نشاطه بعد ذلك إلى البحرين التي جاء إليها بصفته وكيلا لشركة مجوهرات فرنسية. وكان ذلك غطاء لمهمتين أساسيتين الأولى تجارة السلاح والأخرى عمله مراسلا للسلطات الفرنسية وعميلا لها. وربما كانت تجارة السلاح أيضا جزءا من المهمة الثانية.
ومن خلال تجارة السلاح ارتبط 'كوكي' بصلة وثيقة مع الشيخ مبارك الصباح الذي كان يعتبرهذه التجارة مصدرا من مصادر نفوذه في داخل الجزيرة العربية، فضلا عما تدره من أرباح لخزينة الكويت. وتشير المصادر إلى أن 'كوكي' قد انتقل بعد البحرين إلى مسقط، وأصبح من أنشط تجار السلاح الفرنسيين حيث كان يجري نقله في سفن تحمل العلم الفرنسي مما جعل تجارته في مأمن من الخضوع لتفتيش السفن البريطانية، وحظي 'كوكي' بنفوذ كبير لدى سلطان مسقط من جهة والعديد من الوزراء الفرنسيين من جهة أخرى. وقد تمكن 'كوكي' من تكوين ثروة قدرت بأربعين ألف جنيه استرليني، ولدى وفاته عثر في مستودعه على 100 ألف قطعة سلاح من مختلف الأشكال وما لا يقل عن 10 ملايين قطعة من الذخائر اللازمة لاستعمال تلك الأسلحة(1).
أما عن العلاقة التي ربطت بين 'كوكي' والشيخ مبارك، فتقدمها الوثائق الفرنسية بصورة مختلفة عما ذكره الوكيل الأخباري، فقد ذكرت أن 'كوكي' قد جاء إلى الكويت عام 1904 متنكرا في هيئة رجل عربي، وأطلق على نفسه اسم 'عبدالله المغربي'، وقد استضافه الشيخ مبارك - الذي لم تكن تخفى عليه حقيقته - في قصره حيث مكث نحو ثلاثة أشهر غادر بعدها إلى مسقط. وقد حاول الاثنان أن تكون هذه الإقامة الطويلة بعيدا عن أنظار الإنكليز الذين كان 'كوكي' من أشد المناهضين لهم، وعمله في تجارة السلاح كان ضد رغبتهم وسياستهم في منطقة الخليج العربي. واستطاع الشيخ مبارك أن يستفيد من 'كوكي' في معرفة توجهات القوى الكبرى التي كانت تتصارع على تثبيت أقدامها في منطقة الخليج العربي، وقد استطاع مبارك بسلوكه السياسي أن يوظف هذه المعلومات توظيفا جيدا لمصلحة الكويت. وخلال تلك الإقامة كذلك تم الاتفاق بين مبارك وكوكي - سرا - على ترتيبات شحن الأسلحة إلى الكويت بسفن محلية.
وقد ظلت علاقة الشيخ مبارك الصباح بكوكي مستمرة تعكسها المقالات المتعددة التي كتبها كوكي، والتي وصف فيها الشيخ مبارك بأنه 'رجل يقر بالجميل، وأنه واسع الاطلاع، ولا يدفع للبريطانيين أكثر مما هو ضروري للخدمات التي يؤدونها، كما أن رغبته في المحافظة على الاستقلال كانت وراء استعداده الدائم للوقوف أمام المؤامرات الغادرة التي تحيط به..'
ولعل من أبرز ما تكشف عنه تلك العلاقة الوطيدة التي ربطت بين الشيخ مبارك وهذه الشخصية الفرنسية المهمة تلك الرسالة التي بعث بها كوكي إلى الشيخ مبارك للموافقة على إجراء مساع حميدة بتوسيط روسيا وفرنسا للتصالح بينه وبين الباب العالي في تركيا بعد أن تأزمت العلاقة بينهما نتيجة إعلان الحماية البريطانية(1).
هوامش
(1) كتب هذا الاسم في المصادر الحديثة بأكثر من رسم مثل 'غوغيه' و'غوغي' و'غوغييه' و'جوجيه' وقد أثبتنا الرسم الذي اعتمده هو لنفسه فقد كان يوقع رسائله العربية على هذا النحو.
انظر كتاب 'بحوث مختارة من تاريخ الكويت' إصدار مركز البحوث والدراسات الكويتية، الكويت 2005م، ص68.
(2) Saldanah: p.21.
(1) انظر تفصيل ذلك في أثناء الحديث عن علاقة الشيخ مبارك بالدولة العثمانية.
(1) الخصوصي، بدر الدين: دراسات في تاريخ الخليج العربي، الكويت ،1988 ص147
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09-02-2008, 02:45 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09-02-2008, 02:45 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 09-02-2008, 02:47 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 09-02-2008, 02:47 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

ونخلص من استقراء رسائل الوكيل الإخباري في الكويت إلى أن موقف بريطانيا من الكويت والشيخ مبارك مر في مرحلتين: الأولى مرحلة المراقبة وتسجيل ما يجري في الكويت وما يجري في داخل الجزيرة العربية من أحداث وتغيرات، وبيان علاقات الشيخ مبارك مع الدول الكبرى مثل الدولة العثمانية وروسيا وألمانيا، ومعرفة الأغراب الذين يزورون الكويت وبيان أهدافهم وكانت زيارة السفن البريطانية محدودة نسبيا. وهذا لا يمنع من الاتصالات السرية المباشرة التي كانت تتم بين الشيخ مبارك والمقيم السياسي البريطاني التي توثق وتفصل وتزيد من مساحة المعلومات التي قدمها الوكيل الإخباري علي بن غلوم.

المرحلة الثانية
أما المرحلة الثانية فقد كانت مرحلة التدخل المباشر للحماية، وقد بدأت هذه المرحلة على وجه الخصوص بعد معركة الصريف في مايو ،1901 فقد أرادت الدولة العثمانية استغلال مرحلة ما بعد الصريف للتدخل في شؤون الكويت، ظنا منها أن الشيخ مبارك لم يعد في القوة التي تمكنه من مواجهة الأتراك. وقد تحركت عناصر من الجيش السادس من بغداد إلى البصرة بهدف الوصول إلى الكويت، كما قامت الدولة العثمانية بتشجيع ابن رشيد على تشديد هجماته على الكويت.
ولم تقف بريطانيا مكتوفة الأيدي إزاء هذا الأمر، ورأت أنه من الواجب القيام بعمل مباشر لتفعيل الاتفاق الذي بينها وبين الكويت وتقرر إرسال سفينة حربية وتبعتها ثانية وتم إعداد ثالثة لتكون جاهزة، وقد رابطت السفينة الأولى (سفنكس) في ميناء الكويت.

محسن باشا في الكويت
وفي هذه الأثناء زار الكويت والي البصرة محسن باشا في 29 من محرم 1319ه (الموافق 18 مايو 1901). وقد زعم أنه جاء للسلام على الشيخ مبارك وليعرف أسباب موقفه من الدولة العثمانية وميله إلى بريطانيا في الوقت الذي كانت فيه الخطط العسكرية التركية لاحتلال الكويت جارية. وقد واجه الشيخ مبارك هذا الموقف بعدة إجراءات. أولها أنه قد أرسل ابنه الشيخ جابر لاستقباله عند الجهراء وكان معه أربعمائة فارس، وكان قصد الشيخ مبارك أن يعرف الوالي قدره من خلال استعراض لقوته. والثاني أنه طلب من قائد السفينة البريطانية أن يحضر اللقاء الأول معهم. أما الإجراء الثالث فهو تحديد مدة الزيارة بثلاثة أيام فقط وقد عاد محسن باشا إلى البصرة بعد أن تأكد تماما من ميل الشيخ مبارك إلى البريطانيين على لسانه وعلى لسان الشيخ جابر المبارك الذي أجاب بمنتهى الوضوح عن استفسار الوالي بأننا 'لنا عزم على اتباع دولة الإنكليز على ما نراه منها من الشفقة والحمية أما دولة الترك فلم نر منها سوى الأذى والمشقة' وأشار إلى الحشود التركية لغزو الكويت، وذكر أن الكويت بفضل الله قوية وقادرة على المحافظة على حدودها برا وبحرا. ورفض الشيخ مبارك كل العروض والإغراءات التي قدمها محسن باشا، وسيأتي تفصيل ذلك فيما بعد. (انظر رسائل الوكيل الإخباري في ،12 ،21 24 مايو و7 يونيو 1901).
ويذكر سلوت في كتابه عن الشيخ مبارك الصباح أن القوات العثمانية تحت قيادة محمد باشا الداغستاني قد صدرت لها الأوامر بالعودة إلى العمارة لأسباب ثلاثة أولهما أن مباركا قد دفع سبعة آلاف ليرة تركية إلى قائد الجيش وخمسة آلاف إلى محسن باشا والي البصرة، وثانيهما وجود السفن الحربية البريطانية بالقرب من الكويت، أما الثالث وهو الأرجح انتشار مرض الطاعون في البصرة، فقد أجبر هذا الوباء الخطير الأتراك على إيقاف تحركهم إلى البصرة.
إعلان الاتفاقية
وبعيدا عن تفصيلات هذه الفترة التاريخية التي أفرد لها كل من بونداريفسكي وسلوت صفحات عديدة فإننا سوف نقتصر، فيما يلي، على ما ذكره الوكيل الإخباري من أحداث:
- في 24 من أغسطس 1901 وصلت إلى الكويت السفينة العثمانية زحاف. وقبل نزول قائدها إلى البر أنذره بيرس Pers قائد السفينة الحربية البريطانية برسيوس Perseus التي كانت آنذاك راسية في ميناء الكويت بعدم السماح بنزول عسكري تركي إلى البر، وأن عليه النزول وحده إذا ما أراد لقاء الشيخ مبارك. وقد رضخ القائد لأوامر القائد البريطاني، ثم كان لقاؤه الساخن مع الشيخ مبارك وابنه الشيخ جابر الذي انتهى بطرد القائد التركي بعد أن هدد بغزو الكويت برا وبحرا كما جاء في رسالة الوكيل الإخباري بتاريخ 24 أغسطس 1901. وكان هذا أول انكشاف لسرية الحماية البريطانية.
- في 7 نوفمبر 1901 زار الكويت السيد رجب النقيب وحاول أن يبقي على علاقة الشيخ مبارك بالدولة العثمانية إلا أن الشيخ مبارك أصر على موقفه وذكر أن 'ليس للترك حق علينا، بل نحن لنا الحق عليهم وقد استرجعنا لهم بلد القطيف وبلد الأحساء بالسيف، ولم يكن رئيسنا من دولة الترك' وأكد أنه قد جعل نفسه ورعاياه وجميع عشائره في حماية الدولة الإنكليزية.
- ذكر الوكيل الإخباري في رسالته المؤرخة في 1 ديسمبر 1901 وصول تلغراف من الباب العالي إلى والي البصرة يفيد بأن على الشيخ مبارك أن يحضر إلى أسطنبول ليتم تعيينه عضوا في مجلس الشورى أو أن يترك الكويت ويسكن في أي مكان خارجها وإلا أرسلنا عليه جيشا لإجباره على الخروج من الكويت. وأنه في 20 من شهر شعبان 1319ه أي في 2 من ديسمبر 1901 سوف يصل الكويت السيد رجب النقيب ومعه مصطفى نوري باشا أخو والي البصرة ومعهما تلغراف الوالي.
وواضح من رسائل الوكيل الإخباري أن هذا الأمر وضع اتفاقية الحماية البريطانية على المحك فقد أرسل الشيخ مبارك إلى المقيم السياسي البريطاني في بوشهر رسالتين مستعجلتين بتاريخ ،17 19 من شعبان 1319ه (29 نوفمبر، 1 ديسمبر 1901)، يطلب فيهما إجابة واضحة وصريحة من بريطانيا تفيد التقيد بمعاهدة الحماية المبرمة في عام 1899 يستند إليها في رده على الدولة العثمانية، وإلا فإنه سوف يعمل على تسوية أموره مع الدولة العثمانية بالطريقة التي يراها مناسبة. مؤكدا أنه إذا لم تبين بريطانيا موقفها في هذا الظرف فمتى يمكن عليها إظهاره؟ (الوثيقتان رقم ،10 11). وقد وصله الرد في 23 شعبان 1319ه (5 ديسمبر 1901) أي في اليوم الثالث من زيارة النقيب بالإعلان الرسمي للحماية البريطانية.
وقد جاء رد المقيم السياسي البريطاني في رسالتين بتاريخ ،23 24 من شعبان 1319ه (،5 6 ديسمبر 1901) ذكرت الرسالة الأولى أن المقيم السياسي قد أرسل إلى السلطات البريطانية يستطلع أوامرها في هذا الشأن، وأن على الشيخ مبارك أن يطلب من النقيب - الذي وصل بالفعل إلى الكويت - إمهاله للرد عليه، وأن للشيخ الحق الكامل في الامتناع عن الرد الفوري في مثل هذا الأمر الخطير. وفي اليوم الثاني وصلت الرسالة الثانية من المقيم السياسي والتي يؤكد فيها التزام بريطانيا بالدفاع عن الكويت والطلب من الشيخ مبارك برفض المطالب العثمانية. وهكذا غادرت السفينة 'زحاف' ومعها رجب النقيب ومصطفى نوري باشا دون تحقيق الهدف من زيارتهما (الوثيقتان ،12 13).
وقد جمع الشيخ مبارك في اليوم التالي تجار الكويت ووجهاءها وأعلن لهم الاتفاق الذي تم مع الحكومة البريطانية، وقد باركوا له حسن تصرفه في إقدامه على هذا الأمر.
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 09-02-2008, 02:48 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

وكان من نتيجة إعلان الحماية أن بدأ تحرش العثمانيين بالكويت، ففي 14 فبراير ،1902 حيث أقام الترك خمس خيام لعساكرهم في جزيرة بوبيان، وقد أبلغ الشيخ مبارك البريطانيين، فأرسلوا السفينة سفنكس إلى هناك لاستكشاف الأمر.
وعند هذه الأخبار تنتهي أهم القضايا التي تمس العلاقات الكويتية البريطانية وفق ما وردت في أوراق الوكيل الإخباري ويجد القارئ تفاصيل أخرى حول هذا الموضوع (في الفصل الثاني) عند الحديث عن علاقات الشيخ مبارك بكل من الدولة العثمانية وإمارة آل رشيد. إضافة إلى ما جاء في نصوص الرسائل.
ثانيا - الشيخ مبارك الصباح والدولة العثمانية
يكشف ترتيب الأحداث حول علاقات الشيخ مبارك بالدولة العثمانية في رسائل علي بن غلوم عن كثير من المعلومات. ولا نريد الادعاء بأن تلك المعلومات جديدة بالنسبة إلى ما كتب في تاريخ هذه الحقبة أو أنها أحداث مكتملة السياق، ولكنها تقدم تفصيلات أولية لم تنلها أقلام المصنفين بالتعديل والتحرير، ولم تطلها أيادي المؤلفين المعاصرين. فمن الواضح أن اللقاءات التي تمت في الغرف المغلقة قد نقلت بحذافيرها - ومن أصحاب الشأن أنفسهم- بكل ما تحمله ألفاظهم من بساطة وبعد عن الرياء.
وتسجل رسائل علي بن غلوم مراحل الأطماع العثمانية في الكويت منذ أن بدأت تظهر الإشاعات حول اتفاقية الحماية التي عقدها الشيخ مبارك الصباح مع الحكومة البريطانية في يناير عام 1899 وتشير أول رسالتين مؤرختين في 4 و5 سبتمبر 1899 بعث بهما علي بن غلوم إلى ممثل المقيم السياسي البريطاني في البحرين محمد رحيم بن عبدالنبي إلى بداية المضايقات العثمانية. فقد تحدث في الرسالتين عن وصول أميرال بحري عثماني من البصرة إلى الكويت بتاريخ 2 سبتمبر ،1899 وكان معه خمسة عساكر. وقد نزلوا في تلك الليلة في بيت الشيخ مبارك. وبعد سؤال هذا الشخص عن دوافع قدومه إلى الكويت، ومن الذي أوفده إليها، ذكر أنه مأمور من الباب العالي وبتكليف من حمدي باشا والي البصرة ليكون قائدا بحريا في الكويت.
فقال له الشيخ مبارك إن بلده لا تحتاج إلى قائد بحري وأن عليه أن يعود من حيث أتى وألا يتم تنزيل شيء من حمولته وأن يسافر في الليلة نفسها. فأجاب القائد البحري بأنه لم يكن يتوقع معاملته بهذه الطريقة وإعادته بهذه السرعة، وأن في ذلك إهانة للدولة العثمانية، وأن الوالي سوف يستاء من هذا الأمر. فرد عليه الشيخ مبارك بأنه لا يريد سماع أي حديث في هذا الأمر وعليه العودة فورا إلى البصرة. وقد عاد بالفعل في الليلة نفسها بحال من الذل والهوان بحسب تعبير علي بن غلوم.
ولم يكتف الشيخ مبارك بهذا الأمر بل أمر الوكيل الإخباري علي بن غلوم أن يكتب على لسانه رسالة منه إلى السيد محمد رحيم ممثل الوكيل السياسي البريطاني في البحرين يصف فيها ما حدث، ويؤكد أن وراء كل ذلك والي البصرة حمدي باشا الذي يضمر له العداء منذ العام الماضي. ويبين أن ذلك العداء بدأ منذ مجيئ المندوب البريطاني إلى الكويت بصحبة محمد رحيم في وقت توقيع المعاهدة بين الكويت وبريطانيا، وبين الشيخ مبارك أيضا أنه لن يعير حمدي باشا أي أهمية التزاما بالاتفاق.
وذكر الشيخ مبارك أن تصرف حمدي باشا نابع من حسده وغيرته، فنحن نحكم الكويت منذ ثلاثمائة سنة، وحكومة الكويت تحت تصرفنا ندير زمام الأمور بها، فقد كانت الكويت أرضا قفراء جاءها جدنا الشيخ صباح مع جماعة من أقاربه وأنصاره فقطنوا بها وبدؤوا بعمارة أرضها وقد كان بداية ذلك الأمر عام 1017ه(1).
وقد أرسل الشيخ مبارك إلى المقيم السياسي نسخة من الرسالة التي بعثها حمدي باشا وهي مؤرخة في 17 ربيع الآخر عام 1317ه الموافق 25 أغسطس 1899م والتي يذكر فيها أنه من اللازم 'وجود رئيس ليمان (ميناء) بطرف الكويت للنظارة (الإشراف) على السفن المترددة لذلك الطرف.. وأنه قد تم تعيين رئيس ليمان البصرة حسن أفندي رئيسا على ليمان الكويت'. كما أرسل رد الشيخ مبارك على حمدي باشا والي البصرة وهو مؤرخ في نفس يوم ورود المبعوث التركي حسن أفندي أي في يوم 25 ربيع الآخر 1317ه الموافق 2 سبتمبر ،1899 وفيها يذكر الشيخ مبارك أن الكويت لا تستقبل سفنا أجنبية وأن هذا المحل أهله وحشيين(1) (أي أحرار) ولسفنهم تراجع إدارة ليمان البصرة فلا معنى لتغيير ما جرت عليه العادة من قبل (الوثيقة رقم 14).
كما أرسل الشيخ مبارك توضيحا مع الرسالتين المذكورتين يذكر فيه أن الإدارة العثمانية منذ مجيئكم مع المقيم السياسي البريطاني في رمضان الماضي (أي زمن توقيع المعاهدة) وهم مستطيرون، رغم أن معاملتنا معهم كانت على جاري العادة، وقد بعثنا إليكم بصورة الرسالة التي وصلتنا منهم أخيرا وبصورة ردنا عليها. ونفيدكم أن حمدي باشا (والي البصرة) يتربص بنا منذ ولايته السابقة، وهو رجل غشوم وسماع وليس له استقامة حال، ولا هو قدر ولاية ومع أن رسائلنا إليه كلها كانت بالملاطفة فإنه باق على حقده وعداوته وتشبثه بأملاكنا.
وذكر أن الكويت أنشأها جده صباح منذ ثلاثمائة سنة أي منذ عام 1017ه وما لأحد فيها مدخل غير آل الصباح، ولا لأحد تمسك بها ولا دليل له على ذلك (الوثيقة رقم 15).
والجدير بالذكر، أن حمدي باشا كان واليا على البصرة حينما تولى الشيخ مبارك زمام السلطة في الكويت، وقد أراد ذلك الوالي أن يستغل أحداث مايو عام 1896 في الكويت ليفرض سلطة الدولة العثمانية عليها. وقد استطاع الشيخ مبارك بنفوذه وصلاته السياسية مع أصحاب القرار في الآستانة أن يطيح بحمدي باشا ويبعده عن ولاية البصرة.
ولما علمت الآستانة في يناير سنة 1899 بأخبار الاتفاقية السرية بين الشيخ مبارك وإنكلترا، وتوقعت أن يكون ذلك بداية مرحلة من التوسع الإنكليزي في حوض الخليج العربي، قرر السلطان عبدالحميد الثاني وأعوانه المقربون تغيير سياستهم تجاه الكويت بهدف تعزيز النفوذ العثماني فيها، ومن ثم أعادوا حمدي باشا مرة ثانية إلى ولاية البصرة لما عرف عنه من رغبة في تنفيذ تلك السياسة.
وكان من أول أعمال حمدي باشا بعد عودته إلى الولاية أن قام بإبعاد من له علاقة بالشيخ مبارك من أعيان البصرة، وأمر بتغيير موظفي البريد والتلغراف الذين كانوا يطلعون مبارك والإنكليز على البريد والتقارير المتبادلة بين الوالي والباب العالي.
وبدأ في تشجيع الباب العالي على اتخاذ تدبيرات حاسمة تجاه الشيخ مبارك مدعيا أن ضم هذه الإمارة إلى الامبراطورية العثمانية سيعود على خزينة الدولة بمبلغ إضافي يقدر بأكثر من خمسين ألف ليرة سنويا، وكان من التدبيرات التي قررها حمدي باشا إرسال رئيس ميناء البصرة ليكون مسؤولا عن ميناء الكويت وهو الذي كان من أمره مع الشيخ مبارك ما كان بحسب ما فصلناه أعلاه.
وقد بدأ الشيخ مبارك حملة جديدة لدفع أذى حمدي باشا، ولم تقف تلك الحملة عند الشكوى التي بعث بها إلى المقيم السياسي البريطاني ليحيطه علما بما حصل بل كانت له وسائله الخاصة في تأليب أصحاب القرار في الآستانة على حمدي باشا، وقد أسفرت تلك الحملة عن إقالة حمدي باشا من منصب والي البصرة وإحلال محسن باشا -صديق الشيخ مبارك - محله. ولم يقتصر الأمر على ذلك بل حصل الشيخ مبارك على اعتراف من الباب العالي باستقلاله التام عن ولايتي البصرة وبغداد. فذكر المندوب الإخباري علي بن غلوم في رسالته المؤرخة في 26 نوفمبر 1899 أن الشيخ مبارك قد تسلم تلغرافا من الباب العالي في الآستانة يفيد أن اتصالاته ينبغي أن تكون مباشرة مع الباب العالي وألا يكون ذلك من خلال والي البصرة أو بغداد. وهذا الأمر يجعل وضع الكويت (في نظر الدولة العثمانية) أشبه ما يكون بوضع مصر وهو اعتراف بكيان سياسي مستقل لا تربطه بولايات العراق العثماني رابطة.
ثم تتابعت الأحداث بين الطرفين، فالدولة العثمانية كانت تسعى بالترغيب أو الترهيب إلى السيطرة على الكويت، والشيخ مبارك كان دائما في وضع الحاكم الذي يعمل على المحافظة على استقلال بلده ويرفض أي تدخل من الدولة العثمانية.
(1) في خطاب الشيخ مبارك يبين فيه حدود الكويت يذكر فيه ان تاريخ نزول الصباح في الكويت هو 1022 هجرية، أي 1613 ميلادية. والتاريخان متقاربان.
(1) هكذا وردت في الأصل
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتاب الكويت في البطاقات البريدية لعلي غلوم الجامع البحوث والمؤلفات 4 28-01-2021 08:20 PM
الرابط اليسير في رسائل الماجستير أدبنامه القسم العام 0 26-02-2010 03:57 AM
د.منصور غلوم / القبس ولد الميدان القسم العام 0 14-12-2009 05:37 PM
رسائل حسين وشملان بن علي بن سيف PAC3 الوثائق والبروات والعدسانيات 15 16-06-2008 11:36 AM


الساعة الآن 09:31 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت