القصبية في رحاب التاريخ - فرحان الفرحان

[IE]

الكويت تزخر بتاريخها التليد البعيد وعند الرجوع الى الاماكن التي سكنها الاولون يكون بين ايدينا موقع هام ذلك هو القصيبة والذي لم يلتفت له الا الاقدمون في كتاباتهم وقد كتبت بحثاً ذكرت فيه ام قصبة في الحديث والقصيبة في القديم في بحث واحد لكن اليوم اريد ان اتحدث عن القصيبة كقطعة ارض من الكويت شهدت مواقع وحوادث ودخلت بالتاريخ وكان لها نصيب من الكتابات التي سطرها الاقدمون وبودي ان اتحدث عن الاجواء التي مرت بهذه المنطقة وهذا المكان من سكن القصيبة بالقديم اين تقع القصيبة ما هي المناطق القريبة منها وشاركتها بالبقاء على مر السنين حتى وصلتنا الى اليوم ما سبب شهرتها هل هناك اماكن غيرها معروفة بهذا الاسم في القديم من كتب عن القصيبة ومن تغنى بها من الشعراء هذه مجموعة تساؤلات تجعلنا وتفرض علينا ان نتعايش مع هذه المنطقة القصيبة لنستطيع ان نكمل قصتها حتى وصلت بتاريخها لنا الى اليوم ـ وهنا اقول ـ ان اول من ذكر لنا القصيبة هو الاعشى في قصيدته:
يا جارتي ما كنت جاره
بانت لتحزننا عفاره
وسنأتي على القصيدة كاملة فيما بعد.
اذن من هو الاعشى المشهور، الاعشى ميمون بن قيس وهو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن سعد بن مالك بن ضبيعه بن قيس بن ثعلبة احد عشرة من شعراء المعلقات كان مقر سكنه في (منفوحة) قرب مدينة الرياض اليوم كانت منازل قيس بن ثعلبة وهم اهل الاعشى موزعين بين نجد المنفوحة وما حواليها وبين شرقي الجزيرة العربية من الكويت حتى الامارات اليوم وكان تواجدهم في ارض الكويت اكثر حين نزحوا بعدها الى العراق حتى ديار بكر في تركيا.
كان الاعشى قد ولد قبل الهجرة بثلاثة وسبعين سنة (73) وكان عمرو بن هند الذي قتل بعض بني تميم قرب القصيبة قد قتل قبل مولد الاعشى باثنتي عشرة سنة لهذا فإن الاعشى بعد ولادته بفترة قصيرة تلقف الاخبار وحوادث الايام في تلك المنطقة خصوصاً ما يجري حول القصيبة ، ام قصبة اليوم في ميناء عبد الله وحولي الضباعية الضبيعه في القديم وهي القسيمة التي تدل على اسم الضبيعة بن قيس بن ثعلبة وخصوصاً ان سكان هذه المناطق بني قومه يتابعون كل صغيرة وكبيرة بحوادث الايام وما يجري في هذه المنطقة وينقلونها الى الاعشى الناطق الرسمي بل الصحيفة التي تذيع الاخبار اولاً بأول لبني قومه حيث يصيغها شعراً وهكذا كان قد ذكر القصيبة والضبيعة ويمكن ان يعتبر هو اول من ذكر هذه المناطق شعراً وسبقاً وهنا نسجل قصيدته التي ذكرناها هي يا جارتي ما كنت جارة حيث يقول:

إنا ورثنا العزّ

يا جارتي، ما كنت جاره
ترضيك من دلّ ومن
بيضاء ضحوتها وصفـ
وسبتك حين تبسمت
بقوامها الحسن الذي
كتميل النشوان ير
ويجيد مغزلة الى
ومها ترفّ غروبه،
كذرى منور اقحوا
وغدائري سود على
وأرتك كفاً في الخضا
وإذا تنازعك الحديـ
من سرّك المكتوم تنـ
وتثيب احياناً فتط
تبلتك ثمّت، لم تنلـ
وما بها ان لا تكو
إلا هوانك، إذ رأت
ورأت بأن الشيب جا
فاصبر فإنك طالما
ولقد أنى لك ان تفيـ
ولقد لبست العيش أجـ
وأصبت لذات الشبا
ولقد شربت الرّاح أسـ
حتى اذا اخذت مآ
فاعمد لنعت غير هـ
يعدو على الاعداء قصـ
وسم العلوب، فإنه
لا ناقصي حسب، ولا
وبني «بديدي» إنهم
ليسوا بعدل حين تنـ
بدر وحصن سيدي
ولا الى الهرمين في
ولا الى قيس الحفا
ولا كخارجة الذي
وحملت اقواماً على
ولقد علمت لتكرهـ
ولسوف يحبسك المضيـ
ولسوف تكلح للأسنّـ
وتسير نفس فوق لحـ
وهناك تعلم ان ما
وهناك يصدق ظنكم
ولا براءة للبري
إلا علالة او بدا
او شطبة جرداء تضـ
تغدو بأكلف من أسو
وبنو ضبيعة يعلمو
إنا نوازي من يوا
لسنا نقاتل بالعصـ
قضم المضارب باتر،
وتكون في السلف الموا
أبناء قوم قتلوا
فجروا على ما عودوا،
والعود يعصر ماؤه
ولا نشبه بالكلا
فاقدر بذرعك أن تحين،
فأنا الكفيل عليهم،
ولقد حلفت لتصبحـ
ولتصبحنك كأس سُـ
ولقد علمتم حين ينـ
أنا ورثنا العزّ والـ
وورثت دهماً دونكم،
إذا أنتم بالليل سرّا

بانت لتحزننا عُفاره
حسن، مخالطه غراره
راء العشية كالعراره
بين الأريكة، والستاره
جمع المدادة، والجهاره
فل في البقيرة، والإزاره
وجهي تزيّنه النضاره
يشفي المتيم ذا الحراره
ني قد تسامق، في قراره
كفل تزينه الوثاره
ب، وساعداً مثل الجباره
ـث ثنت، وفي النفس ازوراره
أى عن هواك فلا ثماره
ـمع ثم تدركها الغراره
ـك على التجمل والوقاره
ن من الثواب على يساره
من دونها باباً وداره
نبه البشاشه والبشاره
اعملت نفسك في الخساره
ق من الصبابة والدعاره
ـمع، وارتديت من الإباره
ب، مرفلاً ونعمت ناره
قى من إناء الطهر جاره
خذها تغشّتني استداره
ذا مسحل ينعى النكاره
راً، وهو لا يعطي القساره
أبقى على القوم استناره
أيدي، اذا مدّت، قصاره
أهل اللآمة والصغاره
سبهم الى اخوي فزاره
قيس بن عيلان الكثاره
بيت الحكومة والخياره
ظ، ولا الربيع ولا عماره
ولّـى الحمالة والصباره
حدباء، تجعلهم دماره
ـنّ الحرب، من اصر وغاره
ـق بنا، فتعتصر اعتصاره
ـة كلحةً غير افتراره
ـيتها، ولي سلها إحاره
قدمت كل هو المطاره
ان لا اجتماع ولا زياره
ء، ولا عطاء ولا خفاره
هة سابح، نهد الجزاره
بر بالمدجج ذي الغفاره
د الرقمتين، حليف زاره
ن بوارد الخلق الشراره
زيهم، وننكى ذا الضراره
ـيّ، ولا نرامي بالحجاره
يشفي النفوس من الحراره
زي منقراً وبني زراره
يوم «القصيبة» من «أواره»
ولكل عاداتي أماره
ولكل عيدان عصاره
ب على المياه، من الحراره
وكيف بوّأت القداره
أن سوف تعتقر اعتقاره
ـن ببعض ظلمك في محاره
ـمّ في عواقبها مراره
سب كل حي ذي غضاره
ـمجد المؤثل ذا السراره
وأرى حلومكم معاره
قي، وصبح غدي صراره
هذه الابيات التي يذكر فيها بعض المواضع والقبائل وفروعها وبذكر الروضتين اليوم الرقمتين، لقديم الرجل كان يعيش في كثير من الايام بين ظهراني بني قومه في منطقة الضبيعة والقصيبة فإنه سمع عن قصة عمرو بن المنذر كيف القى القبض على الف من بني تميم وقام باحراقهم جنوب داره وهي رجم المزارع العدال اليوم هذه القصة سنأتي عليها في الحلقة التالية من هذا البحث الذي يتعلق بالقصيبة وتاريخها.