عبدالعزيز الصانع

[فاعل خير]

مفسرا سبب إطلاق اسم العائلة
عبدالعزيز عبدالحميد الصانع: نحن صناع الموازين الدقيقة

03/10/2006 - القبس
أجرى الحوار: جاسم عباس

في مستهل لقائنا مع السيد عبدالعزيز عبدالحميد عبدالعزيز الصانع غاص في تاريخ العائلة واصولها، فقال:
جاء اسم الصانع لأن اجدادنا كانوا صناع الموازين الدقيقة، وبعضهم جلدوا القرآن الكريم من جلد الخروف، وذكر الجاحظ في كتاب 'البخلاء' عن اسرتنا اننا من الصناع المشهورين، وعمي احمد عمل بتقويض الجفل (ذيل الخروف)، كان يفركه حتى يلين بعد تسخينه ثم يفلتره ويستخرج منه الدهن، فكان دهانا جيدا حتى بعد ان تم استيراد الزيوت من العراق، وعمي ناصر كان يعمل بالذهب حتى منع من دخول بومبي مع عبدالمحسن العدواني.
واصولنا التاريخية من 'البريدة' ثم سكنا 'المجمعة' ثم الكويت مع آل العبدالرزاق صاحب الدروازة، وبني مسجد في هذه المنطقة من الطين، ومعنا عائلة المزيد نحن خوالهم، والمطيع من اهلنا سموا بهذا الاسم لأن خال جدتي ذهب الى الحج على الجمال، كان رجلا نشيطا ومطيعا سمي بالمطيع، واولاده حملوا هذه الصفة وهي الطاعة وخدمة الحجاج، ونحن من المناصير 'العنزة'.
واضاف ابو سعود: انا من مواليد عام 1933 محلة الصبيح، وفي بداية السكن في الكويت لم يكن يسمى بالفريج، ومن الجيران احمد الفوزان، البراك، الحميضي، ثم انتقلنا الى فريج الفوادرة ايضا بالحي القبلي غربي سكة بهيتة منهم ابو راشد والخليفة وسالمين.
وعن سنة المجلس، قال الصانع: كان عمري 5 سنوات، والدتي ادخلتنا البيت وهي تصيح 'رمي - رمي بالرصاص'، والدي رحمه الله كان من ضمن المجموعة التي سجنت بسبب سوء فهم بين الوالد والشيخ احمد الجابر، وزال هذا السوء بالعقل، لأنه سيد الاحكام، وعند خروجه من السجن كان في استقباله حوالي 2000 مواطن كويتي، وهذا دليل على شعبيته آنذاك، بعد ذلك عين مديرا للشركة الاهلية للمياه براتب 40 روبية، وله جزء عيني من بركة الماء، ونسبة من الرطب الحلاوي المشبع، ثم عين مديرا للبلدية في الخمسينات، وعضوا في الهيئة التنظيمية في المجلس الاعلى لإدارة شؤون البلاد خلال الفترة 1959 الى ،1962 فكان، رحمه الله يصرف من ميزانية البلدية للفقراء والمحتاجين، حتى عجزت الميزانية، فاتهموه بالسرقة، فتدخل الحاكم الشيخ عبدالله السالم الصباح، قائلا: انا اعرف عبدالحميد الصانع، وأعرف 'البير وغطاه'، انه وزع على المساكين، بعد ذلك عين مديرا للصحة وبسبب سوء تفاهم مع الشيخ فهد السالم في المستشفى الاميري حصل اعتداء عليه، فاشتكى والدي عند الحاكم وقدم استقالته.
وقال: والدي كان اديبا وشديد الولع بالقراءة، وله دور بارز في انشاء اول مكتبة عامة في الكويت مع الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، وكان عضوا في لجنة الاغاثة لمتضرري الامطار سنة الهدامة عام 1954.
وتحدث ابو سعود عن ديوان والده، فقال: حوله الى مقر الجنسية الكويتية في عام ،1959 ولجنة تدوين تاريخ الكويت، فأصدر مجلة 'كاظمة' عام ،1948 وكان مقربا من الشيخ احمد الجابر، والشيخ عبدالله السالم مع نخبة من علماء وادباء الكويت، ولد عام 1894 وتوفي رحمه الله عام .1973
بر حولي
تحدث أبو سعود عن حب والده لقرية حولي، لأن فيها المزارع والسدر، وآبار مياهها صالحة للزراعة، وهواء طيب عليل، قرية كانت منتجعا لعشاق البر، فقال: كنا نخرج اليها كلما سنحت الفرصة للوالد، وبالقرب من منزله اتذكر بئر ماء حلو وعذب:
'ماء الحولي مثله ما دارا
من حسنه قديته الافكار'
وقرية حولي بيوتها من الطين، ويسمى هذا النوع من البناء 'العروق'، والدي رحمه الله بنى مسجدا في جهة قبلي حولي عام 1950م سمي مسجد الصانع.
واضاف: كنا ندخل بوابة البريعصي (الشعب حاليا) وكنت اشاهد سيارات النقل مثل اللوري وكان الطريق ترابيا، وهذه الرحلة الى حولي كانت تسمى 'طلعة'، والعودة منها 'مدره'، ولا أنسى نباتاتها واعشابها التي منها: الخبزان- مصيلمو- الحوه- الخبيز- اصابع العروس- البسباس- كريص-الربله- خواتم العروس- جلاب- الصميخ- النوبر واليواد.
قرية غنية بالامطار حيث تتجمع المياه فتكون فرجة للناس وينقلون منها على الحمار الماء النظيف، وبعض النساء يغسلن الملابس، حولي كانت منتجعا وملاذا للترفيه ولكن اين هي الآن من الماضي والحلم الذي عشناه؟
الدراسة والعمل
أبو سعود درس في المدرسة الأحمدية التي تعتبر ثاني مدرسة نظامية تأسست في الكويت عام 1920م، وفي عام 1957 هدمت وأعيد بناؤها من جديد، وموقعها كان على البحر في الحي القبلي - شارع الخليج العربي، ثم درس في المدرسة القبلية وثانوية الشويخ حتى عام 1957م، ثم انتقل الى الجامعة الأميركية في القاهرة - تخصص مكتبات بناء على نصيحة من عبدالله الحمد، وانتسب ابو سعود الى جامعة بيروت العربية حتى 1968م فحصل على ليسانس، ودخل دورة في معهد التخطيط.
وعن اعماله قال: عملت في التربية عضوا فيها، ثم اخصائيا اجتماعيا في دار رعاية الضعاف التابع لوزارة الشؤون ثم انتقلت الى معهد الشلل، واخيرا عملت في التجارة مع أخي ابو جميل.
هوشة عمارة الدبوس
وتذكر ابو سعود المشاجرة التي قال عنها: 'هوشة' أو 'المهاوش' الجدال الذي أدى الى تشابك بالايدي عرفت قوة الشباب الكويتي الواحد منهم كنا نسميه يابس- عرد- خشن- حرش- إمزرعد- جثه.
وقال: لا انساها في عمارة الدبوس على البحر، كانت مستودعا لبيع المواد الانشائية والتعمير من البواري والباسجيل والطاري، والخشب والاسمنت، كانت الشقاوة والشراسة، والنزعة والعفرتة، وكل واحد منهم اكشر وبيده المنقاش (آلة حادة)، ومطاعة عصا من الرماح، واتذكر الكرم هو من جذع الشجرة، وحامله يسمى أيضا 'كرم' يعني الشجاع المغوار.
وقال: معركة بين الاحياء، كان زعيمهم 'أبو مشكال' وهو رجل قوي لا يهاب الضرب ولا الموت، كل الادوات التي كانت موجودة في عمارة الدبوس استخدمت في هذه المعركة، ويقال ان احد الوجهاء كان يشجع على المشاجرات ليخلق من بين الشباب الكويتي اقوياء لا يهابون الصعاب.
وبسبب هذه الحادثة منع القرقيعان في تلك السنة.
الخليج المحترم
وقال: سمعت من اذاعة الكويت بيانا عن الاستقلال في 19 يونيو عام ،1961 ان الكويت استكملت استقلالها وألغيت المعاهدة البريطانية، وتم الاتفاق بين الشيخ أمير البلاد المعظم، والمقيم السياسي لصاحبة الجلالة حول الخليج المحترم، والمذيع لم يعرف تركيب الجمل وبشهادة العم الشيخ سليمان الفاضل الصباح، فقال الشيخ أبوفاضل أول مرة اعرف ان الخليج محترم، والمفروض ان يقول المذيع المعتمد البريطاني المحترم.
أخي الشهيد
وبدأ حديثه عن شهداء الكويت بمقولة لصاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير البلاد حفظه الله 'لن ننسى شهداءنا الذين اختلطت دماؤهم الزكية بثرى الكويت الغالي ليكونوا رمز العطاء في ذروته، فلهم عند الله أرفع الدرجات'.
وتمضي قوافل الشهداء على هذه الأرض لتخط للأجيال معالم واضحة، فهذا أخي فيصل الذي كان يأخذ دائما الجانب البعثي، واختلف مع جمال عبدالناصر اثناء دراسته في القاهرة فكان معه في الافكار نفسها يوسف الفاضل وعنبر مال الله، وخليل بوحلي، اتخذوا شعارات البعث طريقا لهم، ولكن الغزو الصدامي البعثي كشفه لهم.
وتذكر عبدالعزيز الصانع النقاش الذي دار بين السفير العراقي وأخيه فيصل فقال له السفير: 'دروح دروح، امشي امشي'، قبل الاجتياح، وأخيرا اخذوه اسيرا مع اخواني وأهلي منهم: عبدالعزيز بن سعود الصانع، وخالد، وناصر، وعدنان اخي قتل في لندن على يد عصابة أردنية، وأخي عبداللطيف قتل في بغداد بأمر من صدام حسين، وبعد البصمة الوراثية تعرفنا على أخي فيصل الشهيد حيث دفن في مقبرة الصليبخات.
وكان رحمه الله من ضمن مجموعة دواوين الاثنين مع احمد النصار واحمد السعدون والمرحوم سامي المنيس، وناصر صرخوه، بعد حل مجلس 1985 حتى قبل الغزو.