راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية
  #1  
قديم 31-07-2008, 02:40 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي سيرة ... الشيخ جابر العيش


جوانب من تاريخ ثالث حكام الكويت
سيرة... «جابر العيش»


يعد الشيخ جابر العيش بن عبد الله الصباح حاكم الكويت الثالث واحداً من أبرز الشخصيات السياسية التي عرفتها المنطقة في القرن التاسع عشر الميلادي ، فبحكمته وعلاقاته الطيبة بمعظم القوى الإقليمية والدولية في ذلك الوقت استطاع أن يمنح بلاده دفعة قوية لتتحول تلك البلدة الصغيرة إلى دولة مستقلة تتمتع باحترام الجميع ، وهو بذلك يكون قد وضع لبنة أساسية في ما أكمله حفيده أسد الجزيرة الشيخ مبارك الصباح بعد ذلك.

واليوم نتطرق لجوانب من حياة هذا الحاكم الذي جمع خصالاً طيبة لعل أبرزها الكرم، والشجاعة، وإغاثة الملهوف، وحب الخير.

مولده ونشأته
كما هو الحال بالنسبة للكثير من الشخصيات المهمة في تاريخنا لا نمتلك معلومات محددة عن العام الذي ولد فيه الشيخ جابر العيش ، ولكن يمكننا الاستدلال بالشواهد التاريخية لتقريب ذلك التاريخ.
فإذا علمنا أن الرشيد في تاريخه ذكر أن الشيخ عبد الله بن صباح بن جابر العيش ولد في سنة وفاة جد أبيه عبد الله الأول 1229 هـ (1814 م) مما يعني أن جابر العيش صار جداً في تلك السنة بولادة الابن الأكبر لابنه البكر فإننا يمكن أن نستنتج أن عمره يومها كان في الأربعين أو بعدها بقليل لوصف ابن مسلم له في قصيدة المدح بالفتى أكثر من مرة.

أي أن جابر العيش ولد حوالي سنة 9011 هـ (1776 م) أو قبلها بسنوات قليلة، وهذا يتوافق مع كونه قد عجز عن أمور الحكم في أخريات أيامه، فأوكلها لابنه صباح قبل وفاته سنة 1276هـ، وهو بحسابنا يكون قد قارب التسعين من العمر، وهو سن معقول لمن يعجز عن إدارة الحكم.

أما ما ذكره لويس بيلي رواية عن الشيخ صباح بن جابر العيش من أن والده توفي عن مائة وعشرين عاماً ( أي أنه من مواليد 1156هـ ( 1743م))، فلا يعول عليه لأن العرب يبالغون عادة في أعمار المسنين من آبائهم ، ولو صح ذلك لكان الشيخ جابر العيش قد تولى الحكم، وقد تجاوز السبعين من عمره؟، فكيف يتوافق ذلك وقيادته للجيوش إبان حكمه، وكيف وُصف خلافه مع أبيه بأنه خلاف الأب المسن مع ولده الشاب الطموح؟!

ونشأ جابر العيش نشأة طيبة دلت عليها صفاته التي تجلت إبان حكمه من شجاعة وكرم، وقد أسند إليه أبوه بعض المهمات، ومنها قيادة القوة الكويتية لمساعدة حاكم البحرين الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة في صراعه مع الشيخ رحمة بن جابر الجلاهمة الموالي، وذلك في معركة بحرية وقعت في ربيع الأول 1225هـ ( إبريل 1810م) ، وقتل في المعركة التي جرت في ( خوير حسان) عدد كبير من الطرفين حتى قال المؤرخ ابن لعبون: ( مات خلق كثير من الفريقين قتلاً وحرقاً وغرقاً، واحترقت السفن بمن فيها) ، ومن بين القتلى الشيخ دعيج بن سلمان الصباح، وراشد بن عبد الله آل خليفة.

توليه الحكم
شهدت السنوات الأخيرة من حكم الشيخ عبد الله الأول بن صباح خلافاً بينه وبين ابنه جابر لم تذكر المصادر سببه سوى أنه مجرد ( مغاضبة) ، وهو وصف لا يوحي بأكثر من خلاف عادي بين حاكم وولده الوحيد المفروغ من وراثته للحكم من بعده ، ويذكر حسين الشيخ خزعل أن هذا الخلاف الذي وقع سنة 1225 هـ ( 1810م) كان سببه التفاوت بين حكمة وتروّي الأب المسن، وحماسة واندفاع الابن الشاب.

وجراء هذه المغاضبة توجه جابر إلى البحرين التي كانت تعد على الدوام الضفة الأخرى من حكم العتوب مما يعني أن جابر لم يذهب بعيداً في خلافه مع أبيه بل بقي بين أقربائه فترة من الزمن قدّر خلالها أن يتوفى الأب يوم الخميس 14 جمادي الأولى سنة 9122 هـ ( 5 مايو 1814 م).

ولكون جابر هو الولد الوحيد المتبقي لأبيه إضافة إلى ما ذكر عن ميل أهل الكويت له لأخلاقه العالية وكرمه، فقد تم استدعائه من البحرين لاستلام الحكم الذي تولاه بالنيابة عنه خلال فترة الفراغ ابن عمه الشيخ محمد بن سلمان بن صباح الأول ، وبالفعل وصل الشيخ جابر إلى الكويت بحراً واستلم زمام الحكم وتمت المبايعة له.

ويذكر الحاتم أن الشيخ محمد السلمان أراد الاستئثار بالحكم لنفسه ، ولكن أهل الكويت كاتبوا جابر العيش طالبين منه الإسراع بالعودة، واستلام حكم أبيه دون أن يذكروا له شيئاً عن أمر الشيخ محمد السلمان ، وعندما وصل جابر العيش استقبله أعيان الكويت في عرض البحر مبايعين مما دعا السلمان لمد يده مبايعاً جابر العيش على رأس المبايعين.

وهذا ما انفرد به الحاتم من ذكر مطامح الشيخ محمد السلمان ، وذلك يتعارض ما ورد في رواية شفوية أخرى من أن الشيخ جابر العيش عندما نزل في ( بنيد القار) - موقع على البحر جنوب مدينة الكويت - استقبله الشيخ محمد السلمان، وقال له: ( يا شيخ جابر. أنا سيفك بيمناك، والبلد حفظتها لك بغيابك ، واليوم هذي بلادك، والأمر والسلطان بيدك ، وأنا عوينك في المعسرات، وعضدك الذي لا يخالفك أو يعصيك) ، فشكره جابر العيش، وأثنى على مروءته وشهامته.

صفاته
كتب الرشيد في تاريخه واصفاً شخصية الشيخ جابر العيش:
( كان جابر.. عاقلاً حليماً حازماً كريماً يضرب بكرمه المثل، وقد سمي ( جابر العيش) لكثرة ما يتصدق به على الفقراء والمساكين ، والعيش في لسان الكويتيين يطلق على الرز ، ومن الغريب أنه مع هذا البذل العظيم لم تكن له من المصادر التي يستقي منها إلا نزر يسير لا ينقع غلة، ولا يطفئ ظمأ ، ولقد عرف كرمه، وارتفاع قدره في السخاء بعض معاصريه من الحكام والأمراء، فرفعوه إلى أعلى مقام تحسده عليه الكواكب النيرة).

ومن الشهادات لجابر العيش في هذا المجال تذكر مقولة الشيخ بندر بن محمد السعدون شيخ المنتفق، وكان موصوفاً بالكرم هو الآخر، ومدائح ابن ربيعة الشاعر فيه تدل على ذلك، فحين سأل جلساه: ( من الذي يستحق وصف الكريم في هذه الجزيرة؟) قال الحاضرون جميعاً: ( أنت أيها الأمير)، فقال بندر: ( ما الكريم في الحقيقة إلا جابر الصباح أخو مريم الذي يبسط الحصر في الأسواق، ويملؤها من التمن للمحتاجين، وليس له واردات تغنيه أما أنا فلا فخر لي، وكثير من أملاك البصرة بيدي).

ويقول المصلح الكويتي يوسف بن عيسى القناعي عن الشيخ جابر:
( المشهور عنه أنه رجل عاقل هادئ الطبع. محب لقومه مشفق عليهم. اشتهر بجابر العيش لكرمه، ولأنه كان يطبخ الأرز للفقراء ، وله عريش قرب بيته يجتمعون فيه، ويقدم لهم الطعام).

ويذكر الشاعر الأحسائي محمد بن مسلم هذا الوصف أيضاً في قصيدته بمدح الشيخ جابر العيش حين يقول:
إلي من جا العصر نادوا عبيده:
هلمّ الى العشا ياللي تريده
تزيد مروّته، الله يزيده
وفضل الله جزلٍ بالعطيّة

وإضافة إلى الكرم يورد الرشيد حكاية تدل على ما كان يتمتع به جابر العيش من وفاء وحفظ للجميل، وملخصها أن جابر عندما كان في البحرين خلال معاتبته لأبيه حل عليه ضيف ليلاً، فذهب إلى تاجر بحريني يدعى( أبو هناد) لشراء شاة لإكرام الضيف، ولكن أبا هناد رفض أخذ مقابل للشاة، وأصر على تقديمها لجابر مجاناً.

ومرت السنوات، ويتولى جابر حكم الكويت ، ويأتي أبو هناد لشراء تمر كثير من أملاك جابر الزراعية في الفاو دون أن يعرف أن صاحبه في تلك الليلة هو الحاكم الآن ، وبعد الاتفاق على الثمن شرع أبو هناد في عدّ القيمة، وعندها قال جابر متجاهلاً: ( يا أبا هناد. إننا لا نريد إلا حقنا الواجب ، وأنت عددت أكثر منه، فكأنك أردت أن تختبرنا في أخذ ما زاد على الحق، فالذي لنا هو نصف ما عددت لا غير).

وحاول أبو هناد إقناعه بصحة الحساب ، ولكن جابر رفض ذلك، وأصر على أخذ نصف القيمة ، وذهب أبو هناد بالنصف الآخر، وهو لا يعرف سبباً لتلك المغالطة الكريمة إلى أن أخبره من يعرف أطراف الحكاية.

وإضافة إلى ما سبق، فإن جابر العيش امتاز بالدهاء كسياسي والحنكة كقائد عسكري، ويورد الرشيد حادثة تبين ذلك عندما قدم جابر بأسطوله إبان محاصرة البصرة خلال الصراع بين عجيل بن محمد السعدون وأبناء عمه حمود بن ثامر سنة 1242 هـ ( 1827م) ، وحدث أن السفن الكويتية لم تنضم مباشرة لحلف (عجيل السعدون، ومتسلم البصرة، وحاكم الزبير علي بن يوسف الزهير)، فأراد الأخير تدبير حيلة.. ( توقع جابر عند الحكومة العثمانية) ، فأرسل إليه حوالة بأضعاف راتب جابر من التمر الذي كان يستلمه من العثمانيين ، فرفض جابر قبول تلك الحوالة، ولم يأخذ إلا ما هو مقرر له سابقاً.

ولم يقبل جابر العيش نصائح كاتبه ( ابن هاشم) بقبول الحوالة الكبيرة لمعرفته بغرض علي الزهير الذي كان يريد إيهام العثمانيين بأن جابر كان قادماً لمساعدة الطرف الآخر، ولم يغير رأيه إلا بسبب ما قدمه له الزهير من مال في الحوالة!!

وبالحديث عن الصفات النبيلة لجابر العيش، فلا نغفل ما يُمدح به الزعيم المحلّي في الأشعار النبطية بأنه : ( زبن الخائف، وحامي الجاني) ، وهي صفة كان الشيخ جابر العيش يمثلها بشكل واضح حتى تكررت الحوادث المؤكدة لها في عهده مرات عديدة، ويبدو أن ورثها عن أبيه الشيخ عبد الله الأول الصباح الذي استقبلت الكويت في عهده عدد من اللاجئين السياسيين الهاربين من سلطة بغداد، ونعني شيخ المنتفق ثويني بن عبد الله آل شبيب، وحليفة متسلم البصرة السابق مصطفى آغا الكردي، وذلك سنة 1203هـ (1789م).

وتضاعفت أعداد حالات اللجوء إلى الكويت في عهد الشيخ جابر العيش كما يتضح لنا من الآتي:
1- رغم مشاركة الشيخ جابر العيش في حصار الزبير لصالح عيسى بن محمد السعدون إلا أن هذا لم يمنعه من استقبال راشد السعدون الذي كان من أقطاب الجانب الآخر في ذلك الحصار.

وكان راشد قد وصل الكويت سنة 1249 هـ ( 1833م) برفقة واحد من آل الزهير ( رغم أن الرشيد يفصل بين الحادثتين) خلال غياب جابر العيش في أحد أسفاره، فقامت أخته مريم مقامه في إكرام الضيف ، فأكبر راشد نباهة تلك المرأة كما أن الإحسان الذي غمره به جابر العيش جعلته حال عودته يقوم بإهداء أراضي زراعية في العراق للشيخ جابر الصباح.

ويذكر الرشيد أن راشد السعدون عرض على جابر العيش أرض المعامر كاملة أو ثلاثة أحواز من الفاو ، فاختار جابر الثلاثة أحواز رغم أن المعامر أكبر وأكثر نخيلاً وعمارة معللاً اختياره بأن الفاو على شاطئ البحر مما يجعل أرضها مرشحة للاتساع لما يرميه النهر من الطمي.

وإضافة لما ذكره الرشيد أرى أن جابر العيش اختار الفاو أيضاً لما يوفره الموقع البحري من حماية لسفن الكويتيين القادمين للاتجار مع البصرة إضافة إلى أن اتصالها الحدودي المباشر مع الكويت يعطي مالكها استقلالية عن ضغوطات الأتراك، وبعداً عن الأحداث التي كانت تموج بها البصرة في تلك الفترة.

2- ممن تذكر المصادر التجاءهم للكويت التاجر السوري ( ضامر بن حويمد) الذي تصدى لجباة الرسوم التابعين لوالي سوريا مصطفى باشا ، وقتل قائدهم برهان بك خلال مواجهة بين قافلة تجارية لضامر والجباة قرب دمشق، وبعد ذلك توجه إلى الكويت طالباً الحماية من جابر العيش الذي وافق على ذلك، وقال له: ( أنت وأهلك في حمانا وضيافتنا ، فكن آمناً هادئاً، ولن يصلك أحد بسوء مازلت مقيماً في حمانا ، وسأمنع عنك كل أذى حتى لو أحوجت الضرورة إلى سل الحسام ، وهؤلاء الكرام جميعهم شهود).. مشيراً إلى حضور مجلسه.

وعندما علم مصطفى باشا بوجود ضامر في الكويت أرسل رسلاً يحملون توصيات من والي بغداد وقتئذ داود باشا ومتسلم البصرة عزيز آغا لتسليم ضامر، ولكن جابر العيش رفض تسليم ضيفه، ولم يستجب لكل تلك الوساطات، وظل ضامر في الكويت إلى أن عزلت الدولة العثمانية مصطفى باشا عن ولاية سوريا، وأعادته إلى اسطنبول ، فأخبر جابر العيش ضامراً بذلك، وخيّره بين العودة إلى بلاده أو البقاء في الكويت ، فاختار ضامر بن حويمد البقاء في الكويت قائلاً: ( لن أرحل عن بلد آوتني، وحمتني من عدوي اللدود في أشد أيام المحن).

3- ضمن سلسلة الملتجئين إلى الكويت في عهد الشيخ جابر العيش نقرأ اسم الأمير خالد بن سعود الكبير آل سعود الذي عينته الحملة المصرية حاكماً اسمياً في نجد حتى تمت إزاحته على يد ابن عمه الأمير عبد الله بن ثنيان سنة 1257 هـ، فتوجه خالد إلى الكويت، ولكنه لم يطل المقام بها حيث عاد إلى القصيم، ومنها إلى مكة المكرمة حيث ظل يتلقى راتباً كبيراً من محمد علي باشا حتى توفي.

4- من بين تلك السلسلة نجد أيضاً الشيخ عبد الله آل خليفة الذي هزم في معركة ضد أخيه الشيخ محمد آل خليفة في نزاع على الحكم في البحرين جرى سنة 1258هـ يتوجه إلى الكويت طالباً النصرة من شيخها جابر العيش، ولكن الظروف لم تسمح للكويت بتلبية طلبه، فاضطر لتركها، والتوجه إلى الرياض حيث لقي نفس الاستجابة.

5- ولجأ إلى الكويت أيضاً في عهد الشيخ جابر العيش شيخ بني كعب ثامر بن غضبان، وذلك سنة 1257هـ (1841 م) بعد أن طرده حاكم عربستان الفارسي من مشيخته ، ولم تطل بثامر الإقامة في الكويت حيث غادرها فيما بعد إلى البصرة، وسبق لثامر هذا أن لجأ للكويت أيضاً بعد أن دمر والي بغداد المحمرة سنة 1253 هـ (1837م) حيث خشي ثامر على عاصمته ( الفلاحية) من التدمير أيضاً ، وظل في الكويت حتى استقرت الأوضاع وعاد إلى بلاده.

أشهر الحوادث في عهده
• ( بناء سور الكويت الثاني وترميمه) - سنة 1230هـ
رغم أن الحاتم يذكر أن بناء السور الثاني لمدينة الكويت تم في عهد الشيخ عبد الله الأول والد جابر العيش إلا أن تحديد ذلك بسنة 1230هـ (1815 م) يبيّن أن بناء السور كان أول الأعمال التي التفت إليها جابر في بداية حكمه.

ونظراً لأن السور بني بمادة هشة هي الطين، فإنه سرعان ما تصدع قبل مرور أقل من ثلاثين عاماً على بنائه مما شجع شيخ المنتفق بندر السعدون لمحاولة غزو الكويت الأمر الذي دعا الكويتيين لترميمه خلال استعداداتهم لصد الهجوم كما سنذكر لاحقاً كما تم توسيع سور الكويت من جهة الغرب لتكون نهايته ( نقعة ابن عبد الجليل) بإضافة بوابة جديدة هي بوابة( البدر) ليصل طول السور الثاني 3200 متراً كما بلغت مساحة المدينة المسوّرة 4 ،27 هكتاراً تقريباً.

· (الدفاع عن البصرة وغزوة النصار) - سنة 1242 و1243 هـ:
استنجد متسلم البصرة عزيز آغا بجابر العيش خلال محاصرة أبناء حمود بن ثامر السعدون للمدينة سنة 1242 هـ (1826 م) رداً على عزل أبيهم عن مشيخة المنتفق، وتعيين ابن عمهم عجيل بن محمد السعدون بدلاً منه ، وسار الشيخ جابر العيش بأسطوله البحري لإنجاد المدينة، وبالفعل شارك مع أطراف أخرى في إنقاذها، ورد المحاصرين الذين انسحبوا إلى المحمرة.

وقد قدرت الدولة العثمانية هذه المشاركة لجابر العيش، فأمرت بتقرير راتب سنوي له يقدر بمائة وخمسين كارة من التمر ، وأهدت إليه فرماناً وعلماً أخضر ، ويذكر الرشيد أن هذا الراتب ظل يجري لآل الصباح إلى أول أيام الشيخ مبارك الصباح حفيد جابر العيش.

وبعد أشهر قليلة قرر متسلم البصرة عزيز آغا استكمال اللحاق بأبناء حمود بن ثامر السعدون الذين تحالفوا مع بني كعب في الأهواز ، فسارت حملة أخرى قادها المتسلم وعجيل السعدون وعلي الزهير حاكم الزبير ، وبعد مكاتبة عزيز آغا للشيخ جابر العيش سار الأخير بأسطوله لمواكبة الحملة، وأرسى سفنه في الهارثة مقابل البريم ، ولكن هذه الحملة لم تكلل بالنجاح المطلوب إذ استطاع بنو كعب الانتصار عليها يوم 24 صفر 1243هـ.

ورغم أن الرشيد يفصل بين الحادثة السابقة، وما درج على تسميته بغزوة النصار إلا أن وقائع التاريخ خاصة ما ذكره مؤرخو الأهواز تبين أن تلك الغزوة حدثت في الجولة الثانية التي شارك فيها الأسطول الكويتي سنة 1243هـ ، ولا يستبعد أن قتل النصار، ( وهم فرع من بني كعب) لرجل كويتي كان الدافع الرئيس لمشاركة الكويت في تلك الجولة حيث يذكر الرشيد أنهم قتلوا رجلاً من آل الدبوس الكويتيين.

وكان الأسطول الكويتي قد تكبد أثناء القتال الذي جرى في شهر صفر عشرين قتيلاً، وعدداً كبيراً من الجرحى، وبينما هم يستعدون للانسحاب قام رجل من الكويتيين يدعى ( سالم) فقد أخويه في القتال برمي نفسه من السفينة عاضاً على سيفه بفمه سابحاً تجاه الأعداء ، وظل الآخرون ينادونه ( سالم.. سالم).

وصادف أن لفظة (سالم) هي صيحة الحرب لدى العتوب، فاعتقدت بقية السفن أن الحرب قد قامت، فبدأوا القتال لتحدث معركة انتصر فيها جيش الكويت انتصاراً كبيراً، وسيطر على منطقة البريم، وغنم الكثير من جيش النصار الذي انسحب، فأراد الكويتيون اللحاق بهم لكن جابر منعهم، وقال بأخلاق الفارس النبيل: ( أتركوا لهم منهزما).

ويبدو أن الغنائم في هذه المعركة كانت كبيرة للدرجة التي دعت شاعراً كويتياً للقول:
خاسرٍ ياللي قعد في الديرة
ما حضر يومٍ على النصار

وبعد استيلاء الكويتيين على البريم ارتفعت معنويات المتسلم وحلفائه ، ورابطوا أمام المحمرة يقصفون حصون بني كعب بالمدافع في حين اتخذ الشيخ جابر العيش لأتباعه حصناً في ( أم الجبابي) بالقرب من سفنه المرابطة في ( أم الرصاص) ، واستمر الحصار حتى حدثت مفاوضات بين الأطراف المتحاربة، وتم الصلح في رمضان من سنة 1243هـ.

ونكمل حديثنا عن سيرة الشيخ جابر العيش في الحلقة القادمة.
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصيدة بن مسلم يمدح و يثني على الشيخ جابر العيش ( نادرة ) AHMAD التاريـــخ الأدبي 3 26-10-2020 01:00 PM
سيرة الحاكم الثامن الشيخ جابر بن مبارك الصباح (1915 -1917م) كويتي متعصب الشخصيات الكويتية 5 05-06-2009 07:54 PM
سيرة المغفور له جابر العلي الصباح ( 1927 - 1994 م ) كويتي متعصب الشخصيات الكويتية 3 29-11-2008 03:50 AM
(((سيرة المغفور له الشيخ على الخليفة الصباح 1879 - 1942 م ))) كويتي متعصب الشخصيات الكويتية 9 29-11-2008 03:49 AM


الساعة الآن 01:06 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت