عبدالله محمد شاهين الغانم
(1332 – 1398هـ) (1914 - 1978م)
المولد والنشأة:
ولد المغفور له بإذن الله تعالى الحاج عبدالله محمد شاهين الغانم في عام 1914م، في فريج الشيوخ وسط مدينة الكويت، وهو من أشهر المناطق القديمة والمعروفة آنذاك في دولة الكويت.
والمحسن عبدالله محمد شاهين الغانم - رحمه الله - هو الابن الأكبر (البكر) لوالده محمد شاهين الغانم - رحمه الله - وكان من نواخذة الكويت المعروفين، وهي مهنة والده شاهين الغانم (جد عبدالله)، الذي يعتبر من أشهر أصحاب السفن الشراعية في عصره في الكويت، وأنجب أربعة من الأبناء هم: خليفة ومحمد وجاسم وعبدالرحمن، عملوا جميعهم في مهنة والدهم وهي التنوخذ.
وقد نشأ المحسن عبدالله الغانم - رحمه الله - محاطاً برعاية أبوين، كان لهما الفضل في تعليمه القرآن وتأديبه بآداب الإسلام، الأمر الذي كان له دور محوري في تشكيل شخصيته فيما بعد.
نسبه وعائلته:
تعد أسرة الغانم من أعرق الأسر الكويتية، لاسيما أنها أنجبت للكويت رجالاً أسهموا منذ القدم في ازدهار الكويت من خلال عملهم "نواخذه"، قبل ظهور النفط وفي التجارة الحرة، كما تقلد الكثير منهم مناصب سياسية وحكومية مهمة.
ويرجع نسب عائلة الغانم إلى الزايد، وكان جد الزايد الأول هو جبر بن علي الزايد، واسم الزايد هو صفة اتصف بها جدهم الأول، لكثرة كرمه وسخائه فسمي (الزايد). والزايد هم من العلي من الدهامشة من العمارات من قبيلة عنزة، وهم من العائلات التي نزحت مع أسرة آل الصباح، من وادي الهدار في الأفلاج في نجد، مروراً بالزبارة (بقطر) وأطلقت عليهم تسمية (العتوب)، وصلوا بعدها إلى الكويت التي كان يسكنها آنذاك بنو خالد، وعاد آل الزايد والجلاهمة وآل الخليفة إلى البحرين واستقروا فيها().
وتتفرع عائلة الزايد في الكويت إلى عدة عوائل، منها عائلة الغانم، ولهذه العائلة رجال لعبوا دوراً كبيراً في بناء الدولة، ومنهم خليفة شاهين الغانم الذي كان يعد – آنذاك – مرجعاً فقهياً وملجأً للفصل في القضايا الاجتماعية، وحل الخلافات العائلية، وقد أسهمت مكتبته الخاصة في إسراء الفكر ونشر الثقافة والعلوم.
ومنهم كذلك محمد شاهين الغانم.. والد المحسن عبدالله الغانم الذي كان مقصداً للاحتكام وحل النزاعات التجارية والمالية، لما عرف عنه من تدين وخلق والتزام.
وقد كان يوكَّل إلى محمد شاهين الغانم – رحمه الله – أحياناً، مهمة الفصل في الخلافات التي تتعلق بالمال والتجارة، فيما تُسند مسؤولية حل القضايا الاجتماعية والعائلية إلى شقيقه الأكبر خليفة شاهين الغانم – رحمه الله().
ومنهم عبداللطيف ثنيان الغانم الذي كان أحد أعضاء اللجنة التي وضعت دستور الكويت، مع الشيخ عبدالله السالم الصباح حاكم الكويت السابق ورجالات من الكويت، وكان أول رئيس للمجلس التأسيسي لمجلس الأمة، وكان له شرف تسليم الدستور الكويتي لصاحب السمو أمير الكويت الشيخ عبدالله السالم الصباح.
ومنهم غانم صقر الغانم، الذي كان أول قائد للشرطة في عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح - رحمه الله - حاكم الكويت السابق.
وعائلة الغانم من حي الوسط (فريج الشيوخ) في منطقة بهيته، وكانت منازلهم كانت ذات تصميم معماري متميز، وكانت مسقوفة بالخشب الهندي (الساج)، وتزينه المشربية، وقد أزيل عند إعادة بناء هذه المنطقة، وما زال منزل الغانم - الموجود حالياً في منطقة الشرق، خلف السفارة البريطانية عند قصر دسمان - شاهداً على تلك الروعة من الجمال في الفن المعماري، حيث جمع بين الفن المعماري العربي، والفن المعماري الفارسي.
تعليمه:
ما إن بلغ عبدالله الغانم - رحمه الله - السن التي يمكن معها تلقي التعليم، حتى دفع به والده إلى الكتّاب كسائر أبناء الكويت في تلك الحقبة، فأكرمه الله تعالى بحفظ أجزاء من القرآن، ثم تعلم القراءة والحساب على يد الملا، لينطلق وهو في مقتبل العمر برحله طويلة من العمل والكدح والعطاء لدينه ووطنه وأهله.
حياته الاجتماعية:
التربية الصالحة والأخلاق الحميدة التي تعمقت جذورها في نفس المحسن عبدالله الغانم - رحمه الله - دفعته للرغبة في تكوين أسرة وكيان اجتماعي، فكانت البداية لحياة اجتماعية جديدة، وتزوج في سن مبكرة، شأنه في ذلك شأن أبناء جيله وأقرانه، وعلى الرغم من ازدياد المسؤوليات، كان المحسن عبدالله الغانم - رحمه الله - عوناً لوالده وخير راع لأسرته.
وما إن رزقه الله تعالى بذرية من الأبناء حتى كرس - رحمه الله - جانباً من حياته لهم، ليغرس فيهم تلك التربية التي نشأ عليها، فأحسن تربيتهم وبذل ما في وسعه لتعليمهم، ليكونوا خير الأبناء النافعين لدينهم ووطنهم، وذلك اقتداء بالرسول المعلم الذي قال: (أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)().
فكانت تلك المسؤولية والرعاية الأبوية قد أثمرت أربعة أبناء أعانوا والدهم في حياته وحملوا الراية من بعده وأحيوا سيرته، وهم اليوم من خير الأبناء النافعين لدينهم ووطنهم، فالابن الأكبر يوسف تبوأ مراكز عدة خدم من خلالها في المجالات الرياضية والاجتماعية، إذ كان مؤسساً لنادي كاظمة الرياضي، ثم عضواً في المجلس البلدي، ثم نائباً في مجلس الأمة، أما ابنه صقر فإنه يعمل بالتجارة الحرة وحقق شهرة طيبة في مجال عمله، وابنه أحمد أيضاً امتهن التجارة الحرة وتميز فيها، وابنه الرابع إبراهيم مدير الإدارة العامة للجمارك وهو من الشخصيات القيادية الناجحة والمتميزة في الكويت.
صفاته وأخلاقه:
تميز المحسن عبدالله الغانم - رحمه الله - بالعديد من الصفات الطيبة والخصال الحميدة، ومنها صفة التواضع والسخاء والتسامح، كما كان - رحمه الله - هادئ الطباع، مقبلاً على عمل الخير، لإيمانه بأن أعمال الخير هي الوسيلة التي يتقرب بها إلى الله، وقد أحبه الناس لصدق قوله وحسن تعامله وعطفه الكبير على الضعفاء والمعوزين وهي بعض صفات الرحماء الذين يرحمهم الله ويحبهم الناس.
عملة وتجارته:
عمل المحسن عبدالله الغانم - رحمه الله - في بداية حياته نوخذة بسفن العائلة مع والده وأعمامه، وقد تدرب على يد النوخذة عبدالوهاب الخليفة، فركب البحر وقاد العديد من السفن الشراعية، وجاب بها مياه المحيط والخليج حتى شواطئ الهند وشرق إفريقيا وجنوب الجزيرة العربية والجزر المتناثرة في المحيط الهندي، واستشعر خلال هذه الرحلات عظمة قدرة الله سبحانه، وعاش مع قوله تعالى في سورة الرحمن: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ (40)}().
كما شارك - رحمه الله - نواخذة الأسرة في العديد من رحلات التجارة، وكان من بين هؤلاء أحمد الغانم ومحمد شاهين الغانم وخليفة شاهين الغانم وجاسم الغانم ومحمد ثنيان الغانم وعلي خليفة الشاهين وعبدالله يوسف الغانم وخالد محمد الشاهين الغانم وغانم شاهين الغانم وشاهين يوسف الغانم.
تعرض النوخذة عبدالله شاهين الغانم للكثير من الصعاب في عمله بالبحر، ومنها تعطل سفينته وهو في رحلة العودة من كراتشي إلى الكويت عند جزيرة "جارك" الإيرانية، وانقطعت به سبل الوصول إلى مبتغاه من رحلته، ساعتها أدركته رحمة الله فذهب بعض أهالي الكويت فزعة وأنقذوا من في السفينة، وكان منهم النوخذة عبدالله ووالده محمد، بواسطة إحدى السفن الكويتية.
وبعد تطور الكويت وازدهارها عمل - رحمه الله - في التجارة العامة والعقار ومواد البناء واعتزل العمل في البحر وقيادة السفن مبكراً، وبقي إلى جانب والده محمد يساعده في تجارته، واستمر في تلك الأعمال حتى وفاته، وقد رزقه الله تعالى من أعماله هذه رزقاً وفيراً، ولم ينس - رحمه الله - حق الله في هذا الرزق فأنفق وأعطى في سبيل الله تعالى سراً وعلانية، وفي الصفحات التالية ما تيسر لنا من معلومات عن أعماله الخيرية.
أوجه الإحسان في حياته:
كما أسلفنا فقد تميز المحسن عبدالله شاهين الغانم - رحمه الله - بكرمه وجوده، وكان إحسانه تقرباً لوجه الله بعيداً كل البعد عن الرياء، فكان يحسن للجميع بأقواله وأفعاله، ونصحه وعفوه وإصلاحه بين الناس، وأمواله ومساعداته، ولكن إحدى الصعوبات التي تواجه كل باحث متتبع لسيرة المحسن عبدالله محمد شاهين الغانم - رحمه الله - وتواجه أيضاً أبناءه: أنه كان يعمل وينفق في أوجه الخير سراً، فلم يحيطوا بكل الوجوه التي بذل فيها الكثير.
كما حرص المحسن عبدالله الغانم - رحمه الله - على المساهمة في كل أعمال الخير والمشاريع الخيرية التي تقوم بها اللجان الخيرية في دولة الكويت وتدعوه للمشاركة فيها، من خلال الدعم والإسهام في بناء أو توفير ما ينتفع به الناس في داخل الكويت وخارجها. وذلك لما تميزت به هذه اللجان من صدق وأمانة ومهنية وتقديم المساعدات للعديد من الدول العربية والإسلامية.
ومن أعماله التي علم بها أولاده منه قبل وفاته ما يلي:
عمارة المساجد وبناؤها:
بيوت الله تعالى في الأرض هي المساجد، وهي موطن الإيمان يأوي إليها وفد الرحمن وضيوف الله، وللمسجد في الإسلام دور كبير في إحياء الإيمان وبعث الفكرة الإسلامية في نفوس المسلمين، فتوجهوا نحوها بالعناية والرعاية، وقد وعد الله كل من طاف بهذه المساجد الخير الجزيل حتى جلوسه فيها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ)().
واغترف المحسن عبدالله الغانم من بحر الجود الرباني والعطاء الرحماني بتعهد المساجد وبنائها، وذلك من خلال الأعمال الآتية:
تأسيس مسجد في "بيت صافا" بالقدس الشريف:
لما كان المحسن عبدالله الغانم - رحمه الله - يتلمس حاجه المسلمين خاصة في البلاد التي يزورها، فقد وجد في إحدى رحلاته إلى القدس الوضع المؤلم في بلدة "بيت صافا"، القريبة من القدس في فلسطين المحتلة، حيث لا يوجد مكان مناسب لإقامة الصلاة فيه، واستوقفه هذا الأمر وقرر أن يبذل ماله في سبيل بناء مسجد لله تعالى هناك تقام به شعائر الصلاة، عملاً بقول الله سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18)}().
وهو مسجد جامع تقام فيه صلاة الجمعة، وكان هذا العمل خير ما يقدمه لأهالي هذه البلدة الطيبة في القدس، وقربة إلى الله تعالى ليكون في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون.
الوقف على مسجد القدس:
لما كان - رحمه الله - يتمتع بشخصية جمعت بين التجارة وحب عمل الخيرات، فقد أمر ببناء محال تجارية على نفقته بالقرب من المسجد الذي أسسه في بيت صافيا، لتؤجر ويستثمر ريعها في تمويل مستلزمات المسجد بصفة دائمة، أي أنه جعل ريعها وقفاً دائماً للإنفاق على مصروفات المسجد، لتكون صدقة جارية له إن شاء الله تعالى.
الإنفاق الدائم على بعض مساجد المملكة المتحدة:
بعد أن تلمس - رحمه الله - النقص في بعض المستلزمات الخاصة للمساجد في المملكة المتحدة من خلال زياراته المتعددة، سارع - رحمه الله - بتزويد هذه المساجد بالحاجيات المهمة، لتؤدي دورها على أكمل وجه، خاصة في دولة غير مسلمة، وكانت هذه العطايا من المحسن عبدالله الغانم خير سبيل لتحقيق الوصية القرآنية بالإنفاق في سبيل الله تعالى القائل في كتابه العزيز: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)}().
وقد كانت إسهاماته في هذا المجال بالمملكة المتحدة كثيرة، ولكنها كانت ضمن أعمال الخير التي تعرف عليها أبناؤه قبل وفاته، وكان إفصاحه عنها لسبب واحد هو أن يكمل الأبناء إنهاء ما تبقى من هذه الأعمال الخيرية، في حين بقي الكثير من الأعمال والتبرعات سراً رحل معه ليلقى به وجه ربه الأعلى.
الكرم والسخاء:
كان المحسن عبدالله الغانم - رحمه الله - كريماً ومنفقاً سخياً على أهله وأصدقائه، يجود بما حباه الله به من خير على كل محتاج، فكان يعطي الفقراء ومن هم في عوز.
ومما اشتهر به - رحمه الله - الكرم وحسن الضيافة للمسافرين إلى الكويت من أبناء الخليج، لأن بيته وقلبه كانا مشرعين لكل ضيف، خاصة إذا ما كان ذلك الضيف من خارج الكويت، وكان - رحمه الله – يسعد باستضافة هؤلاء ويقضي حوائجهم، ويذلل المصاعب التي قد يواجهونها في سفرهم، هذا من ناحية. وورث هذا الكرم من جده الأكبر شاهين الغانم الذي فتح ديوانه (ديوان الشاهين)، ليكون ملتقى للأصدقاء والضيوف من داخل الكويت وخارجها حتى وفاته 1942م، كما ورث حب العمل مع أهل البحر، الذين تميزوا واشتهروا بهذا الكرم وصنوف الضيافة العربية الأصيلة.
ومن ناحية أخرى كان - رحمه الله - مؤتمناً من قبل هؤلاء المسافرين، فهم يأتمنونه على بضائعهم وأموالهم، بعد أن عرف عنه أهل الخليج والجزيرة العربية ما عرفوا من أمانة وحسن ضيافة، وذلك الأمر هو ما ورثه عن جده شاهين الغانم - رحمه الله.
مساعدة الآخرين:
كان المحسن عبدالله الغانم - رحمه الله - يمول ويساعد صغار التجار، حتى يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم، بدون أي تربُّح من هذا العمل إلا أن يكون لوجه الله تعالى، ولم يكتف - رحمه الله - فقط بالبذل والعطاء، بل كان يحث الآخرين على ذلك، ويرفع من قيمة عمل الخير في نظرهم.
فكم من تاجر يدين لهذا المحسن الكبير بالبقاء في تجارته وتنميتها، وكم كانت فرحة المحسن عبدالله الغانم وهو يرى إخوانه التجار من حوله يعملون ويجتهدون وقد خفف من أعبائهم وساعدهم على الوفاء بالتزاماتهم، ولم يكن يبخل أو يتوقف بمساعدته يوماً خيفة المنافسة لأن تعامله كان مع الله سبحانه وتعالى.
وقد ذكر أبناؤه أنه - رحمه الله - كان يخصص جزءاً معلوماً من ريع تجارته، ينفقه في التبرعات والصدقات وأعمال الخيرات على مدار العام، عملاً بقوله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (274)}().
في مجال الدعوة والإصلاح:
عرف المحسن عبدالله الغانم - رحمه الله - بين الناس، وخاصة معاصريه بقيامه بدور اجتماعي مهم ورائد بين الناس، فكان على الدوام ساعياً للإصلاح والتقريب بين المتنازعين، وبذل كل ما في وسعه لحل خلافاتهم بنية صادقة وحكمة ورزانة عقل، يعينه في ذلك محبة الناس له وثقتهم به، حتى أصبح مقصداً يستعان به إذا اختلف الناس، وكان دائماً يحاط بتوفيق الله في مسعاه، فلم يخيب مؤمليه وقاصديه لحل نزاع أو تخفيف كربة أو قضاء حاجة فيها رضى لله تعالى.
ومن خلال قبول الناس له كان يحثهم على الأخذ بما جاء في كتاب الله والعمل بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكان أكثر ما يدعو له في مجالسته للناس، وما أوصى به أبناءه إقامة الصلاة في وقتها، وحسن معاشرة الناس، وحسن الجوار، وإكرام الضيف، وصله الرحم، وكان يعتبر التواضع أفضل العبادات، وينهى عن التسرع بالقول أو الفعل، وينهى عن الكذب.
وكان - رحمه الله - يغتنم كل فرصة ومناسبة ليذكر الناس بالآخرة ويؤكد لهم أن السبيل إلى النجاة والفوز برضا الله بفعل الخير ومساعدة الناس وتقديم العون لهم وإفشاء طيب الكلام، وقبل ذلك العمل فقد غرس في أبنائه وأبناء أسرته حب فعل الخير وحثهم عليه، بعد أن رسخ فيهم مبدأ حق المساكين فيما حباهم الله به من نعمة.
موائد الإفطار:
أحب عبدالله الغانم - رحمه الله - عمل الخير في كل أوقات العام. فما بالك بشهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار؟ فقد كان هذا الشهر موعداً لمضاعفة عمل الإحسان لدى هذا المحسن الكريم، فكان يسارع بمد يد العون لكل محتاج ومعوز، ولا ينتظر بحثهم عنه وحضورهم إليه، بل كان - رحمه الله - يأتي هو إليهم في هذا الشهر الكريم ويبحث عنهم، وكان يتتبع أيضاً الأسر المتعففة ويمدها بالمساعدات في هذا الشهر دون مَنٍ أو أذى.
وقد حرص - رحمه الله - على العمل بالسنة النبوية الشريفة في إفطار الصائم، ولذلك كان بيته مقصداً لإفطار الصائمين طوال الشهر الكريم. عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كان لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غير أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ)().
وفاته:
بعد حياة مباركة حافلة بأعمال البر وعمل الخير، توفي المرحوم بإذن الله تعالى عبدالله شاهين الغانم يوم 5 شعبان عام 1398هـ الموافق 10 يوليو 1978م.
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجعل أعماله في ميزان حسناته.
المصادر والمراجع:
مقابلة مع ابنه إبراهيم عبدالله الغانم.
1- د. يعقوب يوسف الحجي - نواخذة السفر الشراعي في الكويت - الطبعة الثانية – الكويت 1993م.
2- الشيخ يوسف بن عيسي القناعي- صفحات من تاريخ الكويت - الطبعة الخامسة – الكويت 1987م.
3- د. يعقوب يوسف الحجي- صناعة السفن الشراعية في الكويت - الطبعة الرابعة- الكويت 2001م.
4- د. أحمد مصطفي أبو حاكمة - تاريخ الكويت الحديث - الطبعة الأولى – الكويت 1984م.
5- د. أحمد عبدالله العلي وآخرون - قاموس تراجم الشخصيات الكويتية في قرنين ونصف – الكويت 1998م.
6- تاريخ نزوح العائلات الكويتية العريقة إلى الكويت ودورها في بناء الدولة منذ نشأة الكويت وحتى وقتنا الحاضر - فوزية صالح الرومي.
* وثق هذه المادة ابنه إبراهيم عبدالله الغانم.
.منقول محسنون من بلدي