راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية
  #1  
قديم 30-06-2010, 01:53 AM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي أحمد صالح السبيعي



لى من أفنوا صباهم وحياتهم في البحر ليصنعوا للكويت تاريخا بحريا وتراثا نعتز به ونفاخر، الى تلك السفن الخشبية الشراعية، الى نواخذة السفر الى اجدادي الى والدي المرحوم النوخذة احمد صالح السبيعي.. اسمح لي. انا ابنتك خالدة احمد السبيعي بأن أعيش ذكرياتك واعيد احاديثك الشيقة، ومن شارك معك بتلك التضحيات، لنستشف من خلالها صورة لحياة الكويت في الماضي، ولنلتمس منها العبرة ونجني منها معرفة الحياة.
اسمح لي يا والدي بهذه الجزئية من الاسطر لأضعها في هذا الكتاب الذي يحمل سيرة النوخذة احمد صالح السبيعي:
وقالت: عملية جمع المعلومات تعني التعايش مع ذكريات والدي، وهذا يشكل ألماً نفسياً في الشهور الأولى على الأقل، وبعد مضي الوقت استطعت كسر الحاجز النفسي، بل ما حدث كان عكس ذلك، لقد شعرت بسعادة عجيبة وأنا أدون تلك السطور التي تحكي ذكرياته وتاريخه مع البحر والسفر في السفن الشراعية، وكأنني أرافقه في أسفاره من ساحل الكويت إلى شواطئ البصرة، ومن سواحل الخليج العربي إلى ساحل خليج عمان وبحر العرب فالمحيط الهندي، حيث السواحل الغربية للهند، مع وصف دقيق لكثير من المواقف المتعددة التي صادفته. التي قد تصل خطورتها إلى هلاك كل من فوق ظهر السفينة، حين كنت أسمعها على لسانه أشعر بأنها أقرب ما تكون إلى مشهد من أفلام الإثارة التي تحبس الأنفاس.
استمرت مسيرته ثلاثة وعشرين عاماً قضاها على ظهر السفن متنقلاً مع أمواج المحيط الهندي المتلاطمة وأمواج الخليج الدافئة، اكتسب منها مجموعة خبرات عملية تعلمها من ربابنة السفن الشراعية الأكبر منه سنا والأكثر خبرة، حتى صقلت شخصيته ومنحته القوة وحسن التصرف في الكثير من الأمور الصعبة.
وبعد ان ظهر البترول توقفت السفن الشراعية عن رحلاتها، ودبت حياة مختلفة في الكويت، فتحول من نوخذة سفر في السفن الخشبية الشراعية إلى موظف في «دائرة» وزارة الكهرباء والماء عام 1952.
عشق والدي -رحمه الله- البحر عشقاً كبيراً، لم يكن هيناً عليه هجر البحر بمجرد ظهور البترول وتغير نمط الحياة، فكان ملاذه الوحيد رحلات الصيد البحرية، إنها البديل الذي يذكره ولو بجزء بسيط بالماضي، رغم الفوارق واختلاف الأهداف.
لا شك في أن حياة السفر بالسفن الشراعية لعدة أشهر متواصلة لا تشبه رحلات صيد السمك «الحداق» أو النزهات الترفيهية علي مركب صغير يعمل على ماكينة أو ماكينتين، التي أقرب ما تكون إلى الترف، مقارنة بسفر السفن الشراعية.
كان -رحمــه الله- يصعب عليه أن يمر يوم من دون أن يرى البحر، وأتذكر كلماته التي لا يزال صداها في أذني كأنني أسمعها الآن حين أرافقه مع والدتي -أطال الله في عمرها- عندما كان يقود بنا سيارته حيث مررنا في شارع الخليج (السيف) قرب مجلس الوزراء الحالي فأخبرته بوجود طريق أقرب لمقصدنا أقصر من طريق البحر الذي سلكناه، فقال:
«اليوم اللي ما أشوف فيه البحر ما أعده من حياتي».
بتلك الكلمات البسيطة عبَّر والدي بصدق وعفوية عن حبه الشديد للبحر، على الرغم من الأهوال التي شاهدها التي يصفها لنا النوخذة أحمد صالح السبيعي.
يصف لنا النوخذة احمد السبيعي السيف في الحقبة الزمنية ذاتها التي وصف بها ألن فاليرز السيف، فيقول:
«كنت ارى السفن الخشبية على طول الساحل فهناك نقعة العثمان وفيها 5 - 6 ابوام ونقعة الخرافي 5 - 6 ابوام، وعند غانم العثمان 2 - 3، والصقر 3 - 4، وعند فريج غنيم خشب الثنيان وخشب الصقر «ياشرونهم» على ساحل البحر، وتجد النساء يغسلن الملابس في مياه «اليسرة»، لانها منطقة مكشوفة ومعهن اطفالهن يستمتعون بالسباحة واللعب على شاطئ البحر (السيف)، لقد كان البحر محورا لحياة الجميع في ذلك الوقت».
ثم ذكر اسماء النقع وفق مناطقها قائلا:
«في منطقة القبلة: نقعة احمد الخرافي، نقعة العثمان، نقعة الماي للصقر، ونقعة الصقر التي بها ابوامه المعروفة ومنها بوم الداو، نقعة فلاح الخرافي، وهناك بعض النقع القديمة المتهالكة. اما في منطقة الشرق فهناك: نقعة العسعوسي، ونقعة الرومي، وكانت احجام النقع متفاوتة. كنا نرى ونحن صغار التشالة تحمل الصخر من منطقة «العشيرج» وتأتي به الى السيف ثم يأتي البناني والاستادية الكويتيون لبناء النقعة عند الجزر، في وقتها لا توجد معدات نقل الصخر كما هي معروفة الآن».
تعليمه
دخل أحمد السبيعي المدرسة وعمره عشر سنوات تقريبا، فقد كان الاطفال في ذلك الوقت يتلقون تعليمهم في سن متأخرة بخلاف هذه الايام، حيث يلتحق ابن السنوات الاربع في مدارس رياض الاطفال.
وكانت اول مدرسة التحق بها هي مدرسة المباركية، وهي اول مدرسة نظامية في الكويت. ثم التحق بمدرسة السعادة التي اسسها السيد شملان بن علي في منطقة شرق، وكانت بعيدة نسبيا عن منطقة القبلة التي كان يسكنها احمد السبيعي، فقد كان يسكن -كما ذكرنا- في حي «فريج» الفلاح الذي يضم عدة عائلات كويتية، مثل: الزاحم وعثمان الراشد وسلطان الكليب وغيرهم.
ثم انتقل الى الدراسة في مدرسة «احمد الخميس» بمنطقة قبلة قرب بيت البدر، حيث ختم القرآن وتعلم القراءة والكتابة ودرس الاملاء والحساب. وقد قضى في هذه المدرسة نحو ثلاث سنوات تمكن فيها من اجادة الكتابة والقراءة.
ويتذكر احمد السبيعي مجموعة من زملاء الدراسة في هذه المدارس التي تعلم فيها، ففي المدرسة المباركية كان من زملائه عبدالله الحمد الخالد الذي دخل معه المدرسة في اليوم نفسه، وفي مدرسة السعادة كان معه ابناء عائلات المضف والرومي والشملان والناهض وآخرين لا يذكرهم. وفي مدرسة «احمد الخميس» كان من زملائه محمد الحمد وحمد احمد الحمد ويعقوب الحمد وعلي البحر وعلي الرشيد وآخرون من اسر منطقة القبلة.
بدايته مع البحر
بدأت الخطوة الاولى للنوخذة احمد السبيعي في دخوله الى البحر وهو في الثانية عشرة من عمره على يد النوخذة عبدالوهاب العثمان، كانت هناك علاقة تربط عائلة النوخذة احمد السبيعي بالبحر قبل دخوله في هذا المجال، حيث كان اجداده يسافرون الى البحرين، وكان والده غيصا، مع ابن راشد والعبدالجادر وكذلك كان اخوه الاكبر ابراهيم السبيعي - رحمه الله - غيصا، اما ابناء اخواله آل العثمان فهم تجار ويمتلكون عدة سفن سفر شراعية - لقد تحدث النوخذة احمد عن بداية دخوله الى البحر في احد اللقاءات قائلا:
اول سفرة لي كانت في سنة 1930 دخلت البحر وانا صغير كان عمري اثنتي عشرة سنة، خضت هذا المجال مع ابن عمتي النوخذة عبدالوهاب العثمان، اخذني معه في رحلاته لمدة 3 - 4 سنوات لتعلم فنون البحر واكتساب الخبرة التي تؤهلني لمهام اكبر، وبعد عودتي من السفر كنت اذهب الى المدرسة لاستكمال الدراسة، واستمر الوضع هكذا بين رحلات السفر معه والتي تستغرق 7 - 9 اشهر وبين العودة للالتحاق بالمدرسة لمواصلة التعليم وهكذا.
ويواصل قائلا: «كنا نخرج من الكويت الى البصرة نحمل التمر في بوم «تيسير» ونسن الى كيتوار في الهند وكانت حمولته 4000 من، برفقة النوخذة العم عبدالوهاب العثمان، ثم نسن الى النيبار وننزل حمولة التمر ثم نتجه الى كليكوت، هناك نستقر لمدة 3 اشهر تقريبا لتحميل البضائع من اخشاب وغيرها ثم نعلي الى الكويت».
يقول النوخذة احمد السبيعي:
«اتذكر بعضا من اسماء البحارة في رحلتي مع النوخذة عبدالوهاب العثمان وهي الرحلة الاولى وانا في الثانية عشرة من عمري والتي استغرقت 7 اشهر، المجدمي هو: علي العماني والسكونية اكثر من واحد ملا غنام الديكان، واحمد النشمي ومن البحرية فهد بن صالح الطراروة ومبارك المفتاح وعبدالرحمن ولد ملا غنام وكان صغيرا».
في اثناء الحوار الذي دار بين المذيع محمد حبيب والنوخذة احمد السبيعي في برنامج ذكريات من الماضي سأله عن فرحة الاهل بعد عودته بالسلامة من اول رحلة له فأجاب النوخذة احمد قائلا: «ما في شك كان الاهل مسرورين بعودتي سالما، فقد كنت صغيرا واول مرة افارق الاهل، طبعا التقيت بهم وانا في غاية الشوق والفرح وذكرت لهم تجاربي التي تعلمتها من سفري».
لقد تعلم احمد السبيعي خبرات عديدة في مجال السفر في سفن الخشب الشراعية وفي اثناء رحلاته التدريبية مع النوخذة العم عبدالوهاب العثمان ومن المعلمين الذين رافقوه في رحلاته، تعلم معرفة الطول والعرض والقدرة على قراءة الخرائط البحرية ومسارات الطرق للموانئ البحرية والالمام بانواع الرياح واتجاهاتها وانواعها لاهميتها واعتماد السفن الشراعية عليها في الابحار، واستمر هذا التدريب ما بين 4 - 5 سنوات بعدها انصرف العم عبدالوهاب إلى مباشرة شؤون التجارة، وحل محله بالإبحار في السفن الشراعية النوخذة يعقوب بشارة، وهو نوخذة ومعلم في آن واحد، وكان يرافقه أحمد السبيعي، حيث لا يزال يتعلم فنون الإبحار، وكذلك كان معه عيسى ابن النوخذة يعقوب بشارة، كانا يتدربان معا وواصلا تعليمهما معا.
لقد تعلم أحمد السبيعي كيفية استعمال البوصلة (الديرة) في يومين وهو صغير (تقريبا 12-13 سنة) فهمها وحفظها، ومعرفة «البوصلة» أو «الديرة» ليست بالسهولة التي قد نتخيلها الآن، أي ان الأمر لا يقتصر على التطلع إلى البوصلة ومعرفة جهة الشمال التي تتجه إليها الإبرة الممغنطة. بل يقتضي من المتعلم معرفة جيدة بالنجوم الملاحية، فدائرة البوصلة تنقسم من حيث الجهات إلى اثنين وثلاثين جزءا، تسمى الأخنان، لأنها تقابل أخنان المركب، ويقابل كل جزء نجما من النجوم. وتنقسم الدائرة إلى نصفين: الشرقي منها وفيه أخنان مطلع النجوم، والغربي وفيه أخنان مغاربها. وعليه، فإن مسألة معرفة استعمال البوصلة معناها فهم شامل للنجوم الملاحية ومواقعها وكيفية الاهتداء بها.
وتعلم -أيضا وهو في تلك السن المتقدمة- كيفية استعمال الكمال الإنكليزي Sextant وهي أداة تستخدم في تحديد موقع السفينة، وتكون فترة القياس في تمام الساعة الــ 12 ظهرا، كما يستعين المعلمون ببعض الجداول والمعادلات الحسابية للتعرف على القواعد التي يستخرج منها خطوط الطول والعرض والتي تستخدم عادة عند العبور من الهند إلى بحر العرب. وتعلم بالإضافة إلى ذلك مهارة قراءة الخرائط البحرية (النوالي).
ويروي لنا أحمد: «أتذكر حين كنت صغيرا متدربا مع النوخذة عبدالوهاب العثمان أنه كان يقول للبحارة عندما يدرك بحساباته أننا قد اقتربنا من اليابسة: ومن منكم يرى البر؟ في الوقت الذي كنت أراه بوضوح وأشير إليه باصبعي فلا يعيرني اهتماما، ويكرر السؤال على البحارة فلا يرد أحد منهم بالإيجاب.
وكنت أصر على مشاهدته بالاتجاه نفسه فأراد العم عبدالوهاب أن يتأكد من صحة ما أقول فأشار بيده من وراء ظهره إلى السكوني لتغيير اتجاه مقود السفينة من دون علمي ليتغير اتجاه إصبعي، ثم عاد يكرر السؤال بعد تغيير اتجاه السفينة، حتى أدرك العم عبدالوهاب -رحمه الله- انني رأيت البر بالفعل، وهنا نظر إليّ وأشار بيده إليّ أن أصمت خشية أن اصاب بعين من البحارة، كنت وقتها صغيرا ونظري كان قويا.
بعدها بمدة امر احد البحارة بالصعود الى الدقل لمشاهدة الساحل، وهنا اشار الرجل الى نفس الاتجاه الذي اشرت اليه.
يقول احمد: «كنا نذهب الى النيبار حيث تبدأ رحلتنا من الكويت الى البصرة لنحمل التمر، ومن البصرة «نسن» ونتوقف في ساحل كيتوار مرورا بخور براوه، ثم الى كليكوت ننزل بها حوالي شهر الى شهر ونصف ننتظر تجهيز الاخشاب والحبال، فنحملها متجهين الى مسقط وهناك نقوم بارسال برقية الى الكويت لنخبرهم بأننا عبرنا المحيط ووصلنا سالمين الى مسقط، وكان النوخذة هو العم عبدالوهاب العثمان، فهو يراقبنا جميعا، وكنا نتعلم اصول المهنة على يديه، ويرافقنا ايضا المعلم عبدالعزيز بن شايع في السنوات الاخيرة كمساعد، حيث ان العم عبدالوهاب يتنقل من بلد الى اخر بحكم تجارته فيحتاج الى من يحل محله بين وقت وآخر، وكان يرافق رحلاتنا المجدمي علي العماني، وعادة ما يكون معنا نهامون، منهم عيسى بن شريدة اما النهام عبدالعزيز الدويش فقد عاصرته سنة واحدة وكلاهما جيد».
(يتبع)

رحلة جمعت السبيعي والديكان في كليكوت
يقول النوخذة احمد السبيعي: أبحرت مع السكوني الملا غنام الديكان في اثناء رحلتي الاولى في البوم تيسير وانا صغير، في عام 1930، حيث استغرقت تلك الرحلة سبعة اشهر، من شهر سبتمبر الى شهر مارس، اذكر تلك الابيات وما زلت احفظها، حين سافرنا من كليكوت وكان الهواء «شمال» بدأ السكوني الملا غنام الديكان - رحمه الله - يقول تلك الأبيات:
من كلكوت حط العود
دار الشمال وبه زود
نطلب نبي «بومسعود»
حتى البرّاوي ما دار
قمنا نياوش يواش
و«تيسير» في الموي وشاش
من بعيد إييك الراش
يصبح ويمسي في دار
وصلنا «جوا» بالليل
حدّر «يمعة» يدق التيل
انا و«مطر» نمشي حيل
شرينا بقرتين كبار
آمر بالسفر الحين
خلو السفديرة طيار
خطفنا نجري بالنعش
نتخنا البر يوم إثنعش
حطوا العشا قالوا تعش
الكوس عزّم ودار
العود فوق معلق
ياهوم ويتشلق
وان كان هذا شان لك
باكر مغيبك بــ «صحار»
بس بالدقل ومدبر
بالجيب ما هو معبّر
كل يذن ويكبر
طوفان مثله ما صار

جريدة القبس - 30/6/2010
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-07-2010, 10:18 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

القبس اليوم


ابوام النوخذة عبد العزيز العثمان : بوم موافج - بوم تيسير- بوم السالمي في نقعة العثمان


إلى من أفنوا صباهم وحياتهم في البحر ليضعوا للكويت تاريخا بحريا وتراثا نعتز به ونفاخر، الى نواخذة الكويت والى تلك السفن الخشبية الشراعية ومن صنعها، الى اجدادنا، الى والدي النوخذة احمد صالح السبيعي.. اسمح لي يا والدي بهذه الجزئية من الاسطر لأضعها في هذا الكتاب، لتبقى اعمالكم وذكرياتكم واحاديثكم الشيقة خالدة في نفوسنا وتاريخنا، نستشف منها حياة الكويت في الماضي ونلتمس منها العبرة ونجني منها معرفة الحياة.

وتقول بنت النوخذة خالدة أحمد صالح السبيعي: هذه الاسطر التي تحمل سيرة نوخذة استمر 23 سنة على ظهر السفن متنقلا من الخليج الى المحيط الى بحر العرب، وفي هذا العدد نستكمل جانبا آخر من حياته والابوام التي ركبها والصعاب التي واجهته ومخاطر الحرب العالمية الثانية والقصص والحوادث التي كانت في ذاكرته.

«تيسير» ونجاح التجربة الأولى
بوم تيسير هو المحمل الاول الذي ركبه النوخذة احمد رحمه الله، وهو صغير، ويتسع لاربعين بحارا، لقد اسند النوخذة العم عبدالوهاب العثمان لاحمد السبيعي مهمة قيادة المحمل الى البصرة، ويدرك كلاهما ان البوم تيسير بوم ليس سهلا، ولا شك في انه رأى فيه ما يجعله يثق بأنه قادر على انجاز تلك المهمة خصوصا ان احمد السبيعي كان شابا يملؤه الحماس، والنشاط والهمة في ذلك الوقت.

يقول النوخذة احمد السبيعي عن تجربته الاولى في قيادة محمل تيسير: «لقد اوصاني المرحوم العم عبدالوهاب العثمان بخط سير محدد وهو عند عبور الكويت عليك ان تسلك طريق جزيرة عوهة ولا تعبر جهة جزيرة فيلكا او جزيرة مسكان بسبب ضحالة المياه في هذا الطريق وتحاشيا لاحتكاك البوم بالقاع، تفهمت الاسباب ولكنني رأيت الظروف مواتية لعبور المحمل بسلام اذا ما سلكنا طريق فيلكا باتجاه البصرة فهناك 3 عناصر تؤمن ذلك اولها ان المد كان عالمياً، حيث كان أيام حمل، والثاني أن عمق المياه أسفل المحمل كان مناسباً للعبور، والثالث هو اتجاه الرياح وسرعتها كانت مناسبة جداً. هنا قررت أن أختصر الطريق والوقت معاً، وكنت حريصاً على أن يمر المحمل بسلام.

كان البحارة متخوفين من فشل تلك «المغامرة»، بعد عبور جزيرة «مسكان» رأينا بعض «أبوام الماي» متجهة إلى الكويت فأخبروا العم عبدالوهاب العثمان بعد وصولهم الكويت بأنهم رأوا تيسير خارجاً من جهة «مسكان» باتجاه «بوبيان» متجهاً إلى «البصرة»، فرد عليهم لقد اختلط عليكم الأمر فخط سيره مختلف عن هذا الطريق. فأكدوا له أنهم يعرفون تيسير وبأن «نوخذاهم» أحمد السبيعي رفع يديه يحيينا من بعيد، فأطرق رأسه العم عبدالوهاب مستنكراً عدم الامتثال لنصائحه. وبعد فترة وجيزة نقلت أبوام المياه الأخرى لحظة وصولها إلى الكويت خبر وصولنا إلى الفاو، عندها التقط العم عبدالوهاب أنفاسه وقال الحمد لله.

ثم بعد ان التقيت به، استفسر عن عدم امتثالي لأوامره، فقلت له يا عم عبدالوهاب «يرى الحاضر ما لا يرى الغائب» وشرحت له الظروف المواتية للعبور بأمان وبسلام.

السبيعي معلم
حين تسلم النوخذة أحمد السبيعي مهمة قيادة المحمل كنوخذة معلم كان عمري 27 - 30 سنة تقريباً، وكان ذلك في محمل بوم العثمان اسمه «فتح الكريم» وهو أصغر من بوم «تيسير» وحمولته 2500 مَنْ، وقد رشحه النوخذة عبدالوهاب العثمان لتلك المهمة بعد ان وجد فيه الفطنة والقدرة على اتخاذ القرارات السليمة.
أما عن سفراته مع النوخذة عبدالوهاب العثمان والنوخذة يعقوب بشارة فيقول احمد السبيعي: «لقد تنوعت خبراتي فقد سافرت سنتين مع النوخذة العم عبدالوهاب و3 سنوات مع النوخذة يعقوب بشارة بعد ذلك سافرت مع النوخذة ابراهيم المشعل في بوم تيسير كمساعد و«معلم» لمدة سنتين بعدها ذهبت كمعلم لدى النوخذة عبدالعزيز بن شايع لمدة سنتين، وبعدها كنت مع النوخذة راشد بن مبارك كمعلم لمدة سنة. وذلك لحاجتهم لمن يجيد القراءة والكتابة في ذلك الوقت، وكذلك ركبت مع النوخذة عبدالله عبدالعزيز العثمان كمعلم، وآخرين حيث كان يصرف لي اعلى من القلاطة بقليل، اما آخر سفرة لي كمعلم فكانت في سنة 1938».

لقد تسلم احمد السبيعي قيادة السفينة كنوخذة في بوم «موافج» وهو ملك للعم النوخذة عبدالله عبدالعزيز العثمان بعد ان حالت صحة النوخذة عبدالله العثمان عن السفر لكبر سنه، حيث استمر احمد كنوخذة عدة سنوات.
ويقول النوخذة احمد: لولا قيام النوخذة عبدالوهاب عبدالعزيز العثمان بتدريب وتأهيل الآخرين لما وجدنا النوخذة احمد صالح السبيعي ولا النوخذة عيسى يعقوب بشارة، هؤلاء الذين ركبوا مع كبار النواخذة وتعلموا منهم اصول البحر وهم يافعون حتى اصبح كل منهم «نوخذة معلم».

يذكر لنا النوخذة عيسى عبدالله العثمان في كتابه «المختار في مجاري البحار» انه تعلم علوم وفنون البحر في اثناء رحلاته وهو في الرابعة عشرة من عمره برفقة والده النوخذة عبدالله عبدالعزيز العثمان، حيث تعلم مبادئ القياس على يد «المعلم» عيسى يعقوب بشارة الذي استعان به والده في قياس مواقع السفينة في البحر، وهي الرحلة الاولى لعيسى العثمان، حيث كانت رحلتهم من الكويت الى البصرة، حيث حملوا التمر ثم توجهوا الى الهند. اما في الرحلة الثانية في العام التالي فيقول النوخذة عيسى العثمان: «ان النوخذة احمد صالح السبيعي كان هو المعلم في رحلتي الثانية، وتعلمت على يديه المزيد من علوم وفنون البحر».

الحرب العالمية الثانية
وأضافت: لقد تزامنت مسيرة النوخذة في الإبحار بمنطقة الخليج والمحيط الهندي مع فترة الحرب العالمية الثانية 1939 - 1945، في ذلك الوقت يقول النوخذة أحمد:
«شاهدنا في البحر بعض الغواصات والبوارج والسفن الحربية الأجنبية. حيث مرت تلك الغواصات على أبوام كويتية كثيرة وكنا نراها أحياناً تطفح ثم تغوص، وفي إحدى المرات ضربت إحدى الغواصات بوم النوخذة «بن جارالله» لأنه رفع علم الكويت وكان في ذلك الوقت لون علم الكويت أحمر وهو على ما يبدو في العُرف العسكري يدل على وجود إنذار أو خطر قادم إليهم. لكن الله أنجاهم وركبوا «الماشوه» لمدة 3 أيام إلى أن وصلوا إلى الهند بسلام».

كما قال النوخذة: كان دورنا كبيراً حيث كنا نوفر المؤمن والأكل لأهل الكويت فرغم كل الظروف الصعبة لم تنقطع المؤمن الغذائية عن أهل الكويت بفضل الله وبفضل استمرارية رحلات السفر، لقد رأينا المخاطر ونحن في وسط البحر في ذلك الوقت وتحديداً بين المحيط الهندي وبحر العرب حيث كانت البواخر الحربية للإنكليز توقفنا، وكنا نتعرض لاستجواباتهم (من أنتم؟ وماذا تفعلون؟ وماذا تحملون)، وبعد ان يتأكد الإنكليز نكمل مسارنا، إن تلك المهمات البحرية هي أساس حياتنا في الكويت، لا شك في أن الإنكليز على علم بطبيعة رحلاتنا، الأمر الذي جعلهم يتفهمون فلا يتعرض لنا أحد منهم، فنكمل رحلتنا بسلام على الرغم من أعداد الغواصات الحربية من حولنا في المنطقة وكنا معتمدين على رعاية الله سبحانه لنا.

وقد سأله الدكتور يعقوب يوسف الحجي قائلاً: ألم تدركوا خطورة الإبحار في ظروف الحرب العالمية؟ فرد عليه النوخذة أحمد السبيعي قائلاً:‍ لا شك في اننا كنا ندرك تلك الخطورة ولكن ظروف معيشتنا تحتم علينا مواجهة المخاطر، الأمر الذي يجعلنا نتم هذه الرحلات بحذر. لأن الكويت في ذلك الوقت في أمس الحاجة للمؤن الغذائية.
إضافة إلى ذلك يذكر النوخذة عيسى عبدالله العثمان في كتابه «المختار في مجاري البحار» حول بعض الحوادث التي تعترض سفن السفر الشراعية في الحرب العالمية الثانية فيقول: كنا في بومباي آخر الموسم من عام 1941 وعزمنا على السفر إلى الكويت ولكن المسؤول في ميناء بومباي نصحنا بعدم السفر، لكننا خفنا ان ينتهي الموسم فنضطر الى البقاء حتى الموسم الآخر، لذلك عزمت على التوكل على الله والسفر.

تركنا بومباي في يوم الخميس 1941/4/30 وفي اليوم الرابع ونحن على بعد 250 ميلا من ساحل الهند شاهدنا جسما تحت الماء، فقال البحار هذه اسماك جراجير، لكن بعد لحظات عرفنا انها غواصة، وشاهدنا مدافعها مصوبة نحونا فرفعنا الاعلام البيضاء وبعد ذلك تركتنا الغواصة بسلام.

وعلى مسافة بعيدة كانت هناك سفينة لا نعرف من صاحبها فاتجهت اليها الغواصة وضربتها، وحين وصلنا مسقط علمنا ان هذه السفينة للنوخذة عبدالله الخال من اهالي دولة قطر، وان الغواصة الالمانية هي التي اغرقتها، لان النوخذة رفع الاعلام الحمراء بدلا من البيضاء، وبعد ان ضربتهم الغواصة ركبوا قارب الماشوه ولم نعرف كم مات وكم سلم منهم من الموت، ولكن الناجين وجدوا باخرة اوصلتهم الى ميناء بومباي، وعنهم روينا هذه القصة.
وقد اكد ذلك النوخذة صقر عبدالوهاب القطامي في حوار اجراه الصحافي جاسم عباس في صحيفة القبس الكويتية في العدد 13159 الصادر يوم السبت 16 يناير 2010 على الحوادث المؤسفة التي تعرضت لها السفن الكويتية ابان الحرب العالمية الثانية فيقول:

«في عام 1944، كنا 3 سفن مبحرين من كاليكوت الى جوا في بحر العرب، سمعنا اصوات المدافع، ومع ازدياد الرياح رجعنا الى بر الهند، وبقية السفن عبرت فتعرضت لها غواصة ضربت واحدة منها، ولانها محملة بالاخشاب فلم تغطس، اما السفينة الثانية فقد ضربت في مقدمتها، فاستعملوا الماشوه (زورق النجاة) حتى انقذتهم سفينة حجاج قادمة من جدة اوصلتهم الى بومبي، والسفن الكويتية ابرقت الى اهالينا ان الجماعة سالمون ووصلوا مسقط، واعتقد التجار من اهل الكويت ان بوم الداو قد ضرب، وعند وصولنا ميناء عدن سألنا عن سبب اعتداء الغواصة اليابانية على السفن الشراعية في البحار، فقالوا: ان بريطانيا تستأجر الابوام وتضع فيها المدافع، فجاءت الاوامر بضربها ونحن الضحايا، وهذه الغواصة ضربت سفنا ايرانية وعمانية».

السفن بشراع اوماكينة
واضافت: تعددت خبرات النوخذة احمد حيث ركب بوم «تيسير» واصبح نوخذة في بوم العثمان «فتح الكريم» لمدة ثلاث سنوات، ثم نوخذة في البوم «المحمدي» لمدة سنتين، ثم في سفينة ذات محرك (لنج) للنوخذة عبداللطيف العثمان لسنوات قليلة.
كما يذكر لنا النوخذة احمد موقفا اخر يقول فيه: «اتذكر واحدة من سفراتي الاخيرة وتحديدا في سنة 1950 تقريبا في لنج بشراع وبماكينة 45 حصانا بحمولة 700 من، لصاحبه عبداللطيف الثنيان، وكان محملا بالذهب وكان معي سعود فهد السميط، ابحرنا متجهين الى جوا وحين وصلنا الى جزيرة كبر اشتد الهواء علينا مما ادى الى خلل في السكان، واضطررنا للتوقف بجزيرة «كبر» محاولين اصلاح السكان وبعد اصلاحه توقفت الماكينة حاولنا تشغيلها دون جدوى، ثم اضطررنا الى الابحار باستخدام الشراع، ومن شدة الرياح تضاعفت سرعة المحمل عما كانت عليه في اثناء استخدامنا للماكينة.

وبعد اربعة ايام وصلنا الى «لنجة»، وهناك اصلحنا الماكينة عند شخص اسمه ابراهيم وشكو معروف بخبرته في صيانة الماكينات. وواصلنا الابحار لمدة يومين باستخدام الماكينة، وبعد ان تجاوزنا منطقة سلامة تغير الرياح الى كوس وتعطلت الماكينة مرة ثانية عندها توجهنا الى بندر عباس واصلحنا الماكينة هناك وواصلنا الابحار.. بعد ذلك غيرنا وجهتنا الى مسقط للتأكد من صلاحية الماكينة تجنبا لتكرار حدوث اي عطل آخر في الماكينة نظرا لطول المسافة المتبقية في الرحلة خصوصا اننا نحمل الذهب.

وتمكنا من اصلاح الماكينة عند فنيين متخصصين لضمان وصولنا الى «جوا» بطريقة آمنة، حيث مكثنا يومين في مسقط ثم أبحرنا وبعد 8 ايام وصلنا الى «جوا» بسلام، وعند وصولنا قمنا بتسليم الذهب الى السيد اسماعيل العبدالرزاق ــ رحمه الله ــ وعند رحلة العودة الى مسقط ثانية عادة ما نحمل طعانا او خشبا بهدف زيادة حمولة المركب، وبعد وصولنا الى مسقط حملنا بعض البضائع كما رافقنا بعض «العبرية» ثم واصلنا الابحار الى الكويت.

آخر رحلاته
وأضافت: عن آخر رحلاته يقول النوخذة: «في سنة 1952 أبحرت من الكويت إلى الهند ولمدة 3 أشهر كنت في بوم أحمد عبداللطيف العثمان «بوناصر» هو النوخذة وأنا مساعد له. أما آخر سفرة لي كنوخذة في السفن الشراعية فكانت في 1948، ولله الحمد خلال سفراتي كنوخذة (خلال 4ــ 5 سنوات) لم تصادفني مشاكل أو صعوبات، كالتي صادفتنا من قبل حين كنت متدربا أو معلما».

التحق النوخذة أحمد بوظيفة في وزارة الكهرباء والماء في سنة 1952.
وكان يقول لو يعود بي الزمن لعدت إلى البحر من جديد فأنا من عشاق البحر».

وفاته
وتقول خالدة: كان -رحمه الله- نعم الوالد الطيب الحنون المحب لأهله وأبنائه، له من الأبناء تسعة (ثلاثة من الأولاد: صلاح وسليمان وخالد، وله ست بنات) حرص على تعليمهم جميعاً وكان أباً مثالياً مقرباً من أبنائه صديقاً لهم يبادلهم الآراء ويداعبهم بخفة ظله المعهودة.
وفي يونيو من عام 1995 أسلم بعدها روحه إلى بارئها فجر يوم 1995/6/12.
رحمك الله يا أبا صلاح لقد عشت محبوباً طوال عمرك وتركت الحزن على فراقك في قلب كل من عرفك.


حادثة الصاعقة
لم تصادفني ضربات كالتي واجهتني في السابق عدما كنت معلما في بوم «عبداللطيف العثمان» عام 1939 وهي حادثة الصاعقة.
وهنا يوري لنا النوخذة أحمد السبيعي تلك الحادثة التي تعد من اصعب المواقف التي صادفها في رحلات السفر في السفن الشراعية والتي حدثت في سنة 1939. حيث كان في العشرين من عمره، يقول: «سافرت مع النوخذة محمد صالح في بوم عبداللطيف العثمان كمعلم، في تلك السنة ضربتنا صاعقة في عرض البحر وكان عدد البحرية حوالي 25 شخصا. وكانت حمولة البوم 2000 مَن، حيث سافرنا من الكويت إلى منطقة «القطيف» في الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية وحملنا «سُلوق» من القطيف إلى الهند وبعنا حمولة «السُلوق» في كراتشي وكذلك في البنادر التي نمر عليها في أثناء سيرنا على الساحل الهندي. ومن كليكوت حملنا الأخشاب بعدها واصلنا إلى النيبار وبعنا بضاعتنا هناك، وفي طريق عودتنا إلى الكويت مررنا بالقرب من جزيرة الشيخ وتحديدا على بعد 70 ميلا من البحر اشتدت علينا رياح «الكوس»، قمنا بإنزال الشراع ووضعنا الجيب، ولكن الرياح تزداد مصحوبة بالبرق والمطر الشديد والرعد يملأ السماء. المشهد كان رهيبا، البحر أبيض من ضوء البرق في عز الليل والصواعق تتخطفنا من كل اتجاه، السفينة تتقاذفها الأمواج العاتية يمنة ويسرة كأنها دمية صغيرة، في هذه الأثناء ضربتنا صاعقة شديدة أصابتنا جميعا بالذهول وأوشكنا على الهلاك وشعرنا بدنو أجلنا، بعدها تجمدنا لحظات من شدة الهول لا أحد يدرك ما حصل، فدعونا الله أن ينجينا مما نحن فيه ويرجعنا إلى أرض الوطن سالمين، استمر دوي الرعد الذي يصم الآذان طوال الليل. وبعد أن هدأت الرياح قرب الفجر اكتشفنا أن الدقل قد تحطم نهائيا إلى أوصال صغيرة متناثرة على الحبال، إلى درجة أنه في صباح اليوم الثاني قام الطباخ بتجميع الأجزاء الصغيرة من خشب الدقل فأشعلناه لطبخ طعامنا. وكان من بين بحارتنا أبناء النوخذة محمد صالح ــ رحمه الله ــ وهم عبدالله وإسماعيل وكذلك السكوني عبدالرزاق المحميد وعبدالله المريخي وعمي سعود السبيعي وإبراهيم المراغي وغيرهم.
ومن شدة الصاعقة اصيب ستة من البحارة وجدناهم خلف اليمة بحالة يرثى لها جلودهم منسلخة من شدة الصاعقة من بينهم إبراهيم المراغي وعبدالله المريخي وعمي سعود السبيعي وآخرون، واصبح البوم بلا دقل.
وفي الصباح صار الهواء كوس وليس لدينا سوى دقل القلمي، وهذا لا يؤدي الغرض المطلوب، في تلك الأثناء وجدنا بوم معلّ.ي من البحرين وصرنا ننوّ.ف له ووضعنا مَرْدي عليه مزويه سوداء لنثير انتباههم فيها وللأسف لم يرنا أحد، وما علينا إلا الاتكال على الله والتفكير بحلول مؤقتة توصلنا بسلام إلى أقرب شاطئ، بدأنا بوضع الدستور محل الدقل وربطنا الجيب مع القلمي إلى أن وصلنا إلى البحرين التي تبعد من 60 إلى 70 ميلا عن موقعنا تقريبا.
ولو كان الهواء شمال لأصبح الوضع أشد خطورة على أرواحنا وبضاعتنا. وأخيرا استطعنا الوصول إلى البحرين بسلام والحمد لله، وأخذنا المصابين إلى المستشفى للعلاج وذهبنا إلى رجل اسمه فخرو لشراء دقل جديد للمحمل.
وبعد أسبوع حمَّلنا طعان «رمل» من البحرين وأبحرنا إلى كراتشي، وحملنا قطنا من كراتشي إلى البصرة. وإحنا معلَّين إلى البصرة وتحديدا قرب جزيرة «أم المرادم» توفي النوخذة «محمد صالح» بعد مرض استمر يوما وليلة فقط. وبندرنا في الجزيرة والهواء كان شمال وخطفنا من أم المرادم إلى الزور وفي أثناء الليل دوَّق الهواء، ونحن متوجهون إلى الكويت وتحديدا عند منطقة الشعيبة فتوقفنا، وتم انزال الماشوه وذلك لدفن النوخذة «محمد صالح» هناك، وكتبنا رسالة إلى الكويت لنبلغهم فيها خبر وفاة النوخذة وإننا متجهون إلى الكويت بدلا من البصرة، وسلمنا الرسالة لأحد المارة بسيارته اللوري.
ووصلنا إلى الكويت مع لحظة تلقيهم لرسالتنا، حيث استقبلونا ونزلنا بعض البضائع بالكويت في ميناء الشويخ وهنا تأتي التشاشيل لتنزل البضاعة إلىالنقعة. أما الحطب فعادة يتم انزاله في البحر على شكل شواويش باتجاه النقعة ليتم تسلمه».
وقليلا ما كان البحارة يموتون في غبة البحر بعيدا عن اليابسة، ولكن يذكر لنا النوخذة صقر عبدالوهاب القطامي عن المرض الذي أصاب بحارته في البوم بالمحيط الهندي حيث توفي أحدهم وقاموا بغسله وتكفينه ثم ربطوا الجثة بالصخر حتى تركس وتصل إلى قاع البحر، وكان كل يوم يموت واحد من البحارة لمدة 3 أيام.


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
العالم الفلكي الدكتور : صالح محمد العجيري AHMAD الشخصيات الكويتية 26 22-02-2012 07:05 AM
النوخذه صالح محمد عبد الله المهيني بو نمش مقابلات اذاعية وتلفزيونية وصحفية 2 29-07-2010 03:53 PM
النواخذا صالح محمد المهينى - راعى التموين- تحرير وكتابة ابن المرحوم خالد صالح المهينى jarodi الشخصيات الكويتية 3 22-06-2010 10:38 AM
كتاب كاديلاك وكوكاكولا ترجمة د.محمد السبيعي الجامع البحوث والمؤلفات 3 03-09-2009 02:04 AM
محمد صالح العجيري بوإرشيد الشخصيات الكويتية 0 26-05-2009 09:36 PM


الساعة الآن 01:37 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت