مشاري التورة: سبعون عاما في سوق التمــر - جريدة القبس

[AHMAD]

كتب جاسم عباس:

زاول الكويتيون في الماضي الكثير من الاعمال في مجالات متعددة، وكان لكل عمل سوق مختص، له تجاره المعروفون باسمائهم على البضاعة المعروضة، او باسم الحرفة التي يزالونها.
والتجارة في الكويت تبدأ من «الفرضة» مركز التنزيل والتوزيع، ومن المناخ الذي هو ساحة صغيرة كان مقراً ومكاناً لاناخة الابل القادمة الى الكويت، وكذلك من ساحة الصفاة التي اعتبرت مربضاً للابل لانزال ما يقدمه ابناء الصحراء من البضائع، وهذه الاماكن الثلاثة كانت تمثل المركز التجاري للبلاد.

في حديثنا مع مشاري سعود عبدالعزيز التورة (مواليد 1928) قال: منذ سبعين سنة وانا اتجول واعمل بين سوق التمر وسوق الجت وسوق الحلوى، والطحين والخضرة وسوق الدهن، اعرف الاسواق من الصفاة الى الفرضة، واخيراً استقر بي المطاف عند الحاج مبارك سمسار البيوت في مدخل سوق التمر.
واضاف: شاهدت واكلت في هذا السوق ثمار النخيل في مراحل النضج من البسر الى البلح الى الرطب والتمر حتى السلوق اليابس، وطلع النخيل الذي هو مصدر مركز بالفيتامينات، اذ كنا نستخدمه في كثير من المستحضرات الطبية المنشطة والمقوية، واشار التورة ان للتمر قدرا عظيما عندنا فهو يمثل الحلو والفاكهة، بالنسبة للكويتيين الاوائل وله فوائده الصحية الجمة، اقلها ان التمر خالٍ من الدهون، وبسبب التمر لم تكن امراض السرطان والقولون والكولسترول، وارتفاع الضغط والسكري والامساك شائعة في المجتمع الكويتي.
واكد التورة انه ما من كويتي او مقيم الا وكان يدخل سوق التمر الذي يقع في الجزء الشرقي من ساحة السبعان وسوق الحضرة، وغربي سوق الدهن القديم الذي ينتهي الآن مع نهاية سوق التمر الحالي.

سوق التمر
سوق التمر كان يقع عند المدخل الجنوبي للسوق الداخلي، وكان مخصصاً لبيع التمر الرخيص، حيث يوضع التمر في «قلات» ومفردها «كلة او قلة»، وهي عبارة عن كيس من الخوص يغلق بعد التعبئة بحبل من الخوص ايضاً.

أما الموقع الثاني لبيع التمور، فقد كان بالقرب من سوق الحمام، تمر هذا السوق يباع لأصحاب الدخول القليلة، او نواخذة السفن بغرض تقديمه كغذاء للبحارة اثناء الغوص، واما الانواع الجيدة من التمور، فتباع في سوق التمر الذي تفصله سكة «العتيجي» عن الاسواق الاخرى التي كانت تقع تحت سقف واحد، وكان عدد محلات التمور فيها حوالي عشرين دكاناً.

أنواع التمور
وذكر التورة عدداً من انواع التمور لم تمر على ابناء هذا الجيل الحالي، وقال: في سوق التمر كانت توجد انواع كثيرة مثل البرحي – ابريم – اشكر – سعمران – حلاوي – فرسي – لوزي – يوزي، وحويل (التمر الذي مر عليه حول «سنة»، وخندريس (من التمور الفاسدة)، حشف (من الجافة)، وشيص (بلح فاسد لانه لم يلقح)، وكان الدبس يتوافر في المحلات بكثرة نتيجة رص التمر على بعضه.
وعن مصادر التمر التجارية، قال التورة: يأتي التمر من العراق وايران بالسفن الشراعية وينزل بعضه على الفرضة، بينما اكثره يصدر الى الهند وبلدان الخليج، وكان السعمران والحلاوي من الانواع المتوافرة بكثرة.

وختم بقوله: اما نحن في الكويت فنتناوله يومياً مع وجبات الطعام، ونخزنه في المطابخ بوساطة ابياب (جمع بيب)، وهو برميل للتخزين او للمياه، وغالباً ما كنا نخزن التمر في جرة من الفخار تسمى «يحلة»، جدير بالذكر، ان سوق التمر الثالث مازال قائماً ومرتبطاً مع سوق الخضرة في منطقة المباركية، حيث يتردد عليه الناس لشراء انواع مختلفة من التمر.