45 عاماً على إنشاء ديوان المحاسبة
(جريدة الوطن 07/07/2009)
منارة كويتية انطلقت في 7 يوليو 1964م
45 عاماً على إنشاء ( ديوان المحاسبة )
يحتفل ديوان المحاسبة 7 يوليو 2009 بالذكرى السنوية لانشائه والذي كان استجابة لازدهار الحياة البرلمانية في دولة الكويت بعد صدور الدستور في 11 نوفمبر سنة 1962.
والذي عني بالنص صراحة على انشاء ديوان للمراقبة المالية يكفل القانون استقلاله، ايماناً بأن المال العام هو عصب الدولة وعماد نهضتها، لذا كان يجب أن يحاط بسياج من الحماية لضمان جبايته كاملاً دون نقص أو تقصير وانفاقه فيما يدعم المجتمع ويعود عليه بالنفع دون اسراف أو تقتير.
وقد نصت المادة (151) من دستور دولة الكويت على أن: «ينشأ بقانون ديوان للمراقبة المالية يكفل القانون استقلاله ويكون ملحقاً بمجلس الأمة، ويعاون الحكومة ومجلس الأمة في رقابة تحصيل ايرادات الدولة وانفاق مصروفاتها في حدود الميزانية، ويقدم الديوان لكل من الحكومة ومجلس الأمة تقريراً سنوياً عن أعماله وملاحظاته».
وفي 7 يوليو سنة 1964 صدر القانون رقم 30 لسنة 1964 بانشاء ديوان المحاسبة بدولة الكويت، ونصت المادة الأولى منه على أن: «تنشأ هيئة مستقلة للمراقبة المالية تسمى ديوان المحاسبة وتلحق بمجلس الأمة»، وذلك بهدف تحقيق رقابة فعالة على الأموال العامة عن طريق ممارسة الاختصاصات المخولة له بموجب قانون انشائه.
فكرة في 22 يوليو عام 1954 أقرت اللجنة التنفيذية العليا التي شكلها حاكم الكويت آنذاك سمو الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح انشاء ديوان للمحاسبة العامة يتولى مراقبة حسابات دوائر الحكومة وتنسيقها، وجاء القرار تمشياً مع شعور حاكم الكويت بالحاجة الى جهاز أعلى يشرف على حسابات الدولة ويدققها لحمايتها وصيانتها من أيدي العابثين.
مراحل مر ديوان المحاسبة بمراحل عدة منذ انشائه الى الآن ففي السنة الأولى جاء قانون انشاء الديوان معبراً عن المتطلبات الرقابية التي يجب أن يمارسها الجهاز الأعلى للرقابة في الدولة، وبالتالي فان ممارسته لاختصاصاته طبقاً للقانون جاءت مرتكزة على رقابة مشروعية كانت كافية لتحقيق رقابة فعالة على الأموال العامة.
وخلال حقبة السبعينيات، تبنت الدولة فلسفة التنمية المتسارعة والتي برزت أهم ملامحها في اقامة المشروعات التنموية الطموحة في مجالات الخدمات العامة والمرافق والمشروعات الانتاجية في القطاع النفطي، اضافة الى استخدام التراكمات الادخارية في تكوين أصول خارجية تدر عوائد تعويضاً لضآلة الطاقة الاستيعابية المحلية.
ومع بداية التسعينيات صدر قانون خاص بحماية الأموال العامة، وذلك لتحقيق أقصى حماية ممكنة، ومد مظلة الحماية لتشمل الاستثمارات خارج الدولة، وقد ترتب على هذا القانون أعباء اضافية على الديوان، لذا تم دعم الديوان بجهاز متكامل للوفاء بمتطلبات القانون فيما يختص بالجانب الرقابي، وبدأ الديوان بممارسة رقابته على الأموال المستثمرة داخل وخارج البلاد واستمراراً لقوة الدفع التي بدأها الديوان لتطوير وزيادة فعالية أدائه وتحسين المستويات الوظيفية للعاملين به.
وفي ضوء المستجدات الهامة التي مر بها المجتمع في تلك الفترة.. تبنى الديوان استراتيجية لاصلاح مساره الرقابي استندت الى مجموعة من السياسات اختصت بتفعيل العمل الرقابي وتنمية الموارد البشرية وزيادة كفاءة النظم الادارية القائمة وقد وجه الديوان اهتمامه في الفترة الأخيرة الى دعم وزيادة كفاءة جهاز التدقيق بالديوان، وأعطى القضايا التي تمس المال العام الأهمية اللازمة.
وأصدر العديد من التقارير الرقابية والتي تضمنت توصيات في شأن دعم المساءلة وزيادة فعالية الادارة المالية للدولة كما أعطى الاهتمام اللازم لموضوع المخالفات المالية التي تمثل ظواهر عامة، حيث تتكرر في أكثر من جهة خاضعة لرقابة الديوان أو تتكرر في الجهة الواحدة ولأكثر من فترة مالية، لذلك فانه يتم اعداد دراسات تحليلية متعمقة لتلك الظواهر وذلك للوقوف على الأسباب الحقيقية لتكرارها، وتكوين رأي للديوان بشأنها وابلاغه لكل من السلطة التشريعية والأجهزة التنفيذية في الدولة، ولاتخاذ الخطوات التصحيحية اللازمة في ضوء رؤية الديوان لها.
وعمل الديوان على دعم القطاعات المساندة للعمل الرقابي وتفعيل دورها بما يتلاءم مع تطوير أداء الديوان الرقابي وتوسعته، وخاصة فيما يتعلق باستخدام التقنيات الحديثة في مجال نظم المعلومات وبدأ بممارسة تدقيق الأداء باعتباره أحد المرتكزات الهامة في مجال التدقيق حالياً.
وارتكز منهجه في تدقيق الأداء على أن يكون مدخل الديوان لهذا التدقيق من أعلى الى أسفل، والذي يركز الاهتمام على المسائل والمجالات ذات الأخطار الجوهرية، حيث تبدأ أعمال التدقيق بفهم الجهة (المهمة) وطبيعة أعمالها، وكيفية عمل قطاعاتها الهامة، ونظم التفويض وقد تضمن قانون انشاء الديوان ما يكفل له الاستقلال المالي والاداري والوظيفي ويسهم في أداء مهامه الرقابية بحيدة وكفاءة وفعالية، لذا حرص على تطوير عمله الرقابي سواء من ناحية أساليب ممارسته له أو التوسع في نطاق رقابته لتشمل مستجدات الفكر الرقابي وتتواءم مع الاهتمام المتزايد لكافة فئات المجتمع.
كما عمل الديوان على وضع الخطط الاستراتيجية التي تسهم في تحسين كفاءة الأداء المؤسسي له من خلال التميز في أداء مهامه وتحقيق رقابة فعالة على الأموال العامة وفقاً لأفضل الممارسات المهنية ومن خلال قيم جوهرية تحقق الاستقلالية والمهنية وهو ما تضمنته خطة الديوان الاستراتيجية الأولى للسنوات 1995 - 2005 وخطته الثانية للسنوات 2006 - 2010.
تطوير وسعى الديوان الى تطوير وتنمية علاقاته بالجهات المشمولة برقابته من خلال تعاونه معها في اطار شعاره المعلن (شركاء ورقباء) شركاء في الحفاظ على المال العام ورقباء على استخدام تلك الجهات لما يتم تخصيصه لها من أموال عامة لضمان حسن استخدامها بكفاءة وفعالية حيث ان ذلك يعد هدفاً أساسياً للديوان.
وقد ركز الديوان - من خلال ممارسته لعمله الرقابي على خلق قناعة كاملة لدى الجهات الخاضعة لرقابته بأنه لا يهدف أصلاً الى تصيد الأخطاء ورصد المخالفات وانما يستهدف بالدرجة الأولى تحقيق مصلحة عامة وهي صون المال العام ومن ثم استطاع الديوان من خلال تعاونه مع تلك الجهات وتبادل الأفكار معها ومساعدتها في انتظام الأعمال المالية والمحاسبية بها ووضع الحلول المناسبة لما تواجهه من معوقات للوصول الى تحقيق هذا الهدف الأسمى.
استقلال تعد الحاجة الى وجود درجة كافية من الاستقلالية عن كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية أمراً ضرورياً لأداء العمل الرقابي ولمصداقية نتائجه، وفي ظل الاتجاه المتنامي عالمياً بجعل الأجهزة العليا للرقابة أكثر قوة واستقلالية لتتمكن من مساعدة الحكومات على تحسين الأداء وتعزيز الشفافية وتأمين المساءلة وذلك في اطار تشجيع المجتمع على استخدام الموارد العامة بكفاءة وفاعلية.
والمقصود بالاستقلالية: أن الديوان مستقل كهيئة للرقابة المالية، وهدف المشرع الدستوري من ذلك هو استقلالية الديوان عن كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية في مباشرته لاختصاصاته الرقابية، وكذا استقلاليته في ادارة شؤونه وشؤون موظفيه، لتوفير الطمأنينة لهم في مزاولتهم لمهامهم دون تأثير عليهم أو تدخل في أعمالهم بأي وجه كان.
واستقلالية الديوان لا تتجزأ اذ لا يمكن فصل استقلاليته في مزاولته لمهامه الرقابية عن استقلاليته في ادارة شؤونه وشؤون موظفيه، اذ لا يجوز الفصل بينهما، فاستقلالية الرقابة تلتزم وتستوجب استقلالية القائمين عليها اذ ان اهدار استقلاليته في الادارة وفي شؤون موظفيه يترتب عليها آثار تحد من تلك الاستقلالية وتؤثر في عمله الرقابي وتفرغ الاستقلالية التي منحها له الدستور من مضمونها.
وقد نصت المادة (151) من الدستور صراحة على استقلالية الديوان، وهو ما أكدت عليه محاضر اجتماعات لجنة الدستور والمجلس التأسيسي والتي تعد جزءاً لا يتجزأ من أحكام الدستور.
ويعتبر الحاق الديوان بمجلس الأمة الحاقا رمزيا وليس تبعية ادارية أو سلطة اشراف على أعماله، حيث حرص قانون انشاء الديوان رقم 30 لسنة 1964 كل الحرص على استقلالية الديوان في مباشرته لاختصاصاته الرقابية وفي شؤونه وشؤون موظفيه.
حيادية أما عن حيادية الديوان التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستقلالية، فقد حرص الدستور ثم قانون انشاء الديوان، كل الحرص على حيادية الديوان كهيئة مستقلة للرقابة المالية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، اذ منح كل من السلطتين اختصاصات متوازية ومتوازنة حيال الديوان، وذلك حتى لا تطغى سلطة على أخرى وحتى يصدر الديوان تقاريره في حياد تام بعيداً كل البعد عن كافة المؤثرات عليه من قبل أي منهما. ويكون الديوان بذلك في منأى عن كل تدخل وصراع.
أهداف يعتبر الهدف الأساسي لديوان المحاسبة هو تحقيق رقابة فعالة على الأموال العامة لصونها ومنع العبث بها والتأكد من استخدامها الاستخدام الأمثل في الأغراض التي خصصت لها.
وقد ركز الديوان من خلال ممارسته لعمله الرقابي على خلق قناعة كاملة لدى الجهات الخاضعة لرقابته بأنه لا يهدف أصلاً الى تصيد الأخطاء ورصد المخالفات وانما يستهدف بالدرجة الأولى تحقيق مصلحة عامة هي صون المال العام واستخدامه الاستخدام الأمثل في الأوجه التي خصص لها، ومن ثم استطاع تنظيم الأعمال المالية والمحاسبية بها ووضع الحلول المناسبة للوصول الى تحقيق هذا الهدف الأسمى.
اختصاصات يتولى الديوان مراقبة تحصيل ايرادات الدولة وانفاق مصروفاتها في حدود الاعتمادات الواردة بالميزانية، والاستيثاق من كفاية الأنظمة والوسائل المتبعة لصون الأموال العامة ومنع العبث بها، وتشمل رقابة الديوان بوجه خاص، حسابات الوزارات والمصالح والادارات الحكومية وسائر فروعها، وكذلك حسابات الجهات ذات الميزانيات المستقلة أو الملحقة بما فيها مجلس الأمة.
استراتيجية ارتكزت الخطة الاستراتيجية الأولى للديوان (1995-2005)، على اعادة هندسة البنية التنظيمية للديوان وجعلها متناغمة مع فلسفة توزيع الأموال العامة بالدولة، كما تم احداث تغييرات هيكلية في فلسفة وأساليب الأداء الرقابي للديوان، ثم جاء الاهتمام بالتنمية المستمرة للموارد البشرية باعتبارها المحرك الفاعل لعملية التنمية بالديوان.
فتم تطوير واستحداث أنظمة ادارية متعددة ذات علاقة بتلك التنمية وبعد انتهاء الخطة الاستراتيجية الأولى قام الديوان بتبني رؤية جديدة لتحسين كفاءة الأداء المؤسسي بالديوان، بحيث يتمكن من مواجهة الطلب المتنامي على خدماته الرقابية في ظل القيم الأساسية التي تحكم أداءه باعتبارها المرتكز لتعزيز مصداقية الديوان في مواجهة المستفيدين من تلك الخدمات.
لذلك ركزت الخطة الاستراتيجية الجديدة (2006-2010) على دعم الممارسات المهنية ذات الجودة الشاملة، وتحسين مستوى رضا الأطراف ذات العلاقة والاهتمام بمخرجات الديوان، والتحسين المستمر في العمليات الرئيسة المرتبطة بأداء الأعمال الرقابية والادارية.
اضافة الى الاستمرار في تطوير وتحسين قواعد البيانات المتاحة بالديوان، والعمل على انشاء قواعد بيانات جديدة بما يتلاءم واحتياجات الديوان المتنامية، والتحسين المستمر في ادارة الموارد البشرية بهدف تعظيم الاستفادة منها، بحيث يكون الديوان الجهة النموذجية والمفضلة للعمل لتميزها بالعدل، والمساواة، وتكافؤ الفرص، واتاحة المجال أمام كافة أعضاء الديوان لتحقيق التميز من خلال قدراتهم المهنية.
جائزة وخلال انعقاد المؤتمر الدولي التاسع عشر لهيئات الرقابة المالية العليا (الأنكوساي) بالمكسيك في نوفمبر 2007 كان ديوان المحاسبة على موعد من نيل ارفع جائزة تمنح لجهاز رقابي وهي جائزة «كاندوتش» وذلك من بين 180 جهازا رقابيا عالميا وتمنح الجائزة لأفضل جهاز أعلى للرقابة المالية قدم جهداً ملموساً في تطوير أنشطته وتحسين أدائه وأسهم في معاونة أجهزة الرقابة العليا الأخرى بالمنظمة وذلك خلال السنوات الثلاث التي تسبق انعقاد المؤتمر.
ونال الديوان هذه الجائزة الرفيعة بناء على ما حققه من انجازات في مختلف المجالات تمثلت في:
اتخاذ التخطيط منهجاً وأسلوب عمـل لجميع قطاعات الديوان والحرص على دعم هيكله الرقابي وتحديثه بما يتلاءم مع التطورات الرقابية.
والحرص على توفير الكوادر الوطنية القادرة على أداء المهام الرقابية.
واتباع الأساليب الرقابية الحديثة واستحداث رقابات جديدة مثل الرقابة البيئية ورقابة الأداء.
وتوفير فرص التدريب والتأهيل والتطوير لجميع الكوادر بما يسهم في تطوير أدائها.
واقرار كادر مالي يوفر للعاملين الاستقرار وعدم البحث عن فرص عمل خارجية.
وتنمية وتطوير آفاق التعاون مع كافة الأجهزة الرقابية العليا الشقيقة والصديقة ودعم أنشطة المنظمات الرقابية الدولية والاقليمية والعربية وتقديم العون المادي والمعنوي.
واستضافة ممثليهم في البرامج التدريبية التي يعقدها الديوان ضمن خطته السنوية للتدريب.
استضافة اجتماعات اللجان والمجالس التنفيذية لـ(الأرابوساي) و(الآسوساي) وتبادل الزيارات مع مختلف الأجهزة لتبادل الخبرات والاطلاع على تجارب تلك الأجهزة.
والحرص على حماية الأموال العامة وتقديم كل ما يسهم في ذلك من خلال ما يصدره من توصيات وملاحظات تتضمنها ما يقدمه الديوان من تقارير على مدار العام.
.
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ
|