04-09-2008, 03:31 AM
|
|
مشرف
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,662
|
|
المتحف الوطني.. حارس تراث الكويت وتاريخها - جريدة أوان
زيارة واحدة لمتحف الكويت الوطني تغنيك عناء تكبد مشاق التجوال على الآثار التاريخية المنتشرة هنا وهناك في أرجاء الكويت العاصمة، فهو بلا شك صورة مصغرة من عالم الأمس، وتجسيد حي لما كانت عليه الحياة في السابق، وهو خير مثال للبيئة الكويتية بما احتوته من مظاهر اجتماعية ومعيشية كانت سائدة في وقت من الأوقات، هذا إضافة لكونه حافظا لعادات وتقاليد وتراث أهل الكويت، وراوياً للتاريخ الكويتي القديم.
تعود فكرة جمع التراث الكويتي في رقعة واحدة هي «ديوان خزعل» الذي أطلق عليه مسمى المتحف الوطني، إلى تاريخ الواحد والثلاثين من ديسمبر من العام 1957، وكان موقعه في منطقة شرق أعرق أحياء الكويت العاصمة، الذي يضم الجزء الأعظم من الآثار العمرانية والتراث القديم، وذلك قبل الانتقال إلى أحد البيوت القديمة وهو بيت البدر، الذي يمثل المرحلة الثانية من مراحل تأسيس هذا الصرح التاريخي، وبحلول العام 1983 تم افتتاح مقر المتحف في موقعه الحالي في شارع الخليج العربي.
المتحف يضم صالات لعرض التحف والآثار الإسلامية النادرة التي تعود بجذوها إلى القرون الأولى من العهد الإسلامي، وأخرى لعرض كل ما يخص المواضيع التراثية والفنون الشعبية التي تخص أهل الكويت، هذا إضافة إلى قبة فلكية كروية الشكل تمثل الكرة الأرضية، وتحتوي على معلومات وافرة للباحثين عن علم الفلك والمجرات، وأخيرا مجسم لسفينة شراعية حقيقية كانت تستخدم في رحلات الغوص تسمى «بوم المهلب»،
من الأقسام الأخرى التي احتواها المتحف هناك نموذج للقرية التراثية بأحيائها السكنية التقليدية، وبأسواقها ومقاهيها الشعبية التي تحمل أسماء حرفة مرتاديها، و «بفرجانها» التي تعكس طابع الحياة الحميمية التي كانت تسود في السابق.
القرية التراثية
القرية التراثية من أهم الأقسام التي احتواها المتحف الوطني، وتضم الآلاف من القطع الأثرية النادرة، وقد تم إنجازها لتكون نموذجا مصغرا يُعبر عن البيئات الثلاث، البحرية، الحضرية، والبدوية، وتضم القرية فيما تضم عددا من الأقسام تمثلت في ساحة سوق الصفاة الشهير، الأسواق الشعبية القديمة، الفريج الكويتي بعمارته القديمة، سوق الحرف اليدوية، المدارس «الكتّاب كما كانت تسمى في القديم»، ولم يغفل القائمون على أمر القرية التراثية عكس حياة البحر وصناعة السفن، وأيضا عكس مظاهر الحياة التي تسود عادة القرى والمدن القديمة.
عند الدخول إلى المتحف وأمام مكتب الاستقبال تطالعك لوحة كبيرة موضوعة على الجدار تبين موقع ساحة سوق الصفاة القديم، والتي كان لها دور كبير في التبادل التجاري بين سكان البادية وتجار المدينة، وظلت هذه الساحة هي عصب الحياة التجارية في تلك الفترة من الزمن، وذلك قبل الشروع في بناء الأسواق الجديدة التي تضم دكاكين منفصلة في أماكن منفصلة من البلاد.
عند التجوال والبحث في معالم القرية التراثية لا بد أن تجد ما يعكس السوق القديم في مطلع العشرينيات، حيث أنشئت شبكة متكاملة من المتاجر متصلة بعضها ببعض، وقسمت كل مجموعة إلى دكاكين على حسب نشاطها، وسُقفت هذه الأسواق لحماية مرتاديها من الظروف الجوية القاسية في الصيف والشتاء.
تضم القرية قسما خاصا بنظام التعليم في الكويت قديما قبل ظهور ما يعرف بالمدارس الحديثة، والذي كان يتم داخل ما يعرف بالكُتاب الذي يدرس فيه المطوع أو الملا للبنين والمطوعة للبنات، حيث كان يخصص في كل حي بيت لاستقبال الأولاد والبنات لتعليمهم القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة مقابل مبلغ رمزي، وكانت تقام احتفالات خاصة للطلبة والطالبات الذين ينتهون من ختم القرآن الكريم تكريماً لهم. استمر هذا الوضع حتى عام 1912 حينما تم افتتاح أول مدرسة نظامية للبنين.
«الفريج» والبيت الكويتي لهما حضورهما أيضا في القرية، ويتكون الفريج «الحارة» الكويتي القديم كما هو مجسد في نموذج القرية من مجموعة بيوت متراصة تفصل بينها أزقة ضيقة بينها ساحات ترابية للعب الأطفال، وتتميز عمارة البيت القديم بالبساطة في التصميم والتنفيذ، حيث كانت تبنى معظم البيوت من دور واحد مربع الشكل يتوسطه فناء مكشوف يسمى «الحوش» تطل عليه غرف المنزل، ويتكون البيت المبني من الطين وحجر البحر وأعمدة الجندل من ديوانية لاستقبال الضيوف الرجال وغرفة نوم رئيسية وغرفة معيشة وغرف نوم إضافية، وحوش تزرع فيه عادة شجرة السدر.
حياة البحر وصناعة السفن التي كانت عصب الحياة الاقتصادية في السابق، حاضرة أيضا ضمن مفردات القرية التراثية، حيث أفرد لها قسم خاص يعكس هذا الجانب، بحكم أن الكويت تحتل مكاناً مميزاً على رأس الخليج، مما جعل سكانها يرتبطون بالبحر ارتباطاً وثيقا في تأمين احتياجاتهم المعيشية.
وغير بعيد عن القسم الخاص بحياة البحر والصيد، يوجد قسم آخر يجسد سوق الحرف اليدوية، ويعكس هذا القسم الحرف اليدوية التي زاولها الكويتيون قديما، وقبل ظهور النفط، وورثها الحرفيون جيلاً بعد جيل مثل حرفة الحايك والحداد والصائغ والنداف «القطان» والصفار «منظف الأواني»، وخياط العباءات والبشوت والخراز وغيرها من الحرف التقليدية.
في نهاية الطريق المؤدية إلى خارج القرية التراثية يوجد بهو علقت على جدرانه صور من الماضي باللونين الأبيض والأسود توضح معالم الكويت القديمة مثل السور والسيارات وغيرها من الأمور التي تربط الإنسان بجذوره وتراثه.
القبة السماوية
تأتي القبة السماوية في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد القرية التراثية، وهي تعد أحد أهم الإنجازات التقنية والعلمية، كما أنها تمثل البوابة والمدخل إلى عالم الفلك برحابته، وقد تم بناؤها على شكل الكرة الأرضية، وقسمت من الداخل إلى طابقين اثنين، الأرضي ويضم معرضا فلكيا، الثاني ويضم قاعة عرض سينمائية يتم فيها عرض النجوم على شاشة عرض كبيرة، إضافة إلى برامج فلكية وتعليمية باللغتين العربية والإنجليزية. صمم الطابق الأرضي ليكون أداة تعليمية وتثقيفية تتناول علم الفلك وتاريخ تطوره، وتنقسم صالة العرض إلى قسمين، الأول قسم علم الفلك بما احتواه من كواكب، ومجموعات شمسية، ومجرة درب التبانة، وخرائط المجرات، أما القسم الثاني فهو قسم خاص بتاريخ علم الفلك عند الحضارات القديمة، من المسلمين، وكوبرنيكوس وغاليليو وعصر التلسكوبات، وعلماء الفلك من القرن السابع عشر إلى القرن العشرين، إضافة إلى رؤية مستقبلية للمستعمرات البشرية في الفضاء.
تزين أرضية هذا المعرض الفلكي لوحة فسيفساء من الرخام للأبراج الفلكية الاثني عشر، وفي سقفها توجد خريطة فلكية تبين مواقع 52 برجاً وكوكبا يمثلون أكثر من خمسمئة نجمة مضيئة.
بوم المهلب
كما هو معروف بحياة الكويت القديمة، فإن سكان هذا البلد كانوا يتخذون من البحر مصدرا لتأمين متطلباتهم المعيشية، وذلك بحكم أنها تقع على شاطئ الخليج العربي، لذلك كانت أنشطتهم الاقتصادية تعتمد اعتمادا كبيرا على التجارة البحرية وصيد اللؤلؤ وغيرها من الأعمال البحرية، وهذا بدوره خلق نشاطا موازيا تمثل في صناعة السفن التي تستخدم لهذه الأغراض، وأشهر هذه السفن أو البوم «كما تسمى بالكويت» بوم المهلب الذي تمت صناعته في العام 1937، وعندما تم بناؤه أقاموا حفلاً كبيراً على الساحل شارك فيه العديد من كبار رجالات الدولة، والقباطنة والبحارة، وكان للمهلب سمعة طيبة في جميع الدول التي سافر إليها، وظل هذا البوم يسافر كغيره من السفن حين اكتشاف النفط عام 1946، عندها ترك البحارة حرفتهم القديمة، وتوقف المهلب عن السفر وترك أمام منزل صاحبه، وفي عام 1983 جرت صيانته ونقل إلى واجهة المتحف البحرية ليكون جزءاً منه.
|