محسنون من بلدي- عبدالوهاب عبدالعزيز العثمان

[الوطني]

عبدالوھاب عبدالعزيز العثمان

المولد والنشأة
ھو عبدالوھاب بن عبدالعزيز بن عثمان، المولود في منطقة القبلة في مدينة الكويت
عام 1323 ھ الموافق لعام 1905 م، لُقب بشیخ النواخذة في الكويت لما له من جاه
وصیت في ھذا المجال.

ينتمي النوخذة عبدالوھاب العثمان إلى عائلة توارثت العمل في البحر أباً عن جد

.

وھي عائلة كويتیة عريقة ارتبط تاريخھا بالبحر من أول يوم قدم فیه عمیدھا عبدالعزيز
بن عثمان من نجد، وھو من النواخذة المعروفین في زمانه في الكويت، وتعود أصوله
إلى قرية جنوبیة سدير

(الجنوبیة) في منطقة سدير في نجد بالمملكة العربیة
السعودية، التي ارتحل منھا إلى الكويت في حوالي عام 1274 ھ ( 1857 م)، وكان
عمره حینئذ اثني عشر عاماً.

وبعد أن وصل إلى الكويت قرر أن يتخذ العمل في البحر مھنة له، إذ كانت الكويت
مزدھرة بالتجارة في ذلك الوقت ومشتھرة بحرفة الغوص على اللؤلؤ، وكذلك السفر
التجاري بالسفن الشراعیة إلى سواحل الخلیج العربي والیمن والھند وسواحل
إفريقیا

.

وقد كان عبدالعزيز بن عثمان ذا طموح كبیر، فعمل بكل ھمة ونشاط في سبیل تحقیق
ما وصل إلیه من نجاح بعد ذلك، وكان يتمنى أن يمتلك سفینة شراعیة تقف أمام منزله
لن أتزوج حتى أربط

»: على شاطئ البحر، وله في ذلك مقولة مشھورة وھي

.(1)

« البري
ولما تجمع لديه ما يكفي من المال اشترى أول سفینة شراعیة، وكان يقودھا بنفسه
للسفر والتجارة ما بین الكويت وموانئ الھند والیمن، ومرت السنوات، وتحقق له مراده
بالتوكل على الله تعالى المقرون ببذل الأسباب، فتزوج عبدالعزيز ورزقه الله من البنین:

عبدالله وعثمان وعبدالوھاب

(المترجم له).

ولعل أبرز مؤشرات الارتباط الكبیر لأسرة العثمان بالبحر ما يلي

:
- بروز ستة عشر نوخذة للسفر الشراعي في الكويت من ھذه العائلة الكريمة،
توارثوھا أباً عن جد وتناقلوھا أخاً عن أخ وجیلاً بعد جیل، وھو أكبر عدد من نواخذة
السفر الشراعي برز من عائلة واحدة.
- امتلاكھم أسطولاً كبیراً يعتبر أحد أكبر أساطیل السفر الشراعي الكويتي الذي وصل
إلى سواحل الخلیج ومسقط والیمن والھند وإفريقیا.

ومن أشھر سفن ھذا الأسطول

: تیسیر ومساعد وموافج والباز وفتح الرحمن، وفتح
الكريم، فضلاً عن أبوام الماء (سفن نقل الماء من شط العرب إلى الكويت) الكثیرة،
التي لم يحفظ التاريخ أسماءھا، بالإضافة إلى أسماء سفن السفر الشراعي الأخرى
التي لم يحفظھا لنا التاريخ أيضاً مع الأسف.
- تمیز عدد لا بأس به منھم بأن طاقمه البحري (الیزوة) جمیعه من أھلالكويت، في
حین أنه من المشھور استعانة النواخذة الكويتیین بخلیط من البحارة الكويتیین وغیرھم
من أھل الخلیج وخاصة عمان والإمارات العربیة المتحدة، قبل تشكیل دولة الإمارات
في كیانھا الحالي بل قبل ظھور النفط فیھا وفي الكويت، وفي ذلك دلالة واضحة على
حرص نواخذة العثمان على استقطاب أفضل الكفاءات المحلیة، ولو كان ذلك مكلفاً من
الناحیة المادية.
- تمیز أسطولھم بحسن الصنع، لحسن انتقاء الأساتذة والقلالیف، الذين يبنون لھم

(

يوشرون) سفنھم، وإذا ما قُرن ذلك العامل بعامل ثانٍ وھو حذقھم ومھارتھم البحرية،
وعامل ثالث مھم وھو حسن نیتھم وسلامة سريرتھم، كانت ھذه العوامل الثلاث
مجتمعة من أھم أسباب نجاحھم الكبیر في صناعة السفر الشراعي( 1)، وكذلك عدم
تعرض سفنھم إلى كوارث أو حوادث جسیمة تذكر، إذا ما قیست بعددھا الكبیر.

النوخذة عبدالوھاب عبدالعزيز العثمان » وقد أشار د

. عبدالمحسن الخرافي في كتابه
إلى توافق عجیب ولطیف في الوقت نفسه ينم عن «... ريادة عائلة وتمیز إنسان
الخیرية في آل العثمان، إذ يقول:

قلیلاً ما تحدث في ھذه الحیاة موافقات واضحة تشد إلیھا الناظرين وتلفت انتباھھم

»

لأن مفردات الحیاة وأحداثھا كثیرة جداً ولا تأتي أحداثھا بالضرورة على نسق واحد، غیر
أننا في حالة نواخذة السفر الشراعي من أسرة العثمان الكريمة أمام حالة لطیفة
وعجیبة من حیث التوافق الذي سنحاول تقديم تفسیر منطقي وواقعي له

.

فمن الجدير بالذكر ھنا أنني قد وجدت تزامناً يستحق الوقوف، وتوافقاً يقتضي التأمل
بین أن عائلة العثمان قد ضمت أكبر عدد من نواخذة السفر الشراعي وبین أن رجالاتھا
ونساءھا على السواء قد بنوا أكبر عدد من المساجد في الكويت، تبنیھا شخصیات من
عائلة واحدة، وھذه مناطق الكويت تشھد لھذه العائلة ببذلھا في سبیل الخیر والأمر
بالمعروف والنھي عن المنكر

.

ومن ضمن ما أمكننا حصره من بیوت الله تعالى التي بناھا آل عثمان الكرام تسعة
مساجد في مختلف مناطق الكويت وثلاثة خارجھا

.

ولعل السبب في كثرة المساجد التي بناھا آل عثمان واضح وجلي، فالتنوخذ ملكة
قیادية غالباً ما ينمو معھا طبع الأصالة والكرم وحب الخیر والريادة بین الناس، ولا خلاف
على أن في بناء بیوت الله تعالى تیسیراً للشعائر التعبدية للناس، وھو أكبر دلیل على
ھذا الحب

.

ولیس بغريب عليَّ أبداً عزيزي القارئ أن يتوافق كون عائلة العثمان من أكثر العوائل
التي ظھر منھا نواخذة سفر، وظھر منھا أيضاً من بنى بیوتًا لله تعالى، فكان عدد ما
بنته من بیوت الله تعالى في الكويت أكبر عدد للمساجد بنته رجالات ونساء من عائلة
واحدة في الكويت كما أسلفنا آنفاً

.

سجل حافل لعائلة العثمان لا نستطیع حصره في ھذه العجالة وقد لخصنا ما تیسَّر من
كريم مناقبھا وأصیل رجالاتھا، وكم أخرج رحم الكويت من عائلات عريقة قدمت للوطن
رجالات حققوا الإنجازات فكانت كويت الماضي، وكويت الحاضر، وستكون كويت

.

« المستقبل إن شاء الله

تعلیمه
كعادة أبناء الكويت في ذلك الوقت التحق عبدالوھاب عبدالعزيز العثمان بالكُتّاب وتعلم
فیه القرآن الكريم والحساب والخط، ثم التحق بمدرسة الملا ھاشم الحنیان. وقد كان
من أساتذته وشیوخه آنذاك السید ھاشم الحنیان والسید سعد بن شرھان والشیخ
يوسف بن حمود والملا عبدالعزيز العنجري، وعندما بلغ السادسة عشرة من عمره

اتجه إلى تعلم أصول الملاحة وقیادة السفن الشراعیة