عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-03-2010, 03:28 PM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي فوضى توثيق تاريخ الكويت - سعود محمد العصفور

القبس - 20/03/2010


تاريخنا ينحر بمؤرخ يفجر!
تاريخنا يبحر بمؤرخ يمخر!

الوثائق عيون التاريخ في كل دولة، تحفظها وتقوم بدراستها وتخرجها وفق منهج أصيل يكفل للأجيال حسن استغلالها في حادث زمن قادم، فالحروب والنزاعات إنما تنشأ في غالبها من أسباب تاريخية يستخدمها كل صاحب غاية زائفة، والغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت أبلغ دليل على صدق ذلك.
وقصر النظر عن إدراك ماهية الأشياء يلزم الكثير ممن ركبوا سفائن التخصص دونما دراية أن تكون طروحاتهم غارقة في أمواج عاتية.

والتوثيق في الدول المتقدمة له مراكزه المؤصلة التي تستنهض كل صاحب تخصص في مجاله الأصيل الذي تحاكيه متطلبات الصنعة، أما نحن في الكويت، فقد تطفل على توثيق تاريخنا أناس تفننوا في ضياع الفرص، وقنعوا بما جمعه غيرهم من وثائق تصب في معين أرشيف بعينه دون الالتفات الى بقية الأراشيف التي تحتوي كنوز الوثائق لدولتنا الحبيبة.
أقول هذا وفي جعبتي الكثير من الوثائق التي جمعتها من خلال تجوالي في الأراشيف الأصيلة، ولكن غصة الحلق تلزمني الصمت في ظل التخبط الحاصل بين جهات مختلفة تعزف لحناً نشازاً، وتضم أناسا غيبوا التخصص وركنوا الى اجترار وثائق الماضي السحيق.

ولي تجربة فريدة مع الجهات الجامعة للوثائق في دولتي الحبيبة الكويت، ففي سنة 2001 قمت بترتيب زيارة لصديقي الأستاذ نجاتي كول تبه مدير الأرشيف العثماني في اسطنبول، ذلك الأرشيف الذي يحتوي على نحو 150مليون وثيقة تخص الدول التي كانت للدولة العثمانية معها علاقات مباشرة، ومنها الكويت، ولما جمعته مع مراكز الوثائق المعنية بدولة الكويت قال عبارة أخجلت الحاضرين، مفادها أنه يعمل في وظيفته الحالية منذ نحو خمس وعشرين سنة ولا يعرف أحدا من القائمين على تلك المراكز، فلم يزره أحد منهم البتة! وتغير المدير بعدها بنحو ست سنوات، ولم يزره أحد!

ولي مع سلفه أوشج العلائق حتى كتابة هذا المقال، وكذا الحال، فلم يزره أحد!
انه مثال ضياع الفرص من أناس تقلدوا زمام الأمور دون دراية أنهم على ثغر مهم يلزمهم تتبع مظان وثائق بلدهم أينما وجدت واستخدام من خبروا صنعة التوثيق وفكوا غامض مكنونها.
إنها دعوة لأصحاب مراكز الوثائقية للتشمير عن ساعد الجد فيما أضاعوه في سالف الزمان، ووقفة غايتها التنبه الى خطورة ما ندخره لأجيال قادمة.

د. سعود محمد العصفور
رد مع اقتباس