عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 04-06-2009, 11:21 AM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

ظهر على الخريطة السياسية في الكويت، بعد حل مجلس الأمة في 29/8/1976، اسم سياسي جديد هو التجمع الديموقراطي، لكن هذا التجمع لم يستمر طويلاً، وعندما لم ينجح أحد منهم في انتخابات 1981 (المجلس الخامس) لجأت حركة التقدميين الديموقراطيين إلى إحياء التجمع الديموقراطي الذي كان فيها إضافة إلى مجموعة سياسية اخرى. وكان خالد الوسمي الوحيد الذي نجح في هذه الدورة، وكان مؤيداً لحركة التقدميين الديموقراطيين وصوتها في مجلس الأمة. والدكتور خالد الوسمي أستاذ جامعي، يعترف الدكتور أحمد الخطيب في صحيفة الطليعة عدد 1694 بتاريخ 7/3/2005، "بالدور الكبير الذي لعبه زميلنا الدكتور خالد الوسمي في ذلك الوقت حيث إنه" الوحيد الذي نجح في المجلس وساهم في إفشال محاولات تعديل الدستور". كان هذا داخل المجلس، أما خارج المجلس فلم تسكت الحركة الوطنية عن هذه المحاولات وتصدت للأمر ووجه د. أحمد الخطيب وجاسم القطامي رسالة مشتركة إلى مجلس الأمة حول اقتراحات الحكومة بتنقيح الدستور والمتمثلة في:

1 – إزالة حق التشريع من أعضاء مجلس الأمة.
2 – إلغاء حق الرقابة والمحاسبة من خلال رفع الحصانة عن النائب داخل
مجلس الأمة.
3 – وضع العراقيل أمام النواب بطرح وجهات نظرهم في النقاش (الرسالة ملحق 2)
ونجح نواب الحركة الوطنية في مقاومتهم لهذه الاقتراحات.

وتمكن التجمع الديموقراطي من تحقيق انتصارات في انتخابات مجلس الأمة السادس عام 1985 عندما نجح في الانتخابات د. أحمد الخطيب، د.أحمد الربعي وسامي المنيس، لكن هذا المجلس سرعان ما صدر الأمر بحله عندما أصبحت الأغلبية فيه غير مؤيدة للسلطة التنفيذية. وشهدت الكويت بعد حلّ المجلس تحركاً شعبياً للمناداة بعودة الحياة الدستورية، كما سبق أن ذكرنا.
ويبدو أن هذا التحرك فُهم خطأ من نظام الحكم في العراق وفُسّر على أنه معارضة لمؤسسة الحكم المتمثلة في أسرة آل الصباح وليس معارضة لتعطيل الدستور، وزاد سوء فهم هذه الحركة الشعبية المطالبة بالديموقراطية اعتقال بعض رموزها ومنهم جاسم القطامي، أحمد الخطيب وأحمد الربعي ولم يُعتقل سامي المنيس، في مايو 1990.
وأحدث الغزو العراقي في 2/8/1990 الزلزال الأقوى في تاريخ العرب الحديث وأودى بكثير من الإنجازات القومية، كما أثار ألف علامة استفهام حول ما يطرحه الطغاة من شعارات غوغائية، وأحدث ردات فعل في نفوس الكثيرين، كما وضع المنطقة على حافة مستقبل لا يعلم مداه إلا الله سبحانه وتعالى. وخرَّب أيّما تخريب وحدة التضامن العربي والالتفاف العربي حول القضية الفلسطينية، فماذا كان موقف أعضاء التجمع الوطني، وهي القوى الوطنية الديموقراطية، من هذا الغزو؟

موقف القوى الوطنية الديموقراطية من الغزو العراقي

كان أبرز دور لها خارج الكويت هو المساهمة في مؤتمر جدة، وكان دورها كما يقول د. الخطيب حاسماً حول عودة العمل بالدستور، وكان موقف القوى الوطنية الديموقراطية متمثلاً في:
الإدانة الكاملة للاحتلال ورفضه والعمل على إنهائه.
التمسك بالشرعية الدستورية كما نص عليها دستور 1962.
وبذا تمكنت هذه القوى من نقل مؤتمر جدة من مؤتمر مبايعة فقط لمؤسسة الحكم إلى إقرار لأحقية قضية الديموقراطية والدستور. كما ساهمت هذه القوى بالتحرك على المستويين العربي والعالمي لشرح طبيعة الاحتلال العراقي وممارساته الوحشية التي فاقت كل تصور، لكسب المؤسسات الإنسانية وإبراز هوية الشعب الكويتي الديمقراطيي التي ميزته عن عموم المنطقة، مع التوجه إلى حركات السلام وتحديد مسؤولياته تجاه هذه الحرب والتصدي لمقولة الاكتفاء بالحصار الاقتصادي، فهو كفيل بإخراج العراق من الكويت. وكان ذلك أبرز جهد قامت به الحركة الوطنية مع غيرها من الكويتيين، لأنه لو حدث أن تم ذلك لكان تحرير الكويت أبعد منالاً من نجوم السماء.
أما في داخل الكويت، فقد تمكنت رموز القوى التقدمية الديموقراطية المتمثلة في شخصية عبد الله النيباري الذي عاش فترة الاحتلال كلها داخل الكويت، من العمل على تقوية الوحدة الوطنية الكويتية الأسطورية في وجه الغزو وتوفير الظروف الملائمة للصمود على أرض الوطن والعصيان المدني في مقاومة الغزاة.

مؤتمر جدة

دُحر الغزو العراقي وعادت الشرعية إلى الكويت، وعادت الكويت حرة، وعادت مؤسسة الحكم لتمارس نشاطها وصلاحياتها المستمدة من قوة الشعب ورغبته، بعد احتلال دام من 2/8/1990 حتى 26/2/1991. وفي هذه الأثناء لم تغب الكويت لحظة عن أذهان العالمين العربي والعالمي، كما ناضل أهلها جميعاً داخلها وخارجها، من أجل تحرير الوطن حتى نجحوا في ذلك. وكان انعقاد مؤتمر جدة الكويتي في 27/10/1990 وكان لمجموعة الـ 45 - والذين اعتقل بعضهم قبل الغزو- موقف وطني موحد مع مجموع الشعب والسلطة التشريعية، وكان سامي أحد أعضاء هذا المؤتمر الذي أكد شرعية الحكم والعودة إلى الديموقراطية بعد التحرير.

المنبر الديموقراطي

ويبدو أن فكرة إنشاء المنبر الديموقراطي كتنظيم سياسي على الساحة الكويتية ظهرت أثناء فترة الغزو، وما إن تحررت الكويت في 26/2/1991 حتى عاد من غادر أثناء الاحتلال إلى وطنه. وعقدت القوى اليسارية والقومية مؤتمراً تأسيسياً تم فيه الإعلان عن تأسيس "المنبر الديموقراطي الكويتي". وضم هذا المنبر حركة الديموقراطيين الكويتيين (ومنهم سامي المنيس وأحمد الخطيب وعبد الله النيباري) والتجمع الوطني (جاسم القطامي) وبعض القوى اليسارية (اتحاد الشعب) وشخصيات وطنية مستقلة. وأصبح هؤلاء قائمة موحدة خاضت الانتخابات البرلمانية منذ 1992 وحتى الآن بهذا الاسم، وكان سامي أحد رموزه مع أحمد الخطيب وعبدالله النيباري وجاسم القطامي. إلا أن سامي لم يُوفق في انتخابات 1992، ولا يعني ذلك أنه كفّ عن نشاطه السياسي أو البرلماني.

برنامج المنبر الديموقراطي
عام 1992

تقدم المنبر الديموقراطي إلى الشعب في انتخابات 1992 ببرنامج انتخابي شرح فيه واقع الكويت بعد التحرير وآثار الغزو البغيض في نفوس الشعب الكويتي، كما أشار إلى الواقع البيروقراطي الحكومي. وكان برنامج المنبر منصباً على الانقاذ والتصحيح انطلاقاً من اعتماده ركائز أساسية في بناء المجتمع، وهي تعزيز الأمن وترسيخ الحكم الدستوري الديموقراطي وتحقيق التنمية البشرية. وهي الركائز التي رأى المنبر في تحقيقها صورة الكويت المستقبلية. وقد اقترح البرنامج تكريم الشهداء والعناية بأسرهم ودعم جهود البحث عن المفقودين وتعزيز الكيان الدستوري الديموقراطي من خلال تطبيق الدستور وتفسيره ديموقراطياً، والمساءلة السياسية وإصلاح السلطة التنفيذية والمراجعة التشريعية للمراسيم والقوانين التي صدرت منذ 3/7/1986 وحتى انعقاد المجلس المنتخب. وهي فترة تمتد لأكثر من ست سنوات غُيّ.ـب فيها مجلس الأمة، والمصادقة على اتفاقيات حقوق الإنسان وإلغاء المادة/ 9 من القانون 24/62 بشأن الأندية وجمعيات النفع العام، وتعديل وتوسيع القاعدة الانتخابية وضمان نزاهة الانتخابات والعمل على تحقيق استقلال القضاء استقلالاً تاماً.
وشدد البرنامج على الأمن الخارجي والأمن الداخلي للكويت. وأوضح موقفه من السياسة الخارجية للدولة التي يجب أن تقوم على التفاوض وحسن الجوار وتوازن المصالح واحترام المنظمات، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني وحق الشعوب في الديموقراطية ونشر الوعي البيئي. كما أكد على التخطيط الاقتصادي والاهتمام بالقوى العاملة الوطنية، واهتم بحياة المواطن ومكافحة الغلاء وتعديل قانون التأمينات الاجتماعية والصناعة النفطية لمصلحة المواطن. ودعا إلى العمل من أجل الحد من ارتفاع أسعار العقار المخصص للسكن.
كما اهتم البرنامج بالتعليم ووعد بالسعي إلى مراجعة نتائج سياسة الدمج 91/92 وتعديل قانون التعليم الإلزامي ليشمل مرحلة الثانوية العامة والعمل على زيادة معاهد التعليم التطبيقي وبناء مجمع شامل للجامعة يضم جميع كلياتها. مع إصدار قانون جديد للجامعة يعطي لهيئة التدريس دورها في توجيه التعليم الجامعي مع زيادة الاهتمام باللغة العربية والتزام وزارة التربية بالقضاء على الأمية مع نهاية القرن العشرين.
ودعا البرنامج إلى استقلالية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مع دعم المبدعين ونشر الثقافة الجادة. كما دعا إلى إنشاء هيئة وطنية للإذاعة والتلفاز مهمتها الوصول الحر إلى المعلومات والسعي إلى الحقيقة. وخص البرنامج المرأة فطالب بحقوقها السياسية ترشيحاً وانتخاباً، وبعدم تقييد امتيازاتها في العمل وتوفر عدالة شروط العمل في القطاعين الخاص والعام.
وأخيراً دعا البرنامج إلى الاهتمام بالبيئة بعد كارثة التلوث البيئي التي سببها الغزو العراقي، مع نشر الوعي البيئي وتنشيط الهيئات المهنية وإبرام الاتفاقات الدولية والإقليمية بشأن البيئة .
على أساس هذا البرنامج، خاض المنبر الديموقراطي انتخابات 1992 وكان مرشحوه عبد الله النيباري، جاسم القطامي، إبراهيم يوسف عبد المحسن، أحمد الديين، د. أحمد الخطيب، سامي المنيس، خالد الوسمي ومبارك سلطان العدواني.
ونجح عبدالله النيباري رفيق الدرب لسامي الذي لم ينجح. وافتقد مجلس الأمة صوتاً حراً جريئاً، لكن سامي كان يؤمن بأن الديموقراطية ليست عضوية في مجلس الأمة وحسب بل هي ممارسة يومية يعيشها المؤمن بها أينما وُجد. وشهد هذا الفصل التشريعي إنجازاً ملحوظاً لحقوق الإنسان عندما تألفت لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان كإحدى اللجان المنتخبة من بين أعضاء المجلس. ومن اللافت للنظر في حياة سامي أنه أصبح رئيساً للجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في مجلس الأمة لعام 1996 وما بعدها .
أنه أصبح رئيساً للجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في مجلس الأمة لعام 1996 وما بعدها .

برنامج 1996 – 1999

عاد سامي إلى مجلس الأمة في انتخابات الفصل التشريعي التاسع في أكتوبر 1996. وخاض الانتخابات في هذا الفصل ملتزماً بالبرنامج الانتخابي للمنبر الديموقراطي تحت عنوان: "حكم ديموقراطي.. وطن آمن" .
وقد أوضح البرنامج رؤية المنبر الديموقراطي للقضايا الكويتية المختلفة وكيفية معالجتها وحلها. وكان أهمها مستقبل الكويت والعلاقات الخارجية، متمثلة في تركيز جهود السياسة الخارجية الكويتية على عزل النظام العراقي عربياً وعالمياً، وإفقاده كل عون اقتصادي يمكن أن يحصل عليه من أي جهة كانت، مع تشديد الحصار الاقتصادي عليه.
كما دعا البرنامج الى تعزيز فرص السلام والتنمية في الخليج العربي والوطن العربي عموماً، على أسس من احترام القرارات الدولية ذات الأهمية وذلك مساندة للدول العربية لتحقيق السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط، وتعزيز أواصر التعاون مع دول الخليج العربية. وتطوير العمل الديموقراطي من خلال العمل مع القوى الوطنية في الساحة الكويتية لتطوير العمل السياسي وتعميق الدور الشعبي وإبعاد أصحاب النفوذ عن التأثير في قرارات السلطة. ودعا البرنامج إلى قيام الأحزاب السياسية وتكريس حرية الصحافة والاعتناء بحقوق الإنسان.
وفي المسألة السكانية، بيّن المنبر الديموقراطي أن هناك 36 في المائة من مجموع السكان كويتيين، مما يعني ازدياد عدد الوافدين. ويمثل الوافدون 83 في المائة من قوة العمل والكويتيون 17 في المائة، يعمل 95 في المائة منهم في القطاع العام، كما تطرق إلى الرعاية السكنية وذكر أن هناك 45 ألف طلب.
وفي مجال الاقتصاد وإعادة هيكلته، أشار البرنامج إلى تشوهات حقيقية في البناء الاقتصادي، نتيجة الطبيعة الريعية لهذا الاقتصاد. ونادى بضرورة الحفاظ على ما تبقى من الاستثمارات ووقف الهدر وترشيد الإنفاق وتخصيص الخدمات بواقعية مع الاستمرار بتوفير التعليم المجاني في جميع مراحل التعليم لأبناء الكويت.
أما عن العمالة، فدعا المنبر إلى إعادة النظر في قانون العمل في القطاع الأهلي ونادى بتأسيس هيئة عامة للاستخدام والتوظيف للاعتناء بتشغيل العمالة الكويتية. أما عن اقتصاد النفظ، فقد ذكر البرنامج اعتماد الكويت شبه الكلي على ايرادات النفط، واخفاقها في تنويع مصادر الدخل. لذا أشار البرنامج إلى الصناعات النفطية التي يمكن أن تكون مجالاً للاستثمار. وركز البرنامج على العناية بالبيئة لأنها مرتبطة بحياة الإنسان، ودعا إلى فرض القوانين الصارمة ضد من يحاول تلويثها أو يعتدي عليها.
ومن الطبيعي أن يشدد البرنامج على أمن الوطن والمواطن، وعرج على حقوق الإنسان، خصوصا بعد المعاناة القاسية للإنسان في ظل الاحتلال العراقي الغاشم. ولم ينسَ البرنامج الاهتمام بالمرأة وحقوقها والاهتمام بالتعليم وتطويره، وكان سامي ملتزماً بهذا البرنامج التزاماً تاماً في مناقشاته في جلسات مجلس الأمة. وبدأ هذا الفصل في دور انعقاده الأول بحوار حول البرنامج الحكومي الذي يقدم عادة عند بداية كل فصل تشريعي عندما يلقي ولي العهد رئيس الوزراء الخطاب الأميري بعد النطق السامي بافتتاح الفصل والترحيب بصاحب السمو أمير البلاد.
كان تركيز البرنامج الحكومي على الأمن الوطني عندما أعلن سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أنه ليس لديه أولوية سوى الأمن الوطني. لكن سامي يتساءل "هل الأولويات في ما يتعلق بالأمن الوطني غائبة عن هذا المجلس؟ وهل الاهتمام بالشؤون العامة كما قال سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ليس له أولوية". "لا أقبل أن يدار أمن هذا الوطن بردود فعل من دون أن يكون هناك برنامج مسبق. إننا ننشد تعاون مجلس الأمة مع السلطة التنفيذية، لكننا نريد تعاوناً صادقاً قوياً بين السلطتين لا التعاون الذليل. نريد مجلساً يتعاون وفق الأسس الدستورية، فالعمل الديموقراطي يعني الوضوح".

وهنا أشار سامي إلى النطق السامي في الفصل التشريعي الثامن دور الانعقاد الثاني الذي تضمن:

1 – إصلاح الوضع الإداري في مؤسساتنا العامة والخاصة والذي تنصلح من خلاله أمور كثيرة.
2 – الموقف الحاسم والصلب من الفساد والمفسدين ولا تهاون مع مرتكبي الحوادث المخزية التي تنال من قيم مجتمعنا وأمنه واستقراره.
وهما أمران لا يستطيع أحد معارضتهما، وهما مطلب شعبي ودستوري للمواطن.
لكن سامي رأى أن "رقي المجتمعات يقاس بمقدار التزامها بالقوانين التزاماً أخلاقياً منبعثاً من ضمائرها". أما عن الحسم ضد مرتكبي الجرائم، فيرى سامي وهذا أمر طبيعي "أن ذلك مرتبط ارتباطاً مباشراً بتطبيق القانون على الناس جميعاً". لكنه يرى أن السبب في عدم تطبيق القانون يعود إلى "المواد الخاصة بالاستثناءات من الوزارة".

مقاومة الفساد

أما عن مقاومة الفساد، فهو يرى أن "الخلل موجود في التشريعات التي تخدم الفساد والمفسدين". وإذا ما أردنا التحدث عن الأمن فإنه في نظر سامي يندرج تحت بندين:
الأول: "المضي الجاد والمخلص والمثابر لمنع الجريمة قبل وقوعها. أما ما يشغل بالنا فهو الثاني، المتمثل في الجريمة التي تقع من دون الوصول إلى الجاني". وهما أمران ركز عليهما سامي في جميع الفصول التشريعية، ولم يكف عن إثارتهما ومطالبة وزارة الداخلية بتحقيقهما.
كان سامي يطالب بإعطاء رجل الأمن الصلاحيات القانونية التي تخوله التحرك لمكافحة الجريمة، وذلك عندما ذكر "أن رجل الأمن عندما يشعر بأن ليس أمامه خطوط حمراء للوصول إلى مرتكبي الجرائم، خصوصا تجار المخدرات والخمور، وقتها نقدر أن نقول إن رجل الأمن بدأ يشعر بالاطمئنان وإن ما من شيء يمنعــه من الوصول إلى الجناة".

الفئة الباغية

وهنا أثار سامي علة العلل في كثير من المجتمعات، وليس في الكويت فقط، تلك العلة المتمثلة في وجود فئة متنفذة أو متسلطة تتمتع بامتيازات معينة، ويقوم بعض أفراد هذه الفئة باستغلال قوتهم ونفوذهم في المجتمع فيستبيحون القوانين والأعراف الاجتماعية في سبيل تحقيق كسب مالي، وربما يعود ذلك إلى شعور هذه الفئة بأن الدولة ملك لهم وليست لغيرهم، وهم الأحق بالانتفاع منها كما يشاؤون. وهذا شعور بإلغاء مواطنة الآخر. وقد يكون من بين هؤلاء تجار مخدرات أو تجار خمور، وقد يكون من بينهم سراق للمال العام وقد يكون بينهم من يستخدم آخرين لارتكاب جرائم التصفية والعدوان الجسدي... إلخ. وهؤلاء هم آفة كل مجتمع ولا سبيل لنهضة اجتماعية إلا بالقضاء عليهم، ومما يساعد في تحقيق ذلك أنهم معروفون وأن معرفتهم سهلة أيضاً، كما أنهم معروفون بجبنهم، إذ سرعان ما ينهارون عند ظهور أي بادرة حاسمة أو صارمة في تنفيذ القوانين وفرض هيبتها، وعندما يشعرون بأي تحرك شعبي منظم ضدهم.

العمل والعمال

كانت مشكلات العمال أينما وجدوا وأحوالهم على أجندة سامي الدائمة والثابتة، وسعى ما في وسعه إلى تنظيم العمالة في الكويت من خلال مؤسسات عمالية ونقابات وجمعيات. ونجح في ذلك عندما أسس أول نقابة لعمال النفط في مطلع حياته النقابية السياسية. ورأى في مرحلة نضج تفكيره وتقدمه في العمر "أن ظهور مؤسسة استخدام للعمالة في القطاعين الخاص والعام تساهم في حل الكثير من مشكلات العمالة الوافدة إلى الوطن. وتخلصها من خطر الابتزاز والاستغلال والإهمال".
شهد هذا الفصل التشريعي الدعوة الى تعديل قانون العمل في الكويت، ومن يعرف سامي يدرك أنه مع التعديل إذا كان في مصلحة العمال، وأنه ضده إذا مس أي حق من حقوقهم. وهو الساعي دائماً إلى تحقيق المكاسب للعمالة الوطنية والوافدة. لذا فإنه يود أن "يأتي تعديل أوسع وأشمل في قانون العمل في القطاع الأهلي". بل يذهب إلى أبعد من ذلك، ويدعو وزير الشؤون الاجتماعية والعمل إلى أن "يعيد النظر في قانون العمل في القطاع الأهلي بالكامل وليس بالجزئية"، والتعديل وإعادة النظر في قانون العمل يعني أنه يعاني من نواقص تسيء إلى وضع العمالة في القطاع الأهلي بالذات، كما تسيء إلى سمعة الكويت دولياً، لاسيما أن هناك منظمات دولية تقدم ملاحظاتها عن سلبية المعاملة في القطاع الأهلي. وليست الخطورة في هذه الملاحظات، بل في الكثير من الأعمال غير الإنسانية وغير المعقولة ضد العمال والتي تؤثر سلباً في سمعة هذا البلد.
وحتى يضع الأمور في نصابها ولا يكون حديثه عن العمال في القطاع الأهلي حديثاً انفعالياً، فإنه يذكر قضايا محددة يعاني منها العامل في القطاع الأهلي أهمها "عدم تحديد ساعات العمل في هذا القطاع، تدني الأجور، تجارة الإقامات، أعمال لا يقرها إنسان يقدر معنى الإنسانية. وهل هناك ما يسيء إلى سمعة الوطن أكثر من هذا؟".
يبدو أن ملاحظات سامي عن العمالة في القطاع الأهلي كانت ككرة الثلج، إذ سرعان ما كبرت لتصبح ظاهرة يجري الحديث عنها في الكويت وخارجها، ولتفرض نفسها على صانع القرار لحلها حتى تعود الأمور إلى نصابها، وتعود الكويت إلى نصاعتها وتتخلص من مرتزقة الإقامات ومستغلي الخدم.

التعاون بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء

شهد هذا الفصل التشريعي ظاهرة الأقاويل عن عدم التعاون بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء، وكان لافتاً للنظر في أوائل 1997 عندما انتقل الحديث إلى الشارع أو الديوانيات. ويتصدى سامي لهذه الأقاويل قائلاً "إن ذلك يعني أن هناك إقرارا داخليا من الداخل في نفوسنا أنه ح.نّا (نحن) فريقين مو فريق واحد للكويت. ومشكلتنا الأساسية إثبات الثقة. ومع الأسف هناك أطراف غير مسؤولة تحرض على توجيه الرأي العام أو اتخاذ قرارات داخل المجلس الوزاري بأن مجلس الأمة معطّ.ل، غير متعاون. إن عنق الزجاجة عندنا المصداقية لكلمة التعاون، يجب أن نترجمها بشكل آخر لا بالتصريحات. نريد أن يكون التعاون في إنقاذ البلد وانتشاله من حالة الهاوية واللي قاعدة تعيشها".
وهنا يحمّـل سامي أطرافاً في مجلس الوزراء مسؤولية التحريض على مجلس الأمة، كما يحملها مسؤولية إثارة الرأي العام. ورغم أنه ينفي عدم التعاون ولا يثبته، فإنه يشير إلى تعاون من نوع جديد يكون شاملاً، لا من أجل إصدار تشريع أو قانون وإنما من أجل إنقاذ الوطن ككل، ذلك لأنه يرى الوطن، يعيش حالة لا يرضى عنها يصفها بالهاوية.
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس