عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-05-2009, 10:57 PM
عنك عنك غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
الدولة: الـكـويــت
المشاركات: 412
افتراضي عبدالله فريح عثمان الفدا

عبدالله فريح عثمان الفدا
(1297-1371هـ) (1879م – 1951م)

المولد والنشأة:

ولد المحسن عبد الله فريح عثمان الفدا عام


1297هـ الموافق لعام 1879م في قرية الجنوبية بمنطقة السدير في إقليم نجد بالمملكة العربية السعودية الشقيقة. وهو أكبر إخوته سناً، ويليه أخوه عثمان ثم أخته منيرة ثم أخوه إبراهيم.

تحمله المسؤولية مبكراً:

عندما توفي والده رحمه الله كان عبدالله لا يزال في سن الشباب, ولكنه كان على قدر المسؤولية وعند حسن ظن إخوته ووالدته وجميع أقاربه ومعارفه, فقد أحسن تحمل المسؤولية، بل تعوََد عليها فقوي عوده واشتد ساعده, وتعلم كيف ينهض بها دون كلل أو ملل، وهكذا تصنع الشدائد الرجال, وعند البلاء تظهر معادن الناس, وما أحسن قول المتنبي:
إذا القوم قالوا من الفتى خلتأنني عُنيت فلم أكسل ولم أتبلِّدِ تعليمه


لم ينل المحسن عبدالله فريح الفدا حظاً وافراً من التعليم
, إذ لم يكن التعليم شائعاً في ذلك الوقت كما هو معروف، فقد كان مقتصراً على تعليم قراءة القراَن الكريم في الكتاتيب وحفظه, وكانت القراءة والكتابة تشكل صعوبة, ولكن عبدالله كان محباً للقرآن الكريم محافظاً عليه ومتمسكاً بتعلمه وقراءة ورده منه يومياً، حرصاً على تحصيل ثواب تلاوته, عاملاً في ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ " رواه الترمذي.
رحلته من نجد إلى الزبير ثم الكويت:

قضى المحسن عبد الله فريح الفدّا فترة طفولته وصباه ومطلع شبابه في نجد، وظل بها حتى القرن العشرين الميلادي، وكان عمره حوالي 21 عاماً، ونظراً لما أصاب نجد من جفاف في تلك الفترة, فقد انتقل إلى منطقة الزبير بالعراق مع والدته وإخوته الثلاثة، سعياً وراء الرزق الحلال, وعملاً بقولة تعالى:

"وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً (100)" سورة النساء.وبعد أن وصل إلى الزبير, بقي فيها فترة من الزمن, عمل خلالها في مجال البناء، حتى أصبح أستاداً في هذا المجال, لإتقانه لعمله بكل ما يستطيع وإخلاصه فيه, واجتهاده في تحصيل الرزق بهذا الطريق الحلال.

وبينما كان المحسن عبد الله فريح مقيماً بالزبير, مقبلاً على حياته فيها, متقناً عمله راضياً بما قسم الله له, سمع عن أهل الكويت، وعن سماحتهم وطيب مقامهم وحسن عشرتهم, فقرر هو ومجموعة الأستادية الذين يعملون معه التوجه إلى الكويت؛ سعياً وراء الرزق الحلال ومجاورة لأولئك القوم الطيبين الذين سمعوا عنهم خيراً كثيراً.

وفي الكويت أقام بمنطقة القبلة (جبلة)، وبدأ العمل بها وتعرف على أهلها وكان من بينهم السيد داود المرزوق البدر، الذي لمس فيه الإخلاص في العمل وحسن إتقانه له, واستراح هو أيضاً له, فاتخذ قراراً بالمكوث في الكويت هو وأهله، خاصة بعدما طلب منه السيد داود المرزوق الإقامة في منزل خصصه له ولأهله, بعدما لمس فيه الكثير من الصفات الطيبة والأخلاق الحميدة.
صفاته وأخلاقه اتسم المحسن عبد الله الفدّا بالعديد من الخصال الحميدة والأخلاق الحسنة التي اكتسبها من خلال قراءته للقراَن الكريم أولاً, ثم من خلال الأسرة والبيئة الصالحة التي نشأ وتربى فيها، فكان خلقه الحسن أحد أوجه الخير والإحسان لديه، وهو من موجبات الجنة. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ، قَالَ: التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ، وَسُئِلَ مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّارَ قَالَ الأَجْوَفَانِ الْفَمُ وَالْفَرْجُ " رواه ابن ماجه.

ويأتي على رأس هذه الصفات التي حرص رحمه الله - على التحلي بها لإرضاء ربه، التمسك بصلاة الجماعة وحبه للسعي إلى المساجد, دون أن تلهيه أعماله وأولاده وتجارته عن أداء حقوق ربه عليه وأولها الصلاة، مستجيبا ًلقوله تعالى:

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9)" سورة المنافقون.


إخلاصه في عمله وإتقانه له
"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عمل أن يتقنه"، بهذا المبدأ كان المحسن عبد الله الفريح محسناً لعمله متقناً له مخلصاً فيه, وهذا ما دعا أهل الكويت إلى حبة واستحسان أخلاقه, فأحاطوه بالرعاية والحب وأغدقوا عليه من المودة والوفاء.


ومما يؤكد إحسانه لعمله وإخلاصه فيه, تعلمه لطريقة البناء باستخدام الصخر، وهي الطريقة التي كانت شائعة الاستخدام في دولة الكويت آنذاك وهي تختلف عن الطرق التي تعلمها عبدالله الفدا في منطقة الزبير التي تعلم فيها أصول البناء وأصبح أستاداً فيه، ولكنه سرعان ما تعلم فنون البناء على الطريقة الكويتية، لشدة إخلاصه وحبه للعمل ورغبته في البقاء بهذا البلد الطيب الذي وجد من أهله كل الود والترحيب.

ومن الصفات الواضحة للمحسن عبدالله الفريح، الإيجابية والجديةوذلك لاستجابته السريعة لتطورات الأحداث، وسعيه الدؤوب إلى طلب الرزق في أي مكان وزمان، فقد ترك نجد إلى الزبير بالعراق، ثم توجه إلى الكويت فيما بعد.
سماحته
عُرف المحسن عبدالله الفدّا بصفاته الطيبة، بل وسمي بها، فقد أطلقوا عليه لقب


"أبو مسامح" دلالة على سماحته ولينه، وذلك بسبب تأصل هذه الخصلة وتجذرها في وجدانه, وبروزها في أخلاقه ومعاملاته، وحرصه رحمه الله على نيل بركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة والسماحة في المعاملة، قال صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى" رواه البخاري في صحيحه.
حب العلم ومجالسة العلماء رغم أن المحسن عبدالله فريح لم ينل قدراً كبير من التعليم, إلا أنه كان حريصاً على مجالسة العلماء والصالحين, عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ" رواه أبو داود.

ولذا حرص - رحمه الله - على مجالسة الصالحين ومنهم الشيخ عبد الله الخلف - رحمه الله - حيث كانت جلساته في ديوانه الكائن بالقرب من مسجد البدر.
زواجه وأسرتهلما كبر المحسن عبد الله الفريح وبلغ مبلغ الشباب, شرع في البحث عن شريكة له في الحياة , تقاسمه الآمال والآلام وتكون عوناً له على الخير, ودافعاً إلى البر, ولعل الله تعالى يرزقه منها الذرية الصالحة التي تساهم في إعمار الأرض ورفعة شأن الوطن العزيز.

وقد وفقه الله تعالى إلى الزواج من فتاة طيبة من بلده نجد, قبل أن يغادرها إلى محل عمله الجديد بالزبير, وقد رزقه الله منها بنتاً واحدة, وقدر الله تعالى لها أن تتوفى وهي في سنٍ صغيرة لتكون شفيعاً له يوم القيامة، بإذن الله.

وبعد أن استقر في وطنه الذي أحبه (الكويت) تزوج بالثانية ورزقه الله منها بنتاً وولدين هما: فريح وعثمان.

ثم جد له من الأمور ما دعاه إلى الزواج بثالثة, ورزق الله منها بنتاً واحدة، وهكذا كانت ذريته ولدين وبنتين، كانوا جميعاً خير خلف لخير سلف، قال تعالى:

"ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)" سورة آل عمران.

عمله في الكويت كان رحمه الله - أستاداً في البناء كما ذكرنا, وقد زاول عمله بداية في الزبير, ولم يكن يتقن البناء بالصخر وهى الطريقة المعروفة للبناء عند أهل الكويت آنذاك.

ولكنه عندما انتقل إلى الكويت كان حريصاً على الاستقرار بها لطيب أهلها وسماحتهم ورغبة في البقاء معهم , وقد حرص على تعلم البناء بطريقة الصخر وإتقانها وإحسانها.
أستاد من الطراز الأولومع مرور الزمن بدأت سمعته تنتشر شيئاً فشيئاً, وذاع صيته بين الناس, حتى أصبح أستاداً من الطراز الأول, خاصة بين أهل جبلة, وقد ازدادت شهرته عندما قررت بلدية الكويت استغلال مياه الأمطار وتجميعها للاستفادة منها كمخزون استراتيجي من المياه عند الحاجة إليها. ولذا شرعت البلدية في بناء البرك في الأسواق لتجميع مياه الأمطار المتساقطة على أسقف شبرات الأسواق, فطلبت من المحسن عبدالله الفريح رحمه الله - أن يتولى عملية بناء هذه البرك, فقام ببناء واحدة في سوق المناخ, وأخرى قريبة من سوق الدعيج, وثالثه قريبة من سوق "الزل".

وقد أجاد رحمه الله - بناء هذه البرك الثلاثة لاستخدامه طريقة خاصة في بناء أسقفها، وكانت هي سر مهنته, حيث لم يستخدم في بنائها الحديد كما هو شائع في ذلك الوقت، بل استخدم طرقاً أخرى لسقفها مهما كان حجم تلك البركة, وكان متقناً لهذه الطريقة دون غيره من الأستادية، وتسمى طريقة "العقادة" مع لفظ القاف جيماً قاهرية، وتقوم فكرتها على تشريك (تعقيد) الصخور بشكل هندسي ينقل أحمالها إلى بعضها، بشكل يضاعف قدرة تحملها للأثقال فوقها.
بِركة القصروهنا نذكر حادثة وقعت عند بناء قصر نايف, إذ إنه بعدما تم بناء بركة كبيرة في القصر بإشراف أحد الأستادية, وبعد الانتهاء من بناء سقف البركة, وأثناء فك الخشب وإخراجه تهدم السقف على العاملين فيها, فقتل من قتل, وجرح من جرح, وهنا طلب الشيخ عبدالله الأحمد - رحمه الله - من المرحوم عبدالله الفدا إعادة بنائها على طريقته (العقادة)، فكان له ما طلب، وأدى المرحوم عبد الله الفدا المهمة على خير وجه, لدرجة أنه بعد الانتهاء من بناء سقف البركة تصادف مرور بعير محملاً بعدد ست قرب ماء على هذه البركة، وعندما همّ بالمرور فوقها أوقفه الشيخ عبدالله - رحمه الله - خوفاً من سقوطها, كما حدث في المرة الأولى، إلا أن المرحوم الفريح طمأن الشيخ بأن البركة تستطيع تحمل سيارة بكامل حمولتها، وليس فقط بعيراً واحداً، وبالفعل أمر بمرور البعير من فوق البركة، بالرغم من وجود ابنه فريح بداخل البركة الذي كان يعمل في فك الخشب، ومر البعير بسلام ولم تتأثر به البركة بفضل الله تعالى, مما زاد ثقة الناس فيه واقتناعهم بحسن صنعته وإتقانه لعمله.()
بعض إنجازاتهلم يقتصر جهد المحسن عبدالله الفدا على بناء البرك فحسب, بل شارك في العديد من الأعمال الأخرى المهمة في دولة الكويت ومنها:

- بناء مسجد الساير القبلي بجبلة, من أموال الأخوين عبد الله ومبارك الساير - رحمهما الله.


- بناء العديد من منازل أهل الكويت في جبلة وشرق وغالبية مناطق الكويت.


- المشاركة في بناء سور الكويت بعد معركة الجهراء.

أوجه الإحسان في حياته
الإحسان سمة من سمات المؤمنين الصادقين, ومن يبخل فإنما يبخل على نفسه, والله غني عن العالمين، قال تعالى في كتابه العزيز:

"هَاأَنتُمْ هَؤُلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)" سورة محمد.


ولذلك فقد تعددت أوجه الإحسان في حياة المرحوم عبدالله الفريح - رحمه الله - ومنها:
وصيته تعددت صور صلة الرحم لدى المحسن عبدالله الفريح رحمه الله فقد كان حريصاً على صلة رحمه والبر بأهله في حياته وبعد مماته, ولذلك فقد أوصى - رحمه الله - قبيل مماته بجزء من ماله لأقاربه وذوى رحمه, راغباً في ثواب الله تعالى وعطائه الذي وعد به رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ وَأَنْ يُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" رواه أحمد في المسند.

كما أوصى بألف روبية لأخيه إبراهيم, ولأخته بمائتي روبية, ولبناتها المتزوجات بمائتين, ولغير المتزوجات ستمائة روبية.


أما أخوه عثمان الذي توفي قبله، فقد أوصى عبدالله الفريح رحمه الله - بأضحيتين كل سنة, واحدة له ولأخيه عثمان والثانية لأبيه.
رد مع اقتباس