عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 15-08-2009, 02:50 PM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

15/08/2009

حسبوك يا تاريخ نهبة
حسروك رأساً بلا جبّة
صرفوك ريحاً بلا تربة
فبارزتهم حربة بحربة

قصر عن أفهام البعض ما يعنيه تاريخ الوطن من أهمية، لذا تنافسوا في تضييعه ضياعاً أبدياً لا رجعة فيه، ذلك ان ما تهدم من صروح تراثية لا يمكن إعادته من جديد، ولا يمكن محاكاتها بحال.
وان ما أقدمت عليه دولتنا الحبيبة من تثمين تلك الأراضي التي كانت سكناً لأهل شرق والقبلة والمرقاب وغيرها، هو خطوة صائبة. لكن ما تبعها من خطوات لم تكن على مستوى ذلك الطموح، فكان المؤمل ان تحفظ تلك المباني التراثية ويصار إلى ترميمها، لكن الدولة آثرت بيعها ومنحها إلى جهات لم تحافظ على طابعها التراثي، واحالتها كتلاً اسمنتية حديثة تحت مسوغ غير مقبول هو تجميل منطقة العاصمة بكنوز الأموال في زمن التيه!
ومعالي الوزير المهندس الشاب فاضل صفر يشكر له قصده، ويشد على يده في تبنيه مشروع تحديث العاصمة، لكن يتبقى جهد أهل الاختصاص من الآثاريين الذين لا بد ان تكون لهم وقفة في توضيح الاخطار المحدقة بتلك المناطق التراثية التي هي أصل النشاط البشري في مقبل الزمن المتمثل في النشاط البحري الذي فاخر به الأجداد ووصلوا به الى أقصى البلاد في تجارة اللؤلؤ، والسفر التجاري.
لا بد من التنبه لذلك، فما أشيد من مبان حديثة على تلك المناطق -بما فيها المدينة التراثية التي تبنى حديثاً- قد أتلف مقتنيات أثرية لو كتب الله لها ان تخرج من باطن تلك المناطق لأفرزت تراثاً محفوظاً لأجيال قادمة متعاقبة، لكن قصر نظر بعض المتنفذين أحالها تجارة رابحة، وحسبهم ترديد مقالة: ان سعر المتر المربع بالدنانير الوفيرة! وحسبهم أنهم اقتطعوها من أكباد الأجيال التي ستلعنهم في قادم العصور.
إن هويتنا الحقيقية كدولة تكمن في عنايتنا الأكيدة بتاريخنا، خصوصا ان الغير يعتدي علينا تحت مسوغ واحد لا ثاني له، وهو ان الكويت لم تكن كيانا مستقلا، بل كانت تابعة لولاية البصرة، وهو وهم وخطأ فادح لا نستطيع دفعه إلا بتأصيل تاريخنا وابرازه للعيان سواء للأجيال المعاصرة، أو اللاحقة لها، كما يجب ابراز معالمه أمام العالم بأجمعه أننا دولة لها تاريخها العريق المدعم مادياً بالمقتنيات الاثرية وبالصروح الاثرية الخالدة على مر العصور التاريخية.
جار الشمال لا يرحم، وما تركه غزو طاغية العراق للكويت من افرازات ستبقى في ذهن الأجيال القادمة جيلاً بعد جيل، فالمطلوب في واقع العُقّال من المفكرين المحافظة على تاريخ الدولة وتراثها والتفاني في ابرازهما.
هذه المناشدة نسوقها في خضم الاحداث السياسية الملبدة بغيوم التباعد بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث تضيع فيها الأولويات وتصرف إلى معارك تفت في عضد الوطن وتحيله كياناً ممزقاً.
وهي دعوة لأهل الاختصاص ممن عليهم حفظ تاريخ الكويت وتراثها، وعلى رأسهم المبادرة لكل غاية متوخاة عميدة كلية الآداب ورئيسة الجمعية التاريخية الكويتية الشيخة الاستاذة الدكتورة الفاضلة ميمونة خليفة العذبي الصباح -حفظها الله.
ودعوة خاصة لأخت الرجال الشيخة الفاضلة أمثال جابر الأحمد الصباح التي حفظت البيئة الكويتية من التضييع ان تدافع بقوة عن حفظ تاريخ الكويت وتراثه البحري.


د. سعود محمد العصفور
dr_al_asfour@hotmail.com
__________________
رد مع اقتباس