عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 18-04-2022, 03:25 PM
الصورة الرمزية classic
classic classic غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 234
افتراضي



هذه الصورة الفوتوغرافية لأول مرة تنشر

( أرشيف classic )

وترجع إلى السيد ( سعيد عبدالرزاق الرزوقي )

حصلت عليها من خزانة " المكتبة البريطانية "

صورة باللونين الأبيض والأسود لخان صاحب سعيد
عبد الرزاق الرزوقي، وكيل المقيمية البريطانية في الشارقة، والذي يبين النص المكتوب على ظهر الصورة الفوتوغرافية أنه من مواطني الكويت


ولد عبدالرزاق الرزوقي في مدينة الكويت في عام 1318 للهجرة الموافق لعام 1900 ميلادي، وتحديدا في منطقة الجبلة (الحي القبلي) حيث كانت عائلته تقيم. ومنطقة الجبلة لمن لا يعرفها تشكل الجزء الغربي من العاصمة، وتعتبر من أقدم أحيائها، إذ يدخل ضمنها «كوت بني عريعر»، وأغلب سكانها من التجار الذين اعتمدوا في مداخيلهم في الماضي على الاتجار مع العراق والهند وعدن وسواحل أفريقيا الشرقية، ثم استثمروا ثرواتهم في شراء المزارع والعقارات في البصرة.
يرجع نسب عائلة الرزوقي أو رزوقي إلى السادة الكيلانيين من أحفاد الشيخ عبدالقادر الكيلاني المولود في قرية جيلان العراقية البابلية، وفي رواية أخرى أن أصل الكيلانيين من قرية جيل قرب كفري التابعة لمدينة كركوك، ولذلك سموا بالكيلانيين أو الجيلانيين، علما بأن هناك العديد من المناطق المختلفة التي تحمل اسم جيلان منها جيلان العراق وجيلان إيران وجيلان أفغانستان وجيلان تركيا وجيلان مصر وجيلان كوسوفو (طبقاً لما ورد في الموسوعة الحرة). والجدير بالذكر أن أول رئيس لوزراء العراق في العصر الحديث ينتمي إلى الكيلانيين وهو عبدالرحمن الكيلاني النقيب الذي شكل أول حكومة عراقية في عام 1921. كما ينتمي إليهم السياسي العراقي رشيد عالي باشا الكيلاني صاحب الثورة المعروفة ضد الإنجليز في أربعينات القرن العشرين.
سكنت عائلة الرزوقي الكويت منذ أكثر من مائتي عام، لذا فهي تعتبر من العائلات الكويتية الاصيلة التي بنت البلاد. وعمل أفرادها في التجارة، ولاسيما مع الهند البريطانية. وبرز عبدالرزاق كواحد من أشهر رجالاتها، إلى جانب أخيه عبدالقادر الملقب بـ «غضبان». والأخير هو والد الفنانة الكويتية المعروفة المرحومة مريم الغضبان، ووالد الدكتور لواء ركن طيار محمود غضبان الرزوقي الذي كان ضمن الطيارين الكويتيين الذين أبلوا بلاءً حسناً في حرب تحرير الكويت عام 1991. اشتهرت العائلة بالسمعة الطيبة والسيرة الحسنة وتعليم أبنائها تعليماً عصرياً متقدماً، الأمر الذي أثمر عن ظهور أسماء عديدة من العائلة في عالم الدبلوماسية الكويتية من أمثال السفراء ضرارعبدالرزاق الرزوقي، وطارق الرزوقي، وأحمد الرزوقي، والسفيرة سهام الرزوقي رئيسة بعثة الكويت لدى منظمة الأوبك، والتي كانت زميلة لنا أثناء سنوات الدراسة الجامعية في بيروت.
درس السيد عبدالرزاق، كمعظم الكويتيين الذين أبصروا النور في بدايات القرن العشرين، في الكتاتيب والمدارس الأهلية، فتلقى علوم القراءة والكتابة والحساب وتجويد القرآن الكريم والتفسير والفقه والسيرة النبوية على يد أشهر معلمي تلك الحقبة من أمثال الشيخ عبدالوهاب الحنيان الذي كان موظفا قبل ذلك لدى آل إبراهيم في «بمبي»، والشيخ يوسف بن عيسى القناعي الذي يعتبر معلم التنوير الأول في الكويت، والعالم الشيخ عبدالله بن خالد العدساني، والشيخ الجليل عبدالعزيز الرشيد مؤلف كتاب تاريخ الكويت، وسيد عمر عاصم الأزميرلي، وهو تركي جاء إلى الكويت واستوطنها منذ عام 1911.
بعيد قدومها إلى الكويت في عام 1911 أي في عهد المغفور له الشيخ مبارك الصباح (مبارك الكبير) قامت الإرسالية الأمريكية بتأسيس مدرسة لتدريس اللغة الإنجليزية أطلقت عليها اسم «مدرسة كالفرلي» نسبة إلى أحد أعمدتها ومعلميها وهو القس كالفرلي. وعلى حين تردد الكثيرون في الالتحاق بهذه المدرسة خوفاً من محاولات تنصيرهم وتغريبهم، كان هناك من الشباب الطموح الذكي ثاقب النظرة ممن فطن مبكراً إلى أن تعلم الإنجليزية والإمساك الجيد بزمامها وناصيتها هو مفتاح الارتقاء في الوظائف وسبيل النجاح في التعامل التجاري مع الهند وأوروبا. وكان من بين هؤلاء الشباب السيد عبدالرزاق الرزوقي الذي بدا غير مقتنع بما ناله من تعليم في مدارس الكويت الأهلية التقليدية، الأمر الذي دفعه دون تردد إلى الإلتحاق بمدرسة كالفرلي المذكورة، حيث تعلم في هذه المدرسة اللغة الإنجليزية وقواعدها على يد القس كالفرلي وزوجته ألينور الملقبة بالخاتون حليمة ومدرس عراقي سرياني من الموصل هو جرجس عيسى سيلو. وقد بقي يجتهد ويتعلم في هذه المدرسة على مدى عامي 1917 و1919 حتى أتقن الإنجليزية كتابة وقراءة ومحادثة، وهو ما منحه أفضلية على أقرانه ومعاصريه لجهة الاتجار مع الهند واستيراد السلع والبضائع المتنوعة منها وإعادة تصديرها إلى مدن وإمارات الخليج. ويبدو أن نشاطه هذا معطوفا على خلفيته الثقافية الأجنبية قد بلغت أسماع حكومة الهند البريطانية فعرضت عليه الأخيرة في عام 1920 أن يتولى الإشراف على إجراءات الإقامة للشرقيين العاملين في كل من الكويت والبحرين على أن يكون مقر عمله في الكويت.
وافق الرزوقي على العرض البريطاني وشغل تلك الوظيفة لمدة عامين، لكنه في نهايتها عاودته طموحات الارتقاء بنفسه تعليمياً، فقرر ترك عمله من أجل الإلتحاق بكلية الحقوق في «بمبي». غير أن عائقاً وقف في طريقه هو عدم قدرته على استيفاء أهم شرط من شروط القبول وهو حيازة شهادة اتمام الدراسة الثانوية من مدرسة معترف بها. هنا تدخل المعتمد البريطاني في البحرين «كلايف كيركباتريك ديلي» فأوصى بقبوله في كلية الحقوق الهندية وذلك بناء على السمعة الطيبة التي اكتسبها من خلال عمله السابق مع الحكومة البريطانية.
في الهند كان من المفترض أن يدرس الرزوقي لمدة أربع سنوات، لكن الرجل تمكن بجده واجهاده وذكائه وقوة تحمله أن يختصر تلك السنوات الأربع في سنتين ليتخرج في عام 1931 ويتدرب بعدها ميدانياً لمدة سنتين (من عام 1932 ولغاية 1934) من خلال تولي القضاء في مدينة مراد آباد بولاية أوتار براديش. ومما لاشك فيه أن هذه الحقبة من حياته منحته الخبرة القانونية وساهمت في زيادة وعيه، ناهيك عن أنها عرفته على رجالات حكومة الهند البريطانية ورموزها.
في عام 1934 عاد الرزوقي إلى الكويت، متوجاً بشهادته الجامعية في الحقوق وخبرته الميدانية في القضاء وإجادته للغات الفارسية والأوردية إضافة إلى العربية والإنجليزية، فكافأته بريطانيا بتعيينه مساعداً للمعتمد البريطاني في البحرين «بيرسي غوردون لوك»، حيث قضى في البحرين نحو عامين، نقل بعدهما إلى الشارقة ليشغل وظيفة المعتمد المحلي البريطاني هناك من عام 1936 ولغاية عام 1945. وكانت بريطانيا مهتمة آنذاك بتعزيز معتمديتها في الشارقة بشخصية ذكية ولماحة وذات خبرة ومتعددة اللغات مثل الرزوقي وذلك لأسباب كثيرة منها زيادة الأهمية الاستراتيجية لمنطقة ساحل عمان بصفة عامة، خصوصا مع توقعها استكشاف النفط هناك بعد استكشافه في البحرين وشرق السعودية ووصول فرق التنقيب النفطية البريطانية، ناهيك عن تأسيسها لمطار في الشارقة في عام 1932 يتبع القاعدة الجوية البريطانية بعد موافقة حاكمها الشيخ سلطان بن صقر القاسمي على طلب بذلك، وقبول حاكم إمارة دبي المجاورة الشيخ راشد بن سعيد المكتوم منح تسهيلات فوق أراضيه للطائرات البريطانية للتزود بالوقود كبديل عن المطارات الإيرانية على الساحل الفارسي للخليج.
وبسبب حسن بصيرته، وخدماته الجليلة، وتفانيه في عمله، واجتهاده في الإرتقاء بعلومه، حصل الرزوقي على عدد من أرفع الأوسمة البريطانية مثل وسام «نجمة الهند»، ووسام «خان بهادور»، ووسام «خان صاحب» الذي يسمى أيضا بوسام الملك جورج السادس.
على إثر انتهاء مهمته في الشارقة في عام 1945 عاد الرجل إلى بلده ليبدأ فصلاً جديداً ومختلفاً من حياته تمثل في تفرغه الكامل للأعمال الحرة، واستمر على ذلك المنوال إلى حين حصول الكويت على استقلالها، حيث تم إستدعاؤه من قبل الحكومة الكويتية في عام 1962 من أجل الاستفادة من خبراته السياسية والإدارية والقانونية المتراكمة. ولما كانت الكويت قد قبلت في تلك السنة عضوا في منظمة الأمم المتحدة، فقد أسندت إليه مهمة رئاسة أول بعثة دبلوماسية لدولة الكويت المستقلة في مقر المنظمة بنيويورك، وهي الوظيفة التي لم يبقَ فيها سوى سنة واحدة، نقل على إثرها إلى عمان سفيراً لبلاده لدى المملكة الأردنية الهاشمية.
في عام 1968 تقاعد الرزوقي من عمله الدبلوماسي. وفي عام 1989 انتقل إلى رحمة الله تعالى عن عمر ناهز التسعين عاماً تميز بالسيرة العطرة، والنزاهة في العمل، والكفاح في سبيل العلم، وعاصر خلاله عهود سبعة من حكام أو أمراء الكويت هم الشيوخ: مبارك الصباح، جابر الصباح، سالم المبارك الصباح، أحمد الجابر الصباح، عبدالله السالم الصباح، صباح السالم الصباح، وجابر الأحمد الصباح.