عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 25-03-2008, 04:19 PM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

ويضيف الدكتور ملري:-

"وصلت في يوم 22 أكتوبر سفينة حربية ثالثة وعليها السير أرنولد ولسن وكان يشغل منصب المندوب السامي بالوكالة في العراق وقام فوراً بعقد مجلس حرب على ظهر السفينة وقد حضر الاجتماع الضابط المسئول عن شعبة الخليج وقادة السفن الحربية الموجودة في الميناء والمعتمد السياسي في الكويت وقائد الطائرة وأنا وتم وضع خطط تفصيلية غطت كل الاحتمالات بما فيها احتمال إجلاء الرعايا البريطانيين والأمريكيين عن المدينة كما تم وضع خطط هجومية وأخرى دفاعية شملت المعدات والحاجات التي كان يجب إحضارها من البصرة وقد عاد السير أرنولد ويلسون إلى العراق بطريق الجو يوم 23 أكتوبر. وكان كل شيء جاهزاً يوم 24 أكتوبر. وغادر مبعوثو الإخوان الكويت بنفس اليوم وهدأت المدينة. وقد انتقلت مسئولية الموقف إلى البريطانيين وشعرت المدينة بالاطمئنان وحضر السير ويلسون ثانية يوم 24 أكتوبر وكان السور مليئاً بالمسلحين ونزلت وحدات بحرية من السفن الحربية البريطانية إلى الشاطئ ومعها مدافع رشاشة وأنيط بها حماية البوابات وتم يوم 25 أكتوبر وضع رجال الإشارة البحرية فوق منزل طبيب الإرسالية، وكان عليهم تأمين الحراسة ليلاً ونهاراً".

وكان سطح منزل الطبيب يطل على الميناء وعلى معظم السفن الحربية. ويواصل الدكتور ملري ذكر التفاصيل فيقول:-
"وفي يوم 27 أكتوبر وصل قائد السرب (برنت) من العراق مع طائرتين وطلب مني أن أرافقه في رحلة استطلاعية. وكان فيصل الدويش قد أرسل رسالة نارية تبجح فيها رداً على رسالة الحكومة البريطانية التي ألقيتها فوق معسكره في الصبيحية".

"حلقنا فوق موقع الصبيحية لنجد المكان مهجوراً باستثناء خيمتين أو ثلاث ربما تركت لإيواء الجرحى الذين لم يتمكنوا من الانتقال وربما كان فيصل الدويش يفك معسكره ليفر باتجاه الجنوب في نفس الوقت الذي أملى فيه رسالته تلك وحلقنا مسافة سبعين ميلاً بعد الصبيحية فلم نجد أي أثر (للإخوان) إذ يبدوا أنهم رحلوا بسرعة كبيرة. وسرت إشاعات يوم 30 أكتوبر بأن (الإخوان) في الوفرة و لكن الاستطلاع الجوي لم يرهم ولم يهاجموا الكويت ثانية في تلك الفترة وغادرت آخر سفينة حربية ميناء الكويت يوم 6 نوفمبر وهكذا نجت الكويت مؤقتاً من الطموحات التوسعية لابن سعود وليست هذه القصة سوى جزء عام ويسير مما حصل في الكويت خلال شهر بالغ الحرج ولكنها تعطينا مثلاً على قيمة الإرسالية الأمريكية في الكويت وكل العاملين فيها وكان ذلك الشهر بالنسبة للإرسالية الأمريكية بداية عهد جديد".

هذا الوصف الدقيق، والمفصل للدكتور ملري عن حوادث ذلك الشهر المليء بالأحداث الجسام، والاهتمام الكبير الذي أظهرته السلطات البريطانية تثير الكثير من التساؤلات، ومنها لماذا تركت بريطانيا الأمور تصل إلى تلك الدرجة من الخطورة وهي العالمة ببواطن الأمور. ونحن نعرف من سير الأحداث أن العلاقات بين الشيخ سالم والإنجليز لم تكن على ما يرام منذ أن فرضوا على الكويت الحصار البحري. كما أن العلاقات بين سالم وابن السعود لم تكن بحال أحسن. فهل كان القصد من كل ما حدث إعطاء (دروس) جديدة للشيخ سالم وأهل الكويت. يقول عبدالعزيز الرشيد أن ابن سليمان الفقيه الديني الذي كان بمعية فيصل الدويش كان باستطاعته وقف الحرب بإيماءة من طرف عباءته حيث حينما قال لبعض (الإخوان) الذين استمروا بالسلب والنهب بعد هدنة القتال (أيها الإخوان إن أموال أهل الكويت عليكم حرام) وما كاد بعضهم يسمع هذا الكلام حتى ترك البعير الذي اقتاده وولى هارباً. فإذا كانت الحرب تتوقف بمجرد كلمة من أمثال ابن سليمان فما الداعي لكل ما حدث.

أما الكولونيل ديكسن فيتوافق مع الدكتور ملري في معلوماته عن مجريات الأحداث فيقول أن في اليوم الثامن عشر من أكتوبر وصل إلى الكويت وفد فيصل الدويش برئاسة جفران الفقم أحد زعماء مطير.
ومنذ البداية كان واضحاً أن الشروط التي كان يحملها الوفد غير مقبولة ومنها وجوب اعتناق الكويتيين لعقيدة الإخوان ولم يقابل الشيخ سالم الوفد إلا يوم 24 أكتوبر وقد حضر الميجر مور بعض هذا الاجتماع وسلم الوفد نسخة من الإنذار الذي أسقط من الطائرة على قوات فيصل الدويش. كما أخبر الميجر مور الوفد بمضمون الإنذار شفهياً وكان رد جفران الفقم للمعتمد البريطاني بأن ما قام به الإخوان ضد الشيخ سالم كان بموجب أوامر ابن سعود المباشرة وقد رد المعتمد بأنه لا يصدق هذا الادعاء وأن ابن السعود هو صديق للبريطانيين وقد أكد لهم مؤخراً بأنه لن يتحرش بالكويت وأن ابن سعود رجل شريف ويحافظ على كلمته. وقد كرر الميجر مور تحذيراته ثم انصرف من الاجتماع. كما أن الشيخ سالم رفض أن يزود الوفد بالمؤن من الكويت. وقد أكد هذه الحادثة أمين الريحاني في كتابه - تاريخ نجد - عند اجتماع وفد فيصل الدويش بالشيخ سالم والمعتمد البريطاني وهو ينقل قول المعتمد إلى رئيس الوفد "إن الشيخ سالم صديق لدولة بريطانيا البهية وأنتم جئتم تحاربونه بدون أمر من ابن السعود" فقال رئيس الوفد "ما جئنا إلا بأمره، وهو صديقكم أيضاً. ثم يضيف أمين الريحاني بأن المعتمد البريطاني سلم نسخة من الإنذار إلى رئيس الوفد الذي سلمها بدوره إلى فيصل الدويش الذي اضطر إلى شد الرحال وتوجيه كتاباً فيه لوم للشيخ سالم وقد ذكر الريحاني نص الكتاب وهو كالآتي:

"من فيصل بن سلطان الدويش إلى سالم الصباح سلمنا الله وإياه من الكذب و البهتان وأجار المسلمين يوم الفزع الأكبر من الخزي والخذلان. أما بعد فمن يوم أن جاءنا ابن سليمان -يقصد فقيه الحملة الذي سبقت الإشارة إليه- يقول أنك عاهدته على الإسلام والمتابعة لا مجرد الدعوى والانتساب. كففنا عن قصرك بعد ما خرب وأمرنا برد جيش ابن سعود على أمل أن ندرك منك المقصود فلما علمنا أنك خدعتنا آمنا بالله وتوكلنا عليه. يروى عن عمر أنه قال "من خدعنا بالله انخدعنا له: فنحن بيض وجوهنا، نرجو الله أن يهديك وألا يسلطنا عليك. إياه نعبد وإياه نستعين" (تاريخ نجد - أمين الريحاني - صفحة 247-248).

وفي الثلاثين من أكتوبر تبلغ الشيخ سالم بأن المندوب السامي السير برسي كوكس يرى أنه من الأمور المستعجلة وقف المزيد من سفك الدماء حتى يتم التفاهم بصورة ودية على الأمور المختلف عليها بين الشيخ سالم وابن السعود، وعلى هذا الأساس يجب عدم احتلال آبار الصبيحية من قبل كلا الطرفين وأن أية مخالفة لهذه التعليمات من قبل أي طرف سيقاوم من قبل السلاح الجوي البريطاني وقد تبلغ ابن السعود بمضمون هذه الرسالة عن طريق البحرين.



عرض للوساطة
ويواصل ديكسن الحديث فيقول انه في شهر يناير (كانون الثاني) في عام 1921 عرض خزعل خان شيخ المحمرة بأن يرسل ابنه الأكبر كاسب مع ابن أخ الشيخ سالم، الشيخ أحمد للذهاب إلى نجد للمصالحة. وقد حصل هذا العرض على الموافقة وقد سافر الوفد إلى نجد عن طريق البحرين. وكان ابن السعود مخيماً في الخفس شمال الرياض وقد وصل الوفد في الثاني من مارس وبعد يومين وصلت الأخبار بوفاة الشيخ سالم الذي وافته المنية يوم 27 فبراير (شباط) وقد أخبر ابن سعود الوفد بأن الخلاف قد انتهى ولا حاجة لإقامة حدود بين بلده والكويت.

ويقول عبدالعزيز الرشيد عن الوفد أن الشيخ خزعل خان ذهب إلى البصرة ليسبر غور الحكومة البريطانية حول موضوع الصلح ولما لم يجد معارضة استعد بالهدايا والتحف لسلطان نجد ثم أم الكويت للبحث مع سالم عمن يترأس الوفد وبعد مداولات بين الاثنين تقرر أن يرأس الوفد الشيخ أحمد الجابر وكان ولياً للعهد وفي معيته الأعضاء كاسب بن الشيخ خزعل وعبداللطيف باشا المنديل وعبدالعزيز السالم البدر(عبداللطيف باشا المنديل تاجر عراقي معروف من أصل نجدي وكان وكيلاً تجارياً لابن سعود في البصرة. وقد اشترك في كثير من المؤتمرات التي عقدت بين ابن سعود وجيرانه أما عبدالعزيز السالم البدر فهو معتمد حاكم الكويت في البصرة منذ أيام الشيخ مبارك. وقد سجنه الأتراك واتهموه بالخيانة نكاية بالشيخ مبارك وإغاظة له وقد أشار إلى هذه الحادثة المحامي سليمان فيضي في مذكراته عن تلك الأيام من العهد العثماني. والموضوع لا يخلو من الطرافة والمعلومات المفيدة. يقول "أما الجرائد الأجنبية والمصرية فقد حرم دخولها العراق وسوريا سواء كانت معارضة أو مؤيدة وقد كان عقاب من يطالعها أو يقتنيها السجن أو النفي. وقد حدث مرة للشيخ مبارك وكان مشتركاً في جريدة (الخلافة) التي يصدرها في لندن بعض أحرار الترك أن كلف معتمده في البصرة عبدالعزيز السالم البدر بتحويل بدل الاشتراك إلى إدارة الجريدة المذكورة بواسطة البريد وتسجيله في دفتر حسابات الشيخ، وبناء على وشاية جاسوس تحرت الحكومة دار السيد عبدالعزيز وعثرت على المخابرات بشأن الاشتراك المذكور فأوقفته ثم حكمت عليه بالنفي إلى ديار بكر عشر سنوات. فبذل أصدقاؤه بعض الجهود لإبدال المنفى المذكور بغيره واستغرقت المخابرات بين الولاية والصدارة أربع سنوات قضاها المسكين في الموقف. ثم حدث أن وصلت فلول الجيش العثماني الفارة من نجد إلى الكويت. فأبدى أمير الكويت تماهلاً في تجهيزها بالمؤونة، فكان لا بد للحكومة العثمانية من إقناع الأمير بالعدول عن موقفه هذا. حينئذ نسب والي البصرة مخلص باشا أن يطلق سراح عبدالعزيز السالم لكي يذهب إلى الكويت للتأثير على الأمير فسافر إليها وهيأ أسباب سفر الجنود إلى البصرة ولكنه لم يعد خوفاً من نفيه ثانية بل بقي في الكويت حتى إعلان الدستور العثماني "صفحة 50 من كتاب في غمرة النضال" كذلك أشار إلى هذه الحادثة عبدالعزيز الرشيد في تاريخ الكويت.

أما المؤرخ البريطاني (الوريمر) الذي عاصر تلك الفترة فيلقي ضوءاً آخر عن هذه الحادثة نرى من الفائدة ذكره وذلك بمناسبة زيارة اللورد كرزن لمنطقة الخليج بصفته نائباً للملك وحاكماً عاماً للهند حيث زار الكويت لمدة يومين (28 و 29 من نوفمبر) من عام 1903 وقد أقام له الشيخ مبارك استقبالاً فخماً عندما نزل من السفينة في ميناء الشويخ وقد أعدت له عربة خاصة أحاط بها الفرسان من كل جانب وكان الاستقبال في غاية الأبهة والروعة. وجرت أحاديث رسمية مع الشيخ مبارك تناولت عدة أمور ومنها موضوع عبدالعزيز حيث طلب الشيخ مبارك تدخل الحكومة البريطانية للإفراج عنه فوعد اللورد كرزن الشيخ مبارك بأن السفير البريطاني يسعى لتخفيف الحكم.

وفي مكان آخر يشير لوريمر في كتابه دليل الخليج عن عودة فلول القوات التركية من القصيم عام 1906 وهم في حالة تعسة فلم يسمح له الشيخ مبارك بدخول الكويت وكان عدد آخر ممن وصل منهم في شهر ديسمبر يبلغ ثمانمائة ويقول لوريمر وبهدف جمع وإعادة هذا الحشد المشرد أصدرت السلطات التركية أمرها بإطلاق سراح عبدالعزيز وكيل شيخ الكويت في العراق التركي - كذا، وهنا تتفق رواية لوريمر مع رواية سليمان فيضي) ثم يقول سار الوفد إلى البحرين ومنها إلى العقير والإحساء وبعد استراحة بضعة أيام توجه الوفد إلى نجد وهناك تمت المقابلة مع ابن السعود وتناولوا المسائل اللازمة لحسم النزاع وطلب السلطان من الأمير الكفالة على عمه في قبول ما يتم عليه الصلح من الشروط بلا استثناء فأعطاه الأمير ما طلب وقدم نفسه عليه كفيلاً ثم حرر ما جرى من الشروط التي أهمها تحديد الحدود بين الكويت ونجد وطي بساط الماضي بما فيه. وفي تلك الآونة وقد أزمع الوفد على الرحيل نعي إليه وفاة الشيخ سالم فقال ابن السعود للشيخ أحمد أما الآن فحيث صار الأمر إليك فلا أرى من حاجة إلى شروط أو تحفظات فأنا لك سيف مسلول اضرب به من شئت وأنت أولى بالقبائل التي تحت أمري ولك أن تؤدب من تشاء إذا ما بدر منها اعتداء على أحد رعاياك أما حدود الكويت فإنها ستمتد إلى أسوار الرياض ولا أقبل أن تكون هي ما قطعناه به آنفاً ولك على هذا عهد الله وميثاقه ثم أخذ الورقة ومزقها ونادى المنادي بين الإخوان أن سوق الكويت ونجد والإحساء واحد ولا معارض لمن أراد السفر إلى الكويت وحذرهم من الاعتداء على من ينتسب لآل الصباح. ثم رجع الوفد بتلك البشارة وتفاءل الناس خيراً بحاكمهم الجديد.


واستمرت العلاقات الحسنة بين العاهلين حتى أن ابن السعود طلب مساعدة الشيخ أحمد في أثناء الحصار الذي ضربه على مدينة حائل حيث استمر الحصار بضعة أشهر فقدم الشيخ أحمد في محرم 1345 ستين ألف ريال وألف كيس من الأرز (نفس المصدر - صفحة 232،233،239).
هذه الفترة من الوفاق والتفاهم لم تدم طويلاً مع كل أسف فقد أشعر ابن السعود في شهر رجب من ذلك العام الشيخ أحمد بأنه مضطر لمنع رعاياه من المسابلة مع الكويت وصرفهم إلى مسابلة بلاده مثل القطيف والإحساء والجبيل وأنه لن يتنازل عما عزم عليه إلا بإقامة موظف من قبله في الكويت لجباية الرسومات من رعاياه عند مغادرتهم الكويت ولكن الأمير رفض الطلب وبقيت الحالة متوقفة إلى أن جرى بحثها في حيث أثار الموضوع معتمد بريطانيا في الكويت فأرسل السلطان عبدالعزيز السيد حمزة غوث مندوباً عنه في رمضان 1341 الذي طلب على لسان ابن سعود أحد ثلاثة أمور إما إقامة الموظف المذكور لجباية الرسوم أو أن يعين موظفاً من قبل حكومة الكويت ليتقاضى الرسوم لترسل بدورها إلى ابن السعود أو أن تسلم حكومة الكويت تعويضا مالياً مقابل الرسوم المشار إليها.

وقد اجتمع الشيخ أحمد بالكويتيين الذين يعنيهم الأمر من وجهاء البلد فرفضوا قبول تلك المطالب التي قدمها المندوب واعتبروها مخلة بشرف الكويت وحكامها واستقلالها (أشارت تقارير المعتمد البريطاني في الكويت إلى حكومته بأن هناك مؤيدين ومعارضين للمشروع وكان على رأس المعارضين شملان بن على وحمد الصقر - التطور السياسي والاقتصادي للكويت بين الحربين 1914-1939 تأليف الدكتورة نجاة عبد القادر الجاسم) وأخيراً رأى سمو الأمير أن يرسل ولي العهد الشيخ عبدالله السالم للمداولة بالأمر بصورة مباشرة مع السلطان، وقد حمل معه من الهدايا عشراً من الخيل وألف وخمسمائة كيس من الأرز ومئتي كيس من السكر وكثيراً من أكياس القهوة فسار الشيخ عبدالله في شوال 1341 وفي رفقته السيد حمزة غوث وقد قابله عظمة السلطان هناك بإكرام وحفاوة عظيمين ويضيف ابن الرشيد ومع كل هذا ظلت القضية بدون حل.


__________________
رد مع اقتباس