عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-07-2008, 11:38 AM
ملاحم كويتية ملاحم كويتية غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
المشاركات: 116
افتراضي أعياد الكويتيين في عيون الرحالة الغربيين

أعياد الكويتيين في عيون الرحالة الغربيين


( مختارات ومشاهدات )

كانت الكويت منذ تأسيسها مقصدا للزوار من رحالة والمؤرخين وأدي ذلك بالطبع إلي وجود مخزون وافر من الكتابات عن الكويت في السنوات الاخيره لبعض هولاء المؤرخين والرحالة وغيرهم والذي تصادف وجودهم مع احتفال أهل الكويت بعيدي الفطر والاضحي وشاركوهم هذه الاحتفالات وقدموا لها وصفا متميزا جادت به صفحاتهم ومن خلال هذه السطور سوف نتجول مع طائفة من كتاباتهم حول احتفال أهل الكويت بالعيد قديما .

وسوف نبدأ مع كتابات هارولد ديكسون وهو الوكيل السياسي البريطاني في الكويت في عام 1929 تقاعد من العمل عام 1936 وعين ممثلا محليا أعلى لشركة نفط الكويت وتوفي في الكويت عام 1959.

قال ديكسون في كتابه عرب الصحراء عن العيد في الكويت ما نصه :

في مساء اليوم السابق ليوم العيد يقوم شيخ الكويت بعد حصوله على مشورة العارفين بإعلان يوم الغد كأول أيام العيد فتعم الأفراح البلاد خاصة إذا كان العيد يأتي بعد شهر مرهق من الصوم إذ ان نهاية هذه الفترة العصيبة قد حانت أخيرا .

وكانت النساء قد قضت الأسبوعين الأخيرين بطولهما في الخياطة وإعداد الأثواب الكثيرة الألوان لهذه المناسبة وكان الأزواج والسادة يوزعون الكسوة على زوجاتهم وأطفالهم وعبيدهم وخدمهم.

ويعم البلاد جو من السعادة والحبور كما يحدث عندنا في الأيام الأخيرة السابقة لاعياد الميلاد ومن أهم الأمور في هذه المناسبة الاستحمام وغسل الشعر وتخضيب الايدى والأرجل بالحناء .

ويكون ذلك في الكويت عادة باستخدام الحناء الحمراء لأظافر اليدين والقدمين والحناء السوداء لراحة اليدين بإشكال مختلفة وعلى الإقدام كذلك .

ويستهل أول أيام العيد بإطلاق ثلاثة مدافع من بطارية مدافع الشيخ القديمة من قصره في المدينة ويشير ذلك الى ان الشيخ وإفراد عائلته قد انتهوا من أداء فريضة الصلاة في مسجد الخليفة وإنهم في طريقهم الى الساحة الكبيرة الواقعة إمام ديوانية المرحوم الشيخ مبارك والوقت الآن بعد شروق الشمس بقليل ويتبع ذلك احد أجمل وأروع الاحتفالات التي ترى في الكويت .

يجلس شيخ الكويت مع كبار أعضاء أسرة الصباح في احد إطراف ساحة القصر ويمر كل رجل في المدينة مهما كان المنصب الذي يشغله أو حتى كل من كان يطمع في منصب غنيا كان ام فقيرا كبيرا ام صغيرا إمام الشيخ مقبلا يده أو كتفه ويمر إمامه عادة واحد اثر واحد أكثر من إلفي رجل دون تأخير أو جلبة وكلهم يعبرون عن ولائهم لشيخهم بقولهم عيدك مبارك ويحصلون مقابل ذلك على ابتسامة عريضة والرد الوقور التالي ( أيامكم سعيدة ) .

والمشهد مهيب حقا وليس هناك ما يدل أكثر من ذلك على حب سكان الكويت وولائهم لحاكمهم ولأسرة الصباح الحاكمة .

وتنتهي مراسيم الاحتفال أخيرا ومن المعتاد ان يقوم سكان المدينة القاطنون في الجزء الغربي منها بزيارة القاطنين في شرق المدينة في أول أيام العيد في حين يقوم القاطنون في الأجزاء الشرقية من المدينة برد الزيارة في اليوم التالي.

ويعتبر السوق الكبير هو الحد الفاصل بين شرق المدينة وغربها ولذلك فان هناك حركة سريعة بين سكان المدينة الأغنياء منهم يتنقلون في سياراتهم والفقراء على الإقدام في طريقهم لتهنئة بعضهم بعضا بالعيد حيث يدخل الزائر الى ديوانية من يقوم بزيارته متمنيا له عيدا سعيدا بقوله عيد مبارك ثم يتناول فنجانا من القهوة ويتلقى رشة من ماء الورد ونشقه من ريح العود ويسرع الى المنزل التالي وهو يقول مودعا عيدكم مبارك ان شاء الله أو عاد عيدكم وتكون الحركة السريعة الدائبة هي شعار ذلك اليوم ولا عجب في ذلك إذ ان على الفرد ان يقوم بزيارة من ستين الى سبعين منزلا قبل ان ينتصف النهار .


وهي طريقة يجدها الأوروبي المعتاد على أسلوب اهدأ في التعبير عن احترامه للناس طريفة ومسلية ان لم تكن محيرة إذ ما يكاد الضيف يجلس ويرشف قهوته حتى يعلو صوت المضيف وهو يقول هات الطيب أي احضر البخور وهي يعني بذلك أنت على الرحب والسعة ولكن الوقت قد حان للانصراف ووداعا وإنا نفسي لا اعتقد بأنني في مثل هذه المناسبة كنت امكث أكثر من ثلاث دقائق في المنزل الواحد غير ان معظم العرب يختصرون زيارتهم الى دقيقة واحدة فقط .

وهذه هي طقوس الاحتفال لرجال المدينة في العيد إما النساء والأطفال فما ان ينبلج الصباح حتى ينهضوا ويغتسلوا ويرتدوا أفضل ما لديهم من ثياب ويطيروا من مكان الى مكان كفراشات سعيدة مزركشة وهم يتمنون للجميع عيدا سعيدا .

وأول من تزوره النساء طبعا هي الشيخ بيبي السالم زوجة الحاكم والتي تقوم بدورها منذ مطلع الفجر كالرجال لتستقبل الزائرات ويتبع ذلك زيارات اخرى لبقية سيدات آل الصباح وأخيرا نساء المدينة البارزات وبشكل عام فان السيدات الأفقر يقمن بزيارة أخواتهن الأسعد منهن حظا كما ان هناك حركة أكثر نشاطا بين الطبقات الدنيا والخدم.
إما الأطفال فهم كأطفالنا في أعياد الميلاد يتمتعون بالعيد كما لا يتمتع به احد إذ يزين الإباء والأمهات بناتهم بكل ما تقع عليه أيديهم من حلي ويسلبونهم الملابس الثمينة ذات الألوان البهيجة ويجعلونهم يظهرون كأجمل وأنظف الأطفال في العالم .

كما ان الصبيان الصغار أيضا يرتدون أثوابهم الجديدة الجميلة من زبون وكوفية وعقال ويتجه الصبيان والبنات بشوق الى بعض مراكز المدينة المعروفة حيث يجدون ما تهفو إليه نفوسهم من أراجيح ودوامات وعربات وحتى الصناديق البسيطة التي تجرى على عجلات ابسط منها والتي يجرها الفتية أو الرجال الذين يسعون للترويح عن الصغار وإدخال السعادة على قلوبهم وبدلا من أراجيحنا المنفردة نجد هنا الصناديق الكبيرة المسطحة التي يسع الواحد منها سبعة أو ثمانية أطفال في الوقت الواحد.

وهذا النوع من الأراجيح هو أشهرها وأكثرها شعبية لدى الأطفال الذين يجلسون فيها ويدفعهم أصحابها الى الإمام تارة والى الخلف تارة وهم يغنون بصوت أجش خشن أغان يطرب لها الأطفال السعداء ويرددونها وراءهم وهم يطيرون من شدة الفرح .
وكانت رؤية هؤلاء الأطفال السعداء وهم يحتفلون بالعيد تملأ قلبي وقلب زوجتي وأطفالي بالبهجة وكنت دوما بعد ان انتهى من زياراتي الصباحية احشر زوجتي وأطفالي في السيارة ونقوم بجولة ننتقل فيها من مجموعة الى اخرى ونحن نمتع أنظارنا برؤية هؤلاء الأطفال السعداء وهم يلعبون وكان المشهد البهيج يملا دوما قلوبنا بالفرحة .

وبعد الانتهاء من زيارات الصباح ووجبه الغداء في منتصف النهار يعود الأطفال مرة اخرى الى أراجيحهم ودواماتهم وعرباتهم .

ويذهب الكبار وبخاصة النساء اللواتي يتمتعن في هذه الأيام السبعة من العيد بحرية اكبر بكثير مما يتمتعن به في الأيام الاخري الى ساحة الصفاة وهي سوق المدينة المركزي المفتوح حيث يشاهدون الرجال وهم يؤدون رقصات السيف ويعرف هذا النوع من الرقص في جميع إنحاء الجزيرة العربية بالعرضة وهذا النوع من الرقص بالسيوف شائع جدا بشكل خاص في المناطق الداخلية من نجد والمدن الساحلية.


تقوم أربع أو خمس فرق برقصة العرضة في آن واحد في الكويت بمناسبة العيد والمؤدون في هذه الرقصات هم سكان الكويت من أبناء البادية والحاضرة .

وبشكل عام فان رقصة العرضة تبقى هي لا تتغير ما عدا بعض التنويعات الطفيفة التي تناسب أذواق الراقصين المختلفة .

والإشارة المستخدمة لبدء العرضة هي عبارة عن علم كبير من إعلام الكويت يثبت في الأرض ليتجمع حوله الناس وبالقرب من هذا العلم يقف مجموعة من الرجال وهم يحملون الطبول والدفوف.

ويبدأ الرجال بقرع الطبول بانسجام مستخدمين قطعة مسطحة من الخشب القاسي أو العظم في حين يقرع الدف باليد .

وفي الحال يتجمع الناس من حولهم وكذلك الرجال الذين يؤدن الاشتراك في الرقص ويكون نصفهم من حملة السيوف والنصف الأخر من حملة البنادق وسرعان ما يصطف هؤلاء الرجال ويأخذ كل منهم مكانه في الدائرة الواسعة التي يشكلونها حول العلم.
ثم يدخل المغنون أو المرددون الى وسط الدائرة ويتكون هؤلاء من صفين في كل منهما ثلاثون رجلا يواجه احدهم الأخر في نهايات الحلقة المتقابلة .

وأخيرا يأتي رجال البارود الذين يحشون بنادقهم من الفوهة بالبارود الأسود ويطلقونها على الأرض إثناء دوران الرقص .

ولدى انتهاء الاستعداد للرقص يقوم احدهم بإشعال نار في وسط الحلقة لتسخين الرق وشده عندما يرتخي ثم ان فريقي المرددين يأخذان أماكنهما متقابلين بأذرع متشابكة ويفصل بينهما مسافة تقدر بسبعين قدما ثم يبدأون أناشيدهم الرتيبة وهم يطرحون من أماكنهم ولفرقة المرددين هذه رئيس يقوم بتوجيه الغناء والذي يتحرك الآن بعصبية من مجموعة الى اخرى ليرشدهم الى مايغنون من أبيات والتي يقوم هو بتأليفها.

ثم ينتقل الى فريق المرددين الثاني ويخبرهم بماذا يجيبون ويغير هذا الرئيس الأناشيد كل خمس دقائق تقريبا وعندما يبدأ المرددين الغناء بصوت عميق يأخذ حملة السيوف وحملة البنادق والذين يبلغ عددهم في العادة من أربعين الى خمسين رجلا بالسير على نحو دائري حول الحلقة وبإيقاع بطئ يمكنهم من مرافقة الغناء وقرع الطبول بانسجام ويبدأ الطبالون بقرع طبولهم في وسط الحلقة قريبا من العلم المرفوع ولكنهم لا يلبثوا ان يغادروا أماكنهم ويدوروا مع حملة البنادق والسيوف عندما يزداد الإثارة والهياج إما حملة البنادق والسيوف فهم لا يشاركون في الغناء مطلقا بل يكتفون بتحريك سيوفهم وبنادقهم فوق رؤوسهم على نحو رتيب وبإيقاع بطئ ويقوم الأكثر خبرة منهم بقذف أسلحتهم في الهواء من حين الى الأخر والإمساك بها ثانية إثناء هبوطها وإثناء سير الرقص يأتي دور رجال البارود ولدى وقفة معينة في الغناء يرفع الرجال الذين يحملون البنادق القديمة التي تلقم من الفوهة إعقاب بنادقهم في الهواء موجهين فوهاتها نحو الأرض ويطلقونها وسط وابل من الغبار والدخان الأبيض بأكثر ما يستطيعون من الانسجام ويكون نتيجة ان يسمع صوت انفجار وابل متقطع من الرصاص .

ويقوم رجال البارود دون توقف عن سيرهم الدائري البطيء بحشو بنادقهم ثانية وبعد خمس دقائق من ذلك يعيدون نفس الدور و يستمر الأداء على هذا المنوال مدة ساعتين في المرة الواحدة ويكون قد أحاط بالمؤدين في هذا الوقت جموع غفيرة من المتفرجين وعلى بعد عشرين أو ثلاثين ياردة من هؤلاء كانت تقف جماهير من النساء تفوق الرجال عددا واللواتي كن يرتدين ثياب العيد تحت عباءاتهن السوداء التي يلتمع من تحتها ألوان براقة من الأحمر والأخضر والبنفسجي والقرمزي والأزرق تنبعث من الأثواب البديعة التي تطل على استحياء من تحت العباءات السوداء وكان بين الجموع عدد قليل من الفتيات الثريات اللواتي كن يرتدين ثيابا احدث طرازا من الأخريات ولكنهن كن يرتدين نفس الجوارب المصنوعة من الحرير الاصطناعي والأحذية ذات الكعب العالي والتي كانت تبرز على النحو متنافر مع تنوراتهن الطويلة وعباءاتهن السوداء ولكن غالبية النساء كن يرتدين الشباشب السوداء قديمة الطراز كما ان بعضهن كن حافيات غير إنهن جميعا كن محجبات وبدون استثناء إما الفتيات البدويات فكن يضعن البراقع أو الحجب السوداء التي تظهر منها العينان من خلال ثقبين على هيئة حبات اللوز.

وكانت هذه العرضان تتسم من أولها الى آخرها بالرصانة والاحتشام والبعيد عن الخفة والابتذال وكانت حركات الرجال بطيئة ومتلوية دون إسفاف أو سوقية كما ان سلوك المتفرجات من النساء كان هادئا ولائقا كل اللياقة والرقصة في الأصل هي رقصة حربية والأناشيد المرافقة لها هي عبارة عن مديح لحكام البلاد أو تمجيد لبطولات الرجال الشجعان وكان ضاربو الطبول بشكل عام من العبيد في حين كان بقية المؤدين من العرب أو طبقة المحاربين وكانت النساء في أيام العيد السبعة لا ينقطعن عن الرقص في منازلهن وبعيدا عن أعين الرجال وقد قامت زوجتي بزيارة الكثير من هذا النوع من رقص النساء سواء في منازل الأسر الغنية أو الفقيرة أو بين البدو في بر الكويت وهي تؤكد ان جميع أنواع هذا الرقص كان محتشما راقيا بعيدا كل البعد عن الابتذال وكان يرافق الراقصات دوما مغنيات ينقسمن الى قسمين للمحافظة على الإيقاع وكانت النساء المتربيات في المدينة يؤدين معظم رقصهن وهن جالسات في حين ان أخواتهن من بنات الصحراء كن يرقصن واقفات ويحركن إقدامهن بخطوات منتظمة وكانت الراقصات جميعا ودون استثناء يرخين شعورهن عند الرقص ويحركن أجسامهن ورؤوسهن بحركات دائرية بحيث يتطاير شعرهن المتدلي بحرية من جهة الى اخرى بحركات لولبية جذابة وكان قصب السبق دوما من نصيب من هي أطولهن وأجملهن شعرا ولدى وقوع فترة العيد في فصل الربيع بجوه المنعش حيث ينتشر العشب في كل مكان تصبح النزهات المقتصرة على النساء هي سيدة الموقف ولكن مثل هذه النزهات لاتبدأ إلا بعد مضي الأيام الثلاثة الأولى من العيد تأخذ بعدها جموع النساء والأطفال بالانتقال الى خارج أسوار المدينة حول الآبار والواحات المجاورة التي لا تبعد أكثر من ميل أو ميلين عن المدينه
رد مع اقتباس