[الأديب]

مجلة العربية العدد: 36
لقاء السيدة سعاد العتيقي

س1ـ الشعر ديوان العرب كما يقال، وكان الشعر ولا يزال يمثل ضمير الأمة ويعبر عن أرق مشاعرها وأنبل تطلعاتها .
وفي الماضي البعيد كان العرب يتناقلون الشعر شفهياً، أما بعد بدء تدوينه فأصبحت المشكلة الأساسية في حفظه وتصنيفه وإتاحته للمهتمين والقراء.
فما دور مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي في حفظ تراثنا الشعري العربي؟
لقد أخذت المكتبة على عاتقها منذ تأسيسها مجموعة من الأهداف تنوي تحقيقها أهمها تجميع شتات التراث الشعري العربي بكل أنواعه وأشكاله،وصونه وتوثيقه في مكان ذي صبغة علمية،

ولتحقيق ذلك سخرت المكتبة كل طاقاتها لعمليات جمع هذا التراث الشعري من كل دول العالم سواء على المستوى العربي أو العالمي، واستطاعت المكتبة في فترة ليست بكبيرة جمع أكثر من مائة ألف كتاب متخصص فقط في الشعر العربي لتصبح أول مكتبة على مستوى العالم تضم بين جنباتها هذا الكم الهائل من المواد المتخصصة فقط في هذا المجال وهو الشعر العربي.

كما قامت المكتبة بتعيين نخبة من أفضل المفهرسين وأخصائيي المعلومات وقامت بتوفير أفضل النظم والتقنيات الحديثة المستخدمة عالمياً وذلك لتجهيز هذا الكم من الكتب بالطريقة التي تيسر استرجاع المعلومات بسرعة ويسر لتوفير وقت الباحث وجهده.

س2 ـ ما دور جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري في تشجيع المواهب الجديدة وصقلها، وإقامة أوثق الصلات بين الشعراء والمثقفين العرب في مختلف أقطارهم؟
بدايةً أقول أن للمؤسسة أمانتها العامة الخاصة بها والتي تنظم أعمالها المتعلقة بأنشطتها، ولكن حسب اطلاعي فإن هناك عدة سبل تسلكها المؤسسة للتواصل مع المواهب الجديدة ومع الشعراء الشباب،

ومن هذه السبل أن المؤسسة قدمت هؤلاء الشباب للجمهور في معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، ومنها أيضاً إقامة دورات في تذوق الشعر وعلم العروض ومهارات اللغة العربية، وأغلب الذين يلتحقون بهذه الدورات هم من جيل الشباب، إلى جانب فوز عدد من المواهب الجديدة بجائزة المؤسسة في مسابقاتها الشعرية.

والذي أعرفه أيضاً أن المؤسسة عبر دوراتها وملتقياتها تجمع المثقفين العرب من مختلف الأقطار العربية في مكان واحد للتعارف والتواصل وقد كانت هناك جائزة خاصة بالشعراء الشباب في فلسطين وقد توقفت بسبب الظروف الحالية هناك.

س3 ـ ما الخدمات التي تقدمها مكتبة البابطين للقراء والمهتمين داخل قاعاتها، وعبر الشبكة الدولية؟
أنشئت مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي لتكون زاداً ومنهلاً للراغبين في التعمق بالعلوم الشعرية والمعرفية، لذلك فقد حرصت إدارة المكتبة على توفير كل ما من شأنه أن يحقق هذا الهدف وتلك الغايات العلمية السامية،

فقدمت المكتبة مجموعة من الخدمات كالإرشاد والتوجيه، الخدمة المرجعية (أو الرد على الاستفسارات)، خدمة البحث الآلي في الفهارس وقواعد البيانات، الاطلاع الداخلي، الخدمة البيليوجرافية، البث الانتقائي للمعلومات، الإحاطة الجارية، وخدمة التصوير.

كما اهتمت المكتبة بخدمات الإنترنت المتوفرة في جميع أنحاء المكتبة، بالإضافة إلى موقع المكتبة الإلكتروني
www.albabtainlibrary.org.kw الذي يتيح للباحثين القدرة على البحث ضمن مقتنيات المكتبة، لتمتد حدود الخدمة لكل العالم العربي ولكل ناطقي الضاد في أنحاء العالم.

وحرصاً من المكتبة على أهمية دورها الاجتماعي والثقافي عنيت بتقديم مجموعة أخرى من الخدمات أهمها دورة "محو أمية الحاسب الآلي" والتي بدأتها المكتبة من شهر مارس 2007م لتدريب من هم أكبر من 40 سنة لأنهم الفئة الأكثر بُعداً عن استخدام الحاسب الآلي والاستمتاع بمميزاته، حيث يتم تدريبهم على كيفية استخدام الحاسوب والإنترنت في كافة مجالات الحياة اليومية.

ولم تغفل المكتبة أيضاً ذوي الاحتياجات الخاصة، فعملت جاهدة على تسهيل مهمتهم في البحث والاطلاع ووفرت لهم مجموعة من الخدمات المميزة.
مثل برنامج "إبصار" وهو برنامج ناطق خاص بالمكفوفين وضعاف البصر يمكنهم من استخدام الحاسوب والبحث في شبكة الإنترنت.

بالإضافة إلى توفير مجموعة من الكتب الشعرية المطبوعة بطريقة برايل، كما صممت المداخل بحيث تسمح لذوي الاحتياجات الخاصة بدخول المكتبة بسهولة ويسر، ووفرت أيضاً المصاعد المؤدية إلى جميع الخدمات والمجموعات وقاعات الاطلاع في المكتبة.

س4 ـ ما أهم المجموعات التي تتضمنها المكتبة؟
تضم المكتبة بين طياتها مجموعة من أهم وأندر المخطوطات الأصلية والمصورة الخاصة بالشعر العربي واللغة العربية والبلاغة وقد تم تحويل كل هذه المجموعات إلى الشكل الرقمي، كما تضم أكثر من سبعة آلاف كتاب نادر،
كما يوجد بالمكتبة قسم خاص بالأطروحات الجامعية يحتوي على مجموعة من الرسائل الجامعية الخاصة بالشعر العربي والتي نوقشت باللغة العربية في كل جامعات العالم لتوفر للباحث أول تجمع لأكبر عدد من الرسائل الجامعية المتخصصة في الشعر العربي في مكان واحد.

وتضم المكتبة أيضاً مكتبة عبد الكريم سعود البابطين والتي تحتوي على نوادر الكتب، فبعضها مطبوع طباعة حجرية، ويعود إلى أكثر من أربعة قرون من الزمان، وقد طُبعت بعض هذه الكتب في مدينة ميليتشي في روما وبرلين وباريس ولندن،
وغيرها من المدن الأوربية وغير الأوربية منذ القرنين السادس والسابع عشر الميلاديين، ومعظم هذه الكتب في طبعاتها الأولى منذ مئات السنين،
وبها الكثير من المراجع النادرة والثمينة وبعضها أيضاً مطبوع على ورق الكتان. كذلك هناك الروايات النادرة والمهمة لكثير من الروائيين العرب.

إضافة إلى المراجع الأدبية المهمة، وكذلك التاريخية منها والجغرافية وأدب الرحلات لكبار الرحالة العرب والمستشرقين.

وتضم مكتبة البابطين أيضاً مئات الدوريات العربية منذ القرن التاسع عشر إلى وقتنا الحاضر، والتي صدرت داخل الوطن العربي وخارجه، وبعض هذه الدوريات توقف منذ عشرات السنين، أقدمها صدر في عام 1828 مروراً بدوريات القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين، إلى وقتنا الحاضر.

س5 ـ ما أهم إصدارات مؤسسة البابطين؟
للمؤسسة كيانها المستقل في عملية الإصدارات، ولكن وفق ما يصلنا من هذه الإصدارات فإن غالبيتها تدور في إطارين أساسيين، إطار يدور في فلك الشعر ونقده أو أعلامه، أو تلك الإصدارات العلمية التي يقدمها مركز الترجمة للقراء.

س6 ـ ما دور مؤسسة البابطين في المشاركة في احتفاليات عواصم الثقافة العربية؟
من خلال متابعتي لهذه المشاركات أستطيع القول أن المؤسسة شاركت فعلاً في هذه الاحتفاليات ومنها مشاركتها في احتفاليات الكويت عاصمة للثقافة العربية عام2001 .

وأود هنا أن أتحدث عن جانب يتعلق بالمكتبة، وهي أن فكرة المكتبة أساساً جاءت قبل رئيس مجلس الإدارة والمؤسس الشاعر عبد العزيز سعود البابطين كهدية إلى الكويت والوطن العربي أثناء احتفالية الكويت عاصمة للثقافة العربية، وأعود للمؤسسة فأذكر أنها أصدرت آنذاك 12 إصداراً خاصاً بهذه المناسبة. وكذلك كانت مشاركتها ـ حسب علمي ـ في عواصم ثقافية عربية أخرى منها مشاركتها في الجزائر عام 2007 بأمسيات وندوات وكتب،

إلى جانب قيامها بإهداء مكتباتهم 16 ألف كتاب، كما شاركت هذا العام 2008 م في احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، وأود أن أذكر هنا بأن مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي احتضنت بهذه المناسبة معرضاً خاصاً بإصدارات الشعر العربي في سورية، والذي أعرفه كذلك بأن المؤسسة شاركت في احتفاليات عواصم الثقافة الإسلامية كما في مكة المكرمة وحلب وأصفهان بأمسيات شعرية وإصدارات .

س7 ـ متى تم افتتاح مكتبة البابطين المركزية، وكيف جاء التصميم ملائماً لوظيفة المكتبة ولاستيعاب التقنيات الحديثة؟
لقد جاءت فكرة إنشاء المكتبة مع اختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية في عام 2001م وبمؤازرة من صاحب القلب الكبير المغفور له بإذن الله تعالى حضرة صاحب السمو الأمير الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه،

فقد تابع الفكرة منذ بدايتها وباركها إلى أن اشتد عودها، وبدعم من صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح عندما كان سموه ولياً للعهد ورئيساً لمجلس الوزراء الذي أعطى المشروع دفعة قوية لتخصيص الموقع له .

وأيضاً الدعم والرعاية الموصولة من مقام حضرة صاحب السمو الأمير القائد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي تبنى رعاية المولود منذ أن تم وضع حجر الأساس في ستة يناير 2002م إلى أن صار وقعاً متميزاً في موقعه الفريد عندما تم الافتتاح في 8 إبريل 2006م .

ويستمد موقع مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي أهمية خاصة من ناحيتين أساسيتين :
ـ الأولى: كونه ينهض من قلب العاصمة (الكويت) على مساحة اثني عشر ألف متر مربع تقريباً، مما يجعل الوصول إلى المكتبة سهلاً ومعروفاً .

ـ الثانيةً: فتتبع من تلك الإطلالة الشاعرية على الخليج العربي في انسجام حيوي بين كينونة الموج الأزرق باتساع أفق الفضاء بعيداً، وبين الوظيفة الشعرية التي تؤديها المكتبة، بحيث تضفي هذه الخاصية جواً مفعماً بالهدوء والتأمل.
وتجاور المكتبة مسجد الدولة الكبير، ومبنى وزارة الخارجية ومبنى وزارة التخطيط. ويشكل الموقع بعداً استراتيجياً حيث أن وقوعه في قلب العاصمة يأتي منسقاً مع أهداف المكتبة .

وأكثر ما يلفت النظر إلى مبنى مكتبة البابطين المركزية للشعر العربية،هو هذا الشكل الجمالي الذي صُممت عليه المكتبة بحيث تطالعك الواجهة على هيئة كتاب مفتوح، وكان التصميم قد طُرح في مسابقة، وفاز به مكتب هندسي معماري كويتي، ويعبر الشكل الخارجي عن هوية المكان الذي أنت فيه، ويشعرك بالألفة والانسجام ما بين الشكل والمضمون.

ويوجد في تصميم المكتبة من الداخل والخارج، الكثير من معالم التراث الكويتي والعربي، فالأبواب الخشبية الضخمة صُنعت لتحاكي أمس الكويت بمفرداته التاريخية، ووضعت لتكون شاهداً على ماضٍ بهي، نحاول استرداد روعته، ولو بالذاكرة البصرية.

استخدمت المكتبة أحدث وسائل التقنية في جميع مراحل العمل، وارتبطت بطيف واسع من أدوات البحث والتطوير والتطبيقات التي تهدف إلى مساعدة العاملين بالمكتبة، والمستفيدين من خدماتها، للحصول على كم هائل من المعلومات، فقد تم تجهيز البنية التحتية الأساسية للمكتبة على جهاز الخادم الرئيسي الذي يحتوي على نظام إدارة النظم وعدة خوادم أساسية،

وكذلك تعتمد المكتبة على البث المباشر عبر الإنترنت "Video conferencing" لنقل الأنشطة الثقافية والملتقيات الشعرية مباشرة للزوار، وصمم بناء المكتبة ليكون مبنى ذكياً "Smart Building" .

كما اعتمدت المكتبة في عملياتها الفنية في المكتبة على نظام آلي متكامل يعتمد النسخة المعربة من صيغة "مارك" للفهرسة (MARC) بالإضافة إلى الفهارس الآلية المستخدمة في البحث عن مصادر المعلومات مما يساعد الباحثين على توفير الوقت والجهد الذي يقضونه بالبحث في الفهارس اليدوية.

س8 ـ كانت الكويت إحدى البلدان العربية التي شاركت في تأسيس النادي العربي للمعلومات، وقد كنتم شخصياً من أوائل الأعضاء في النادي وشاركتم في مؤتمره العام الثاني الذي انعقد في دمشق عام 2001، وبعد مرور عشر سنوات على تأسيس النادي، ما تقييمكم لتجربة النادي على المستويين الوطني والعربي؟
بالفعل لقد كنت من أوائل أعضاء النادي العربي والجميع يشهد بالإنجازات التي قام بها النادي منذ تأسيسه في 25/10/1998 وحتى الآن، فقد استطاع النادي أن يحقق حضوراً واسعاً حيث انضم إليه عدد كبير من المؤسسات والهيئات العربية المهتمة بالمجال وذلك في فترة قصيرة لا تتعدى الأربع سنوات، كما استطاع النادي إيجاد إستراتيجية عربية موحدة من أجل ثورة المعلومات،

وساعد أيضاً في تكامل جهود المؤسسات العربية العاملة في مجال المعلومات، وأسس فروعاً له في البلدان العربية ليضع بذلك كل خبراته وإمكاناته في خدمة التعاون العربي، هذا بخلاف مبادرته باعتماد يوم الوثيقة العربية كل عام وقد حظيت المبادرة بإجماع شامل لنحتفل بأول يوم للوثيقة العربية في 17/10/2001 .

س9ـ ما رأيكم بإصدارات النادي العربي للمعلومات، وكيف يمكن لمكتبة البابطين المركزية أن تساهم في إغناء مضمونها من خلال مشاركة كوادرها التي تتميز بخبرة متقدمة على صعيد التوثيق وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات؟
إن عمليات البحث العلمي في مجال علوم المكتبات والأرشفة والتوثيق وتكنولوجيا المعلومات تحتاج إلى الكثير من الدراسة والبحث خاصة في عالمنا العربي،
ولقد أسهم النادي العربي للمعلومات في دعم النشر العلمي في هذا المجال من خلال إصداراته المتنوعة كمجلة العربية 3000 ثقافة وأخبار ومجلة العربية 3000 التي نتمنى لها المزيد من التقدم والنجاح .

ويسعدنا في هذا الصدد أن نقدم للنادي يد العون من خلال كوادرنا البشرية المتميزة للعمل سوياً لما فيه الخير لأمتنا العربية ولعالمنا العربي أجمع .